|
نشرت في مجلة اليمامة العدد 1907 وصحيفة اليوم العدد 12335
قضائيات بين يدي الحديث عن واجبات القضاة وطرق محاسبتهم يحسن بنا أن نعود إلى المقالات الست والعشرين ، لنتصور تطبيق مضامينها ، فنفترض الآتي :-أولاً/ عقب إعلان نتائج الناجحين في امتحانات كليات الشريعة الست عبر المملكة ( مكة المكرمة ، المدينة المنورة ، الرياض ، الأحساء ، القصيم ، أبها ) ، وبعد توزيع الخريجين في تلك الكليات على المصالح الحكومية المختلفة ، يَتِمُّ اختيار فئةٍ منهم للعمل في جهاز القضاء بعد اجتياز الفحوص اللازمة .
ثانياً/ يلتحق المعينون في السلك القضائي : بالمعهد العالي للدراسات المتخصصة ( قسم القضاء ) المقترح في مقالة العدد ( 1888 ) ؛ ليتلقوا المعارف القضائية والإدارية والسلوكية خلال ثلاثة أعوام ، يعودون بعدها للتَّدَرُّبِ عملياً في المحاكم مدة سنتين ، يتهيأون خلال تلك السنوات الخمس للعمل في أيٍ من محاكم المملكة ، وَلَنَا أن نتخيلَ قاضياً - يحمل كَمَّاً معرفياً وتدريباً مكثفاً - كيف سيكون عمله وإنجازه ! .
ثالثاً/ بعد إنهاء فترة التَّدَرُّبِ في المحكمة : يراجع القاضي المجلس الأعلى للقضاء ؛ ليتلقى التوجيهات قبل الأخيرة من معالي رئيس المجلس ، ولاطلاعه على بيانٍ بالمكاتب القضائية الشاغرة عبر المملكة ، كي يُحَدِّدَ هو خمسةَ خياراتٍ يرغب توجيهه للعملِ فيها أو قريباً منها ، ليُقَرِّرَ المجلسُ الموقر : أن ما لا مشاحة عليه منها يَختَصُّ به من اختاره ، وَيُقْرَعُ بين المتشاحين فيما سوى ذلك .
رابعاً/ عند استلام القاضي قرار تعيينه : يتوجه أولاً إلى وزارة العدل لتلقي التوجيهات الأخيرة من معالي الوزير ، ولِيَتَسَلَّمَ سيارته الحكومية التي تُستبدل له كل أربعة أعوام ، ولِيَتَسَلَّم بطاقة التأمين الصحي (( تاج )) له ولجميع أفراد عائلته ، ويَتَسَلَّم أمرَ اعتمادِ صرفِ مراجعَ له في حدود الألف ريال شهرياً من أيٍ من المكتبات الخاصة الكبرى ، كما يَتَسَلَّم بطاقة الفرسان الذهبية لتسهيل أمر أسفاره من وإلى مقر عمله .
خامساً/ يَحِلُّ القاضي الجديد والمنقول في بلد عمله ليجد منزلاً حكومياً قد تَمَّت تهيئته له مكملاً بما يلزمه من أثاثٍ يليق بساكنه القاضي ، فَيُلقِيَ رحله ويعمل على تكميل احتياجاته فيه بحسب ما يراه خلال ثلاثة أيام ، يَخدِمُهُ في ذلك من وَكَلَت الوزارةُ إليه خدمةَ القاضي في حاجاته الخاصة ؛ سواءٌ كان تعيينه : من قِبَلِ الوزارة ابتداءً ، أو بترشيحٍ من صاحب الشأن من القضاة كما في مقالة العدد ( 1904 ).
سادساً/ بعد الأيام الثلاثة من حلول القاضي في منزله وارتياحه فيه وإلقائه عصا الترحال وإزالته وعثاء السفر عنه يَقصِدُ القاضي المحكمةَ التي سيعمل بها ليجدها مبنىً حكومياً حديثاً مكملاً بأثاثه وأجهزته اللازمة المشار إليها في مقالة العدد ( 1906) ، فيستقبله رئيس المحكمة لِيُطلِعَهُ على مرافق المحكمة المكتملة ، ولِيَعقِدَ اللقاءَ التعريفيَ بينه وبين زملائه القضاة وموظفي الإدارة وأعوان المحكمة ، كما يتم تزويده بمفاتيح الدخول إلى الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ، والشبكة العامة في وزارة العدل ( الإنترانت ) ، والشبكة الداخلية الخاصة بالمحكمة ؛ لاستخدامها في عمله متى احتاج إلى ذلك كما في مقالة العدد (1906 ) .
سابعاً/ يباشر القاضي عَمَلَهُ في دائرةٍ من ثلاثة قضاة كما في مقالة العدد ( 1878 ) ، وفي مكتبٍ حديثٍ مهيئٍ للعمل القضائي ، ويحتوي على جميع كتب الفقه الإسلامي وكذا كامل موسوعات الأنظمة القضائية الخاصة بعمل الدائرة ، سواء في : القضايا الجزائية ، أو التجارية ، أو قضايا الأسرة ونحوها ؛ وسواء كان ذلك في : قضاء الصلح ، أو قضاء النظر ، أو قضاء التنفيذ الموضح في مقالة العدد ( 1889 ) .
ثامناً/ تكون الدوائر القضائية مجهزةً بآلات تسجيل الصوت والصورة للجلسات منذ افتتاحها وحتى رفعها ، وتحفظ نسخةٌ من أشرطتها في الدائرة ذاتها ، وأخرى في أرشيفٍ خاصٍ بالمحكمة ، ونسخةٌ ثالثةٌ في فرع الوزارة ، ورابعةٌ في مقر الوزارة بالعاصمة .
تاسعاً/ يَتِمُّ التواصل بين المحكمة وأولي الشأن إلكترونياً عبر موقعٍ نشطٍ ومُؤَمَّنٍ بحمايةٍ فائقة ، وكذا يَتِمُّ التواصل بين الدوائر القضائية في المحكمة الواحدة ، وبين المحاكم وبعضها ، وبينها وبين الوزارة أو أيٍ من فروعها بالطريقة ذاتها للحصول على نتائجَ سريعةٍ تساعد على الإنجاز الأسرع .
عاشراً/ يحصل القاضي خلال عمله على تطويرٍ مستمرٍ عبر الدورات المتخصصة ؛ سواء في : المحكمة مقر عمله ، أو في أقرب فرعٍ من فروع الوزارة إليه ، ويُشغِلُ وقته بين الحين والحين بعمل بحوثٍ في مجال العمل مطلوب إعدادها منه بتوجيهٍ من الجهة المختصة في وزارة العدل كما في مقالة العدد ( 1880 ) .
حادي عشر/ يلجأ القاضي عند الحاجة إلى دائرة الإرشاد القضائي في الوزارة لحل إشكالات عمله بصورة نظامية متقنة كما شاء لها النظام ذلك كما في مقالتي العدد ( 1893 ، 1894 ) .
ثاني عشر/ يشارك القاضي خلال عمله في القرارات الخاصة بالقضاء ، وفي إعداد الأنظمة اللازمة عبر الاستفتاءات والاستطلاعات المتوالية بحسب النظام الجديد كما في مقالتي العدد ( 1890 ، 1905 ) .
ثالث عشر/ خلال عمل القاضي يجد أن علاقته بالمجلس الأعلى للقضاء وبمحاكم التمييز وبإدارة التفتيش القضائي علاقةً مبنيةً على التفاهم والصراحة والاحترام المفترض من كلٍ نحو الآخر عبر أنظمةٍ وقوانينَ واضحةٍ وشاملةٍ ؛ سواء في : مجال العمل ، أو في المقابلات الخاصة الإنفرادية بالمسؤولين .
رابع عشر/ يمكث القاضي عل هذه الحال وفي هذه البيئة المثالية مهما تعددت المحاكم التي يعمل بها ؛ سواء في : المحاكم العامة ، أو في محاكم الاستئناف ، أو غيرها ، حتى إذا تقاعد عن العمل - لبلوغ السن النظامية مثلاً - وجد الرعاية الحكومية التي يحظى بها المتقاعدون كما جاء في مقالة العدد ( 1891 ) .
إذا علمنا أن هذه هي مسيرة العمل في القضاء - منذ التخرج في كليات الشريعة وحتى بعد التقاعد عن العمل - فهل سيجد القاضي حرجاً من الالتزام بالواجبات الآتي بيانها ؛ وإن كانت مثاليةً ودقيقةً ومحسوبةً على غير القضاة من باب التحسينات والمندوبات ؟ . الجواب : لا إن شاء الله تعالى .
الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود
ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 4737 | تأريخ النشر : الأحد 23 ربيع الثاني 1427هـ الموافق 21 مايو 2006ماضغط هنا للحصول على صورة المقالة
إرسال المقالة
|
|||
|
|
|||
|