نشرت في مجلة اليمامة العدد 1880

قضائيات يمكث الطالب في مراحل الدراسة حتى التخرج في الجامعات ست عشرة سنة وقبلها ست سنوات منذ الولادة ليكون سن الطالب الخريج على الأقل اثنتين وعشرين سنة ، وهو السن الذي يمكن للطالب أن يلج به مجال القضاء كملازم قضائي وأعتقد أن ذلك لا يكون في غير هذه البلاد .

يمكث الخريج ملازماً قضائياً ثلاث سنوات ، ثم يجلس على كرسي القضاء في إحدى المحاكم الشرعية وهو ابن خمس وعشرين سنة (( فقط )) ؛ فيوكل إليه النظر في دماء الناس وأموالهم وقضاياهم الأسرية .

والقاضي قد يمضي حياته في محكمة واحدة ، أو يتنقل بحسب حظوظه إلى محاكم عدة .
يتعرض القاضي لتفتيش دوري خمس مرات تقريباً طوال خدمته القضائية ؛ غير أن ترقياته تأتيه بحسب مدة خدمته لا بحسب كفاءته وقدراته .

هكذا هو حال القضاة في عملهم ؛ دون أن يكلفوا خلال خدمتهم ببحوث متخصصة تحت إشراف الهيئة القضائية العليا أو التفتيش القضائي ؛ بحيث لا يحصل القاضي على ترقية إلا بعد تقييم علمي وعملي .

كما أن القضاة لا يكلفون بحضور دورات تطويرية في الإدارة ، أو تطبيقية في الفقه والقضاء طيلة مدة عملهم ، وكأن الواحد منهم قد حاز العلم برمته قبل تنصيبه في عمله .

مع أن بعضهم يبقى عالة على شيخه أو زميله في كل أحكامه أو غالبها ، وقد لا يقتني بعضهم سوى كتاب أو كتابين لا يغادرهما بحيث لا يفقه من المسألة إلا قولاً واحداً ؛ في جملة هموم لا يحصيها غير الله ثم قضاة التدقيق على الأحكام .

ولك أن تتخيل الكم الهائل من القضايا بأنواعها واختلاف أصحابها وهي حقول تجارب لأولئك القضاة ، وهم بذلك القدر الضئيل من التأهيل العلمي والعملي ، وبغير جهاز إشرافي مباشر شامل لجميع تصرفات القاضي المبتدئ ؛ حتى يقوى عوده ، وتتضح كفاءته ، وتتنوع مواهبه ، وتترقى قدراته .

فهل نرى تطويراً لإعداد القضاة وللبرامج الإشرافية والرقابية والتقييمية ؟، وكذا تنظيماً للقرارات الصادرة بشأنهم من تعيين أو نقل أو ترقية ؛ متجردة عن كل ما يشوبها ويشوش على مقدار العدالة في أيٍ منها ؛ بضبطها بمعايير محددة ثابتة تطبق حتماً في أمر كل من يتعرض لها سلباً أو إيجاباً .
إن لنا في الإصلاح الجاري أملاً كبيراً . والله الموفق .

الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود

ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 3437 | تأريخ النشر : السبت 26 رمضان 1426هـ الموافق 29 أكتوبر 2005م

اضغط هنا للحصول على صورة المقالة

طباعة المقال

إرسال المقالة
تطوير قدرات القضاة يمكث الطالب في مراحل الدراسة حتى التخرج في الجامعات ست عشرة سنة وقبلها ست سنوات منذ الولادة ليكون سن الطالب الخريج على الأقل اثنتين وعشرين سنة ، وهو السن الذي يمكن للطالب أن يلج به مجال القضاء كملازم قضائي وأعتقد أن ذلك لا يكون في غير هذه البلاد . يمكث الخريج ملازما قضائيا ثلاث سنوات ، ثم يجلس على كرسي القضاء في إحدى المحاكم الشرعية وهو ابن خمس وعشرين سنة (( فقط )) ؛ فيوكل إليه النظر في دماء الناس وأموالهم وقضاياهم الأسرية . والقاضي قد يمضي حياته في محكمة واحدة ، أو يتنقل بحسب حظوظه إلى محاكم عدة . يتعرض القاضي لتفتيش دوري خمس مرات تقريبا طوال خدمته القضائية ؛ غير أن ترقياته تأتيه بحسب مدة خدمته لا بحسب كفاءته وقدراته . هكذا هو حال القضاة في عملهم ؛ دون أن يكلفوا خلال خدمتهم ببحوث متخصصة تحت إشراف الهيئة القضائية العليا أو التفتيش القضائي ؛ بحيث لا يحصل القاضي على ترقية إلا بعد تقييم علمي وعملي . كما أن القضاة لا يكلفون بحضور دورات تطويرية في الإدارة ، أو تطبيقية في الفقه والقضاء طيلة مدة عملهم ، وكأن الواحد منهم قد حاز العلم برمته قبل تنصيبه في عمله . مع أن بعضهم يبقى عالة على شيخه أو زميله في كل أحكامه أو غالبها ، وقد لا يقتني بعضهم سوى كتاب أو كتابين لا يغادرهما بحيث لا يفقه من المسألة إلا قولا واحدا ؛ في جملة هموم لا يحصيها غير الله ثم قضاة التدقيق على الأحكام . ولك أن تتخيل الكم الهائل من القضايا بأنواعها واختلاف أصحابها وهي حقول تجارب لأولئك القضاة ، وهم بذلك القدر الضئيل من التأهيل العلمي والعملي ، وبغير جهاز إشرافي مباشر شامل لجميع تصرفات القاضي المبتدئ ؛ حتى يقوى عوده ، وتتضح كفاءته ، وتتنوع مواهبه ، وتترقى قدراته . فهل نرى تطويرا لإعداد القضاة وللبرامج الإشرافية والرقابية والتقييمية ؟، وكذا تنظيما للقرارات الصادرة بشأنهم من تعيين أو نقل أو ترقية ؛ متجردة عن كل ما يشوبها ويشوش على مقدار العدالة في أي منها ؛ بضبطها بمعايير محددة ثابتة تطبق حتما في أمر كل من يتعرض لها سلبا أو إيجابا . إن لنا في الإصلاح الجاري أملا كبيرا . والله الموفق .
التعليقات متاحة للزوار التعليقات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي صاحب الموقع