|
نشرت في صحيفة الوطن
قضائيات هناك الكثير من مسميات الوظائف في جميع أجهزة الدولة يمارس شاغلوها أعمالاً لا تمت بصلة لمسمى وظائفهم ، وقد يزاولون مهام أقل مما يدل عليه ذلك المسمى ، والسبب - والله أعلم - لا يعدو أن يكون عيباً في أحد ثلاثة :-1/ الموظف شاغل الوظيفة ، والذي شغلها للحصول على مرتبتها ، لا للقيام بمهامها ؛ لأن قدراته لا تتلاءم مع الوظيفة ، أو لأنه ممن ينشغل عن أداء وظيفته إلا بحوافز إضافية ، أو بعقوبات متلاحقة ، أو بمراقبة صارمة ، وهنا يُقضى على الوظيفة بالبيات حتى يحين موعد ترقية شاغلها ، فينظر فيمن يحل محله ، وهكذا .
2/ الرئيس المباشر لشاغل الوظيفة ، بحيث لا يمكِّن الموظف من مباشرة مهام وظيفته النظامية ؛ حتى ينفرد الرئيس بصلاحياتها ، أو حتى لا تنكشف أسرار تلك الوظيفة ، وليس أمام الرئيس إلا أن يكلف الموظف بمهام أخرى ، أو يقصر عمل الموظف على جزء من مهامه النظامية ، ويتولى هو الباقي ، أو يكلف به من يراه .
3/ الجهاز الإداري الذي يعمل فيه شاغل الوظيفة ، وهذا يمكن أن يكون مقبولاً في بدايات إنشاء الجهاز ، وقبل الاستعداد الكامل للتشغيل بكامل الطاقات ، أما أن تكون الإدارة فاعلة ، والحاجة الملحة لكل مسميات وظائفها قائمة ، وتبقى بعض الوظائف الهامة في الجهاز بدون تفعيل : فتلك المأساة التي تعود بالضرر على الجهاز وعلى الخدمات التي يؤديها على النطاقين العام والخاص .
= ومن الوظائف العدلية التي أصابها ذلك المرض العضال وظيفتي : المستشار ، والأمين العام ، مع أنهما من أهم وظائف المحاكم وأنفعها للمسؤول وللخدمة التي تؤديها المحكمة لمراجعيها .
= إن لي صلة بأحد فضلاء المستشارين في إحدى المحاكم ، وهو من خيرة الشباب الطموح المتطلع للنفع والقادر على أداء مهمته على نحوٍ فريد متقن ، وكنت أتحدث إليه - بين الحين والحين - في موضوعات عدة ، فتبين لي أن رئيسه المباشر لم يمكِّنه من أداء وظيفته كما ينبغي له ومنه ، وأن مرد ذلك اختلاف بينهما في الأفكار والمعتقدات نحو بعض المسائل التي لا علاقة لها بالعمل القضائي ، مما يعني أن هناك إعمالاً لأيديولوجية مشوهة من قبل ذلك الرئيس تجاه موظف قادر على أداء وظيفته كما ينبغي ، وأن كفاءة الموظف وإشغاله للوظيفة بصفة رسمية هما الحائل بين الرئيس وبين إبعاد الموظف عن وظيفته .
- ولا يستبعد أبداً أن تحاك المؤامرات على ذلك الموظف للإطاحة به ، وأقل ما يمكن حصوله في مثل هذه الظروف أن يكون الموظف تحت المراقبة اللصيقة ؛ لاقتناص ما يمكن أن يقع فيه من أخطاء ، أو ما يحصل منه من تقصير ؛ للنفخ فيه وتضخيمه تمهيداً للتخلص منه .
- وهذا الحصار النفسي يجعل الموظف قلقاً في حاضره وعلى مستقبله ، وقد يورثه هذا عُقداً وأمراضاً ، بل إنه يُفقد الموظف ثقته في جهازه وقياداته ، فضلاً عن أن هذه الممارسات الشاذة تعمل على تفريغ الوظيفة من خدماتها ، وتعطيل الموظف عن خدمة بلاده بأداء ما ائتمنه عليه ولاة أمره ، وتلك لعمري هي الطامة .
= أما أمانات المحاكم : فتلك الوظيفة المعطلة ، التي لو أنها وجدت قوالبها التي تصب فيها مهامها لأنتجت وأثمرت عملاً قضائياً مشرفاً ، وَلَسهُل على أصحاب الفضيلة القضاة نظر قضاياهم ، ولتيسر على أصحاب القضايا متابعة معاملاتهم ، ولنا أن نتصور محكمة يعمل أمينها العام وجهازه الإداري المتخصص الأمور التالية :-
1/ استقبال أصحاب الدعاوى ، والتحري عن الاختصاص النوعي والمحلي قبل تقييد القضايا .
2/ التأكد من تحرير أصحاب الدعاوى لدعاواهم ، وتوجيههم بتكميل نواقص ملفاتها ؛ من وكالات ووثائق ومستندات تعضدها .
3/ التوزيع العادل للقضايا على دوائر المحكمة ذات الاختصاص ، والإشراف المباشر على تسليمها لتلك الدوائر في أقرب فرصة ممكنة .
4/ تبليغ الدعاوى للمدعى عليهم وفق أحكام النظام .
5/ المتابعة مع المدعى عليهم حتى ورود أجوبتهم ، واستيفاء مذكرات الجواب ومستنداتها ؛ كما هو الحال مع لوائح الدعاوى .
6/ إعادة تبليغ المدعين بأجوبة المدعى عليهم ، والمتابعة معهم لتلقي التعقيبات عليها .
7/ عند اكتمال المرافعة التحريرية بين المتداعين تحدد الأمانة الجلسة الأولى لنظر الخصومة .
8/ يقوم الجهاز الاستشاري في الأمانة باختصار المذكرات المتبادلة بين الخصوم ، وتقديمها للدائرة المختصة بنظر القضية ؛ لتكون على علم كامل بموضوع الدعوى وحججها ومواقف أطرافها ، ولتقف الدائرة على الرأي القضائي المقترح من الجهاز الاستشاري .
9/ مباشرة التشاور مع الدوائر القضائية فيما يحتاجونه من رأي أو تفسير بشأن ما يشكل عليهم من قضايا، ويمكن أن يكون ذلك بمشاركة المستشار المباشر للقضية عند اللزوم.
10/ تلقي محاضر الدعوى عند طلب الدوائر أي إجراء تكميلي عليها ، وتنفيذه على الفور ، والمتابعة مع جهته حتى استيفاء لازمه .
11/ تلقي ملفات الدعاوى بعد الحكم فيها ، لتنظيم قراراتها ، وتدقيقها ، واستيفاء لوازمها ، ومتابعة تكميل إجراءاتها ؛ بإحالتها إلى محكمة الاستئناف ، أو إلى قاضي التنفيذ .
12/ الإشراف المباشر على حسن تنظيم الملفات في الحفظ ، وترتيبها وفق نظام يسهل معه جلبها عند طروء الحاجة إليها .
13/ الإشراف على حضور وانصراف الموظفين ، وتوجيه الموظف لما يناسبه من عمل ، وإعداد البديل الجاهز ؛ ليحل محل من يتعذر عليه مزاولة عمله من موظفي الدوائر لعذر مفاجئ .
14/ مراقبة سير العمل كما يجب أن يكون عليه ، واقتراح سبل التطوير اللازمة لتحسين الأداء وتسريعه وإتقانه ؛ سواء : من ناحية التجهيزات المساعدة ، أو من أوجه التدريب المقترحة للموظفين .
= ولو أن أمانات المحاكم قامت بواجباتها على النحو السابق : لأمكن القضاة أن يتفرغوا لعملهم القضائي ويقوموا بواجبهم كما يحبون هم أولاً ، وكما يؤمله منهم أصحاب الحاجات ثانياً ، وكما يريده منهم ولاة أمرهم وفقهم الله .
http://www.cojss.com/vb/showthread.php?p=38362
الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود
ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 4223 | تأريخ النشر : الأحد 17 ذو الحجة 1432هـ الموافق 13 نوفمبر 2011مإرسال المقالة
|
|||
|
|
|||
|