|
نشرت في صحيفة الوطن
قضائيات تجاوز عمر المجلس الأعلى للقضاء الثلاث سنوات منذ تشكيله الأخير حتى اليوم ، أي : ما يفوق الألف يوم ، وهي مدة تفوق عشرة أضعاف ما يطلبه القائد الجديد لفهم الدائرة وطبيعة عملها ؛ كما حدده أباطرة الإدارة الحديثة حول العالم .- غير أن المجلس الموقر وقيادته رغم مضي الألف يوم لا يزالان غير مستقرين في قراراتهم ، وغير متصورين لما ينبغي منهم إدارياً وتنظيمياً ، وسأعرض في مقال اليوم أمرين هامين يدلان على ما ذكرته من خلل :-
الأول/ إن الإلمام بأحكام الإجازات والانتدابات والتكليف بالعمل الإضافي المعتمدة عام 1397هـ من بدهيات القادة الإداريين في بلادنا بحسب ما جاءت به مواد نظام الخدمة المدنية ولوائحه .
- ومنها : المادة السادسة والعشرون الخاصة بالتكليف بالعمل خارج وقت الدوام الرسمي ، وأن من شروطه ما جاء في المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء ذي الرقم 101 وتاريخ 24/6/1405هـ باقتصار التكليف بالعمل زيادة على ساعات العمل الرسمي على الموظفين الذين يشغلون الوظائف الواقعة في المرتبة الثانية عشرة فما دون .
- ثم بعد القدوم الميمون لخادم الحرمين الشريفين من رحلته العلاجية عام 1432هـ صدر الأمر الملكي ذي الرقم أ/28 المؤرخ في 20/3/1432هـ بإقرار لائحة الحقوق والمزايا المالية ، وكان منها : شمول شاغلي المراتب حتى الخامسة عشرة بأحكام التكليف بالعمل خارج وقت الدوام الرسمي .
- وهذا ما استقر عليه وضع التكليف بالعمل الإضافي حتى اليوم ، أي : أن التكليف لما فوق المرتبة الخامسة عشرة خارج صلاحيات الوزير المختص ومن في حكمه ، وكل ما كان كذلك فيجب استصدار الموافقة عليه من مقام رئيس مجلس الوزراء ؛ بموجب أحكام نظام الخدمة المدنية .
= غير أن مدة الألف يوم لم ينفعن المجلس الموقر ليدرك هذا الحكم الإداري ، مما حدا بقيادة المجلس إلى إصدار قرار بتكليف سبعة من قضاة محكمة الاستئناف - أواخر الشهر الماضي - بالعمل خارج وقت الدوام ، أعقبه بعد أسبوعين بقرار إلغائه .
- وإنه وإن كان غريباً فوات أحكام هذه الجزئية على قيادة المجلس إلا أن الأغرب من ذلك هو النص في قرار التكليف الخطأ على أنه [ بناء على مقتضيات النظام ] ، مع أن النظام لا يقتضي شيئاً مما جاء به ؛ لا من قريب ، ولا من بعيد .
= فإن قيل : ما المخرج من مثل هذه الهفوات ؟.
- فالجواب : المخرج في فصل إدارة الشؤون المالية والإدارية في المجلس ، وانتقاء شخصية إدارية ذات خبرة وكفاءة إدارية في ذات المجال لإدارتها ، وربطها برئيس المجلس مباشرة . عندها : لن نرى مثل هذه التخبطات الشائنة والمحرجة .
الأمر الثاني/ جاء في المادة السادسة من نظام القضاء أن من ضمن اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء [ تنظيم أعمال الملازمين القضائيين ] ، وكان أول تنظيم لأعمال الملازمين القضائيين قد صدر بقرار مجلس القضاء الأعلى ذي الرقم 316 المؤرخ في 15/11/1401هـ ، ثم أصدر المجلس الحالي تنظيماً آخر من عشرين مادة ، ونص في المادة الثالثة منه على: أن تتولى إدارة شؤون الملازمين القضائيين في المجلس إعداد خطة الملازمة القضائية.
- وفي الجلسة السابعة عشرة للمجلس الحالي مطلع هذا العام صدرت الموافقة على مشروع الخطة ، غير أن فيها من الاستدراكات الشيء الكثير ، وسيكون حديثنا عن إشكال واحد منها ، وهو ما جاء في البند خامساً ( آليات عمل الملازم القضائي في المحاكم ) ، وفي الفقرة (هـ) المعنونة بـ : ( أعمال الملازم أثناء الملازمة ) ، ومنها : إصدار الأحكام بعد مضي سنة من الملازمة .
= وإذا علمنا : أن إصدار الأحكام في القضايا بين الناس ولاية تستمد من ولي الأمر الأعلى ، ولا تستمد من غيره مهما علت درجته ، وأن إصدار الأحكام خاص بالقضاة بموجب ما جاءت به المادة (19) من نظام القضاء ، ونص المقصود منها [ تؤلف المحاكم العامة في المناطق من دوائر متخصصة .. وتكون كل دائرة فيها من قاض فرد أو ثلاثة قضاة ] .وكذا ورد في المواد (20-23) من النظام نفسه .
- وهي مذكورة في نظام القضاء السابق في المادة (23) ، بما نصه [ تصدر الأحكام في المحاكم العامة من قاضٍ فرد ] . وكذا في المادة (25) منه .
- والملازم القضائي لا يعد من القضاة لا لغة ولا اصطلاحاً ، فمهمته خلال سنوات ملازمته هي التدرب على القضاء عند قاضٍ له ولاية ؛ بالاستماع ، والمعاونة ، والمشاورة ، وبالتوجيه ، والإيضاح لمسالك القضاء .
- ولم يتعرض نظام القضاء لإعطائه ولاية إصدار الأحكام في أي نوعٍ من أنواع القضايا ؛ لا صراحة ولا ضمناً ، ولا يشفع له جريان العمل في المحاكم العدلية والإدارية على توليته القضاء بمفرده أو مكملاً لدائرة ثلاثية ، ولأن الملازم القضائي حينما ينهي ملازمته يصدر الأمر الملكي بتعيينه قاضياً ، ولا ينص على ترقيته من درجته إلى درجة قاضي ج ، أو قاضي ب ، وهذا يدل على أنه إنما كان ملازماً متدرباً لا ولاية لمثله على إصدار الأحكام .
= فإن قيل : وكيف له أن يتدرب على القضاء دون ممارسةٍ فاعلة له ؟.
- فالجواب : أن ممارسة الملازم للقضاء يمكن أن تكون بتوجيهه أولاً بتلخيص الدعاوى من أفواه ومذكرات المدعين ، حتى يتقن تصورها واستخلاصها - سالمة من الحشو والتكرار - ثم يوجهه القاضي إلى أخذ الأجوبة الملاقية لجميع فقرات الدعوى الصحيحة ، وهكذا في الدفوع ، وأخذ الشهادات ، ورصد البينات ، وكل ذلك بمحضر من القاضي المكلف بتدريبه وتحت إشرافه وتوجيهه ، وبعد إتقان الملازم لإدارة دفة القضايا ، وقبل أن يحكم القاضي لابد أن يستطلع من الملازم رأيه في الحكم المناسب ، وعما يمكن أن يتوافر لديه من أسباب للحكم الذي يراه ، أما من له ولاية إصدار الحكم فهو القاضي نفسه لا الملازم .
= فإن قيل : وما الحل لإقرار التنظيم والخطة بما لا يتعارض مع أحكام النظام ؟.
- فالجواب : لا حل لبقاء تنظيم أعمال الملازمين القضائيين وخطة الملازمة القضائية على ما هما عليه الآن إلا أن يستصدر المجلس بإقرارهما أمراً ملكياً كسائر التنظيمات ؛ ليكون ما فيهما موافقاً عليه من صاحب الولاية العامة ، عندها : لن أتحدث عما بقي في الخطة من استدراكات .
http://www.cojss.com/vb/showthread.php?9499
الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود
عدد التعليقات : 1 | عدد القراء : 4974 | تأريخ النشر : الأحد 19 ربيع الأول 1433هـ الموافق 12 فبراير 2012مإرسال المقالة
إرسال المقالة والتعليقات إلى صديق
|
|||
|
|
|||
|
|
|||
|
تأريخ النشر: الخميس 22 ربيع الثاني 1433هـ الموافق 15 مارس 2012مسيحية
طباعة التعليق