|
نشرت في صحيفة الوطن
قضائيات تحمل الأيام القادمة تباشير تعيين خامس رئيسٍ متفرغٍ للمجلس الأعلى للقضاء ، أو سابع قائدٍ له منذ إنشائه ، والذي نرجو أن لا يخرج من عباءة القضاء العدلي ، كما نرجو أن يكون ذا رؤيةٍ طموحةٍ في الأخذ بأفضل أسباب الرُّقِيِّ بمرفق القضاء ، وأقربها إلى الغاية التي يرجوها كل من يهمهم تطوير القضاء ورفع كفاءة القضاة .= واقتباساً من قول الله جلت عظمته { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } ، فإننا نفتح منذ الآن لفضيلة الرئيس القادم أيدينا مُرَحِّبين به بيننا ، كما نُشرِعُ له قبل ذاك قلوبنا ؛ متمنين له دوام التوفيق في عمله الذي سيوكل إليه ، داعين له في السر والعلن بصلاح النية وصواب العمل ، داعمين مقامه بالرأي والمشورة والنصيحة ، ولعل فضيلته يتأمل معنا هذه الأمور قبل الشروع في مهام وظيفته نائباً عن ولي الأمر في رعاية القضاء وشؤون القضاة .
أولاً/ لابد من استشعار أمانة الولاية ، التي قال عنها عليه الصلاة والسلام ( وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ ؛ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا ، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا ) .
ثانياً/ لابد من استحضار مرارة العاقبة ، كما قال صلى الله عليه وسلم ( وَإِنَّهَا سَتَكُونُ نَدَامَةً وَحَسْرَةً ؛ فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ ، وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ ) .
ثالثاً/ لابد من استدامة الصدق مع الله ، واللجوء إليه ، والتماس التوفيق منه ، والتوكل عليه في كل الأمور ؛ روي عن أبي هريرة أنه قال ( مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ وِلايَةً ، وَكَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى الْحَقِّ ، وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يُوَفِّقَانِهِ وَيُرْشِدَانِهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا ، وَكَانَتْ نِيَّتُهُ غَيْرَ الْحَقِّ ، وَكَّلَهُ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ ) .
رابعاً/ لابد من مد جسور التواصل الصادق مع : شركاء المَهَمَّة ، ورفقاء الطريق ، وطالبي الغاية المرجوة ؛ فالمرء كثيرٌ بإخوانه ، قويٌ بأعوانه ؛ ولنعتبر بقول قوم شعيب عليه السلام { وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ } .
خامساً/ لابد من الحرص على الاجتماع ، ونبذ الفرقة ، والاستهداء بقوله جل جلاله { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ } ، وقوله عليه الصلاة والسلام ( فعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ !، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ ) .
سادساً/ لابد من رسم الخُطط وتحديد الأهداف في الأيام الأولى ، وتفعيل أدوار الأعضاء المتفرغين بما يُسرِّع من عملية التكامل التطويري لأداء المجلس .
سابعاً/ لابد من القضاء على مُعوِّقات العمل الجاد ؛ بتسخير ساعات الدوام كاملةً للعمل الجماعي ، والتَّحّرُّر من مقابلات التهاني والتبريكات ، ومن لصوص الأوقات ، ومحترفي المجاملات .
ثامناً/ لابد من اجتثاث النباتات الضارة من جذورها ، بتفويت الفُرص على السُّعاة والمشَّائين بالنميمة ؛ حتى لا تأتي مكائدهم على الأخضر واليابس ، فَتُحِيلُ الديار بلاقع ؛ ولنكن كما قال عز وجل { وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ } .
تاسعاً/ لابد من اعتقاد أن الواجبات أكبر من الأوقات، وأننا مهما سخرنا كامل طاقاتنا وجميع مقوماتنا: فلن ندرك ما هو مطلوب منا، وبالتالي: فإننا لا نستحق كل الشكر على شيءٍ نقصه حتم وقصوره مفترض.
عاشراً/ لابد للنجاة من : صدق الإيمان ، وصريح التقوى ، والاعتبار بحال الأمم الخوالي ؛ التي بنت الأمجاد ، وعمرت البلاد ، ثم فارقت الحكم ، وتركت التلاد ؛ فإن حلاوة المنصب أعواماً تذهبها مرارة العزل في لحظة ؛ قال عز من قائل { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} .
= فضيلة الرئيس : ستجد المجلسَ أمامك جهازاً زاخراً بالكوادر المُتَطَلِّعة لكل جديدٍ ومفيد ، وستقابل المئات من قضاة المحاكم في مدن ومحافظات ومراكز المملكة ، وسترى في أعينهم حُسن التوقير وصدق التقدير لشخصكم الكريم ، وستشعر باستبطائهم لمقدمك ، وترحيبهم بحضورك ، وستلمس قدر حاجتهم لما يؤملونه من فضيلتك ، وستقف على الكثير من حاجاتهم ومطالبهم ؛ فَأَعِدَّ لكل ذلك عُدته ، وَخُذ لذلك الأمر أُهبَتَه ، ولا تَألُ في ذلك نُصحاً، ولا تدَّخِر لتحقيقه وُسعاً ؛ فإنهم قد أسلموا إليك فيه بتقديم حبهم لك ثمناً ، وسيكون دعاؤهم لك مكافأةً .
= إنني أعلم يقيناً : أن ما قَدَّمته آنفاً مما لا يجهله أدنى طالب علم ، ولكنها وصيةٌ مِنَّا - معاشر القضاة - لأنفسنا ولفضيلة الرئيس القادم ، نستذكرها ، وَنُذَكِّرُهُ بها ، ولا نُعلِّمه إياها ، وأزيد على ذلك فأقول لفضيلته : إنَّ من يَتَقَلَّدُ ولايةً ما لابد للجميع أن يُمهلوه قبل المطالبة ، وأن يعذروه قبل المحاسبة ، وقد تعارف الناس على الإمهال ثلاثة أشهرٍ لكل رئيسٍ أو مديرٍ جديد ، وإنا لجاعلوها لفضيلتكم ستة أشهر وزيادة ، أَعِدُكُم أن لا أبدأ المطالبة قبل تمامها ، فَأَعِنَّا على نفسك وجهازك وأعضاء مجلسك ، نُعِنكَ على توضيح ما نطلبه منك وعلى بيان ما يجب عليك . والله معك
http://www.cojss.com/vb/showthread.php?9800
الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود
ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 7767 | تأريخ النشر : الأحد 9 جمادى الأولى 1433هـ الموافق 1 أبريل 2012مإرسال المقالة
|
|||
|
|
|||
|