|
نشرت في صحيفة مكة
عام العمل الخيري ليس حكراً على جهة بعينها، ومتى أغلق باب من أبواب العمل الخيري فهناك أبواب لا تزال قابلة للدخول معها نحو العمل الخيري المؤسسي، وإن كان هناك أخطاء أو ثغرات في العمل السابق فمن الملائم الاستفادة منه في تصحيح المسار نحو الريادة في العمل الخيري المنضبط وفق المعايير الدولية خدمة للمسلمين في العالم الإسلامي وللدعوة في سائر دول العالم.لقد قامت جمعية الحرمين الخيرية بواجبها في وقتها، ولسنا اليوم في مقام المحاسبة أو التدقيق؛ لأن إغلاق الملف بأكمله خير للعمل الخيري برمته.
غير أن الإغلاق لا يعني ترك الغاية التي من أجلها أنشئت تلك الجمعية؛ فالغاية صادقة ومرحب بها من جميع دول العالم بدون استثناء، وهذا الشيء الذي يجعل استئناف العمل الخيري السعودي العالمي أمراً لازماً في مثل هذه الظروف السياسية المتقلبة والمضطربة في دول العالمين العربي والإسلامي.
لقد رأينا كيف أن زيارة واحدة للملك فيصل يرحمه الله لدول أفريقيا قلبت موازين العدو الإسرائيلي الذي فوجئ بانقطاع العلاقات بينه وبين دول أفريقيا الوسطى والغربية دفعة واحدة.
إن تلك الدول اليوم وغيرها بحاجة ماسة للعمل الخيري السعودي لمواجهة المد الصهيوني والصفوي والتنصيري والإلحادي الجارف، والسعودية بمقدراتها الوافرة اليوم من فضل الله هي الملاذ لهذه الشعوب وحكوماتها من أن تفتك بها تلك التوجهات الخبيثة.
لابد للمملكة العربية السعودية من أن تنهض بالعمل الخيري المؤسسي عبر جهة تعطيها الصفة العالمية لتقوم بالدور اللائق بالمملكة في المحافل الدولية في العمل الخيري والإغاثي والدعوي.
ولابد من تجهيز برنامج هذه الجهة وتحديد استراتيجيتها وخطة عملها ومواردها وسبل صرف ميزانياتها، ولابد من مراقبتها وتدقيق حساباتها أولاً فأول؛ حتى لا تقع في أخطاء من سبقها، وحتى لا يتمكن أعداء المملكة من استغلال ثغرات نظامها في الكيد للإسلام والمسلمين.
وإن كانت الدول الفقيرة في حاجة لمثل هذه الجهة الخيرية فإن المملكة في حاجة ماسة لمن يوصل عملها الخيري للعالم أجمع عبر جهة مأمونة بأساليب متقنة ولغايات نبيلة ورائدة.
فلنجعل أمام أعين العالم أن رؤيتنا في إنشاء هذه الهيئة: تحقيق أعلى مستويات العمل الخيري عبر العالم، ولتكن رسالتنا الموجهة للعالم: أننا رسل سلام وخير ونماء للعالم دون تفريق في العمل الخيري بين الناس إلا في مقدار الحاجة للعمل الخيري المستهدف؛ لا لمكاسب سياسية ولا طموحات استعمارية.
وليكن جل اهتمامنا هو القضاء على الثالوث الفتاك ببني الإنسان (الجهل + الفقر + المرض)، فمتى تحقق لنا عبر هذه الهيئة القضاء على هذا الثالوث في أي مجتمع فسيعرف هذا المجتمع للإسلام وللمسلمين ولبلادنا تحديداً الفضل في ذلك، ونكون بذلك حققنا الدعوة إلى الله عبر مبادئنا الإسلامية وحبنا لعمارة الأرض التي استخلفنا الله في الأرض من أجلها بعد توحيد الله وعبادته جل شأنه.
لقد حبانا الله بالخير الوفير الذي كنا ولازلنا نسوقه لإخواننا العرب والمسلمين دون منة ولا أذى، فمن قوافل الإعانات العينية للمحتاجين من العالمين العربي والإسلامي، إلى الجسور الجوية لضحايا الكوارث، وحتى الهبات والمنح في أحوال الحروب التي ابتلي بها المسلمون حول العالم.
كل هذه المساهمات التي تصل إلى أكثر من خمسة في المائة من الدخل العام للمملكة العربية السعودية يشكل أكثر نسبة تصرف في العمل الخيري والإغاثي من بين دول العالم أجمع.
لابد للمملكة العربية السعودية من توحيد جهودها الخيرية لتستطيع الوصول إلى المحتاجين له في الداخل والخارج وفق خطط مدروسة منظمة شفافة، ولابد من إشراك قطاع البنوك والشركات الكبرى في العمل الخيري لإقامة صرح خيري كبير يقوى على المنافسة في ميادين الدعوة والإغاثة، وليحظى بالمصداقية والأمان المطلوبين من مقدمي هذه الخدمات المجانية خارج بلدانها.
الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود
ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 5998 | تأريخ النشر : الاثنين 27 ذو القعدة 1435هـ الموافق 22 سبتمبر 2014مإرسال المقالة
|
|||
|
|
|||
|