نشرت في صحيفة الإقتصادية العدد 4800

نظاميات في بداية عهد المؤسس - جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يرحمه الله - كانت القضايا قليلة وغير معقدة ، ويمكن القاضي - آنذاك - البت فيها على أيَّ حال هو عليه ؛ سواءٌ كان : في المسجد ، أو في السوق ، أو في منزله ، ولم يكن هناك لددٌ بين الخصوم في الغالب ، فما أن يُفصح القاضي عن حكمه حتى يسارع القوم إلى تنفيذه ، ونادراً ما يطلب أيٌ من الخصوم ورقةً أو وثيقةً بمنصوص الحكم في غير العقار .

ولذلك لم تكن هناك رؤية قضائية معلنة . غير أنه من الممكن أن نستوحي الرؤية القضائية السالفة من حال القضاة ومن أخبار المسؤولين عن القضاء آنذاك بأنها (( القضاء في جميع الخصومات بأحكام الشريعة الإسلامية )) .

وكانت مصادر الحكم لدى أسلافنا القضاة : كتب المذهب الحنبلي في غير المسائل الخلافية التي يُعتمد فيها على أقوال المحققين - من جميع المذاهب - مما هو أرجح في الدليل .

غير أنَّ التطور اللافت الذي شهدته المملكة العربية السعودية - منذ أربعة عقودٍ حتى الآن - وما واكب تلك النقلة الحضارية من تطورٍ عمرانيٍ غير مسبوقٍ ، ومن تنامٍ في مشاريع الدولة التعليمية ، والصحية ، والصناعية ، والزراعية ، والخدمية ؛ كل ذلك جعل من بلادنا العزيزة مهوى أفئدة الراغبين في العمل من مختلف الجنسيات والأعراق والمعتقدات ، فصاروا ولا زالوا يتهافتون عليها آملين الفوز بنصيبٍ من فائض خيراتها ، فتحقق بذلك قوله صلى الله عليه وسلم (( يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها )) .

وكان من إفرازات هذه الطفرة الحضارية نشوء الكثير من القضايا ؛ التي لا وجود لها من قبلُ بين أفراد المجتمع السعودي ، ولا ذكرَ لها بخصوصها في ما يُعتمد عليه من مصادر الحكم القضائي آنذاك ، وانطلاقاً من منصوص المادتين الأولى والسابعة من النظام الأساس للحكم ، وفيهما أنَّ ( كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ) هما دستور البلاد ومصدر الحكم فيه ؛ لذلك بادرت الدولة - وفقها الله - إلى تكوين هيئاتٍ ومجالسَ ولجانٍ تُعنى بمعالجة الجديد من قضايا الناس بما لا يتعارض مع قواعد وأصول الشريعة الإسلامية ، فظهرت : هيئة كبار العلماء ، واللجنة الدائمة للإفتاء ، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء ، ومجلس الشورى ، وكلها معنيٌّ بوضع الحكم الدستوري لمستجدات القضايا .

واتخذت الدولة منهجاً حساساً في التعامل مع قيادات القضاء فيما لم يكتمل تصوُّره لديهم من النوازل ؛ بأن اعتمدت ما لا يُمكنها الحيدةُ عنه من حلول ، وجعلت لها جهاتٍ مختصةً تتولى البتَّ في نزاعاتها ؛ كما حصل عند إقرار نظام العمل والعمال ، ونظام الأوراق التجارية ، ونظام المنازعات المصرفية ، وغيرها من النظم القضائية الرافدة .

ولاشك أنَّ من أوجب الواجبات على المؤسسة القضائية : تحديدَ رؤيتها القضائية ، ووضعَ الاستراتيجيات اللازمة لتحقيقها ، ورسمَ الأهداف المطلوبة ، وتعيينَ زمنٍ معقولٍ لتحقيقها . الأمرُ الذي لا أعلم أنه مُحَدَّدٌ أو مُعْلَنٌ .

وللإسهام في هذا الجانب - بصفتي أحد القضاة المعنيين بهذا الأمر - أقول : إنَّ الرؤية المطلوبة ينبغي لها :

أولاً/ أن تلبيَ طموحات الدولة في نيل السبق في ميادين التنافس الأممي .

ثانياً/ أن تواجهَ تحديات الحاضر ؛ سواءٌ : من المرجفين والمخذِّلين في الداخل ، أو من المُعَوِّقِينَ الحاسدين في الخارج .

ثالثاً/ أن تقضيَ حاجات الفرد والمجتمع في الحاضر والمستقبل ، وأن تحفظَ لهم منجزات الماضي .

ودرءاً للمزايدات الجوفاء فإنَّ ما نعنيه عند ذكر القوانين في أيٍ من الموضوعات إنما هي : النظم المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية والمتفقة معها في غاياتها ومقاصدها ؛ مما هو من قبيل المصالح المرسلة أو من أبواب السياسة الشرعية .

ولذلك فلا أقلَّ من أن تكون صياغة ( الرؤية القضائية السعودية ) على النحو التالي :

(( رؤيتنا : أن نحقِّق الرِّيادة العالميَّة في شموليَّة القوانين لجميع مناحي الحياة ، وفي تبصير أفراد المجتمع بالحقوق والواجبات ، وفي تطبيق تلك القوانين واقعاً ملموساً على نحوٍ أفضل )).

أما الإستراتيجيات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية فتتلخص في الآتي :
1/ سَنُّ القوانين .
2/ نشر الثقافة التشريعية .
3/ تجهيز جهات التقاضي اللازمة .

أما الأهداف المطلوبة التي ننشد رسمها وتحقيق جميعها في زمنٍ قياسيٍ وفق خطة قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى - نرجو أن تكون بين (5-10) سنوات - فيمكن تلخيصها في أمور :-

أولاً/ إعداد القوانين الشاملة لجميع مجالات الحياة الأمنية ، والاقتصادية ، والاجتماعية .
ولتحقيق الإنجاز العاجل لهذا الهدف : يمكن الاستفادة من أنظمة وتشريعات الأمم الأخرى بتكييفها بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وأحوال المجتمع السعودي المحافظ ، وهذا ما ينبغي البداءة به أولاً من الأهداف القضائية ؛ لنكون روَّاداً في تحقيق مقتضى قول الله جل وعلا (( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ )) وقوله جل ثناؤه (( وَنزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ )) .
وحتى نحقق النصَّ واقعاً مشاهداً محسوساً فلابد من : إظهار ذلك للناس ليعرفوه ، والحكم به بينهم ليذعنوا له .
وحتى يعلم الناس ما لهم وما عليهم ويعرفوه فلابد - بعد إتمامه - من : نشره ، وإعلانه ؛ بحيث يصل خبره إلى الجميع وبدون استثناء خلال الزمن المحدد لتحقيق الأهداف .
ويمكن الاستفادة من وسائل الإعلام المتاحة في نشر الثقافة المطلوبة في مطبوعات ( كتيبات ، منشورات ، مطويات ) أو في حلقاتٍ إذاعيةٍ وتلفازيه ، وكذا بتضمين المسلسلات والتمثيليات والأفلام والمسرحيات المنتجة محلياً مشاهدَ تثقيفيةً موثقة ، وبوضع المسابقات القانونية ذات الجوائز بين الحين والحين للأطفال والبالغين ، وبتخصيص فصولٍ من مادة الثقافة الإسلامية لبيان حقوق الأفراد وواجباتهم .
ومن ذلك : إنفاذ مقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 17/6/1423 هـ بتطبيق مبدأ شفافية الأحكام ، وعلنية الجلسات ، ونشر ملخصات السوابق القضائية والمبادئ المعتمدة والقواعد المقررة ، وتضمينها القانون السعودي أولاً فأول .

ثانياً/ إعداد القضاة : الإعداد العلمي والنفسي والفكري والثقافي لخوض غمار هذا المجال ؛ سواءٌ : في مرحلة الدراسة الجامعية أو خلال سنوات التدريب العملي .
ومنه : تهيئة كل ما يُؤَمِّنُ حاجات القضاة العلمية والعملية ، وما يسهل أداءهم واجباتهم ، وما يكفل تطوُّر قدراتهم ومواكبة متطلبات حاضرهم ومستقبلهم .
ومن ذلك : إقامة الدورات السنوية الإلزامية المتخصصة ، وربط ترقياتهم بما يحققونه من نتائج في تلك الدورات .
ومن ذلك أيضاً : إنشاء الجهة الاستشارية القضائية المتخصصة ؛ للإجابة الفورية والموثقة على استشكالات القضاة ومعضلات ما يواجهونه من قضايا .

ثالثاً/ توفير المحاكم : بلزوم فتح الدوائر القضائية في كل التخصصات في جميع المناطق وفي كافة المحافظات الكبيرة ، وتغطية جميع القرى والتجمعات السكانية في أرجاء البلاد بالخدمات القضائية ؛ لتلبية حاجات الناس وحسم نزاعاتهم قبل استفحال الشر بين المتنازعين .
ومن ذلك : تجهيز المحاكم بأحدث تقنيات الإدارة والتجهيزات المكتبية ، إضافة إلى وسائل ضبط الجلسات بالصوت والصورة وطرق حفظها .
رابعاً/ تطوير الروافد القضائية : بإنشاء مراكز التحكيم التجاري ، وفسح مكاتب الصلح والتوفيق الأهلية ، وتمكين مكاتب المحاماة من القيام ببعض المهام ذات الصفة القضائية ؛ مثل : تصديق العقود ، وتوثيق الوكالات ، إجراء عقود النكاح ، وتوثيق إجراءات الطلاق والخلع والرجعة ، والإذن بإنشاء مؤسسات التحرِّي السِّريَّة ؛ لإجراء التبليغات القضائية ، وللبحث عن المطلوبين ، وعن أحوال الشهود ، وللتأكد من تصرفات الأولياء ، ومن أوضاع الغارمين المماطلين .

إنَّ ما يهم الناس والقضاة على حدٍ سواء في هذه المرحلة هو : المبادرة بتقدير ما قامت به القيادات القضائية الحالية من احتمال الأمانة خلال المدة الماضية ، والإسراع بتحمُّل الأمانة عنهم ؛ لإكمال الطريق بعزمٍ جديد ونظرٍ سديد وبصرٍ حديد ، فالطريق طويل ، والحمل ثقيل ، وكلنا مسؤولٌ عما استرعاه الله . والله الموفق .

الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود

ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 7257 | تأريخ النشر : السبت 11 ذو القعدة 1427هـ الموافق 2 ديسمبر 2006م

طباعة المقال

إرسال المقالة
القضاء السعودي .. الرؤية والأهداف في بداية عهد المؤسس - جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يرحمه الله - كانت القضايا قليلة وغير معقدة ، ويمكن القاضي - آنذاك - البت فيها على أي حال هو عليه ؛ سواء كان : في المسجد ، أو في السوق ، أو في منزله ، ولم يكن هناك لدد بين الخصوم في الغالب ، فما أن يفصح القاضي عن حكمه حتى يسارع القوم إلى تنفيذه ، ونادرا ما يطلب أي من الخصوم ورقة أو وثيقة بمنصوص الحكم في غير العقار . ولذلك لم تكن هناك رؤية قضائية معلنة . غير أنه من الممكن أن نستوحي الرؤية القضائية السالفة من حال القضاة ومن أخبار المسؤولين عن القضاء آنذاك بأنها (( القضاء في جميع الخصومات بأحكام الشريعة الإسلامية )) . وكانت مصادر الحكم لدى أسلافنا القضاة : كتب المذهب الحنبلي في غير المسائل الخلافية التي يعتمد فيها على أقوال المحققين - من جميع المذاهب - مما هو أرجح في الدليل . غير أن التطور اللافت الذي شهدته المملكة العربية السعودية - منذ أربعة عقود حتى الآن - وما واكب تلك النقلة الحضارية من تطور عمراني غير مسبوق ، ومن تنام في مشاريع الدولة التعليمية ، والصحية ، والصناعية ، والزراعية ، والخدمية ؛ كل ذلك جعل من بلادنا العزيزة مهوى أفئدة الراغبين في العمل من مختلف الجنسيات والأعراق والمعتقدات ، فصاروا ولا زالوا يتهافتون عليها آملين الفوز بنصيب من فائض خيراتها ، فتحقق بذلك قوله صلى الله عليه وسلم (( يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها )) . وكان من إفرازات هذه الطفرة الحضارية نشوء الكثير من القضايا ؛ التي لا وجود لها من قبل بين أفراد المجتمع السعودي ، ولا ذكر لها بخصوصها في ما يعتمد عليه من مصادر الحكم القضائي آنذاك ، وانطلاقا من منصوص المادتين الأولى والسابعة من النظام الأساس للحكم ، وفيهما أن ( كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ) هما دستور البلاد ومصدر الحكم فيه ؛ لذلك بادرت الدولة - وفقها الله - إلى تكوين هيئات ومجالس ولجان تعنى بمعالجة الجديد من قضايا الناس بما لا يتعارض مع قواعد وأصول الشريعة الإسلامية ، فظهرت : هيئة كبار العلماء ، واللجنة الدائمة للإفتاء ، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء ، ومجلس الشورى ، وكلها معني بوضع الحكم الدستوري لمستجدات القضايا . واتخذت الدولة منهجا حساسا في التعامل مع قيادات القضاء فيما لم يكتمل تصوره لديهم من النوازل ؛ بأن اعتمدت ما لا يمكنها الحيدة عنه من حلول ، وجعلت لها جهات مختصة تتولى البت في نزاعاتها ؛ كما حصل عند إقرار نظام العمل والعمال ، ونظام الأوراق التجارية ، ونظام المنازعات المصرفية ، وغيرها من النظم القضائية الرافدة . ولاشك أن من أوجب الواجبات على المؤسسة القضائية : تحديد رؤيتها القضائية ، ووضع الاستراتيجيات اللازمة لتحقيقها ، ورسم الأهداف المطلوبة ، وتعيين زمن معقول لتحقيقها . الأمر الذي لا أعلم أنه محدد أو معلن . وللإسهام في هذا الجانب - بصفتي أحد القضاة المعنيين بهذا الأمر - أقول : إن الرؤية المطلوبة ينبغي لها : أولا/ أن تلبي طموحات الدولة في نيل السبق في ميادين التنافس الأممي . ثانيا/ أن تواجه تحديات الحاضر ؛ سواء : من المرجفين والمخذلين في الداخل ، أو من المعوقين الحاسدين في الخارج . ثالثا/ أن تقضي حاجات الفرد والمجتمع في الحاضر والمستقبل ، وأن تحفظ لهم منجزات الماضي . ودرءا للمزايدات الجوفاء فإن ما نعنيه عند ذكر القوانين في أي من الموضوعات إنما هي : النظم المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية والمتفقة معها في غاياتها ومقاصدها ؛ مما هو من قبيل المصالح المرسلة أو من أبواب السياسة الشرعية . ولذلك فلا أقل من أن تكون صياغة ( الرؤية القضائية السعودية ) على النحو التالي : (( رؤيتنا : أن نحقق الريادة العالمية في شمولية القوانين لجميع مناحي الحياة ، وفي تبصير أفراد المجتمع بالحقوق والواجبات ، وفي تطبيق تلك القوانين واقعا ملموسا على نحو أفضل )). أما الإستراتيجيات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية فتتلخص في الآتي : 1/ سن القوانين . 2/ نشر الثقافة التشريعية . 3/ تجهيز جهات التقاضي اللازمة . أما الأهداف المطلوبة التي ننشد رسمها وتحقيق جميعها في زمن قياسي وفق خطة قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى - نرجو أن تكون بين (5-10) سنوات - فيمكن تلخيصها في أمور :- أولا/ إعداد القوانين الشاملة لجميع مجالات الحياة الأمنية ، والاقتصادية ، والاجتماعية . ولتحقيق الإنجاز العاجل لهذا الهدف : يمكن الاستفادة من أنظمة وتشريعات الأمم الأخرى بتكييفها بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وأحوال المجتمع السعودي المحافظ ، وهذا ما ينبغي البداءة به أولا من الأهداف القضائية ؛ لنكون روادا في تحقيق مقتضى قول الله جل وعلا (( ما فرطنا في الكتاب من شيء )) وقوله جل ثناؤه (( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين )) . وحتى نحقق النص واقعا مشاهدا محسوسا فلابد من : إظهار ذلك للناس ليعرفوه ، والحكم به بينهم ليذعنوا له . وحتى يعلم الناس ما لهم وما عليهم ويعرفوه فلابد - بعد إتمامه - من : نشره ، وإعلانه ؛ بحيث يصل خبره إلى الجميع وبدون استثناء خلال الزمن المحدد لتحقيق الأهداف . ويمكن الاستفادة من وسائل الإعلام المتاحة في نشر الثقافة المطلوبة في مطبوعات ( كتيبات ، منشورات ، مطويات ) أو في حلقات إذاعية وتلفازيه ، وكذا بتضمين المسلسلات والتمثيليات والأفلام والمسرحيات المنتجة محليا مشاهد تثقيفية موثقة ، وبوضع المسابقات القانونية ذات الجوائز بين الحين والحين للأطفال والبالغين ، وبتخصيص فصول من مادة الثقافة الإسلامية لبيان حقوق الأفراد وواجباتهم . ومن ذلك : إنفاذ مقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 17/6/1423 هـ بتطبيق مبدأ شفافية الأحكام ، وعلنية الجلسات ، ونشر ملخصات السوابق القضائية والمبادئ المعتمدة والقواعد المقررة ، وتضمينها القانون السعودي أولا فأول . ثانيا/ إعداد القضاة : الإعداد العلمي والنفسي والفكري والثقافي لخوض غمار هذا المجال ؛ سواء : في مرحلة الدراسة الجامعية أو خلال سنوات التدريب العملي . ومنه : تهيئة كل ما يؤمن حاجات القضاة العلمية والعملية ، وما يسهل أداءهم واجباتهم ، وما يكفل تطور قدراتهم ومواكبة متطلبات حاضرهم ومستقبلهم . ومن ذلك : إقامة الدورات السنوية الإلزامية المتخصصة ، وربط ترقياتهم بما يحققونه من نتائج في تلك الدورات . ومن ذلك أيضا : إنشاء الجهة الاستشارية القضائية المتخصصة ؛ للإجابة الفورية والموثقة على استشكالات القضاة ومعضلات ما يواجهونه من قضايا . ثالثا/ توفير المحاكم : بلزوم فتح الدوائر القضائية في كل التخصصات في جميع المناطق وفي كافة المحافظات الكبيرة ، وتغطية جميع القرى والتجمعات السكانية في أرجاء البلاد بالخدمات القضائية ؛ لتلبية حاجات الناس وحسم نزاعاتهم قبل استفحال الشر بين المتنازعين . ومن ذلك : تجهيز المحاكم بأحدث تقنيات الإدارة والتجهيزات المكتبية ، إضافة إلى وسائل ضبط الجلسات بالصوت والصورة وطرق حفظها . رابعا/ تطوير الروافد القضائية : بإنشاء مراكز التحكيم التجاري ، وفسح مكاتب الصلح والتوفيق الأهلية ، وتمكين مكاتب المحاماة من القيام ببعض المهام ذات الصفة القضائية ؛ مثل : تصديق العقود ، وتوثيق الوكالات ، إجراء عقود النكاح ، وتوثيق إجراءات الطلاق والخلع والرجعة ، والإذن بإنشاء مؤسسات التحري السرية ؛ لإجراء التبليغات القضائية ، وللبحث عن المطلوبين ، وعن أحوال الشهود ، وللتأكد من تصرفات الأولياء ، ومن أوضاع الغارمين المماطلين . إن ما يهم الناس والقضاة على حد سواء في هذه المرحلة هو : المبادرة بتقدير ما قامت به القيادات القضائية الحالية من احتمال الأمانة خلال المدة الماضية ، والإسراع بتحمل الأمانة عنهم ؛ لإكمال الطريق بعزم جديد ونظر سديد وبصر حديد ، فالطريق طويل ، والحمل ثقيل ، وكلنا مسؤول عما استرعاه الله . والله الموفق .
التعليقات متاحة للزوار التعليقات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي صاحب الموقع