|
نشرت في صحيفة الإقتصادية العدد 4766
نظاميات سمعت خبر هذا النظام الجديد عند إعادة إعلانه عبر المذياع عقب صلاة الفجر من يوم الجمعة 28/9/1427 هـ الموافق 20/10/2006 م ، فشدني حال سماعي إياه أمران :الأول/ شموله وإحاطته بدقائق مقصوده بصورةٍ تَمَيَّزَ بها عن كثيرٍ من الأنظمة التي تحتاج لمذكرةٍ تفسيريةٍ أو لائحةٍ تنفيذيةٍ لبيان ما يشكل منها أو لتوضيح مراحل تطبيقها .
الثاني/ جزالة عباراته ، ونبل غايته ، وصدق مقصده .
والحق يقال : أنَّ هذا النظام قد جاء في أنسب أوقاته ؛ ليضع الدواء على الجِراح ، وليؤسِّس قاعدةً في بناء القانون ( الدستوري ) صح ، ولينقل قيادة هذه البلاد إلى مقدمة الدول التي تعمل على أن تبقى وتدوم بما تراعيه من مصالح عامةٍ ، وبما تحتاط له من أزماتٍ طارئة .
= فقد سمعنا ما حصل في بلادٍ مجاورةٍ من تغييرٍ - في القيادة العليا - غير مبررٍ ولا منضبطٍ بالأنظمة والقوانين والأعراف الدولية ، ولا بالأخلاق والآداب الإسلامية المعلومة ، عاشت البلاد بعده اضطراباً في الأهداف وتقلباً في المواقف وزعزعة في العلاقات مع الأشقاء .
= كما عايشنا أزمة الحكم في بلدٍ شقيقٍ آخر ؛ أوشكت الحال أن تصل فيها إلى فراغٍ دستوريٍ ، وكادت تلك البلاد أن تتورط فيما لا يحمد عقباه ؛ بسبب نزاعٍ على السلطة من خلف الكواليس ( الأستار ) .
= كما عاصرنا أزمة ولاية العهد في بلدٍ شقيقٍ آخر ؛ قاربت الأوضاع أن تحدث بسببها فتنةٌٌ بين الأشقاء ، وأن تضيع بها تلك القيادة .
هذه الأزمات المعاصرة وغيرها من الأزمات التي يذكرها لنا التاريخان الإسلامي والعالمي كانت - والله أعلم - منطلق التفكير بوضع نظامٍ محكمٍ أشبه ( نظام هيئة البيعة ) السعودي ؛ فلله دَرُّ الآمرين به ، وبارك الله في جهود القائمين على تحضيره وصياغته ، وسيدخل هذا النظام - لا محالة - عبر أبواب التاريخ السياسي العالمي ، وسيأخذ معه - ولاشَكَّ - من قاموا عليه أمراً وتحضيراً وإقراراً ، بل إنَّ هذا النظام - ولابُدَّ - ستتلقفه الأنظمة الحاكمة المشابهة لتضعه ضمن دساتيرها ، فضلاً عن إثرائه المكتبة السياسية بمرجعٍ من مراجع حفظ الملك وسياسة الممالك . فالحمد لله الذي جعل قادتنا هداةً مهتدين .
ومن قراءتي المتكررة مواد النظام رأيت أنَّ من المناسب المشاركة في إيراد لمحاتٍ خاطفةٍ بشأن بعض النقاط المنصوص عليها فيه على النحو التالي :-
أولاً/ يظهر من نص المادة الأولى أنَّ عدد أعضاء هيئة البيعة المفترضين سيكون - ولابُدَّ - خمسةً وثلاثين عضواً ؛ على النحو التالي :-
1/ عشرين عضواً هم الأحياء - حتى الآن - من أبناء المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود يرحمه الله .
2/ ثلاثة عشر عضواً هم أبناء الأبناء المتوفين الذين يمكن أن يكون أحدهم عضواً في الهيئة بحسب الفقرة/2 من المادة ذاتها .
3/ عضوان هما : أحد أبناء الملك وأحد أبناء ولي العهد بحسب الفقرة/3 من نفس المادة .
ثانياً/ جاء في المادة (4) : ذكر مكان انعقاد الهيئة ، كما جاء في المادتين (12 ، 13) : ذكر اجتماع الهيئة لاختيار الملك خلال سبعة أيام المهلة المنصوص عليها ، وقد يكون من الأفضل لو نص في المادة على : تفرغ الأعضاء الكامل وإقامتهم في المكان المخصص ، واعتبار الاجتماع حالة ( مرابطة ) ؛ بمعنى : انعقادٍ غير قابلٍ للتفرق من أيٍ من الأعضاء حتى إنهاء موضوعه ؛ لخطورة المهمة وحساسيتها وبالغ تأثيرها على مستقبل البلاد والحكم فيه ، وحتى لا يعرض لبعضهم ما يعوقه عن حضور باقي الجلسات حتى صدور القرار .
ثالثاً/ لم يحدد في المادة (10) من النظام آلية تعيين أعضاء ( المجلس المؤقت للحكم ) الخمسة ، وهل الاعتبار فيها لعامل السن ، أو المنصب ، أو الاختيار من رئيس الهيئة ، أو الترشيح من كامل أعضاء الهيئة ؛ الذي قد يستغرق وقتاً يطغى على الوقت المحدد للمهمة الأصلية .
رابعاً/ حددت المادة (11) للجنة الطبية مدة أربعٍ وعشرين ساعةً للبت في عدم صلاحية الملك لممارسة سلطاته ، وتلك مدةٌ غير كافيةٍ لإعداد تقريرٍ ذي تأثيرٍ في وظيفة صاحب أكبر سلطةٍ في البلاد ؛ خصوصاً مع وجود ولي العهد القائم بشؤون الدولة حال مرض الملك .
خامساً/ قبل أن تقوم الهيئة بدعوة العامة للمبايعة كما في المواد (6 ،11 ،12 ،13) ، ونظراً لكون النظام لم يتعرض لإلغاء مجلس الأسرة المالكة الكريمة : فلعل من اللائق النص في تلك المواد على دعوة الهيئة مجلس الأسرة لمبايعة الملك أولاً ، ، ثم مجالس السلطات الثلاثة ( القضاء ، الوزراء ، الشورى ) خلال أربعٍ وعشرين ساعةً من صدور القرار ، وبعد إعلان ذلك كله يأتي دور عامة المواطنين .
سادساً/ تعرض النظام - في المادتين (11 ، 12) - لإعداد الهيئة محاضر الإثبات لما تقرره ، ويبدو أنَّ من المناسب - أيضاً - أن ينص في النظام على لزوم الآتي :-
أ/ أن توجه الهيئة خطاباً بقرارها لولي العهد بمباشرة سلطات الملك بصفةٍ مؤقتةٍ لحين شفاء الملك .
ب/ أن توجه الهيئة خطاباً بقرارها لأيٍ من الملك أو ولي عهده باستئناف ممارسة سلطاتهما بعد ثبوت قدرتهما عليها .
ج/ أن تعد الهيئة بياناً بالدعوة لمبايعة ولي العهد ملكاً عند عدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته بصفةٍ دائمةٍ .
د/ أن تعد هيئة البيعة بياناً بالدعوة لمبايعة الملك الذي رشحته الهيئة بعد تعذر قدرة الملك وولي عهده على القيام بسلطاتهما بصفةٍ دائمةٍ .
هـ/ أن تعد الهيئة بياناً بتشكيل ( المجلس المؤقت للحكم ) وتفويضه بإدارة شؤون الدولة ؛ خصوصاً : أنَّ المادة (24) قد اشتملت على أنَّ من وظائف أمين عام الهيئة الإشراف على إعداد القرارات وإعلان بيانات الاجتماعات .
سابعاً/ لم يحدد النظام آلية الشهادة بالصلاحية والكفاية المنصوص عليها في المادة الأولى ، وهل مصدرها مجلس الأسرة المالكة مثلاً ، أو أنَّ من واجبات هيئة البيعة النص على ذلك في محاضرها النهائية؟ .
ثامناً/ في حالة تصويت الهيئة على اختيار ولي العهد الجديد : يرجح أن لا يكون المرشح هو رئيس هيئة البيعة ، وكذا في حال المفاضلة بين اختيار الملك واختيار الهيئة لولي العهد الجديد ؛ كما في المادة (7) ، فإن كان رئيس الهيئة مرشحاً لذلك وتمسك بترشيحه ولياً للعهد : فمن الأفضل نقل رئاسة الهيئة لمن بعده من الأعضاء ممن لم يُرشح لولاية العهد ؛ لكون تصويت الرئيس مؤثراً في الاختيار ؛ كما في المادة (20) ، واعتبار صوت الرئيس مرجحاً لحظ نفسه لا يُسّوِّغُهُ الفقه ولا النظام .
تاسعاً/ يظهر أن موافقة الهيئة المنصوص عليها في المادة (25) بشأن تعديل أحكام هذا النظام هي ذاتها ما جاءت به المادة (20) من النظام نفسه .
أسأل الله العز والتمكين لقادة البلاد ، والأمن والسلام لكل هذه البلاد ، واليسر والرخاء لشعب هذه البلاد ولسائر المسلمين . والله الموفق .
الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود
ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 5185 | تأريخ النشر : الأحد 7 شوال 1427هـ الموافق 29 أكتوبر 2006مإرسال المقالة
|
|||
|
|
|||
|