|
نشرت في صحيفة اليوم العدد 12226
حواراتس1: بما أن القاضي بشر يعتريه ما يعتري بقية الناس من لحظات الضعف والرغبات التي قد تكون مخالفة لمكانته كقاضٍ يفترض فيه الحيادية والنزاهة التامة. فكيف يرى فضيلتكم مبدأ محاسبة القاضي؟ وهل ترون أن الإجراء المعمول به حالياً في مجلس القضاء الأعلى كافٍ ؟ حيث أن السواد الأعظم من الناس تعتقد أنه لا يمكن محاسبة القاضي على أخطائه؟
-----------------------------------------------
ج1: القاضي كغيره من موظفي الدولة له حقوق وعليه واجبات ، وللقضاة نظام يحكم تصرفاتهم ، ويحدد طرق مساءلتهم ، وكيفية التحقيق معهم ، وينص على العقوبات الممكن تطبيقها بحق من يستحقها منهم .
وقبل أن يحاسب القاضي على أخطائه يلزم الجهة المسؤولة متابعته ورصد أعماله وتقييمها أولاً فأول ، فهذا الذي يجعله في منأى عن الوقوع في الزلل ، ويجعل استدراك نتائج أخطائه ممكناً قبل استفحال آثارها ، وهذا هو الأمر الذي ينبغي الاهتمام به من مرجع القاضي ؛ إذ إن الوضع القائم ليس في مستوى المأمول حصوله ، ولعل الأيام القادمة تأتي بما يعود بالخير في هذا الجانب إن شاء الله تعالى .
===============================================
س2: يحكى لنا واقع القضايا المنظورة أمام الجهات القضائية بأنواعها سواء المحاكم الشرعية أو ديوان المظالم أو اللجان الأخرى ذوات الاختصاص القضائي تأخراً كبيراً في البت في القضايا مما له أكبر الأثر السلبي في التقدم الإصلاحي الذي تسعى الدولة لتسريع عجلته ومما يؤثر سلباً على قواعد العدالة، فهل يرى فضيلتكم أن التأخير راجع إلى قلة الكادر القضائي ، أم لعدم استخدام المورد القضائي بالشكل الأمثل؟ ، أم عائد للثقافة القضائية السائدة التي هي في الأغلب الأعم وكما هو ملاحظ تتيح للقاضي أن يضرب مواعيد للخصوم يكون هو أول من يخالفها بالتأخير حيث يلاحظ تجمع الخصوم في وقت متأخر من ضحى يوم العمل قد يصل إلى موعد الجلسة الخامسة أو السادسة ولم تبدأ الجلسة الأولى بعد؟ وكيف يرى فضيلتكم الحل في هذا الوضع الذي هو محل التذمر الدائم من الناس لوقوعهم تحت الضرر ؟
-----------------------------------------------
ج2: إطالة أمد التقاضي ليس له سبب واحد ، بل له عدة أسباب ؛ منها :
1/ ما يعود لذات القضية ؛ مثل : حجج الاستحكام التي لا يمكن إنجازها قبل مضي المدد المحددة نظاماً لمثل الإعلان في الصحيفة المحلية ، ومدد ما قبل ورود إجابات الدوائر المختصة المنصوص عليها في النظام أيضاً ، ومدة استكمال البينات الشرعية اللازمة للإثبات . ومثل بعض القضايا التي تحتاج لإجابات الخبراء وتحاليل المختبرات ونحو ذلك .
2/ ما يعود لأطراف القضية ؛ فالمطل الذي يمارسه الخصم تجاه صاحبه كفيل بإطالة أمد التقاضي مهما حرص القاضي على تطويق احتيالات المماطلين ، ويكفي أن يطالب الماطل بمهلة لإحضار بينته ، ثم يدعي غيابها خارج المملكة ليكسب مهلة قبل الحكم عليه ، ولكي يمارس مطلاً آخر بطلب التدقيق الذي بمجرد أن يذكر في لائحته أن لديه زيادة بينة فإنَّ القضية تعود برمتها إلى القاضي بلزوم سماع هذه البينة المدعاة أخيراً ؛ ولو كانت غير موصلة .
3/ ما يعود لإمكانات المحكمة : مثل نقص القضاة وقلة الكتبة وما أكثر ذلك في محاكمنا اليوم ؛ إذ يكفي أن تعلم أن نقص القضاة يأتي بنسبة 90% عن متوسط العدد المطلوب عالمياً ؛ فبدلاً عن وجود قاضٍ لكل ثلاثة آلاف مواطن وهي المتوسط العالمي فإن الموجود لدينا قاضٍ واحد لكل ثلاثين ألف مواطن !!! وهذه نسبة غاية في الدون وقد تكون السبب الرئيس في قلة الإنجاز وطول المواعيد وإطالة أمد التقاضي في كثير من المحاكم .
4/ ما يعود لذات القاضي : وله أسباب كثيرة ليس هذا موضع حصرها ؛ غير أن التأخير لهذا السبب لا يشكل النسبة الكبرى فلو لم يوجد إلا هذا السبب لما شكل ظاهرة التأخير المسؤول عنها .
================================================
س3: لكم رأي مشهور في تقنين الأحكام الشرعية في مواد بهدف التسهيل على الناس وعلى القضاء نفسه من عناء الاختيار بين الأحكام المنطبقة على موضوع القضية المنظورة ، فهل نداءاتكم وجدت صدى وقبول ؟ وهل هناك خطوات ملموسة في هذا الجانب من قبل وزارة العدل ؟
----------------------------------------------
ج3: إن تقنين الأحكام الشرعية مطلبٌ قديم من كثير من العلماء ؛ منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، وليس حكراً على أحدٍ دون الآخر ، فهو مطلب الغيورين على شرع الله ، وهو موضع اهتمام الدولة وفقها الله ، وهو محل رعاية الوزارة الموقرة ، ولابد أن يكون له شأن ، ولعل ذلك قريبٌ إن شاء الله تعالى .
=================================================
س4: يلاحظ في الدول التي سبقتنا في تنظيم مهنة المحاماة أن توكيل المحامي يتم بمجرد أن يوقع على نموذج معد لدى مكتب المحامي ويعتد بهذا التوكيل أمام القضاء ولا يلزم استخراج هذا التوكيل من قبل كاتب العدل مما يعد تسهيلاً للطرفين المحامي وموكله وخاصة في الحالات المستعجلة وفي مثل حالات السجناء ،
فما هو رأي فضيلتكم في ذلك ؟ وهل يؤيد فضيلتكم تنظيم ذلك لدينا ؟
---------------------------------------------
ج4: لاشك أن المحامي أهلٌ لتولي الكثير من الأعمال القضائية بما يتمتع به من علم شرعي وإدراك قانوني ، فكثير من الأعمال يمكن المحامي أن يتولاها ؛ مثل : تصديق العقود المالية ، وإجراء عقود النكاح والطلاق والخلع والرجعة باتفاق الزوجين ، وتوثيق عقود الصلح في حوادث السيارات وفي الحقوق الخاصة في القضايا الجنائية ونحوها ؛ إضافة إلى إثبات التوكيلات .
وتولي المحامي لهذه الأمور يخفف العبء عن المحاكم ، وييسر أمور الناس ، ويمكن ضبطه بنظامٍ يعلم به المحامي حقوقه وواجباته ومسؤولياته تجاه هذه الأمور ، ويأمن به غوائل التجاحد الذي قد يعرضه للمساءلة وضمان التبعات ، كما يمكن قصر إسناد هذه الأمور على المؤهل من المحامين علمياً ومادياً .
=================================================
س5: يلاحظ كما هو معلوم أن مبدأ التعويض عن الضرر في القضاء السعودي يقتصر على إثبات ما وقع فعلاً من ضرر ولا يلتفت لفوات الكسب على من تسبب فيه ، فهل يرى فضيلتكم تشريع لمثل هذه المبادئ في القضاء السعودي لما لها من أثر في الحد من القضايا الكيدية والتخفيف من لجوء الخصوم للقضاء خوفاً من وقوعهم تحت طائلة التعويض عن الضرر ما لم تثبت وجاهة دعاواهم؟
-------------------------------------------------
ج5: إن مبدأ التعويض عن الضرر ، وعن نفقات الدعوى مبدأ مقرر في الفقه الإسلامي وقد نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الاختيارات الفقهية قبل سبعة قرون ، ونص قوله (( وإذا كان الذي عليه الحق قادراً على الوفاء ومطل صاحب الحق حتى أخرجه إلى الشكاية فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المبطل إذا كان غرمه على الوجه المعتاد )) ، ولن يكون لهذا المبدأ شيوع لدى العامة والقضاة إلا بالنص عليه في قانون لازم التطبيق ، وهو ما نأمل حصوله قريباً بحول الله .
=================================================
س6 : كيف يرى فضيلتكم استمرارية مجانية القضاء؟ وهل تؤيدون مبدأ عدم مجانية القضاء لما فيه من مصالح تصب في مصلحة القضاء وتطويره والحد من الدعاوي الكيدية وغير الوجيهة؟
-------------------------------------------------
ج6: الحد من الدعاوى الكيدية لا يكون بفرض الضرائب ، فكم من كائد يجود بسخاء على من يُمَكِّنُهُ من الإضرار بخصومه ، والدولة أعزها الله ليست في حاجة لامتصاص مقدرات المواطنين ، وكثير من الدول اليوم تقوم بدفع أجور المحاماة عمن لا يستطيع توكيل محامٍ عنه من مواطنيها ، وتسقط عنهم رسوم صحائف الدعوى ونحوها من الرسوم الرمزية .
ولا يحقق السلامة من الدعاوى الكيدية شيءٌ أفضل من سرعة الإنجاز ومؤاخذة الظالم بتحميله نفقات الدعوى التي تكبدها خصمه وتضمينه عوض الأضرار التي لحقت به ، ومراعاة تطبيق القوانين والأنظمة دون تمييز .
=================================================
س7: بالنظر إلى القوانين المقارنة نجد من القواعد ما يضمن حماية المحامي لكي يؤدي مهمته مطمئناً ، إلا أننا نجد نظام المحاماة السعودي خلواً من مثل هذه القواعد؟ فهل يرى فضيلتكم ضرورة إدراج تشريعات في هذا الجانب ؟
----------------------------------------------
ج7: المحامي - ولاشك - رجل من رجالات القضاء ، ولذلك لابد من إعطائه حصانة قضائية مناسبة ؛ ليتمكن من أداء واجبات وظيفته كما يراد منه ، ولا يمنع ذلك من تنظيم محاسبته عن إساءة استخدام هذا الحق .
المهم في الأمر : أن ضبط أمور القضاء والقضاة والمحامين - على نحوٍ أفضل - أمر ممكن ويسير ، وتحققه كفيل بتسهيل إجراءات التقاضي وحفظ حقوق المحامين ومن يحامون عنهم ، والناس لا يريدون أكثر مما يستحقون ، ومن تعدى حدوده منهم - أياً كان مركزه - كان له النظام بالمرصاد . والله المستعان
-
-
-
-
-
الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود
عدد التعليقات : 2 | عدد القراء : 6610 | تأريخ النشر : الثلاثاء 14 ذو القعدة 1427هـ الموافق 5 ديسمبر 2006مإرسال المقالة
إرسال المقالة والتعليقات إلى صديق
|
|||
|
|
|||
|
|
|||
|
تأريخ النشر: الجمعة 13 ربيع الثاني 1429هـ الموافق 18 أبريل 2008مسيحية
طباعة التعليق