|
نشرت في صحيفة الوطن العدد 1831
عام يربو عدد المسلمين في العالم على المليار وربع المليار على اختلاف طوائفهم ولغاتهم ومذاهبهم .غير أن جميعها تتسمى : بالإسلام ، وتشترك في كونها أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، التي ولا شك تحتويهم الثلاث وسبعون فرقة كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ويمكن أن يكون اسم (( مسلم )) عاملاً مشتركاً بين الجميع ؛ يلتقون به ، ويندبون إليه ، وينتصرون بأخوة الإسلام ، لا بالمذهب ولا بالطائفة ولا بالحزب ؛ ما دام الجميع يشهد : أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . يفخرون بها ، ويقاتلون عليها ، ويوالون ويعادون فيها .
هذا هو خيارنا الاستراتيجي أمام دول العالم ، وبه امتدت الفتوحات الإسلامية شرقاً وغرباً ، لا يمكن لأحدٍ أن يقول : أن الجيوش المجيشة في الشرق إلى الصين وفي الغرب إلى أبواب باريس كانت تعتقد مذهباً واحداً أو من طائفة واحدة أو حزباً أوحداً ، بل الجيش الإسلامي يضم بين أفراده سائر طوائف الإسلام ، ويبعث كل منهم على نيته .
ولا يمنع ذلك أن يتحاور الجميع فيما بينهم ؛ لتضييق ثغرات الاختلاف وتقليلها ، لا نقول إنهاءها لأن ذلك مخالف لسنة الله في خلقه حيث قال جل من قائل : { ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } .
هكذا ينبغي أن يربى عليه النشء ، وأن تشتمل عليه مقررات الدراسة ؛ درءاً لانشقاق المجتمع وتفكك بنى المجتمع ، ومن ثم تسلط العدو الخارجي الطامع .
هذا بالنسبة للمسلمين عبر العالم .
أما الأمة العربية أو الناطقين بالعربية في بلاد العرب : فلا شك أن الخيار الاستراتيجي لهم هو : العروبة التي ورد ذكرها في القرآن تصريحاً وتلميحاً أكثر من عشرين مرة ، وامتنَّ الله في كثير منها على العرب (( النصارى ، واليهود ، والمجوس ، والمشركين ، والصابئة )) أنه جل جلاله بعث إليهم نبياً منهم ؛ أي : عربياً من جنسهم ومن أنفسهم .
وغير خافٍ : أن البلاد العربية تشتمل على عرب مسلمين سنة وشيعة ودروز وإباضية ، وعلى نصارى أرمن وأرثوذكس وأقباط وكاثوليك ، وعلى توجهات حزبية مختلفة بين ديمقراطيين وليبراليين وتقدميين وإسلاميين .
وكل هؤلاء تجمعهم العروبة ؛ يفخرون بها ، وينتمون إليها ، ويتحدثون بها .
وما تفككوا إلا بعد أن قامت الشعارات الفردية لكلٍ منهم ، وأخذ كثير من التوجهات يهدم بناء غيره ؛ لتدعوا لنفسها ولينفرد أهلها بما يهدفون إليه .
وكل ذلك من الصراعات المقيتة على السلطة والتحكم في مقدرات الشعوب .
ولو قال قائل : أن الدعوة للعروبة تؤدي إلى تهميش الإسلام .
لقلنا : إن الغالبية القاطنة في البلاد العربية يدينون بالإسلام ، وحكومات الدول العربية تحكم بالإسلام في العبادات والأحوال الشخصية .
فالعروبة خيار استراتيجي أكرم من شعار الحزب والطائفة والمذهب ، وأجمع لشتات الأمة العربية التي يشترك مع المسلمين فيها غيرهم من الملل والنحل ، وبه يمكن مواجهة العدو المشترك من أمة صهيون حتى من داخل فلسطين وما حولها ؛ إذ الصهاينة هم القرحة في كبد العالم العربي والإسلامي ، وهم الهم المشترك بين طوائف وملل العرب في زماننا هذا وحتى ظهور المسيح الدجال الذي يضم في جيشه يهود أصبهان .
فهل نرى من ساستنا دعوة إلى : التمسك بخيارينا الاستراتيجيين كلٌ في محله في مرحلتنا الراهنة على الأقل ؛ دعوة إلى الوحدة ، والاجتماع ، والتعايش السلمي داخل حياض العروبة ومهد الحضارات ومسرى الرسل ومبعث الأنبياء ومحشر الناس أجمعين .
ولا يمنع ذلك تشجيع الحوار فيما بينهم في مسائل الاختلاف إن لنا في : صقر العرب بن صقر الجزيرة أملاً كبيراً أن يلمَّ الله به شمل العرب والمسلمين عاجلاً غير آجل .
الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود
ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 3439 | تأريخ النشر : الثلاثاء 30 شعبان 1426هـ الموافق 4 أكتوبر 2005مإرسال المقالة
|
|||
|
|
|||
|