ابوعبدالعزيز
24-11-2008, 09:30 AM
قال الشيخ الإمام تقي الدين السبكي رحمه الله :
(القضاة ثلاثة قاض في الجنة و قاضيان في النار قاض قضي بالحق هو يعلم فهو في الجنة و قاض قضي بالحق وهو لا يعلم فهو في النار و قاض قضي بغير الحق فهو في النار)
تنبه أيها القاضي لما أنت فيه من الأخطار وطب نفسا إذا حكمت بحق بعلم الله تعالي و إلا فلا
واعلم أن الحلال بين وهو الذي تجده منصوصا عليه في كتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه وسلم أو مجمعا عليه او عليه دليل جيد غير ذلك من سائر الأدلة الراجعة إلي الكتاب والسنة بحيث ينشرح صدرك بأنه حكم الله تعالي فهذا حكمك به عبادة تثاب عليه وينبغي أن تقصد به وجه الله تعالي فلا يكون حكمك به لمخلوق ولا لغرض من أغراض الدنيا فبذلك تكمل العبادة فيه وتنال الأجر من خالقك
وما سوي ذلك فهو علي درجات:
إحداها : أن تحكم بذلك لغرض من أغراض الدنيا فيصح الحكم ولكن لا يكون لك فيه أجر
المرتبة الثانية : أن تحكم بذلك من غير قصدك به وجه الله تعالي ولا غرضا دنيويا فهذا أيضا يظهر أنه لا أجر فيه لعدم قصد القربة
واعلم أنا لا نشترط وجود قصد القربة عند الحكم بل يكتفي به في ولاية القضاء لأنه قد يشق استحضاره في كل حكم فيكتفي به عند الدخول في أوله كما اكتفي بنية المجاهد في أول خروجه
المرتبة الثالثة : أن يكون الحكم مختلفا فيه وحصل ما يجوز الإقدام علي الحكم به من الأدلة الشرعية مع احتمال يمنع انشراح الصدرله الانشراح الكلي فهذا جائز والأجر فيه دون القسم المجمع عليه لأن المصلحة في القسم المجمع عليه أتم فالعبادة فيه أكمل و إن كان لا تقصير في هذا
المرتبة الرابعة: أن تحصل شبهة تمنع من غلبة الظن بأن ذلك حكم الله تعالي فلا يحل الحكم
المرتبة الخامسة : أن يعتقد أن ذلك خلاف حكم الله تعالي فلا يحل الحكم و إن كان بعض العلماء قال به
المرتبة السادسة : أن يكون مجمعا علي أنه ليس بحكم الله فلا يحل الحكم
وهذه المراتب الثلاث عدم الحل فيها مرتب ترتيبا لا يخفي
واعلم أن المرتبة الخامسة والسادسة ما أظن أن أحدا يقدم عليها إن شاء الله تعالي
والمرتبة الرابعة تكون عند قيام الشك ومخالجة الاحتمال قد تسول لك نفسك والشيطان أو أحد من الناس الإقدام علي الحكم لغرض من الأغراض ويسهل عليك لأنك لم تجزم بالتحريم فإياك أن تقدم علي الحكم فتدخل في قوله :" وقاض قضي وهولا يعلم " فإذا كان الذي قضي بالحق وهولا يعلم في النار فالذي يقضي وهو لا يعلم والمقضي متردد بين الحق والباطل كيف يكون حاله ؟!!
وفي هذه المرتبة تجد كثيرا من إخوان السوء يسولون لك الحكم فإياك ثم إياك واستحضر بقلبك غدا يوم القيامة إذا انتصب الجبار لفصل القضاء وجيء بالنبيين والشهداء وجيء بك يا مسكين و أنت كالقمحة بل كالذرة بين أرجل الناس بل أقل من ذلك وفي ذلك الموقف رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي أنت نائبه وقد بلغك شريعته وجبريل الذي نزل بها عليه و رسول الله تعالي و أنبياؤه وملائكته و الصديقون والشهداء والصالحون كالسروج المضيئة في ذلك المشهد بين يدي الله تعالي و سألك الله تعالي بغير واسطة بينك وبينه لم حكمت في هذا الأمر؟ ومن بلغك عني هذا ؟ ونظرت يمينا وشمالا فلم تجد هنالك سلطانا ولا أميرا ولا صغيرا ولا كبيرا ممن سول لك ذلك الحكم ورأيت نفسك وحيدا ذليلا حقيرا ونظرت إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهو المقدم في ذلك المشهد العظيم الذي ترجو شفاعته وقد حكمت بغير شريعته كيف يبقي وجهك معه أو كيف تبقي حالك عنده وسائر الأنبياء و الرسل والملائكة و أهل الموقف من الصالحين ينظرون إليك والله تعالي ينظرك هل ينفعك ذلك الوقت أحد من أهل الدنيا أو مال أو جاه أو غير ذلك ؟! كلا والله لا ينفع فانظر يا مسكين هذا الموقف فما علمت أنه ينجيك فيه لا تشتبه فيه فافعله وما سوي ذلك كن منه علي حذر ولوطلبه منك أكبر ملوك الأرض بملئها ذهبا و إن قيل لك قد يكون توقفك تركا للحكم الواجب فقل إنما يكون واجبا إذا ظهر وعند الشك لا و إذا دار الأمر بين الترك مع الشك والإقدام مع الشك كان الترك أسهل لأنه أخفي و أقل
فهذا الذي تيسر ذكره مما أوصيتك به أيها القاضي اهـ
(القضاة ثلاثة قاض في الجنة و قاضيان في النار قاض قضي بالحق هو يعلم فهو في الجنة و قاض قضي بالحق وهو لا يعلم فهو في النار و قاض قضي بغير الحق فهو في النار)
تنبه أيها القاضي لما أنت فيه من الأخطار وطب نفسا إذا حكمت بحق بعلم الله تعالي و إلا فلا
واعلم أن الحلال بين وهو الذي تجده منصوصا عليه في كتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه وسلم أو مجمعا عليه او عليه دليل جيد غير ذلك من سائر الأدلة الراجعة إلي الكتاب والسنة بحيث ينشرح صدرك بأنه حكم الله تعالي فهذا حكمك به عبادة تثاب عليه وينبغي أن تقصد به وجه الله تعالي فلا يكون حكمك به لمخلوق ولا لغرض من أغراض الدنيا فبذلك تكمل العبادة فيه وتنال الأجر من خالقك
وما سوي ذلك فهو علي درجات:
إحداها : أن تحكم بذلك لغرض من أغراض الدنيا فيصح الحكم ولكن لا يكون لك فيه أجر
المرتبة الثانية : أن تحكم بذلك من غير قصدك به وجه الله تعالي ولا غرضا دنيويا فهذا أيضا يظهر أنه لا أجر فيه لعدم قصد القربة
واعلم أنا لا نشترط وجود قصد القربة عند الحكم بل يكتفي به في ولاية القضاء لأنه قد يشق استحضاره في كل حكم فيكتفي به عند الدخول في أوله كما اكتفي بنية المجاهد في أول خروجه
المرتبة الثالثة : أن يكون الحكم مختلفا فيه وحصل ما يجوز الإقدام علي الحكم به من الأدلة الشرعية مع احتمال يمنع انشراح الصدرله الانشراح الكلي فهذا جائز والأجر فيه دون القسم المجمع عليه لأن المصلحة في القسم المجمع عليه أتم فالعبادة فيه أكمل و إن كان لا تقصير في هذا
المرتبة الرابعة: أن تحصل شبهة تمنع من غلبة الظن بأن ذلك حكم الله تعالي فلا يحل الحكم
المرتبة الخامسة : أن يعتقد أن ذلك خلاف حكم الله تعالي فلا يحل الحكم و إن كان بعض العلماء قال به
المرتبة السادسة : أن يكون مجمعا علي أنه ليس بحكم الله فلا يحل الحكم
وهذه المراتب الثلاث عدم الحل فيها مرتب ترتيبا لا يخفي
واعلم أن المرتبة الخامسة والسادسة ما أظن أن أحدا يقدم عليها إن شاء الله تعالي
والمرتبة الرابعة تكون عند قيام الشك ومخالجة الاحتمال قد تسول لك نفسك والشيطان أو أحد من الناس الإقدام علي الحكم لغرض من الأغراض ويسهل عليك لأنك لم تجزم بالتحريم فإياك أن تقدم علي الحكم فتدخل في قوله :" وقاض قضي وهولا يعلم " فإذا كان الذي قضي بالحق وهولا يعلم في النار فالذي يقضي وهو لا يعلم والمقضي متردد بين الحق والباطل كيف يكون حاله ؟!!
وفي هذه المرتبة تجد كثيرا من إخوان السوء يسولون لك الحكم فإياك ثم إياك واستحضر بقلبك غدا يوم القيامة إذا انتصب الجبار لفصل القضاء وجيء بالنبيين والشهداء وجيء بك يا مسكين و أنت كالقمحة بل كالذرة بين أرجل الناس بل أقل من ذلك وفي ذلك الموقف رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي أنت نائبه وقد بلغك شريعته وجبريل الذي نزل بها عليه و رسول الله تعالي و أنبياؤه وملائكته و الصديقون والشهداء والصالحون كالسروج المضيئة في ذلك المشهد بين يدي الله تعالي و سألك الله تعالي بغير واسطة بينك وبينه لم حكمت في هذا الأمر؟ ومن بلغك عني هذا ؟ ونظرت يمينا وشمالا فلم تجد هنالك سلطانا ولا أميرا ولا صغيرا ولا كبيرا ممن سول لك ذلك الحكم ورأيت نفسك وحيدا ذليلا حقيرا ونظرت إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهو المقدم في ذلك المشهد العظيم الذي ترجو شفاعته وقد حكمت بغير شريعته كيف يبقي وجهك معه أو كيف تبقي حالك عنده وسائر الأنبياء و الرسل والملائكة و أهل الموقف من الصالحين ينظرون إليك والله تعالي ينظرك هل ينفعك ذلك الوقت أحد من أهل الدنيا أو مال أو جاه أو غير ذلك ؟! كلا والله لا ينفع فانظر يا مسكين هذا الموقف فما علمت أنه ينجيك فيه لا تشتبه فيه فافعله وما سوي ذلك كن منه علي حذر ولوطلبه منك أكبر ملوك الأرض بملئها ذهبا و إن قيل لك قد يكون توقفك تركا للحكم الواجب فقل إنما يكون واجبا إذا ظهر وعند الشك لا و إذا دار الأمر بين الترك مع الشك والإقدام مع الشك كان الترك أسهل لأنه أخفي و أقل
فهذا الذي تيسر ذكره مما أوصيتك به أيها القاضي اهـ