المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( القضاء السعودي وكرة الثلج ))



ناصر بن زيد بن داود
19-01-2009, 07:55 PM
(( القضاء السعودي وكرة الثلج ))
بالنظر إلى إحصاءات السكان والمساكن والقضايا في المملكة العربية السعودية ونسب تناميها حتى نهاية عام 1450هـ نجد الآتي :

= جاء في نشرة مصلحة الإحصاءات العامة لعام 1428هـ أن عدد السكان بلغ أربعة وعشرين مليوناً بنسبة نمو سنوية تقدر باثنين وربع في المائة تقريباً 2.3% ، أي : أن عدد السكان سيكون في نهاية هذا العقد 1430هـ أكثر من خمسة وعشرين مليوناً ، وبمعنى آخر : فإن عدد السكان في نهاية العشرين عاماً القادمة سيربو على الأربعين مليون نسمة .

= عندما كنت أعمل في لجنة إعداد اللوائح التنفيذية لنظام السجل العقاري اطلعت على دراسةٍ جاء فيها : أن عدد الوحدات السكنية سيبلغ تسعة ملايين وحدة سكنية بحلول العام 1442هـ ، وإذا علمنا : أن عدد المساكن في عام 1428هـ لا يتعدى الأربعة ملايين ومائتي ألف فقط ، فإن المتوقع : أن تكون الوحدات العقارية بنهاية العشرين عاماً سيصل - لا محالة - إلى عشرين مليون وحدة عقارية ، خصوصاً : بعد قيام المدن الاقتصادية العظمى في أنحاء المملكة ، ومع تكوين الشباب السعودي لأسرٍ مستقلة خلال مدة العشرين عاماً القادمة ، حيث إن عدد من دون الخامسة عشرة منهم اليوم يزيد على السبعة ملايين فرداً .

= من واقع الكتاب الإحصائي لوزارة العدل لعام 1427هـ وجدنا أن القضايا المنظورة في وزارة العدل زادت على الثمانمائة ألف قضية ، وهذا يعني : أن عدد القضايا المنظورة في جميع الجهات القضائية المنظورة في المملكة ذلك العام يزيد على المليون قضية ولاشك .
ومن واقع الكتاب الإحصائي لأكبر جهة قضائية في المملكة ( وزارة العدل ) يظهر : أن نسبة نمو القضايا سنوياً تزيد على الإثني عشر في المائة 12% ، أي : أن عدد القضايا بنهاية عام1450هـ سيزيد على الخمسة عشر مليون قضية .

= مما تقدم يظهر لنا :
1/ عدد السكان عند بداية الخطة خمسة وعشرون مليون ساكن ، وبنهاية الخطة أربعون مليوناً . النسبة الإجمالية للزيادة 60% .
2/ عدد الوحدات العقارية في بداية الخطة تزيد على الأربعة ملايين وحدة ، وفي نهاية الخطة عشرون مليوناً . النسبة الإجمالية للزيادة 400% .
3/ عدد القضايا عند بداية الخطة مليون قضية ، وفي نهاية الخطة خمسة عشر مليوناً . النسبة الإجمالية للزيادة 1500% .

= من هذه النتيجة يظهر لنا أن عدد القضاة المطلوب في نهاية الخطة الإستراتيجية القائمة عام 1450هـ :
1/ من حيث المنظور السكاني : ( 1 قاضي : 3000 ساكن ) يجب أن يكون ثلاثة عشر ألف قاض .
2/ من حيث المنظور العقاري ( 1 قاضي : 500 مسكن ) يجب أن يكون أربعين ألف قاض .
3/ من حيث المنظور القضائي ( 1 قاضي : 500 قضية ) يجب أن يكون ثلاثين ألف قاض .
4/ من حيث المعدل لنسب المناظير الثلاثة يجب أن لا يقل عن ثمانية عشر ألف قاضٍ مهما كانت الظروف .

= نخلص من كل هذا إلى التالي :
1/ ترى هل أخذت الخطة الإستراتيجية لتنفيذ مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء في حساباتها هذه الأمور ؟.

2/ أليس في تسريع وضع وتنفيذ الخطة وإتقانهما خدمة كبرى للمتقاضين على المديين القريب والبعيد ؟.

3/ إن جعل عام 1430هـ عام إعدادٍ وتقييمٍ للخطط الإستراتيجية الواقعية ، وتنفيذها في مرحلةٍ مدتها خمس سنوات تنتهي بنهاية عام 1435هـ كفيل باستحثاث الهمم نحو التطبيق وعدم التواني في التنفيذ .

4/ إن تطويل مدة التنفيذ لا يكون إلا في المشاريع الطموحة جداً ؛ كتطوير وضعٍ قائمٍ ( معقول ) إلى وضعٍ مُرادٍ مأمول ، أو إحداث أمرٍ على غير مثالٍ سابق ؛ أشبه المشاريع الصناعية الكبرى ، أو الاندماجات الاقتصادية ، أو تكوين التحالفات الإقليمية بأنواعها .

5/ إن مدد التنفيذ تقصر وجوباً في المشاريع الضرورية ؛ التي لها مساس بحياة الأفراد على مدى الساعة وأقل ، وكذا في المشاريع التي يراد منها انتشال الوضع القائم من كبوةٍ أو من عِثَارٍ أو إِسَار .

6/ إن التجليات الأكاديمية تظهر جلياً عند التحضير لعملٍ جديد ، أو وضع خطةِ تطويرٍ مثالية وئيدة ، أو هندرة ( الهندسة الإدارية ) حركة المعاملات في دائرةٍ ما ، أما الانتشالات الإدارية اللازمة للأوضاع المزرية والمأساوية لمرفقٍ القضاء - فتحتاج لخطة إنقاذٍ عاجلة وإدارة أزماتٍ صارمة ؛ كما هو الحال : في خطة الملك عبد الله وفقه الله لتطوير المشاعر المقدسة بمليارات الريالات خلال بضع سنوات ، وكما هو الحال : في خطة الملك عبد الله حفظه الله لإنشاء المدن الاقتصادية في أرجاء البلاد بعشرات المليارات .

7/ إن مشكلات القضاء السعودي ليست في عدد القضاة فقط ، بل في ما نتج عن ذلك وفي غيره من المشكلات ؛ فتأخر إنجاز القضايا ، وإطالة المواعيد ، وضعف التطوير ، وانعدام التدريب ، وغياب الرقابة الهادفة ، وانتقائية الترقية ، وإقليمية التعيين ، وعدائية التجديد ، وعشوائية الإدارة ، ومزاجية القرارات ، وضبابية العمل ، وهشاشة المواقف ، والتصدي للإصلاح : كل ذلك جزء من مشكلات القضاء في بلادنا ، التي دفعت باشتداد النفرة من القضاة ، وإلى تلقف كل ما يشينهم وإشاعته ، بل عم ذلك الشعور كل من هم على شاكلة القضاة من الشرعيين في شتى الوظائف .

8/ ينبغي أن يستشعر الجميع أن تردي الوضع القضائي ينحدر من علٍ ككرة ثلج ، وأن التأخر في مواجهة اندفاعها كفيل بزيادة سرعتها وَكِبَرِ حجمها وَعِظَمِ خطرها ، وتلك لعمري بداية النهاية لضوابط وثوابت المجتمع . والله المستعان

المحامي علي السعدون
21-01-2009, 12:16 AM
لعمري ان القضاء كبناء ضعيفٌ اركانه وكأنى أرى ان لاهم لنا الا ان نزخرف جدرانه.
الا لم نهدمه ونعيد بنيانه فلا حول ولاقوة الا بالله .

مقال رائع صاحب الفضيلة بالفعل كما ذكرتم
مشكلات القضاء السعودي ليست في عدد القضاة فقط ، بل في ما نتج عن ذلك وفي غيره من المشكلات ؛ فتأخر إنجاز القضايا ، وإطالة المواعيد ، وضعف التطوير ، وانعدام التدريب ، وغياب الرقابة الهادفة ، وانتقائية الترقية ، وإقليمية التعيين ، وعدائية التجديد ، وعشوائية الإدارة ، ومزاجية القرارات ، وضبابية العمل ، وهشاشة المواقف ، والتصدي للإصلاح : كل ذلك جزء من مشكلات القضاء في بلادنا ، التي دفعت باشتداد النفرة من القضاة ، وإلى تلقف كل ما يشينهم وإشاعته ، بل عم ذلك الشعور كل من هم على شاكلة القضاة من الشرعيين في شتى الوظائف

الروض المربع
22-01-2009, 01:57 AM
بارك الله فيك ياشيخ ناصر على المقال المهم


لو لم توضع هذه المده لكان التطوير افضل واسرع

فهذه المده الطويله الان مشكله بحد ذاتها

علي عسيري
24-01-2009, 07:29 PM
وقد نكون بعد عشرون سنة بحاجة الى خطة انقاذ جديدة
ومليارات اخرى
شكرا دكتور ناصر على المقال ولكن
قد أسمعت لوناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

هضبة نجد
25-01-2009, 09:59 AM
السلام عليكم ..

اجدك بالغت كثيرا في تقدير نسبة الزيادة في القضايا والزيادة في المساكن ..

فهل يعقل ان يكون عدد المساكن ٢٠.٠٠٠.٠٠٠ مسكن في الوقت الذي لا يتجاوز فيه عدد السكان ٣٩.٠٠٠.٠٠٠ ؟! أي أن معدل الساكنين في كل مسكن يتراوح بين ١ و ٢ ؟!

وهل يعقل ان تبلغ قضايا هذا العدد من السكان ١٥.٠٠٠.٠٠٠ قضية بمعدل قضية لكل شخصين ؟ أي أنه لا يوجد صغير ولا كبير الا وله قضية في المحكمة اما مدعيا أو مدعى عليه ؟! بل وفي كل سنة _!

ناصر بن زيد بن داود
25-01-2009, 10:58 AM
أخي الكريم :
الدراسات الإحصائية لا ينظر لها بعين واحدة ، بل من جميع المناظير الإحصائية المرتبطة للخروج بنتيجة مستقبلية شبه منضبطة ، ولذلك اخترنا الثلاث الإحصاءات المذكورة بعاليه ، وخرجنا بالمعدل النسبي للجميع .

وحتى تعلم - أخي الفاضل - خطأ النظر بالعين الواحدة فإن طريق الملك فهد قد بني على دراسة خرجت بنتيجة ؛ هي : أن الطريق الحالي صالح لاستيعاب الحركة المرورية حتى العام 2025م ، وها أنت ترى حاله على مدار الساعة لا يقدر على استيعاب الحركة المرورية منذ عشر سنوات ، وفي كل عام تزداد المعضلة محنة .

إن الحاجة لثمانية عشر ألف قاضٍ تعني : أن هناك قاضياً لكل ألفين ومائتي ساكن .
كما أن عدد الوحدات العقارية لا يعني أنها كلها مساكن ، بل منها : المحلات التجارية والمزارع والأراضي المخططة ونحوها .

أضف إلى ذلك : أن الزيادة في السكان والوحدات العقارية والقضايا مبني على نسب مئوية تتزايد سنوياً ، وقد تخطئ ؛ غير أن احتمال زيادتها أكبر من نقصها ؛ متى علمنا أن نصف سكان المملكة من غير المتزوجين ، وأن كل اثنين ينتج منهما واحداً في كل عام أو يزيد ، وأن ارتباط كل اثنين بزواج يتزايد عام بعد آخر بحكم تقدم السن وتوافر الإمكانات لإنشاء عائلة جديدة .

كل ذلك أمر غيبي لا يمكن القطع فيه بأمر ، غير أن من الممكن توقع ما تؤول إليه الأمور ؛ إما عشوائياً ، أو بدراسة قاصرة ، أو ببذل الجهد في تقريب الاحتمالات الواقعية .

ولنا موعد - إن شاء الله تعالى - عام 1450هـ ؛ لأقول لك ، أو تقول لي : أين الخطأ في الدراسة أعلاه؟ ، فإن كان أحدنا قد لقي ربه فليقلها الحي منا لنفسه مترحماً على صاحبه . أسأل الله لي ولك حسن الخاتمة .