ناصر بن زيد بن داود
16-03-2009, 08:27 PM
تعيش البلاد الأوروبية أسوأ عصورها من حيث التنمية السكانية ، وتضاؤل النمو الأسري فيها ، فالشباب هناك عازفون عن الزواج ، مستغنون بالصداقات الآثمة خارج نطاق التكوين الأسري ، الأمر الذي جعل بعض تلك البلاد تضطر لتشجيع الهجرة إليها من بعض مستعمراتها ؛ خوفاً من انحدارٍ جارفٍ في أعداد السكان ، ومن تلاشي القوة البشرية ، ولتحقيق معدلاتٍ أكبر في مجالات التنمية المختلفة .
فقد وصلت نسبة كبار السن في بعض بلدانهم إلى 80% ، وصارت المدارس الابتدائية شبه خالية من المواطنين الأصليين ، ولا يكاد يعمرها إلا أبناء المهاجرين الأفارقة والآسيويين .
كان هذا الضمور السكاني أحد نتائج انتشار المذهب الإلحادي والفكر الإباحي ، المدعومين من دعاة التَّفسُّخ والفجور ، ومن أرباب الأموال المستثمرين في مواخير الدعارة ونوادي العراة ونشر المجلات الجنسية ، وفي ترويج المخدرات .
لقد أدرك ساسة القوم هناك أنَّ ذلك مُؤْذِنٌ بخرابٍ عام ، قد يأتي على مستقبل القارة أجمع ، فيكفي أن تَحُلَّ هناك أزمةٌ عامة - كالأزمة المالية الحالية - لتنزاح الستور ، وتنكشف العيوب ، ويموج الناس كقطيع الأغنام وقد حضرته الذئاب ، لا يَلوي أحدٌ على أحد .
وصدق الله العظيم { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } .
إنَّ العقلاء في كل مجتمعٍ ومن كل دينٍ لا ينفكون عن التحذير من مغبة إهمال الضبط الاجتماعي ، وينادون بسرعة إدارة دفة المجتمع نحو الأفضل ؛ بلا إفراط ولا تفريط ، ويدعون إلى تنقية المجتمعات من دعاة التطرف من الجانبين الديني والإباحي ؛ كما قال الشاعر :
وَلَا تَغْلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْرِ وَاقْتَصِدْ ... كِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الْأُمُورِ ذَمِيمُ
وكان التحذير من هؤلاء العقلاء يرتكز على إحكام السيطرة على رجال الأعمال ومراقبة أنشطتهم ؛ لأنهم لا يتورعون من ممارسة كل ما فيه زيادة نماء أموالهم واتساع ممتلكاتهم وزيادة ثرواتهم ؛ ولو على حساب أخلاق مجتمعاتهم ، أو السلامة الصحية العامة ، بل على أمن بلدانهم من بعضهم ؛ كتهريب الأسلحة وبيع المعلومات لأجهزة الاستخبارات المعادية .
كل ذلك في سبيل تحقيق أو استرداد أمجاد الغنى والجاه ؛ اللذين يفتكان بالأديان كما تفتك السباع في قطعان الأغنام ؛ كما قال رسول الله فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم (( ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه )) .
والمؤسسات القضائية تتحمل العبء الأكبر في وضع النظم والقوانين الرادعة والزاجرة عن جَرِّ المجتمع نحو الانحلال ، أو الاستهتار بِمُثُلِ ومبادئ المجتمع الصالح ، أو التعدي على حريات وحقوق الآخرين في العيش الكريم ، أو إلى الإساءة المؤدية للانفلات الأمني .
وأيُّ مجتمعٍ ينفتح نحو أمرٍ ما - دون إعداد العُدَّة لضبطه ، وتوجيه مساراته نحو الأسلم - سيواجه فتناً ومصائب تجبره على تقديم التنازلات تلو التنازلات ، حتى يجد المجتمع نفسه وقد دهمته الأحداث فسيرته نحو الهاوية ، بدلاً عن أن يُسَيِّرَها لمصلحة أفراده وجماعاته في حاضره ومستقبله .
إنَّ سلوك هذا الطريق لا يعني : الوقوف الجامد أمام مستجدات الصناعة وجديد الاختراعات وفريد الاكتشافات ، بل يعني : تبصير المجتمع بحسن الممارسة وسلامة الاستخدام ، وتحذيره من الإساءة والتعدي .
إنَّ المملكة العربية السعودية دولةٌ شابة فتية من بين دول العالم، فيكفي أن نعلم أن 70 % من السكان دون سن الثلاثين ، و 50% منهم دون سن الخامسة عشرة .
وهذه الملايين من الشباب تَعَلَّم أغلبهم الكثير عبر الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ، وأدمنوا مشاهدة القنوات الفضائية ، ومارسوا شتى التصرفات المستقيمة والشاذة عبر الاتصالات الهاتفية ورسائل الجوال وتبادل مقاطع الفيديو ، في سرية تامة خارج قدرة رب الأسرة على الرقابة ، بل تناقلوا لأنفسهم اللقطات المنحلَّة ، وزيفوا على أضدادهم الصور المسيئة باستخدام أنواع التِّقانة الحاسوبية .
واستطاع لصوص المعلومات سرقة خصوصيات الناس ؛ عبر شبكة الإنترنت ، ومن خلال هواتفهم الجوالة عند طلب إصلاحها أو تطويرها ؛ بتعمدهم اختلاس وتخزين محفوظات الزبائن في هواتفهم ، وكشف عوراتهم ، واستغلالها في مساومتهم على نشرها ؛ بالمال تارة ، وبهتك العرض تارات .
هذه التجاوزات الخطيرة - المنذرة بانتشار الأمراض والعقد النفسية ، أو بالانحلال والتفكك الأخلاقي - يقف القضاء أمامها موقف المتفرج ؛ لا يحرك ساكناً بالمبادرة بوضع الخطط والبرامج والنظم والقوانين ، فقد تعودوا في المراحل السابقة على انتظار ما يؤمرون بإنفاذه ليأتمروا به ، ولم يأخذوا هم بزمام المبادرة ؛ لتكون النتائج أكثر شمولية وأعمق أثراً من المواقف السلبية الكسولة .
إنَّ المرحلة القادمة للأمة تستدعي نشاطاً مكثفاً من القيادتين الأمنية والقضائية في تتبع كل ما يهم الناس ، وتتطلب استنفار الطاقات في وضع القوالب التنظيمية لتسيير أمور المجتمع نحو النماء والعطاء والسلامة .
= إننا لا نجد من يُعِدُّ العدة لاستقبال أفواج الأبناء والبنات الدارسين في أوروبا وأمريكا وغيرها من البلاد غير المسلمة ، وما يمكن أن يأتوا به من معتقداتٍ وعادات وأفكار لم يكونوا عليها من قبل ؛ مما يتنافى مع تعاليم دينهم الإسلامي .
= إننا لم نسمع ببرامج لحماية هؤلاء من تلك الحبائل والأشراك ؛ التي إن لم تجلب شيطاناً متمرداً على أمته ، فستجعل الأمة تفقد طاقةً من طاقاتها المؤمل فيها المشاركة في النهضة والبناء .
= إننا لا نرى من يأخذ بيد الشباب للإسهام في تطور بلادهم ؛ بدلاً عن ممارسة التفحيط ، والتشاحن الكروي ، والمعاكسات في الأسواق ، وتقليد من لا خلاق لهم في لباسهم وتحركاتهم وقصات شعورهم وأساليبهم في التحدث والمزاح ونحو ذلك .
لقد أدركنا جميعاً - بلا استثناء - حاجتنا إلى التغيير ، لكن البعض يفهم أن هذا التغيير إلى ما يحلو له هو أن يفعله دون ضوابط ، لا إلى ما يحتاجه وطنه ومجتمعه ومستقبل أمته العربية والإسلامية .
إنَّ دعوات التغريب قد بدأت تؤتي ثمارها الفاسدة على بعض الشباب والشابات ، فصاروا يتبارون في مضامير الانحدار نحو هاوية التقليد الأعمى ، ويتنافسون في إبراز هوياتهم المتمردة ، وإظهار نتاجهم الفكري المتعفن ، فزايد بعضهم على بعض في لبس عباءة الإلحاد في أشعارهم ؛ بسب الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، أو بالاستهزاء بأفعاله سبحانه أو بشرائع دينه ، أو بتضمين الروايات مشاهد الفاحشة الكبرى ، وعرضها على أنها ظواهر اجتماعيةٍ عامة ، وهم - ولاشك - لا يتحدثون إلا عن أنفسهم أو من خالطهم .
لقد تواعد القوم في سرهم وجهرهم بالمضي قُدُماً نحو تحقيق التغيير من منظورهم .
إن هؤلاء الدعاة التغريبيين لا يريدون الاقتصار على الحرية الإعلامية الحالية ، بل ينادون بأمورٍ أخرى يأخذونها شيئاً فشيئاً من مبدأ ( خُذ وطالب ) ، وفي الوقت ذاته ترى ثقات الأمة يريدون أخذ الجميع ولا شيء غير الجميع ، وهم لم يُقدموا للساسة المشروع البديل الملائم للوضع الحاضر والمستقبل .
سيظل مُنَظِّرُو التغريب مستمرين في مساعيهم ؛ لتحقيق الإنجازات الأليمة ، وتكوين قاعدة شعبية كبرى ؛ ليصيروا بها أغلبية ، تستطيع اتخاذ القرار ، وإلزام سائر المجتمع بما يبتدعونه من قرارات وتغييرات ، يسلخون بها جلد المجتمع ، ويُلبسونه ما يُريدون من ألبسة وأقنعة ، أو يتركونه عُرياناً من كل زينة الله التي جعلها لعباده في خلقهم وأخلاقهم .
وصدق القائل :
أَرَى خَلَلَ الرَّمادِ وَمِيضَ نَارٍ ... ويُوشِكُ أَنْ يكُونَ لها ضِرامُ
فإِنْ لَمْ يُطْفِها عُقَلاءُ قَوْمٍ ... فإِنَّ وَقُودَها جُثَثٌ وهامُ
فإِنَّ النَّارَ بالعُودَيْنِ تُذْكَى ... وإِنَّ الحَرْبَ أَوَّلُها كَلامُ
فإِنْ يَكُ قَوْمُنا أَمْسَوْا رُقُوداً ... فقُلْ: هُبُّوا، فَقَدْ حانَ القِيامُ
فَإِن هَبُّوا فَذَاكَ بَقَاءُ مُلكٍ ... وَإِن رَقَدُوا فَإِنِّي لا أُلامُ
تَعَزَّوْا عن زَمانِكُمُ وقُولُوا ... على الإسْلامِ والعَرَبِ السَّلامُ
http://www.cojss.com/article.php?a=234
-
فقد وصلت نسبة كبار السن في بعض بلدانهم إلى 80% ، وصارت المدارس الابتدائية شبه خالية من المواطنين الأصليين ، ولا يكاد يعمرها إلا أبناء المهاجرين الأفارقة والآسيويين .
كان هذا الضمور السكاني أحد نتائج انتشار المذهب الإلحادي والفكر الإباحي ، المدعومين من دعاة التَّفسُّخ والفجور ، ومن أرباب الأموال المستثمرين في مواخير الدعارة ونوادي العراة ونشر المجلات الجنسية ، وفي ترويج المخدرات .
لقد أدرك ساسة القوم هناك أنَّ ذلك مُؤْذِنٌ بخرابٍ عام ، قد يأتي على مستقبل القارة أجمع ، فيكفي أن تَحُلَّ هناك أزمةٌ عامة - كالأزمة المالية الحالية - لتنزاح الستور ، وتنكشف العيوب ، ويموج الناس كقطيع الأغنام وقد حضرته الذئاب ، لا يَلوي أحدٌ على أحد .
وصدق الله العظيم { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } .
إنَّ العقلاء في كل مجتمعٍ ومن كل دينٍ لا ينفكون عن التحذير من مغبة إهمال الضبط الاجتماعي ، وينادون بسرعة إدارة دفة المجتمع نحو الأفضل ؛ بلا إفراط ولا تفريط ، ويدعون إلى تنقية المجتمعات من دعاة التطرف من الجانبين الديني والإباحي ؛ كما قال الشاعر :
وَلَا تَغْلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْرِ وَاقْتَصِدْ ... كِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الْأُمُورِ ذَمِيمُ
وكان التحذير من هؤلاء العقلاء يرتكز على إحكام السيطرة على رجال الأعمال ومراقبة أنشطتهم ؛ لأنهم لا يتورعون من ممارسة كل ما فيه زيادة نماء أموالهم واتساع ممتلكاتهم وزيادة ثرواتهم ؛ ولو على حساب أخلاق مجتمعاتهم ، أو السلامة الصحية العامة ، بل على أمن بلدانهم من بعضهم ؛ كتهريب الأسلحة وبيع المعلومات لأجهزة الاستخبارات المعادية .
كل ذلك في سبيل تحقيق أو استرداد أمجاد الغنى والجاه ؛ اللذين يفتكان بالأديان كما تفتك السباع في قطعان الأغنام ؛ كما قال رسول الله فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم (( ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه )) .
والمؤسسات القضائية تتحمل العبء الأكبر في وضع النظم والقوانين الرادعة والزاجرة عن جَرِّ المجتمع نحو الانحلال ، أو الاستهتار بِمُثُلِ ومبادئ المجتمع الصالح ، أو التعدي على حريات وحقوق الآخرين في العيش الكريم ، أو إلى الإساءة المؤدية للانفلات الأمني .
وأيُّ مجتمعٍ ينفتح نحو أمرٍ ما - دون إعداد العُدَّة لضبطه ، وتوجيه مساراته نحو الأسلم - سيواجه فتناً ومصائب تجبره على تقديم التنازلات تلو التنازلات ، حتى يجد المجتمع نفسه وقد دهمته الأحداث فسيرته نحو الهاوية ، بدلاً عن أن يُسَيِّرَها لمصلحة أفراده وجماعاته في حاضره ومستقبله .
إنَّ سلوك هذا الطريق لا يعني : الوقوف الجامد أمام مستجدات الصناعة وجديد الاختراعات وفريد الاكتشافات ، بل يعني : تبصير المجتمع بحسن الممارسة وسلامة الاستخدام ، وتحذيره من الإساءة والتعدي .
إنَّ المملكة العربية السعودية دولةٌ شابة فتية من بين دول العالم، فيكفي أن نعلم أن 70 % من السكان دون سن الثلاثين ، و 50% منهم دون سن الخامسة عشرة .
وهذه الملايين من الشباب تَعَلَّم أغلبهم الكثير عبر الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ، وأدمنوا مشاهدة القنوات الفضائية ، ومارسوا شتى التصرفات المستقيمة والشاذة عبر الاتصالات الهاتفية ورسائل الجوال وتبادل مقاطع الفيديو ، في سرية تامة خارج قدرة رب الأسرة على الرقابة ، بل تناقلوا لأنفسهم اللقطات المنحلَّة ، وزيفوا على أضدادهم الصور المسيئة باستخدام أنواع التِّقانة الحاسوبية .
واستطاع لصوص المعلومات سرقة خصوصيات الناس ؛ عبر شبكة الإنترنت ، ومن خلال هواتفهم الجوالة عند طلب إصلاحها أو تطويرها ؛ بتعمدهم اختلاس وتخزين محفوظات الزبائن في هواتفهم ، وكشف عوراتهم ، واستغلالها في مساومتهم على نشرها ؛ بالمال تارة ، وبهتك العرض تارات .
هذه التجاوزات الخطيرة - المنذرة بانتشار الأمراض والعقد النفسية ، أو بالانحلال والتفكك الأخلاقي - يقف القضاء أمامها موقف المتفرج ؛ لا يحرك ساكناً بالمبادرة بوضع الخطط والبرامج والنظم والقوانين ، فقد تعودوا في المراحل السابقة على انتظار ما يؤمرون بإنفاذه ليأتمروا به ، ولم يأخذوا هم بزمام المبادرة ؛ لتكون النتائج أكثر شمولية وأعمق أثراً من المواقف السلبية الكسولة .
إنَّ المرحلة القادمة للأمة تستدعي نشاطاً مكثفاً من القيادتين الأمنية والقضائية في تتبع كل ما يهم الناس ، وتتطلب استنفار الطاقات في وضع القوالب التنظيمية لتسيير أمور المجتمع نحو النماء والعطاء والسلامة .
= إننا لا نجد من يُعِدُّ العدة لاستقبال أفواج الأبناء والبنات الدارسين في أوروبا وأمريكا وغيرها من البلاد غير المسلمة ، وما يمكن أن يأتوا به من معتقداتٍ وعادات وأفكار لم يكونوا عليها من قبل ؛ مما يتنافى مع تعاليم دينهم الإسلامي .
= إننا لم نسمع ببرامج لحماية هؤلاء من تلك الحبائل والأشراك ؛ التي إن لم تجلب شيطاناً متمرداً على أمته ، فستجعل الأمة تفقد طاقةً من طاقاتها المؤمل فيها المشاركة في النهضة والبناء .
= إننا لا نرى من يأخذ بيد الشباب للإسهام في تطور بلادهم ؛ بدلاً عن ممارسة التفحيط ، والتشاحن الكروي ، والمعاكسات في الأسواق ، وتقليد من لا خلاق لهم في لباسهم وتحركاتهم وقصات شعورهم وأساليبهم في التحدث والمزاح ونحو ذلك .
لقد أدركنا جميعاً - بلا استثناء - حاجتنا إلى التغيير ، لكن البعض يفهم أن هذا التغيير إلى ما يحلو له هو أن يفعله دون ضوابط ، لا إلى ما يحتاجه وطنه ومجتمعه ومستقبل أمته العربية والإسلامية .
إنَّ دعوات التغريب قد بدأت تؤتي ثمارها الفاسدة على بعض الشباب والشابات ، فصاروا يتبارون في مضامير الانحدار نحو هاوية التقليد الأعمى ، ويتنافسون في إبراز هوياتهم المتمردة ، وإظهار نتاجهم الفكري المتعفن ، فزايد بعضهم على بعض في لبس عباءة الإلحاد في أشعارهم ؛ بسب الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، أو بالاستهزاء بأفعاله سبحانه أو بشرائع دينه ، أو بتضمين الروايات مشاهد الفاحشة الكبرى ، وعرضها على أنها ظواهر اجتماعيةٍ عامة ، وهم - ولاشك - لا يتحدثون إلا عن أنفسهم أو من خالطهم .
لقد تواعد القوم في سرهم وجهرهم بالمضي قُدُماً نحو تحقيق التغيير من منظورهم .
إن هؤلاء الدعاة التغريبيين لا يريدون الاقتصار على الحرية الإعلامية الحالية ، بل ينادون بأمورٍ أخرى يأخذونها شيئاً فشيئاً من مبدأ ( خُذ وطالب ) ، وفي الوقت ذاته ترى ثقات الأمة يريدون أخذ الجميع ولا شيء غير الجميع ، وهم لم يُقدموا للساسة المشروع البديل الملائم للوضع الحاضر والمستقبل .
سيظل مُنَظِّرُو التغريب مستمرين في مساعيهم ؛ لتحقيق الإنجازات الأليمة ، وتكوين قاعدة شعبية كبرى ؛ ليصيروا بها أغلبية ، تستطيع اتخاذ القرار ، وإلزام سائر المجتمع بما يبتدعونه من قرارات وتغييرات ، يسلخون بها جلد المجتمع ، ويُلبسونه ما يُريدون من ألبسة وأقنعة ، أو يتركونه عُرياناً من كل زينة الله التي جعلها لعباده في خلقهم وأخلاقهم .
وصدق القائل :
أَرَى خَلَلَ الرَّمادِ وَمِيضَ نَارٍ ... ويُوشِكُ أَنْ يكُونَ لها ضِرامُ
فإِنْ لَمْ يُطْفِها عُقَلاءُ قَوْمٍ ... فإِنَّ وَقُودَها جُثَثٌ وهامُ
فإِنَّ النَّارَ بالعُودَيْنِ تُذْكَى ... وإِنَّ الحَرْبَ أَوَّلُها كَلامُ
فإِنْ يَكُ قَوْمُنا أَمْسَوْا رُقُوداً ... فقُلْ: هُبُّوا، فَقَدْ حانَ القِيامُ
فَإِن هَبُّوا فَذَاكَ بَقَاءُ مُلكٍ ... وَإِن رَقَدُوا فَإِنِّي لا أُلامُ
تَعَزَّوْا عن زَمانِكُمُ وقُولُوا ... على الإسْلامِ والعَرَبِ السَّلامُ
http://www.cojss.com/article.php?a=234
-