المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعهد العالي للقضاء الأكاديمي



الوثاب
02-04-2009, 09:22 PM
رؤى عقارية
المعهد العالي للقضاء الأكاديمي

عثمان سليمان العيسى@
لم يكن القاضي (...).. يتوقع.. وهو ابن الخمسين عاماً.. الذي يفاخر بحمله لشهادة الماجستير القضائية المتخصصة.. وترؤسه لمحكمة في أعلى سلم الهرم القضائي.. لم يتخيل وهو من تعادل مرتبته القضائية المرتبة الإدارية لمدير الجامعة.. أن يواجه بمحاضر شاب في مقتبل عمره الأكاديمي.. يسأله في مقابلته الشخصية.. عن أمور لا تمت بصلة لعمله القضائي المغرق في التفاصيل الإجرائية والدقائق الفقهية في علم البيوع والأحوال الشخصية والجنايات... والتي يحتاج المحاضر إلى سنوات ضوئية ليحيط بها..!

الدهشة والحيرة التي أصابت القاضي.. كانت نتيجة مباشرة.. لخيبة أمله التي أدخله بها المحاضر المغرق في الأكاديميات.. والذي سرعان ما ولج بالقاضي في معترك مسائل فقهية.. لا يتصور أن تعرض على قاضٍ البتة أمام منصة القضاء..!

نعم.. أخفق القاضي أعلاه بقامته الكبرى وإرثه القضائي الذي يفاخر به.. وسواه الكثير في الصمود.. أمام المقابلة الشخصية لأسباب لا علاقة لها بالتأهيل القضائي.. ولا غرابة إذا كانت التساؤلات على غرار: (فروع فقهية خلافية في الصلاة والزكاة والصيام والحج.. وأدلة ابن حزم في تحريم الغناء والرد عليها.. إضافة إلى أدلة تحريم التأمين والرد على مجيزيه).. وهكذا تستمر الجلسات المتواصلة.. والتي ستقود إجاباتها غير المقولبة رئيس المحاكم الذي أثقل كاهله بالقضايا الحقوقية والأحوال الشخصية والجنائية.. تلك التي حالت بينه وبين استذكار ما طرحه المحاضر في مقاعد الدرس الأولى عن هذه المسائل.. ستقوده الإجابات غير الدقيقة إلى قائمة الراسبين..!

يمثّل العمل القضائي أهم أعمال سلطات الدولة الثلاث التي رتبتها المادة (44) من النظام الأساسي للحكم.. وذلك لتعلقه بنظام العدالة.. التي تحرص أي دولة على أن يكون وفق سياسة تنظيمية على مستوى عالٍ من التحديث والتطوير المستمرين.. وعلى الأخص تدريب وتأهيل القضاة.

ومنذ عدة عقود.. والمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.. قد أخذ على عاتقه تأهيل القضاة أكاديمياً.. وحاول خلال مسيرته تقديم مادة أكاديمية جيدة.. لكنها تمثّل في غالبها تكراراً للمادة الأكاديمية المأخوذة من قاعات الدرس في كليات الشريعة.. وما ذاك إلا لأن إدارات الجامعة المتعاقبة كانت أحرص ما تكون على تعاهد المعهد بصبغته الأكاديمية.. غير أن النظام القضائي الجديد الذي صدر مؤخراً أراد للمعهد أن يكون مركزاً للبحوث والدراسات القضائية وتدريب القضاة.. وأن يكون بمنأى عن الأكاديمية البحتة.. ليصطف في أثره الإيجابي مع معهد الإدارة العامة.. الذي كانت الدولة في غاية الذكاء في عدم ربطه بأي من المؤسسات الأكاديمية.. ليقوم بدوره العلمي والتدريبي المستقل.. ولتكريس هذا المفهوم ربط بوزارة الخدمة المدنية.. وهو ما جعل معهد الإدارة يتوج مسيرته بحصوله على جائزة أفضل منشأة تدريبية في الشرق الأوسط.. متفوقاً على نظيراتها المتقدمة في مصر وإسرائيل..!

ثم إن بقاء المعهد العالي للقضاء بوضعه الحالي مرتبطاً بمؤسسة أكاديمية مخالف لأحكام الأمر الملكي رقم (أ / 14) وتاريخ 1426/2/23ه القاضي بالموافقة على الترتيبات التنظيمية لأجهزة القضاء وفض المنازعات بناء على مقترحات اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري.. التي ربطت المعهد العالي للقضاء بوزارة العدل.. من أجل أن يلحق بالأسلوب الناجح لمعهد الإدارة العامة.. ومن جانب آخر ليكون المعهد مركزاً للبحوث والدراسات والتدريب للقضاة بعيداً عن النمط الأكاديمي البحت الذي يمارسه المعهد حالياً.. وليلحق أيضاً كما العديد من المعاهد القضائية العليا خارج المملكة بوزارة العدل.. والتي لا يمكن أن ترد أي من طالبي الاستفادة بعدم قبوله أو حتى إجراء مقابلة له.. بل سيجد الترحاب البالغ لطالبي التدريب من القضاة وفي الغالب الأعم سيتم تقديم الدعوات لهم.. هل سأل المعهد نفسه يوماً إذا لم يقبل القاضي في معهده وهو يريد مواصلة طموحه العلمي فمن يتبنى تأهيله وتدريبه وتجديد مادته العلمية..؟!

إن غالب نصوص اللائحة التنفيذية لنظام القضاء تحيل في تفعيل مواد نظامه على تدريب القضاة في المعهد العالي للقضاء وجميع هذه المواد كانت تستصحب تنفيذ ما قضى به الأمر الملكي الكريم المشار إليه من ربط المعهد العالي للقضاء بوزارة العدل.. وسيبقى تفعيل النظام الذي هو رهان الدولة على نظامها القضائي الجديد.. رهناً بتفعيل أحكام اللائحة التنفيذية وستبقى أحكامها رهناً بتنفيذ الأمر الملكي القاضي بجعل المعهد العالي للقضاء تحت مظلة وزارة العدل.

إن المعهد معهد القضاة وهم أولى به وبإدارته تنفيذاً للأمر الملكي الكريم.. تمشياً مع المنطق السليم وانسجاماً مع الأسلوب المنتهج في جميع المعاهد المتخصصة ذات الأهمية التي تعنى بالدراسات والبحوث والتدريب والتي إن لم تكن تحت مظلة الجهة المعنية بتخصصه.. فلا أقل من استقلالها عن المنظومة الأكاديمية التقليدية التي كثيراً ما تعيش في جوها الخاص.

يكفي أن تدخل لموقع المعهد العالي للقضاء بدولة المغرب والكويت وغيرها من الدول.. لتجد إضافة إلى ارتباطها الأصيل بوزارة العدل.. ورش العمل الدقيقة في القوانين المتخصصة.. كمفردات القانون العقاري بتفصيل رائع.. وكذلك غيره من القوانين.

ولكي لا أغبط المعهد حقه فلقد مرت به لحظات ذهبية كان مستقطباً خلالها لنخبة متميزة من خبراء القوانين العرب.. أمثال الدكتور محمد شتا أبو سعد - رحمه الله - رئيس محكمة الاستئناف المصرية ورئيس محكمة أمن الدولة العليا وخبير قانوني دولي بالأمم المتحدة وعضو المجالس القومية المتخصصة بالرئاسة المصرية - صاحب بحث الحق في الحق - وبعض الطفرات القانونية التي مرت بمسيرة المعهد.. والتي خرّجت حينها كوكبة من القضاة.. ممن جمعوا التأصيل الفقهي جنباً إلى جنب مع التقعيد القانوني الدقيق.

هل قلت طفرة.. أظن ذلك..؟!

المصدر
http://www.alriyadh.com/2008/08/11/article366586.html

ناصر بن زيد بن داود
02-04-2009, 09:42 PM
أجاد الكاتب وأفاد - ولاشك - ولعل الكاتب يشاركني الرأي ؛ لو أنه رأى موضوعاً قديماً كتبته بتاريخ 30/ 11/ 1426هـ ونشرته في مجلة اليمامة وفي صحيفة اليوم ، وهو على هذا الرابط : http://www.cojss.com/article.php?a=11
أخي الكريم :
لو تخرج القضاة في هذا المعهد المقترح لرأيت جيلاً قضائياً أيَّ جيلٍ . والله المستعان

عاطل قضائي
07-04-2009, 01:39 PM
المعهد قوي شديد في القبول ولو قبلك لن تضمن الصمود

وكما قال فضيلة الشيخ المفترض أن يكون خاصا بالقضاة ومرشحي القضاء

أو على الأقل حالياً تكون إدارة المعهد مشتركة بين وزارة العدل وجامعة الامام سواء بسواء

لكن حكمة الله نافذة

الديواني
07-04-2009, 02:06 PM
==


اتق الله


وتذكر الكرام الكاتبين


فكلامك في القبول مردود == , ولعل الموزاي يشهد لما أقول

ابو حسن عسيري
07-04-2009, 02:28 PM
الحقيقة التي يعرفها جميع من تخرج من المعهد العالي للقضاء أن طريقة التدريس التي يقوم بها أعضاء هيئة التدريس فعلا نظرية بحتة ... بل إن بعض أعضاء هيئة التدريس لا يتمكنون في كثير من الأحيان عن الإجابة على أسئلة القضاة لعدم وجود اي خلفية لديهم عن طريقة سير إجراءات العمل في المحاكم ... كما أن المعهد لم ينجح في جذب أساتذة متخصصون في حقل الدراسة التي يوكل إليهم تدريسها ... ولقد درسنا أستاذ فاضل في مادة القضاء الإداري وتخصصه في مجال القانون الدولي العام !!!
لم يكن الأستاذ الدكتور ملماً بمشاكل القضاء الإاري لا في مصر ولا في المملكة فكيف يعهد إليه بتدريس هذه المادة
وأنا أتفق تماماً مع الكاتب في أن الأفضل عدم ربط المعهد بجامعة الإمام ...
إن هذا الربط زاد من القيود المفروضة ( القيود المالية والإدارية والروتين في القبول والتسجيل ) على المعهد ...
جميع الأخوة الذين درسوا في المعهد يجدون فرقاً شاسعاً بين الدراسة على يد دكتور أكاديمي وبين قاضٍ سابق له خبرة في العمل القضائي ...
نعم ليس كل قاض مؤهل للتدريب ولكن هذا شيء طبيعي لأن اتقان التخصص شيء والتدريب شيء آخر ...

الملازم أبو جمانة
12-04-2009, 10:21 PM
وأنا أوافق على ما قال أخي أبو حسن

فعشرات المرات نسأل بعض المشائخ عن المعمول به في المحاكم فيقول: من يبحث ويذهب للمحكمة ليستفسر لنا!!