المحامي/محمدالصيعري
21-05-2009, 10:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
نواصل في هذا الموضوع طرح قضية من القضايا التي تعج بها ساحات المحاكم ، لنستطلع آراء المختصين من قضاة أو محامين حولها ، ونستكشف الاتجاهات القضائية المحتملة للفصل في هذه الدعوى ، ونتبين وجهات النظر المتباينة حول هذه القضية ، تقوية للملكة الفقهية القضائية لدى القراء ، وإسهاما في نشر الثقافة الحقوقية لدى رواد هذا المنتدى ، وترسيخا لمبدأ أن اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية
أولا : وقائع الدعوى :
وقف محامي المدعي أمام ناظر القضية محررا دعواه قائلا في تحريرها
إن موكلي(المدعي) القابع الآن خلف قبضان السجن كانت تربطه بالمدعى عليه هذا الحاضر معي في مجلس القضاء الشرعي علاقة صداقة وزمالة ، وقد كان لعمة المدعى عليه مبلغ مالي في ذمة موكلي عبارة عن قرض حسن ، وقد طالبت موكلي بالسداد ، على إثر ذلك قام موكلي ـ وأمام اثنين من زملائهما في الجامعة ـ بتسليم المدعى عليه الشيك رقم .... المسحوب على بنك .... موقعا بتوقيع موكلي وخاليا من اسم المستفيد ومقدار المبلغ والتاريخ ، وأخبر موكلي المدعى عليه بأنه ينتظر حوالة خارجية آخر الشهر ، فمتى نزلت في حسابه فسيتصل بالمدعى عليه ـ بحكم الثقة التي بينهما ـ ويطلب منه أن يكتب في الشيك الاسم الرباعي لعمته بعد التأكد منه عن طريقها ، ويكتب مقدار المبلغ وتاريخ ذلك اليوم ، فاستلم المدعى عليه الشيك وسافر به إلى مدينه جدة حيث تقيم عمته .
وقدر الله أن تتأخر الحوالة الخارجية وتأخر موكلي في السداد ، وأصبح المدعى عليه ـ على حد زعمه ـ محرجا مع عمته ، وحصلت مشادات كلامية هاتفية بين موكلي وبين المدعى عليه بسبب ذلك .
وبعدها بأسبوع فوجئ موكلي بالمدعى عليه يقيم عليه دعوى لدى لجنة الفصل في منازعات الأوراق التجارية بوزارة التجارة ، وحين حضر الجلسة فوجئ بأن المدعى عليه قد قام بتسجيل اسمه على الشيك بدلا من اسم عمته وكتب في الشيك مبلغا مقداره مليونا ريال سعودي ، وبعد جلستين فقط قررت وزارة التجارة إلزام موكلي بسداد مليوني ريال للمدعى عليه ، وتم إيداع موكلي السجن منذ أربعة أشهر لعدم قدرته على سداد هذا المبلغ .
ثم ختم محامي المدعي مرافعته بالطلبات التالية :
1 ـ أطلب من عدالة المحكمة إطلاق سراح موكلي بالكفالة الحضورية المشددة لحين البت في هذه القضية التي قد تستغرق سنة أو يزيد .
2 ـ أطلب من عدالة المحكمة الحكم بعدم استحقاق المدعى عليه شرعا للمبلغ المرصود في الشيك رقم .... والمسحوب على بنك .....
3 ـ أطلب من عدالة المحكمة إلزام المدعى عليه بتسليم موكلي الشيك محل الدعوى .
ثانيا : إجابة المدعى عليه وأسانيده :
طالب المدعى عليه بعدم سماع دعوى المدعي لعدم الاختصاص الولائي للمحاكم العامة بنظر قضايا الشيكات التجارية ، حيث أن الاختصاص الولائي بنظر هذه القضايا منعقد للجنة الفصل في منازعات الأوراق التجارية في وزارة التجارة بموجب المراسيم الملكية المعتمدة ، وحيث أن قضاة المحاكم العامة لا يملكون صلاحية النظر في قضايا الشيكات ، فهم كذلك لا يملكون صلاحية إطلاق سراح الموقوفين في قضايا الشيكات التجارية .
ثالثا : إجابة المدعي وأسانيده :
استند محامي المدعي في مطالباته المشار إليها آنفا على الآتي :
1 ـ مفهوم المادة 32 من نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي م/21 والتي تتضمن الآتي :
[ من غير إخلال بما يقضي به نظام ديوان المظالم ، تختص المحاكم العامة بالنظر في كافة الدعاوى التي لا تختص بنظرها المحاكم الجزئية ] .، ومعلوم أن ديوان المظالم والمحاكم الجزئية لا تنظر قضايا الشيكات فبالتالي تكون داخلة ضمن ولاية المحاكم العامة بنص المادة السابقة ..
2 ـ أن المحاكم العامة لها الولاية العامة على كافة القضايا فتشمل قضايا الشيكات .،ولم يرد مرسوم ملكي يتضمن النص صراحة على منعها من نظر قضايا الشيكات التجارية ، أو سحب ذلك منها .
3 ـ من القواعد المقررة المعتبرة أن (اختلاف الاعتبارات موجب لاختلاف الأحكام والعبارات) ، وعلى ذلك فلا تعارض بين قرار وزارة التجارة ونظر المحكمة العامة لهذه القضية ، بناء على أن وزارة التجارة تنظر في الشيك من الناحية الشكلية من حيث استيفائه للبيانات الإلزامية التي تجعله ورقة تجارية ملزمة دون الخوض في موضوع هذه الورثة التجارية ، وأما الدعوى المقامة لدى المحكمة العامة فهي دعوى تتعلق بموضوع الشيك لا بشكله وبمدى صحة استحقاق المدعى عليه للمبلغ المرصود في الشيك وهذا من صلب اختصاص المحاكم العامة ، أو بمعنى آخر : عدم اتحاد الجهة أو انفكاكها مسوغ لجواز نظر هذه الدعوى لدى المحكمة العامة .
4 ـ أما من حيث الموضوع فقد استعد المدعي بإحضار الشاهدين اللذين كانا حاضرين معه وقت تسليمه الشيك للمدعى عليه ليشهدا طبق دعواه ، واستعد بتزكيتهما .
رابعا : الحكم :
خرج ناظر القضية وقرأ الحكم قائلا :
فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة فقد حكمت بـــ .................
فبماذا ستحكم لو كنت قاضيا ؟!! .
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
نواصل في هذا الموضوع طرح قضية من القضايا التي تعج بها ساحات المحاكم ، لنستطلع آراء المختصين من قضاة أو محامين حولها ، ونستكشف الاتجاهات القضائية المحتملة للفصل في هذه الدعوى ، ونتبين وجهات النظر المتباينة حول هذه القضية ، تقوية للملكة الفقهية القضائية لدى القراء ، وإسهاما في نشر الثقافة الحقوقية لدى رواد هذا المنتدى ، وترسيخا لمبدأ أن اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية
أولا : وقائع الدعوى :
وقف محامي المدعي أمام ناظر القضية محررا دعواه قائلا في تحريرها
إن موكلي(المدعي) القابع الآن خلف قبضان السجن كانت تربطه بالمدعى عليه هذا الحاضر معي في مجلس القضاء الشرعي علاقة صداقة وزمالة ، وقد كان لعمة المدعى عليه مبلغ مالي في ذمة موكلي عبارة عن قرض حسن ، وقد طالبت موكلي بالسداد ، على إثر ذلك قام موكلي ـ وأمام اثنين من زملائهما في الجامعة ـ بتسليم المدعى عليه الشيك رقم .... المسحوب على بنك .... موقعا بتوقيع موكلي وخاليا من اسم المستفيد ومقدار المبلغ والتاريخ ، وأخبر موكلي المدعى عليه بأنه ينتظر حوالة خارجية آخر الشهر ، فمتى نزلت في حسابه فسيتصل بالمدعى عليه ـ بحكم الثقة التي بينهما ـ ويطلب منه أن يكتب في الشيك الاسم الرباعي لعمته بعد التأكد منه عن طريقها ، ويكتب مقدار المبلغ وتاريخ ذلك اليوم ، فاستلم المدعى عليه الشيك وسافر به إلى مدينه جدة حيث تقيم عمته .
وقدر الله أن تتأخر الحوالة الخارجية وتأخر موكلي في السداد ، وأصبح المدعى عليه ـ على حد زعمه ـ محرجا مع عمته ، وحصلت مشادات كلامية هاتفية بين موكلي وبين المدعى عليه بسبب ذلك .
وبعدها بأسبوع فوجئ موكلي بالمدعى عليه يقيم عليه دعوى لدى لجنة الفصل في منازعات الأوراق التجارية بوزارة التجارة ، وحين حضر الجلسة فوجئ بأن المدعى عليه قد قام بتسجيل اسمه على الشيك بدلا من اسم عمته وكتب في الشيك مبلغا مقداره مليونا ريال سعودي ، وبعد جلستين فقط قررت وزارة التجارة إلزام موكلي بسداد مليوني ريال للمدعى عليه ، وتم إيداع موكلي السجن منذ أربعة أشهر لعدم قدرته على سداد هذا المبلغ .
ثم ختم محامي المدعي مرافعته بالطلبات التالية :
1 ـ أطلب من عدالة المحكمة إطلاق سراح موكلي بالكفالة الحضورية المشددة لحين البت في هذه القضية التي قد تستغرق سنة أو يزيد .
2 ـ أطلب من عدالة المحكمة الحكم بعدم استحقاق المدعى عليه شرعا للمبلغ المرصود في الشيك رقم .... والمسحوب على بنك .....
3 ـ أطلب من عدالة المحكمة إلزام المدعى عليه بتسليم موكلي الشيك محل الدعوى .
ثانيا : إجابة المدعى عليه وأسانيده :
طالب المدعى عليه بعدم سماع دعوى المدعي لعدم الاختصاص الولائي للمحاكم العامة بنظر قضايا الشيكات التجارية ، حيث أن الاختصاص الولائي بنظر هذه القضايا منعقد للجنة الفصل في منازعات الأوراق التجارية في وزارة التجارة بموجب المراسيم الملكية المعتمدة ، وحيث أن قضاة المحاكم العامة لا يملكون صلاحية النظر في قضايا الشيكات ، فهم كذلك لا يملكون صلاحية إطلاق سراح الموقوفين في قضايا الشيكات التجارية .
ثالثا : إجابة المدعي وأسانيده :
استند محامي المدعي في مطالباته المشار إليها آنفا على الآتي :
1 ـ مفهوم المادة 32 من نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي م/21 والتي تتضمن الآتي :
[ من غير إخلال بما يقضي به نظام ديوان المظالم ، تختص المحاكم العامة بالنظر في كافة الدعاوى التي لا تختص بنظرها المحاكم الجزئية ] .، ومعلوم أن ديوان المظالم والمحاكم الجزئية لا تنظر قضايا الشيكات فبالتالي تكون داخلة ضمن ولاية المحاكم العامة بنص المادة السابقة ..
2 ـ أن المحاكم العامة لها الولاية العامة على كافة القضايا فتشمل قضايا الشيكات .،ولم يرد مرسوم ملكي يتضمن النص صراحة على منعها من نظر قضايا الشيكات التجارية ، أو سحب ذلك منها .
3 ـ من القواعد المقررة المعتبرة أن (اختلاف الاعتبارات موجب لاختلاف الأحكام والعبارات) ، وعلى ذلك فلا تعارض بين قرار وزارة التجارة ونظر المحكمة العامة لهذه القضية ، بناء على أن وزارة التجارة تنظر في الشيك من الناحية الشكلية من حيث استيفائه للبيانات الإلزامية التي تجعله ورقة تجارية ملزمة دون الخوض في موضوع هذه الورثة التجارية ، وأما الدعوى المقامة لدى المحكمة العامة فهي دعوى تتعلق بموضوع الشيك لا بشكله وبمدى صحة استحقاق المدعى عليه للمبلغ المرصود في الشيك وهذا من صلب اختصاص المحاكم العامة ، أو بمعنى آخر : عدم اتحاد الجهة أو انفكاكها مسوغ لجواز نظر هذه الدعوى لدى المحكمة العامة .
4 ـ أما من حيث الموضوع فقد استعد المدعي بإحضار الشاهدين اللذين كانا حاضرين معه وقت تسليمه الشيك للمدعى عليه ليشهدا طبق دعواه ، واستعد بتزكيتهما .
رابعا : الحكم :
خرج ناظر القضية وقرأ الحكم قائلا :
فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة فقد حكمت بـــ .................
فبماذا ستحكم لو كنت قاضيا ؟!! .