المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللوائح تكمل النظام ولا تضاده .



ناصر بن زيد بن داود
29-05-2009, 02:50 AM
بعد تشكيل اللجنة التحضيرية لإعداد اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية قامت بإعداد لوائح الأبواب الستة الأولى ، وعرضها معالي الوزير على لجنة خارجية لتدقيقها ، فوصمت اللجنة ذلك العمل بأنه لا يمت للوائح التنفيذية بصلة .
فأمر معالي الوزير بعقد لقاء بين لجنة الإعداد وبين اللجنة المنتقدة - وكنت رئيساً للجنة التحضيرية وقتذاك - التقينا بالأخوين الكريمين ، وبعد استعراضٍ لوجهتي النظر من كلٍ منهما انفض الاجتماع برجوع أحدهما وتأييده لعمل لجنة الإعداد ، ولزم الآخر الصمت بعدما عرضت عليهما تقريراً لم يكونا على علمٍ بمحتواه قبل ذلك الاجتماع .
وهذا نص التقرير الذي أعددته لذلك الاجتماع ، وبناء على نتائجه أعطيت اللجنة الضوء الأخضر لمواصلة السير في العمل على النحو السابق .
نص التقرير :

[ الحمد لله وحده . والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
فبدراسة ما تضمنته كتب التنظيم السياسي والقانوني ـ حول ما تتعرض له اللوائح الإدارية للنظم والقوانين ـ ظهر منها :
أولاً / تنوع الطرق في البحث ، وعدم الاتفاق على طريقة موحدة بهذا الشأن . فلكل مدرسة طريقة تخصها ؛ غير أن اللوائح التنفيذية في المنظور العام تعني :-
"اللوائح التي تتضمن الأحكام التفصيلية أو التكميلية اللازمة لتيسير تنفيذ النظم والقوانين"

ثانياً / أن الغرض من اللوائح أمران :
1/ إبراز الجزئيات والتفصيلات اللازمة لنفاذ أحكام النظام .
2/ استكمال أحكام النظام المقتصر في الغالب على المبادئ العامة .

ولأجل ذلك اقتصرت السلطات التشريعية على وضع القوانين المجملة ، وتركت للسلطات الإدارية إعداد اللوائح التنفيذية لقدرتها على تحديد تفاصيل تلك الأحكام وجزئياتها بحكم طبيعة عملها .

ومن المسلَّم به : أن تشمل هذه اللوائح جميع ما تريده السلطات الإدارية التنفيذية من قطاعاتها وفروعها وأفرادها قدر ما يمكنها تضمينه فيها ؛ توفيراً للوقت ، وتقليلاً للنفقات ، وتيسيراً لمحاسبة المكلفين بالتنفيذ في حال التقصير .

ومن هذا المنطلق جاز في إعداد اللوائح التنفيذية : إضافة أحكام لها علاقة بمواد النظام في مظانها .
وكذا : ذكر قيود وشروط التطبيق لمواد النظام .
وكذا : إدخال ما سكت عنه النظام مما لا تصريح فيه بالمنع .

غير أن الممنوع في اللائحة التنفيذية هو : تعديل نص النظام أو القانون ؛ رعاية للاختصاص والتدرج في الصلاحية ؛ فالقانون أقوى من اللائحة وأعلى توثيقاً منها .

وهذا ما اتجه إليه كثير من أهل القانون ؛ تركيزاً منهم على ضمان تطبيق وتيسير تنفيذ أحكام القانون .

والسائد في الولايات المتحدة الأمريكية هو : إعطاء التنفيذ معنىً واسعاً بحيث لا تقتصر اللائحة التنفيذية على تفصيل المبادئ الواردة في صلب القانون ، بل أجازت للإدارة أن تضمِّن لوائح التنفيذ كل مبدأ توجد نواته في القانون .
بمعنى : أن للائحة أن تضيف إلى القانون أحكاماً جديدة علاقتها ضعيفة مع نصوصه ، ويكفي اتفاقها ـ صراحة ، أو ضمناً ـ مع الغرض المنشود للتطبيق .

ولذلك يكتفي المشرع ـ عندهم ـ عادة بإيراد أمور بالغة التعميم ، ويترك للقائم على التنفيذ مجالاً غاية في الاتساع .

أما القول بتضييق مجال اللائحة التنفيذية : فهو ما سار عليه النظام المصري المستقى من النظام الفرنسي القديم قبل التعديل الأخير عام 1958م ؛ حيث عدل الفرنسيون إلى : الأخذ بالتفسير الواسع لأحكام النظام ، في حين بقي المصريون على الأخذ بالتفسير الضيق لذلك .

من ذلك كله يظهر : أن مشمول اللائحة التنفيذية ليس موضع اتفاق بين رجال القانون ، حتى يقال : أن في مخالفته خروجاً عن المألوف .
ولذلك يمكن لمن يقوم بإعداد لائحةٍ تنفيذيةٍ لنظامٍ ما : أن يحدِّد طريقة إعداد لائحته في مقدمةٍ ؛ يحدد فيها سياسة تلك اللائحة ، والغرض من ذلك .
ولَه في ذلك سندٌ يستند إليه من مدارس القانون في العالم ، ومن علماء هذه المجالات التنظيمية في الدول المتقدمة .

وبالنظر إلى أنظمة الدولة السعودية ـ وفقها الله ـ وجدنا خير مثال يمكن الاستشهاد به على ذلك : نظام الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية . التي وصل إلى حدٍ لم يصل إليه نظام المرافعات الشرعية ؛ ففي المادة ( 28 ) من نظام الخدمة المدنية تم إعداد ( 25 ) فقرة في اللائحة التنفيذية استغرقت ( 6 ) صفحات من كتاب / الأنظمة واللوائح والتعليمات بوزارة العدل . المطبوع عام 1398هـ ، وفي المادة ( 27 ) من الفقرات ( 23 ) وقريب منهما فقرات المادة ( 22 ) .
هذا إضافة إلى أن وزارة العدل لديها كمٌ هائلٌ من التعاميم التي لها صلة بمواد النظام ولا يحسن إغفالها ؛ فهي إما : كاشفة ، أو مقيدة ، أو مضيفة إلى حكم المادة ما له علاقة بها ويلزم إيراده في اللائحة لتيسير إنفاذ النظام .

وفي الغالب : تكون التعاميم مستندة إلى قرارات عليا ؛ من : المقام السامي ، ومن مجلس القضاء الأعلى ، أو من هيئة كبار العلماء ؛ بحسب العلاقة بينها وبين حكم المادة ؛ سواء كان : موضوعياً ، أو إجرائياً .

وبتأمل اللوائح التنفيذية لنظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو نظام المؤسسات الطبية الخاصة ، أو نظام الجمارك ، أو نظام الغرف التجارية والصناعية ، أو نظام المطبوعات : نجد أنها قد سارت في ذات النهج الموسع في كثير من مواد تلك الأنظمة .

الخلاصة
1/ أن اللوائح التنفيذية غير متفقٍ بشأن ما تتضمنه بين أهل الاختصاص .
2/ أن للطريقة المتبعة لفريق التحضير مستند عالمي ترتكز عليه في عملها .
3/ أن لعمل فريق التحضير أمثلةً سابقةً في نظمٍ سعوديةٍ قائمةٍ .
4/ أن الإشكال في تحديد طريقة الإعداد يمكن تلافيه ببيان نوعها في مقدمة اللائحة .
5/ أن خصوصية وزارة العدل وطبيعة عملها تحتم عليها التميُّز بهذا النمط .
6/ أن حاجة المحاكم والقضاة لتطبيق مواد النظام تفرض البسط والإيضاح .
7/ أن نظام المرافعات الشرعية جاء مختصراً من نظامٍ يفوقه خمسة أضعاف ؛ فكان إجماله ظاهراً ، وبيانه لازماً .
والله الموفق ، والهادي إلى سواء السبيل .
(( وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً ))

المراجع :
1/ اللوائح الإدارية . د. سامي جمال الدين . الصفحات / 256،259،263،276 .
2/ النظم السياسية . د. سليمان الطماوي . الصفحة / 519 .
3/ الموسوعة الحديثة . سليمان الشايقي .


رئيس اللجنة التحضيرية

د . ناصر بن زيد بن ناصر بن داود

قاضي المظالم
29-05-2009, 03:04 AM
شيخنا الدكتور ناصر:

مقالك الذي أعددت لمناقشة اللجنة متميز كعادتك ...
ولكني أخالفك في كل ما ذكرت -ولا يضيرك المخالفة- فأنا أميل للقول بأنه لا يجوز للائحة التنفيذية أن تتضمن حكماً زائداً على النظام ... ولو قلنا بجواز ذلك لتدخلت السلطة التنفيذية في أعمال السلطة التنظيمية ... والمقام لا يتسع للتفصيل ...

وفق الله الجميع

ناصر بن زيد بن داود
29-05-2009, 03:11 AM
لا أعد ذلك مخالفة ، بل هو اختيار لمنهج من مناهج فقهاء القانون ، والمدارس في هذا المجال متعددة ، ولا حرج في ترجيح مدرسة بعينها من كلٍ بحسبه . كان الله في عون الجميع

الملازم أبو جمانة
29-05-2009, 03:17 AM
جزاك الله خير يا شيخ ناصر

موضوع قيم جدا.

وأما شيخنا (أبو ابراهيم)

فنتمنى منكم لو توسعتم في ذكر وجهة نظركم؛ لأننا هنا نريد الفائدة.

والله يرعاكم

ننتظر ردكم.

قاضي المظالم
29-05-2009, 03:24 AM
أخي أبو جمانة

لك ذلك قريباً إن شاء الله