قاضي المظالم
10-07-2009, 10:59 PM
إثر مخالفات بالتخلف عن حضور ممثلي الجهات.. رئيس المحكمة الإدارية في منطقة مكة لـ عكاظ :
توجيه سام يلزم الأجهزة الحكومية بحضور جلسات الترافع ضدها
حوار: محمد حضاض (عكاظ)
في فترة الانتظار بين مواطن يطالب بتعجيل قضيته المعلقة بسبب تقاعس المدعى عليه عن الحضور ومحام حضر للسلام مقترحا تطبيق أنظمة جديدة لتسريع القضايا كان رئيس المحكمة الإدارية في منطقة مكة المكرمة الشيخ عبد العزيز النصار يتحدث مع مراجعيه بكل هدوء ويعدهم بتحقيق ما يريدون قريبا، موزعا قلبه وعقله وعينيه ولسانه بين الحضور احتراما وانصاتا وخدمة. ومع خروج آخر الجالسين الباحثين عن إجابة من المسؤول عن جهاز قضاء المظالم ووصول عقارب الساعة إلى نهاية يوم عمل رسمي ودخول دقائق بدء الحوار مع «عكاظ» قرب الشيخ النصار أقداح القهوة العربية وفتح قلبه، مقدما إجابته دون أي تحفظ أو رفض، كاشفا عن جملة من التوجهات والقرارات والإحصاءات، فإلى الحوار:
أغلب المهتمين بالشأن القضائي ينتظرون بدء تطبيق القرارات الجديدة للنظام القضائي الجديد ونقل الدوائر التجارية إلى محاكم متخصصة؟
ديوان المظالم هيئة قضاء إداري، وما ألحق به من اختصاص في القضاء الجزائي والتجاري كان بصفة مؤقتة، وآلية التنفيذ للقرارات الجديدة تقضي بسلخ الدوائر الجزائية والدوائر التجارية التابعة لديوان المظالم بقضاتها ومعاونيهم ووظائفهم إلى المحاكم الجزائية والتجارية (التابعة للقضاء العام)، وكذلك دوائر التدقيق الجزائي والتجاري بقضاتها ومعاونيهم ووظائفهم إلى محاكم الاستئناف، ويعقب ذلك تهيئة مقار المحاكم (التجارية والجزائية والاستئناف)، وتعديل نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية، ومرور فترة انتقالية يحددها المجلس الأعلى للقضاء ـ بعد تعديل النظامين ـ لتباشر بعدها المحاكم التجارية والجزائية ومحاكم الاستئناف اختصاصها، ومن ثم يأتي سلخ الدوائر التجارية والجزائية والتدقيق من الديوان.
بعد ذلك سيبقى ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مكونة من المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف والمحكمة الإدارية العليا.
اختصاص الديوان
وهل في ذلك تحجيم لاختصاصات المحاكم الإدارية في ديوان المظالم؟.
اختصاص المحاكم الإدارية في ديوان المظالم في نظامه الجديد شامل، بحيث يتضمن الفصل في كافة المنازعات التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها، سواء كان سبب المنازعة قرارا أم عقدا أم واقعة، بل أشمل من ذلك لتدخل دعاوى الطعن في القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام وما في حكمها المتصلة بنشاطاتها، وتختص المحاكم الإدارية بالفصل في الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والعسكرية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوي الشخصية المعنوية العامة المستقلة أو ورثتهم والمستحقين عنهم.
وبالنسبة لدعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية التي يقدمها ذوو الشأن، متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص، أو وجود عيب في الشكل، أو عيب في السبب أو مخالفة النظم واللوائح، أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعمال السلطة، بما في ذلك القرارات التأديبية والقرارات التي تصدرها اللجان شبه القضائية والمجالس التأديبية، وكذلك القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام وما في حكمها والمتصلة بنشاطاتها.
ويعد في حكم القرار الإداري رفض جهة الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقا للأنظمة واللوائح ودعاوى التعويض التي قدمها ذوو الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة و الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها والدعاوى التأديبية التي ترفعها الجهة المختصة.
وماذا عن علاقة المحكمة الإدارية بالأحكام الصادرة من محاكم أجنبية؟
يدخل أيضا من ضمن اختصاص المحكمة الإدارية طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية وأحكام المحكمين الأجنبية.
إيقاف القرارات العاجلة
تحدث البعض عن تفاوت الأوامر الصادرة من قبلكم لوقف تنفيذ بعض قرارات الإدارات الحكومية المتعجلة .. كيف تقيمون ذلك؟
الأوامر الوقتية العاجلة التي تصدرها الدوائر القضائية والمشمولة بالنفاذ المعجل ومنها وقف تنفيذ قرار جهة الإدارة محل التظلم حتى يتم الفصل في موضوع الدعوى بحكم نهائي، هي استثناء في الأصل، إذ أن الأصل في قرارات الإدارة النفاذ؛ لأن المفترض فيها الصحة ما لم يثبت العكس؛ ولهذا يجب لإصدار الأوامر الوقتية العاجلة تحقق شرطين، هما: الاستعجال والجدية، ويقصد بالاستعجال أن يترتب على تنفيذ قرار جهة الإدارة أمر يتعذر تداركه لو انتهى القضاء إلى إلغاء القرار.
وأما الجدية فتعني أن يتوافر لدى الدائرة القضائية مبدئيا من الأدلة أو القرائن ما يترجح معه لديها عدم سلامة قرار جهة الإدارة وأنه ظاهريا قد يلغى، وفي كل الأحوال لا يعد صدور مثل هذا الأمر الوقتي حجة للمتظلم في مواجهة ما تنتهي إليه الدائرة القضائية في حكمها النهائي؛ لأنه يعد نظرا مبدئيا قبل تقديم ما لدى أطراف الدعوى بشأنها.
كما أن الأمر الوقتي ـ مع تنفيذه المعجل ـ يجوز الطعن عليه أمام محكمة الدرجة الثانية بالطرق التي يطعن أمامها على الأحكام، وديوان المظالم يمثل قضاء إداريا يطبق ما يقتضيه الشرع والنظام، ولا يملك المواءمة فيما ينظر فيه من قضايا إذا كانت في مواجهة نص. ولكن هذا لا يعني أن كل تعليمات تصدرها جهة الإدارة تعد من النظام، بل النظام الذي تشمله المشروعية التي يستند إليها الديوان في أحكامه هو النظام الذي يصدره ولي الأمر (السلطة التنظيمية)، وما يصدر عن السلطة التنفيذية من لوائح في حدود ما خول لها إصداره من ولي الأمر، أما ما عدا ذلك فلا يدخل في المشروعية التي تبنى عليها أحكام الديوان.
نزاع الشركات
للقضاء التجاري أهمية قصوى على مسار الاقتصاد الوطني، ولكن ألا تعتقد بوجود تضارب صلاحية بينكم وبين المحاكم التجارية الأخرى ؟
اختصاص ديوان المظالم في القضاء التجاري ليس اختصاصا عاما بل هو محدد بما أنيط به من ولاية، ويختص بنظر المنازعات المشمولة بنظام الشركات بغض النظر عن نشاط الشركة، ويشمل الشركات الواردة في النظام وكذلك ما ورد في كتب الفقه الإسلامي من الشركات المعروفة، ومنها شركات المضاربة مثلا .
وأما المنازعات التجارية التي يختص ديوان المظالم بالفصل فيها بهيئة قضاء تجاري فقد بين نظام المحكمة التجارية اختصاصات وصلاحيات القضاء التجاري، وهي ما يحدث بين التجار ومن لهم بهم علاقة تجارية، من مشاكل ومنازعات متولدة من أمور تجارية محضة .
ثم صدر قرار مجلس الوزراء الذي نص على تولي ديوان المظالم النظر في القضايا الناشئة عن الأعمال التجارية بالتبعية.
ولكن بعض المحامين يشتكون من عدم وضوح الاختصاص في القضايا والتداخل بينكم وبين المحاكم العامة؟
الاختصاص واضح والقضايا التي لاتتوافر فيها الشروط الواردة في النظام لا تعد من المنازعات التجارية التي يختص ديوان المظالم بالفصل فيها، ويمكن تلخيص الشروط التي ينبغي توافرها في المنازعة التجارية لتكون من اختصاص الديوان: أن يكون طرفا المنازعة تاجرين أو تجارا، وأن يكون محل المنازعة عملا تجاريا محضا أو بالتبعية، فيخرج بذلك ما لا يكون عملا تجاريا كمهن: فتح المستشفيات، المستوصفات، والمحاماة مثلا، ويشترط كذلك أن لا يكون النظام نص على استثنائه؛ فقد نص في المادة الثالثة على أن دعاوى العقارات وإيجاراتها لا تعد من الأعمال التجارية، ومن ثم تنحسر ولاية الديوان عن النظر في المنازعات الناشئة عنها.
وماذا عن القضايا الخارجة عن اختصاص المحكمة؟
لا يوجد فراغ في الاختصاص القضائي فما لا يختص بالفصل فيه ديوان المظالم فالاختصاص يكون باقيا في المحاكم العامة؛ لأنها المختصة أصلا بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما يستثنى بنظام.
التنازع القضائي
ولكنكم ترفضون النظر في بعض القضايا التجارية غير واضحة الاختصاص؟
المحكمة الإدارية لا ترفض تسجيل أية دعوى ترفع أمامها ولو كانت مما لا تختص محاكم الديوان بالنظر فيها؛ لأن من حق المتقدم أن يحصل على حكم بعدم الاختصاص، ولكن إذا كان موضوع الدعوى مما استقرت أحكام هيئة تدقيق القضايا (محكمة الاستئناف حاليا) في الديوان على عدم اختصاص ديوان المظالم ولائيا بنظرها فإنه يبين للمتقدم ذلك، وإذا رغب قيدها قضية قيدت قضية وأحيلت إلى إحدى الدوائر، والقضايا التي تقرر فيها الدائرة القضائية عدم الاختصاص تصدر الحكم فيها بحضور المدعي أو وكيله فقط دون طلب حضور المدعى عليه، إلا إذا رأت الدائرة أن تحقيق الاختصاص لا ينجلي إلا بحضور المدعى عليه أو وكيله، ويكون للمدعي طلب تدقيق الحكم (الاعتراض عليه) خلال المدة النظامية.
ولكن أحيانا يصدر حكمان بعدم الاختصاص من المحاكم العامة والدوائر التجارية التابعة لكم؟
في حال صدور حكمين من جهتين قضائيتين مثل ديوان المظالم والمحاكم العامة مثلا بعدم الاختصاص، أي: إذا تخلت الجهتان القضائيتان عن نظر الدعوى، وهو ما يسمى بالتنازع القضائي السلبي، وكذلك إذا رفعت دعوى أمام جهتين قضائيتين ولم تتخل إحداهما عن نظرها، وهو ما يسمى بالتنازع القضائي الإيجابي فتنظر في هذا النزاع لجنة الفصل في تنازع الاختصاص في المجلس الأعلى للقضاء أو مجلس القضاء الإداري بحسب حالة القضية، وتصدر اللجنة قرارها ـ بتحديد الجهة المختصة ـ بالأغلبية ويكون غير قابل للاعتراض.
وماذا عن الحديث عن التداخل بين دوائر ديوان المظالم الجزائية والمحاكم الجزئية التابعة لوزارة العدل؟
اختصاصات ديوان المظالم في القضاء الجزائي في النظام السابق وتشمل جرائم التزوير المنصوص عليها نظاما، والجرائم المنصوص عليها في نظام مكافحة الرشوة، والجرائم المنصوص عليها في المرسوم الملكي رقم 43 وتاريخ 29/11/1377هـ، والجرائم المنصوص عليها في نظام مباشرة الأموال العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم 77 وتاريخ 23/10/1395هـ، وكذلك الدعاوى الجزائية الموجهة ضد المتهمين بارتكاب الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في الأنظمة إذا صدر أمر من رئيس مجلس الوزراء إلى الديوان بنظرها، والدعاوى التي من اختصاص الديوان بموجب نصوص نظامية خاصة، كنظام الأسلحة والذخائر، نظام العلامات التجارية، نظام انتحال صفة رجل السلطة العامة، ونظام البريد، وليس هنالك تداخل بين اختصاص ديوان المظالم في القضاء الجزائي واختصاص المحاكم الجزئية.
فاختصاص الديوان جاء محددا بما نصت عليه الأنظمة وما يحيله إليه مجلس الوزراء من مواضيع وقضايا للنظر فيها، وما عدا ذلك فهو باق في اختصاص المحاكم العامة.
تقسيم القضايا
ولكن هنالك تقسيم للقضية الواحدة بينكم وبين المحكمة الجزئية؟
ما يحدث من تقسيم للقضية الواحدة أحيانا بسبب أن الشخص الواحد أو أكثر إذا اتهم بعدة جرائم فإن جهة الادعاء ترفع الدعوى في كل تهمة إلى الجهة القضائية المختصة بنظرها (المحكمة الجزئية أو ديوان المظالم أو غيرهما)، فتقوم بفصل ما يتعلق بكل تهمة أو إعداد نسخة أخرى من مستندات الدعوى لأجل رفع الدعوى أمام الجهة القضائية المختصة، وهذا إذا لم يكن بين الجرائم المرتكبة ارتباط، أما إذا كان ارتكاب عدة جرائم تم ضمن مشروع إجرامي واحد لتحقيق هدف واحد فإنه في الغالب لا يتم فصل التهم، وإذا تم فصلها ورفعت الدعوى أمام الديوان في جريمة سبق نظرها ضمن مشروع إجرامي أمام المحكمة العامة أو الجزئية فإن الديوان يفصل في الإدانة من عدمها بالجريمة المعروضة عليه (مما يختص بنظره)، ويكتفي في حال الإدانة بالعقوبة الصادرة من المحكمة العامة أو الجزئية وفقا لمبدأ تداخل العقوبات المقرر في الفقه الإسلامي.
محامو الجهات الحكومية
بالعودة إلى قياس العمل في المحكمة الإدارية في منطقة مكة المكرمة .. كيف ترون سرعة إنجاز القضايا؟
المحكمة من أقدم محاكم ديوان المظالم وتخدم منطقة واسعة وتنظر عددا كبيرا من القضايا، وقد افتتحت كفرع للديوان منذ إنشائه عام 1374هـ، واستمرت زيادة عدد القضايا المرفوعة أمامها، وبلغ عدد القضايا التي قدمت إلى المحكمة خلال العام الماضي 1429هـ 8259 قضية، وعدد القضايا التي فصلت فيها المحكمة خلال نفس العام 7522 قضية.
ولكن هنالك شكاوى من تباعد الجلسات بشكل كبير؟
تباعد الجلسات في بعض القضايا يعود لكثرة القضايا المنظورة في المحكمة والتي تشمل الوارد إليها والمدور من أعوام سابقة مقارنة بعدد الدوائر القضائية فيها، ولكن الديوان يسعى لمعالجة ذلك إذ جرى تعيين أعداد كبيرة من القضاة في الديوان لدعم المحاكم القائمة ومنها هذه المحكمة.
وهل ترى بأن عدد القضاة الحالي كاف لتسريع القضايا؟
هنالك 67 قاضيا يباشرون القضاء في 26 دائرة قضائية، منها: سبع دوائر جزائية، عشر دوائر تجارية، ثماني دوائر إدارية، ودائرة تأديبية واحدة، وهذا العدد من القضاة يعني بأن 318 قضية تنظرها كل دائرة تقريبا، ولكن الديوان مستمر في تعيين القضاة وتوفير وظائف معاوني القضاة والموظفين في المحاكم قريبا.
وماذا عن تأخر قضايا نزلاء السجون والذين يحتاجون إلى البت فيها سريعا؟
المحكمة بكامل منسوبيها تولي اهتماما بمختلف القضايا ومنها قضايا النزلاء، والقضاة فيها ومعاونوهم يبذلون جهدا مضاعفا، وفي مقدمة ما يبذل ما يتعلق بقضايا السجناء ونحرص على الفصل فيها أولا بأول.
وهل اقترحتم حلولا لوضع حد لهذه المشكلة؟
قبل أن أجيب على سؤالك أريد أن أكمل أسباب تأخر القضايا والتي لا تتمحور في قلة عدد القضاة في المحكمة أو قلة معاونيهم فقط، ولكن هناك أسباب أخرى للتأخر ففي القضايا الإدارية مثلا من الأسباب: عدم حضور ممثلي بعض الجهات الحكومية بعض الجلسات من جانب، وتأخر تقديم الإجابات المطلوبة على الدعاوى من جانب آخر.
وكيف تتعاملون مع تأخر الحضور خصوصا من الجهات الحكومية؟
صدرت توجيهات واضحة من خادم الحرمين الشريفين تؤكد على الجهات الحكومية بالالتزام بالحضور وتقديم الإجابات المطلوبة لئلا يتأخر البت في القضايا، وهذا سيساهم كثيرا في تعجيل البت في القضايا، وهنالك تأخير أيضا في القضايا التجارية بسبب تأخر المدعى عليهم عن حضور الجلسات وعدم دقة عناوينهم لتتمكن الشرطة من إبلاغهم أو إحضارهم عبر سجلاتهم المدنية.
وكيف تتعاملون أيضا مع هذه النوعية من المتأخرين؟
نطبق عليهم التعليمات الصادرة من وزارة الداخلية وإمارة منطقة مكة المكرمة بوضع المماطل عن الحضور على قائمة الإشعار بالمراجعة، فإن لم يراجع خلال مدة محددة يوضع على قائمة القبض، وهذه التعليمات ساعدت كثيرا في سرعة الفصل في القضايا، ولعل من أسباب التأخر حاجة بعض القضايا إلى الخبرة الهندسية أو المحاسبية، والمحكمة تسعى لمعالجة ما يكون من عوائق بكافة السبل الممكنة.
قضايا التفليسة
الدوائر التجارية تنظر الكثير من قضايا التفليسات المتعثرة والتي تستمر لفترات زمنية طويلة .. هل من حلول؟
القضايا المتعثرة هي قضايا الإفلاس الاحتيالي لأن المفلس المحتال يخفي دفاتره وأمواله، ودور أمين تفليسة المفلس الاحتيالي منحصر في تتبع أملاكه للسيطرة عليها وتوزيعها قسمة غرماء على الدائنين، وغالبا ما تتوقف أعمال التفليسة بسبب ذلك المحتال، وبالنظر في نصوص نظام المحكمة التجارية يتضح أن المفلس الاحتيالي لا يعد مفلسا إلا لتوزيع ما أمكن الحصول عليه من موجوداته على غرمائه؛ لأنه في الحقيقة محتال، والمحتال هو من استعمل ضروب الحيل والدسائس في بيان رأسماله، أو قيد في دفاتره ديونا عليه باسم آخر وبصورة كاذبة، أو حرر بها سندات، أو نقل ملكية أمواله أو عقاره لغيره، أو أخفى شيئا من أمواله، أو اشتغل في التجارة بطريق التمويه والاحتيال، فمن أضاع حقوق الناس بتلك الصور ونحوها يكون محتالا.
والمفلس الاحتيالي لا يعاد له اعتباره بعد أن أخفى شيئا من أمواله أو امتنع عن تقديم حساباته أو مستنداته إلا بعد أن يؤدي واجباته.
ولهذا فالمفلس الاحتيالي هو سبب تأخر قضايا الإفلاس في الدوائر القضائية، وهو السبب في عدم إيصال الحقوق إلى غرمائه، وكثير من قضايا الإفلاس الاحتيالي انتهت بقرارات قضائية تضمنت توقفها بسبب عدم وجود الأموال، وما يتم تحصيله من أموال المفلس توزع بين الدائنين قسمة غرماء.
وهل تنتهي القضية بإشهار إفلاس التاجر؟
الحكم بإشهار إفلاس التاجر لا يعني نهاية القضية بل هو بدايتها؛ إذ يجري أمين التفليسة تحصيل ما لديه من أموال وبيع ما يملكه من عقار ونحوه ورفع الدعاوى لتحصيل أمواله لدى الغير، والدوائر القضائية تبذل ما في وسعها في سبيل حصر أملاك المفلس ومتابعة أمين التفليسة لإعادة حقوق الدائنين، ومثل ذلك يقال في تصفية الشركات، فالحكم بتصفيتها وإن كان يحقق مركزا نظاميا ينتزعها من أيدي الشركاء ويجعلها تحت يد المصفي إلا أن أعمال التصفية بتحويل موجودات الشركة إلى نقود وتحصيل مالها لدى الغير وسداد ما عليها لأصحاب الحقوق يأخذ وقتا مع ما يعترضه من رفع دعاوى فيما يستدعي، وهذا ما يجعل قضايا الإفلاس والتصفية تأخذ وقتا ليس بالقصير. والإجراءات اللاحقة للحكم بالإفلاس أو التصفية تتم تحت إشراف القضاء.
وهل من محاكم جديدة ستنشأ في مناطق المملكة توافقا مع المشروع التطويري؟
صدرت قرارات بتحويل فروع الديوان القائمة إلى محاكم إدارية، وإنشاء محاكم إدارية في مناطق المملكة التي لا يوجد فيها فروع للديوان، فأصبحت المحاكم الإدارية موجودة في جميع مناطق المملكة. كما صدرت قرارات رئيس الديوان بتحويل هيئة التدقيق في الرياض إلى محكمة استئناف، وإنشاء محاكم استئناف في كل من منطقة مكة المكرمة، المنطقة الشرقية، ومنطقة عسير، وجار استئجار مقار لهذه المحاكم تمهيدا لعملها، ومن ثم سيؤدي ذلك إلى سرعة الفصل في القضايا ريثما تدشن مبان دائمة لها.
هل هناك من خطة لدخول ديوان المظالم إلى الحكومة الإلكترونية؟
الديوان أعد مشروعا تطويريا لهندسة الإجراءات في المحاكم لتحويلها إلى إجراءات حاسوبية، وانتهى هذا المشروع كبيانات ورقية وتم تطبيقها في المحاكم ومنها هذه المحكمة، واتفق مع إحدى الشركات المتخصصة في هذا الميدان لتحويل أعمال الإجراءات في المحاكم من ورقية إلى حاسوبية وسيتم ذلك قريبا؛ لتتواءم أعماله مع القضاء الإلكتروني، ولا يعني هذا أن الديوان لايستخدم الحاسب في أعماله، فالحاسب ـ منذ سنوات ـ مستخدم في كل شؤونه، ومنها قيد القضايا وتسجيلها في دورتها كاملة من ورودها حتى صدورها، بل إن ضبط جلسات القضايا يتم بواسطة الحاسب الآلي.
والديوان مرتبط بمحاكمه بشبكة حاسوبية، ولكل قاض وموظف في الديوان ومحاكمه بريد إلكتروني خاص تتم المراسلة من خلاله، وهو مهيأ لبعث الأحكام والتعاميم وغيرها بين محاكم الديوان ودوائره من خلاله، وقد تم وضع موقع على هذه الشبكة تضمن الأنظمة واللوائح والتعليمات والأحكام القضائية والمبادئ المنشورة لتكون في متناول القضاة والباحثين في الديوان ويتم تحديثها تباعا.
وماذا عن تطوير أفراد المحكمة الإدارية من قضاة ومعاونين؟
يبتعث الديوان القضاة والمعاونين والموظفين للمشاركة في مؤتمرات ودورات وندوات داخلية، منها: ما يعقد في محاكم الديوان ويجلب لها الخبراء من الداخل والخارج، ومنها ما يعقد في المعهد العالي للقضاء ومعهد الإدارة وغيرهما، وخارجية في دول عربية كمصر، تونس، المغرب، الإمارات، عمان، والأردن، وأجنبية كفرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، ماليزيا، سنغافورة، وتركيا للإفادة من خبرات الآخرين والوقوف على آخر المستجدات. كما يعقد الديوان لقاءات دورية بين قضاة هيئة التدقيق ومحكمة الاستئناف وقضاة دوائر الدرجة الأولى من التقاضي؛ لمناقشة ما يكون من اختلاف في وجهات النظر وعلاجه؛ ولنقل خبرة هيئة التدقيق إلى القضاة الآخرين في محاكم الديوان، فضلا عما يعقد من دورات تدريب متخصصة للقضاة المستجدين وما يعقد من دورات للحاسب الآلي في المحاكم للقضاة وكذا للمعاونين والموظفين.
تبليغ الملك
تعاني بعض الأحكام من عدم تنفيذها في بعض الجهات الحكومية ولدى الأفراد .. فما هي الآلية المتبعة للتنفيذ وكيف يتم التصرف في حال الامتناع؟
لا أعلم أن هنالك جهة إدارية امتنعت عن تنفيذ الأحكام النهائية، ولكن الأحكام الإدارية تبلغها محاكم الديوان إلى الجهات الإدارية، وتقوم جهة الإدارة بالتنفيذ، وفي حال امتناعها يرفع صاحب الشأن الأمر إلى مرجع جهة الإدارة وهو خادم الحرمين الشريفين بصفته رئيس مجلس الوزراء.
أما الأحكام التجارية فيتم تنفيذها بمراجعة صاحب الشأن المحكوم له للجهات التنفيذية المتمثلة في الشرطة، وبإمكان صاحب الشأن مراجعة قاضي التنفيذ في المحكمة العامة للأمر بالتنفيذ واتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ.
وأنتم ألا تتابعون تنفيذ الأحكام الصادرة من قبلكم؟
حسب النظام محاكم الديوان لا تختص بمتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة.
توجيه سام يلزم الأجهزة الحكومية بحضور جلسات الترافع ضدها
حوار: محمد حضاض (عكاظ)
في فترة الانتظار بين مواطن يطالب بتعجيل قضيته المعلقة بسبب تقاعس المدعى عليه عن الحضور ومحام حضر للسلام مقترحا تطبيق أنظمة جديدة لتسريع القضايا كان رئيس المحكمة الإدارية في منطقة مكة المكرمة الشيخ عبد العزيز النصار يتحدث مع مراجعيه بكل هدوء ويعدهم بتحقيق ما يريدون قريبا، موزعا قلبه وعقله وعينيه ولسانه بين الحضور احتراما وانصاتا وخدمة. ومع خروج آخر الجالسين الباحثين عن إجابة من المسؤول عن جهاز قضاء المظالم ووصول عقارب الساعة إلى نهاية يوم عمل رسمي ودخول دقائق بدء الحوار مع «عكاظ» قرب الشيخ النصار أقداح القهوة العربية وفتح قلبه، مقدما إجابته دون أي تحفظ أو رفض، كاشفا عن جملة من التوجهات والقرارات والإحصاءات، فإلى الحوار:
أغلب المهتمين بالشأن القضائي ينتظرون بدء تطبيق القرارات الجديدة للنظام القضائي الجديد ونقل الدوائر التجارية إلى محاكم متخصصة؟
ديوان المظالم هيئة قضاء إداري، وما ألحق به من اختصاص في القضاء الجزائي والتجاري كان بصفة مؤقتة، وآلية التنفيذ للقرارات الجديدة تقضي بسلخ الدوائر الجزائية والدوائر التجارية التابعة لديوان المظالم بقضاتها ومعاونيهم ووظائفهم إلى المحاكم الجزائية والتجارية (التابعة للقضاء العام)، وكذلك دوائر التدقيق الجزائي والتجاري بقضاتها ومعاونيهم ووظائفهم إلى محاكم الاستئناف، ويعقب ذلك تهيئة مقار المحاكم (التجارية والجزائية والاستئناف)، وتعديل نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية، ومرور فترة انتقالية يحددها المجلس الأعلى للقضاء ـ بعد تعديل النظامين ـ لتباشر بعدها المحاكم التجارية والجزائية ومحاكم الاستئناف اختصاصها، ومن ثم يأتي سلخ الدوائر التجارية والجزائية والتدقيق من الديوان.
بعد ذلك سيبقى ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مكونة من المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف والمحكمة الإدارية العليا.
اختصاص الديوان
وهل في ذلك تحجيم لاختصاصات المحاكم الإدارية في ديوان المظالم؟.
اختصاص المحاكم الإدارية في ديوان المظالم في نظامه الجديد شامل، بحيث يتضمن الفصل في كافة المنازعات التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها، سواء كان سبب المنازعة قرارا أم عقدا أم واقعة، بل أشمل من ذلك لتدخل دعاوى الطعن في القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام وما في حكمها المتصلة بنشاطاتها، وتختص المحاكم الإدارية بالفصل في الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والعسكرية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوي الشخصية المعنوية العامة المستقلة أو ورثتهم والمستحقين عنهم.
وبالنسبة لدعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية التي يقدمها ذوو الشأن، متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص، أو وجود عيب في الشكل، أو عيب في السبب أو مخالفة النظم واللوائح، أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعمال السلطة، بما في ذلك القرارات التأديبية والقرارات التي تصدرها اللجان شبه القضائية والمجالس التأديبية، وكذلك القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام وما في حكمها والمتصلة بنشاطاتها.
ويعد في حكم القرار الإداري رفض جهة الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقا للأنظمة واللوائح ودعاوى التعويض التي قدمها ذوو الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة و الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها والدعاوى التأديبية التي ترفعها الجهة المختصة.
وماذا عن علاقة المحكمة الإدارية بالأحكام الصادرة من محاكم أجنبية؟
يدخل أيضا من ضمن اختصاص المحكمة الإدارية طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية وأحكام المحكمين الأجنبية.
إيقاف القرارات العاجلة
تحدث البعض عن تفاوت الأوامر الصادرة من قبلكم لوقف تنفيذ بعض قرارات الإدارات الحكومية المتعجلة .. كيف تقيمون ذلك؟
الأوامر الوقتية العاجلة التي تصدرها الدوائر القضائية والمشمولة بالنفاذ المعجل ومنها وقف تنفيذ قرار جهة الإدارة محل التظلم حتى يتم الفصل في موضوع الدعوى بحكم نهائي، هي استثناء في الأصل، إذ أن الأصل في قرارات الإدارة النفاذ؛ لأن المفترض فيها الصحة ما لم يثبت العكس؛ ولهذا يجب لإصدار الأوامر الوقتية العاجلة تحقق شرطين، هما: الاستعجال والجدية، ويقصد بالاستعجال أن يترتب على تنفيذ قرار جهة الإدارة أمر يتعذر تداركه لو انتهى القضاء إلى إلغاء القرار.
وأما الجدية فتعني أن يتوافر لدى الدائرة القضائية مبدئيا من الأدلة أو القرائن ما يترجح معه لديها عدم سلامة قرار جهة الإدارة وأنه ظاهريا قد يلغى، وفي كل الأحوال لا يعد صدور مثل هذا الأمر الوقتي حجة للمتظلم في مواجهة ما تنتهي إليه الدائرة القضائية في حكمها النهائي؛ لأنه يعد نظرا مبدئيا قبل تقديم ما لدى أطراف الدعوى بشأنها.
كما أن الأمر الوقتي ـ مع تنفيذه المعجل ـ يجوز الطعن عليه أمام محكمة الدرجة الثانية بالطرق التي يطعن أمامها على الأحكام، وديوان المظالم يمثل قضاء إداريا يطبق ما يقتضيه الشرع والنظام، ولا يملك المواءمة فيما ينظر فيه من قضايا إذا كانت في مواجهة نص. ولكن هذا لا يعني أن كل تعليمات تصدرها جهة الإدارة تعد من النظام، بل النظام الذي تشمله المشروعية التي يستند إليها الديوان في أحكامه هو النظام الذي يصدره ولي الأمر (السلطة التنظيمية)، وما يصدر عن السلطة التنفيذية من لوائح في حدود ما خول لها إصداره من ولي الأمر، أما ما عدا ذلك فلا يدخل في المشروعية التي تبنى عليها أحكام الديوان.
نزاع الشركات
للقضاء التجاري أهمية قصوى على مسار الاقتصاد الوطني، ولكن ألا تعتقد بوجود تضارب صلاحية بينكم وبين المحاكم التجارية الأخرى ؟
اختصاص ديوان المظالم في القضاء التجاري ليس اختصاصا عاما بل هو محدد بما أنيط به من ولاية، ويختص بنظر المنازعات المشمولة بنظام الشركات بغض النظر عن نشاط الشركة، ويشمل الشركات الواردة في النظام وكذلك ما ورد في كتب الفقه الإسلامي من الشركات المعروفة، ومنها شركات المضاربة مثلا .
وأما المنازعات التجارية التي يختص ديوان المظالم بالفصل فيها بهيئة قضاء تجاري فقد بين نظام المحكمة التجارية اختصاصات وصلاحيات القضاء التجاري، وهي ما يحدث بين التجار ومن لهم بهم علاقة تجارية، من مشاكل ومنازعات متولدة من أمور تجارية محضة .
ثم صدر قرار مجلس الوزراء الذي نص على تولي ديوان المظالم النظر في القضايا الناشئة عن الأعمال التجارية بالتبعية.
ولكن بعض المحامين يشتكون من عدم وضوح الاختصاص في القضايا والتداخل بينكم وبين المحاكم العامة؟
الاختصاص واضح والقضايا التي لاتتوافر فيها الشروط الواردة في النظام لا تعد من المنازعات التجارية التي يختص ديوان المظالم بالفصل فيها، ويمكن تلخيص الشروط التي ينبغي توافرها في المنازعة التجارية لتكون من اختصاص الديوان: أن يكون طرفا المنازعة تاجرين أو تجارا، وأن يكون محل المنازعة عملا تجاريا محضا أو بالتبعية، فيخرج بذلك ما لا يكون عملا تجاريا كمهن: فتح المستشفيات، المستوصفات، والمحاماة مثلا، ويشترط كذلك أن لا يكون النظام نص على استثنائه؛ فقد نص في المادة الثالثة على أن دعاوى العقارات وإيجاراتها لا تعد من الأعمال التجارية، ومن ثم تنحسر ولاية الديوان عن النظر في المنازعات الناشئة عنها.
وماذا عن القضايا الخارجة عن اختصاص المحكمة؟
لا يوجد فراغ في الاختصاص القضائي فما لا يختص بالفصل فيه ديوان المظالم فالاختصاص يكون باقيا في المحاكم العامة؛ لأنها المختصة أصلا بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما يستثنى بنظام.
التنازع القضائي
ولكنكم ترفضون النظر في بعض القضايا التجارية غير واضحة الاختصاص؟
المحكمة الإدارية لا ترفض تسجيل أية دعوى ترفع أمامها ولو كانت مما لا تختص محاكم الديوان بالنظر فيها؛ لأن من حق المتقدم أن يحصل على حكم بعدم الاختصاص، ولكن إذا كان موضوع الدعوى مما استقرت أحكام هيئة تدقيق القضايا (محكمة الاستئناف حاليا) في الديوان على عدم اختصاص ديوان المظالم ولائيا بنظرها فإنه يبين للمتقدم ذلك، وإذا رغب قيدها قضية قيدت قضية وأحيلت إلى إحدى الدوائر، والقضايا التي تقرر فيها الدائرة القضائية عدم الاختصاص تصدر الحكم فيها بحضور المدعي أو وكيله فقط دون طلب حضور المدعى عليه، إلا إذا رأت الدائرة أن تحقيق الاختصاص لا ينجلي إلا بحضور المدعى عليه أو وكيله، ويكون للمدعي طلب تدقيق الحكم (الاعتراض عليه) خلال المدة النظامية.
ولكن أحيانا يصدر حكمان بعدم الاختصاص من المحاكم العامة والدوائر التجارية التابعة لكم؟
في حال صدور حكمين من جهتين قضائيتين مثل ديوان المظالم والمحاكم العامة مثلا بعدم الاختصاص، أي: إذا تخلت الجهتان القضائيتان عن نظر الدعوى، وهو ما يسمى بالتنازع القضائي السلبي، وكذلك إذا رفعت دعوى أمام جهتين قضائيتين ولم تتخل إحداهما عن نظرها، وهو ما يسمى بالتنازع القضائي الإيجابي فتنظر في هذا النزاع لجنة الفصل في تنازع الاختصاص في المجلس الأعلى للقضاء أو مجلس القضاء الإداري بحسب حالة القضية، وتصدر اللجنة قرارها ـ بتحديد الجهة المختصة ـ بالأغلبية ويكون غير قابل للاعتراض.
وماذا عن الحديث عن التداخل بين دوائر ديوان المظالم الجزائية والمحاكم الجزئية التابعة لوزارة العدل؟
اختصاصات ديوان المظالم في القضاء الجزائي في النظام السابق وتشمل جرائم التزوير المنصوص عليها نظاما، والجرائم المنصوص عليها في نظام مكافحة الرشوة، والجرائم المنصوص عليها في المرسوم الملكي رقم 43 وتاريخ 29/11/1377هـ، والجرائم المنصوص عليها في نظام مباشرة الأموال العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم 77 وتاريخ 23/10/1395هـ، وكذلك الدعاوى الجزائية الموجهة ضد المتهمين بارتكاب الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في الأنظمة إذا صدر أمر من رئيس مجلس الوزراء إلى الديوان بنظرها، والدعاوى التي من اختصاص الديوان بموجب نصوص نظامية خاصة، كنظام الأسلحة والذخائر، نظام العلامات التجارية، نظام انتحال صفة رجل السلطة العامة، ونظام البريد، وليس هنالك تداخل بين اختصاص ديوان المظالم في القضاء الجزائي واختصاص المحاكم الجزئية.
فاختصاص الديوان جاء محددا بما نصت عليه الأنظمة وما يحيله إليه مجلس الوزراء من مواضيع وقضايا للنظر فيها، وما عدا ذلك فهو باق في اختصاص المحاكم العامة.
تقسيم القضايا
ولكن هنالك تقسيم للقضية الواحدة بينكم وبين المحكمة الجزئية؟
ما يحدث من تقسيم للقضية الواحدة أحيانا بسبب أن الشخص الواحد أو أكثر إذا اتهم بعدة جرائم فإن جهة الادعاء ترفع الدعوى في كل تهمة إلى الجهة القضائية المختصة بنظرها (المحكمة الجزئية أو ديوان المظالم أو غيرهما)، فتقوم بفصل ما يتعلق بكل تهمة أو إعداد نسخة أخرى من مستندات الدعوى لأجل رفع الدعوى أمام الجهة القضائية المختصة، وهذا إذا لم يكن بين الجرائم المرتكبة ارتباط، أما إذا كان ارتكاب عدة جرائم تم ضمن مشروع إجرامي واحد لتحقيق هدف واحد فإنه في الغالب لا يتم فصل التهم، وإذا تم فصلها ورفعت الدعوى أمام الديوان في جريمة سبق نظرها ضمن مشروع إجرامي أمام المحكمة العامة أو الجزئية فإن الديوان يفصل في الإدانة من عدمها بالجريمة المعروضة عليه (مما يختص بنظره)، ويكتفي في حال الإدانة بالعقوبة الصادرة من المحكمة العامة أو الجزئية وفقا لمبدأ تداخل العقوبات المقرر في الفقه الإسلامي.
محامو الجهات الحكومية
بالعودة إلى قياس العمل في المحكمة الإدارية في منطقة مكة المكرمة .. كيف ترون سرعة إنجاز القضايا؟
المحكمة من أقدم محاكم ديوان المظالم وتخدم منطقة واسعة وتنظر عددا كبيرا من القضايا، وقد افتتحت كفرع للديوان منذ إنشائه عام 1374هـ، واستمرت زيادة عدد القضايا المرفوعة أمامها، وبلغ عدد القضايا التي قدمت إلى المحكمة خلال العام الماضي 1429هـ 8259 قضية، وعدد القضايا التي فصلت فيها المحكمة خلال نفس العام 7522 قضية.
ولكن هنالك شكاوى من تباعد الجلسات بشكل كبير؟
تباعد الجلسات في بعض القضايا يعود لكثرة القضايا المنظورة في المحكمة والتي تشمل الوارد إليها والمدور من أعوام سابقة مقارنة بعدد الدوائر القضائية فيها، ولكن الديوان يسعى لمعالجة ذلك إذ جرى تعيين أعداد كبيرة من القضاة في الديوان لدعم المحاكم القائمة ومنها هذه المحكمة.
وهل ترى بأن عدد القضاة الحالي كاف لتسريع القضايا؟
هنالك 67 قاضيا يباشرون القضاء في 26 دائرة قضائية، منها: سبع دوائر جزائية، عشر دوائر تجارية، ثماني دوائر إدارية، ودائرة تأديبية واحدة، وهذا العدد من القضاة يعني بأن 318 قضية تنظرها كل دائرة تقريبا، ولكن الديوان مستمر في تعيين القضاة وتوفير وظائف معاوني القضاة والموظفين في المحاكم قريبا.
وماذا عن تأخر قضايا نزلاء السجون والذين يحتاجون إلى البت فيها سريعا؟
المحكمة بكامل منسوبيها تولي اهتماما بمختلف القضايا ومنها قضايا النزلاء، والقضاة فيها ومعاونوهم يبذلون جهدا مضاعفا، وفي مقدمة ما يبذل ما يتعلق بقضايا السجناء ونحرص على الفصل فيها أولا بأول.
وهل اقترحتم حلولا لوضع حد لهذه المشكلة؟
قبل أن أجيب على سؤالك أريد أن أكمل أسباب تأخر القضايا والتي لا تتمحور في قلة عدد القضاة في المحكمة أو قلة معاونيهم فقط، ولكن هناك أسباب أخرى للتأخر ففي القضايا الإدارية مثلا من الأسباب: عدم حضور ممثلي بعض الجهات الحكومية بعض الجلسات من جانب، وتأخر تقديم الإجابات المطلوبة على الدعاوى من جانب آخر.
وكيف تتعاملون مع تأخر الحضور خصوصا من الجهات الحكومية؟
صدرت توجيهات واضحة من خادم الحرمين الشريفين تؤكد على الجهات الحكومية بالالتزام بالحضور وتقديم الإجابات المطلوبة لئلا يتأخر البت في القضايا، وهذا سيساهم كثيرا في تعجيل البت في القضايا، وهنالك تأخير أيضا في القضايا التجارية بسبب تأخر المدعى عليهم عن حضور الجلسات وعدم دقة عناوينهم لتتمكن الشرطة من إبلاغهم أو إحضارهم عبر سجلاتهم المدنية.
وكيف تتعاملون أيضا مع هذه النوعية من المتأخرين؟
نطبق عليهم التعليمات الصادرة من وزارة الداخلية وإمارة منطقة مكة المكرمة بوضع المماطل عن الحضور على قائمة الإشعار بالمراجعة، فإن لم يراجع خلال مدة محددة يوضع على قائمة القبض، وهذه التعليمات ساعدت كثيرا في سرعة الفصل في القضايا، ولعل من أسباب التأخر حاجة بعض القضايا إلى الخبرة الهندسية أو المحاسبية، والمحكمة تسعى لمعالجة ما يكون من عوائق بكافة السبل الممكنة.
قضايا التفليسة
الدوائر التجارية تنظر الكثير من قضايا التفليسات المتعثرة والتي تستمر لفترات زمنية طويلة .. هل من حلول؟
القضايا المتعثرة هي قضايا الإفلاس الاحتيالي لأن المفلس المحتال يخفي دفاتره وأمواله، ودور أمين تفليسة المفلس الاحتيالي منحصر في تتبع أملاكه للسيطرة عليها وتوزيعها قسمة غرماء على الدائنين، وغالبا ما تتوقف أعمال التفليسة بسبب ذلك المحتال، وبالنظر في نصوص نظام المحكمة التجارية يتضح أن المفلس الاحتيالي لا يعد مفلسا إلا لتوزيع ما أمكن الحصول عليه من موجوداته على غرمائه؛ لأنه في الحقيقة محتال، والمحتال هو من استعمل ضروب الحيل والدسائس في بيان رأسماله، أو قيد في دفاتره ديونا عليه باسم آخر وبصورة كاذبة، أو حرر بها سندات، أو نقل ملكية أمواله أو عقاره لغيره، أو أخفى شيئا من أمواله، أو اشتغل في التجارة بطريق التمويه والاحتيال، فمن أضاع حقوق الناس بتلك الصور ونحوها يكون محتالا.
والمفلس الاحتيالي لا يعاد له اعتباره بعد أن أخفى شيئا من أمواله أو امتنع عن تقديم حساباته أو مستنداته إلا بعد أن يؤدي واجباته.
ولهذا فالمفلس الاحتيالي هو سبب تأخر قضايا الإفلاس في الدوائر القضائية، وهو السبب في عدم إيصال الحقوق إلى غرمائه، وكثير من قضايا الإفلاس الاحتيالي انتهت بقرارات قضائية تضمنت توقفها بسبب عدم وجود الأموال، وما يتم تحصيله من أموال المفلس توزع بين الدائنين قسمة غرماء.
وهل تنتهي القضية بإشهار إفلاس التاجر؟
الحكم بإشهار إفلاس التاجر لا يعني نهاية القضية بل هو بدايتها؛ إذ يجري أمين التفليسة تحصيل ما لديه من أموال وبيع ما يملكه من عقار ونحوه ورفع الدعاوى لتحصيل أمواله لدى الغير، والدوائر القضائية تبذل ما في وسعها في سبيل حصر أملاك المفلس ومتابعة أمين التفليسة لإعادة حقوق الدائنين، ومثل ذلك يقال في تصفية الشركات، فالحكم بتصفيتها وإن كان يحقق مركزا نظاميا ينتزعها من أيدي الشركاء ويجعلها تحت يد المصفي إلا أن أعمال التصفية بتحويل موجودات الشركة إلى نقود وتحصيل مالها لدى الغير وسداد ما عليها لأصحاب الحقوق يأخذ وقتا مع ما يعترضه من رفع دعاوى فيما يستدعي، وهذا ما يجعل قضايا الإفلاس والتصفية تأخذ وقتا ليس بالقصير. والإجراءات اللاحقة للحكم بالإفلاس أو التصفية تتم تحت إشراف القضاء.
وهل من محاكم جديدة ستنشأ في مناطق المملكة توافقا مع المشروع التطويري؟
صدرت قرارات بتحويل فروع الديوان القائمة إلى محاكم إدارية، وإنشاء محاكم إدارية في مناطق المملكة التي لا يوجد فيها فروع للديوان، فأصبحت المحاكم الإدارية موجودة في جميع مناطق المملكة. كما صدرت قرارات رئيس الديوان بتحويل هيئة التدقيق في الرياض إلى محكمة استئناف، وإنشاء محاكم استئناف في كل من منطقة مكة المكرمة، المنطقة الشرقية، ومنطقة عسير، وجار استئجار مقار لهذه المحاكم تمهيدا لعملها، ومن ثم سيؤدي ذلك إلى سرعة الفصل في القضايا ريثما تدشن مبان دائمة لها.
هل هناك من خطة لدخول ديوان المظالم إلى الحكومة الإلكترونية؟
الديوان أعد مشروعا تطويريا لهندسة الإجراءات في المحاكم لتحويلها إلى إجراءات حاسوبية، وانتهى هذا المشروع كبيانات ورقية وتم تطبيقها في المحاكم ومنها هذه المحكمة، واتفق مع إحدى الشركات المتخصصة في هذا الميدان لتحويل أعمال الإجراءات في المحاكم من ورقية إلى حاسوبية وسيتم ذلك قريبا؛ لتتواءم أعماله مع القضاء الإلكتروني، ولا يعني هذا أن الديوان لايستخدم الحاسب في أعماله، فالحاسب ـ منذ سنوات ـ مستخدم في كل شؤونه، ومنها قيد القضايا وتسجيلها في دورتها كاملة من ورودها حتى صدورها، بل إن ضبط جلسات القضايا يتم بواسطة الحاسب الآلي.
والديوان مرتبط بمحاكمه بشبكة حاسوبية، ولكل قاض وموظف في الديوان ومحاكمه بريد إلكتروني خاص تتم المراسلة من خلاله، وهو مهيأ لبعث الأحكام والتعاميم وغيرها بين محاكم الديوان ودوائره من خلاله، وقد تم وضع موقع على هذه الشبكة تضمن الأنظمة واللوائح والتعليمات والأحكام القضائية والمبادئ المنشورة لتكون في متناول القضاة والباحثين في الديوان ويتم تحديثها تباعا.
وماذا عن تطوير أفراد المحكمة الإدارية من قضاة ومعاونين؟
يبتعث الديوان القضاة والمعاونين والموظفين للمشاركة في مؤتمرات ودورات وندوات داخلية، منها: ما يعقد في محاكم الديوان ويجلب لها الخبراء من الداخل والخارج، ومنها ما يعقد في المعهد العالي للقضاء ومعهد الإدارة وغيرهما، وخارجية في دول عربية كمصر، تونس، المغرب، الإمارات، عمان، والأردن، وأجنبية كفرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، ماليزيا، سنغافورة، وتركيا للإفادة من خبرات الآخرين والوقوف على آخر المستجدات. كما يعقد الديوان لقاءات دورية بين قضاة هيئة التدقيق ومحكمة الاستئناف وقضاة دوائر الدرجة الأولى من التقاضي؛ لمناقشة ما يكون من اختلاف في وجهات النظر وعلاجه؛ ولنقل خبرة هيئة التدقيق إلى القضاة الآخرين في محاكم الديوان، فضلا عما يعقد من دورات تدريب متخصصة للقضاة المستجدين وما يعقد من دورات للحاسب الآلي في المحاكم للقضاة وكذا للمعاونين والموظفين.
تبليغ الملك
تعاني بعض الأحكام من عدم تنفيذها في بعض الجهات الحكومية ولدى الأفراد .. فما هي الآلية المتبعة للتنفيذ وكيف يتم التصرف في حال الامتناع؟
لا أعلم أن هنالك جهة إدارية امتنعت عن تنفيذ الأحكام النهائية، ولكن الأحكام الإدارية تبلغها محاكم الديوان إلى الجهات الإدارية، وتقوم جهة الإدارة بالتنفيذ، وفي حال امتناعها يرفع صاحب الشأن الأمر إلى مرجع جهة الإدارة وهو خادم الحرمين الشريفين بصفته رئيس مجلس الوزراء.
أما الأحكام التجارية فيتم تنفيذها بمراجعة صاحب الشأن المحكوم له للجهات التنفيذية المتمثلة في الشرطة، وبإمكان صاحب الشأن مراجعة قاضي التنفيذ في المحكمة العامة للأمر بالتنفيذ واتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ.
وأنتم ألا تتابعون تنفيذ الأحكام الصادرة من قبلكم؟
حسب النظام محاكم الديوان لا تختص بمتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة.