قاضي المظالم
10-08-2009, 02:57 PM
حكم ٌ حاولت من خلاله تقرير مبدأ قضائي اقتنعت به تمام الإقتناع ولا زلت متمسكاً به رغم نقضه ، وأتطلع إلى اليوم الذي أراه مبدأً مستقراً في القضاء الإداري ، ليس لأني أول من اجتهد في وضعه على غير ندٍ سابق ؛ ولكن لمناسبته واتفاقه مع ما هو مقرر من كون القاضي المدني (العام) هو القاضي العام في جميع منازعات الأوقاف وما يثور عنها من طلبات ، وحتى لا تتفرق دماء الأوقاف ومصالحها بين جهات ٍ قضائية مختلفة مراعاةً لمصلحة الوقف وغبطته.
الحكم التالي منقوض من هيئة التدقيق وسأذكر علة النقض وما صدر لاحقاً بعد إيراد الحكم الابتدائي الذي أرى فيه قاعدة قضائية لابد من مراعاتها والعمل بها ... وأطلب من الإخوة -خصوصاً قضاة العدل- التفضل بإبداء الرأي لنستفيد جميعاً في هذه المسألة ...
حـكـم رقــم 22/د/أ/... لعام 1426هـ
في القضية رقم824/1/ق لعام1426هـ
المقامة من /........
ضــــــــــــــد / وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف 0
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده 0 وبعـد :ــ
فانه في يوم السبت الموافق6/4/1426هـ انعقدت الدائرة الإدارية .... بمقر فرع ديوان المظالم بمنطقة مكة المكرمة / جـــده والمشكــلة مـــن :
وذلك للنظـر في القضية المشـار إليها أعــلاه المـحالــة إلى الـدائـرة بشـــرح ......
وبعد دراسة الدائرة أوراق الدعوى أصدرت فيهـا الحـكـم الآتي :ــ
( الــوقــائـــع ) (باختصار)
تتلخص وقـائــع هـــذه الــدعـــوى بالـقـــدر الـلازم لإصدار الحـكـم فيـهــا فــي أنه وردت لائحة الدعوى المقدمة من المدعي أوضح فيها أنه استأجر من المدعى عليها مستودعاً في عام 1417هـ وقام بالتنازل عنه بتاريخ 19/5/1417هـ لمؤسسة..... للتجارة إلاَّ أن المدعى عليها تطالبه بدفع الإيجار عن المستودع بمبلغ وقدره
(200.000ريال) بدون سند يجيز لها تلك المطالبة ، كما طالب بالنظر في عدم أحقيتها في رفع الأجرة أثناء سريان العقد.
وبقيدها قضية وإحالتها للدائرة باشرت نظرها ، حيث حددت لها هذه الجلسة التي قدم فيها ممثل المدعى مذكرة أفاد فيها بأن المدعي استأجر دكانين من وقف الباشا وقام بالتنازل عنهما دون اتخاذ الإجراء الصحيح ليتم تسجيلها باسم المستأجر المتنازل له ولم يقم بالمراجعة لإعطائه إخلاء طرفٍ ، ويتبقى بذمته من إيجار العقارين وتكاليف المياه والكهرباء مبلغ وقدره (22.395.10 ريال) وطلب ممثل المدعى عليها إلزام المدعي بسداد هذا المبلغ . وبذات الجلسة صدر هذا الحكم .
( الأسـبــــــــاب )
لما كان الفصل في الاختصاص الولائي بنظر الدعوى أمرٌ لازمٌ قبل الشروع في موضوعها ويتعيَّن على المحكمة الفصل فيه بقضاءٍ حاسمٍ من تلقاء نفسها ودون دفعٍ من أحد الخصوم ومع تخلفهم عن الحضور أمامها بحسبانه من النظام العام . ومن حيث أن ظاهر النزاع بين المدعي في عموم طلباته المطروحة في الدعوى وبين المدعى عليها يتخذ صورة المنازعة العقدية مع الإدارة التي أضحى ديوان المظالم دون غيره المحكمة المختصة بالفصل فيها بحسبانها في صورتها الظاهرة داخلة في عموم المادة (8/1/د) من نظام الديوان الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) في 17/7/1402هـ التي نصَّت على اختصاصه بالفصل في : (الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن في المنازعات المتعلقة بالعقود التي تكون الحكومة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفاً فيها ) ومن حيث أن هذه المادة جاءت من العموم والشمول بحيث بات الديوان بهيئة قضاء إداري هو صاحب الولاية القضائية في جميع المنازعات العقدية مع الإدارة سواءً كانت عقوداً خاصة أو عقوداً إدارية بالمعنى الاصطلاحي الدقيق وهي تلك العقود المتصلة بالمرفق العام بقصد تسييره أو تنظيمه أو استغلاله , وتلجأ الإدارة فيها لتحقيق ذلك إلى الأخذ بأسلوب النظام العام بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في التعاقد المدني الخاص إعلاءً وتغليباً لوجه المصلحة العامة على مصلحة الأفراد التي تكون في عقودهم الخاصة متساوية ومتوازية ويترتب على الأخذ بالأسلوب العام أن تكون للإدارة سلطة الإشراف والتوجيه على تنفيذ العقد وأن لها حق تغيير شروطه وإضافة شروط جديدة وإنهائه بالإرادة المنفردة وتوقيع الجزاءات على المتعاقد وسحب العمل والتنفيذ على حسابه وذلك كله إذا تراءت لها المصلحة العامة من خلال تلك الإجراءات بوصفها المهيمنة على المرفق العام مع حفظ حق المتعاقد في طلب التعويض حال ثبوت الضرر وهذا على خلاف الأصل في العقود المدنية التي لا يجوز أن يستقل أحد الطرفين بفسخها أو إنهائها دون إرادة الطرف الآخر . ومهما يكن من أمر فإن المادة (8/1/د) وإن لم تشترط لتقرير اختصاص الديوان بنظر دعاوى العقود إلاَّ أن تكون جهة الإدارة طرفاً فيها إلاَّ أن التكييف الصحيح المنبثق من تحليل هذه المادة يقضي بانعقاد الاختصاص للقضاء الإداري حين تكون جهة الإدارة قد تعاقدت بوصفها صاحبة سلطة عامة دون تلك الحال التي تنزل فيها عن هذه الرتبة لتكون مجرد نائبة عن الأفراد .
وبالرجوع للعقد مثار النزاع الوارد فيه قيام المدعى عليها بتأجير المدعي المكتب رقم (901) بمجمع وقف الباشا السكني بأجرة سنوية قدرها (20.437 ريال) لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بعدم الرغبة فإن المستبين للدائرة أن المدعى عليها لا تنطلق في تعاقدها مع المدعي من كونها جهةً إدارية صاحبةَ سلطةٍ عامة وإنما قامت من خلاله مقام ناظر الوقف في رعاية المصلحة الخاصة للوقف وتحقيقاً لغبطته بدليل تضمين العقد ما يفيد اختصاص المحاكم العامة بنظر النزاع الناشيء بين أطرافه. ومعلومٌ أن للأوقاف شخصية اعتبارية لا تختلط بشخص ناظر الوقف أو المستحقين فيه ، وبالتالي فإنه إذا تم التعاقد بين الوقف كشخص اعتباري خاص وبين أحد الأفراد فإن ما يثار من نزاعٍ في ظل هذا التعاقد لا يمكن الاحتجاج على دخوله في منصوص المادة (8/1/د) على سندٍ من قول إن الإدارة طرفٌ في التعاقد طالما كانت الإدارة حين دخولها فقدت صفتها كشخص معنوي عام وأضحت ناظرة وقفٍ شأنها شأن الفرد العادي مما يعني أن النزاع لا يحمل في طياته عناصر المنازعة الإدارية في العقود بل يبقى النزاع في حقيقته وجوهره وبالرغم من حضور الإدارة فيه بمسماها الإداري العام من منازعات الأفراد التي يختص بالفصل فيها القضاء العادي .
ولكل ما تقدم :
حكمت الدائرة / بعدم اختصاص الديوان ولائياً بنظر الدعوى لما هو موضح بالأسباب.
تم نقض الحكم بمقولة إن المادة (8/1/د) عامة وشاملة لجميع قضايا العقود التي تكون الإدارة طرفاً فيها.
والرد على ذلك: أن المادة وإن كانت عامة وشاملة لجميع العقود التي تكون الإدارة طرفاً فيها إلا أن ذلك يعني فقط حين تكون الإدارة صاحبة سلطة وسيادة وتدير المرفق العام أو الجهاز الحكومي بذلك لا أن تفقد صفتها وتصبح نائبة عن الأفراد في مصلحة الوقف الخاصة ... وهو ما أوضحته أسباب الحكم المنقوض تفصيلاً.
بعد إعادة القضية للدائرة انتهت بشطبها لعدم مراجعة المدعي وحضوره في إحدى جلساتها ولم يصدر حكمٌ بعد ذلك في موضوعها.
نستنير بآرائكم ...
الحكم التالي منقوض من هيئة التدقيق وسأذكر علة النقض وما صدر لاحقاً بعد إيراد الحكم الابتدائي الذي أرى فيه قاعدة قضائية لابد من مراعاتها والعمل بها ... وأطلب من الإخوة -خصوصاً قضاة العدل- التفضل بإبداء الرأي لنستفيد جميعاً في هذه المسألة ...
حـكـم رقــم 22/د/أ/... لعام 1426هـ
في القضية رقم824/1/ق لعام1426هـ
المقامة من /........
ضــــــــــــــد / وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف 0
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده 0 وبعـد :ــ
فانه في يوم السبت الموافق6/4/1426هـ انعقدت الدائرة الإدارية .... بمقر فرع ديوان المظالم بمنطقة مكة المكرمة / جـــده والمشكــلة مـــن :
وذلك للنظـر في القضية المشـار إليها أعــلاه المـحالــة إلى الـدائـرة بشـــرح ......
وبعد دراسة الدائرة أوراق الدعوى أصدرت فيهـا الحـكـم الآتي :ــ
( الــوقــائـــع ) (باختصار)
تتلخص وقـائــع هـــذه الــدعـــوى بالـقـــدر الـلازم لإصدار الحـكـم فيـهــا فــي أنه وردت لائحة الدعوى المقدمة من المدعي أوضح فيها أنه استأجر من المدعى عليها مستودعاً في عام 1417هـ وقام بالتنازل عنه بتاريخ 19/5/1417هـ لمؤسسة..... للتجارة إلاَّ أن المدعى عليها تطالبه بدفع الإيجار عن المستودع بمبلغ وقدره
(200.000ريال) بدون سند يجيز لها تلك المطالبة ، كما طالب بالنظر في عدم أحقيتها في رفع الأجرة أثناء سريان العقد.
وبقيدها قضية وإحالتها للدائرة باشرت نظرها ، حيث حددت لها هذه الجلسة التي قدم فيها ممثل المدعى مذكرة أفاد فيها بأن المدعي استأجر دكانين من وقف الباشا وقام بالتنازل عنهما دون اتخاذ الإجراء الصحيح ليتم تسجيلها باسم المستأجر المتنازل له ولم يقم بالمراجعة لإعطائه إخلاء طرفٍ ، ويتبقى بذمته من إيجار العقارين وتكاليف المياه والكهرباء مبلغ وقدره (22.395.10 ريال) وطلب ممثل المدعى عليها إلزام المدعي بسداد هذا المبلغ . وبذات الجلسة صدر هذا الحكم .
( الأسـبــــــــاب )
لما كان الفصل في الاختصاص الولائي بنظر الدعوى أمرٌ لازمٌ قبل الشروع في موضوعها ويتعيَّن على المحكمة الفصل فيه بقضاءٍ حاسمٍ من تلقاء نفسها ودون دفعٍ من أحد الخصوم ومع تخلفهم عن الحضور أمامها بحسبانه من النظام العام . ومن حيث أن ظاهر النزاع بين المدعي في عموم طلباته المطروحة في الدعوى وبين المدعى عليها يتخذ صورة المنازعة العقدية مع الإدارة التي أضحى ديوان المظالم دون غيره المحكمة المختصة بالفصل فيها بحسبانها في صورتها الظاهرة داخلة في عموم المادة (8/1/د) من نظام الديوان الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) في 17/7/1402هـ التي نصَّت على اختصاصه بالفصل في : (الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن في المنازعات المتعلقة بالعقود التي تكون الحكومة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفاً فيها ) ومن حيث أن هذه المادة جاءت من العموم والشمول بحيث بات الديوان بهيئة قضاء إداري هو صاحب الولاية القضائية في جميع المنازعات العقدية مع الإدارة سواءً كانت عقوداً خاصة أو عقوداً إدارية بالمعنى الاصطلاحي الدقيق وهي تلك العقود المتصلة بالمرفق العام بقصد تسييره أو تنظيمه أو استغلاله , وتلجأ الإدارة فيها لتحقيق ذلك إلى الأخذ بأسلوب النظام العام بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في التعاقد المدني الخاص إعلاءً وتغليباً لوجه المصلحة العامة على مصلحة الأفراد التي تكون في عقودهم الخاصة متساوية ومتوازية ويترتب على الأخذ بالأسلوب العام أن تكون للإدارة سلطة الإشراف والتوجيه على تنفيذ العقد وأن لها حق تغيير شروطه وإضافة شروط جديدة وإنهائه بالإرادة المنفردة وتوقيع الجزاءات على المتعاقد وسحب العمل والتنفيذ على حسابه وذلك كله إذا تراءت لها المصلحة العامة من خلال تلك الإجراءات بوصفها المهيمنة على المرفق العام مع حفظ حق المتعاقد في طلب التعويض حال ثبوت الضرر وهذا على خلاف الأصل في العقود المدنية التي لا يجوز أن يستقل أحد الطرفين بفسخها أو إنهائها دون إرادة الطرف الآخر . ومهما يكن من أمر فإن المادة (8/1/د) وإن لم تشترط لتقرير اختصاص الديوان بنظر دعاوى العقود إلاَّ أن تكون جهة الإدارة طرفاً فيها إلاَّ أن التكييف الصحيح المنبثق من تحليل هذه المادة يقضي بانعقاد الاختصاص للقضاء الإداري حين تكون جهة الإدارة قد تعاقدت بوصفها صاحبة سلطة عامة دون تلك الحال التي تنزل فيها عن هذه الرتبة لتكون مجرد نائبة عن الأفراد .
وبالرجوع للعقد مثار النزاع الوارد فيه قيام المدعى عليها بتأجير المدعي المكتب رقم (901) بمجمع وقف الباشا السكني بأجرة سنوية قدرها (20.437 ريال) لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بعدم الرغبة فإن المستبين للدائرة أن المدعى عليها لا تنطلق في تعاقدها مع المدعي من كونها جهةً إدارية صاحبةَ سلطةٍ عامة وإنما قامت من خلاله مقام ناظر الوقف في رعاية المصلحة الخاصة للوقف وتحقيقاً لغبطته بدليل تضمين العقد ما يفيد اختصاص المحاكم العامة بنظر النزاع الناشيء بين أطرافه. ومعلومٌ أن للأوقاف شخصية اعتبارية لا تختلط بشخص ناظر الوقف أو المستحقين فيه ، وبالتالي فإنه إذا تم التعاقد بين الوقف كشخص اعتباري خاص وبين أحد الأفراد فإن ما يثار من نزاعٍ في ظل هذا التعاقد لا يمكن الاحتجاج على دخوله في منصوص المادة (8/1/د) على سندٍ من قول إن الإدارة طرفٌ في التعاقد طالما كانت الإدارة حين دخولها فقدت صفتها كشخص معنوي عام وأضحت ناظرة وقفٍ شأنها شأن الفرد العادي مما يعني أن النزاع لا يحمل في طياته عناصر المنازعة الإدارية في العقود بل يبقى النزاع في حقيقته وجوهره وبالرغم من حضور الإدارة فيه بمسماها الإداري العام من منازعات الأفراد التي يختص بالفصل فيها القضاء العادي .
ولكل ما تقدم :
حكمت الدائرة / بعدم اختصاص الديوان ولائياً بنظر الدعوى لما هو موضح بالأسباب.
تم نقض الحكم بمقولة إن المادة (8/1/د) عامة وشاملة لجميع قضايا العقود التي تكون الإدارة طرفاً فيها.
والرد على ذلك: أن المادة وإن كانت عامة وشاملة لجميع العقود التي تكون الإدارة طرفاً فيها إلا أن ذلك يعني فقط حين تكون الإدارة صاحبة سلطة وسيادة وتدير المرفق العام أو الجهاز الحكومي بذلك لا أن تفقد صفتها وتصبح نائبة عن الأفراد في مصلحة الوقف الخاصة ... وهو ما أوضحته أسباب الحكم المنقوض تفصيلاً.
بعد إعادة القضية للدائرة انتهت بشطبها لعدم مراجعة المدعي وحضوره في إحدى جلساتها ولم يصدر حكمٌ بعد ذلك في موضوعها.
نستنير بآرائكم ...