الزغيبي
15-10-2009, 04:23 PM
مسائل قضائية
(2)
هل تغلظ الحكومة في العمد وشبهه كما تغلظ الديه ؟
أجمع أهل العلم على أن الإبل أصل في الدية ، كما أجمعوا أن دية الحر المسلم مائة من الإبل .(34) .
واختلفوا في الحالات التي تغلظ فيها الدية (35) ، كما اختلفوا في البقر والشاء ونحوهما هل هي أصول في الدية بنفسها كالأبل ، أم هي من باب القيمة ؟ (36) .
ويترتب على الخلاف في المسالة الأخيرة أنه إذا قيل أن البقر والشاء ونحوهما أصول بنفسها كالابل أن التغليظ يكون في الابل خاصة ؛ لأنه لم يرد التغليظ إلا في الإبل(37) ، وأن قلنا من باب القيمة فتغلظ ؛ لأن تغيظ الشيء تغليظ لقيمته .
كما يترتب على الخلاف فيها أننا إذا قلنا أن البقر والشاء ونحوهما من باب القيمة اختلاف مقدراها من زمن لآخر لاختلاف قيمة الابل بخلاف ما إذا كانت أصولاً بنفسها فلا تختلف من زمن لآخر(38) .
والمذهب أن البقر والشاء ونحوهما أصول كالإبل قال البهوتي : ((دية المسلم مائة بعير أو مائتا بقرة أو الفا شاة أو الفا مثقال ذهباً أو اثنتي عشر الف درهم اسلامي فضه قال القاضي لايختلف المذهب أن أصول الدية الإبل والذهب والورق أي الفضة والغنم )) (39) .
وقال : (( وتغلظ دية عمد وشبهه في طرف كما تغلظ في نفس .... ولا تغلظ في غير ابل لعدم وروده )) (40) .
والراجح وما عليه العمل أن الإبل هي الأصل في الدية وما عداها من باب القيمة . قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم : (( الراجح عند ائمة الدعوة رحمة الله عليهم ، أنها هي الأصل لاغير ، وما سواها من باب القيمة )) (41) .
إذا تقرر هذا فإن تغليظ الدية كما يكون في الإبل ، فإنه يكون في غيرها ، وأن التغليظ كما يكون في دية النفس ونحوها يكون فيما دونها (42) ممّا فيه مقدر .
قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم : (( وفي كل واحد من الذراع وهو الساعد الجامع لعظمـيّ الزنـد والعضـد وفـي الفخـذ والسـاق إذا جبـر ذلك مسـتقيماً بعيران أو قيمتهما وهي ثلاثمائة وستون ريالاً في العـمد وشبهه وفي الخطأ المحض ثلاثمائة وعشرون ريالاً ))(43).
هذا فيما فيه مقدر ، فماذا عن مالا مقدر فيه ؟
الذي يظهر لي أنه يلحق فيما فيه مقدر ، وبالتالي يختلف التقدير فيما لا مقدر فيه في حالتي العمد وشبه عنه في حالة الخطأ ؛ لكن عند تأملي في عدد من تقديرات مقدري الشجاج ومقومي الحكومات ـ التي وقفت عليها ـ أجد أنه لم يلحظ فيها هذا الأمر.
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(34)انظر : بداية المجتهد ، لابن رشد ، ج2 ، ص409 ؛ التنبيه ، لأبي اسحاق الفيروزأبادي الشيرازي ، إعداد : عماد الدين أحمد حيدر ، بيروت ، عالم الكتب ، ط الأولى ، 1403هـ ، ص222ـ223 ؛ رسالة في دية النفس وغيرها ، لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، الرياض ، مؤسسة النور ، ص2 ، وقد طبعت ضمن فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، ط الأولى1395هـ ، مطبعة الحكومة ، مكة المكرمة ، ج11 ، ص328ـ332 ، كما طبعت ضمن التصنيف الموضوعي لتعاميم الوزارة خلال68عاماً ، ط الأولى ، 1413هـ ، أعدته لجنة متخصصة بالوزارة ، وزارة العدل ، ج3 ، ص296ـ300 .
(35) انظر : بداية المجتهد ، لابن رشد ، ج2 ، ص410، 418 ؛ التنبيه ، للفيروزأبادي ، ص223؛ المغني ، للموفق ابن قدامه ، ج12 ، ص13، 15 ، 19 ،23 .
(36)انظر : بداية المجتهد ، لابن رشد ، ج2 ، ص411 ؛ التنبيه للفيروزأبادي ، ص223 ؛ رسالة في دية النفس وغيرها ، سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ص2 .
(37)انظر : المغني ، للموفق ابن قدامة ، ج12 ، ص186 .
)38(روى أبو داود في سننه حدثنا يحي بن حكيم ، ثنا عبدالرحمن بن عثمان ، ثنا حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم ، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين ، قال فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر رحمه الله فقام خطيباً فقال ألا إن الإبل قد غلت ، قال ففرضها على أهل الذهب الف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر الفاً ، وعلى أهل البقر مائتي بقرة ، وعلى أهل الشاء ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة ، قال : وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية . سنن أبي داود ، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، تحقيق : محمد محي الدين عبدالحميد ، 1416هـ ، المكتبة العصرية ، بيروت ، ج4 ، ص184، حديث رقم4542؛ وانظر: رسالة في دية النفس وغيرها، لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، ص3 .
(39)شرح منتهى الارادات ، ج3 ، ص306 .
(40)شرح منتهى الارادات ج3 ، ص307 .
(41)رسالة في دية النفس وغيرها ، ص2 .
(42)انظر : التنبيه ، للفيروزأبادي ، ص227 ؛ رسالة في دية النفس وغيرها ، لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ص6ـ8 .
(43)رسالة في دية النفس وغيرها ، لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ص8 .
(2)
هل تغلظ الحكومة في العمد وشبهه كما تغلظ الديه ؟
أجمع أهل العلم على أن الإبل أصل في الدية ، كما أجمعوا أن دية الحر المسلم مائة من الإبل .(34) .
واختلفوا في الحالات التي تغلظ فيها الدية (35) ، كما اختلفوا في البقر والشاء ونحوهما هل هي أصول في الدية بنفسها كالأبل ، أم هي من باب القيمة ؟ (36) .
ويترتب على الخلاف في المسالة الأخيرة أنه إذا قيل أن البقر والشاء ونحوهما أصول بنفسها كالابل أن التغليظ يكون في الابل خاصة ؛ لأنه لم يرد التغليظ إلا في الإبل(37) ، وأن قلنا من باب القيمة فتغلظ ؛ لأن تغيظ الشيء تغليظ لقيمته .
كما يترتب على الخلاف فيها أننا إذا قلنا أن البقر والشاء ونحوهما من باب القيمة اختلاف مقدراها من زمن لآخر لاختلاف قيمة الابل بخلاف ما إذا كانت أصولاً بنفسها فلا تختلف من زمن لآخر(38) .
والمذهب أن البقر والشاء ونحوهما أصول كالإبل قال البهوتي : ((دية المسلم مائة بعير أو مائتا بقرة أو الفا شاة أو الفا مثقال ذهباً أو اثنتي عشر الف درهم اسلامي فضه قال القاضي لايختلف المذهب أن أصول الدية الإبل والذهب والورق أي الفضة والغنم )) (39) .
وقال : (( وتغلظ دية عمد وشبهه في طرف كما تغلظ في نفس .... ولا تغلظ في غير ابل لعدم وروده )) (40) .
والراجح وما عليه العمل أن الإبل هي الأصل في الدية وما عداها من باب القيمة . قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم : (( الراجح عند ائمة الدعوة رحمة الله عليهم ، أنها هي الأصل لاغير ، وما سواها من باب القيمة )) (41) .
إذا تقرر هذا فإن تغليظ الدية كما يكون في الإبل ، فإنه يكون في غيرها ، وأن التغليظ كما يكون في دية النفس ونحوها يكون فيما دونها (42) ممّا فيه مقدر .
قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم : (( وفي كل واحد من الذراع وهو الساعد الجامع لعظمـيّ الزنـد والعضـد وفـي الفخـذ والسـاق إذا جبـر ذلك مسـتقيماً بعيران أو قيمتهما وهي ثلاثمائة وستون ريالاً في العـمد وشبهه وفي الخطأ المحض ثلاثمائة وعشرون ريالاً ))(43).
هذا فيما فيه مقدر ، فماذا عن مالا مقدر فيه ؟
الذي يظهر لي أنه يلحق فيما فيه مقدر ، وبالتالي يختلف التقدير فيما لا مقدر فيه في حالتي العمد وشبه عنه في حالة الخطأ ؛ لكن عند تأملي في عدد من تقديرات مقدري الشجاج ومقومي الحكومات ـ التي وقفت عليها ـ أجد أنه لم يلحظ فيها هذا الأمر.
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(34)انظر : بداية المجتهد ، لابن رشد ، ج2 ، ص409 ؛ التنبيه ، لأبي اسحاق الفيروزأبادي الشيرازي ، إعداد : عماد الدين أحمد حيدر ، بيروت ، عالم الكتب ، ط الأولى ، 1403هـ ، ص222ـ223 ؛ رسالة في دية النفس وغيرها ، لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، الرياض ، مؤسسة النور ، ص2 ، وقد طبعت ضمن فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، ط الأولى1395هـ ، مطبعة الحكومة ، مكة المكرمة ، ج11 ، ص328ـ332 ، كما طبعت ضمن التصنيف الموضوعي لتعاميم الوزارة خلال68عاماً ، ط الأولى ، 1413هـ ، أعدته لجنة متخصصة بالوزارة ، وزارة العدل ، ج3 ، ص296ـ300 .
(35) انظر : بداية المجتهد ، لابن رشد ، ج2 ، ص410، 418 ؛ التنبيه ، للفيروزأبادي ، ص223؛ المغني ، للموفق ابن قدامه ، ج12 ، ص13، 15 ، 19 ،23 .
(36)انظر : بداية المجتهد ، لابن رشد ، ج2 ، ص411 ؛ التنبيه للفيروزأبادي ، ص223 ؛ رسالة في دية النفس وغيرها ، سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ص2 .
(37)انظر : المغني ، للموفق ابن قدامة ، ج12 ، ص186 .
)38(روى أبو داود في سننه حدثنا يحي بن حكيم ، ثنا عبدالرحمن بن عثمان ، ثنا حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم ، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين ، قال فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر رحمه الله فقام خطيباً فقال ألا إن الإبل قد غلت ، قال ففرضها على أهل الذهب الف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر الفاً ، وعلى أهل البقر مائتي بقرة ، وعلى أهل الشاء ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة ، قال : وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية . سنن أبي داود ، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، تحقيق : محمد محي الدين عبدالحميد ، 1416هـ ، المكتبة العصرية ، بيروت ، ج4 ، ص184، حديث رقم4542؛ وانظر: رسالة في دية النفس وغيرها، لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، ص3 .
(39)شرح منتهى الارادات ، ج3 ، ص306 .
(40)شرح منتهى الارادات ج3 ، ص307 .
(41)رسالة في دية النفس وغيرها ، ص2 .
(42)انظر : التنبيه ، للفيروزأبادي ، ص227 ؛ رسالة في دية النفس وغيرها ، لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ص6ـ8 .
(43)رسالة في دية النفس وغيرها ، لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ص8 .