عرفات تركى
04-06-2014, 08:59 AM
جرائم التزوير في المملكة العربية السعودية
وفقاً لنظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم 114 بتاريخ 26/11/1380هـ
والمعدل بالمرسوم الملكي رقم 53 بتاريخ 5/11/1382هـ
تمهيد وتقسيم
"التزوير هو تغيير الحقيقة في بيان جوهري في محرر بإحدى الطرق التي نص عليها النظام تغيراً من شأنه أن يحدث ضرراً بالغير مع نية استعمال المحرر فيما زور من أجله".
من التعريف السابق يتضح أن التزوير كجريمة تتطلب توافر عدة شروط مفترضة وعدة أركان:
1- الشروط المفترضة في جريمة التزوير:
أ- أن يقع تغيير الحقيقة في محرر
ب- أن يقع التغيير على بيان جوهري
2- الركن المادي للتزوير يتمثل في:
أ- تغيير الحقيقة:
ب- أن يقع التغيير بإحدى الطرق المنصوص عليها نظاماً
ج- أن يكون من شأن تغيير الحقيقة إحداث ضرر بالغير
3- الركن المعنوي للتزوير يتمثل في:
أ- القصد الجنائي العام (العلم والإرادة)
ب- القصد الجنائي الخاص (نية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله).
المبحث الأول
الشروط المفترضة في جريمة التزوير
المطلب الأول : شرط المحرر:
يجب أن يقع التزوير في محرر، وهذا مستفاد من نص المادة الخامسة من النظام التي تتكلم عن "المخطوطات والأوراق والشهادات والسجلات والمستندات...الخ". والمحرر لا يعدو أن يكون إلا "كل مسطور أو مكتوب يتضمن كلمات وأرقام نتقل به الفكر من شخص للأخر ويترتب عليها أثر قانوني".
فلا يصح أن يكون المحرر مكوناً من أرقام فقط، كما هو الحال بالنسبة لعدادات حساب الاستهلاك مثل عدادات الكهرباء أو المياه أو السيارات، وكذا أرقام شاسيهات السيارات.
ولا يعد من قبيل المحررات النقود أو الأختام أو العلامات التجارية أو الماركات أو شرائط الكاسيت أو شرائط الفيديو...، فهي ليست محررات ولا تسري عليها أحكام التزوير، ولكن تغيير الحقيقية فيما يكتب عليها من بيانات يمكن أن تسري عليها أحكام حق المؤلف. ولا تعتبر الكتب والمؤلفات محررات، وبالتالي فإن من يغير اسم صاحب المؤلف ويكتب اسمه مكانه لا يرتكب جريمة التزوير بل يخالف حق المؤلف الذي تعاقب عليه بعض الأنظمة.
وإذا وقع التزوير على محرر فلا يهم، بقاء المحرر موجوداً، أو لغته أو نوع الكتابة عليه، أو طبيعته، أو الدعامة التي تحمله.
وتجدر الإشارة أنه قد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 3 بتاريخ 3/1/1406هـ كي يعتبر المساس بالصور الشمسية على المحررات الرسمية وغير الرسمية بأي طريقة جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من نظام مكافحة التزوير.
وتوضح المادة 14 من النظام أنه:
- تعد صور المحررات التي تبدو أنها أصل بذاتها محررات أصلية في تطبيق أحكام هذا النظام.
- كل من زوَّر الصور الضوئية أو المستندات المعالجة آلياً أو البيانات المخزنة في ذاكرة الحاسب الآلي أو على شريط أو أسطوانة ممغنطة أو غيرها من وسائط، أو استعملها وهو عالم بتزويرها يعاقب بالعقوبات الواردة في هذا النظام.
المطلب الثاني: شرط البيان الجوهري
يجب أن يكون تغيير الحقيقة في المحرر قد وقع على بيان جوهري من بياناته، ويعتبر البيان جوهرياً في حالة توافر أي من المعايير الثلاثة التالية:
1- معيار الإثبات: إذا كان المحرر معداً لإثبات بيان معين، فإن هذا البيان يعتبر جوهريا؛ فجواز السفر معد لإثبات الاسم والجنسية والسن، وكذلك بطاقة الأحوال. وشهادة الميلاد معدة لإثبات واقعة الميلاد والتسمي باسم معين من أب وأم معينين في مكان معين وفي تاريخ معين.وشهادة الجنسية كذلك معدة لإثبات اسم معين له جنسية معينة. وشهادة الراتب معدة لإثبات أن شخصاً معينا يتقاضى راتباً معيناً من جهة معينة وليست معدة لإثبات الجنسية.
2- توليد عقيدة مخالفة: إذا كان البيان الوارد في المحرر من شأنه أن يولد عقيدة مخالفة للواقع عند من يطلع عليه، فإنه يعتبر جوهرياً. فمن يطلع على وثيقة زواج يتولد لديه اعتقاد أن اسم رجل معين متزوج من امرأة معينة في تاريخ معين، ويصدق أن المرِأة خالية من الموانع الشرعية. فإذا اتضح أن المرأة لا تزال في عصمة رجل آخر أو أنها كانت مطلقة في عدة زوجها ولم تنقض تلك العدة، فإن العقد يعتبر مزوراً.أما بيان أن الزوجة "بكر" فإن المطلع على عقد الزواج لا يصدق بالضرورة أنها بكر، لأن الشخص العادي لا يصدق بالضرورة مثل هذا البيان في العقد. لذلك فإن هذا البيان ثانوي. كذلك فإن البيان الخاص بمهنة الزوج والمدون في وثيقة الزواج ليس إلا بياناً ثانوياً لا يقع بالكذب فيه جريمة التزوير.
3- معيار الأثر القانوني: إذا كان النظام يرتب أثراً معيناً على بيان معين، فإن هذا البيان يعد جوهرياً.ففي وثيقة الزواج يعتبر البيان الخاص بمؤخر الصداق مولداً للأثر قانوني مؤداه التزام معين على الزوج، وحقوق معينة للزوجة، وبالتالي فهو بيان جوهري يقع بتغيير الحقيقة فيه جريمة التزوير، كما لو اتفق الزوج والولي على أن يكون مؤخر الصداق مبلغاً معيناً، غير أن الولي اتفق مع المأذون على كتابة مبلغ أكبر مما اتفق عليه.
المبحث الثاني
الركن المادي في جريمة التزوير
يتكون الركن المادي لجريمة التزوير من نشاط إجرامي، مؤداه تغيير الحقيقة، على أن يقع هذا النشاط بطرق معينه، مرتباً لنتيجة معينه هي احتمالية الإضرار بالغير.
المطلب الأول : تغيير الحقيقة:
لما كان جوهر التزوير هو الكذب، فإنه لا يتصور وقوع جريمة التزوير بدون تغيير الحقيقة. فإذا لم يقع تغيير في الحقيقة فلا تزوير ولو كان الفاعل يظن أن ما أثبته مغاير للحقيقة. كمن يصحح اسم ورد خطأً في المحرر، أو يساعد مريضاً على إمضاء وصيته ممسكاً بيده. والراجح أنه لا تزوير إذا حصل تغيير الحقيقة من صاحب الحق في التغيير. كالمدين الذي يغير في محتوى سند الدين قبل تسليمه للدائن. وهنا يثور التساؤل عن حكم الصورية في العقود وتغيير الحقيقة في الإقرارات الفردية.
1- حكم الصورية في العقود:
يقصد بالصورية تغيير الحقيقة في محرر باتفاق أطرافه. والأصل أن الصورية لا تعتبر تزويراً سواء كانت صورية مطلقة أو نسبية. ما لم يترتب على تلك الصورية مساس بحق مقرر للغير. من ذلك أن يكتب أب لابنته عقداً ببيع أملاك له مع أنها لم تدفع الثمن، وهو بذلك يقصد حرمان أخيه من الميراث لأنه لم ينجب ابناً. ومن ذلك أيضا أن يكتب الطرفان في عقد بيع ثمن للعقار يزيد عن ثمنه الحقيقي حتى يمنعا الجار من المطالبة بالشفعة. أو أن الطرفان الثمن في العقد بغية التهرب من الرسوم المستحقة للدولة عند توثيق العقد.
2- حكم الكذب في الإقرارات الفردية:
يقصد بالإقرارات الفردية كل ما يصدر عن الشخص من جانب واحد فيما يتعلق بمركزه الشخصي (مهنته – حالته العائلية – مكاسبه المادية...الخ). كمن يتقدم بطلب إلى الجامعة يثبت فيه - على غير الحقيقة - أن ظروفه المادية صعبة بغية الحصول على معونة. أو التاجر الذي يقدم إقراراً ضريبياً يثبت فيه مبلغاً يقل عما حققه من أرباح، أو من يتقدم ببيان إلى الجمارك ذاكراً فيه قيمة أقل لبضائعه المستوردة.
والأصل أن الكذب في الإقرارات الفردية لا يعتبر تزويراً لأن الإقرار الفردي مازال خاضعاً للتدقيق والفحص والمراجعة.
غير أن الكذب في الإقرارات الفردية يسري عليه وصف التزوير في الحالات التالية:
أ- إذا كان مركز المقرر أقرب لمركز الشاهد (كالإقرار في وثائق الزواج والطلاق ودفاتر المواليد والوفيات).
ب- انتحال شخصية الغير في الإقرار الفردي.
المطلب الثاني: طرق التزوير
يجب أن يتم التزوير بإحدى الطرق التي نص عليها النظام؛ وهذه الطرق إما أن تكون مادية وإما أن تكون معنوية. وهكذا يمكن التحدث عن التزوير المادي والتزوير المعنوي.
1- التزوير المادي:
يقصد بالتزوير المادي ذلك التزوير الذي يقع بوسيلة مادية ويترك أثراً ملموساً على المحرر. وقد يرد عن إنشاء المحرر أو بعد إنشائه. ونصت على طرق التزوير المادي المادة الخامسة والمادة الحادية عشرة من نظام مكافحة التزوير.
أما طرق التزوير المادي فهي:
أ*- وضع إمضاءات أو أختام أو بصمات مزورة.
ب*- تغيير أو تحريف المحررات أو الإمضاءات أو الأختام.
ت*- وضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقية.
ث*- الاصطناع.
ج*- التقليد.
ح*- إتلاف المحرر.
2- التزوير المعنوي:
التزوير المعنوي هو تغيير المحرر بطريقة لا تترك أثراً ملموساً على المحرر، ولا يتم إلا عند إنشاء المحرر.
وطرق التزوير المعنوي هي:
أ*- تغيير إقرارات أولى الشأن.
ب*- إثبات أمور كاذبة على أنها صحيحة أو معترف بها.
ت*- إساءة التوقيع على بياض.
المطلب الثالث : أن يكون من شأن تغيير الحقيقة الإضرار بالغير:
الضرر هو كل مساس بحق أو مصلحة يحميها القانون. ويترتب على انتفاء الضرر من تغيير الحقيقة الذي وقع في المحرر عدم وقوع جريمة التزوير. ولا يشترط أن يقع ضرر فعلي بل يكفي مجرد احتمالية وقوع الضرر. فمن قدم شيك مزور للمحكمة وكشف الخبير أنه مزور ورفضت الدعوى، يرتكب جريمة تزوير لأنه كان من المحتمل أن تقبل المحكمة الشيك وتحكم به على المدعى عليه. وبالتالي إذا لم يكن الضرر محتملاً فإنه لا تقع جريمة التزوير، ويترتب على أنه:
- لا تزوير إذا كان الكذب في المحرر مفضوحاً لا ينخدع به أحد.
- لا تزوير في حالة إذا لم يكن لدى الجاني نية استعمال المحرر المزور.
- لا تزوير إذا كان الحق الذي اصطنع المحرر لإثباته ثابتاً قطعاً.
- لا تزوير إذا نسب سند الدين لشخص وهمي لا وجود له.
ويستوي أن يكون الضرر مادياً أو أدبياً، أو أن يكون عاماً أو خاصاً، أو أن يكون حالاً أو محتملاً.
منقول لأمانه النشر
عن د. أحمد لطفي السيد مرعي
وفقاً لنظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم 114 بتاريخ 26/11/1380هـ
والمعدل بالمرسوم الملكي رقم 53 بتاريخ 5/11/1382هـ
تمهيد وتقسيم
"التزوير هو تغيير الحقيقة في بيان جوهري في محرر بإحدى الطرق التي نص عليها النظام تغيراً من شأنه أن يحدث ضرراً بالغير مع نية استعمال المحرر فيما زور من أجله".
من التعريف السابق يتضح أن التزوير كجريمة تتطلب توافر عدة شروط مفترضة وعدة أركان:
1- الشروط المفترضة في جريمة التزوير:
أ- أن يقع تغيير الحقيقة في محرر
ب- أن يقع التغيير على بيان جوهري
2- الركن المادي للتزوير يتمثل في:
أ- تغيير الحقيقة:
ب- أن يقع التغيير بإحدى الطرق المنصوص عليها نظاماً
ج- أن يكون من شأن تغيير الحقيقة إحداث ضرر بالغير
3- الركن المعنوي للتزوير يتمثل في:
أ- القصد الجنائي العام (العلم والإرادة)
ب- القصد الجنائي الخاص (نية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله).
المبحث الأول
الشروط المفترضة في جريمة التزوير
المطلب الأول : شرط المحرر:
يجب أن يقع التزوير في محرر، وهذا مستفاد من نص المادة الخامسة من النظام التي تتكلم عن "المخطوطات والأوراق والشهادات والسجلات والمستندات...الخ". والمحرر لا يعدو أن يكون إلا "كل مسطور أو مكتوب يتضمن كلمات وأرقام نتقل به الفكر من شخص للأخر ويترتب عليها أثر قانوني".
فلا يصح أن يكون المحرر مكوناً من أرقام فقط، كما هو الحال بالنسبة لعدادات حساب الاستهلاك مثل عدادات الكهرباء أو المياه أو السيارات، وكذا أرقام شاسيهات السيارات.
ولا يعد من قبيل المحررات النقود أو الأختام أو العلامات التجارية أو الماركات أو شرائط الكاسيت أو شرائط الفيديو...، فهي ليست محررات ولا تسري عليها أحكام التزوير، ولكن تغيير الحقيقية فيما يكتب عليها من بيانات يمكن أن تسري عليها أحكام حق المؤلف. ولا تعتبر الكتب والمؤلفات محررات، وبالتالي فإن من يغير اسم صاحب المؤلف ويكتب اسمه مكانه لا يرتكب جريمة التزوير بل يخالف حق المؤلف الذي تعاقب عليه بعض الأنظمة.
وإذا وقع التزوير على محرر فلا يهم، بقاء المحرر موجوداً، أو لغته أو نوع الكتابة عليه، أو طبيعته، أو الدعامة التي تحمله.
وتجدر الإشارة أنه قد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 3 بتاريخ 3/1/1406هـ كي يعتبر المساس بالصور الشمسية على المحررات الرسمية وغير الرسمية بأي طريقة جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من نظام مكافحة التزوير.
وتوضح المادة 14 من النظام أنه:
- تعد صور المحررات التي تبدو أنها أصل بذاتها محررات أصلية في تطبيق أحكام هذا النظام.
- كل من زوَّر الصور الضوئية أو المستندات المعالجة آلياً أو البيانات المخزنة في ذاكرة الحاسب الآلي أو على شريط أو أسطوانة ممغنطة أو غيرها من وسائط، أو استعملها وهو عالم بتزويرها يعاقب بالعقوبات الواردة في هذا النظام.
المطلب الثاني: شرط البيان الجوهري
يجب أن يكون تغيير الحقيقة في المحرر قد وقع على بيان جوهري من بياناته، ويعتبر البيان جوهرياً في حالة توافر أي من المعايير الثلاثة التالية:
1- معيار الإثبات: إذا كان المحرر معداً لإثبات بيان معين، فإن هذا البيان يعتبر جوهريا؛ فجواز السفر معد لإثبات الاسم والجنسية والسن، وكذلك بطاقة الأحوال. وشهادة الميلاد معدة لإثبات واقعة الميلاد والتسمي باسم معين من أب وأم معينين في مكان معين وفي تاريخ معين.وشهادة الجنسية كذلك معدة لإثبات اسم معين له جنسية معينة. وشهادة الراتب معدة لإثبات أن شخصاً معينا يتقاضى راتباً معيناً من جهة معينة وليست معدة لإثبات الجنسية.
2- توليد عقيدة مخالفة: إذا كان البيان الوارد في المحرر من شأنه أن يولد عقيدة مخالفة للواقع عند من يطلع عليه، فإنه يعتبر جوهرياً. فمن يطلع على وثيقة زواج يتولد لديه اعتقاد أن اسم رجل معين متزوج من امرأة معينة في تاريخ معين، ويصدق أن المرِأة خالية من الموانع الشرعية. فإذا اتضح أن المرأة لا تزال في عصمة رجل آخر أو أنها كانت مطلقة في عدة زوجها ولم تنقض تلك العدة، فإن العقد يعتبر مزوراً.أما بيان أن الزوجة "بكر" فإن المطلع على عقد الزواج لا يصدق بالضرورة أنها بكر، لأن الشخص العادي لا يصدق بالضرورة مثل هذا البيان في العقد. لذلك فإن هذا البيان ثانوي. كذلك فإن البيان الخاص بمهنة الزوج والمدون في وثيقة الزواج ليس إلا بياناً ثانوياً لا يقع بالكذب فيه جريمة التزوير.
3- معيار الأثر القانوني: إذا كان النظام يرتب أثراً معيناً على بيان معين، فإن هذا البيان يعد جوهرياً.ففي وثيقة الزواج يعتبر البيان الخاص بمؤخر الصداق مولداً للأثر قانوني مؤداه التزام معين على الزوج، وحقوق معينة للزوجة، وبالتالي فهو بيان جوهري يقع بتغيير الحقيقة فيه جريمة التزوير، كما لو اتفق الزوج والولي على أن يكون مؤخر الصداق مبلغاً معيناً، غير أن الولي اتفق مع المأذون على كتابة مبلغ أكبر مما اتفق عليه.
المبحث الثاني
الركن المادي في جريمة التزوير
يتكون الركن المادي لجريمة التزوير من نشاط إجرامي، مؤداه تغيير الحقيقة، على أن يقع هذا النشاط بطرق معينه، مرتباً لنتيجة معينه هي احتمالية الإضرار بالغير.
المطلب الأول : تغيير الحقيقة:
لما كان جوهر التزوير هو الكذب، فإنه لا يتصور وقوع جريمة التزوير بدون تغيير الحقيقة. فإذا لم يقع تغيير في الحقيقة فلا تزوير ولو كان الفاعل يظن أن ما أثبته مغاير للحقيقة. كمن يصحح اسم ورد خطأً في المحرر، أو يساعد مريضاً على إمضاء وصيته ممسكاً بيده. والراجح أنه لا تزوير إذا حصل تغيير الحقيقة من صاحب الحق في التغيير. كالمدين الذي يغير في محتوى سند الدين قبل تسليمه للدائن. وهنا يثور التساؤل عن حكم الصورية في العقود وتغيير الحقيقة في الإقرارات الفردية.
1- حكم الصورية في العقود:
يقصد بالصورية تغيير الحقيقة في محرر باتفاق أطرافه. والأصل أن الصورية لا تعتبر تزويراً سواء كانت صورية مطلقة أو نسبية. ما لم يترتب على تلك الصورية مساس بحق مقرر للغير. من ذلك أن يكتب أب لابنته عقداً ببيع أملاك له مع أنها لم تدفع الثمن، وهو بذلك يقصد حرمان أخيه من الميراث لأنه لم ينجب ابناً. ومن ذلك أيضا أن يكتب الطرفان في عقد بيع ثمن للعقار يزيد عن ثمنه الحقيقي حتى يمنعا الجار من المطالبة بالشفعة. أو أن الطرفان الثمن في العقد بغية التهرب من الرسوم المستحقة للدولة عند توثيق العقد.
2- حكم الكذب في الإقرارات الفردية:
يقصد بالإقرارات الفردية كل ما يصدر عن الشخص من جانب واحد فيما يتعلق بمركزه الشخصي (مهنته – حالته العائلية – مكاسبه المادية...الخ). كمن يتقدم بطلب إلى الجامعة يثبت فيه - على غير الحقيقة - أن ظروفه المادية صعبة بغية الحصول على معونة. أو التاجر الذي يقدم إقراراً ضريبياً يثبت فيه مبلغاً يقل عما حققه من أرباح، أو من يتقدم ببيان إلى الجمارك ذاكراً فيه قيمة أقل لبضائعه المستوردة.
والأصل أن الكذب في الإقرارات الفردية لا يعتبر تزويراً لأن الإقرار الفردي مازال خاضعاً للتدقيق والفحص والمراجعة.
غير أن الكذب في الإقرارات الفردية يسري عليه وصف التزوير في الحالات التالية:
أ- إذا كان مركز المقرر أقرب لمركز الشاهد (كالإقرار في وثائق الزواج والطلاق ودفاتر المواليد والوفيات).
ب- انتحال شخصية الغير في الإقرار الفردي.
المطلب الثاني: طرق التزوير
يجب أن يتم التزوير بإحدى الطرق التي نص عليها النظام؛ وهذه الطرق إما أن تكون مادية وإما أن تكون معنوية. وهكذا يمكن التحدث عن التزوير المادي والتزوير المعنوي.
1- التزوير المادي:
يقصد بالتزوير المادي ذلك التزوير الذي يقع بوسيلة مادية ويترك أثراً ملموساً على المحرر. وقد يرد عن إنشاء المحرر أو بعد إنشائه. ونصت على طرق التزوير المادي المادة الخامسة والمادة الحادية عشرة من نظام مكافحة التزوير.
أما طرق التزوير المادي فهي:
أ*- وضع إمضاءات أو أختام أو بصمات مزورة.
ب*- تغيير أو تحريف المحررات أو الإمضاءات أو الأختام.
ت*- وضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقية.
ث*- الاصطناع.
ج*- التقليد.
ح*- إتلاف المحرر.
2- التزوير المعنوي:
التزوير المعنوي هو تغيير المحرر بطريقة لا تترك أثراً ملموساً على المحرر، ولا يتم إلا عند إنشاء المحرر.
وطرق التزوير المعنوي هي:
أ*- تغيير إقرارات أولى الشأن.
ب*- إثبات أمور كاذبة على أنها صحيحة أو معترف بها.
ت*- إساءة التوقيع على بياض.
المطلب الثالث : أن يكون من شأن تغيير الحقيقة الإضرار بالغير:
الضرر هو كل مساس بحق أو مصلحة يحميها القانون. ويترتب على انتفاء الضرر من تغيير الحقيقة الذي وقع في المحرر عدم وقوع جريمة التزوير. ولا يشترط أن يقع ضرر فعلي بل يكفي مجرد احتمالية وقوع الضرر. فمن قدم شيك مزور للمحكمة وكشف الخبير أنه مزور ورفضت الدعوى، يرتكب جريمة تزوير لأنه كان من المحتمل أن تقبل المحكمة الشيك وتحكم به على المدعى عليه. وبالتالي إذا لم يكن الضرر محتملاً فإنه لا تقع جريمة التزوير، ويترتب على أنه:
- لا تزوير إذا كان الكذب في المحرر مفضوحاً لا ينخدع به أحد.
- لا تزوير في حالة إذا لم يكن لدى الجاني نية استعمال المحرر المزور.
- لا تزوير إذا كان الحق الذي اصطنع المحرر لإثباته ثابتاً قطعاً.
- لا تزوير إذا نسب سند الدين لشخص وهمي لا وجود له.
ويستوي أن يكون الضرر مادياً أو أدبياً، أو أن يكون عاماً أو خاصاً، أو أن يكون حالاً أو محتملاً.
منقول لأمانه النشر
عن د. أحمد لطفي السيد مرعي