عرفات تركى
04-06-2014, 10:33 AM
الغبن
في الفقه الإسلامي
إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيئات أعمالنا .
من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
و أ شهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه .
] يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون [ .
] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَ نِسَاءً وَ اتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَتَسَاءَلونَ بِهِ وَ الأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [ .
]يَا أ يها الذين آ منوا اتقوا الله و قولوا قَو لاً سَديداً يُصلح لَكُم أَعما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُو بَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً [ .
أما بعد :
فهذا بحث في الغبن بينت فيه أقوال أهل العلم و اجتهاداتهم حيث أن الغبن في الفقه الإسلامي تتنازعه للإعتداد به كعيب مؤثر في العقود عدة اجتهادات صنفتها إلى اجتهادين :
الاجتهاد الأول : يرى أن الغبن المجرد موجب لفسخ العقد عند تحققه .
و الاجتهاد الثاني : يرى ضرورة تزواج الغبن بالتغرير حتى يؤثر في صحة العقد .
و مما تقدم بقسم – بعون الله – هذه المبحث إلى عدة فروع :
الفرع الأول : الغبن المجرد موجب لفسخ العقد .
الفرع الثاني : الغبن المقترن بالتغرير هو الموجب لفسخ العقد .
الفرع الثالث : مناقشة أقوال و أدلة الفريقين و الترجيح بينهما .
الفرع الأول
الغبن المجرد موجب لفسخ العقد
ذهب ثلة من فقهاء الشريعة الإسلامية إلى أن للغبن أثره في إعطاء المتعاقد المغبون حق الخيار لفسخ العقد أو عدم فسخه ، و ذهب إلى هذا الاجتهاد ظاهر مذهب الإمام مالك ، و ابن حزم الظاهري و الحنفية في قول مرجوح و الحنابلة .
و استدل أصحاب الاجتهاد الأول بما يلي :
أ – الكتاب :
استدل أصحاب هذا الرأي على صحة اجتهادهم بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) ( النساء :29 ) يخاطب البيان الإلهي المؤمنين موجهاً إياهم بألا يأكلوا أموال بعضهم البعض بالباطل .
و لاشك بأن الغبن هو أحد أوجه هذا الباطل المحرم أكله على المؤمنين .
ب – السنة :
1- عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي مرفوعاً : غبن المسترسل ربا ) .
2- عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى : أن لا ضرر و لا ضرار ) .
و لا جرم أن الغبن نوع من أنواع الضرر الذي يجب إزالته إذا وقع بكل أشكاله و درجاته .
3- عن أبي أمامة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه ، حرم الله عليه الجنة ، و أوجب له النار . قالوا : و إن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله ؟ قال : و إن كان قضيباً من أراك ، و إن كان قضيباً من أراك . قالها ثلاث مرات .
وجه الاستدلال بهذا الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن من اقتطع حق امرئ مسلم مهما كانت قيمته و إن كان قضيباً من أراك فإن نصيبه النار ، و لا جرم أن الغبن من ضمن أحكام هذا الحديث .
ج*- الأثر :
1- روى ابن حزم عن ابن سيرين : أن رجلاً قدم المدينة بجواري فنزل على ابن عمر فذكر الحديث ، وفيه أنه باع جارية من ابن جعفر ، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر ، فقال : يا أبا عبد الرحمن غبنت بسبعمائة درهم . فأتى ابن عمر إلى عبد الله بن جعفر، فقال : أنه غبن بسبعمائة درهم فإما أن تعطيها إياه و إما أن ترد عليه بيعه ، فقال ابن جعفر ، بل نعطيها إياه .
وجه دلالة هذا الأثر أن عبد الله بن جعفر و ابن عمر رأيا رد هذا البيع بسبب إشابته بالغبن المجرد الذي لم يشوبه التغرير أيضاً .
2- عن أبي بن كعب أن عمر بن الخطاب ، والعباس بن عبد المطلب تحاكما إليه في دار كانت للعباس إلى جانب المسجد أراد عمر أخذها ليزيدها في المسجد و أبى العباس ، فقال أبي ابن كعب لهما : لما أمر سليمان بناء بيت المقدس كانت أرضه لرجل فاشتراها سليمان منه فلما اشتراها قال له الرجل : الذي أخذت مني أم الذي أعطيتني ؟ قال سليمان : بل الذي أخذت منك ، قال : فإني لا أجيز البيع فرده ، فزاده ، ثم سأله ؟ فأخبره فأبى أن يجيزه .
و جه الاستدلال بهذا الأثر أن الغبن المجرد موجب لفسخ العقد على الرغم من عدم اقترافه بأي تغرير .
د– المعقول :
أن الغبن ظلم و الله قد حرم الظلم على نفسه و جعله محرماً بين عباده ، و الشريعة .
عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، عن الله تبارك و تعالى قال : يا عبادي ! إني قد حرمت الظلم على نفسي ، و جعلته محرما بينكم فلا تظالموا .
فالشريعة الإسلامية حاربت الظلم بكل أنواعه و أشكاله و جعلته محرماً بين العباد .
و الغبن هو إحدى الأشكال التي حاربها الإسلام ، فدعى المتعاقدين إلى عدم أكل أموال بعضهم البعض إلا عن تراض .
قال تعالى : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) ( النساء : 29 ) .
الفرع الثاني
الغبن المقترن بالتغرير موجب لفسخ العقد
ذهب إلى هذا الاجتهاد رأي راجح عند الحنفية و الشافعية و المالكية في رأي راحج و الحنابلة .
و استدل هؤلاء الفقهاء بعدم الاعتداد بالغبن إلا إذا كان مقترناً بالتغرير بالحديث النبوي الشريف و العقل السليم .
أ – الحديث النبوي الشريف :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً أن رجلاً ذكر للنبي صلى الله عليه و سلم أنه يخدع في البيوع ، فقال : إذا تبايعتم فقل : لا خلابة .
قال ابن حجر : كأنه أشار بهذه الترجمة – أي الإمام البخاري – إلى أن الخداع في البيع مكروه و لكنه لا يفسخ البيع إلا إذا شرط المشتري الخيار على ما تشعر به القصة المذكورة في الحديث .. و استدل بهذا الحديث لأحمد و أحمد في قولي مالك أنه يرد بالغبن الفاحش لمن لم يعرف قيمة السلعة و تعقب بأنه صلى الله عليه وسلم إنما جعل له الخيار لضعف عقله و لو كان يملك به الفسخ لما احتاج إلى شرط الخيار .
و قال الشوكاني : استدل بهذه القصة على ثبوت الخيار لمن قال لا خلابة سواء غبن أم لا ، و سواء وجد غشاً أم لا ...... و الظاهر أنه لا يثبت الخيار إلا إذا وجدت خلابة .
ب – الأثر :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : بعت من أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالوادي بمال له بخيبر فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته خشية أن يرادني البيع ، و كانت السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا ، قال عبد الله : فلما وجب بيعي و بيعه رأيت أني قد غبنته بأني سقته إلى أرض ثمود بثلاث ليال ، وساقني إلى المدينة بثلاث ليال .
وجه الاستدلال بهذا الأثر أن ابن عمر قد غبن عثمان رضي الله عنه و مع ذلك لم يفسخ العقد لما يدل على أن الغبن المجرد ليس له أثر إلا إذا اقترن بالتغرير .
ج- المعقول :
1- قال ابن عابدين : إذ الرد مطلقاً ليس أرفق بالناس بل خلاف الأرفق ، لأنه يؤدي إلى كثرة المخاصمة و المنازعة في كثير من البيوع إذ لم تزل أصحاب التجارة يربحون في بيوعهم الربح الوفير ، و يجوز بيع القليل بالكثير و عكسه( ) .
2- ليس من مهمة المشرع أن يمنع التغابن المجرد عن الغش و الخديعة إنما مهمته أن يقيم المتعاقدين على قدم المساواة في الأهلية و الحرية كما أن على كل إن يحمي نفسه من الغبن و إن قصر في فتبعة المهمل أن تكون على حسابه .( )
الفرع الثالث
مناقشة الأدلة و الترجيح
في ضوء ما تقدم نرى أن كلاً من الفريقين – يرحمهم الله تعالى – قد جاء بأدلة قوية لتدعيم اجتهاده القائلون بوجوب اقتران التغرير بالغبن حتى يكون للغبن مفعوله لفسخ العقد استدلوا فيما اجتهدوا به بالحديث و الأثر و المعقول .
بالنسبة للحديث فهو حديث صحيح رواه البخاري و مسلم - رضوان الله عليهما – و غيرهما و وجه الاستدلال بهذا الحديث ربما يدل على وجوب اقتران التغرير بالغبن لثبوت الخيار ، و لكن أيضاً يمكن أن يستدل على أن الغبن وحده كاف لثبوت خيار الغبن لأن الخلابة تعني الخديعة ومن الخديعة الغبن في السعر .
أما بالنسبة للأثر المروي عن ابن عمر رضي الله عنهما فهو صحيح أيضاً بيد أنه يمكن أن يفسر بطريقة ثانية ، وهي أن ابن عمر قد ظن أنه غبن عثمان بن عفان ، و هذا الظن قد تولد بعد خروج ابن عمر من المجلس لقوله : فلما وجب بيعي رأيت أني قد غبنته " فعبد الله قد ظن بالغبن بعد خروجه من المجلس و ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين .( )
فعبد الله بن عمر و عثمان بن عفان قد تبايعا بعد أن تساوما و تماكسا و علم كل واحد منهما أنه غير مغبون في بيعه أو شرائه ثم تولد الشك بالغبن عند ابن عمر ، بيد أن عثمان بن عفان ظل على يقينه بأنه لم يغبن ، ولو كان غير ذلك لطلب فسخ العقد ، والله سبحانه أعلم .
أما بالنسبة لما أورده ابن عابدين من حجج ، فيكم الرد عليها بما يلي :
أن قول ابن عابدين أن التجارة مبنية على الربح و الخسارة فهذا القول صحيح لا غبار عليه أبداً .
أما قوله أن هذا الربح يمكن جنايته عن طريق التغابن فهذا لا يصح على الإطلاق . فالغبن سواء أكان يسيراً أو فاحشاً فهو سحت لا يجوز أكله ، بيد أن قيده بالغبن الفاحش ليكون له أثر في العقود لكثرة وقوع الغبن اليسير و عدم أهميته بالمقارنة مع ما يثيره من مشاكل أما القضاء المزدحم بالقضايا الأكثر أهمية و خطراً منه أي الغبن الفاحش المعتبر أمام القضاء لأهميته و خطورته على السوق و أهله ، فالربح لا يحل للتاجر المسلم ، إلا إذا سلمت معاملاته التجارية من الحرام . أما إذا اشتملت على محرم كالتجارة بالأعيان المحرمة مثل الخنازير و الخمور .... إلخ أو التعامل الربا أو الاحتكار أو الغش أو التدليس ، أو إخفاء سعر الوقت أو التطفيف و نحوها فإن ترتب عليها من الربح يكون حراماً ( ) فالربح الحلال لا يكون عن طريق الغبن الفاحش أو اليسير ذلك أن الربح شئ و الغبن شئ آخر و لا تلازم بينهما أبداً .
فالغبن هو ما نقص أو زاد على سعر السلعة في السوق أما الربح ، فقد يتحقق و يزيد على سعر السلعة أضعافاً من دون أن يكون هناك أي غبن كأن ياتي أحد التجار بسولع بسعر رخيص من خارج بلدته ُمن يبيعها بسعر السوق مما قد يحقق ربحاً و قدره أكثر من 100% أو ربما أكثر من 200% و دون أن تعتبر ذلك غبنا فاحشاً .
ذلك أن الإسلام لم يضع أي حد للربح بل ترك الأمر مفتوحاً حسب ظروف السوق و أحواله بشرط عدم الغش والغرر و الظلم بين المتعاقدين .
أما بالنسبة لقول ابن عابدين : ليس من مهمة المشرع أن يمنع التغابن المجرد عن الغش والخديعة ... ) .
فإن هذا القول يمكن رده بأن المشرع يمنع كل أنواع الضرر الواقع على السوق الإسلامية و أهله ، لذلك نرى الشارع الحكيم حرم الربا بكل أنزاعه و أشكاله و درجاته و ما الربا حقيقة إلا نوع من أنواع الغبن .
أما بالنسبة للرد على القول القائل بأن على الإنسان أن يحمي نفسه من الغبن و عن قصر في ذلك فتبعة المهمل يجب أن تكون على حسابه .
فهذه الحجة من السهل الرد عليها ذلك أن الشريعة الإسلامية عادلة تحمي الضعيف من القوي كما تحمي القوي من أكل أموال الناس . لذلك نراها قد حرمت تلقي الركبان ، و بيع الحاضر للبادي و ، بيع المسترسل حماية للضعيف من ظلام السوق .
أما بالنسبة عن الحجة التي تقول أن قبول الغبن المجرد يؤدي إلى كثرة المخاصمات و المنازعات .
فأقول : أن عدم قبول المنازعات قد تؤدي إلى غرس روح الفتنة والعدائية بين المتعاقدين الذين يحاولون أخذ حقوقهم بطرق غير شرعية بعيدا عن القضاء و أساليبه الوقائية و العلاجية .
هذا بالنسبة للرد على حجج أصحاب الاجتهاد القائل بعدم فعالية الغبن إلا إذا كان مقترناً بالتغرير .
أما بالنسبة لمناقشة حجج القائلين بفعالية الغبن المجرد و لو لم يكن مقترنا بالتغرير ، فالحجة التي ليست بصالحهم هي استنادهم على حديث ضعيف جداً هو : غبن المستلرسل ربا )( ) الذي قال عنه أهل العلم بأنه ضعيف جدا لا يصح الاعتماد عليه في استنباط الأحكام .
بيد أنهم استندوا أيضا فيما اجتهدوا به إلى أحاديث صحيحة كثيرة بالإضافة إلى ما رواه ابن حزم من آثار تبين فعالية الغبن المجرد و لو لم يكن مقترناً بالتغرير .
و أخيراً و مما تقدم يتبين لنا أن الراجح من الاجتهادين هو الاجتهاد القائل : بفعالية الغبن المجرد و لو لم يكن مقترنا بالتغرير . لقوة أدلته التي استند إليها ، ولأن هذا القول يحقق مصالح حسنة للسوق و أهله و للمتعاملين معهم و لما له من دور فعال في مقاومة الظلم و أشكاله .
قال تعالى :( يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ( التغابن : 9 ) .
فقد استدل أهل العلم بهذه الآية على أنه : ( لا يجوز الغبن في المعاملة الدنيوية ، لأن الله تعالى خصص التغابن بيوم القيامة ، فقال : ذلك يوم التغابن ) و هذا الاختصاص يفيد أنه لا غبن في الدنيا ، فكل من اطلع على غبن في مبيع ، فإنه مردود ) ( ) 0 و الله أعلم .
قال الله تعالى : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) ( البقرة : 285 - 286)
و الحمد لله رب العالمين
بقلم
للشيخ المحامي الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقاً
و مدير مكتب جامعة سانت كلمنتس العالمية في حلب سورية
و الباحث في الدراسات الفقهية و القانونية
في الفقه الإسلامي
إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيئات أعمالنا .
من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
و أ شهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه .
] يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون [ .
] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَ نِسَاءً وَ اتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَتَسَاءَلونَ بِهِ وَ الأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [ .
]يَا أ يها الذين آ منوا اتقوا الله و قولوا قَو لاً سَديداً يُصلح لَكُم أَعما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُو بَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً [ .
أما بعد :
فهذا بحث في الغبن بينت فيه أقوال أهل العلم و اجتهاداتهم حيث أن الغبن في الفقه الإسلامي تتنازعه للإعتداد به كعيب مؤثر في العقود عدة اجتهادات صنفتها إلى اجتهادين :
الاجتهاد الأول : يرى أن الغبن المجرد موجب لفسخ العقد عند تحققه .
و الاجتهاد الثاني : يرى ضرورة تزواج الغبن بالتغرير حتى يؤثر في صحة العقد .
و مما تقدم بقسم – بعون الله – هذه المبحث إلى عدة فروع :
الفرع الأول : الغبن المجرد موجب لفسخ العقد .
الفرع الثاني : الغبن المقترن بالتغرير هو الموجب لفسخ العقد .
الفرع الثالث : مناقشة أقوال و أدلة الفريقين و الترجيح بينهما .
الفرع الأول
الغبن المجرد موجب لفسخ العقد
ذهب ثلة من فقهاء الشريعة الإسلامية إلى أن للغبن أثره في إعطاء المتعاقد المغبون حق الخيار لفسخ العقد أو عدم فسخه ، و ذهب إلى هذا الاجتهاد ظاهر مذهب الإمام مالك ، و ابن حزم الظاهري و الحنفية في قول مرجوح و الحنابلة .
و استدل أصحاب الاجتهاد الأول بما يلي :
أ – الكتاب :
استدل أصحاب هذا الرأي على صحة اجتهادهم بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) ( النساء :29 ) يخاطب البيان الإلهي المؤمنين موجهاً إياهم بألا يأكلوا أموال بعضهم البعض بالباطل .
و لاشك بأن الغبن هو أحد أوجه هذا الباطل المحرم أكله على المؤمنين .
ب – السنة :
1- عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي مرفوعاً : غبن المسترسل ربا ) .
2- عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى : أن لا ضرر و لا ضرار ) .
و لا جرم أن الغبن نوع من أنواع الضرر الذي يجب إزالته إذا وقع بكل أشكاله و درجاته .
3- عن أبي أمامة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه ، حرم الله عليه الجنة ، و أوجب له النار . قالوا : و إن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله ؟ قال : و إن كان قضيباً من أراك ، و إن كان قضيباً من أراك . قالها ثلاث مرات .
وجه الاستدلال بهذا الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن من اقتطع حق امرئ مسلم مهما كانت قيمته و إن كان قضيباً من أراك فإن نصيبه النار ، و لا جرم أن الغبن من ضمن أحكام هذا الحديث .
ج*- الأثر :
1- روى ابن حزم عن ابن سيرين : أن رجلاً قدم المدينة بجواري فنزل على ابن عمر فذكر الحديث ، وفيه أنه باع جارية من ابن جعفر ، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر ، فقال : يا أبا عبد الرحمن غبنت بسبعمائة درهم . فأتى ابن عمر إلى عبد الله بن جعفر، فقال : أنه غبن بسبعمائة درهم فإما أن تعطيها إياه و إما أن ترد عليه بيعه ، فقال ابن جعفر ، بل نعطيها إياه .
وجه دلالة هذا الأثر أن عبد الله بن جعفر و ابن عمر رأيا رد هذا البيع بسبب إشابته بالغبن المجرد الذي لم يشوبه التغرير أيضاً .
2- عن أبي بن كعب أن عمر بن الخطاب ، والعباس بن عبد المطلب تحاكما إليه في دار كانت للعباس إلى جانب المسجد أراد عمر أخذها ليزيدها في المسجد و أبى العباس ، فقال أبي ابن كعب لهما : لما أمر سليمان بناء بيت المقدس كانت أرضه لرجل فاشتراها سليمان منه فلما اشتراها قال له الرجل : الذي أخذت مني أم الذي أعطيتني ؟ قال سليمان : بل الذي أخذت منك ، قال : فإني لا أجيز البيع فرده ، فزاده ، ثم سأله ؟ فأخبره فأبى أن يجيزه .
و جه الاستدلال بهذا الأثر أن الغبن المجرد موجب لفسخ العقد على الرغم من عدم اقترافه بأي تغرير .
د– المعقول :
أن الغبن ظلم و الله قد حرم الظلم على نفسه و جعله محرماً بين عباده ، و الشريعة .
عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، عن الله تبارك و تعالى قال : يا عبادي ! إني قد حرمت الظلم على نفسي ، و جعلته محرما بينكم فلا تظالموا .
فالشريعة الإسلامية حاربت الظلم بكل أنواعه و أشكاله و جعلته محرماً بين العباد .
و الغبن هو إحدى الأشكال التي حاربها الإسلام ، فدعى المتعاقدين إلى عدم أكل أموال بعضهم البعض إلا عن تراض .
قال تعالى : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) ( النساء : 29 ) .
الفرع الثاني
الغبن المقترن بالتغرير موجب لفسخ العقد
ذهب إلى هذا الاجتهاد رأي راجح عند الحنفية و الشافعية و المالكية في رأي راحج و الحنابلة .
و استدل هؤلاء الفقهاء بعدم الاعتداد بالغبن إلا إذا كان مقترناً بالتغرير بالحديث النبوي الشريف و العقل السليم .
أ – الحديث النبوي الشريف :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً أن رجلاً ذكر للنبي صلى الله عليه و سلم أنه يخدع في البيوع ، فقال : إذا تبايعتم فقل : لا خلابة .
قال ابن حجر : كأنه أشار بهذه الترجمة – أي الإمام البخاري – إلى أن الخداع في البيع مكروه و لكنه لا يفسخ البيع إلا إذا شرط المشتري الخيار على ما تشعر به القصة المذكورة في الحديث .. و استدل بهذا الحديث لأحمد و أحمد في قولي مالك أنه يرد بالغبن الفاحش لمن لم يعرف قيمة السلعة و تعقب بأنه صلى الله عليه وسلم إنما جعل له الخيار لضعف عقله و لو كان يملك به الفسخ لما احتاج إلى شرط الخيار .
و قال الشوكاني : استدل بهذه القصة على ثبوت الخيار لمن قال لا خلابة سواء غبن أم لا ، و سواء وجد غشاً أم لا ...... و الظاهر أنه لا يثبت الخيار إلا إذا وجدت خلابة .
ب – الأثر :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : بعت من أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالوادي بمال له بخيبر فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته خشية أن يرادني البيع ، و كانت السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا ، قال عبد الله : فلما وجب بيعي و بيعه رأيت أني قد غبنته بأني سقته إلى أرض ثمود بثلاث ليال ، وساقني إلى المدينة بثلاث ليال .
وجه الاستدلال بهذا الأثر أن ابن عمر قد غبن عثمان رضي الله عنه و مع ذلك لم يفسخ العقد لما يدل على أن الغبن المجرد ليس له أثر إلا إذا اقترن بالتغرير .
ج- المعقول :
1- قال ابن عابدين : إذ الرد مطلقاً ليس أرفق بالناس بل خلاف الأرفق ، لأنه يؤدي إلى كثرة المخاصمة و المنازعة في كثير من البيوع إذ لم تزل أصحاب التجارة يربحون في بيوعهم الربح الوفير ، و يجوز بيع القليل بالكثير و عكسه( ) .
2- ليس من مهمة المشرع أن يمنع التغابن المجرد عن الغش و الخديعة إنما مهمته أن يقيم المتعاقدين على قدم المساواة في الأهلية و الحرية كما أن على كل إن يحمي نفسه من الغبن و إن قصر في فتبعة المهمل أن تكون على حسابه .( )
الفرع الثالث
مناقشة الأدلة و الترجيح
في ضوء ما تقدم نرى أن كلاً من الفريقين – يرحمهم الله تعالى – قد جاء بأدلة قوية لتدعيم اجتهاده القائلون بوجوب اقتران التغرير بالغبن حتى يكون للغبن مفعوله لفسخ العقد استدلوا فيما اجتهدوا به بالحديث و الأثر و المعقول .
بالنسبة للحديث فهو حديث صحيح رواه البخاري و مسلم - رضوان الله عليهما – و غيرهما و وجه الاستدلال بهذا الحديث ربما يدل على وجوب اقتران التغرير بالغبن لثبوت الخيار ، و لكن أيضاً يمكن أن يستدل على أن الغبن وحده كاف لثبوت خيار الغبن لأن الخلابة تعني الخديعة ومن الخديعة الغبن في السعر .
أما بالنسبة للأثر المروي عن ابن عمر رضي الله عنهما فهو صحيح أيضاً بيد أنه يمكن أن يفسر بطريقة ثانية ، وهي أن ابن عمر قد ظن أنه غبن عثمان بن عفان ، و هذا الظن قد تولد بعد خروج ابن عمر من المجلس لقوله : فلما وجب بيعي رأيت أني قد غبنته " فعبد الله قد ظن بالغبن بعد خروجه من المجلس و ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين .( )
فعبد الله بن عمر و عثمان بن عفان قد تبايعا بعد أن تساوما و تماكسا و علم كل واحد منهما أنه غير مغبون في بيعه أو شرائه ثم تولد الشك بالغبن عند ابن عمر ، بيد أن عثمان بن عفان ظل على يقينه بأنه لم يغبن ، ولو كان غير ذلك لطلب فسخ العقد ، والله سبحانه أعلم .
أما بالنسبة لما أورده ابن عابدين من حجج ، فيكم الرد عليها بما يلي :
أن قول ابن عابدين أن التجارة مبنية على الربح و الخسارة فهذا القول صحيح لا غبار عليه أبداً .
أما قوله أن هذا الربح يمكن جنايته عن طريق التغابن فهذا لا يصح على الإطلاق . فالغبن سواء أكان يسيراً أو فاحشاً فهو سحت لا يجوز أكله ، بيد أن قيده بالغبن الفاحش ليكون له أثر في العقود لكثرة وقوع الغبن اليسير و عدم أهميته بالمقارنة مع ما يثيره من مشاكل أما القضاء المزدحم بالقضايا الأكثر أهمية و خطراً منه أي الغبن الفاحش المعتبر أمام القضاء لأهميته و خطورته على السوق و أهله ، فالربح لا يحل للتاجر المسلم ، إلا إذا سلمت معاملاته التجارية من الحرام . أما إذا اشتملت على محرم كالتجارة بالأعيان المحرمة مثل الخنازير و الخمور .... إلخ أو التعامل الربا أو الاحتكار أو الغش أو التدليس ، أو إخفاء سعر الوقت أو التطفيف و نحوها فإن ترتب عليها من الربح يكون حراماً ( ) فالربح الحلال لا يكون عن طريق الغبن الفاحش أو اليسير ذلك أن الربح شئ و الغبن شئ آخر و لا تلازم بينهما أبداً .
فالغبن هو ما نقص أو زاد على سعر السلعة في السوق أما الربح ، فقد يتحقق و يزيد على سعر السلعة أضعافاً من دون أن يكون هناك أي غبن كأن ياتي أحد التجار بسولع بسعر رخيص من خارج بلدته ُمن يبيعها بسعر السوق مما قد يحقق ربحاً و قدره أكثر من 100% أو ربما أكثر من 200% و دون أن تعتبر ذلك غبنا فاحشاً .
ذلك أن الإسلام لم يضع أي حد للربح بل ترك الأمر مفتوحاً حسب ظروف السوق و أحواله بشرط عدم الغش والغرر و الظلم بين المتعاقدين .
أما بالنسبة لقول ابن عابدين : ليس من مهمة المشرع أن يمنع التغابن المجرد عن الغش والخديعة ... ) .
فإن هذا القول يمكن رده بأن المشرع يمنع كل أنواع الضرر الواقع على السوق الإسلامية و أهله ، لذلك نرى الشارع الحكيم حرم الربا بكل أنزاعه و أشكاله و درجاته و ما الربا حقيقة إلا نوع من أنواع الغبن .
أما بالنسبة للرد على القول القائل بأن على الإنسان أن يحمي نفسه من الغبن و عن قصر في ذلك فتبعة المهمل يجب أن تكون على حسابه .
فهذه الحجة من السهل الرد عليها ذلك أن الشريعة الإسلامية عادلة تحمي الضعيف من القوي كما تحمي القوي من أكل أموال الناس . لذلك نراها قد حرمت تلقي الركبان ، و بيع الحاضر للبادي و ، بيع المسترسل حماية للضعيف من ظلام السوق .
أما بالنسبة عن الحجة التي تقول أن قبول الغبن المجرد يؤدي إلى كثرة المخاصمات و المنازعات .
فأقول : أن عدم قبول المنازعات قد تؤدي إلى غرس روح الفتنة والعدائية بين المتعاقدين الذين يحاولون أخذ حقوقهم بطرق غير شرعية بعيدا عن القضاء و أساليبه الوقائية و العلاجية .
هذا بالنسبة للرد على حجج أصحاب الاجتهاد القائل بعدم فعالية الغبن إلا إذا كان مقترناً بالتغرير .
أما بالنسبة لمناقشة حجج القائلين بفعالية الغبن المجرد و لو لم يكن مقترنا بالتغرير ، فالحجة التي ليست بصالحهم هي استنادهم على حديث ضعيف جداً هو : غبن المستلرسل ربا )( ) الذي قال عنه أهل العلم بأنه ضعيف جدا لا يصح الاعتماد عليه في استنباط الأحكام .
بيد أنهم استندوا أيضا فيما اجتهدوا به إلى أحاديث صحيحة كثيرة بالإضافة إلى ما رواه ابن حزم من آثار تبين فعالية الغبن المجرد و لو لم يكن مقترناً بالتغرير .
و أخيراً و مما تقدم يتبين لنا أن الراجح من الاجتهادين هو الاجتهاد القائل : بفعالية الغبن المجرد و لو لم يكن مقترنا بالتغرير . لقوة أدلته التي استند إليها ، ولأن هذا القول يحقق مصالح حسنة للسوق و أهله و للمتعاملين معهم و لما له من دور فعال في مقاومة الظلم و أشكاله .
قال تعالى :( يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ( التغابن : 9 ) .
فقد استدل أهل العلم بهذه الآية على أنه : ( لا يجوز الغبن في المعاملة الدنيوية ، لأن الله تعالى خصص التغابن بيوم القيامة ، فقال : ذلك يوم التغابن ) و هذا الاختصاص يفيد أنه لا غبن في الدنيا ، فكل من اطلع على غبن في مبيع ، فإنه مردود ) ( ) 0 و الله أعلم .
قال الله تعالى : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) ( البقرة : 285 - 286)
و الحمد لله رب العالمين
بقلم
للشيخ المحامي الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقاً
و مدير مكتب جامعة سانت كلمنتس العالمية في حلب سورية
و الباحث في الدراسات الفقهية و القانونية