عرفات تركى
04-06-2014, 10:38 AM
تعريف الاستحلاف فى اللغة
جاء فى لسان العرب فى مادة حلف (1): الحلف والحلف: القسم، وحلف أى أقسم يحلف حلفا وحلفا وحلفا، وأحلفت الرجل
وحلفته واستحلفته بمحنى واحد (وهو طلب الحلف.) وقد استحلفه بالله ما فعل ذلك، والحلف: اليمين واصلها العقد بالعزم والنية، والحلف العهد يكون بين القوم وفى المادة معان أخرى كثيرة.
تعريف الاستحلاف فى الشرع
استعمل. الفقهاء (2) الاستحلاف بمعنى طلب اليمين ممن تتوجه عليه بسبب إنكار حق أو إثباته وسواء كان هو المدعى عليه أو المدعى، وأن الإتيان بالسين والتاء للإشعار بالطلب.
متى يثبت حق الاستحلاف
مذهب الحنفية (3):
يثبت حق الاستحلاف عند الحنفية بالإنكار من المدعى عليه والعجز عن إقامة
البينة من المدعى لقول النبى صلى الله عليه وسلم للمدعى: ألك بينة؟ فقال: لا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لك يمينه، فإن النبى عليه السلام ذكر اليمين بعد ما عجز المدعى عن البينة، ولأن اليمين وجبت للحاجة إلى دفع التهمة وهى تهمة الكذب فى الإنكار، فإذا كان ضرا فلا حاجة إلى اليمين لأن الإنسان لا يتهم فى الإقرار على نفسه.
ويثبت حق الاستحلاف بالطلب من المدعى لأن اليمين وجبت على المدعى عليه حقا للمدعى وحق الإنسان قبل غيره واجب الإيفاء عند طلبه.
وإذا قال (4) المدعى لى بينة حاضرة فى المصر وطلب يمين خصمه لم يستحلف عند أبى حنيفة وقال أبو يوسف: يستحلف لان اليمين حقه بالحديث المعروف وهو قوله عليه الصلاة والسلام: لك يمنه، فإذا طالبه به يجيبه، ولأبى حنيفة أن ثبوت الحق فى اليمين مرتب على العجز عن إقامة البينة لما روينا من قوله عليه الصلاة والسلام للمدعى: ألك بينة؟ فقال: لا، فقال: لك يمينه، فإنه عليه الصلاة والسلام ذكر اليمين بعد ما عجز المدعى عن البينة فلا يكون حقه دونه كما إذا كانت البينة حاضرة فى مجلس الحكم حيث لا يحلف اتفاقا.
مذهب المالكية :
يذهب المالكية (5) إلى أن حق الاستحلاف يثبت على المدعى عليه عند إنكاره وعدم إقامة البينة من المدعى .
لكنهم يختلفون فى هل يشترط إثبات الخلطة لتوجه اليمين على المدعى عليه أم لا تشترط ؟ وتتوجه اليمين ولو لم تثبت خلطه .
أما الإمام مالك وعامة أصحابه فإنهم يرون أنه لابد من إثبات الخلطة لتوجه اليمين وهو أن يثبت المدعى أنه خالط المدعى عليه بدين ولو مرة أو تكرر بينهما بيع بالنقد الحال ، وإن كان ثبوت الخلطة بشهادة امرأة لأن القصد من الخلطة هو حصول الظن بثبوت المدعى به وهو يثبت بشهادة الواحد ولو أنثى وهذا الرأى المشهور فى المذهب كما قال الدسوقى .
وأما ابن نافع وصاحب المبسوط وابن عبد الحكم وابن لبابه وغير هؤلاء من المتأخرين فإنهم يرون أن اليمين تتوجه على المدعى عليه عند الإنكار والعجز عن البينة ولو لم تثبت خلطة وذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم البينة على المدعى واليمين على من أنكر ، وهذا الرأى هو مقابل المشهور لكنه الرأى المعتمد فى المذهب كما قال الدسوقى وذلك لجريان العمل به وما جرى عليه العمل مقدم على المشهور فى المذهب إن خالفه .
وفى هامش الفروق (6) قسم الدعوى التى لا يحتاج فى إثباتها إلى شهادة شاهدين إلى نوعين:
النوع الأول ما يشهد به العرف وهذه يشرع التحليف فيها ع بمجردها بلا شرط خلطة ونحوها وعد من ذلك مسائل كثيرة كالقاتل يدعى أن ولى المقتول كفا عنه.
والنوع الثانى ما لم يتعرض العرف لتكذيبها ولا تصديقها فهذه لا يشرع فيها التحليف إلا بإثبات خلطة كما إذا ادعى على الرجل المبرز من ليس من شكله ولا نطه فلا تجب له اليمين عليه إلا بثبوت الخلطة.
وأما ابن سهل فقد قال فى التبصرة : قال غير واحد من المتأخرين: إنما تراعى الخلطة فيما يتعلق بالذمم من الحقوق، أما الأشياء المعينة التى يقع التداعى فيها بينهما فاليمين لاحقة من غير خلطة.
وقد استثنى (7) من اشتراط الخلطة مسائل تتوجه فيها أليمين وإن لم تثبت الخلطة اتفاقا والخلاف إنما هو فى عداها وذلك كالصناع يدعى عليهم بمالهم فيه صنعة فإنهم يحلفون ولو لم تثبت خلطة ومثلهم التجار لأن نصب أنفسهم للناس بالصناعة والبيع والشراء فى معنى الخلطة وكذلك الضيف الغريب يدعى أو يدعى عليه فى شىء معين، ودعوى الوديعة على أهلها والمسافر يدعى على بعض رفقته بشىء ودعوى المريض فى مرض موته على غيره بدين، ودعوى البائع على حاضر المزايدة.
وما مر من اشتراط الخلطة عند توجه اليمين إنما هو فى دعوى المال فقد قال ابن رشد (8): إن كانت الدعوى فى مال وجبت اليمين على المدعى عليه بشرط الخلطة وقال بذلك السبعة من فقهاء المدينة وعمدتهم فى ذلك النظر إلى المصلحة لكيلا يتطرق الناس بالدعاوى إلى تعنيت بعضهم بعضا، ومن هنا لم ير الإمام مالك رضى الله عنه احلاف المرأة زوجها إذا ادعت عليه الطلاق إلا أن يكون معها شاهد وكذلك احلاف العبد سيده فى دعوى العتق عليه، أما إن كانت الدعوى فى غير مال بأن كانت فى طلاق أو نكاح أو قتل فلا تجب اليمن إلا مع الشاهد.
والضابط فى ذلك أن كل دعوى لا تثبت (9) إلا بعد لين كالحق والطلاق والنكاح والتمليك والمبارأة والإسلام والردة والشرب والقذف فلا تنبت اليمين بمجرد الدعوى من المدعى بل لابد من شاهد فإذا ادعى (10) إنسان على شخص أنه قتل وليه ولم يقم بينه فلا يمين على ذلك الشخص المدعى عليه وكذلك إذا ادعى إنسان على ولى مجبرة أنه زوجه بنته أو أمته ولم يقم بينه فلا يمين على الولى ففى مثل هذه المسائل التى لا تثبت إلا بعد لين لا تتوجه اليمين فيها على المدعى عليه حتى يقيم المدعى عليها شاهدا واحدا وحينئذ يحلف المدعى عليه لرد شهادة الشاهد ولا ترد اليمين على المدعى إذ لا ثمرة فى ردها عليه مع كون الدعوى لا تثبت إلا بعد لين فان لم تتجرد الدعوى بأن أقام المدعى عدلا واحدا فقط توجهت اليمين لرد شهادة الشاهد لكن ذلك فى غير دعوى لنكاح كما لو ادعى رجل أن فلانا زوجه ابنته وأنكر الأب فأقام الزوج شاهدا واحدا بذلك فلا تتوجه اليمين على الأب ولا يثبت النكاح لان النكاح مبنى على الشهرة فشهادة واحد فيه ريبة فتكون كالعدم.
أما الدعوى (11) التى تثبت بثساهدين أو شاهد وامرأتين أو أحدهما ويمين فان اليمين تتوجه فيها على المدعى عليه وترد على المدعى إن أراد المدعى عليه ردفا إليه، وكما تتوجه اليمين على المدعى عليه عند الإنكار وعدم البينة من المدعى فإنها تتوجه على المدعى تكملة للنصاب (12) كما إذا أقام المدعى شاهدا واحدا أو كانت يمين استظهار كأن ادعى على غائب أو ميت وأقام. شاهدين بالحق أو ردت عليه اليمين من المدعى عليه.
مذهب الشافعية:
يثبت (13) حق الاستحلاف على المدعى عليه عند إنكاره مع عجز المدعى عن إقامة البينة وطلبه يمين المدعى عليه وذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم: لو أن الناس أعطوا بدعواهم لادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم لكن اليمين على المدعى عليه، ولخبر: شاهداك أو يمينه.
كذلك يثبت حق الاستحلاف على المدعى إذا ردت اليمين عليه وذلك إذا أنكر المدعى عليه وامتنع على الحلف فان القاضى يطالب المدعى باليمين المردودة إن كان مدعيا عن نفسه لتحول اليمين إليه وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم رد اليمين على صاحب الحق. كما تتوجه اليمين على المدعى إذا كانت للاستظهار أو كانت مع شاهد (14).
مذهب الحنابلة:
يذهـب الحنابلة (15) إلى أن حق الاستحلاف إنما يثبت عند عدم وجود البينة من المدعى وعند الإنكار من المدعى عليه فمتى قال المدعى مالى بينة تثبت اليمين على المنكر للخبر أى عند الطلب، وكذلك (16) تثبت اليمين مع البينة الغائبة عن المجلس إذا أراد المدعى تحليف المدعي عليه سواء كانت البينة قريبة أو كانت بعيدة لان ذلك يصير طريقا إلى استخلاص الحق.
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (17) كل من ادعى على أحد وأنكر المدعى عليه فكلف المدعى البينة فقال لى بينة غائبة أو قال: لا أعرف لنفسى بينة أو قال: لا بينة لى قيل له: إن شئت فدع تحليفه حتى تحضر بينتك أو لعلك تجد بينة وان شئت حلفته فأى الأمرين اختار قضى له به..
ومن هذا يتبين أن حق الاستحلاف يثبت بالإنكار من المدعى عليه وعدم وجود البينة مع المدعى وطلب اليمين من المدعى.
مذهب الزيدية:
يثبت (18) حق الاستحلاف عند الإنكار من المدعى عليه الذى يلزم بإقراره حق لآدمى ونحوه- يريد بذلك حق العامة- كالوقف العام والطريق العامة فان لكل أن يدعيها وأن يحلف عليها من أنكرها، أما (19) لو كان يلزمه بإقراره حق لله محض كالزنا وشرب الخمر وكذا السرقة حيث تدعى عليه للقطع وقد رد المال أو سقط عنه بأى وجه، فانه لو ادعى عليه بهذه الأشياء فأنكرها لم تلزمه اليمين، غالبا احترازا من التحليف للزكاة فانه لو أقر لزمه حق لله مع أنه تلزهه اليمين، ولا تسقط اليمين الأصلية بوجود البينة فى غير المجلس.
أما إذا ردت اليمين (20) على المدعى فإنها تلزمه وإذا طلبها المدعى عليه من المدعى لتأكيد بينته فلا تثبت إلا بشروط خمسة متى كملت هذه الشروط لزمت المدعى اليمين المؤكدة وهذه الشروط هى:
أولا: أنه يطلبها المدعى عليه.
ثانيا: أن تكون بينته غير البينة المحققة، والمحققة هى أن يشهد الشهود أنه قتل أو باع أو وهب أو غصب، وغير المحققة هى أن لا يشهد الشهود على التحقيق بل شهدوا على الظاهر كأن الدار ملكه.
ثالثا: أن تكون الدعوى لآدمى فى حقه المحض..
رابعا: أن تكون ممكنة احترازا مما لو ادعى الولى لصبى أو لمسجد.
خامسا: مع التشاجر- التخاصم- أن يكون طلبها عند الحاكم فعند ذلك تلزم اليمن المؤكدة المدعى
مذهب الإمامة:
تتوجه اليمين على المدعى عليه إذا أنكر(21)
ولم يكن للمدعى بينة تعويلا على الخبر، كذلك تجب على المدعى مع الرد ومع الشاهد الواحد، وقد تتوجه مع اللوث فى دعوى الدم.
وأما المدعى ولا شاهد له فلا يمين عليه إلا مع الرد أو مع النكول على قول فإن ردها المنكر توجهت فيحلف على الجزم .
وقال فى شرائع الإسلام: ولا يتوجه اليمين على الوارث ما لم يدع عليه العلم بموت المورث والعلم بالحق وأنه ترك فى يده مالا.
مذهب الاباضية:
جاء فى شرح النيل (22): اختلف العلماء فى اليمين تلزم مطلقا عند الإنكار وعدم البينة قال الأندلسيون: نعم، وكذا أهل تونس فى زمان ابن عرفة وبه جرى العمل ثم قال: وشرط مالك وأصحابه الخلطة، والقولان فى المذهب ...
وبقيت بعد ذلك بعض الدعاوى التى يثبت فيها حق الاستحلاف وهى دعوى التداعى (23) كما إذا ادعى كل منهما عينا أنها له وهى بيد أحدهما أو بيديهما أو كانت بيد ثالث ولم ينازع وسواء كانت لأحدهما بينة أو لكليهما أو لا بينة لأحد فينظر تفصيل ذلك فى مصطلحى تعارض وتحالف.
ما يجرى فيه الاستحلاف
مذهب الحنفية:
يجرى (3) الاستحلاف فيما كان حقا خالصا للعبد ولا يجرى فيما هو حق لله عز وجل فلا يجوز الاستحلاف فى الحدود الخالصة حقا لله عز وجل كحد الزنا والسرقة والشرب لان الاستحلاف لأجل النكول ولا يقضى بالنكول فى الحدود الخالصة لأنه بذل (25) عند أبى حنيفة رحمه الله، وعند محمد وأبى يوسف إقرار فيه شبهة العدم، والحدود لا تحتمل البذل ولا تثبت بدليل فيه شبهة ولهذا لا تثبت بشهادة النساء والشهادة على الشهادة إلا أنه فى السرقة يحلف على أخذ المال فان نكل ضمن ولم يقطع، وكذا لا يمين اللعان لأنه جار مجرى الحد أما حد القذف فيجرى فيه الاستحلاف فى ظاهر الرواية لأنه ليس من الحدود المتمحضة حقا لله تعالى بل يشوبه حق العبد فأشبه التعزير، وفى التعزيز يحلف . كذا هذا.
ويجرى الاستحلاف فى القصاص فى النفس والطرف لان القصاص خالص حق العبد، كذلك يجرى الاستحلاف فيما إذا كان المدعى به محتملا للإقرار به شرعا بأن كان لو أقر به لصح إقراره به فان لم يكن لم يجر فيه الاستحلاف حتى أن من ادعى على رجل أنه أخوه ولم يدع فى يده ميراثا فأنكر لا يحلف لأنه لو أقر له بالإخوة لم يجز إقراره لكونه إقرارا على غيره وهو أبوه .
ولو ادعى أنه أخوه وأن فى يده مالا من تركة أبيه وهو مستحق لنصفه بإرثه من أبيه فأنكر يحلف لأجل الميراث لا للإخوة، وعلى هذا عبد فى يد رجل ادعاه رجلان فأقر به لأحدهما وسلم القاضى العبد إليه فقال الآخر: لا بينة لى وطلب من القاضى تحليف المقر فانه لا يحلفه فى عين العبد لأنه لو أقر به لمكان إقراره باطلا فإذا أنكر لا يحلف إلا أن يقول الذى لم يقر له إنك أتلفت على العبد بإقرارك به لغيرى فاضمن قيمه لى يحلف المقر بالله تعالى ما عليه رد قيمة ذلك العبد على هذا المدعى ولا رد شىء منها لأنه لو أقر بإتلافه لصح وضع القيمة فإذا أنكر يستحلفه...
وقد اختلفوا فى سبعة أشياء هل يجرى فيها الاستحلاف (26) أولا وهى:
الأول: النكاح وهو أن يدعى رجل على امرأة أنها امرأته أو تدعى امرأة على رجل أنه زوجها ولا بينة للمدعى وطلب يمين المنكر.
الثانى: الرجعة وهى أن يقول الزوج للمطلقة بعد انقضاء عدتها قد كنت راجعتك وأنكرت المرأة وعجز الزوج عن إقامة البينة فطلب يمينها.
الثالث: الفىء فى الإيلاء وهو أن يكون الرجل قد آلى من امرأته ومضت أربعة أشهر فقال الزوج قد كنت فئت إليك بالجماع فلم تبينى فقالت لم تفىء إلى ولا بينة للزوج فطلب يمينها.
الرابع: النسب نحو أن يدعى على رجل أنه أبوه أو ابنه فأنكر الرجل ولا بينة له وطلب يمينه.
الخامس: الرق وهو أن يدعى على رجل إنه عبده فأنكر وقال أنه حر الأصل لم يجر عليه رق أبدا ولا بينة للمدعى فطلب يمينه.
السادس: الولاء مثل أن يدعى رجل على امرأة أنه أعتق أباها وأن أباها مات وولاؤه بينهما نصفان فأنكرت المرأة أن يكون أعتقه وأن يكون ولاؤه ثابتا منه ولا بينة للمدعى فطلب يمينها على ما أنكرت من الولاء.
السابع: الاستيلاد وهو أن تدعى أمة على مولاها فتقول أنا أم ولد لمولاى وهذا ولدى فأنكر المولى.
فهذه المواضع السبعة قد اختلف فيها فعند أبى حنيفة لا يجرى فيها الاستحلاف وعند أبى يوسف ومحمد يجرى فيها الاستحلاف وسبب هذا الاختلاف أن النكول بذل عند أبى حنيفة وهذه الأشياء السبعة لا تحتمل البذل فلا تحتمل النكول فلا يجرى فيها الاستحلاف عنده لان شرط ما يجرى فيه الاستحلاف عند أبى حنيفة أن يكون مما يحتمل البذل مع كونه محتملا للإقرار، وعند أبى يوسف ومحمد أن هذه الأشياء يجرى فيها الاستحلاف لأن النكول، إقرار فيه شبهة وهذه الأشياء تثبت بدليل فيه شبهة لأن نكول المدعى عليه دليل كونه كاذبا فى إنكاره لأنه لو كان
صادقا لما امتنع من اليمين الصادقة فكان النكول إقرارا دلالة إلا أنه دلالة قاصرة فيها شبهة العدم فيجرى فيها الاستحلاف.
وقد ذكر أن عابدين فى حاشيته (27) أن الفتوى على أنه يحلف المنكر فى هذه الأشياء السبعة.
مذهب المالكة:
يجرى الاستحلاف (28) فى كل حق سواء كان حقا ماليا- جليلا كان المال أو حقيرا- ولو كان أقل من ربع دينار، أو كان حقا في مالى كدعاوى الطلاق والعتق والسرقة والقذف والشرب والقتل وغير ذلك.
مذهب الشافعية:
يجرى الاستحلاف عند الشافعية فى كل دعوى من مال أو قصاص أو طلاق أو عتق أو غير ذلك فقد قال الإمام الشافعى (29): كل من ادعى على امرئ شيئا ما سواء كان من مال أو قصاص أو طلاق أو عتق أو غيره حلف المدعى عليه.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع (30) ولا يستحلف المنكر فى حقوق الله تعالى كحد وعبادة وصدقة وكفارة ونذر لأن الحدود مطلوب فيها الستر والتعريض للمقر ليرجع فلئلا يستحلف فيها أولى.
أما ما عدا الحدود مما ذكر من حقوق الله تعالى فأشبه الحد، فان تضمنت دعوى الحد حقا لآدمى مثل أن يدعى سرقة ماله ليضمن السارق أو ليأخذ منه ما سرقه أو يدعى عليه الزنا بجاريته ليأخذ مهرها منه سمعت دعواه وتوجه اليمين، واليمين (31) على حق الله المتعلق بها حق آدمى لها أصل فى الشريعة وهو اللعان.
فان دعوى الزنا دعوى ما يوجب الحد والقياس أن لا يمين فيها لكن شرعت إذا ادعاه الزوج لان له حقا فى ذلك وهو إفساد فراشه وهذا دعوى السرقة لا يحلفه على ما ينفى المقطع ولكن يحلفه على ما ينفى استحقاق المال، ويستحلف (32) فى كل حق لآدمى دون حق الله عز وجل وذلك لقول رسول الله صلى الله علبه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه، واستثنى من ذلك (33) عشرة أشياء لا يجرى فيها الاستحلاف وهى: النكاح والطلاق والرجعة والايلاء وأصل الرق والولاء والاستيلاد والنسب والقود والقذف فهذه العشرة (34) لا يمين فى واحد منها لان كل واحد منها لا يثبت إلا بشاهدين فأشبه الحدود.
وعند الإمام أحمد (35) يستحلف فى الطلاق والايلاء والقود والقذف دون الستة الباقية، وعنه يستحلف إلا فيما لا يقضى فيه بالنكول، قال فى (36) رواية ابن القاسم لا أرى اليمين فى النكاح ولا فى الطلاق ولا فى الحدود لأنه إن نكل لم أقتله ولم أحده ولم أدفع المرأة إلى زوجها، وظاهر قول الخرقى أنه يستحلف فيما عـدا القود والنكـاح، وعنه ما يدل على أنه يستحلف فى الكل..
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (37): الأصل المطرد فى كل دعوى فى الإسلام من دم أو مال أو غير ذلك من الحقوق ولا تتحاشى شيئا هو أن البينة على من ادعى واليمين على من ادعى عليه كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: لو أعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دعاء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بينتك أو يمينه، وهذان نصان عامان ولا يصح لأحد أن يخرج عنهما شيئا إلا ما أخرجه نص أو إجماع.
وفى موضع آخر (38) يقول ابن حزم: اليمين فى الدعاوى كلها دماء كانت أو غيرها يمين واحدة فقط على من أدعى عليه إلا فى الزنا والقسامة وما عدا ذلك فعلى عمومه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
ثم ساق ابن حزم الظاهرى الأحاديث السابقة.
وفى موضع آخر يقول (39) ابن حزم:
من ادعى عليه أنه صرح بالقذف وهو منكر فلا تحليف فى ذلك لان الحد فى ذلك من حدود الله عز وجل وحقوقه لا من حقوق الآدميين وإنما يحلف بالله ما آذيتك ولا شتمتك ويبرأ.
ثم يقول فى موضع آخر (40): إن من ادعت على رجل أنه غلبها على نفسها فهى مشتكية مدعية وليست قاذفة وتكلف البنية على دعواها فأن جاءت بها أقيم حد الزنا على الرجل وان لم تأت بينة فلا شىء على الرجل أصلا، فان قال قائل: فان لم تكن بينة ف اقضوا عليه باليمين، قلنا إن دعواها انتظم حقا لها وحقا لله تعالى فحقها هو التعدى عليها وظلوا وحق الله تعالى هو الزنا فواجب أن يحلف لها فى حقها فيحلف بالله ما تعديت عليك فى شىء ولا ظلمتك وتبرأ ذمته، ولا يجوز أن يحلف بالله ما زنى لأنه لا خلاف فى أن أحدا لا يحلف فى حق ليس له فيه مدخل .
ويدل ما ذكره ابن حزم الظاهرى على أن الاستحلاف لا يجرى فى حق الله تعالى، وأنه يجري فى كل حق لآدمى من مال أو غيره وأن دعوى حق الله تعالى لو تضمنت حقا لآدمى فان الاستحلاف يكون على حق الآدمى لا على حق الله تعالى.
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار (41): تلزم اليمن المنكر فى المعاوضات المالية إجماعا وكذا تلزم فى غير المالية كالطلاق والنكاح والايلاء والفىء والولاء والنسب والرق والاستيلاد. أما حق الله عز وجل فقد قال عنه فى البحر الزخار (42) ولا يجرى الاستحلاف فى حق الله المحض كحد الزنا والشرب إذ هى لغير مدع، ويجرى الاستحلاف فى حد القذف إذ هو حق لآدمى.
مذهب الأمامية:
جاء فى شرائع الإسلام (43): لا يجرى الاستحلاف فى الحدود المجردة فإذا أنكرها المدعى عليه فلا تتوب عليه اليمين، نعم لو قذفه بالزنا ولا بينة فادعاه عليه قيل جاز أن يحلف ليثبت الحد على القاذف وفيه إشكال إذ لا يمين فى الحد، ومنكر السرقة يتوجه عليه اليمين لإسقاط الغرم، ولو نكل لزمه المال دون القطع بناء على القضاء بالنكول وهو الأظهر وإلا حلف المدعى ولا ينبت الحد على القولين، ثم قال صاحب شرائع الإسلام ويجرى الاستحلاف فيما عدا ذلك كالنكاح والطلاق.
مذهب الاباضية:
جاء فى شرح النيل (44): اختلف العلماء فى اليمين تلزم مطلقا عند الإنكار وعدم البيان والبينة ثم قال بعد ذلك : وهذا عام فى الأنفس والأموال والنكاح وما يترتب عليه من نحو طلاق.
من له حق الاستحلاف
مذهب الحنفية:
اليمين من حق المدعى ولا يجوز للقاضى استحلاف المدعى عليه إلا بعد طلب اليمين من المدعى فقد جاء فى تكملة فتح القدير (45) قال القدورى فى مختصرة: إن أحضر المدعى البينة قضى القاضى بها وان عجز عن ذلك وطلب يمين خصمه وهو المدعى عليه استحلف القاضى خصمه على دعواه. لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل المدعى البينة فقال: لا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لك يمينه، أى يمين المدعى عليه فلابد من طلب المدعى استحلاف خصمه على دعواه لان اليمين من المدعى ولان إضافة اليمين غالى المدعى فى قول النبى صلى الله عليه وسلم: لك يمينه بحرف اللام المقتضيه للاختصاص تنصيص على أن اليمين حق المدعى، وقد أورد صاحب بدائع الصنائع (46) مثل ذلك.
وجاء فى الفتاوى الهندية (47) نقلا عن القنية والبحر الرائق أن الاستحلاف حق للقاضى فلو حلف المدعى عليه بعد طلب المدعى يمينه بين يدى القاضى من غير استحلاف القاضى له فهذا ليس بتحليف لان التحليف حق القاضى. كذا فى القنية وكذا فى البحر الرائق..
والمراد أن توجيه اليمين إلى المدعى عليه بحد طلب المدعى هو حق القاضى لاحق المدعى
فقد نقل ابن عابدين (48) ذلك عن القنية أيضا أن التحليف حق القاضى بطلب المدعى.
وقال ابن عابدين (49) فى موضع آخر أن اليمين حق القاضى مع طلب الخصم ولا عبرة ليمين أن ولا لنكول عند غير القاضى، واستثنى أبو يوسف (50) أربع مسائل يستحلف القاضى فيها الخصم من غير طلب. أحدها: الشفيع إذا طلب من القاضى أن يقضى بالشفعة فان القاضى يحلفه بالله لقد طلبت الشفعة حين علمت بالشراء وان لم يطلب المشترى ذلك.
والثانى: البكر إذا بلغت فاختارت الفرقة وطلبت التفريق من القاضى فان الفاضى يستحلفها بالله لقد اخترت الفرقة حين بلغت وان لم يطلب الزوج ذلك.
والثالث: المشترى إذ أراد الرد بالعيب فان القاضى يستحلفه أنك لم ترض بالعيب ولا عرضته على البيع منذ رأيته.
والرابع: المرأة إذا طلبت من القاضى أن يفرض لها النفقة فى مال الزوج الغائب فان القاضى يحلـفها بالله ما أعطاك نفقتك حين خرج .
قال فى الفتاوى الهندية: ويجب أن تكون مسألة النفقة فى قولهم جميعا، كذا فى الفصول العمادية وكذلك فى دعوى الاستحقاق فان القاضى له أن يحلف المستحق بالله ما بعت ولا ومت ولا تصدقت وهذا عند أبى يوسف، وعند أبى حنيفة ومحمد أنه لا يجوز للقاضى أن يحلف بدون طلب الخصم هكذا فى الخلاصة والوجيز للكردى.
ثم قال فى الفتاوى الهندية وأجمعوا على أن من ادعى حقا فى تركة ميت وأثبته يحلف من غير طلب الوصى والوارث بالله ما استوفيت دينك من المديون الميت ولا من أحد أد اه إليك عنه ولا قبض لك قابض بأمرك ولا أبرأته منه ولا أحلت بذلك ولا بشىء منه على أحد ولا عندك ولا بشىء منه رهن كذا فى الخلاصة.
مذهب المالكة:
اليمين من حق المدعى عند المالكية (51) ولا يجوز للقاضى أن يحلف المدعى عليه حتى يطلب ذلك خصمه، قال ابن فرحون: لا يستحلف القاضى المدعى عليه إذا أنكر إلا إذا أذن المدعى إلا أن يكون من شاهد ذلك ما يدل على أن المدعى أراد ذلك من القاضى، ولو أحلفه القاضى دون أن يطلب الخصم ذلك، لم تفده اليمين وللخصم أن يطلب إعادتها عليه ثانيا وله إقامة البنية إذا وجدها وذلك كما فى ابن غازى والشيخ أحمد الزرقانى، وإذا بادر المدعى عليه باليمين دون طلب الخصم فان لم يرض بها لم تجزه وأما إذا طلب الطالب اليمين من المدعى عليه بغير محضر الحاكم وأمره فحلف له فان ذلك يكفى، وفى اليمين المردودة حق الاستحلاف للمدعى عليه وللقاضى.
مذهب الشافعية:
جاء فى المهذب (52): إن لم تكن للمدعى بينة و كانت الدعوى فى غير دم له أن يحلف المدعى عليه ولا يجوز للقاضى أحلافه إلا بطالبة المدعى لأنه حق له فلا يستوفيه من غير إذنه فان أحلفه القاضى قبل طالبة المدعى لم يعتد بها لأنه يمين قبل وقتها وللمدعى أن يطالب بإعادتها لان اليمين الأولى لم تكن يمينه وان قال المدعى أبرأتك من اليمين سقط حقه منها فى هذه الدعوى وله أن يستأنف الدعوى لان حقه لم يسقط بالإبراء من اليمين فان استأنف الدعوى فأنكر المدعى عليه فله أن يحلفه لان هذه الدعوى غير الدعوى التى أبرأه فيها من اليمين هذا ما جاء فى المهذب، وقال فى نهاية المحتاج (53): يعتبر فى اليمين طلب الخصم لها من الحاكم وطلب الحاكم لها ممن توجهت عليه وفى اليمين المردودة حق الاستحلاف فيها للمدعى عليه وللقاضى.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع (54) الاستحلاف من حق المدعى فإذا قال: ليست لى بينة أعلمه الحاكم أن له اليمين على خصمه فان طلب أحلاف المدعى عليه أحلفه لأن اليمين طريق إلى تخليص حقه فلزم الحاكم إجابة المدعى إليها وليس للقاضى استحلاف المدعى عليه قبل سؤال المدعى لان اليمين حق له كنفس الحق فان أحلفه القاضى قبل أن يطلب المدعى ذلك لم يعتد بهذه اليمين وكذلك لو حلف المدعـى عليه قبل سؤال المدعى تحليفه وسؤال الحاكم له لم يعتد بيمنه لأنه أتى بها فى غير وقتها فان سأله المدعى أعادها لى لان اليمين الأولى لم تكن يمينه لأنه لابد فى اليمين التى تقطع الخصومة من سؤال المدعى لها طوعا ومن إذن الحاكم فيها فلو حلف قبل اللقاء الحاكم الحلف عليه لم نتقطع الخصومة وللمدعى تحليفه بعد ذلك وجاء فى موضع آخر (55) إن حلف المدعى عليه قبل أن يستحلفه الحاكم أو استحلفه الحاكم قبل أن يسأله المدعى أحلافه أعيدت عليه اليمين لأنها حق للمدعى فلا تستوفى إلا بطلبه..
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (56): كل من ادعى على أحد وأنكر المدعى عليه فكلف المدعى البينة فقال لى بينة غائبة أو قال: لا أعرف لنفسى بينة أو قال لا بينة لى قيل له إن شئت فدع تحليفه حتى تحضر بينتك أو لعلك تجد بينة وإن شئت حلفته ليس لك إلا هذا فقط فأى الأمرين اختار قضى له به ثم قال ابن حزم فى موضع آخر (57): اليمين حق المدعى بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: بينتك أو يمينه ليس لك غير ذلك.
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار (58): اليمين حق المدعى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للحضرمى ألك بينة؟ قال: لا، قال النبى، صلى الله عليه وسلم: فلك يمينه، غير أنها لا تصح بغير أمر الحاكم فقد قال فى البحر الزخار (59): إن اليمين لا تصح بغير أمر الحاكم إذ أعاد النبى صلى الله عليه وسلم على ركانة ولم يجتزىء بحلفه ابتداء.
مذهب الأمامية.:
جاء فى شرائع الإسلام (60): الاستحلاف حق المدعى على المدعى عليه فان لم تكن للمدعى بينة عرفه الحاكم أن له اليمين على خصمه ولا يجوز أن يحلف المدعى عليه إلا بعد سؤال المدعى لأنه حق له فيتوقف استيفاؤه على المطالبة به، ولو تبرع المدعى عليه بالحلف أو تبرع الحاكم بأحلافه لم يعتد بتلك اليمين وأعادها الحاكم إن التمس المدعى ذلك.
مذهب الاباضية:
جاء فى متن النيل (61): اليمين من حق المدعى على المدعى عليه إذا أنكر والذى يستحلفه هو القاضى فان أنكر المدعى عليه وقال المدعى للقاضى لا بينة لى وحلفه لى فان القاضى يستحلفه.
صفة الاستحلاف
مذهب الحنفية:
الاستحلاف (62) يكون بالله عز وجل دون غيرة. لقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليذر، وقوله عليه السلام: من حلف بغير الله فقد أشرك، ويصح تأكيد اليمين بذكر أوصاف الله سبحانه وتعالى وهو التغليظ وذلك، مثل قوله: والله الذى لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذى يعلم من السر ما يعلم من العلانية ما لفلان هذا عليك ولا قبلك هذا المال الذى ادعاه وهو كذا وكذا، وللقاضى أن يزيد فى التغليظ على هذا وله أن ينقص منه إلا أنه يحتاط فيه كى لا يتكرر عليه اليمين لأن المستحق يمين واحدة والقاضى بالخيار إن شاء حلف من غير تغليظ (63) لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم السابقة.
حلف يزيد بن ركانة أو ركانة بن عبد يزيد بالله عز وجل ما أردت بالبتة ثلاثا وان شاء غلظ لأن الشرع ورد بتغليظ اليمين فى الجملة لأن المقصود من الاستحلاف (64) النكول وأحوال الناس فيه مختلفة فمنهم من يقنع إذا غلظ عليه اليمين ويتجاسر إذا حلف بالله فقط ومنهم من يمتنع بأدنى تغليظ ومنهم من لا يمتنع إلا بزيادة التغليظ فللقاضى أن يراعى أحوال الناس، والأصل فى ذلل حديث أبى هريرة رضى الله عنه فى الذى حلف بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والله الذى لا اله إلا هو الرحمن الرحيم الذى أنزل عليك الكتاب، ولم ينكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يستحلف بالطلاق ولا بالعتاق للحديث الذى سبق ذكره وقيل أنه فى زماننا إذا ألمح الخصم جاز للقاضى أن يحلفه بذلك لقلة المبالاة باليمين بالله وكثرة الامتناع بسبب الحلف بالطلاق ونقل صاحب تكملة فتح القدير عن الذخيرة أن التحليف بالطلاق والعتاق والإيمان المغلظة لم يجوزه أكثر مشايخنا ولكن البعض أجازه ولذلك فانه يفتى بأنه يجوز التحليف بذلك إن مست الضرورة وعلى ذلك قالوا: لو نكل عن اليمين بالطلاق والعتاق لا يقضى عليه بالنكول لأنه نكل عما هو منهى عنه شرعا ولو قضى به لا ينفذ قضاؤه فان كان الحالف غير مسلم فان كان يهوديا فانه يستحلف بالله (65) الذى أنزل التوراة على سيدنا موسى عليه الصلاة والإسلام وإن كان الحالف نصرانيا فانه يستحلف بالله الذى أنزل الإنجبل على سيدنا عيسى عليه السلام لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال لابن صوريا الأعور أنشدك بالله الذى أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا فى كتابكم هذا وذلك لان اليهودى يعتقد بنبوة موسى والنصرانى بنبوة عيسى فيغلظ على كل واحد منهما بذكر المنزل على نبيه ليكون رادعا له عن الإقدام على اليمين الكاذبة، أما المجوسى فانه يستحلف بالله الذى خلق النار. هذا ذكر محمد فى الأصل لأن المجوسى يعتقد الحرمة فى النار، ويروى عن أبى حنيفة رحمه الله فى النوادر أنه لا يستحلف أحد إلا بالله خالصا، وذكر الخصاف رحمه الله أنه لا يستحلف غير اليهودى والنصرانى إلا بالله تعالى وهو اختيار بعض مشايخنا لان فى ذكر النار مع اسم الله تعالى تعظيما لها وما بنبغى أن تعظم وذلك بخلاف الكتابيين لان كتب الله معظمة والوثنى لا يحلف إلا بالله لان الكفرة بأسرهم يعتقدون الله تعالى ولا ينكرون الصانع كما ورد فى قول الله جل شأنه ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله (66) ) ولا يحلف اليهودى ولا النصرانى (67) على الإشارة الى كتاب معين بأن يقول: بالله الذى أنزل هذا الإنجيل أو هذه التوراة لأنه قد ثبت تحريف بعضها فلا يؤمن أن تقع الإشارة إلى المحرف فيكون التحليف به تعظيما لما ليس بكلام الله عز وجل ولا يبعث هؤلاء إلى بيوت عبادتهم من البيعة والكنيسة وبيت النار لأن فيه تعظيم هذه المواضع، وكذا لا يجب تغليظ اليمين على المسلم بزمان ولا مكان عندنا لما روينا من الحديث المشهور وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: البينة على من ادعى واليمين على المدعى عليه مطلقا عن الزمان والمكان قال القدورى (68) ولان المقصود تعظيم المقسم به وهو حاصل بدون ذلك وفى إيجاب ذلك حرج على القاضى حيث يكلف حضورها، ولقد اختصم (69) زيد بن ثابت وابن طيع فى دار إلى مروان بن الحكم فقضى على زيد بن ثابت باليمين عند المنبر فقال له زيد أحلف له مكانى فقال له مروان بن الحكم لا والله إلا عند مقاطع الحقوق فجعل زيد يحلف أن حقه لحق وأبى أن يحلف عند المنبر فجعل مروان يعجب من ذلك ولو كان ذلك لازما لما احتمل أن يأباه زيد بن ثابت ولان التخصيص فى التحليف بمكان وزمان فيه تعظيم لغير اسم الله عز وجل وفيه معنى الإشراك فى التعظيم أما صفة الاستحلاف بالنسبة للمحلوف عليه فان كانت الدعوى مطلقة خن سبب بأن ادعى عبدا أو جارية أو أرضا وأنكر المدعى عليه فلا خلاف فى أنه يحلف على الحكم وهو ما دفع فيه الدعوى فيقال بالله ما هذا العبد أو الجارية أو الأرض لفلان هذا ولا شىء منه وان كانت الدعوى مقيدة بسبب بأن ادعى أنه أقرضه ألفا أو غصبه ألفا أو أودعه ألفا وأنكر المدعى عليه فقد اختلف أبو يوسف ومحمد فى أنه يحلف على السبب أو على الحكم، فقال أبو يوسف: يحلف على السبب بالله ما استقرضت منه ألفا أو ما غصبته ألفا أو ما أودعنى ألفا إلا أن يعرض المدعى عليه ولا يصرح فانه حينئذ يحلف على الحكم وقال محمد يحلف على الحكم ابتداء ولا يحلف على السبب لجواز أنه وجد منه السبب ثم ارتفع بالإبراء أو بالرد فلا يمكنه الحلف على نفى السبب ويمكنه الحلف على نفى الحكم على كل حال فكان التحليف على الحكم أولى واستدل أبو يوسف بما روى من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف اليهود بالله فى باب القسامة على السبب فقال عليه الصلاة والسلام بالله ما قتلتموه ولا علمتم له قاتلا فيجب الاقتداء به فعند أبى يوسف يحلف على السبب أن أمكنه وان لم يمكنه وعرض فحينئذ يحلف على الحكم وعلى ذلك ففى دعوى الشراء إذا أنكر المدعى عليه فعند أبى يوسف يحلف على السبب بالله عز وجل ما بعته هذا الشىء إلا أن تعرض الخصم والتعريض فى هذا أن يقول قد يبيع الرجل الشىء ثم يعود إليه بهبة أو فسخ أو إقالة أو رد بعيب أو خيار شرط أو خيار رؤية وأنا لا أبين ذلك كى لا يلزمنى شىء فانه حينئذ يحلف على الحكم بالله تعالى ما بينكما بيع قائم أو شراء قائم بهذا السبب الذى يدعى وهذا يحلف على قول محمد وفى دعوى الطلاق إذا ادعت امرأة على زوجها أنه طلقها ثلاثا أو خالعها على كذا وأنكر الزوج ذلك فانه يحلف على السبب عند أبى يوسف بالله عز وجل ما طلقها ثلاثا أو ما خالعها إلا أن يعرض الزوج فيقول: الإنسان قد يخالع امرأته ثم تعود إليه وقد يطلقها
ثلاثا ثم تعود إليه بعد زوج آخر فحينئذ يحلف بالله عز وجل ما هى حرام بثلاث تطليقات وكذا يحلف على قول محمد، وساق صاحب البدائع صورا كثيرة كدعوى العتاق ودعوى النكاح ودعوى إجارة الدار وهكذا وقيل: ينظر (70) إلى انكسار المدعى عليه فان أنكر السبب يحلف عليه وان أنكر الحكم يحلف على الحاصل، والتحليف على الحاصل هو الأصل عند أبى حنيفة ومحمد إذا كان سبب ذلك سببا يرتفع برافع إلا إذا كان فى التحليف على الحاصل ترك النظر فى جانب المدعى فحينئذ يحلف على السبب بالإجماع وذلك أن تدعى مبتوتة نفقة العدة والزوج ممن لا يرى نفقة العدة للمبتوتة أو ادعى شفعة بالجوار والمشترى لا يراها لأنه لو حلف على الحاصل يصدق فى يمينه فى معتقده فيفوت النظر فى حق المدعى ثم هل يحلف المدعى عليها على البتات أو على العلم؟
قال محمد (71) فى الجامع الصغير فى كتاب القضاء: ومن ورث عبدا وادعاه آخر ولا بينة له استحلف الوارث على علمه أى بالله ما يعلم أن هذا عبد المدعى لأنه لا علم للوارث بما صنع المورث فلا يحلف على البتات، وان وهب له أو اشتراه فانه يحلف على البتات لوجود المجوز لليمين إذ الشراء سبب لثبوت الملك وضعا وكذا الهبة.
والضابط فى ذلك أن التحليف إن كان على فعل نفسه فانه يكون على البتات وإن كان على فعل غيره كون على العلم.
وقال الأمام الاستروشنى فى الفصل
الثالث من فصوله: إن وقعت الدعوى على فعل المدعى عليه من كل وجه بأن ادعى على رجل أنك سرقت هذه العين منى أو غصبت هذه العين منى فانه يستحلف على البتات، وان وقعت الدعوى على فعل الغير من كل وجه فانه يحلف على العلم حتى لو ادعى دينا على ميت بحضرة وارثه بسبب الاستهلاك أو ادعى أن أباك سرق هذه العين منى أو غصب هذه العين منى فانه يحلف على العلم وهذا مذهبنا.
قال شمس الأئمة الحلوانى: هذا الأصل مستقيم فى المسائل كلها .أن التحليف على فعل الغير يكون على العلم إلا فى الرد بالعيب، يريد به أن المشترى إذا ادعى أن العبد سارق أو آبق وأثبت اباقه أو سرقته فى يد نفسه وادعى أنه أبق أو سرق فى يد البائع وأراد تحليف البائع فانه يحلف على البتات بالله ما أبق، بالله ما سرق فى يدك وهذا تحليف على فعل الغير.
ونقل صاحب تكملة فتح القدير عن الزيلعى أخذا من النهاية أنه فى كل موضع تجب اليمين فيه على البتات فحلف على العلم لا يكون معتبرا حتى لا يقضى عليه بالنكول ولا يسقط اليمين عنه، وفى كل موضع وجب فيه اليمين على العلم فحلف على البتات يعتبر اليمين حتى يسقط عنه اليمين على العلم ويقضى عليه إذا نكل لان الحلف على البتاب آكد فيعتبر طلقا بخلاف العكس..
أما إذا اختلف المتبايعان فى البيع ولم يتراضيا استحلف الحاكم كل واحد منهما على دعوى الآخر، وفى ذلك كلام كثير ينظر تفصيله فى مصطلح تحالف
مذهب المالكة:
قال خليل والدردير فى الشرح الكبير (72): اليمين فى كل حق مالى أو غيره سواء كان المال جليلا أو حقيرا ولو كان أقل من ربع دينار وسواء توجه اليمين على المدعى عليه أو على المدعى يكون بالله الذى لا إله إلا هو قال الدسوقى: أى بهذا اللفظ من غير زيادة عليه ولا نقص منه فلا يزاد عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم فى الربع دينار على المشهور خلافا لابن كنانة ولا يقتصر على اسم بدون وصفه المذكور وان كان يمينا يكفر لان الغرض هنا زيادة الإرهاب والتخويف.
قال المازرى فى التوضيح: المعروف من المذهب المنصوص عليه عند جميع المالكية أنه لا يكتفى بقوله بالله فقط وكذلك لو قال: فقط والذى لا اله إلا هو ما أجزأه حتى يجمع بينهما ويستثنى من ذلك اللعان والقسامة إذ يقول فى اللعان: أشهد بالله فقط ويقول فى القسامة أقسم بالله لمن ضربه مات أى مات من ضرب المدعى عليه ويقتصر فيهما لا على لفظ الجلالة ولا يزاد: الذى لا اله إلا هو ثم قال خليل والدردير (73): ولو كان الحلف كتابيا فلا يزيد اليهودى الذى أنزل التوراة على موسى ولا يزيد النصرانى: الذى أنزل الإنجيل على عيسى ولا ينقص واحد منهما الذى لا اله إلا هو، هذا هو المشهور ثم قال: وغلظت اليمين وجوبا فى ربع دينار فأكثر أو ثلاثة دراهم أو ما يساوى ذلك وذلك إذا طلب المحلف التغليظ به ذكر لان التغليظ فى اليمين والتشديد فيها من حقه فان أبى من توجهت عليه اليمين مما طلبه المحلف من التغليظ عد ناكلا فان كان المدعى به أقل من ربع دينار أو ما يساويه فلا تغلظ فيه اليمين والتغليظ يكون بالجامع بالنسبة للمسلم بمعنى أن اليمين فى الربع دينار تغلظ بوقوعها فى الجامع والمراد بالجامع الدامع الأعظم الذى تقام فيه الجمعة فان كان القوم لا جامع لهم فقال أبو الحسن: يحلفون حيث هم ولا يجلبون إلى الجامع وقيل يجلبون إلى الجامع بقدر مسافة وجوب السعى للجمعة وهى ثلاثة أميال وثلث وقيل بنحو العشرة أميال وإلا حلفوا بموضعهم، وان زعم من وجبت عليه اليمين أنه عاجزعن الخروج من محله لمرضه فقال ابن بقى إن ثبت عجزه ببينة حلف ببينته وإلا أخرج للمسجد قهرا وقال ابن حارث يحلف أنه لا يقدر على الخروج لا راجلا ولا راكبا ويخير المدعى فى تحليفه فى بيته وتأخيره لصحته فان نكل لزمه الخروج أو رد اليمين وقال ابن لبابة إن ثبت مرضه حلف فى بيته على المصحف وإلا حلف على عجزه وخير المدعى فى الأمرين أما الذمى فانه يغلظ عليه فى الكنيسة ويغلظ على المجوسى ببيت النار ويصح للمسلم أن يذهب إلى تلك المواضع لتحليفهم فيها وان كانت حقيرة شرعا لان القصد من التغليظ عليهم بتحليفهم فى تلك الأمكنة هو صرفهم عن الإقدام على الباطل ومن ثم قيل يجوز تحليف المسلم على المصحف وعلى سورة براءة وفى ضريح ولى حيث كان لا ينكف إلا بذلك ويحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور، وكذا يجوز تحليفه بالطلاق وكذلك يكون تغليظ اليمين بالقيام إن طلب المحلف ذلك ولا يجوز التغليظ فى اليمين بالاستقبال للقبلة ولو طلب المحلف ذلك إلا أن يكون فيه إرهاب وهذا هو مذهب المدونة وقيل يصح التغليظ باستقبال القبلة إن طلب المحلف ذلك واختاره ابن سلمون قائلا انه الذى جرى به العمل وعليه مشى صاحب التحفة ويكون التغليظ كذلك بمنبر النبى صلى الله عليه وسلم أى عنده كما هو ظاهر المدونة وقال ابن المواز يكون على المنبر وإنما اختص منبر النبى صلى الله عليه وسلم بهذا لقوله عليه الصلاة والسلام: من حلف عند منبرى كاذبا فليتبوأ مقعده من النار. قال الدسوقى فى حاشيته (74) وظاهر ما قاله خليل أن التغليظ فى غير المدينة يكون بالحلف فى الجامع ولا يختص بمكان خلاف المدينة وبه قيل لكن الذى جرى عليه العمل أنه يحلف عند المنبر حتى فى غير المدينة وهو قول مطرف وابن الماجشون، وأما التغليظ بمكة فانه يكون بالحلف عند الركن الذى فيه الحجر الأسود لأنه أعظم مكان فى المسجد وقال الدردير ولا تغلظ اليمين بالزمان كبعد العصر قال الدسوقى إلا أن يكون فيه إرهاب وتخويف ويطلبه المحلف- والمرأة المخدرة وهى الملازمة للخدر أى الستر (75) وهى التى يزرى بها مجلس القضاء إذا توجهت عليها يمين سواء كانت مدعية أو مدعى، عليها وكانت الدعوى مما تغلظ فيها اليمين فإما أن يكون من شأنها الخروج لقضاء حوائجها نهارا وهذه تخرج نهارا للحلف بالمسجد للتغليظ وان كان من شأنها الخروج لقضاء حوائجها ليلا فإنها لا تخرج للمسجد للحلف إلا ليلا وان كان من شأنها عدم الخروج أصلا كنساء الملوك فانها لا تخرج من بيتها بل يوجه لها القاضى من يحلفها فى بيتها بحضرة شاهدين وان ادعت المرأة التى أريد التغليظ عليها بالمسجد حيضا فإنها تحلف على ما ادعت من الحيض ويستوى فى ما مر أن تكون المرأة حرة أو أم ولد ولا يقضى للخصم إن كان ذكرا غير محرم بحضوره مع الشاهدين فى بيتها، فان كانت اليمين التى توجهت على المرأة مما لا تغليظ فيها بأن كانت فى أقل من ربع دينار فإنها تحلف فى بيتها ولا يقضى عليها بالخروج لعدم التغليظ ويرسل القاضى لها من يحلفها وإذا كانت الدعوى فى معين فان يمين (76) المدعى عليه تكون بالمعين المدعى به فيقول فى يمينه ماله عندى كذا ولا شىء منه ولابد من أن يقول ذلك لان المدعى بالمائة مثلا فهو مدع لكل آحادها وحق اليمين نفى كل مدعى به وإلا، يتأتى ذلك إلا بزيادة قوله ولا شىء منه لا بمجرد قوله ماله عندى كذا لان إثبات الكل إثبات لكل أجزائه ونفيه ليس نفيا لكل أجزائه فان لم يقل ولا شىء منه وجب الإتيان بي بها مع القرب وإعادة الصيغة بتمامها مع البعد فإن عين المدعى السبب فإن الحالف ينفى السبب كمائة من سلف أو من بيع ونفى غيره أيضا نحو ماله على مائة ولا شىء منها لا من سلف ولا من غيره ولا من بيع ولا من غيره ومن ادعى (77)، أنه وفى ما عليه من دين لميت قبل موته وأنكر الورثة وأراد المدين تحليفهم فلا يـحلف على نفى العلم منهم إلا من يظن به العلم بالقضاء واحدا أو متعددا من ورثة الميت وإلا يحلف من الورثة من لا يظن به العلم بالقضاء، ويحلف على البت فى نقص العدد فمن دفع دراهم أو دنانير لغيره فى صرف أو قضاء حق وغاب عليها ثم ادعى أنه وجدها ناقصة أو مغشوشة ففى مسألة النقص يحلف على البت أنه ما دفع إلا كاملا لان النقص يسهل فيه حصول القطع أما فى حالة الغش أو نقص الوزن فانه يحلف على نفى العلم أى يحلف أنه لم يفع الاجياد فى علمه وسواء كان صيرفيا أو غيره وهذا قول ابن القـاسم وقيل يحلف الصيرفى على البت كنقص العدد واعتمد البات أى الحالف.
على البت فى جميع الإيمان أى جاز له الإقدام على اليمين بتا مستندا على ظن قوى كخط أبيه أو أخيه أو قرينة دالة عرفا على الحق.
مذهب الشافعية:
جاء فى المهذب (78): ومن توجهت عليه يمين فى دم غلظ عليه فى اليمين لما روى أن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه مر بقوم يحلفون بين الركن و المقام فقال: أعلى دم؟ قيل: لا، قال: أفعلى عظيم من المال؟ قيل: لا، قال: لقد خشيت أن يبهأ (79) الناس بهذا المقام، وان كانت اليمين فى نكاح أو طلاق أو حد قذف ولعان (80) وقود وعتق وولاء ووكالة ولو فى درهم- لان المقصود من الوكالة إنما هو الولاية- أو غير ذلك مما ليس بحال ولا المقصود منه المال غلظ اليمين فيه كالدم، وذلك لان اليمين موضوعة للزجر عن التعدى فغلظ مبالغة وتأكيدا للردع فيما هو متأكد فى نظر الشرع وان كانت اليمين فى مال أو ما يقصد به المال فان كان يبلغ عشرين مثقالا غلظ اليمين وان لم يبلغ ذلك لم يغلظ لان عبد الرحمن بن عوف فرق بين المال العظيم وبين ما دونه، فان كانت اليمين فى دعوى عتق فان كان السيد هو الذى يحلف فان كانت قيمة العبد تبلع عشرين مثقالا غلظ اليمين وان لم تبلغ عشرين مثقالا لم يغلظ لان المولى يحلف لإثبات المال ففرق بين القليل والكثير كأروش الجنايات فان كان الذى يحلف هو العبد غلظ اليمين قلت قيمته أو كثرت لأنه يحلف لإثبات العتق والعتق ليس بمال ولا المقصود منه المال فلم تعتبر قيمته كدعوى القصاص، وفى نهاية المحتاج: إن التغليظ فى ذلك على سبيل الندب وان لم يطلبه الخصم بل وان أسقطه وذلك كما قاله القاضى وسواء كانت اليمين على المدعى سواء فى ذلك اليمين المردودة من المدعى عليه أو اليمين التى مع الشاهد أو كانت اليمين على المدعى عليه،: ثم قال: ومحل ذلك ما لم يسبق من أحدهما حلف بنحو طلاق أن لا يحلف يمينا مغلظة وإلا فلا تغليظ وإلا وجه تصديقه فى ذلك بلا يمين لأنه يلزم من حلفه طلاقه ظاهرا فساوى الثابت بالبينة لكن الذى جاء فى المهذب (81) أنه إن كان الذى عليه اليمين قد حلف بالطلاق أنه لا يحلف بيمين مغلظة فان كان التغليظ مستحقا عليه لزمه التغليظ فى الحلف وان حنث فى يمينه بالطلاق كما لو حلف بالطلاق أنه لا يحلف عند القاضى فان امتنع جعل ناكلا وردت اليومين على خصمه وان كان التغليظ غيرمستحق لم يلزمه أن يحلف يمينا مغلظة وان امتنع من التغليظ لم يجعل ناكلا، والتغليظ (82) يكون بحضور جمع أقلهم أربع، ويندب بزيادة الأسماء والصفات ويسن أن يقرأ عليه: ( إن الذين (83) يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم فى الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) وأن يوضع المصحف في حجره والتغليظ (84) قد يكون بالزمان وبالمكان وفى اللفظ فأما التغليظ بالمكان ففيه قولان أحدهما أنه يستحب والثانى أنه واجب، وأما التغليظ بالزمان فقد ذكر الشيخ أبو حامد الاسفرابينى رحمه الله أنه يستحب وقال أكثر اسحابنا: أن التغليظ بالزمان كالتغليظ بالمكان وفيه قولان: وأما التغليظ باللفظ وهو مستحب فهو أن يقول: والله الذى لا اله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذى يعلم من السر ما يعلم من العلانية وذلك لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلف رجلا فقال له: قل: والله الذى لا اله إلا هو- ولان القصد باليمين الزجر عن الكذب وهذه الألفاظ أبلغ فى الزجر وأمنع من الإقدام على الكذب وان اقتصر على قوله: والله، أجزأه لأن النبى صلى الله عليه وسلم اقتصر فى أحلاف ركانة على قوله: والله، وان اقتصر على صفة من صفات الذات كقوله: وعزة الله أجزأه لأنها بمنزلة قوله: والله فى الحنث فى اليمين وإيجاب الكفارة وان حلف بالمصحف وما فيه من القرآن فقد حكى الشافعى رحمه الله عن مطرف أن ابن الزبير كان يحلف على المصحف قال: ورأيت طرفا بصنعاء يحلف على المصحف.
قال الشافعى وهـو حسن ولان القرآن من صفات الذات ولهذا يجب بالحنث
فيه الكفارة وإن كان الحالف يهوديا أحلفه بالله الذى أنزل التوراة على موسى ونجاه من الغرق وإن كان نصرانيا أحلفه بالله الذى أنزل الإنجيل على عيسى، وإن كان مجوسيا أو وثنيا أحلفه بالله الذى خلقه وصوره،- ولا يجوز التحليف بنحو عتق أو طلاق، أما التغليظ بالزمان (85) فإنه يكون بعد العصر لأن اليمين فيه أغلظ والدليل عليه قول الله عز وجل ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين ) (86)، قيل هو بعد صلاة العصر، وروى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : رجل حلف يدنا على مال صمت لم فاقتطعه ورجل حلف يدنا بعد صلاة العصر لقد أعطى بسلعته أكثر مما أعطى وهو كاذب ورجل منع فضل الماء..... الخ وأما التغليظ بالمكان فيكون فى أشرف موضع من البلد فإن كان بمكة كان بين الركن والمقام لأن اليمين فيه أغلظ وذلك لما روى عن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه أنه مر بقوم يحلفون بين الركن والمقام.. الخ الحديث السابق ذكره وإن كان فى
المدينة كان فى المسجد لأنه أشرف البقاع بها وكل يكون على المنبر أو عند المنبر؟ اختلفت الرواية فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فروى أبو هريرة رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف عند منبرى على يمين آثمة ولو على سواك من رطب وجبت له النار وروى جابر رضى عنه الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على خبرى هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار، وإن كان ببيت المقدس كان عند الصخرة لأنها اشرف البقاع به وإن كان فى غير ذلك من البلاد كان فى الجامع وإن كانت المرأة حائضا حلفت على باب المسجد لأنه أقرب إلى الموضع الشريف ويحلف اليهودى والنصرانى والمجوسى ببيوت عبادتهم لان هذه المواضع غدهم كالمساجد عندنا..
ويحلف على. البت (87)- وهو الجزم- إذا كان ما يحلف عليه ليس بفعله ولا فعل غيره كان يقول لزوجته إن طلعت الشمس فأنت طالق ثم ادعت عليه الزوجة أن الشمس طلعت فأفكر الزوج فإنه يحلف على البت أنهما لم تطلع، نعم لو ادعى المودع التلف ورد اليمين على المدعى يحلف على نفى العلم مع أن التلف ليس من فعل أحد، ويحلف علي البت فى فحل نفسه سواء كان نفيا أو إثباتا لأن علمه يحيط بحاله فيما فعل وفيما لم يفعل، وإن حلف على فعل غيره فإن كان فى إثبات حلف على البت أيضا كبيع وإتلاف وغصب لأن له طريقا إلى العلم بما فعل غيره وإن كان على نفى حلفه على نفى العلم فيقول : والله لا أعلم أن أبى أخذ منك مالا ولا أعلم أن أبى أبرأك من دينه. لأنه لا طريق له إلى القطع بالنفى فلم يكلف اليمين عليه إلا أنه فى نهاية المحتاج فصل فى الحلف على فعل الغير
فى النفى فقال: إن كان فعل الغير نفيا غير محصور فإنه يحلف على نفى العلم. مثل: لا أعلمه فعل هكذا لعسر الوقوف على العلم به، وإن كان محصورا فإنه يحلف فيه على البت.
ثم قال فى نهاية المحتاج (88): ولو ادعى دينا لمورثه فقال: أبرأنى منه حلف على البت إن شاء أو على نفى العلم بالبراءة لأنه حلف على نفى فعل الغير، ولو قال: جنى وعبدك على بما يوجب كذا فالأصح حلفه على البت إن أنكر، والرأى الثانى أنه يحلف على نفى العلم لتعلقه بفعل الغير ثم قال: ويعتبر فى اليمين موالاتها والمراد بالموالاة أن لا يفصل بين قوله والله وقوله ما فعلت كذا مثلا ثم قال
أو المحكم وغيره من كل من له ولاية التحليف
لا نية الحالف قال فى خاشية الشبراملسى وأما الظلمة فتنفع التورية عندهم فلا كفارة عليه وإن أثم الحالف ومن ذلك شيوخ البلدان والأسواق فتنفعه التورية عندهم والدليل على اعتبار نية المستلحف خبر مسلم، اليمين على نية المستحلف، وحمل على القاضى لأنه الذى له ولاية الاستحلاف.
مذهب الحنابلة:
اليمين المشروعة (90) هى اليمين بالله جل اسمه لقول الله عز وجل ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون )(91) وللأخبار الواردة فى ذلك وتجزىء بالله وحده وقد استلحف رسول الله صلى الله عليه وسلم ركانة بن عبد يزيد فى الطلاق فقال: والله ما أردت إلا واحدة وقال عثمان رضى الله عنه لابن عمر: تحلف بالله لقد بعته وما به داء تعلمه، وإن رأى
الحاكم تغليظ اليمين بلفظ أو زمان أو مكان فاضلين جاز ولم يستحب لأنه أردع للمنكر، والتغليظ فى اللفظ أن يقول:
والله الذى لا اله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الطالب الغالب الضار النافع الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، أما التغليظ فى الزمان فهو أن يحلف بعد العصر لقول الله عز وجل ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله.. الآية ) قيل المراد صلاة العصر لأنه وقت تعظمه أهل الأديان أو يكون بين الأذان والإقامة " لأنه وقت يرجى فيه إجابة الدعاء فترجى فيه معالجة الكاذب وأما التغليظ بالمكان (92) فإنه يكون بمكة بين الركن والمقام لأنه مكان شريف زائد على غيره فى الفضيلة ويكون ببيت المقدس عند الصخرة ويكون فى سائر البلاد كمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عند منبر الجامع لقوله النبى صلى الله عليه وسلم: من حلف على منبرى هذا يمينا آثمة فليتبوأ مقعده من النار رواه أبو داود، والمرأة الحائض تقف عند باب المسجد وهى تحلف لأنه يحرم عليها اللبث فى المسجد ويحلف أهل الذمة فى المواضع التى يعظمونها. لأن اليمين تغلظ فى حقهم زمانا فكذا تغلظ مكانا، واللفظ الذى يغلظ به على أهل الذمة هو أن يقول اليهودى والله الذى أنزل التوراة على عيسى وفلق له البحر وأنجاه من فرعون وملئه وذلك لحديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود: ناشدتكم بالله الذى أنزل التوراة على مرسى ما تجدون فى التوراة على من زنى؟ رواه أبو داود، أما النصرانى فإنه يقول فى حلفه والله الذى أنزل الإنجيل على عيسى وجعله يحيى الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص لأنه لفظ تتأكد به يمين النصرانى فأشبه اليهودى وأما المجوسى فإنه يقول والله الذى خلقنى وصورنى ورزقنى.لأن المجوس يعظم خالقه "، والوثنى والصابىء ومن يعبد غير الله يحلف بالله وحده.
وظاهر كلام الخرقى رحمه الله على ما جاء فى المغنى (93) أن اليمين لا تغلظ إلا فى حق أهل الذمة فقط وإلا تغلظ فى حق المسلمين ونحو هذا قال أبو بكر، ولا تغلظ اليمين (94) إلا فيما له خطر كجناية لا توجب قودا أو عتق أو نصاب زكاة لأن التغليظ للتأكيد وما لا خطر فيه لا يحتاج إلى تأكيد ولو أبى من وجبت عليه اليمين التغليظ فى يمينه لم يمر بذلك ناكلا عن اليمين لأنه قد بذل الواجب عليه فيجب الاكتفاء به ويحرم التعرض له قال فى النكت وفيه نظر لجواز أن يقال: يجب التغليظ إذا رآه الحاكم وطلبه وإلا لما كان فيه فائدة زجر قط ومال إلى ذلك الشيخ تقى الدين، ولا يجوز أن يحلف بالطلاق قلت ولا بعتاق لحديث: من كان حالفا فليحلف بالله وقال ابن المنذر (95):
ولم نجد أحدا يوجب اليمين بالمصحف، واليمين (96) تشرع فى حق كل من وجبت عليه سواء كان مسلما أو كافرا عدلا أو فاسقا امرأة أو رجلا، ومن حلف (97) فقالت: إن شاء الله أعيدت عليه اليمين ليأتى بها من غير استثناء وكذلك إن وصل كلامه بشرط أو وصله بكلام غير مفهوم ومن توجهت عليه يدنه فإنه يحلف فيما عليه على البت ويحلف الوارث على دين الميت على العلم وجملة الأمر أن الإيمان كلها على البت والقطع إلا على نفى فعل الغير فإنها تكون على نفى العلم. وقال الشعبى والنخعى كلها على العلم وذكره ابن أبى مولى رواية عن أحمد وذكر أحمد حديثه الشيبانى عن القاسم بن عبد الرحمن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تضطروا الناس فى أيمانهم أن يحلفوا على مالا يحلمون ولأنه لا يكلف مالا علم له به واستشهد ابن قدامة بحديث ابن عباس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم استحلف رجلا فقال له قل والله الذى لا اله إلا هو ماله عليك حق وروى الأشعث بن قيس أن رجلا من كندة ورجلا من حضرموت اختصما إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى أرض من اليمن فقال الحضرمى يا رسول الله أن أرضى اغتصبنيها أبو هذا وهى فى يده فقال النبى صلى الله علية وسلم هل لك بينة؟ قال: لا، ولكن أحلفه والله العظيم ما يعلم أنها أرضى اغتصبنيها أبوه فتهيأ الكندى لليمين ولم ينكر النبى صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داود، قاله ابن قدامة إذا ثبت هذا فإنه يحلف فيما عليه على البت سواء كان نفيا أو كان إثباتا، وأما ما يتعلق بفعل غيره فإن كان فى إثبات مثل أن يدعى أنه أقرض أو باع و يقيم شاهدا بذلك فكأنه يحلف مع شاهده على البت والقطع وإن كان على نفى العلم مثل أن يدعى عليه دين أو غصب أو جناية فإنه يحلف على نفى العلم لا غير وإن حلف عليه على البت كفاه وكان التقدير فيه العلم، ولو أدعى عليه أن عبده جنى أو استدان فأنكر فيمينه على نفى العلم "لأنها يمين على نفى فعل الغير فأشبهت يمين الوارث على نفى الموروث..
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (98): وليس من وجبت عليه يمين أن يحلف إلا بالله تعالى أو باسم من أسماء الله تعالى (99): ولا تجب اليمين فى مكان دون مكان ولا فى حال دون حال ولو صح ذلك لبينه النبى صلى الله عليه وسلم،
فى مجلس الحاكم فقط كيفما شاء من قعود أو قيام أو غير ذلك من الأحوال ولا يبالى إلى أى جهة كان وجهه ثم قال
ويحلف الكفار بالله (100) فقط وكذلك يحلف أهل الكتاب بدليل (101) قول الله عز وجل ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم ) الآية " وقول الله عز وجل ( فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين (102) ) فلم يأمر الله تعالى قط أحدا بأن يزيد فى الحلف على " بالله " شيئا فلا يحل لأحد أن يزيد على ذلك شيئا موجبا لتلك الزيادة فقد روى عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله.
مذهب الزيدية:
جاء فى التاج المذهب (103) والتحليف إنما هو بالله تعالى لقول النبى صلى الله عليه وسلم من حلف فليحلف بالله أو ليصمت فمن أراد تحليف المدعى عليه أو المدعى بصدقة ماله أو طلاق امرأته أو بالمشى إلى بيت الله فإنه لا يجوز أن يحلف بث!ىء من ذلك الا مع التراضى فيجوز مع الكراهة فلا يحلف الحاكم على هذا الوجه، وهذا مذهب القاسم والهادى والمؤيد بالله والمنصور بالله وهو قول عامة الفقهاء وهو المختار إلا أن يكون مذهـب الحاكم جواز التغليظ بذلك أو رأى ذلك صلاحا فإن كان- (1) كذلك لزم الخصم امتثال كما لزمه الحاكم، ولا يجوز التغليظ بكلمة الكفر والبراء من الله أو من الإسلام ويجوز أن يؤكد التحليف بالله بوصف صحيح يتميز به عند الحالف أى بما يكون تعظيما عند الحالف نحو أن يقول: والله الذى لا إله إلا فقط أجزأ عندنا، والقيد بالوصف الصحيح احتراز من الوصف الباطل حتى ولو اعتقده الحالف فإنه لا يجوز التحليف به نحو أن يقول فى تحليف المجبرة: والله خالق الأفعال، فإن فعل انعقدت، قال المؤيد بالله: ويحلف النصرانى بالله الذى أنزل الإنجيل على عيسى، ويحلف اليهودى بالله الذى أنزل التوراة على موسى وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وسلم، ويحلف المجوسى بالله الذى خلقه أو الذى خلق النار لتعظيمهم إياها، أما الصابية وهم فرقة من النصارى، والملحد وهو النافى للصانع والزنديق وهو الذى يقول مع الله ثانيا والوثنى وهو عابد الأصنام والمنافق وغيره فيحلف بالله الذى خلقه، ولو حلف اليهودى أو النصرانى. بالله الذى أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم فلا تصح ولا تنعقد..
وجاء فى البحر الزخار (104) إن التغليظ
فى اليمين غير مشروع إذ لا دليل وقيل: بل مشروع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما روى عن جابر رضى الله عنه " لا يحلف أحد على منبرى هذا على
يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار " ولتحليف على عليه السلام حيث حلف رجلا على المنبر، ثم قال: وفى حكمه وجهان أصحهما أنه يستحب فقط إذ القصد التأكيد ثم قال: والتغليظ (105) إما بتكرار اليمين كالقسامة واللعان وتقدير التكرار يكون بحسب نظر الحاكم فى تلك الحال ويكون التغليظ كذلك بالزمان وهو بعد العصر لقول الله عز وجل ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله ) وفسر بالعصر، ودون التغليظ بالمكان لقوله النبى صلى الله عليه وسلم: من حلف على منبرى الحديث السابق ذكره، ويكون التغليظ فى المساجد لشرفها ويكون على المصاحف لحرمتها ويضع يده على المصحف إعظاما ويغلظ بالصفات كذلك ولا يكون التغليظ بالعتق والطلاق ونحوهما ويأثم الحاكم إن فعل، وقال صاحب التاج المذهـب عن التغليظ بالزمان والمكان: ولا تغليظ عندنا بالزمان ولا بالمكان إلا لمصلحة له ثم قال (106) وتكون اليمين المردودة والمتممة والمؤكدة على القطع من المدعى مطلقا سواء ادعى حقا يخصه أم ادعى حقا يتعلق بغيره فإنه فى كل ذلك يحلف على القطع وكذلك اليمين من المنكر وعن المدعى عليه تكون على القطع إذا تعلقت بحق يخصه ولا تعلق لها بغيره، فإن كانت اليمين على فعل غيره فإنه يحلف على الحلم نحو أن يدعى عليه أنه كان على مورثه دين أو حق هن الحقوق يلزمه الخروج منه وكالسيد إذا ادعى عليه جناية عبده وكالعاقلة إذا ادعى عليها جناية خطأ، واختلف فى المشترى ونحوه نحو أن يشترى رجل شيئا أو يتهبه فادعى عليه أنه كان فى يد البائع أو الواهب غصبا أو رهنا أو إجارة أو عارية فقد تردد أهل المذهـب فى ذلك هل تكون يمين المشترى على العلم كالوارث أم تكون على القطع والصحيح فى المذهب الأول لمشاركة المشترى الوارث فى العلة وهى كونه حلف على أمر يتعلق بغيره، ثم قال: (107) ولا يلزم تعليق اليمين إلا بمحل النزاع.
ومحل النزاع فى الحقيقة هو الاستحقاق لا نفس الدعوى فإذا ادعى رجل على آخر أنه قتل أباه لم عز أن يحلفه الحاكم على أنه لم يقتله ولكن يحلفه على أنه لم يجن عليه جناية يلزمه بها قصاص أو دية، وفى البحر الزخار (108) إنه لو قال عقيب الحلف إن شاء الله الزمه الحاكم الإعادة، والنية للمحلف على حق بماله التحليف به فلا تنفع التورية وإلا بطل المقصود بالتحليف
مذهب الأمامية:
جاء فى شرائع الإسلام: (109) لا يستحلف أحد إلا بالله ولو كان كافرا وقيل لا يقتصر فى المجوسى على لفظ الجلالة لأنه يسمى النور إلها بل يضم إلى هذه اللفظة الشريفة ما يزيل الاحتمال، ولا يجوز الأحلاف
بغير أسماء الله سبحانه وتعالى كالكتب المنزلة والرسل المعظمة والأماكن المشرفة، ولو رأى الحاكم أحلاف الذمى بما يقتضيه دينه أردع له جاز ثم قال: ويكفى أن يقول الحاكم لمن يستحلفه: قل: والله ماله قبلي حق، وقد يغلظ اليمين بالقول وقد يغلظ بالزمان وقد يغلظ بالمكان لكن ذلك غير لازم ولو التمسه المدعى بل هو مستحب فى الحاكم استظهارا، فالتغليظ فى القول مثل أن يقول له: قل: والله الذى لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الطالب الغالب الضار النافع المدرك المهلك الذى يعلم من السر ما يعلمه من العلانية ما لهذا المدعى على شىء مما ادعاه، ويجوز التغليظ بغير هذه الألفاظ مما يراه الحاكم ، أما التغليظ بالمكان فذلك كالمسجد والحرم وما شاكله من الأماكن المعظمة، وأما التغليظ بالزمان فذلك يوم الجمعة والعيد وغيرها من الأوقات المكرمة، ويغلظ على الكافي بالأماكن التى يعتقد شرفها والأزمان التى يرى حرضوا، ويستحب التغليظ فى الحقوق كلها وإن قلت عدا المال فإنه لا يغلظ فيه لما دون نصاب القطع، ولو امتنع الحالف عن الإجابة إلى التغليظ لم يجبر، ولا يتحقق بامتناعه نكول، ثم قال فى موضع آخر (110): ويلزم المدعى عليه الحلف على القطع طردا إلا على نفى فعل الغير فإنها تكون على نفى العلم فلو ادعى عليه ابتياع أو قرض أو جناية فأنكر فإنه ألف على الجزم ولو ادعى على أبيه الميت لم يتوجه اليمين ما لم يدع عليه العلم فيكفيه الحلف أنه لا يحلم، وكذا لو قيل له قبض وكيلك..
مذهب الإباضية:
جاء فى متن النيل (111): المدعى عليه المتوجه عليه اليمين يأتى بمصحف ويأخذه منه الحاكم ويتعوذ ويقرأ أول سورة الطور ثم يقول له: أتحلف بالله الذى لا اله إلا هو الضار النافع المان على المسلمين المنتقم من الكافرين وأن يزيل عنك ما أحسن به إليك وينزع البركة من بين يديك ومن خلفك وأن يصيبك بما أنذرك به فى هذا المصحف ما لهذا ما يدعيه قبلك من كذا وكذا ثم يرفع المصحف لوجهه فيقبله، ويحلفه بالمصحف، وأدنى ما يحلف به ربع دينار وفى الأقل يحلفه بأسماء الله تعالى، وجاء فى شرح النيل (112): ويحلف الوارث على علمه وكذا يحلف اليتيم على علمه إذا بلغ والمجنون إذا أفاق، ثم قال: ويحلف المدعى عليه على البتات إلا أن ادعى أن ذلك من جانب غيره كمورثه فيحلف على علمه..
أثر الاستحلاف
مذهب الحنفية:
أثر الاستحلاف عند الحنفية (113) هو انقطاع الخصوص للمال لا مطلقا بل مؤقتا إلى غاية إحضار البينة وذلك عند عامة العلماء وقال بعضهم حكم الاستحلاف انقطاع الخصومة على الإطلاق حتى لو أدعى المدعى البينة بعد يمين المدعى عليه قبلته بينته ضد العامة وعند بعضهم لا تقبل لأنه لو أقام البينة لا تبقى له ولأية استحلاف فكذا إذا استحلف المدعى عليه لا تبقى له ولاية إقامة البينة، والجامع أن حق المدعى فى أحدهما: البينة أو إلي فلا يملك الجمع بينهما، والصحيح قول العامة لأن البينة فى الأصل فى الحجة لأنها كلام الاجنبى، فأما اليمين فكالخلف فى الببنة لأنها كلام الخصم صير إليها للضرورة فإذا جاء الأصل انتهى حكم الخلف وأنه لم يوجد أصلا، ولو قال المدعى للمدعى عليه احلف وأنت برىء من هذا الحق الذى ادعته أو أنت برىء من هذا الحق ثم أقام البينة بعد ذلك قبلت بينته لأن قوله: أنت برىء يحتمل البراءة للحال أن برىء عن دعواه وخصومته للحال ويحتمل البراءة عن الحق فلا يجعل إبراء عن الحق بالشك...
مذهب المالكية:
إذا أنكر المدعى عليه (114) الحق ولم يأت المدعى بالبينة وطلب استحلاف المدعى عليه فإن هذه اليمين هى المعتد بها فى مقام المخاصمة فتسقط بينة المدعى وسواء كان ما ادعى به المدعى شيئا واحدا أو كان أمورا متعددة فإن المدعى عليه لا يحلف إلا يمينا واحدة وتكون هذه اليمين كافية فى إسقاط الخصوص وفى منع إقامة البينة بعد ذلك إلا إذا كان للمدعى عذر فى عدم الإتيان بالبينة وذلك كنسيان حين تحليفه خصمه وحلف أنه نسيها وكذا إذا ظن المدعى أنها لا تشهد له أو ظن أنها ماتت فإن لا القيام بها إن حلف على ذلك، فلو شرط المدعى عليها على المدعى عدم القيام ببينة يدعى نسيانها أو عدم علمه بها وفى له بشرطه، وإذا وجد المدعى شاهدا ثانيا بعد ما استحلف المدعى عليه وحلف لرد شهادة الأول ثم وجد شاهدا آخر فله أن يقيمه ويضمه للأول ويعلى بشهادتهما
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج: (115) اليمين تفيد قطع الخصومة فى الحال لإبراءه من الحق لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر حالفا بالخروج من حق صاحبه أى كأنه علم كذبه فلو حلفه ثم أقام بينه بمدعاه أو أقام شاهدا ليحلف معه حكم بها وكذلك لو ردت اليمين على المدعى فنكل ثم أقام بينه وإن قال (116) المدعى للمدعى عليه أبرأتك من اليمين سقط حقه منها فى هذه الدعوى وله أن يستأنف الدعوى لأن حقه لم يسقط بالإبراء من اليمين فإن استأنف الدعوى فأنكر
المدعى عليه فله أن يحلفه لأن هذه الدعوى غير الدعوى التى أبرأه فيها من اليمين
فإن حلف سقطت الدعوى لما روى وائل ابن حجر أن رجلا من حضرموت ورجلا من كندة أتيا رسول الله صلى الله. عليه وسلم فقال الحضرمى: هذا غلبنى على أرض ورثتها من أبى وقال الكندى: أرضى وفى يدى أزرعها لا حق له فيها. فقال النبي صلى الله. عليه وسلم: شاهداك أو يمينه قال: انه لا يتورع عن شىء فقال النبى صلى الله عليه وسلم ليس لك إلا ذلك، قال
فى نهاية المحتاج وأما الحصر (117) فى خبر شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك إنما هو حصر لحقه فى النوعين أى لا ثالث لهما وأما منع جمعهما فلا دلالة للخبر عليه، وقد لا تفيده البينة كما لو أجاب مدعى عليه بوديعة بنفى الاستحقاق وحلفه عليه فلا تفيد المدعى أقام البينة بأنه أودعه لأنها لا تخالف
ما حلف عليه من نفى الاستحقاق، قاله البلقينى.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع: (118) اليمين تقطع الخصومة فى الحال ولا تسقط البينة فتسمع البينة بعد اليمين، ولو رجع الحالف إلى الحق وأدى ما علية قبل منه وحل لربه أخذه ، وفى هداية الراغب : أن البينة (119)
لا تسمع بعد الحلف إذا كان المدعى قد قال لا بينة لى ونحوه كما لو قال: كل بينة أقيما فهى زور أو باطلة فإنها لا تسمع بعد ذلك لأنه مكذب لها وذلك بخلاف قوله: لا أعلم لى بينة فإنها تتسمع إذا أقامها بعد اليمين لأنه ليس مكذبا لها.
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (120): كل من أدعى على أحد وأنكر المدعى عليه فكلف المدعى البينة فقال لى بينة غائبة أو قال: لا أعرق لنفسى بينة أو قال: لا بينة لى قيل له: إن شئت فدع تحليفه حتى تحضر بينك أو لعلك تجد بينة وإن شئت حلفته، وقد سقط حكم بينتك الغائبة جملة فلا يقضى للة بها أبدا وسقط حكم كل بينة تأتى بها بعد هذا عليه ليس لك إلا هذا فقط فأى الأمرين اختار قضى له به ولم يلتفت له إلى بينه فى تلك الدعوى بعدها إلا أن يكون تواتر يوجب صحة العلم ويقينه أنه حلف كاذبا فيقضى عليه بالحق أو يقر بعد أن يكون حلف فيلزمه ما أقربه..
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار (121) اليمين شرعت لقطع الخصومة فى الحال إجماعا ولا تقطع الحق فتقبل البينة بعدها إذ البينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة وقيل بل اليمين لقطع الحق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: البينة على من أدعى واليمين على المنكر، فقطعته كالبينة.
مذهب الإمامية:
جاء فى شرائع الإسلام (122) إن حلف المنكر سقطت الدعوى ولو ظفر المدعى بعد ذلك بمال الغريم لم يحل له مقاصته ولو عاود المطالبة أثم ولم تسمع دعواه 1، ولو أقام بينة بما حلف عليه المنكر لم تسع، وقيل يعمل بها ما لم يشترط المنكر سقوط
الحق باليمين وقيل إن نسى بينته سمعت وإن أحلف، والأول هو المروى، وكذا لو أقام بعد الأحلاف شاهدا وبذل معه اليمين، أما لو كذب الحالف نفسه جاز طالبته وحل مقاصته مما يجده له مع امتناعه عن التسليم ، وإن رد اليمين على المدعى
لزمه الحلف.
مذهب الإباضية: (123)
اليمين تسقط الدعوى ولا تسقط الحق ولذلك لو أقيمت البينة بعد اليمين سمعت البينة وبطل الحكم الأول الذى فيه تحليف المنكر وتبرئته.
النية فى اليمين تكون لمن ؟
مذهب الحنفية:
جاء فى البدائع (124): روى عن أبى يوسف
عن أبى حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال اليمين على نية الحالف إذا كان مظلوما، وإن كان ظالما فعلى نية المستحلف، وذكر الكرخى إن هذا قول أصحابنا وذكر القدورى أنه إن أراد به اليمين على الماضى فهو صحيح لأن المؤاخذة فى اليمين على الماضى بالإثم فمتى كان الحالف ظالما كان آثما فى يمينه، وإن نوى به غير ما. حلف عليه لأنه يتوصل باليمين إلى ظلم غيره وقد روى أبو ماجة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اقتطع حق أمرىء مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب عليه النار قالوا: وإن كان شيئا يسيرا قال صلى الله عليه وسلم: وإن كان قضيبا من أراك، قالها ثلاثا... وأما إذا كان مظلوما فهو لا يقتطع بيمنه حقا فلا يأثم وإن نوى غير الظاهر، وأما اليمين على المستقبل إذا قصد بها الحالف معنى دون معنى فهو على نيته دون نية المستحلف لأنه عقد وهو العاقد فينعقد على ما عقده.
مذهب المالكية:
من استحلف لذى (125) حق سواء كان حقا
ماليا من دين أو غيره أم لا كان يدعى رجل على آخر أن له عليه عشرة دنانير من بيع فيحلف بالله أو بالطلاق أو بعتق عبده مالك عندى عشرة أو يدعى عليه الوديعة فينكر ويحلف بالله أو بالطلاق ماله عندى وديعة أو كان تحلف زوجة زوجها بالطلاق أن لا يتزوج عليها نفى كل ذلك لا تقبل نية الحالف أنه ينوي عشرة من قرض فى المسألة الأولى أو ينوى ماله عندى وديعة حاضرة فى الثانية أو ينوى أن لا يتزوج عليها مصرية فى الثالثة، والعبرة بنية المحلف لأنه كأنه اعتاض من حقه هذا اليمين، ولا تنفع (126 ) الحالف تورية ولا استثنناء بإجماع ويكون آثما بيمينه داخلا تحت الوعيد فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.: من اقتطع حق امرىء مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار، فالعبرة بنية المحلف إذا كان له حق فى نفس الأمر أما إذا لم يكن له حق فى نفس الأمر كمن تسلف من رجل مالا وقضاه له بغير بينة ثم قام صاحب المال وطالب المقترض به فأنكره وقال لا شىء لك عندى فطلب أن يحلفه أنه ما تسلف منه فانه يحلف له أنه ما تسلف منه وينوى فى قلبه سلفا يجب عليه الآن رده ويبرأ من الإثم ومن الدين.
مذهب الشافعية:
جاء فى مغنى المحتاج: ويعتبر (127) فى الحلف نية القاضى المستحلف للخصم لحديث :
اليمين على نية المستحلف رواه مسلم وحمل على المحاكم لأنه الذى له ولاية الاستحلاف ولا تعتبر نية الحالف لأنه لو اعتبرت نيته لبطلت فائدة الإيمان وضاعت الحقوق اذ كل أحد يحلف على ما يقصد، قال البلقينى ومحل ما ذكر اذا لم يكن الحالف محقا لما نواه وإلا فالعبرة بنيته لا بنية القاضى وعلى أصل المذهب فلو ورى الحالف فى يكنه بأن قصد خلاف ظاهر اللفظ عند تحليف من له ولاية التحليف كقوله لا يستحق على درهما ولا دينارا ولا أقل من ذلك ولا أكثر ومن يريد غير ظاهر الكلام أو تأول بأن اعتقد الحالف خلافها أى خلاف نية القاضى واستثنى الحالف كقوله عقب يكنه إن شاء الله أو وصل باللفظ شرطا كأن دخلت الدار بحيث لا يسمع القاضى ذلك لم يدفع ذلك إثم اليمين الفاجرة لان اليمن شرعت ليهاب الخصم الإقدام عليها خوفا من الله تعالى فلو صح تأويله لبطلت هذه الفائدة، ثم قال: ومحل كون ما ذكر لا يدفع إثم اليمين الفاجرة مقيد بأمرين أحدهما: أن يكون الحلف بالله تعالى فإن حلفه القاضى بالطلاق أو العتاق فحلف وورى نفعته التورية وإن كانت حراما حيث يبطل بها حق المستحق.لأنه ليس له التحليف بهما فالعبرة بنية الحالف إذا كان التحليف بالطلاق و العتاق، والأمر التانى أن لا يكون المحلف ظالما فى نفس الأمر فقد ذكر فى الوديعة أن الظالم إذا طلب منه الوديعة فينكر فإن اكتفى باليمين فليحلف ولا إثم عليه ولو قدر على التورية كما
هو مقتضى كلامهم، ولو حلفه غريمه ونحوه ممن لا ولاية له فى التحليف أو حلف من ابتداء فالعبرة بنيته وان أثم بها حيث أبطلت يمينه حق غيره وعليه يحمل خبر " يمينك ما يصدقك عليه صاحبك" (128) والظلمة تنفع التورية عندهم ولا كفارة عليه وإن أثم الحالف وكذلك شيوخ البلدان والاسواق فتنفعه التورية عندهم سواء كان الحلف بالله أو بالطلاق.
مذهب الحنابله:
جاء فى كشاف القناع: (129) تكون يمين الحالف على صفة جوابه لخصمه ولا يصلها اليمين باستثناء لأنه يزيل حكم اليمين ولا يصلها بما لا يفهم لاحتمال أن يكون استثناء، وتحرم التورية و التأويل لحديث يمينك على ما يصدقك به صاحبك، إلا لمظلوم كمن يستحلفه ظالم: ما لفلان عندك وديعة فينوى بـ " ما" الذى ونحوه.
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى: اليمين (130) محمولة على لغة الحالف وعلى نيته ومن مصدق فيما ادعى من ذلك الأمر لزمه يمين فى حق لخصمه عليه والحالف بطل فإن اليمين على نية المألوف له، فمن لزمته يمين لخصمه ومن بطل فلا ينتفع بتوريته وهو مقتضى كلامهم، ولو حلفه غريمه ونحوه ممن لا ولاية له فى التحليف أو حلف هو ابتداء فالعبرة بنيته
وإن أثم بها حيث أبطلت يصفه حق غيره وعليه يحمل خبر " يمينك ما يصدقك عليه صاحبك" (128) والظلمة تنفع التورية عندهم ولا كفارة عليه وإن أثم الحالف وكذلك شيوخ البلدان والاسواق فتنفعه التورية عندهم سواء كان الحلف بالله أو بالطلاق.
مذهب الحنابله:
جاء فى كشاف القناع: (129) تكون يمين الحالف على صفة جوابه لخصمه ولا يصل اليمين باستثناء لأنه يزيل حكم اليمين ولا يصلها بما لا يفهم لاحتمال أن يكون استثناء، وتحرم التورية و التأويل لحديث يمينك على ما يصدقك به صاحبك، إلا لمظلوم كمن يستحلفه ظالم: ما لفلان عندك وديعة فينوى بـ " ما " الذى ونحوه.
مذهب الظاهرية:
قال ابني حزم الظاهرى: اليمين (130) محمولة على لغة الحالف وعلى نيته وهو مصدق فيما ادعى من ذلك إلا من لزمته يمين فى حق لخصمه عليه والحالف بطل فإن اليمين ههنا على نية المحلوف له، فمن لزمته يمين لخصمه وهو مبطل فلا ينتفع بتوريته وهو
عاص لله تعالى فى جحوده الحق عاص له فى استدفاع طلب خصمه بتلك اليمين فهو حالف يمين غموس.
مذهب الزيدية:
جا، فى شرح الأزهار: المحلف (131) على حق
أو تهمة بما له التحليف به تكون اليمين بإكبار نيته، ووجهه أن يمين المدعى عليه موضوعة فى الشرع لينزجر الظالم عن جحود الحق فوجب أن يكون الاعتبار بنية المحلف حتى يحصل هذا المعنى إلا أنه لا تأثير لنية المحلف فى اليمين إلا بشرطين: أحدهما: أن يكون استحلافه على حق يستحقه على الحالف فلو لم يكن على حق يستحقه المحلي كانت النية نية الحالف.
والشرط الثانى: أن يستحلفه بما له أن يحلف به وهو الحلف بالله أو بصفة من صفاته، وأما لو استحلفه بالطلاق أو العتاق أو النذر. كانت النية نية الحالف، وقيل: ان كان رأى الحاكم جواز التحليف بذلك أى بالطلاق والعتاق فله إلزام الخصم وتعتبر نية المحلف، وإن كانت اليمين على أمر تقبل نحو أن يحلفه الحاكم ليقضين زيدا حقه غدا فإن النية نية المحلف ولا حكم لنية التحالف، ولو نوى الحالف نية تصرفه عن الحنث فلا حكم لها، وقيل إنما تكون النية نية المحلف إذا كان التحليف بأمر الحاكم وإلا فالنية للحالف.
مذهب الامامية:
جاء فى المختصر النافع: لو حلف على تخليص مؤمن أو دفع أذية لم يأثم ولو كان كاذبا وان أحسن التورية ورى، ومن هذا لو وهب له مالا وكتب له ابتياع وقبض ثمن فتنازعه الوارث على تسليم الثمن حلف ولا إثم، ويورى بما يخرجه من الكذب، وكذا لو حلف أن مماليكه أحرار وقصد التخلص من ظالم لم يأثم ولم يتحرروا (132).
مذهب الاباضية.:
جاء فى شرح النيل: (133) من استحلفه جائر ظلما فله ألاستثناء فى نفسه وان استحلفه غيره بحق فلا ينفحه، وقيل ينفع الاستثناء فى النفس طلقا، وقيل: لا طلقا ثم قال: (134) اليمين على المقاصد وهى المعتبر على الأصح لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، إلا أن تعلق فيها حق أحد فالنظر إلى اللفظ، وقيل النظر إلى اللفظ مطلقا.
هل تتعدد اليمين بتعدد المدعى به
مذهب الحنفية:
إذا كان المدعى به شيئا واحدا كدار أو دابة أو ألف درهم وأريد تحليف المدعى لم يحلف إلا يمينا واحدة وهو ظاهر فلو كان المدعى به أشياء محددة كان ادعى عليه دراهم ودنانير وعروض تجارة وضياعا زراعية أنه يستحق ذلك عنده وأنكرها جميعها المدعى عليه وأريد تحليفه عليها لا يحلف إلا يمينا واحدة على الجو ع لان المجلس واحد ولان فى ذلك ك قصر المسافة مع حصول المقصود بالمحلف عليها جمعها وهذا هو الرأى المقدم والمعول به (135)..، وقيل إن عرف المدعى بالتعنت يؤمن بجمع الدعوى وتحليفه مرة واحدة وان لم يحرف بذلك لا يكلف جدها وتتمدد اليمن، وقيل الخيار للمدعى إن شاء حلفه يمينا على كل دعوى وإن شاء حلفه يمينا واحدة على جميعها، وقيل ينظر القاضى إلى السبب فإن كان واحدا كبيع مثل حلفه يمينا واحدة وان كانت الأسباب مختلفة كبيع وغصب وقرض حلفه على كل واحدة يمينا (136) كذلك تتعدد اليمين فى القسامة فإذا وجد قتيل فى محلة لم يدر قاتله حلف خمسون رجلا منهم وان لم يتم العدد كرر الحلف (137).
مذهب المالكية:
جاء فى الشرح الكبير: (138) إذا لم تكن للمدعى بينة وطلب يمين خصمه حلف، وعلق الدسوقى على قوله: " حلف " فقال: أى يمينا واحدة سواء كان ما ادعى به المدعى شيئا واحدا أو كانت أمورا متعددة فاليمين الواحدة كافية فى إسقاط الخصومات وفى منع إقامة البينة ولو كان المدعى به متعددا.
وفى القسامة (139) تتكرر اليمين فيحلف
الأولياء خمسين يمينا وتوزع عليهم.
مذهب الشافعية:
جاء فى المهذب (140): إذا قذف الرجل امرأته بزناءين وأراد اللعان كفاه لهما لعان واحد لأنه فى أحد القولين يجب حد واحد فكفاه فى إسقاطه لعان واحد وفى الغول الثانى يجب حدان لأنهما لواحد فاكتفى فيهما بلعان واحد كما يكتفى فى حقين لواحد بيمين واحد وهذا يدل على أن اليمين لا تتعدد بتعدد المدعى به، وفى (141) دعوى الدم تغلظ اليمين بالعدد فيحلف المدعى أو المدعى عليه خمسون يمينا .
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع (142) : ومن توجه عليه الحلف بحق جماعة وبذل لهم يمينا واحدة ورضوا بها مجاز لأن الحق لهم وقد رضوا بإسقاطه وإن أبوا الاكتفاء بيمين واحدة حلف لكل واحد منهم يمينا لأن حق كل واحد غير حق الآخر فإذا طلب كل واحد منهم يمينا كان له ذلك كسائر الحقوق إذا انفرد بها ولو ادعى واحد حقوقا على واحد فعليه فى كل حق يمين إذا تعددت الدعوى ولو اتحد المجلس فإن اتحدت الدعاوى فيمين واحدة للكل كما فى المبدع، وجاء فى موضع آخر (143): يحلف المدعون أيمان القسامة خمسين يمينا فإن لم يحلفوا حلف المدعى عليه ولو امرأة خمسين يمينا وبرىء وإن كان المدعى واحدا حلف الخمسين يدنا وإن كانوا أقل قسمت عليهم..
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار: (144) ولا ينبغى تكرار اليمين على الحالف إلا لطلب تغليظ عليه، قال فى الانتصار يجوز التغليظ بالتكرار كما يجوز فى القسامة واللحاق، وكذلك يكون التكرار فى اليمين لتعدد حق فإذا كان الحق متعددا تكررت اليمين بحسب تعدده ذكره الهادى فى المنتخب وذلك مثل أن يدعى رجل على آخر أنه قتل أباه وعقر بهيمته وسرق ثوبه فانه يجب لكل واحدة من هذه الدعاوى يمين سواء ادعى هذه فى دعوى واحدة أم كثر لأن العبرة باختلاف الأسباب وهذا قول الإمام يحيى فى الانتصار وقيل بل العبرة باللفظ فان لم يعدد لفظ الدعوى بل قال: أدعى كذا وكذا وكذا فهى دعوى واحدة وفيها يمين واحدة، وان قال أدعى عليه كذا وأدعى عليه كذا ففى ذلك يمينان، والتدقيق ما ذكره الإمام يحيى، وعند الناصر والمؤيد بالله أنه يجمع الجميع ويقتصر على يمين واحدة..، وكذلك تتكرر اليمين بتعدد مستحق عليه فان اليمين تتعدد بحسب تعددهم مثل أن يدعى رجل على جماعة أنهم قتلوا أباه أو اغتصبوا ثوبه أو نحو ذلك فانه يستحق على كل واحد منهم يمينا وان كان المدعى فيه شيئا واحدا وتتكرر اليمين كذلك بتعدد مستحق فان اليمين تتعدد بحسب تعددهم نحو أن يكون المستحق للشيىء المدعى جماعة فانه يجب لكل واحد منهم يمين لكن إذا ادعى كل واحد منهم مقدار حقه فقط فلكل واحد يمين مطلقا وكذلك إذا كان المدعى أحدهم لهم جميعا بالوكالة منهم استحق كل واحد يمنا على الصحيح من المذهب.
مذهب الأمامية:
جاء فى الروضة البهية (145): ولو كان المدعون جماعة وأقاموا شاهدا واحدا فعلى كل واحد- يمين لان كل واحد يثبت حقا لنفسه ولا يثبت مال لأحد بيمين غيره...
-----------------------------------------------------
(1) لسان العرب لابن منظور ج 36 ص 53 طبع دار صادر دار بيروت.
(2) أنظر للمالكية حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 146 طبع بدار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر وللحنفية تكملة فتح القدير
(3) نتائج الأفكار لقاضى زاده وبهامشه العناية على الهداية للبابرتى ج 6 ص 151، ، ص 152 طبعة أولى طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر وللثسافعية المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج 2 ص 300 طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر وللحنابلة هداية الراغب شرح عمدة الطالب ص 567 مطبعة المدنى المؤسسة السعودية بمصر وللزيدية التاج المذهب لأحكام المذهب شرح متن الأزهار لابن قاسم الصنعانى ج 4 ص 29 وص 30 طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية بم
(4) شرح العناية على الهذاية على هامش نتائج الأفكار ج6 ص 153، ص 154
(5)حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 145 ، 146 الطبعة السابقة .
(6) تهذيب الفروق والقواعد السنية فى الأسرار الفقهية بهامثس الفروق لشهاب الدين المشهور بالقرافى الفرق التاسع والثلاثون والمائتان ج 4 من ص 136 إلى 139 طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر سنة 1346هـ طبعة أولى.
(7) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 145، 146 ،151،152 ، 139.
(8) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد ج 2 ص354 وص 355، طبع مطبعة الجمالية بمصر طبعة أولى سنة 1329 هـ.
(9) حاشية حجازى والأمير ج 2 ص 220 وص 321.
(10) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 151 وص 152 الطبعة السابقة.
(11) المرجع السابق ج4 ص 151.
(12) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج4 ص 227 الطبعة السابقة.
(13) المهذب للثسيرازى ج 2 ص 310 وص 311 الطببة السابقة.
(14) المهذب للشيرازى ج2 ص 310 وص الدين الرملى وحاشية الثسبراملسى عليه ج 8 ص 335 وص 336 طبع شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة 1357هـ وكتاب الأم للإمام الشافعى وبهامثسه مسند الإمام ج 6 ص 279 طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر طبعة أولى سنة1324 هـ.
(15) كشاف القناع على متن الإقناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 198 طبع المطبعة العامرة الشرفية بمصر طبعة أولى سنة 1319هـ وهداية الراغب ص 556 الطبعة السابقة.
(16) كشاف القناع ج4 ص 200 الطبعة السابقة.
(17) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 9 ص 371 مسألة رقم 1782 مطبعة إدارة الطباعة المنيرية سنة 1352هـ..
(18) التاج المذهب ج 4 ص 26 الطبعة السابقة
(19) المرجع السابق ج 4 ص 27
(20) المرجع السابق ج 4 ص 29 و ص 30.
(21) شرائع الإسلام فى الفقه الاسلامى الجعفرى للمحقق الحلى ج 2 ص 214 منشورات دار مكتبة الحياة ببيروت.
(22) كتاب شرح النيل وشفاء العليل ج 6
ص 583 طبعة البارونى وشركاه..
(23) انظر فى ذلك المراجع السابقة فى باب الدعوى.
(24) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 226
وما بعدها والهداية مع شروحها تكملة فتح القدير والعناية ج6 ص 163 وما بعدها الطبعة السابقة.
(25) البذل: هو ترك المنازعة والأعراض عنها.
(26) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 227 الطبعة السابقة.
(27) تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الإبصار لابن عابدين ج 6 ص 413 طبع المطبعة العثمانية.
(28) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج 4 ص 227 وص 151 وص144 وص200 الطبعة السابقة.
(29) ألام للإمام الشافعى ج 7 ص 87، ص 31 والمهذب للشيرازى ج 2 ص 322 الطبعة السابقة.
(30) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج4 ص 285 الطبعة السابقة.
(31) المحرر فى الفقه لمجد الدين أبى البركات ومعه النكت والفوائد السنية ج2 ص 225 طبع مطبعة السنة المحمدية سنة1369 هـ والمغنى على مختصر الخرقى ويليه الشرح الكبير لابن قدامه المقدسى ج 12 ص 127 طبع مطبعة المنار بمصر طبعة أولى1328هـ .
(32) كشاف القناع وبهامثسه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 285 الطبعة السابقة.
(33) المحرر لمجد الدين أبى البركات ج2 ص 226 الطبعة السابقة.
(34) كشاف القناع ج4 ص 285.
(35) المحرر ج 2 ص 226.
(36) المرجع السابق ج 2 ص 227.
(37) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 11 ص84 مسألة رقم 2149.
(38) المرجع السابق ج 11 ص 78 الطبعة السابقة .
(39) المرجع السابق ج 11 ص 281 مسألة رقم 2231.
(40) المرجع السابق ج 11 ص 293 مسألة رقم 2241.
(41) كتاب البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد يحيى المرتضى ويليه كتاب جواهر الأخبار والآثار ج 4 ص404.
(42) المرجع السابق ج 4 ص 405.
(43) شرائع الاسلام للمحقق الحلى ج2 ص 215 الطبعة السابقة.
(44) كتاب شرح النيل وشفاء العليل ج 6 ص 583 الطبعة السابقة.
(45) تكملة فتح القدير شرح الهداية وبهامثسه العناية ج 6 ص 151 وص 152 الطبعة السابقة.
(46) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 6 ص 224 الطبعة السابقة.
(47) الفتاوى الهندية وبهامشها الفتاوى البزازية ج 4 ص 13 طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر سنة 1310هـ الطبعة الثانية.
(48) رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الإبصار ج 6 ص 401 ، ص 402 الطبعة السابقة.
(49) المرجع السابق ج 6 ص 404.
(50) الفتاوى الهندية ج4ص 13 وص 14 الطبعة السابقة.
(51) كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد المعروف بالحطاب وبهامشه التاج والإكليل للمواق ج 6 ص 130 طبع مطبعة السعادة بمصر طبعة أولى سنة 1328 هـ والشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج4 ص 146الطبعة السابقة.
(52) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج2 ص 300 الطبعة السابقة.
(53) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملى .ج 8 ص 332 الطبعة السابقة.
(54) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج4 ص 198 الطبعة السابقة.
(55) كشاف القناع ج 4 ص 290.
(56) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 9 ص 371 مسألة رقم 1782.
(57) المرجع السابق ج 9 ص 436 مسألة رقم 1811.
(58) البحر الزخار ج4 ص 386 الطبعة السابقة.
(59) المرجع السابق ج 4 ص 408.
(60) شرائع الإسلام للمحقق الحلى ج 2 ص 212 الطبعة السابقة.
(61) متن النيل ص 306 وص 310.
(62) الهداية وشروحها نتائج الأفكار تكملة فتح القدير والعناية ج 6 ص174 وما بعدها الطبعة السابقة.
(63) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 227 الطبعة
(64) نتائج الإنكار تكملة فتح القدير على الهداية ج 6 ص174 وما بعدها.
(65) المرجع السابق ج 6 ص 176.
(66) الآية رقم 25 من سورة لقمان.
(67) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 228.
(68) نتائج، الأفكار تكملة فتح القدير ثم شرح الهداية وبهامثسه العناية ج 6 ص 176 وما بعدها.
(69) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 228.
(70) تكملة فتح القدير ج 6 ص 176 وما بعدها
(71) المرجع السابق ج 6 ص 178.
(72) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج4 ص 227 الطبعة السابقة.
(73) المرجع السابق ج 4 ص 228.
(74) المرجع السابق ج4 ص 228.
(75) المرجع السابق ج 4 ص 229.
(76) المرجع السابق ج4 ص 230.
(77) المرجع السابق ج 4 ص 229، ص 230
(78) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج 2 ص 322 وبهامشه النظم المستعذب فى شرح غريب المهذب طبعة الحلبى وشركاه بمصر.
(79) جاء فى هامثس المهذب : يبهأ الناس أى يأنسوا به فتقل هيبته عندهم فيتهاونوا به.
(80) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج 8 ص 330 الطبعة السابقة.
(81) المهذب لأبى اسحق الثسيرازى ج2 ص322.
(82) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج8 ص331.
(83)الآية رقم 77 من سورة آل عمران.
(84) المهذب ج4 ص 322 الطبعة السابقة.
(85) المرجع السابق ج 2 ص 125 وص 126
(86) الآية رقم 106 من سورة المائدة..
(87) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج 8 ص 331 الطبعة السابقة والمهذب للشيرازى ج 2 ص 322 و ص 323.
(89): ويعتبر نية القاضى المستحلف أو نائبه
(88) نهاية المحتاج ج 8 ص 332.
(89) المرجع السابق ج 8 ص 333.
(90) هداية الطالب لشرح عمدة الطالب ص 567 مطبعة المدنى بمصر سنة 1380 هـ والمغنى لابن قدامة وبهامشه الشرح الكبير ج 12 ص 113 الطبعة السابقة وكشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 287 الطبعة المسابقة.
(91) الآية رقم 109 من سورة الأنعام.
(92) كشاف القناع ج 4 ص 288.
(93) المغنى والشرح الكبير عليه ج 12 ص 114
ص 115.
(94) كشاف القناع ج 4 ص 288.
(95) المغنى لابن قدامه ج 12 ص 118.
(96) المرجع السابق ج 12 ص 114.
(97) كشاف القناع ج 4 ص 290.
(98) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 9 ص 383 مسألة رقم 1784 الطبعة السابقة.
(99) المرجع السابق ج 9 ص 392.
(100) المرجع السابق ج 9 ص 385.
(101) المرجع السابق ج 9 ص 389.
(102) الآية رقم 107 من سورة المائدة.
(103) التاج المذهب ج 4 ص 32، ص 33 الطبعة السابقة والبحر الزخار ج 4 ص 407 الطبعة السابقة.
(104) البحر الزخار ج 4 ص 408.
(105) المرجع السابق ج 4 ص 309.
(106) التاج المذهب ج 4 ص34.
(107) المرجع السابق ج 4 ص 35.
(107) البحر الزخار ج 4 ص 406.
(5) شرائع الإسلام للمحقق الحلى ج 2 ص 213 الطبعة السابقة.
(110) المرجع السابق ج2 ص 214.
(111) متن النيل ج 2 ص 310.
(112) شرح كتب النيل وشفاء العليل ص 6 ص 584 الطبعة السابقة.
(113) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 221 الطبعة السابقة والفتاوى الهندية ج 4 ص 13 الطبعة السابقة..
(114) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج 4 ص146 الطبعة السابقة.
(115) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج 8 ص 335 الطبعة السابقة.
(116) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج 2 ص 300 وص 301 الطبعة السابقة.
(117) نهاية المحتاج ج 8 ص 335.
(118) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 285 الطبعة السابقه.
(119) هداية الراغب لشرح عمدة الطالب ص 556 الطبعة السابقة.
(120) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 9 ص 371 مسألة رقم 178 الطبعة السابقة.
(121) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ص 4 ص404 الطبعة السابقة.
(122) شرائع الإسلام للمحقق الحلى ج 2 ص 212 الطبعة السابقة.
(123) شرح النيل وشفاء العليل ج6 ص 564 الطبعة السابقة.
(124) بداشع الصنائع للكاسانى ج 3 ص 20،
ص 21 الطبعة السابقة والفتاوي الهندية ج 2 ص 59 الطبعة السابقة.
(125) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 2
ص 139 الطبعة السابقة.
(126) المرجع السابق ج 4 ص 231.
(127) مغنى المحتاج إلى معرفة معانى الفاظ المنهاج للشربينى الخطيب ج 4 ص 436 وص 437 وص 295 طبع. المطبعة الميمنية بمصر سنة 1306هـ.
(128) نهاية المحتاج إلى شرح المحتاج ج 8 ص 333 الطبعة السابقة.
(129) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 169 الطبعة السابقة.
(130) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 43 وص 43 مسألة رقم 1135 الطبعة السابقة.
(128) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج 8 ص 333 الطبعة السابقة.
(129) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 199 الطبعة السابقة.
(130) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 43 وص 44 مسألة رقم 1135 الطبعة السابقة.
(131) شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار فى
فقه الأئمة الأطهار ج 4 ص 10، ص 11 طبع مطبعة حجازى بالقاهرة طبعة ثانية سنة 1357هـ
(132) المختصر النافع فى فقه الأمامية ص 246 طبع مطبعة وزارة الاوقاف الطبعة الثانية سنة 1377 هـ .
(133) شرح النيل وشفاء العليل ج 2 ص440 الطبعة السابقة.
(134) المرجع السابق ج 2 ص 446.
(135) أنظر فى ذلك المادة رقم 202 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
(136) الدر المختار وتكملة حاشية ابن عابدين عليه.
(137) تبين الحقائق شرح كنز الدقلئق للزيلعى
ج 6 ص 169.
(138) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج 4 ص 146.
(139) المرجع السابق ج4 ص 294 وص 295
(140) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج 2 ص 124
(141) المرجع السابق ج 2 ص 318.
(142) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج4 ص 287.
(143) المرجع السابق ج4 ص 45.
(144) شرح الأزهار ج 4 ص 151 الطبعة السابقة.
(145) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للجيعى العاملى ج1ص
منقول لامانة النشر بقصد الافادة
جاء فى لسان العرب فى مادة حلف (1): الحلف والحلف: القسم، وحلف أى أقسم يحلف حلفا وحلفا وحلفا، وأحلفت الرجل
وحلفته واستحلفته بمحنى واحد (وهو طلب الحلف.) وقد استحلفه بالله ما فعل ذلك، والحلف: اليمين واصلها العقد بالعزم والنية، والحلف العهد يكون بين القوم وفى المادة معان أخرى كثيرة.
تعريف الاستحلاف فى الشرع
استعمل. الفقهاء (2) الاستحلاف بمعنى طلب اليمين ممن تتوجه عليه بسبب إنكار حق أو إثباته وسواء كان هو المدعى عليه أو المدعى، وأن الإتيان بالسين والتاء للإشعار بالطلب.
متى يثبت حق الاستحلاف
مذهب الحنفية (3):
يثبت حق الاستحلاف عند الحنفية بالإنكار من المدعى عليه والعجز عن إقامة
البينة من المدعى لقول النبى صلى الله عليه وسلم للمدعى: ألك بينة؟ فقال: لا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لك يمينه، فإن النبى عليه السلام ذكر اليمين بعد ما عجز المدعى عن البينة، ولأن اليمين وجبت للحاجة إلى دفع التهمة وهى تهمة الكذب فى الإنكار، فإذا كان ضرا فلا حاجة إلى اليمين لأن الإنسان لا يتهم فى الإقرار على نفسه.
ويثبت حق الاستحلاف بالطلب من المدعى لأن اليمين وجبت على المدعى عليه حقا للمدعى وحق الإنسان قبل غيره واجب الإيفاء عند طلبه.
وإذا قال (4) المدعى لى بينة حاضرة فى المصر وطلب يمين خصمه لم يستحلف عند أبى حنيفة وقال أبو يوسف: يستحلف لان اليمين حقه بالحديث المعروف وهو قوله عليه الصلاة والسلام: لك يمنه، فإذا طالبه به يجيبه، ولأبى حنيفة أن ثبوت الحق فى اليمين مرتب على العجز عن إقامة البينة لما روينا من قوله عليه الصلاة والسلام للمدعى: ألك بينة؟ فقال: لا، فقال: لك يمينه، فإنه عليه الصلاة والسلام ذكر اليمين بعد ما عجز المدعى عن البينة فلا يكون حقه دونه كما إذا كانت البينة حاضرة فى مجلس الحكم حيث لا يحلف اتفاقا.
مذهب المالكية :
يذهب المالكية (5) إلى أن حق الاستحلاف يثبت على المدعى عليه عند إنكاره وعدم إقامة البينة من المدعى .
لكنهم يختلفون فى هل يشترط إثبات الخلطة لتوجه اليمين على المدعى عليه أم لا تشترط ؟ وتتوجه اليمين ولو لم تثبت خلطه .
أما الإمام مالك وعامة أصحابه فإنهم يرون أنه لابد من إثبات الخلطة لتوجه اليمين وهو أن يثبت المدعى أنه خالط المدعى عليه بدين ولو مرة أو تكرر بينهما بيع بالنقد الحال ، وإن كان ثبوت الخلطة بشهادة امرأة لأن القصد من الخلطة هو حصول الظن بثبوت المدعى به وهو يثبت بشهادة الواحد ولو أنثى وهذا الرأى المشهور فى المذهب كما قال الدسوقى .
وأما ابن نافع وصاحب المبسوط وابن عبد الحكم وابن لبابه وغير هؤلاء من المتأخرين فإنهم يرون أن اليمين تتوجه على المدعى عليه عند الإنكار والعجز عن البينة ولو لم تثبت خلطة وذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم البينة على المدعى واليمين على من أنكر ، وهذا الرأى هو مقابل المشهور لكنه الرأى المعتمد فى المذهب كما قال الدسوقى وذلك لجريان العمل به وما جرى عليه العمل مقدم على المشهور فى المذهب إن خالفه .
وفى هامش الفروق (6) قسم الدعوى التى لا يحتاج فى إثباتها إلى شهادة شاهدين إلى نوعين:
النوع الأول ما يشهد به العرف وهذه يشرع التحليف فيها ع بمجردها بلا شرط خلطة ونحوها وعد من ذلك مسائل كثيرة كالقاتل يدعى أن ولى المقتول كفا عنه.
والنوع الثانى ما لم يتعرض العرف لتكذيبها ولا تصديقها فهذه لا يشرع فيها التحليف إلا بإثبات خلطة كما إذا ادعى على الرجل المبرز من ليس من شكله ولا نطه فلا تجب له اليمين عليه إلا بثبوت الخلطة.
وأما ابن سهل فقد قال فى التبصرة : قال غير واحد من المتأخرين: إنما تراعى الخلطة فيما يتعلق بالذمم من الحقوق، أما الأشياء المعينة التى يقع التداعى فيها بينهما فاليمين لاحقة من غير خلطة.
وقد استثنى (7) من اشتراط الخلطة مسائل تتوجه فيها أليمين وإن لم تثبت الخلطة اتفاقا والخلاف إنما هو فى عداها وذلك كالصناع يدعى عليهم بمالهم فيه صنعة فإنهم يحلفون ولو لم تثبت خلطة ومثلهم التجار لأن نصب أنفسهم للناس بالصناعة والبيع والشراء فى معنى الخلطة وكذلك الضيف الغريب يدعى أو يدعى عليه فى شىء معين، ودعوى الوديعة على أهلها والمسافر يدعى على بعض رفقته بشىء ودعوى المريض فى مرض موته على غيره بدين، ودعوى البائع على حاضر المزايدة.
وما مر من اشتراط الخلطة عند توجه اليمين إنما هو فى دعوى المال فقد قال ابن رشد (8): إن كانت الدعوى فى مال وجبت اليمين على المدعى عليه بشرط الخلطة وقال بذلك السبعة من فقهاء المدينة وعمدتهم فى ذلك النظر إلى المصلحة لكيلا يتطرق الناس بالدعاوى إلى تعنيت بعضهم بعضا، ومن هنا لم ير الإمام مالك رضى الله عنه احلاف المرأة زوجها إذا ادعت عليه الطلاق إلا أن يكون معها شاهد وكذلك احلاف العبد سيده فى دعوى العتق عليه، أما إن كانت الدعوى فى غير مال بأن كانت فى طلاق أو نكاح أو قتل فلا تجب اليمن إلا مع الشاهد.
والضابط فى ذلك أن كل دعوى لا تثبت (9) إلا بعد لين كالحق والطلاق والنكاح والتمليك والمبارأة والإسلام والردة والشرب والقذف فلا تنبت اليمين بمجرد الدعوى من المدعى بل لابد من شاهد فإذا ادعى (10) إنسان على شخص أنه قتل وليه ولم يقم بينه فلا يمين على ذلك الشخص المدعى عليه وكذلك إذا ادعى إنسان على ولى مجبرة أنه زوجه بنته أو أمته ولم يقم بينه فلا يمين على الولى ففى مثل هذه المسائل التى لا تثبت إلا بعد لين لا تتوجه اليمين فيها على المدعى عليه حتى يقيم المدعى عليها شاهدا واحدا وحينئذ يحلف المدعى عليه لرد شهادة الشاهد ولا ترد اليمين على المدعى إذ لا ثمرة فى ردها عليه مع كون الدعوى لا تثبت إلا بعد لين فان لم تتجرد الدعوى بأن أقام المدعى عدلا واحدا فقط توجهت اليمين لرد شهادة الشاهد لكن ذلك فى غير دعوى لنكاح كما لو ادعى رجل أن فلانا زوجه ابنته وأنكر الأب فأقام الزوج شاهدا واحدا بذلك فلا تتوجه اليمين على الأب ولا يثبت النكاح لان النكاح مبنى على الشهرة فشهادة واحد فيه ريبة فتكون كالعدم.
أما الدعوى (11) التى تثبت بثساهدين أو شاهد وامرأتين أو أحدهما ويمين فان اليمين تتوجه فيها على المدعى عليه وترد على المدعى إن أراد المدعى عليه ردفا إليه، وكما تتوجه اليمين على المدعى عليه عند الإنكار وعدم البينة من المدعى فإنها تتوجه على المدعى تكملة للنصاب (12) كما إذا أقام المدعى شاهدا واحدا أو كانت يمين استظهار كأن ادعى على غائب أو ميت وأقام. شاهدين بالحق أو ردت عليه اليمين من المدعى عليه.
مذهب الشافعية:
يثبت (13) حق الاستحلاف على المدعى عليه عند إنكاره مع عجز المدعى عن إقامة البينة وطلبه يمين المدعى عليه وذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم: لو أن الناس أعطوا بدعواهم لادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم لكن اليمين على المدعى عليه، ولخبر: شاهداك أو يمينه.
كذلك يثبت حق الاستحلاف على المدعى إذا ردت اليمين عليه وذلك إذا أنكر المدعى عليه وامتنع على الحلف فان القاضى يطالب المدعى باليمين المردودة إن كان مدعيا عن نفسه لتحول اليمين إليه وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم رد اليمين على صاحب الحق. كما تتوجه اليمين على المدعى إذا كانت للاستظهار أو كانت مع شاهد (14).
مذهب الحنابلة:
يذهـب الحنابلة (15) إلى أن حق الاستحلاف إنما يثبت عند عدم وجود البينة من المدعى وعند الإنكار من المدعى عليه فمتى قال المدعى مالى بينة تثبت اليمين على المنكر للخبر أى عند الطلب، وكذلك (16) تثبت اليمين مع البينة الغائبة عن المجلس إذا أراد المدعى تحليف المدعي عليه سواء كانت البينة قريبة أو كانت بعيدة لان ذلك يصير طريقا إلى استخلاص الحق.
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (17) كل من ادعى على أحد وأنكر المدعى عليه فكلف المدعى البينة فقال لى بينة غائبة أو قال: لا أعرف لنفسى بينة أو قال: لا بينة لى قيل له: إن شئت فدع تحليفه حتى تحضر بينتك أو لعلك تجد بينة وان شئت حلفته فأى الأمرين اختار قضى له به..
ومن هذا يتبين أن حق الاستحلاف يثبت بالإنكار من المدعى عليه وعدم وجود البينة مع المدعى وطلب اليمين من المدعى.
مذهب الزيدية:
يثبت (18) حق الاستحلاف عند الإنكار من المدعى عليه الذى يلزم بإقراره حق لآدمى ونحوه- يريد بذلك حق العامة- كالوقف العام والطريق العامة فان لكل أن يدعيها وأن يحلف عليها من أنكرها، أما (19) لو كان يلزمه بإقراره حق لله محض كالزنا وشرب الخمر وكذا السرقة حيث تدعى عليه للقطع وقد رد المال أو سقط عنه بأى وجه، فانه لو ادعى عليه بهذه الأشياء فأنكرها لم تلزمه اليمين، غالبا احترازا من التحليف للزكاة فانه لو أقر لزمه حق لله مع أنه تلزهه اليمين، ولا تسقط اليمين الأصلية بوجود البينة فى غير المجلس.
أما إذا ردت اليمين (20) على المدعى فإنها تلزمه وإذا طلبها المدعى عليه من المدعى لتأكيد بينته فلا تثبت إلا بشروط خمسة متى كملت هذه الشروط لزمت المدعى اليمين المؤكدة وهذه الشروط هى:
أولا: أنه يطلبها المدعى عليه.
ثانيا: أن تكون بينته غير البينة المحققة، والمحققة هى أن يشهد الشهود أنه قتل أو باع أو وهب أو غصب، وغير المحققة هى أن لا يشهد الشهود على التحقيق بل شهدوا على الظاهر كأن الدار ملكه.
ثالثا: أن تكون الدعوى لآدمى فى حقه المحض..
رابعا: أن تكون ممكنة احترازا مما لو ادعى الولى لصبى أو لمسجد.
خامسا: مع التشاجر- التخاصم- أن يكون طلبها عند الحاكم فعند ذلك تلزم اليمن المؤكدة المدعى
مذهب الإمامة:
تتوجه اليمين على المدعى عليه إذا أنكر(21)
ولم يكن للمدعى بينة تعويلا على الخبر، كذلك تجب على المدعى مع الرد ومع الشاهد الواحد، وقد تتوجه مع اللوث فى دعوى الدم.
وأما المدعى ولا شاهد له فلا يمين عليه إلا مع الرد أو مع النكول على قول فإن ردها المنكر توجهت فيحلف على الجزم .
وقال فى شرائع الإسلام: ولا يتوجه اليمين على الوارث ما لم يدع عليه العلم بموت المورث والعلم بالحق وأنه ترك فى يده مالا.
مذهب الاباضية:
جاء فى شرح النيل (22): اختلف العلماء فى اليمين تلزم مطلقا عند الإنكار وعدم البينة قال الأندلسيون: نعم، وكذا أهل تونس فى زمان ابن عرفة وبه جرى العمل ثم قال: وشرط مالك وأصحابه الخلطة، والقولان فى المذهب ...
وبقيت بعد ذلك بعض الدعاوى التى يثبت فيها حق الاستحلاف وهى دعوى التداعى (23) كما إذا ادعى كل منهما عينا أنها له وهى بيد أحدهما أو بيديهما أو كانت بيد ثالث ولم ينازع وسواء كانت لأحدهما بينة أو لكليهما أو لا بينة لأحد فينظر تفصيل ذلك فى مصطلحى تعارض وتحالف.
ما يجرى فيه الاستحلاف
مذهب الحنفية:
يجرى (3) الاستحلاف فيما كان حقا خالصا للعبد ولا يجرى فيما هو حق لله عز وجل فلا يجوز الاستحلاف فى الحدود الخالصة حقا لله عز وجل كحد الزنا والسرقة والشرب لان الاستحلاف لأجل النكول ولا يقضى بالنكول فى الحدود الخالصة لأنه بذل (25) عند أبى حنيفة رحمه الله، وعند محمد وأبى يوسف إقرار فيه شبهة العدم، والحدود لا تحتمل البذل ولا تثبت بدليل فيه شبهة ولهذا لا تثبت بشهادة النساء والشهادة على الشهادة إلا أنه فى السرقة يحلف على أخذ المال فان نكل ضمن ولم يقطع، وكذا لا يمين اللعان لأنه جار مجرى الحد أما حد القذف فيجرى فيه الاستحلاف فى ظاهر الرواية لأنه ليس من الحدود المتمحضة حقا لله تعالى بل يشوبه حق العبد فأشبه التعزير، وفى التعزيز يحلف . كذا هذا.
ويجرى الاستحلاف فى القصاص فى النفس والطرف لان القصاص خالص حق العبد، كذلك يجرى الاستحلاف فيما إذا كان المدعى به محتملا للإقرار به شرعا بأن كان لو أقر به لصح إقراره به فان لم يكن لم يجر فيه الاستحلاف حتى أن من ادعى على رجل أنه أخوه ولم يدع فى يده ميراثا فأنكر لا يحلف لأنه لو أقر له بالإخوة لم يجز إقراره لكونه إقرارا على غيره وهو أبوه .
ولو ادعى أنه أخوه وأن فى يده مالا من تركة أبيه وهو مستحق لنصفه بإرثه من أبيه فأنكر يحلف لأجل الميراث لا للإخوة، وعلى هذا عبد فى يد رجل ادعاه رجلان فأقر به لأحدهما وسلم القاضى العبد إليه فقال الآخر: لا بينة لى وطلب من القاضى تحليف المقر فانه لا يحلفه فى عين العبد لأنه لو أقر به لمكان إقراره باطلا فإذا أنكر لا يحلف إلا أن يقول الذى لم يقر له إنك أتلفت على العبد بإقرارك به لغيرى فاضمن قيمه لى يحلف المقر بالله تعالى ما عليه رد قيمة ذلك العبد على هذا المدعى ولا رد شىء منها لأنه لو أقر بإتلافه لصح وضع القيمة فإذا أنكر يستحلفه...
وقد اختلفوا فى سبعة أشياء هل يجرى فيها الاستحلاف (26) أولا وهى:
الأول: النكاح وهو أن يدعى رجل على امرأة أنها امرأته أو تدعى امرأة على رجل أنه زوجها ولا بينة للمدعى وطلب يمين المنكر.
الثانى: الرجعة وهى أن يقول الزوج للمطلقة بعد انقضاء عدتها قد كنت راجعتك وأنكرت المرأة وعجز الزوج عن إقامة البينة فطلب يمينها.
الثالث: الفىء فى الإيلاء وهو أن يكون الرجل قد آلى من امرأته ومضت أربعة أشهر فقال الزوج قد كنت فئت إليك بالجماع فلم تبينى فقالت لم تفىء إلى ولا بينة للزوج فطلب يمينها.
الرابع: النسب نحو أن يدعى على رجل أنه أبوه أو ابنه فأنكر الرجل ولا بينة له وطلب يمينه.
الخامس: الرق وهو أن يدعى على رجل إنه عبده فأنكر وقال أنه حر الأصل لم يجر عليه رق أبدا ولا بينة للمدعى فطلب يمينه.
السادس: الولاء مثل أن يدعى رجل على امرأة أنه أعتق أباها وأن أباها مات وولاؤه بينهما نصفان فأنكرت المرأة أن يكون أعتقه وأن يكون ولاؤه ثابتا منه ولا بينة للمدعى فطلب يمينها على ما أنكرت من الولاء.
السابع: الاستيلاد وهو أن تدعى أمة على مولاها فتقول أنا أم ولد لمولاى وهذا ولدى فأنكر المولى.
فهذه المواضع السبعة قد اختلف فيها فعند أبى حنيفة لا يجرى فيها الاستحلاف وعند أبى يوسف ومحمد يجرى فيها الاستحلاف وسبب هذا الاختلاف أن النكول بذل عند أبى حنيفة وهذه الأشياء السبعة لا تحتمل البذل فلا تحتمل النكول فلا يجرى فيها الاستحلاف عنده لان شرط ما يجرى فيه الاستحلاف عند أبى حنيفة أن يكون مما يحتمل البذل مع كونه محتملا للإقرار، وعند أبى يوسف ومحمد أن هذه الأشياء يجرى فيها الاستحلاف لأن النكول، إقرار فيه شبهة وهذه الأشياء تثبت بدليل فيه شبهة لأن نكول المدعى عليه دليل كونه كاذبا فى إنكاره لأنه لو كان
صادقا لما امتنع من اليمين الصادقة فكان النكول إقرارا دلالة إلا أنه دلالة قاصرة فيها شبهة العدم فيجرى فيها الاستحلاف.
وقد ذكر أن عابدين فى حاشيته (27) أن الفتوى على أنه يحلف المنكر فى هذه الأشياء السبعة.
مذهب المالكة:
يجرى الاستحلاف (28) فى كل حق سواء كان حقا ماليا- جليلا كان المال أو حقيرا- ولو كان أقل من ربع دينار، أو كان حقا في مالى كدعاوى الطلاق والعتق والسرقة والقذف والشرب والقتل وغير ذلك.
مذهب الشافعية:
يجرى الاستحلاف عند الشافعية فى كل دعوى من مال أو قصاص أو طلاق أو عتق أو غير ذلك فقد قال الإمام الشافعى (29): كل من ادعى على امرئ شيئا ما سواء كان من مال أو قصاص أو طلاق أو عتق أو غيره حلف المدعى عليه.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع (30) ولا يستحلف المنكر فى حقوق الله تعالى كحد وعبادة وصدقة وكفارة ونذر لأن الحدود مطلوب فيها الستر والتعريض للمقر ليرجع فلئلا يستحلف فيها أولى.
أما ما عدا الحدود مما ذكر من حقوق الله تعالى فأشبه الحد، فان تضمنت دعوى الحد حقا لآدمى مثل أن يدعى سرقة ماله ليضمن السارق أو ليأخذ منه ما سرقه أو يدعى عليه الزنا بجاريته ليأخذ مهرها منه سمعت دعواه وتوجه اليمين، واليمين (31) على حق الله المتعلق بها حق آدمى لها أصل فى الشريعة وهو اللعان.
فان دعوى الزنا دعوى ما يوجب الحد والقياس أن لا يمين فيها لكن شرعت إذا ادعاه الزوج لان له حقا فى ذلك وهو إفساد فراشه وهذا دعوى السرقة لا يحلفه على ما ينفى المقطع ولكن يحلفه على ما ينفى استحقاق المال، ويستحلف (32) فى كل حق لآدمى دون حق الله عز وجل وذلك لقول رسول الله صلى الله علبه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه، واستثنى من ذلك (33) عشرة أشياء لا يجرى فيها الاستحلاف وهى: النكاح والطلاق والرجعة والايلاء وأصل الرق والولاء والاستيلاد والنسب والقود والقذف فهذه العشرة (34) لا يمين فى واحد منها لان كل واحد منها لا يثبت إلا بشاهدين فأشبه الحدود.
وعند الإمام أحمد (35) يستحلف فى الطلاق والايلاء والقود والقذف دون الستة الباقية، وعنه يستحلف إلا فيما لا يقضى فيه بالنكول، قال فى (36) رواية ابن القاسم لا أرى اليمين فى النكاح ولا فى الطلاق ولا فى الحدود لأنه إن نكل لم أقتله ولم أحده ولم أدفع المرأة إلى زوجها، وظاهر قول الخرقى أنه يستحلف فيما عـدا القود والنكـاح، وعنه ما يدل على أنه يستحلف فى الكل..
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (37): الأصل المطرد فى كل دعوى فى الإسلام من دم أو مال أو غير ذلك من الحقوق ولا تتحاشى شيئا هو أن البينة على من ادعى واليمين على من ادعى عليه كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: لو أعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دعاء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بينتك أو يمينه، وهذان نصان عامان ولا يصح لأحد أن يخرج عنهما شيئا إلا ما أخرجه نص أو إجماع.
وفى موضع آخر (38) يقول ابن حزم: اليمين فى الدعاوى كلها دماء كانت أو غيرها يمين واحدة فقط على من أدعى عليه إلا فى الزنا والقسامة وما عدا ذلك فعلى عمومه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
ثم ساق ابن حزم الظاهرى الأحاديث السابقة.
وفى موضع آخر يقول (39) ابن حزم:
من ادعى عليه أنه صرح بالقذف وهو منكر فلا تحليف فى ذلك لان الحد فى ذلك من حدود الله عز وجل وحقوقه لا من حقوق الآدميين وإنما يحلف بالله ما آذيتك ولا شتمتك ويبرأ.
ثم يقول فى موضع آخر (40): إن من ادعت على رجل أنه غلبها على نفسها فهى مشتكية مدعية وليست قاذفة وتكلف البنية على دعواها فأن جاءت بها أقيم حد الزنا على الرجل وان لم تأت بينة فلا شىء على الرجل أصلا، فان قال قائل: فان لم تكن بينة ف اقضوا عليه باليمين، قلنا إن دعواها انتظم حقا لها وحقا لله تعالى فحقها هو التعدى عليها وظلوا وحق الله تعالى هو الزنا فواجب أن يحلف لها فى حقها فيحلف بالله ما تعديت عليك فى شىء ولا ظلمتك وتبرأ ذمته، ولا يجوز أن يحلف بالله ما زنى لأنه لا خلاف فى أن أحدا لا يحلف فى حق ليس له فيه مدخل .
ويدل ما ذكره ابن حزم الظاهرى على أن الاستحلاف لا يجرى فى حق الله تعالى، وأنه يجري فى كل حق لآدمى من مال أو غيره وأن دعوى حق الله تعالى لو تضمنت حقا لآدمى فان الاستحلاف يكون على حق الآدمى لا على حق الله تعالى.
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار (41): تلزم اليمن المنكر فى المعاوضات المالية إجماعا وكذا تلزم فى غير المالية كالطلاق والنكاح والايلاء والفىء والولاء والنسب والرق والاستيلاد. أما حق الله عز وجل فقد قال عنه فى البحر الزخار (42) ولا يجرى الاستحلاف فى حق الله المحض كحد الزنا والشرب إذ هى لغير مدع، ويجرى الاستحلاف فى حد القذف إذ هو حق لآدمى.
مذهب الأمامية:
جاء فى شرائع الإسلام (43): لا يجرى الاستحلاف فى الحدود المجردة فإذا أنكرها المدعى عليه فلا تتوب عليه اليمين، نعم لو قذفه بالزنا ولا بينة فادعاه عليه قيل جاز أن يحلف ليثبت الحد على القاذف وفيه إشكال إذ لا يمين فى الحد، ومنكر السرقة يتوجه عليه اليمين لإسقاط الغرم، ولو نكل لزمه المال دون القطع بناء على القضاء بالنكول وهو الأظهر وإلا حلف المدعى ولا ينبت الحد على القولين، ثم قال صاحب شرائع الإسلام ويجرى الاستحلاف فيما عدا ذلك كالنكاح والطلاق.
مذهب الاباضية:
جاء فى شرح النيل (44): اختلف العلماء فى اليمين تلزم مطلقا عند الإنكار وعدم البيان والبينة ثم قال بعد ذلك : وهذا عام فى الأنفس والأموال والنكاح وما يترتب عليه من نحو طلاق.
من له حق الاستحلاف
مذهب الحنفية:
اليمين من حق المدعى ولا يجوز للقاضى استحلاف المدعى عليه إلا بعد طلب اليمين من المدعى فقد جاء فى تكملة فتح القدير (45) قال القدورى فى مختصرة: إن أحضر المدعى البينة قضى القاضى بها وان عجز عن ذلك وطلب يمين خصمه وهو المدعى عليه استحلف القاضى خصمه على دعواه. لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل المدعى البينة فقال: لا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لك يمينه، أى يمين المدعى عليه فلابد من طلب المدعى استحلاف خصمه على دعواه لان اليمين من المدعى ولان إضافة اليمين غالى المدعى فى قول النبى صلى الله عليه وسلم: لك يمينه بحرف اللام المقتضيه للاختصاص تنصيص على أن اليمين حق المدعى، وقد أورد صاحب بدائع الصنائع (46) مثل ذلك.
وجاء فى الفتاوى الهندية (47) نقلا عن القنية والبحر الرائق أن الاستحلاف حق للقاضى فلو حلف المدعى عليه بعد طلب المدعى يمينه بين يدى القاضى من غير استحلاف القاضى له فهذا ليس بتحليف لان التحليف حق القاضى. كذا فى القنية وكذا فى البحر الرائق..
والمراد أن توجيه اليمين إلى المدعى عليه بحد طلب المدعى هو حق القاضى لاحق المدعى
فقد نقل ابن عابدين (48) ذلك عن القنية أيضا أن التحليف حق القاضى بطلب المدعى.
وقال ابن عابدين (49) فى موضع آخر أن اليمين حق القاضى مع طلب الخصم ولا عبرة ليمين أن ولا لنكول عند غير القاضى، واستثنى أبو يوسف (50) أربع مسائل يستحلف القاضى فيها الخصم من غير طلب. أحدها: الشفيع إذا طلب من القاضى أن يقضى بالشفعة فان القاضى يحلفه بالله لقد طلبت الشفعة حين علمت بالشراء وان لم يطلب المشترى ذلك.
والثانى: البكر إذا بلغت فاختارت الفرقة وطلبت التفريق من القاضى فان الفاضى يستحلفها بالله لقد اخترت الفرقة حين بلغت وان لم يطلب الزوج ذلك.
والثالث: المشترى إذ أراد الرد بالعيب فان القاضى يستحلفه أنك لم ترض بالعيب ولا عرضته على البيع منذ رأيته.
والرابع: المرأة إذا طلبت من القاضى أن يفرض لها النفقة فى مال الزوج الغائب فان القاضى يحلـفها بالله ما أعطاك نفقتك حين خرج .
قال فى الفتاوى الهندية: ويجب أن تكون مسألة النفقة فى قولهم جميعا، كذا فى الفصول العمادية وكذلك فى دعوى الاستحقاق فان القاضى له أن يحلف المستحق بالله ما بعت ولا ومت ولا تصدقت وهذا عند أبى يوسف، وعند أبى حنيفة ومحمد أنه لا يجوز للقاضى أن يحلف بدون طلب الخصم هكذا فى الخلاصة والوجيز للكردى.
ثم قال فى الفتاوى الهندية وأجمعوا على أن من ادعى حقا فى تركة ميت وأثبته يحلف من غير طلب الوصى والوارث بالله ما استوفيت دينك من المديون الميت ولا من أحد أد اه إليك عنه ولا قبض لك قابض بأمرك ولا أبرأته منه ولا أحلت بذلك ولا بشىء منه على أحد ولا عندك ولا بشىء منه رهن كذا فى الخلاصة.
مذهب المالكة:
اليمين من حق المدعى عند المالكية (51) ولا يجوز للقاضى أن يحلف المدعى عليه حتى يطلب ذلك خصمه، قال ابن فرحون: لا يستحلف القاضى المدعى عليه إذا أنكر إلا إذا أذن المدعى إلا أن يكون من شاهد ذلك ما يدل على أن المدعى أراد ذلك من القاضى، ولو أحلفه القاضى دون أن يطلب الخصم ذلك، لم تفده اليمين وللخصم أن يطلب إعادتها عليه ثانيا وله إقامة البنية إذا وجدها وذلك كما فى ابن غازى والشيخ أحمد الزرقانى، وإذا بادر المدعى عليه باليمين دون طلب الخصم فان لم يرض بها لم تجزه وأما إذا طلب الطالب اليمين من المدعى عليه بغير محضر الحاكم وأمره فحلف له فان ذلك يكفى، وفى اليمين المردودة حق الاستحلاف للمدعى عليه وللقاضى.
مذهب الشافعية:
جاء فى المهذب (52): إن لم تكن للمدعى بينة و كانت الدعوى فى غير دم له أن يحلف المدعى عليه ولا يجوز للقاضى أحلافه إلا بطالبة المدعى لأنه حق له فلا يستوفيه من غير إذنه فان أحلفه القاضى قبل طالبة المدعى لم يعتد بها لأنه يمين قبل وقتها وللمدعى أن يطالب بإعادتها لان اليمين الأولى لم تكن يمينه وان قال المدعى أبرأتك من اليمين سقط حقه منها فى هذه الدعوى وله أن يستأنف الدعوى لان حقه لم يسقط بالإبراء من اليمين فان استأنف الدعوى فأنكر المدعى عليه فله أن يحلفه لان هذه الدعوى غير الدعوى التى أبرأه فيها من اليمين هذا ما جاء فى المهذب، وقال فى نهاية المحتاج (53): يعتبر فى اليمين طلب الخصم لها من الحاكم وطلب الحاكم لها ممن توجهت عليه وفى اليمين المردودة حق الاستحلاف فيها للمدعى عليه وللقاضى.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع (54) الاستحلاف من حق المدعى فإذا قال: ليست لى بينة أعلمه الحاكم أن له اليمين على خصمه فان طلب أحلاف المدعى عليه أحلفه لأن اليمين طريق إلى تخليص حقه فلزم الحاكم إجابة المدعى إليها وليس للقاضى استحلاف المدعى عليه قبل سؤال المدعى لان اليمين حق له كنفس الحق فان أحلفه القاضى قبل أن يطلب المدعى ذلك لم يعتد بهذه اليمين وكذلك لو حلف المدعـى عليه قبل سؤال المدعى تحليفه وسؤال الحاكم له لم يعتد بيمنه لأنه أتى بها فى غير وقتها فان سأله المدعى أعادها لى لان اليمين الأولى لم تكن يمينه لأنه لابد فى اليمين التى تقطع الخصومة من سؤال المدعى لها طوعا ومن إذن الحاكم فيها فلو حلف قبل اللقاء الحاكم الحلف عليه لم نتقطع الخصومة وللمدعى تحليفه بعد ذلك وجاء فى موضع آخر (55) إن حلف المدعى عليه قبل أن يستحلفه الحاكم أو استحلفه الحاكم قبل أن يسأله المدعى أحلافه أعيدت عليه اليمين لأنها حق للمدعى فلا تستوفى إلا بطلبه..
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (56): كل من ادعى على أحد وأنكر المدعى عليه فكلف المدعى البينة فقال لى بينة غائبة أو قال: لا أعرف لنفسى بينة أو قال لا بينة لى قيل له إن شئت فدع تحليفه حتى تحضر بينتك أو لعلك تجد بينة وإن شئت حلفته ليس لك إلا هذا فقط فأى الأمرين اختار قضى له به ثم قال ابن حزم فى موضع آخر (57): اليمين حق المدعى بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: بينتك أو يمينه ليس لك غير ذلك.
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار (58): اليمين حق المدعى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للحضرمى ألك بينة؟ قال: لا، قال النبى، صلى الله عليه وسلم: فلك يمينه، غير أنها لا تصح بغير أمر الحاكم فقد قال فى البحر الزخار (59): إن اليمين لا تصح بغير أمر الحاكم إذ أعاد النبى صلى الله عليه وسلم على ركانة ولم يجتزىء بحلفه ابتداء.
مذهب الأمامية.:
جاء فى شرائع الإسلام (60): الاستحلاف حق المدعى على المدعى عليه فان لم تكن للمدعى بينة عرفه الحاكم أن له اليمين على خصمه ولا يجوز أن يحلف المدعى عليه إلا بعد سؤال المدعى لأنه حق له فيتوقف استيفاؤه على المطالبة به، ولو تبرع المدعى عليه بالحلف أو تبرع الحاكم بأحلافه لم يعتد بتلك اليمين وأعادها الحاكم إن التمس المدعى ذلك.
مذهب الاباضية:
جاء فى متن النيل (61): اليمين من حق المدعى على المدعى عليه إذا أنكر والذى يستحلفه هو القاضى فان أنكر المدعى عليه وقال المدعى للقاضى لا بينة لى وحلفه لى فان القاضى يستحلفه.
صفة الاستحلاف
مذهب الحنفية:
الاستحلاف (62) يكون بالله عز وجل دون غيرة. لقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليذر، وقوله عليه السلام: من حلف بغير الله فقد أشرك، ويصح تأكيد اليمين بذكر أوصاف الله سبحانه وتعالى وهو التغليظ وذلك، مثل قوله: والله الذى لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذى يعلم من السر ما يعلم من العلانية ما لفلان هذا عليك ولا قبلك هذا المال الذى ادعاه وهو كذا وكذا، وللقاضى أن يزيد فى التغليظ على هذا وله أن ينقص منه إلا أنه يحتاط فيه كى لا يتكرر عليه اليمين لأن المستحق يمين واحدة والقاضى بالخيار إن شاء حلف من غير تغليظ (63) لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم السابقة.
حلف يزيد بن ركانة أو ركانة بن عبد يزيد بالله عز وجل ما أردت بالبتة ثلاثا وان شاء غلظ لأن الشرع ورد بتغليظ اليمين فى الجملة لأن المقصود من الاستحلاف (64) النكول وأحوال الناس فيه مختلفة فمنهم من يقنع إذا غلظ عليه اليمين ويتجاسر إذا حلف بالله فقط ومنهم من يمتنع بأدنى تغليظ ومنهم من لا يمتنع إلا بزيادة التغليظ فللقاضى أن يراعى أحوال الناس، والأصل فى ذلل حديث أبى هريرة رضى الله عنه فى الذى حلف بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والله الذى لا اله إلا هو الرحمن الرحيم الذى أنزل عليك الكتاب، ولم ينكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يستحلف بالطلاق ولا بالعتاق للحديث الذى سبق ذكره وقيل أنه فى زماننا إذا ألمح الخصم جاز للقاضى أن يحلفه بذلك لقلة المبالاة باليمين بالله وكثرة الامتناع بسبب الحلف بالطلاق ونقل صاحب تكملة فتح القدير عن الذخيرة أن التحليف بالطلاق والعتاق والإيمان المغلظة لم يجوزه أكثر مشايخنا ولكن البعض أجازه ولذلك فانه يفتى بأنه يجوز التحليف بذلك إن مست الضرورة وعلى ذلك قالوا: لو نكل عن اليمين بالطلاق والعتاق لا يقضى عليه بالنكول لأنه نكل عما هو منهى عنه شرعا ولو قضى به لا ينفذ قضاؤه فان كان الحالف غير مسلم فان كان يهوديا فانه يستحلف بالله (65) الذى أنزل التوراة على سيدنا موسى عليه الصلاة والإسلام وإن كان الحالف نصرانيا فانه يستحلف بالله الذى أنزل الإنجبل على سيدنا عيسى عليه السلام لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال لابن صوريا الأعور أنشدك بالله الذى أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا فى كتابكم هذا وذلك لان اليهودى يعتقد بنبوة موسى والنصرانى بنبوة عيسى فيغلظ على كل واحد منهما بذكر المنزل على نبيه ليكون رادعا له عن الإقدام على اليمين الكاذبة، أما المجوسى فانه يستحلف بالله الذى خلق النار. هذا ذكر محمد فى الأصل لأن المجوسى يعتقد الحرمة فى النار، ويروى عن أبى حنيفة رحمه الله فى النوادر أنه لا يستحلف أحد إلا بالله خالصا، وذكر الخصاف رحمه الله أنه لا يستحلف غير اليهودى والنصرانى إلا بالله تعالى وهو اختيار بعض مشايخنا لان فى ذكر النار مع اسم الله تعالى تعظيما لها وما بنبغى أن تعظم وذلك بخلاف الكتابيين لان كتب الله معظمة والوثنى لا يحلف إلا بالله لان الكفرة بأسرهم يعتقدون الله تعالى ولا ينكرون الصانع كما ورد فى قول الله جل شأنه ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله (66) ) ولا يحلف اليهودى ولا النصرانى (67) على الإشارة الى كتاب معين بأن يقول: بالله الذى أنزل هذا الإنجيل أو هذه التوراة لأنه قد ثبت تحريف بعضها فلا يؤمن أن تقع الإشارة إلى المحرف فيكون التحليف به تعظيما لما ليس بكلام الله عز وجل ولا يبعث هؤلاء إلى بيوت عبادتهم من البيعة والكنيسة وبيت النار لأن فيه تعظيم هذه المواضع، وكذا لا يجب تغليظ اليمين على المسلم بزمان ولا مكان عندنا لما روينا من الحديث المشهور وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: البينة على من ادعى واليمين على المدعى عليه مطلقا عن الزمان والمكان قال القدورى (68) ولان المقصود تعظيم المقسم به وهو حاصل بدون ذلك وفى إيجاب ذلك حرج على القاضى حيث يكلف حضورها، ولقد اختصم (69) زيد بن ثابت وابن طيع فى دار إلى مروان بن الحكم فقضى على زيد بن ثابت باليمين عند المنبر فقال له زيد أحلف له مكانى فقال له مروان بن الحكم لا والله إلا عند مقاطع الحقوق فجعل زيد يحلف أن حقه لحق وأبى أن يحلف عند المنبر فجعل مروان يعجب من ذلك ولو كان ذلك لازما لما احتمل أن يأباه زيد بن ثابت ولان التخصيص فى التحليف بمكان وزمان فيه تعظيم لغير اسم الله عز وجل وفيه معنى الإشراك فى التعظيم أما صفة الاستحلاف بالنسبة للمحلوف عليه فان كانت الدعوى مطلقة خن سبب بأن ادعى عبدا أو جارية أو أرضا وأنكر المدعى عليه فلا خلاف فى أنه يحلف على الحكم وهو ما دفع فيه الدعوى فيقال بالله ما هذا العبد أو الجارية أو الأرض لفلان هذا ولا شىء منه وان كانت الدعوى مقيدة بسبب بأن ادعى أنه أقرضه ألفا أو غصبه ألفا أو أودعه ألفا وأنكر المدعى عليه فقد اختلف أبو يوسف ومحمد فى أنه يحلف على السبب أو على الحكم، فقال أبو يوسف: يحلف على السبب بالله ما استقرضت منه ألفا أو ما غصبته ألفا أو ما أودعنى ألفا إلا أن يعرض المدعى عليه ولا يصرح فانه حينئذ يحلف على الحكم وقال محمد يحلف على الحكم ابتداء ولا يحلف على السبب لجواز أنه وجد منه السبب ثم ارتفع بالإبراء أو بالرد فلا يمكنه الحلف على نفى السبب ويمكنه الحلف على نفى الحكم على كل حال فكان التحليف على الحكم أولى واستدل أبو يوسف بما روى من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف اليهود بالله فى باب القسامة على السبب فقال عليه الصلاة والسلام بالله ما قتلتموه ولا علمتم له قاتلا فيجب الاقتداء به فعند أبى يوسف يحلف على السبب أن أمكنه وان لم يمكنه وعرض فحينئذ يحلف على الحكم وعلى ذلك ففى دعوى الشراء إذا أنكر المدعى عليه فعند أبى يوسف يحلف على السبب بالله عز وجل ما بعته هذا الشىء إلا أن تعرض الخصم والتعريض فى هذا أن يقول قد يبيع الرجل الشىء ثم يعود إليه بهبة أو فسخ أو إقالة أو رد بعيب أو خيار شرط أو خيار رؤية وأنا لا أبين ذلك كى لا يلزمنى شىء فانه حينئذ يحلف على الحكم بالله تعالى ما بينكما بيع قائم أو شراء قائم بهذا السبب الذى يدعى وهذا يحلف على قول محمد وفى دعوى الطلاق إذا ادعت امرأة على زوجها أنه طلقها ثلاثا أو خالعها على كذا وأنكر الزوج ذلك فانه يحلف على السبب عند أبى يوسف بالله عز وجل ما طلقها ثلاثا أو ما خالعها إلا أن يعرض الزوج فيقول: الإنسان قد يخالع امرأته ثم تعود إليه وقد يطلقها
ثلاثا ثم تعود إليه بعد زوج آخر فحينئذ يحلف بالله عز وجل ما هى حرام بثلاث تطليقات وكذا يحلف على قول محمد، وساق صاحب البدائع صورا كثيرة كدعوى العتاق ودعوى النكاح ودعوى إجارة الدار وهكذا وقيل: ينظر (70) إلى انكسار المدعى عليه فان أنكر السبب يحلف عليه وان أنكر الحكم يحلف على الحاصل، والتحليف على الحاصل هو الأصل عند أبى حنيفة ومحمد إذا كان سبب ذلك سببا يرتفع برافع إلا إذا كان فى التحليف على الحاصل ترك النظر فى جانب المدعى فحينئذ يحلف على السبب بالإجماع وذلك أن تدعى مبتوتة نفقة العدة والزوج ممن لا يرى نفقة العدة للمبتوتة أو ادعى شفعة بالجوار والمشترى لا يراها لأنه لو حلف على الحاصل يصدق فى يمينه فى معتقده فيفوت النظر فى حق المدعى ثم هل يحلف المدعى عليها على البتات أو على العلم؟
قال محمد (71) فى الجامع الصغير فى كتاب القضاء: ومن ورث عبدا وادعاه آخر ولا بينة له استحلف الوارث على علمه أى بالله ما يعلم أن هذا عبد المدعى لأنه لا علم للوارث بما صنع المورث فلا يحلف على البتات، وان وهب له أو اشتراه فانه يحلف على البتات لوجود المجوز لليمين إذ الشراء سبب لثبوت الملك وضعا وكذا الهبة.
والضابط فى ذلك أن التحليف إن كان على فعل نفسه فانه يكون على البتات وإن كان على فعل غيره كون على العلم.
وقال الأمام الاستروشنى فى الفصل
الثالث من فصوله: إن وقعت الدعوى على فعل المدعى عليه من كل وجه بأن ادعى على رجل أنك سرقت هذه العين منى أو غصبت هذه العين منى فانه يستحلف على البتات، وان وقعت الدعوى على فعل الغير من كل وجه فانه يحلف على العلم حتى لو ادعى دينا على ميت بحضرة وارثه بسبب الاستهلاك أو ادعى أن أباك سرق هذه العين منى أو غصب هذه العين منى فانه يحلف على العلم وهذا مذهبنا.
قال شمس الأئمة الحلوانى: هذا الأصل مستقيم فى المسائل كلها .أن التحليف على فعل الغير يكون على العلم إلا فى الرد بالعيب، يريد به أن المشترى إذا ادعى أن العبد سارق أو آبق وأثبت اباقه أو سرقته فى يد نفسه وادعى أنه أبق أو سرق فى يد البائع وأراد تحليف البائع فانه يحلف على البتات بالله ما أبق، بالله ما سرق فى يدك وهذا تحليف على فعل الغير.
ونقل صاحب تكملة فتح القدير عن الزيلعى أخذا من النهاية أنه فى كل موضع تجب اليمين فيه على البتات فحلف على العلم لا يكون معتبرا حتى لا يقضى عليه بالنكول ولا يسقط اليمين عنه، وفى كل موضع وجب فيه اليمين على العلم فحلف على البتات يعتبر اليمين حتى يسقط عنه اليمين على العلم ويقضى عليه إذا نكل لان الحلف على البتاب آكد فيعتبر طلقا بخلاف العكس..
أما إذا اختلف المتبايعان فى البيع ولم يتراضيا استحلف الحاكم كل واحد منهما على دعوى الآخر، وفى ذلك كلام كثير ينظر تفصيله فى مصطلح تحالف
مذهب المالكة:
قال خليل والدردير فى الشرح الكبير (72): اليمين فى كل حق مالى أو غيره سواء كان المال جليلا أو حقيرا ولو كان أقل من ربع دينار وسواء توجه اليمين على المدعى عليه أو على المدعى يكون بالله الذى لا إله إلا هو قال الدسوقى: أى بهذا اللفظ من غير زيادة عليه ولا نقص منه فلا يزاد عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم فى الربع دينار على المشهور خلافا لابن كنانة ولا يقتصر على اسم بدون وصفه المذكور وان كان يمينا يكفر لان الغرض هنا زيادة الإرهاب والتخويف.
قال المازرى فى التوضيح: المعروف من المذهب المنصوص عليه عند جميع المالكية أنه لا يكتفى بقوله بالله فقط وكذلك لو قال: فقط والذى لا اله إلا هو ما أجزأه حتى يجمع بينهما ويستثنى من ذلك اللعان والقسامة إذ يقول فى اللعان: أشهد بالله فقط ويقول فى القسامة أقسم بالله لمن ضربه مات أى مات من ضرب المدعى عليه ويقتصر فيهما لا على لفظ الجلالة ولا يزاد: الذى لا اله إلا هو ثم قال خليل والدردير (73): ولو كان الحلف كتابيا فلا يزيد اليهودى الذى أنزل التوراة على موسى ولا يزيد النصرانى: الذى أنزل الإنجيل على عيسى ولا ينقص واحد منهما الذى لا اله إلا هو، هذا هو المشهور ثم قال: وغلظت اليمين وجوبا فى ربع دينار فأكثر أو ثلاثة دراهم أو ما يساوى ذلك وذلك إذا طلب المحلف التغليظ به ذكر لان التغليظ فى اليمين والتشديد فيها من حقه فان أبى من توجهت عليه اليمين مما طلبه المحلف من التغليظ عد ناكلا فان كان المدعى به أقل من ربع دينار أو ما يساويه فلا تغلظ فيه اليمين والتغليظ يكون بالجامع بالنسبة للمسلم بمعنى أن اليمين فى الربع دينار تغلظ بوقوعها فى الجامع والمراد بالجامع الدامع الأعظم الذى تقام فيه الجمعة فان كان القوم لا جامع لهم فقال أبو الحسن: يحلفون حيث هم ولا يجلبون إلى الجامع وقيل يجلبون إلى الجامع بقدر مسافة وجوب السعى للجمعة وهى ثلاثة أميال وثلث وقيل بنحو العشرة أميال وإلا حلفوا بموضعهم، وان زعم من وجبت عليه اليمين أنه عاجزعن الخروج من محله لمرضه فقال ابن بقى إن ثبت عجزه ببينة حلف ببينته وإلا أخرج للمسجد قهرا وقال ابن حارث يحلف أنه لا يقدر على الخروج لا راجلا ولا راكبا ويخير المدعى فى تحليفه فى بيته وتأخيره لصحته فان نكل لزمه الخروج أو رد اليمين وقال ابن لبابة إن ثبت مرضه حلف فى بيته على المصحف وإلا حلف على عجزه وخير المدعى فى الأمرين أما الذمى فانه يغلظ عليه فى الكنيسة ويغلظ على المجوسى ببيت النار ويصح للمسلم أن يذهب إلى تلك المواضع لتحليفهم فيها وان كانت حقيرة شرعا لان القصد من التغليظ عليهم بتحليفهم فى تلك الأمكنة هو صرفهم عن الإقدام على الباطل ومن ثم قيل يجوز تحليف المسلم على المصحف وعلى سورة براءة وفى ضريح ولى حيث كان لا ينكف إلا بذلك ويحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور، وكذا يجوز تحليفه بالطلاق وكذلك يكون تغليظ اليمين بالقيام إن طلب المحلف ذلك ولا يجوز التغليظ فى اليمين بالاستقبال للقبلة ولو طلب المحلف ذلك إلا أن يكون فيه إرهاب وهذا هو مذهب المدونة وقيل يصح التغليظ باستقبال القبلة إن طلب المحلف ذلك واختاره ابن سلمون قائلا انه الذى جرى به العمل وعليه مشى صاحب التحفة ويكون التغليظ كذلك بمنبر النبى صلى الله عليه وسلم أى عنده كما هو ظاهر المدونة وقال ابن المواز يكون على المنبر وإنما اختص منبر النبى صلى الله عليه وسلم بهذا لقوله عليه الصلاة والسلام: من حلف عند منبرى كاذبا فليتبوأ مقعده من النار. قال الدسوقى فى حاشيته (74) وظاهر ما قاله خليل أن التغليظ فى غير المدينة يكون بالحلف فى الجامع ولا يختص بمكان خلاف المدينة وبه قيل لكن الذى جرى عليه العمل أنه يحلف عند المنبر حتى فى غير المدينة وهو قول مطرف وابن الماجشون، وأما التغليظ بمكة فانه يكون بالحلف عند الركن الذى فيه الحجر الأسود لأنه أعظم مكان فى المسجد وقال الدردير ولا تغلظ اليمين بالزمان كبعد العصر قال الدسوقى إلا أن يكون فيه إرهاب وتخويف ويطلبه المحلف- والمرأة المخدرة وهى الملازمة للخدر أى الستر (75) وهى التى يزرى بها مجلس القضاء إذا توجهت عليها يمين سواء كانت مدعية أو مدعى، عليها وكانت الدعوى مما تغلظ فيها اليمين فإما أن يكون من شأنها الخروج لقضاء حوائجها نهارا وهذه تخرج نهارا للحلف بالمسجد للتغليظ وان كان من شأنها الخروج لقضاء حوائجها ليلا فإنها لا تخرج للمسجد للحلف إلا ليلا وان كان من شأنها عدم الخروج أصلا كنساء الملوك فانها لا تخرج من بيتها بل يوجه لها القاضى من يحلفها فى بيتها بحضرة شاهدين وان ادعت المرأة التى أريد التغليظ عليها بالمسجد حيضا فإنها تحلف على ما ادعت من الحيض ويستوى فى ما مر أن تكون المرأة حرة أو أم ولد ولا يقضى للخصم إن كان ذكرا غير محرم بحضوره مع الشاهدين فى بيتها، فان كانت اليمين التى توجهت على المرأة مما لا تغليظ فيها بأن كانت فى أقل من ربع دينار فإنها تحلف فى بيتها ولا يقضى عليها بالخروج لعدم التغليظ ويرسل القاضى لها من يحلفها وإذا كانت الدعوى فى معين فان يمين (76) المدعى عليه تكون بالمعين المدعى به فيقول فى يمينه ماله عندى كذا ولا شىء منه ولابد من أن يقول ذلك لان المدعى بالمائة مثلا فهو مدع لكل آحادها وحق اليمين نفى كل مدعى به وإلا، يتأتى ذلك إلا بزيادة قوله ولا شىء منه لا بمجرد قوله ماله عندى كذا لان إثبات الكل إثبات لكل أجزائه ونفيه ليس نفيا لكل أجزائه فان لم يقل ولا شىء منه وجب الإتيان بي بها مع القرب وإعادة الصيغة بتمامها مع البعد فإن عين المدعى السبب فإن الحالف ينفى السبب كمائة من سلف أو من بيع ونفى غيره أيضا نحو ماله على مائة ولا شىء منها لا من سلف ولا من غيره ولا من بيع ولا من غيره ومن ادعى (77)، أنه وفى ما عليه من دين لميت قبل موته وأنكر الورثة وأراد المدين تحليفهم فلا يـحلف على نفى العلم منهم إلا من يظن به العلم بالقضاء واحدا أو متعددا من ورثة الميت وإلا يحلف من الورثة من لا يظن به العلم بالقضاء، ويحلف على البت فى نقص العدد فمن دفع دراهم أو دنانير لغيره فى صرف أو قضاء حق وغاب عليها ثم ادعى أنه وجدها ناقصة أو مغشوشة ففى مسألة النقص يحلف على البت أنه ما دفع إلا كاملا لان النقص يسهل فيه حصول القطع أما فى حالة الغش أو نقص الوزن فانه يحلف على نفى العلم أى يحلف أنه لم يفع الاجياد فى علمه وسواء كان صيرفيا أو غيره وهذا قول ابن القـاسم وقيل يحلف الصيرفى على البت كنقص العدد واعتمد البات أى الحالف.
على البت فى جميع الإيمان أى جاز له الإقدام على اليمين بتا مستندا على ظن قوى كخط أبيه أو أخيه أو قرينة دالة عرفا على الحق.
مذهب الشافعية:
جاء فى المهذب (78): ومن توجهت عليه يمين فى دم غلظ عليه فى اليمين لما روى أن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه مر بقوم يحلفون بين الركن و المقام فقال: أعلى دم؟ قيل: لا، قال: أفعلى عظيم من المال؟ قيل: لا، قال: لقد خشيت أن يبهأ (79) الناس بهذا المقام، وان كانت اليمين فى نكاح أو طلاق أو حد قذف ولعان (80) وقود وعتق وولاء ووكالة ولو فى درهم- لان المقصود من الوكالة إنما هو الولاية- أو غير ذلك مما ليس بحال ولا المقصود منه المال غلظ اليمين فيه كالدم، وذلك لان اليمين موضوعة للزجر عن التعدى فغلظ مبالغة وتأكيدا للردع فيما هو متأكد فى نظر الشرع وان كانت اليمين فى مال أو ما يقصد به المال فان كان يبلغ عشرين مثقالا غلظ اليمين وان لم يبلغ ذلك لم يغلظ لان عبد الرحمن بن عوف فرق بين المال العظيم وبين ما دونه، فان كانت اليمين فى دعوى عتق فان كان السيد هو الذى يحلف فان كانت قيمة العبد تبلع عشرين مثقالا غلظ اليمين وان لم تبلغ عشرين مثقالا لم يغلظ لان المولى يحلف لإثبات المال ففرق بين القليل والكثير كأروش الجنايات فان كان الذى يحلف هو العبد غلظ اليمين قلت قيمته أو كثرت لأنه يحلف لإثبات العتق والعتق ليس بمال ولا المقصود منه المال فلم تعتبر قيمته كدعوى القصاص، وفى نهاية المحتاج: إن التغليظ فى ذلك على سبيل الندب وان لم يطلبه الخصم بل وان أسقطه وذلك كما قاله القاضى وسواء كانت اليمين على المدعى سواء فى ذلك اليمين المردودة من المدعى عليه أو اليمين التى مع الشاهد أو كانت اليمين على المدعى عليه،: ثم قال: ومحل ذلك ما لم يسبق من أحدهما حلف بنحو طلاق أن لا يحلف يمينا مغلظة وإلا فلا تغليظ وإلا وجه تصديقه فى ذلك بلا يمين لأنه يلزم من حلفه طلاقه ظاهرا فساوى الثابت بالبينة لكن الذى جاء فى المهذب (81) أنه إن كان الذى عليه اليمين قد حلف بالطلاق أنه لا يحلف بيمين مغلظة فان كان التغليظ مستحقا عليه لزمه التغليظ فى الحلف وان حنث فى يمينه بالطلاق كما لو حلف بالطلاق أنه لا يحلف عند القاضى فان امتنع جعل ناكلا وردت اليومين على خصمه وان كان التغليظ غيرمستحق لم يلزمه أن يحلف يمينا مغلظة وان امتنع من التغليظ لم يجعل ناكلا، والتغليظ (82) يكون بحضور جمع أقلهم أربع، ويندب بزيادة الأسماء والصفات ويسن أن يقرأ عليه: ( إن الذين (83) يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم فى الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) وأن يوضع المصحف في حجره والتغليظ (84) قد يكون بالزمان وبالمكان وفى اللفظ فأما التغليظ بالمكان ففيه قولان أحدهما أنه يستحب والثانى أنه واجب، وأما التغليظ بالزمان فقد ذكر الشيخ أبو حامد الاسفرابينى رحمه الله أنه يستحب وقال أكثر اسحابنا: أن التغليظ بالزمان كالتغليظ بالمكان وفيه قولان: وأما التغليظ باللفظ وهو مستحب فهو أن يقول: والله الذى لا اله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذى يعلم من السر ما يعلم من العلانية وذلك لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلف رجلا فقال له: قل: والله الذى لا اله إلا هو- ولان القصد باليمين الزجر عن الكذب وهذه الألفاظ أبلغ فى الزجر وأمنع من الإقدام على الكذب وان اقتصر على قوله: والله، أجزأه لأن النبى صلى الله عليه وسلم اقتصر فى أحلاف ركانة على قوله: والله، وان اقتصر على صفة من صفات الذات كقوله: وعزة الله أجزأه لأنها بمنزلة قوله: والله فى الحنث فى اليمين وإيجاب الكفارة وان حلف بالمصحف وما فيه من القرآن فقد حكى الشافعى رحمه الله عن مطرف أن ابن الزبير كان يحلف على المصحف قال: ورأيت طرفا بصنعاء يحلف على المصحف.
قال الشافعى وهـو حسن ولان القرآن من صفات الذات ولهذا يجب بالحنث
فيه الكفارة وإن كان الحالف يهوديا أحلفه بالله الذى أنزل التوراة على موسى ونجاه من الغرق وإن كان نصرانيا أحلفه بالله الذى أنزل الإنجيل على عيسى، وإن كان مجوسيا أو وثنيا أحلفه بالله الذى خلقه وصوره،- ولا يجوز التحليف بنحو عتق أو طلاق، أما التغليظ بالزمان (85) فإنه يكون بعد العصر لأن اليمين فيه أغلظ والدليل عليه قول الله عز وجل ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين ) (86)، قيل هو بعد صلاة العصر، وروى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : رجل حلف يدنا على مال صمت لم فاقتطعه ورجل حلف يدنا بعد صلاة العصر لقد أعطى بسلعته أكثر مما أعطى وهو كاذب ورجل منع فضل الماء..... الخ وأما التغليظ بالمكان فيكون فى أشرف موضع من البلد فإن كان بمكة كان بين الركن والمقام لأن اليمين فيه أغلظ وذلك لما روى عن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه أنه مر بقوم يحلفون بين الركن والمقام.. الخ الحديث السابق ذكره وإن كان فى
المدينة كان فى المسجد لأنه أشرف البقاع بها وكل يكون على المنبر أو عند المنبر؟ اختلفت الرواية فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فروى أبو هريرة رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف عند منبرى على يمين آثمة ولو على سواك من رطب وجبت له النار وروى جابر رضى عنه الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على خبرى هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار، وإن كان ببيت المقدس كان عند الصخرة لأنها اشرف البقاع به وإن كان فى غير ذلك من البلاد كان فى الجامع وإن كانت المرأة حائضا حلفت على باب المسجد لأنه أقرب إلى الموضع الشريف ويحلف اليهودى والنصرانى والمجوسى ببيوت عبادتهم لان هذه المواضع غدهم كالمساجد عندنا..
ويحلف على. البت (87)- وهو الجزم- إذا كان ما يحلف عليه ليس بفعله ولا فعل غيره كان يقول لزوجته إن طلعت الشمس فأنت طالق ثم ادعت عليه الزوجة أن الشمس طلعت فأفكر الزوج فإنه يحلف على البت أنهما لم تطلع، نعم لو ادعى المودع التلف ورد اليمين على المدعى يحلف على نفى العلم مع أن التلف ليس من فعل أحد، ويحلف علي البت فى فحل نفسه سواء كان نفيا أو إثباتا لأن علمه يحيط بحاله فيما فعل وفيما لم يفعل، وإن حلف على فعل غيره فإن كان فى إثبات حلف على البت أيضا كبيع وإتلاف وغصب لأن له طريقا إلى العلم بما فعل غيره وإن كان على نفى حلفه على نفى العلم فيقول : والله لا أعلم أن أبى أخذ منك مالا ولا أعلم أن أبى أبرأك من دينه. لأنه لا طريق له إلى القطع بالنفى فلم يكلف اليمين عليه إلا أنه فى نهاية المحتاج فصل فى الحلف على فعل الغير
فى النفى فقال: إن كان فعل الغير نفيا غير محصور فإنه يحلف على نفى العلم. مثل: لا أعلمه فعل هكذا لعسر الوقوف على العلم به، وإن كان محصورا فإنه يحلف فيه على البت.
ثم قال فى نهاية المحتاج (88): ولو ادعى دينا لمورثه فقال: أبرأنى منه حلف على البت إن شاء أو على نفى العلم بالبراءة لأنه حلف على نفى فعل الغير، ولو قال: جنى وعبدك على بما يوجب كذا فالأصح حلفه على البت إن أنكر، والرأى الثانى أنه يحلف على نفى العلم لتعلقه بفعل الغير ثم قال: ويعتبر فى اليمين موالاتها والمراد بالموالاة أن لا يفصل بين قوله والله وقوله ما فعلت كذا مثلا ثم قال
أو المحكم وغيره من كل من له ولاية التحليف
لا نية الحالف قال فى خاشية الشبراملسى وأما الظلمة فتنفع التورية عندهم فلا كفارة عليه وإن أثم الحالف ومن ذلك شيوخ البلدان والأسواق فتنفعه التورية عندهم والدليل على اعتبار نية المستلحف خبر مسلم، اليمين على نية المستحلف، وحمل على القاضى لأنه الذى له ولاية الاستحلاف.
مذهب الحنابلة:
اليمين المشروعة (90) هى اليمين بالله جل اسمه لقول الله عز وجل ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون )(91) وللأخبار الواردة فى ذلك وتجزىء بالله وحده وقد استلحف رسول الله صلى الله عليه وسلم ركانة بن عبد يزيد فى الطلاق فقال: والله ما أردت إلا واحدة وقال عثمان رضى الله عنه لابن عمر: تحلف بالله لقد بعته وما به داء تعلمه، وإن رأى
الحاكم تغليظ اليمين بلفظ أو زمان أو مكان فاضلين جاز ولم يستحب لأنه أردع للمنكر، والتغليظ فى اللفظ أن يقول:
والله الذى لا اله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الطالب الغالب الضار النافع الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، أما التغليظ فى الزمان فهو أن يحلف بعد العصر لقول الله عز وجل ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله.. الآية ) قيل المراد صلاة العصر لأنه وقت تعظمه أهل الأديان أو يكون بين الأذان والإقامة " لأنه وقت يرجى فيه إجابة الدعاء فترجى فيه معالجة الكاذب وأما التغليظ بالمكان (92) فإنه يكون بمكة بين الركن والمقام لأنه مكان شريف زائد على غيره فى الفضيلة ويكون ببيت المقدس عند الصخرة ويكون فى سائر البلاد كمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عند منبر الجامع لقوله النبى صلى الله عليه وسلم: من حلف على منبرى هذا يمينا آثمة فليتبوأ مقعده من النار رواه أبو داود، والمرأة الحائض تقف عند باب المسجد وهى تحلف لأنه يحرم عليها اللبث فى المسجد ويحلف أهل الذمة فى المواضع التى يعظمونها. لأن اليمين تغلظ فى حقهم زمانا فكذا تغلظ مكانا، واللفظ الذى يغلظ به على أهل الذمة هو أن يقول اليهودى والله الذى أنزل التوراة على عيسى وفلق له البحر وأنجاه من فرعون وملئه وذلك لحديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود: ناشدتكم بالله الذى أنزل التوراة على مرسى ما تجدون فى التوراة على من زنى؟ رواه أبو داود، أما النصرانى فإنه يقول فى حلفه والله الذى أنزل الإنجيل على عيسى وجعله يحيى الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص لأنه لفظ تتأكد به يمين النصرانى فأشبه اليهودى وأما المجوسى فإنه يقول والله الذى خلقنى وصورنى ورزقنى.لأن المجوس يعظم خالقه "، والوثنى والصابىء ومن يعبد غير الله يحلف بالله وحده.
وظاهر كلام الخرقى رحمه الله على ما جاء فى المغنى (93) أن اليمين لا تغلظ إلا فى حق أهل الذمة فقط وإلا تغلظ فى حق المسلمين ونحو هذا قال أبو بكر، ولا تغلظ اليمين (94) إلا فيما له خطر كجناية لا توجب قودا أو عتق أو نصاب زكاة لأن التغليظ للتأكيد وما لا خطر فيه لا يحتاج إلى تأكيد ولو أبى من وجبت عليه اليمين التغليظ فى يمينه لم يمر بذلك ناكلا عن اليمين لأنه قد بذل الواجب عليه فيجب الاكتفاء به ويحرم التعرض له قال فى النكت وفيه نظر لجواز أن يقال: يجب التغليظ إذا رآه الحاكم وطلبه وإلا لما كان فيه فائدة زجر قط ومال إلى ذلك الشيخ تقى الدين، ولا يجوز أن يحلف بالطلاق قلت ولا بعتاق لحديث: من كان حالفا فليحلف بالله وقال ابن المنذر (95):
ولم نجد أحدا يوجب اليمين بالمصحف، واليمين (96) تشرع فى حق كل من وجبت عليه سواء كان مسلما أو كافرا عدلا أو فاسقا امرأة أو رجلا، ومن حلف (97) فقالت: إن شاء الله أعيدت عليه اليمين ليأتى بها من غير استثناء وكذلك إن وصل كلامه بشرط أو وصله بكلام غير مفهوم ومن توجهت عليه يدنه فإنه يحلف فيما عليه على البت ويحلف الوارث على دين الميت على العلم وجملة الأمر أن الإيمان كلها على البت والقطع إلا على نفى فعل الغير فإنها تكون على نفى العلم. وقال الشعبى والنخعى كلها على العلم وذكره ابن أبى مولى رواية عن أحمد وذكر أحمد حديثه الشيبانى عن القاسم بن عبد الرحمن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تضطروا الناس فى أيمانهم أن يحلفوا على مالا يحلمون ولأنه لا يكلف مالا علم له به واستشهد ابن قدامة بحديث ابن عباس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم استحلف رجلا فقال له قل والله الذى لا اله إلا هو ماله عليك حق وروى الأشعث بن قيس أن رجلا من كندة ورجلا من حضرموت اختصما إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى أرض من اليمن فقال الحضرمى يا رسول الله أن أرضى اغتصبنيها أبو هذا وهى فى يده فقال النبى صلى الله علية وسلم هل لك بينة؟ قال: لا، ولكن أحلفه والله العظيم ما يعلم أنها أرضى اغتصبنيها أبوه فتهيأ الكندى لليمين ولم ينكر النبى صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داود، قاله ابن قدامة إذا ثبت هذا فإنه يحلف فيما عليه على البت سواء كان نفيا أو كان إثباتا، وأما ما يتعلق بفعل غيره فإن كان فى إثبات مثل أن يدعى أنه أقرض أو باع و يقيم شاهدا بذلك فكأنه يحلف مع شاهده على البت والقطع وإن كان على نفى العلم مثل أن يدعى عليه دين أو غصب أو جناية فإنه يحلف على نفى العلم لا غير وإن حلف عليه على البت كفاه وكان التقدير فيه العلم، ولو أدعى عليه أن عبده جنى أو استدان فأنكر فيمينه على نفى العلم "لأنها يمين على نفى فعل الغير فأشبهت يمين الوارث على نفى الموروث..
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (98): وليس من وجبت عليه يمين أن يحلف إلا بالله تعالى أو باسم من أسماء الله تعالى (99): ولا تجب اليمين فى مكان دون مكان ولا فى حال دون حال ولو صح ذلك لبينه النبى صلى الله عليه وسلم،
فى مجلس الحاكم فقط كيفما شاء من قعود أو قيام أو غير ذلك من الأحوال ولا يبالى إلى أى جهة كان وجهه ثم قال
ويحلف الكفار بالله (100) فقط وكذلك يحلف أهل الكتاب بدليل (101) قول الله عز وجل ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم ) الآية " وقول الله عز وجل ( فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين (102) ) فلم يأمر الله تعالى قط أحدا بأن يزيد فى الحلف على " بالله " شيئا فلا يحل لأحد أن يزيد على ذلك شيئا موجبا لتلك الزيادة فقد روى عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله.
مذهب الزيدية:
جاء فى التاج المذهب (103) والتحليف إنما هو بالله تعالى لقول النبى صلى الله عليه وسلم من حلف فليحلف بالله أو ليصمت فمن أراد تحليف المدعى عليه أو المدعى بصدقة ماله أو طلاق امرأته أو بالمشى إلى بيت الله فإنه لا يجوز أن يحلف بث!ىء من ذلك الا مع التراضى فيجوز مع الكراهة فلا يحلف الحاكم على هذا الوجه، وهذا مذهب القاسم والهادى والمؤيد بالله والمنصور بالله وهو قول عامة الفقهاء وهو المختار إلا أن يكون مذهـب الحاكم جواز التغليظ بذلك أو رأى ذلك صلاحا فإن كان- (1) كذلك لزم الخصم امتثال كما لزمه الحاكم، ولا يجوز التغليظ بكلمة الكفر والبراء من الله أو من الإسلام ويجوز أن يؤكد التحليف بالله بوصف صحيح يتميز به عند الحالف أى بما يكون تعظيما عند الحالف نحو أن يقول: والله الذى لا إله إلا فقط أجزأ عندنا، والقيد بالوصف الصحيح احتراز من الوصف الباطل حتى ولو اعتقده الحالف فإنه لا يجوز التحليف به نحو أن يقول فى تحليف المجبرة: والله خالق الأفعال، فإن فعل انعقدت، قال المؤيد بالله: ويحلف النصرانى بالله الذى أنزل الإنجيل على عيسى، ويحلف اليهودى بالله الذى أنزل التوراة على موسى وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وسلم، ويحلف المجوسى بالله الذى خلقه أو الذى خلق النار لتعظيمهم إياها، أما الصابية وهم فرقة من النصارى، والملحد وهو النافى للصانع والزنديق وهو الذى يقول مع الله ثانيا والوثنى وهو عابد الأصنام والمنافق وغيره فيحلف بالله الذى خلقه، ولو حلف اليهودى أو النصرانى. بالله الذى أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم فلا تصح ولا تنعقد..
وجاء فى البحر الزخار (104) إن التغليظ
فى اليمين غير مشروع إذ لا دليل وقيل: بل مشروع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما روى عن جابر رضى الله عنه " لا يحلف أحد على منبرى هذا على
يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار " ولتحليف على عليه السلام حيث حلف رجلا على المنبر، ثم قال: وفى حكمه وجهان أصحهما أنه يستحب فقط إذ القصد التأكيد ثم قال: والتغليظ (105) إما بتكرار اليمين كالقسامة واللعان وتقدير التكرار يكون بحسب نظر الحاكم فى تلك الحال ويكون التغليظ كذلك بالزمان وهو بعد العصر لقول الله عز وجل ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله ) وفسر بالعصر، ودون التغليظ بالمكان لقوله النبى صلى الله عليه وسلم: من حلف على منبرى الحديث السابق ذكره، ويكون التغليظ فى المساجد لشرفها ويكون على المصاحف لحرمتها ويضع يده على المصحف إعظاما ويغلظ بالصفات كذلك ولا يكون التغليظ بالعتق والطلاق ونحوهما ويأثم الحاكم إن فعل، وقال صاحب التاج المذهـب عن التغليظ بالزمان والمكان: ولا تغليظ عندنا بالزمان ولا بالمكان إلا لمصلحة له ثم قال (106) وتكون اليمين المردودة والمتممة والمؤكدة على القطع من المدعى مطلقا سواء ادعى حقا يخصه أم ادعى حقا يتعلق بغيره فإنه فى كل ذلك يحلف على القطع وكذلك اليمين من المنكر وعن المدعى عليه تكون على القطع إذا تعلقت بحق يخصه ولا تعلق لها بغيره، فإن كانت اليمين على فعل غيره فإنه يحلف على الحلم نحو أن يدعى عليه أنه كان على مورثه دين أو حق هن الحقوق يلزمه الخروج منه وكالسيد إذا ادعى عليه جناية عبده وكالعاقلة إذا ادعى عليها جناية خطأ، واختلف فى المشترى ونحوه نحو أن يشترى رجل شيئا أو يتهبه فادعى عليه أنه كان فى يد البائع أو الواهب غصبا أو رهنا أو إجارة أو عارية فقد تردد أهل المذهـب فى ذلك هل تكون يمين المشترى على العلم كالوارث أم تكون على القطع والصحيح فى المذهب الأول لمشاركة المشترى الوارث فى العلة وهى كونه حلف على أمر يتعلق بغيره، ثم قال: (107) ولا يلزم تعليق اليمين إلا بمحل النزاع.
ومحل النزاع فى الحقيقة هو الاستحقاق لا نفس الدعوى فإذا ادعى رجل على آخر أنه قتل أباه لم عز أن يحلفه الحاكم على أنه لم يقتله ولكن يحلفه على أنه لم يجن عليه جناية يلزمه بها قصاص أو دية، وفى البحر الزخار (108) إنه لو قال عقيب الحلف إن شاء الله الزمه الحاكم الإعادة، والنية للمحلف على حق بماله التحليف به فلا تنفع التورية وإلا بطل المقصود بالتحليف
مذهب الأمامية:
جاء فى شرائع الإسلام: (109) لا يستحلف أحد إلا بالله ولو كان كافرا وقيل لا يقتصر فى المجوسى على لفظ الجلالة لأنه يسمى النور إلها بل يضم إلى هذه اللفظة الشريفة ما يزيل الاحتمال، ولا يجوز الأحلاف
بغير أسماء الله سبحانه وتعالى كالكتب المنزلة والرسل المعظمة والأماكن المشرفة، ولو رأى الحاكم أحلاف الذمى بما يقتضيه دينه أردع له جاز ثم قال: ويكفى أن يقول الحاكم لمن يستحلفه: قل: والله ماله قبلي حق، وقد يغلظ اليمين بالقول وقد يغلظ بالزمان وقد يغلظ بالمكان لكن ذلك غير لازم ولو التمسه المدعى بل هو مستحب فى الحاكم استظهارا، فالتغليظ فى القول مثل أن يقول له: قل: والله الذى لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الطالب الغالب الضار النافع المدرك المهلك الذى يعلم من السر ما يعلمه من العلانية ما لهذا المدعى على شىء مما ادعاه، ويجوز التغليظ بغير هذه الألفاظ مما يراه الحاكم ، أما التغليظ بالمكان فذلك كالمسجد والحرم وما شاكله من الأماكن المعظمة، وأما التغليظ بالزمان فذلك يوم الجمعة والعيد وغيرها من الأوقات المكرمة، ويغلظ على الكافي بالأماكن التى يعتقد شرفها والأزمان التى يرى حرضوا، ويستحب التغليظ فى الحقوق كلها وإن قلت عدا المال فإنه لا يغلظ فيه لما دون نصاب القطع، ولو امتنع الحالف عن الإجابة إلى التغليظ لم يجبر، ولا يتحقق بامتناعه نكول، ثم قال فى موضع آخر (110): ويلزم المدعى عليه الحلف على القطع طردا إلا على نفى فعل الغير فإنها تكون على نفى العلم فلو ادعى عليه ابتياع أو قرض أو جناية فأنكر فإنه ألف على الجزم ولو ادعى على أبيه الميت لم يتوجه اليمين ما لم يدع عليه العلم فيكفيه الحلف أنه لا يحلم، وكذا لو قيل له قبض وكيلك..
مذهب الإباضية:
جاء فى متن النيل (111): المدعى عليه المتوجه عليه اليمين يأتى بمصحف ويأخذه منه الحاكم ويتعوذ ويقرأ أول سورة الطور ثم يقول له: أتحلف بالله الذى لا اله إلا هو الضار النافع المان على المسلمين المنتقم من الكافرين وأن يزيل عنك ما أحسن به إليك وينزع البركة من بين يديك ومن خلفك وأن يصيبك بما أنذرك به فى هذا المصحف ما لهذا ما يدعيه قبلك من كذا وكذا ثم يرفع المصحف لوجهه فيقبله، ويحلفه بالمصحف، وأدنى ما يحلف به ربع دينار وفى الأقل يحلفه بأسماء الله تعالى، وجاء فى شرح النيل (112): ويحلف الوارث على علمه وكذا يحلف اليتيم على علمه إذا بلغ والمجنون إذا أفاق، ثم قال: ويحلف المدعى عليه على البتات إلا أن ادعى أن ذلك من جانب غيره كمورثه فيحلف على علمه..
أثر الاستحلاف
مذهب الحنفية:
أثر الاستحلاف عند الحنفية (113) هو انقطاع الخصوص للمال لا مطلقا بل مؤقتا إلى غاية إحضار البينة وذلك عند عامة العلماء وقال بعضهم حكم الاستحلاف انقطاع الخصومة على الإطلاق حتى لو أدعى المدعى البينة بعد يمين المدعى عليه قبلته بينته ضد العامة وعند بعضهم لا تقبل لأنه لو أقام البينة لا تبقى له ولأية استحلاف فكذا إذا استحلف المدعى عليه لا تبقى له ولاية إقامة البينة، والجامع أن حق المدعى فى أحدهما: البينة أو إلي فلا يملك الجمع بينهما، والصحيح قول العامة لأن البينة فى الأصل فى الحجة لأنها كلام الاجنبى، فأما اليمين فكالخلف فى الببنة لأنها كلام الخصم صير إليها للضرورة فإذا جاء الأصل انتهى حكم الخلف وأنه لم يوجد أصلا، ولو قال المدعى للمدعى عليه احلف وأنت برىء من هذا الحق الذى ادعته أو أنت برىء من هذا الحق ثم أقام البينة بعد ذلك قبلت بينته لأن قوله: أنت برىء يحتمل البراءة للحال أن برىء عن دعواه وخصومته للحال ويحتمل البراءة عن الحق فلا يجعل إبراء عن الحق بالشك...
مذهب المالكية:
إذا أنكر المدعى عليه (114) الحق ولم يأت المدعى بالبينة وطلب استحلاف المدعى عليه فإن هذه اليمين هى المعتد بها فى مقام المخاصمة فتسقط بينة المدعى وسواء كان ما ادعى به المدعى شيئا واحدا أو كان أمورا متعددة فإن المدعى عليه لا يحلف إلا يمينا واحدة وتكون هذه اليمين كافية فى إسقاط الخصوص وفى منع إقامة البينة بعد ذلك إلا إذا كان للمدعى عذر فى عدم الإتيان بالبينة وذلك كنسيان حين تحليفه خصمه وحلف أنه نسيها وكذا إذا ظن المدعى أنها لا تشهد له أو ظن أنها ماتت فإن لا القيام بها إن حلف على ذلك، فلو شرط المدعى عليها على المدعى عدم القيام ببينة يدعى نسيانها أو عدم علمه بها وفى له بشرطه، وإذا وجد المدعى شاهدا ثانيا بعد ما استحلف المدعى عليه وحلف لرد شهادة الأول ثم وجد شاهدا آخر فله أن يقيمه ويضمه للأول ويعلى بشهادتهما
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج: (115) اليمين تفيد قطع الخصومة فى الحال لإبراءه من الحق لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر حالفا بالخروج من حق صاحبه أى كأنه علم كذبه فلو حلفه ثم أقام بينه بمدعاه أو أقام شاهدا ليحلف معه حكم بها وكذلك لو ردت اليمين على المدعى فنكل ثم أقام بينه وإن قال (116) المدعى للمدعى عليه أبرأتك من اليمين سقط حقه منها فى هذه الدعوى وله أن يستأنف الدعوى لأن حقه لم يسقط بالإبراء من اليمين فإن استأنف الدعوى فأنكر
المدعى عليه فله أن يحلفه لأن هذه الدعوى غير الدعوى التى أبرأه فيها من اليمين
فإن حلف سقطت الدعوى لما روى وائل ابن حجر أن رجلا من حضرموت ورجلا من كندة أتيا رسول الله صلى الله. عليه وسلم فقال الحضرمى: هذا غلبنى على أرض ورثتها من أبى وقال الكندى: أرضى وفى يدى أزرعها لا حق له فيها. فقال النبي صلى الله. عليه وسلم: شاهداك أو يمينه قال: انه لا يتورع عن شىء فقال النبى صلى الله عليه وسلم ليس لك إلا ذلك، قال
فى نهاية المحتاج وأما الحصر (117) فى خبر شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك إنما هو حصر لحقه فى النوعين أى لا ثالث لهما وأما منع جمعهما فلا دلالة للخبر عليه، وقد لا تفيده البينة كما لو أجاب مدعى عليه بوديعة بنفى الاستحقاق وحلفه عليه فلا تفيد المدعى أقام البينة بأنه أودعه لأنها لا تخالف
ما حلف عليه من نفى الاستحقاق، قاله البلقينى.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع: (118) اليمين تقطع الخصومة فى الحال ولا تسقط البينة فتسمع البينة بعد اليمين، ولو رجع الحالف إلى الحق وأدى ما علية قبل منه وحل لربه أخذه ، وفى هداية الراغب : أن البينة (119)
لا تسمع بعد الحلف إذا كان المدعى قد قال لا بينة لى ونحوه كما لو قال: كل بينة أقيما فهى زور أو باطلة فإنها لا تسمع بعد ذلك لأنه مكذب لها وذلك بخلاف قوله: لا أعلم لى بينة فإنها تتسمع إذا أقامها بعد اليمين لأنه ليس مكذبا لها.
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى (120): كل من أدعى على أحد وأنكر المدعى عليه فكلف المدعى البينة فقال لى بينة غائبة أو قال: لا أعرق لنفسى بينة أو قال: لا بينة لى قيل له: إن شئت فدع تحليفه حتى تحضر بينك أو لعلك تجد بينة وإن شئت حلفته، وقد سقط حكم بينتك الغائبة جملة فلا يقضى للة بها أبدا وسقط حكم كل بينة تأتى بها بعد هذا عليه ليس لك إلا هذا فقط فأى الأمرين اختار قضى له به ولم يلتفت له إلى بينه فى تلك الدعوى بعدها إلا أن يكون تواتر يوجب صحة العلم ويقينه أنه حلف كاذبا فيقضى عليه بالحق أو يقر بعد أن يكون حلف فيلزمه ما أقربه..
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار (121) اليمين شرعت لقطع الخصومة فى الحال إجماعا ولا تقطع الحق فتقبل البينة بعدها إذ البينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة وقيل بل اليمين لقطع الحق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: البينة على من أدعى واليمين على المنكر، فقطعته كالبينة.
مذهب الإمامية:
جاء فى شرائع الإسلام (122) إن حلف المنكر سقطت الدعوى ولو ظفر المدعى بعد ذلك بمال الغريم لم يحل له مقاصته ولو عاود المطالبة أثم ولم تسمع دعواه 1، ولو أقام بينة بما حلف عليه المنكر لم تسع، وقيل يعمل بها ما لم يشترط المنكر سقوط
الحق باليمين وقيل إن نسى بينته سمعت وإن أحلف، والأول هو المروى، وكذا لو أقام بعد الأحلاف شاهدا وبذل معه اليمين، أما لو كذب الحالف نفسه جاز طالبته وحل مقاصته مما يجده له مع امتناعه عن التسليم ، وإن رد اليمين على المدعى
لزمه الحلف.
مذهب الإباضية: (123)
اليمين تسقط الدعوى ولا تسقط الحق ولذلك لو أقيمت البينة بعد اليمين سمعت البينة وبطل الحكم الأول الذى فيه تحليف المنكر وتبرئته.
النية فى اليمين تكون لمن ؟
مذهب الحنفية:
جاء فى البدائع (124): روى عن أبى يوسف
عن أبى حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال اليمين على نية الحالف إذا كان مظلوما، وإن كان ظالما فعلى نية المستحلف، وذكر الكرخى إن هذا قول أصحابنا وذكر القدورى أنه إن أراد به اليمين على الماضى فهو صحيح لأن المؤاخذة فى اليمين على الماضى بالإثم فمتى كان الحالف ظالما كان آثما فى يمينه، وإن نوى به غير ما. حلف عليه لأنه يتوصل باليمين إلى ظلم غيره وقد روى أبو ماجة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اقتطع حق أمرىء مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب عليه النار قالوا: وإن كان شيئا يسيرا قال صلى الله عليه وسلم: وإن كان قضيبا من أراك، قالها ثلاثا... وأما إذا كان مظلوما فهو لا يقتطع بيمنه حقا فلا يأثم وإن نوى غير الظاهر، وأما اليمين على المستقبل إذا قصد بها الحالف معنى دون معنى فهو على نيته دون نية المستحلف لأنه عقد وهو العاقد فينعقد على ما عقده.
مذهب المالكية:
من استحلف لذى (125) حق سواء كان حقا
ماليا من دين أو غيره أم لا كان يدعى رجل على آخر أن له عليه عشرة دنانير من بيع فيحلف بالله أو بالطلاق أو بعتق عبده مالك عندى عشرة أو يدعى عليه الوديعة فينكر ويحلف بالله أو بالطلاق ماله عندى وديعة أو كان تحلف زوجة زوجها بالطلاق أن لا يتزوج عليها نفى كل ذلك لا تقبل نية الحالف أنه ينوي عشرة من قرض فى المسألة الأولى أو ينوى ماله عندى وديعة حاضرة فى الثانية أو ينوى أن لا يتزوج عليها مصرية فى الثالثة، والعبرة بنية المحلف لأنه كأنه اعتاض من حقه هذا اليمين، ولا تنفع (126 ) الحالف تورية ولا استثنناء بإجماع ويكون آثما بيمينه داخلا تحت الوعيد فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.: من اقتطع حق امرىء مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار، فالعبرة بنية المحلف إذا كان له حق فى نفس الأمر أما إذا لم يكن له حق فى نفس الأمر كمن تسلف من رجل مالا وقضاه له بغير بينة ثم قام صاحب المال وطالب المقترض به فأنكره وقال لا شىء لك عندى فطلب أن يحلفه أنه ما تسلف منه فانه يحلف له أنه ما تسلف منه وينوى فى قلبه سلفا يجب عليه الآن رده ويبرأ من الإثم ومن الدين.
مذهب الشافعية:
جاء فى مغنى المحتاج: ويعتبر (127) فى الحلف نية القاضى المستحلف للخصم لحديث :
اليمين على نية المستحلف رواه مسلم وحمل على المحاكم لأنه الذى له ولاية الاستحلاف ولا تعتبر نية الحالف لأنه لو اعتبرت نيته لبطلت فائدة الإيمان وضاعت الحقوق اذ كل أحد يحلف على ما يقصد، قال البلقينى ومحل ما ذكر اذا لم يكن الحالف محقا لما نواه وإلا فالعبرة بنيته لا بنية القاضى وعلى أصل المذهب فلو ورى الحالف فى يكنه بأن قصد خلاف ظاهر اللفظ عند تحليف من له ولاية التحليف كقوله لا يستحق على درهما ولا دينارا ولا أقل من ذلك ولا أكثر ومن يريد غير ظاهر الكلام أو تأول بأن اعتقد الحالف خلافها أى خلاف نية القاضى واستثنى الحالف كقوله عقب يكنه إن شاء الله أو وصل باللفظ شرطا كأن دخلت الدار بحيث لا يسمع القاضى ذلك لم يدفع ذلك إثم اليمين الفاجرة لان اليمن شرعت ليهاب الخصم الإقدام عليها خوفا من الله تعالى فلو صح تأويله لبطلت هذه الفائدة، ثم قال: ومحل كون ما ذكر لا يدفع إثم اليمين الفاجرة مقيد بأمرين أحدهما: أن يكون الحلف بالله تعالى فإن حلفه القاضى بالطلاق أو العتاق فحلف وورى نفعته التورية وإن كانت حراما حيث يبطل بها حق المستحق.لأنه ليس له التحليف بهما فالعبرة بنية الحالف إذا كان التحليف بالطلاق و العتاق، والأمر التانى أن لا يكون المحلف ظالما فى نفس الأمر فقد ذكر فى الوديعة أن الظالم إذا طلب منه الوديعة فينكر فإن اكتفى باليمين فليحلف ولا إثم عليه ولو قدر على التورية كما
هو مقتضى كلامهم، ولو حلفه غريمه ونحوه ممن لا ولاية له فى التحليف أو حلف من ابتداء فالعبرة بنيته وان أثم بها حيث أبطلت يمينه حق غيره وعليه يحمل خبر " يمينك ما يصدقك عليه صاحبك" (128) والظلمة تنفع التورية عندهم ولا كفارة عليه وإن أثم الحالف وكذلك شيوخ البلدان والاسواق فتنفعه التورية عندهم سواء كان الحلف بالله أو بالطلاق.
مذهب الحنابله:
جاء فى كشاف القناع: (129) تكون يمين الحالف على صفة جوابه لخصمه ولا يصلها اليمين باستثناء لأنه يزيل حكم اليمين ولا يصلها بما لا يفهم لاحتمال أن يكون استثناء، وتحرم التورية و التأويل لحديث يمينك على ما يصدقك به صاحبك، إلا لمظلوم كمن يستحلفه ظالم: ما لفلان عندك وديعة فينوى بـ " ما" الذى ونحوه.
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الظاهرى: اليمين (130) محمولة على لغة الحالف وعلى نيته ومن مصدق فيما ادعى من ذلك الأمر لزمه يمين فى حق لخصمه عليه والحالف بطل فإن اليمين على نية المألوف له، فمن لزمته يمين لخصمه ومن بطل فلا ينتفع بتوريته وهو مقتضى كلامهم، ولو حلفه غريمه ونحوه ممن لا ولاية له فى التحليف أو حلف هو ابتداء فالعبرة بنيته
وإن أثم بها حيث أبطلت يصفه حق غيره وعليه يحمل خبر " يمينك ما يصدقك عليه صاحبك" (128) والظلمة تنفع التورية عندهم ولا كفارة عليه وإن أثم الحالف وكذلك شيوخ البلدان والاسواق فتنفعه التورية عندهم سواء كان الحلف بالله أو بالطلاق.
مذهب الحنابله:
جاء فى كشاف القناع: (129) تكون يمين الحالف على صفة جوابه لخصمه ولا يصل اليمين باستثناء لأنه يزيل حكم اليمين ولا يصلها بما لا يفهم لاحتمال أن يكون استثناء، وتحرم التورية و التأويل لحديث يمينك على ما يصدقك به صاحبك، إلا لمظلوم كمن يستحلفه ظالم: ما لفلان عندك وديعة فينوى بـ " ما " الذى ونحوه.
مذهب الظاهرية:
قال ابني حزم الظاهرى: اليمين (130) محمولة على لغة الحالف وعلى نيته وهو مصدق فيما ادعى من ذلك إلا من لزمته يمين فى حق لخصمه عليه والحالف بطل فإن اليمين ههنا على نية المحلوف له، فمن لزمته يمين لخصمه وهو مبطل فلا ينتفع بتوريته وهو
عاص لله تعالى فى جحوده الحق عاص له فى استدفاع طلب خصمه بتلك اليمين فهو حالف يمين غموس.
مذهب الزيدية:
جا، فى شرح الأزهار: المحلف (131) على حق
أو تهمة بما له التحليف به تكون اليمين بإكبار نيته، ووجهه أن يمين المدعى عليه موضوعة فى الشرع لينزجر الظالم عن جحود الحق فوجب أن يكون الاعتبار بنية المحلف حتى يحصل هذا المعنى إلا أنه لا تأثير لنية المحلف فى اليمين إلا بشرطين: أحدهما: أن يكون استحلافه على حق يستحقه على الحالف فلو لم يكن على حق يستحقه المحلي كانت النية نية الحالف.
والشرط الثانى: أن يستحلفه بما له أن يحلف به وهو الحلف بالله أو بصفة من صفاته، وأما لو استحلفه بالطلاق أو العتاق أو النذر. كانت النية نية الحالف، وقيل: ان كان رأى الحاكم جواز التحليف بذلك أى بالطلاق والعتاق فله إلزام الخصم وتعتبر نية المحلف، وإن كانت اليمين على أمر تقبل نحو أن يحلفه الحاكم ليقضين زيدا حقه غدا فإن النية نية المحلف ولا حكم لنية التحالف، ولو نوى الحالف نية تصرفه عن الحنث فلا حكم لها، وقيل إنما تكون النية نية المحلف إذا كان التحليف بأمر الحاكم وإلا فالنية للحالف.
مذهب الامامية:
جاء فى المختصر النافع: لو حلف على تخليص مؤمن أو دفع أذية لم يأثم ولو كان كاذبا وان أحسن التورية ورى، ومن هذا لو وهب له مالا وكتب له ابتياع وقبض ثمن فتنازعه الوارث على تسليم الثمن حلف ولا إثم، ويورى بما يخرجه من الكذب، وكذا لو حلف أن مماليكه أحرار وقصد التخلص من ظالم لم يأثم ولم يتحرروا (132).
مذهب الاباضية.:
جاء فى شرح النيل: (133) من استحلفه جائر ظلما فله ألاستثناء فى نفسه وان استحلفه غيره بحق فلا ينفحه، وقيل ينفع الاستثناء فى النفس طلقا، وقيل: لا طلقا ثم قال: (134) اليمين على المقاصد وهى المعتبر على الأصح لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، إلا أن تعلق فيها حق أحد فالنظر إلى اللفظ، وقيل النظر إلى اللفظ مطلقا.
هل تتعدد اليمين بتعدد المدعى به
مذهب الحنفية:
إذا كان المدعى به شيئا واحدا كدار أو دابة أو ألف درهم وأريد تحليف المدعى لم يحلف إلا يمينا واحدة وهو ظاهر فلو كان المدعى به أشياء محددة كان ادعى عليه دراهم ودنانير وعروض تجارة وضياعا زراعية أنه يستحق ذلك عنده وأنكرها جميعها المدعى عليه وأريد تحليفه عليها لا يحلف إلا يمينا واحدة على الجو ع لان المجلس واحد ولان فى ذلك ك قصر المسافة مع حصول المقصود بالمحلف عليها جمعها وهذا هو الرأى المقدم والمعول به (135)..، وقيل إن عرف المدعى بالتعنت يؤمن بجمع الدعوى وتحليفه مرة واحدة وان لم يحرف بذلك لا يكلف جدها وتتمدد اليمن، وقيل الخيار للمدعى إن شاء حلفه يمينا على كل دعوى وإن شاء حلفه يمينا واحدة على جميعها، وقيل ينظر القاضى إلى السبب فإن كان واحدا كبيع مثل حلفه يمينا واحدة وان كانت الأسباب مختلفة كبيع وغصب وقرض حلفه على كل واحدة يمينا (136) كذلك تتعدد اليمين فى القسامة فإذا وجد قتيل فى محلة لم يدر قاتله حلف خمسون رجلا منهم وان لم يتم العدد كرر الحلف (137).
مذهب المالكية:
جاء فى الشرح الكبير: (138) إذا لم تكن للمدعى بينة وطلب يمين خصمه حلف، وعلق الدسوقى على قوله: " حلف " فقال: أى يمينا واحدة سواء كان ما ادعى به المدعى شيئا واحدا أو كانت أمورا متعددة فاليمين الواحدة كافية فى إسقاط الخصومات وفى منع إقامة البينة ولو كان المدعى به متعددا.
وفى القسامة (139) تتكرر اليمين فيحلف
الأولياء خمسين يمينا وتوزع عليهم.
مذهب الشافعية:
جاء فى المهذب (140): إذا قذف الرجل امرأته بزناءين وأراد اللعان كفاه لهما لعان واحد لأنه فى أحد القولين يجب حد واحد فكفاه فى إسقاطه لعان واحد وفى الغول الثانى يجب حدان لأنهما لواحد فاكتفى فيهما بلعان واحد كما يكتفى فى حقين لواحد بيمين واحد وهذا يدل على أن اليمين لا تتعدد بتعدد المدعى به، وفى (141) دعوى الدم تغلظ اليمين بالعدد فيحلف المدعى أو المدعى عليه خمسون يمينا .
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع (142) : ومن توجه عليه الحلف بحق جماعة وبذل لهم يمينا واحدة ورضوا بها مجاز لأن الحق لهم وقد رضوا بإسقاطه وإن أبوا الاكتفاء بيمين واحدة حلف لكل واحد منهم يمينا لأن حق كل واحد غير حق الآخر فإذا طلب كل واحد منهم يمينا كان له ذلك كسائر الحقوق إذا انفرد بها ولو ادعى واحد حقوقا على واحد فعليه فى كل حق يمين إذا تعددت الدعوى ولو اتحد المجلس فإن اتحدت الدعاوى فيمين واحدة للكل كما فى المبدع، وجاء فى موضع آخر (143): يحلف المدعون أيمان القسامة خمسين يمينا فإن لم يحلفوا حلف المدعى عليه ولو امرأة خمسين يمينا وبرىء وإن كان المدعى واحدا حلف الخمسين يدنا وإن كانوا أقل قسمت عليهم..
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار: (144) ولا ينبغى تكرار اليمين على الحالف إلا لطلب تغليظ عليه، قال فى الانتصار يجوز التغليظ بالتكرار كما يجوز فى القسامة واللحاق، وكذلك يكون التكرار فى اليمين لتعدد حق فإذا كان الحق متعددا تكررت اليمين بحسب تعدده ذكره الهادى فى المنتخب وذلك مثل أن يدعى رجل على آخر أنه قتل أباه وعقر بهيمته وسرق ثوبه فانه يجب لكل واحدة من هذه الدعاوى يمين سواء ادعى هذه فى دعوى واحدة أم كثر لأن العبرة باختلاف الأسباب وهذا قول الإمام يحيى فى الانتصار وقيل بل العبرة باللفظ فان لم يعدد لفظ الدعوى بل قال: أدعى كذا وكذا وكذا فهى دعوى واحدة وفيها يمين واحدة، وان قال أدعى عليه كذا وأدعى عليه كذا ففى ذلك يمينان، والتدقيق ما ذكره الإمام يحيى، وعند الناصر والمؤيد بالله أنه يجمع الجميع ويقتصر على يمين واحدة..، وكذلك تتكرر اليمين بتعدد مستحق عليه فان اليمين تتعدد بحسب تعددهم مثل أن يدعى رجل على جماعة أنهم قتلوا أباه أو اغتصبوا ثوبه أو نحو ذلك فانه يستحق على كل واحد منهم يمينا وان كان المدعى فيه شيئا واحدا وتتكرر اليمين كذلك بتعدد مستحق فان اليمين تتعدد بحسب تعددهم نحو أن يكون المستحق للشيىء المدعى جماعة فانه يجب لكل واحد منهم يمين لكن إذا ادعى كل واحد منهم مقدار حقه فقط فلكل واحد يمين مطلقا وكذلك إذا كان المدعى أحدهم لهم جميعا بالوكالة منهم استحق كل واحد يمنا على الصحيح من المذهب.
مذهب الأمامية:
جاء فى الروضة البهية (145): ولو كان المدعون جماعة وأقاموا شاهدا واحدا فعلى كل واحد- يمين لان كل واحد يثبت حقا لنفسه ولا يثبت مال لأحد بيمين غيره...
-----------------------------------------------------
(1) لسان العرب لابن منظور ج 36 ص 53 طبع دار صادر دار بيروت.
(2) أنظر للمالكية حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 146 طبع بدار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر وللحنفية تكملة فتح القدير
(3) نتائج الأفكار لقاضى زاده وبهامشه العناية على الهداية للبابرتى ج 6 ص 151، ، ص 152 طبعة أولى طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر وللثسافعية المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج 2 ص 300 طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر وللحنابلة هداية الراغب شرح عمدة الطالب ص 567 مطبعة المدنى المؤسسة السعودية بمصر وللزيدية التاج المذهب لأحكام المذهب شرح متن الأزهار لابن قاسم الصنعانى ج 4 ص 29 وص 30 طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية بم
(4) شرح العناية على الهذاية على هامش نتائج الأفكار ج6 ص 153، ص 154
(5)حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 145 ، 146 الطبعة السابقة .
(6) تهذيب الفروق والقواعد السنية فى الأسرار الفقهية بهامثس الفروق لشهاب الدين المشهور بالقرافى الفرق التاسع والثلاثون والمائتان ج 4 من ص 136 إلى 139 طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر سنة 1346هـ طبعة أولى.
(7) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 145، 146 ،151،152 ، 139.
(8) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد ج 2 ص354 وص 355، طبع مطبعة الجمالية بمصر طبعة أولى سنة 1329 هـ.
(9) حاشية حجازى والأمير ج 2 ص 220 وص 321.
(10) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 151 وص 152 الطبعة السابقة.
(11) المرجع السابق ج4 ص 151.
(12) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج4 ص 227 الطبعة السابقة.
(13) المهذب للثسيرازى ج 2 ص 310 وص 311 الطببة السابقة.
(14) المهذب للشيرازى ج2 ص 310 وص الدين الرملى وحاشية الثسبراملسى عليه ج 8 ص 335 وص 336 طبع شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة 1357هـ وكتاب الأم للإمام الشافعى وبهامثسه مسند الإمام ج 6 ص 279 طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر طبعة أولى سنة1324 هـ.
(15) كشاف القناع على متن الإقناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 198 طبع المطبعة العامرة الشرفية بمصر طبعة أولى سنة 1319هـ وهداية الراغب ص 556 الطبعة السابقة.
(16) كشاف القناع ج4 ص 200 الطبعة السابقة.
(17) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 9 ص 371 مسألة رقم 1782 مطبعة إدارة الطباعة المنيرية سنة 1352هـ..
(18) التاج المذهب ج 4 ص 26 الطبعة السابقة
(19) المرجع السابق ج 4 ص 27
(20) المرجع السابق ج 4 ص 29 و ص 30.
(21) شرائع الإسلام فى الفقه الاسلامى الجعفرى للمحقق الحلى ج 2 ص 214 منشورات دار مكتبة الحياة ببيروت.
(22) كتاب شرح النيل وشفاء العليل ج 6
ص 583 طبعة البارونى وشركاه..
(23) انظر فى ذلك المراجع السابقة فى باب الدعوى.
(24) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 226
وما بعدها والهداية مع شروحها تكملة فتح القدير والعناية ج6 ص 163 وما بعدها الطبعة السابقة.
(25) البذل: هو ترك المنازعة والأعراض عنها.
(26) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 227 الطبعة السابقة.
(27) تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الإبصار لابن عابدين ج 6 ص 413 طبع المطبعة العثمانية.
(28) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج 4 ص 227 وص 151 وص144 وص200 الطبعة السابقة.
(29) ألام للإمام الشافعى ج 7 ص 87، ص 31 والمهذب للشيرازى ج 2 ص 322 الطبعة السابقة.
(30) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج4 ص 285 الطبعة السابقة.
(31) المحرر فى الفقه لمجد الدين أبى البركات ومعه النكت والفوائد السنية ج2 ص 225 طبع مطبعة السنة المحمدية سنة1369 هـ والمغنى على مختصر الخرقى ويليه الشرح الكبير لابن قدامه المقدسى ج 12 ص 127 طبع مطبعة المنار بمصر طبعة أولى1328هـ .
(32) كشاف القناع وبهامثسه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 285 الطبعة السابقة.
(33) المحرر لمجد الدين أبى البركات ج2 ص 226 الطبعة السابقة.
(34) كشاف القناع ج4 ص 285.
(35) المحرر ج 2 ص 226.
(36) المرجع السابق ج 2 ص 227.
(37) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 11 ص84 مسألة رقم 2149.
(38) المرجع السابق ج 11 ص 78 الطبعة السابقة .
(39) المرجع السابق ج 11 ص 281 مسألة رقم 2231.
(40) المرجع السابق ج 11 ص 293 مسألة رقم 2241.
(41) كتاب البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد يحيى المرتضى ويليه كتاب جواهر الأخبار والآثار ج 4 ص404.
(42) المرجع السابق ج 4 ص 405.
(43) شرائع الاسلام للمحقق الحلى ج2 ص 215 الطبعة السابقة.
(44) كتاب شرح النيل وشفاء العليل ج 6 ص 583 الطبعة السابقة.
(45) تكملة فتح القدير شرح الهداية وبهامثسه العناية ج 6 ص 151 وص 152 الطبعة السابقة.
(46) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 6 ص 224 الطبعة السابقة.
(47) الفتاوى الهندية وبهامشها الفتاوى البزازية ج 4 ص 13 طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر سنة 1310هـ الطبعة الثانية.
(48) رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الإبصار ج 6 ص 401 ، ص 402 الطبعة السابقة.
(49) المرجع السابق ج 6 ص 404.
(50) الفتاوى الهندية ج4ص 13 وص 14 الطبعة السابقة.
(51) كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد المعروف بالحطاب وبهامشه التاج والإكليل للمواق ج 6 ص 130 طبع مطبعة السعادة بمصر طبعة أولى سنة 1328 هـ والشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج4 ص 146الطبعة السابقة.
(52) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج2 ص 300 الطبعة السابقة.
(53) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملى .ج 8 ص 332 الطبعة السابقة.
(54) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج4 ص 198 الطبعة السابقة.
(55) كشاف القناع ج 4 ص 290.
(56) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 9 ص 371 مسألة رقم 1782.
(57) المرجع السابق ج 9 ص 436 مسألة رقم 1811.
(58) البحر الزخار ج4 ص 386 الطبعة السابقة.
(59) المرجع السابق ج 4 ص 408.
(60) شرائع الإسلام للمحقق الحلى ج 2 ص 212 الطبعة السابقة.
(61) متن النيل ص 306 وص 310.
(62) الهداية وشروحها نتائج الأفكار تكملة فتح القدير والعناية ج 6 ص174 وما بعدها الطبعة السابقة.
(63) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 227 الطبعة
(64) نتائج الإنكار تكملة فتح القدير على الهداية ج 6 ص174 وما بعدها.
(65) المرجع السابق ج 6 ص 176.
(66) الآية رقم 25 من سورة لقمان.
(67) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 228.
(68) نتائج، الأفكار تكملة فتح القدير ثم شرح الهداية وبهامثسه العناية ج 6 ص 176 وما بعدها.
(69) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 228.
(70) تكملة فتح القدير ج 6 ص 176 وما بعدها
(71) المرجع السابق ج 6 ص 178.
(72) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج4 ص 227 الطبعة السابقة.
(73) المرجع السابق ج 4 ص 228.
(74) المرجع السابق ج4 ص 228.
(75) المرجع السابق ج 4 ص 229.
(76) المرجع السابق ج4 ص 230.
(77) المرجع السابق ج 4 ص 229، ص 230
(78) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج 2 ص 322 وبهامشه النظم المستعذب فى شرح غريب المهذب طبعة الحلبى وشركاه بمصر.
(79) جاء فى هامثس المهذب : يبهأ الناس أى يأنسوا به فتقل هيبته عندهم فيتهاونوا به.
(80) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج 8 ص 330 الطبعة السابقة.
(81) المهذب لأبى اسحق الثسيرازى ج2 ص322.
(82) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج8 ص331.
(83)الآية رقم 77 من سورة آل عمران.
(84) المهذب ج4 ص 322 الطبعة السابقة.
(85) المرجع السابق ج 2 ص 125 وص 126
(86) الآية رقم 106 من سورة المائدة..
(87) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج 8 ص 331 الطبعة السابقة والمهذب للشيرازى ج 2 ص 322 و ص 323.
(89): ويعتبر نية القاضى المستحلف أو نائبه
(88) نهاية المحتاج ج 8 ص 332.
(89) المرجع السابق ج 8 ص 333.
(90) هداية الطالب لشرح عمدة الطالب ص 567 مطبعة المدنى بمصر سنة 1380 هـ والمغنى لابن قدامة وبهامشه الشرح الكبير ج 12 ص 113 الطبعة السابقة وكشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 287 الطبعة المسابقة.
(91) الآية رقم 109 من سورة الأنعام.
(92) كشاف القناع ج 4 ص 288.
(93) المغنى والشرح الكبير عليه ج 12 ص 114
ص 115.
(94) كشاف القناع ج 4 ص 288.
(95) المغنى لابن قدامه ج 12 ص 118.
(96) المرجع السابق ج 12 ص 114.
(97) كشاف القناع ج 4 ص 290.
(98) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 9 ص 383 مسألة رقم 1784 الطبعة السابقة.
(99) المرجع السابق ج 9 ص 392.
(100) المرجع السابق ج 9 ص 385.
(101) المرجع السابق ج 9 ص 389.
(102) الآية رقم 107 من سورة المائدة.
(103) التاج المذهب ج 4 ص 32، ص 33 الطبعة السابقة والبحر الزخار ج 4 ص 407 الطبعة السابقة.
(104) البحر الزخار ج 4 ص 408.
(105) المرجع السابق ج 4 ص 309.
(106) التاج المذهب ج 4 ص34.
(107) المرجع السابق ج 4 ص 35.
(107) البحر الزخار ج 4 ص 406.
(5) شرائع الإسلام للمحقق الحلى ج 2 ص 213 الطبعة السابقة.
(110) المرجع السابق ج2 ص 214.
(111) متن النيل ج 2 ص 310.
(112) شرح كتب النيل وشفاء العليل ص 6 ص 584 الطبعة السابقة.
(113) بدائع الصنائع للكاسانى ج 6 ص 221 الطبعة السابقة والفتاوى الهندية ج 4 ص 13 الطبعة السابقة..
(114) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج 4 ص146 الطبعة السابقة.
(115) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج 8 ص 335 الطبعة السابقة.
(116) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج 2 ص 300 وص 301 الطبعة السابقة.
(117) نهاية المحتاج ج 8 ص 335.
(118) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 285 الطبعة السابقه.
(119) هداية الراغب لشرح عمدة الطالب ص 556 الطبعة السابقة.
(120) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 9 ص 371 مسألة رقم 178 الطبعة السابقة.
(121) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ص 4 ص404 الطبعة السابقة.
(122) شرائع الإسلام للمحقق الحلى ج 2 ص 212 الطبعة السابقة.
(123) شرح النيل وشفاء العليل ج6 ص 564 الطبعة السابقة.
(124) بداشع الصنائع للكاسانى ج 3 ص 20،
ص 21 الطبعة السابقة والفتاوي الهندية ج 2 ص 59 الطبعة السابقة.
(125) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 2
ص 139 الطبعة السابقة.
(126) المرجع السابق ج 4 ص 231.
(127) مغنى المحتاج إلى معرفة معانى الفاظ المنهاج للشربينى الخطيب ج 4 ص 436 وص 437 وص 295 طبع. المطبعة الميمنية بمصر سنة 1306هـ.
(128) نهاية المحتاج إلى شرح المحتاج ج 8 ص 333 الطبعة السابقة.
(129) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 169 الطبعة السابقة.
(130) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 43 وص 43 مسألة رقم 1135 الطبعة السابقة.
(128) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج 8 ص 333 الطبعة السابقة.
(129) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج 4 ص 199 الطبعة السابقة.
(130) المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 43 وص 44 مسألة رقم 1135 الطبعة السابقة.
(131) شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار فى
فقه الأئمة الأطهار ج 4 ص 10، ص 11 طبع مطبعة حجازى بالقاهرة طبعة ثانية سنة 1357هـ
(132) المختصر النافع فى فقه الأمامية ص 246 طبع مطبعة وزارة الاوقاف الطبعة الثانية سنة 1377 هـ .
(133) شرح النيل وشفاء العليل ج 2 ص440 الطبعة السابقة.
(134) المرجع السابق ج 2 ص 446.
(135) أنظر فى ذلك المادة رقم 202 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
(136) الدر المختار وتكملة حاشية ابن عابدين عليه.
(137) تبين الحقائق شرح كنز الدقلئق للزيلعى
ج 6 ص 169.
(138) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج 4 ص 146.
(139) المرجع السابق ج4 ص 294 وص 295
(140) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ج 2 ص 124
(141) المرجع السابق ج 2 ص 318.
(142) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الإرادات ج4 ص 287.
(143) المرجع السابق ج4 ص 45.
(144) شرح الأزهار ج 4 ص 151 الطبعة السابقة.
(145) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للجيعى العاملى ج1ص
منقول لامانة النشر بقصد الافادة