المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رد علمي موثق بشأن تصريح وزير العدل



ابوعبدالعزيز
27-10-2009, 10:55 PM
الدكتور عيسى الغيث يعلنها صريحة في ردِ علمي موثق بشأن تصريح وزير العدل


أصدر فضيلة الشيخ الدكتور عيسى بن عبد الله الغيث القاضي بالمحكمة الجزائية بالرياض رداً علمياً موثقاً بشأن تصريح وزير العدل، وجاء الرد قوياً ومؤصلاً ونوه فيه بانشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ودافع فيه عن تصريح وزير العدل، ويأتي الرد هنا كحلقة أولى يتبعها حلقات متسلسلة تنشر حصرياً لصالح صحيفة القضاة الإلكترونية، حيث يمثل النقاش العلمي والطرح الموضوعي لمفهوم الاختلاط والخلوة، ويهدف منه إلى تصحيح المفاهيم والدفاع عن مصطلحات الشريعة من أن تخترق من قبل المصطلحات الوافدة والمحدثة على قاموسها الفقهي، وبهذا يبتدئ فضيلته الطرح العلمي الموثق والمؤصل عبر هذه الصحيفة بهذا الشأن، ودعى فضيلته في رده إلى محاكمة من وصفهم بالمزايدين على مصلحة الأمة والوطن وأسماهم بحرورية العصر، ودعى لإبعادهم عن أماكن التأثير على الناس وهم يشغلون وظائف رسمية تتعلق بالدعوة والإرشاد والاستشارة لدى سدة القرار في بعض المؤسسات الرسمية.
وجاء الرد العلمي بالنص التالي:


رد علمي موثق بشأن تصريح وزير العدل



الحلقة الأولى



بقلم

د. عيسى بن عبد الله الغيث

القاضي بالمحكمة الجزائية بالرياض


المقدمة

الحمد لله الذي قيظ لهذا الدين من ينفي عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، في سلك ورثة النبوة، وحُرَّاس الشريعة من الدَّخَل والدَّخِيل، والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ:
فقد أثلج صدري، وأسعد خاطري الحديث الضافي لمعالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى وزير العدل، عضو هيئة كبار العلماء، في صحيفة: " الرياض " بعددها ذي الرقم 15097 يومَ السبت الخامس من ذي القعدة لعام 1430هـ الموافق الرابع والعشرين من أكتوبر لعام 2009م، بشأن تصريحه المتضمن تنويهه بالتَّحول العلمي والتقني المتمثل بالصرح الكبير الذي هدي إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بإنشاء جامعته الميمونة للعلوم والتقنية ودعواته له بالتوفيق والتسديد، وأن تكون صلة في عمره ووصلاً لعمله - يحفظه الله-، وقد عُرف معاليه في وسطه القضائي والعلمي بجودة: مادته العلمية، المتعددة الطيف في: الفقه، والقضاء، والتفسير، واللغة، وآداب العرب، وعنايته الخاصة بـ: " ألفاظ الشريعة "، والتحذير من " المواضعة " على خلافها، وغيرته على أحكامها.



الاختلاط


لقد اطلعت على حديثه الثري في مادته، الذي نعى فيه على محدثة دخيلة غريبة على قاموسنا الفقهي تتعلق بـ"الاختلاط" وهو ما لا يعرف كمصطلح علمي ـ لا سرد لفظي لا يأخذ وصف المصطلح ـ إلا في السوائل، والحيوان، وعلم الرجال، أما في المباحث الفقهية فكما قال معاليه لا تجدها إلا في كتاب الزكاة.
وهو ما أكده الدكتور يوسف القرضاوي حيث قال : "إن كلمة «الاختلاط» في مجال العلاقة بين الرجل والمرأة، كلمة دخيلة على «المعجم الإسلامي» لم يعرفها تراثنا الطويل العريض طوال القرون الماضية، ولم تعرف إلا في هذا العصر"، والمقصود غرابتها كمصطلح فيما سيقت له، وكتب المعاجم الفقهية ومصطلحاتها تؤكد تسلل هذا العنصر الغريب إلى قاموسنا الفقهي، والأغرب منه التهافت عليه مع اضطراب مدلوله على ما أعطي من حكم عام هو التحريم المطلق، في حين أن الأحكام الفقهية الخمسة ترد عليه، فمن واجب يتعلق بإزالة المنكر والبيان الواجب، ومن مندوب يتعلق بعموم النصح والإرشاد ، ومن محرم في غشيان مواطن الريبة، وعدم التقيد بآداب الشرع، ومن مكروه إذا خُشي ذلك ولم يغلب على الظن، ومن جائز فيما عدا ذلك.
وكم عجبت من سرد ألفاظ الاختلاط في بعض المدونات السابقة في أحكام لا تخرج عن الزنا والقذف الصريح ومواطن الريبة، وهذا هو الذي استثناه معالي الوزير في تحفظه على اللقاء العام في جمع النساء والرجال في أماكن العبادة وغيرها، وقد جاء جمع هذا السرد اللفظي الذي لا تخلو منه المؤلفات السابقة ولا من أي كلمة في قاموس العربية حيث يمكن الحصول على نتائجها في ثوانٍ، من خلال الموسوعات الالكترونية دون عناء، وهو ما لا يخفى على معاليه وهو من المغرمين بالتقنية الحديثة في توظيفها الخيِّر، المساهمين في مشاريعها العلمية ونشرها، لكنه أكد أن هذه الكلمة دخيلة على المصطلح العلمي فقهاً حيث لا يتولد المصطلح إلا من كثرة دورانه في نصوص الشريعة كما هو في كلمة الخلوة عكس الاختلاط الذي لا يكثر دورانه إلا في مصطلحات المحدثين عند اختلاط الرجل في عقله وعلمه فتأتي عبارة " عنده خلط ـ اختلاط ـ اختلط بأَخَرَةٍ الخ .."، وشاهد هذا أن الخلوة يُعقد لها التعريف لغة وشرعاً واصطلاحاً، بخلاف الاختلاط.



السياق


جاء تصريح معاليه في سياق التنويه والإشادة بهذا الصرح العلمي الذي يرجى له الخير والتوفيق وتحقيق الطموح منه ولم يكن موضوع الاختلاط في أصل السياق ولم يعقد له بحثاً خاصاً، وإنما ورد بالمناسبة، ومع ذلك لم يخلُ كلامه من السياق المحكم والمؤسس، فينبئ عن أن المادة المطروحة كانت في مستوى الوعي والإدراك وبعد النظر والتأصيل، يشهد بذلك قوة طرحها، وجزالة مصطلحها، ونفاذ فكرتها، بالرغم من كونها كما ذكرنا جاءت عرضاً ولم تطرح بحثاً، فكيف لو خرجت بحثاً بهذا الأسلوب الذي كان بهذا الحجم والنوعية العميقة في معانيها والبليغة في مبانيها والدقيقة في مدلولاتها.



المناقشات


كما اطلعت على بعض المناقشات حول البيان والإيضاح العلمي في تصريح الوزير المشار إليه حول مفاهيم الخلوة والاختلاط، واستوقفتني بعض النقاط العلمية، حيث إن مضامين تصريحه واضحة المعالم، متحفظة في شروطها، ناعية على التبذل والخروج على سمت الحشمة والأدب والستر الإسلامي المطلوب، فكان بياناً مختصراً عابراً أوضح معالم مهمة، وصحح مفاهيم خاطئة، وذب عن مصطلحات الشريعة العبارات الدخيلة، بأفقٍ جعل الدليل مرآته فأبصر، وحكَّم منطق الشرع، فُهدي ـ بحمد الله ـ إلى سواء السبيل، ولم يكن إزاء هذه المسئولية الدينية والوطنية والمجتمعية إلا صادعاً بما تبرأ به ذمته، لا يلوي على مقاصد ذهبت فيها الكثير من المفاهيم وكَبت فيها الأقدام لا لشيء إلا لسائد القول، ولظنون وأوهام، والشغب على العلم وأهله بانتحاله وادعائه، والفرح باحتضان الدخيل في سياق البدع وغزو المصطلحات الشرعية.



المصادرة


لا يسوغ تحميل تصريح الوزير، أكثر من مضامينه الواضحة الناعية على التبرج، والسفور، والخروج، عن سمت الحشمة، والبعد عن مواطن الريبة، والحذر من بدع المصطلحات، أو التعقب على الشريعة، والغيرة فوق غيرتها، حيث لاحظت من المفارقات العجيبة ظهور الاجتماع على تفسير واحد من طرفي النقيض حيث إن المفَرِّطين فرحوا بما لم يقله في حين أن المُفْرِطين نقموا على ما لم يقله، والكلام مثبت بنصوصه وسياقاته ولا يمكن التدليس عليه، وإن التأويل الباطل الذي ذهب إليه بعض الكتاب ممن يزعمون الغيرة ويصادرون الحقوق ويزايدون على الآخرين كشف مستوى الفهم والأمانة، وإن الاختلاط كمفهوم مقيد وليس كمصطلح مطلق منه ما يباح ومنه ما يحرم على ما أسلفنا، وإنما قيد بضوابط ذكرها الوزير في تصريحه وفيه من الشروط الواقية ما لم يوردها أي أحد من الذين أساءوا القراءة والظن، وما نشر من مناكفات صدرت عن أقلام يعيبها التسرع، وضحالة المادة وضعف التركيز، ما هو إلا ضمن فكر وسياق التحكم الذي لا تقبله الأصول العلمية ولا المنطلقات المنهجية، وقد ذكَّرَنا هذا بموقف البعض من توسعة المسعى التي كشفت مستوى الحجر على المقابل العلمي والمناكفات والتشويشات في حين كان من المفترض مبادرتهم بمثل ذلك لا وضع العصي في الدواليب وتأليب العامة بحماسة الجهل والطيش، فيما هو محل اجتهاد تم رفع خلافه باختيار ولي الأمر، بعد أن أسسه على أدلة وبينات موثقة أمام القضاء، ومدللة علمياً، ومؤصلة مسحاً تاريخياً؛ لتحقيق المصلحة العامة التي قدرها علماء الأمة، وشكروا ولي الأمر عليها جزاه الله خيراً، فلا مزايدة على مصلحة الدين والوطن والذب عن الشريعة ورعاية أحكامها ومصطلحاتها وحماية أعراضها وحرماتها، وما يزعمونه لا يعد في أحسن الحالات إلا من المصالح الملغاة لا مصالح معتبرة، والمصلحة الملغاة لا اعتبار لها كما قرره أهل العلم في مباحث أصول الفقه، وسيأتي الحديث عن هذا مفصلاً في حلقة قادمة بإذن الله تعالى، فالمتعين الحذر من مثل هذه المناكفات والتشويشات على مشاريع ولي الأمر الإصلاحية وعدم حصرها وقصرها على فهوم قلة من أهل الغلو غير المبرر، وإنما المفسر برغبتهم في الظهور والشهرة والتصدر، والتهافت على الردود، واحتكار الدفاع عن الشريعة ؛ تقدماً بين يدي أهل العلم واتهاماً لهم، في سباق محموم ومزايدة على الغيرة والنصح وقالب ركض وشغب، حتى رد بعضهم على بعض ، إلى حد التسفيه وكيل التهم فأوضع الطيش خلالهم وكفانا شرهم، كل هذا على حساب المصلحة العامة للأمة والوطن والمجتمع.



التناقض


في السياق نفسه أتى الموقف المشوش على قرار قصر بيع المستلزمات النسائية الداخلية على النساء بشكل مطلق، دون ربطه بقيد يحقق المصلحة، ويدرأ المفسدة، ويسد باب الذريعة الحقيقية، وليست المتوهمة، كاشتراطنا فصلهن عن البائعين من الرجال وليس الممانعة المطلقة، في حين كان من الواجب أن يبادروا بالمطالبة بهذا الأمر لا أن يمانعوا عليه، وهذا يأتي ضمن ركام معاد تكريره في التناقض بين ما نعتقده من ناحية وما نمارسه أخرى، وأحياناً بلا وعي ولا شعور، وكذلك بين ما نقوله ونطالب به من ناحية وما نطبقه من ناحية أخرى، ومن ذلك تعليم المرأة وفصلها عن الرجال بقياداتها كتكليف المرأة بقيادة تعليم البنات الذي كان يجب أن يكون مطلباً لنا لا أن يكون معارضة منا؛ لكونه جاء وفق أفكارنا ومنطلقاتنا التحشمية، ومثله عمل المرأة وتخصيص بعض المهن لها ونحو ذلك ممن نرى أن المعارضين لها هم ممن تصورنا مسبقاً أنهم يناصرون هذه المطالب لا أن يناهضوها؛ لكوننا نعتقد بأنهم الأولى في السعي لحشمة المرأة وعفتها، وكما أننا نعتز بأن شريعتنا الإسلامية مصلحة لكل زمان ومكان فيجب علينا تطبيق ذلك ممارسة على الأرض والواقع دون أوهام وظنون، وممانعات لم تستند على ركن شديد، كباب سد الذرائع الذي وظفه الحروريون (أهل الغلو والتنطع) ليجعلوا منه باباً لسد المباحات ومصالح الأمة، كما لوحظ سكوت الكثير ممن لا يسوغ سكوتهم عن القيام بالواجب الشرعي في بيان الحق والدفاع عنه، في حين نجد آخرين مناكفين بأوهام وتدليسات ومبالغات ما أنزل الله بها من سلطان.
فبعض الحروريين يزايد للنفخ الذاتي، والتمايز العلمي؛ جلباً للأضواء، وركضاً وراء فتن الشهرة والظهور، والانفراد برفع راية الدفاع عن حياض الأمة، مستغلاً في ذلك سذاجة الرعاع، مستثمراً حماساتهم الدينية الفارغة من المادة والفكر.
وتقلب الحروريين أسرع من الريح المرسلة لأدنى صارف، ولا غرو فقاعدتهم على شفا جرف هارٍ، والناس شهود الله في أرضهم، وقرائن الأحوال والسياق العام أكبر شاهد، وقد أودع الله في القلوب يقظة تعاير وتقايس وتهدي بإذن الله للطريق السوي، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك"، وليس أجهل من شخص يدعي العصمة والصواب، وينعى على غيره الرأي والاجتهاد، مع اتحادهم في مصادر التلقي.



تعليمات الحشمة والاختلاط


لاحظت أن هناك من يستدل ببعض التعليمات المانعة من الاختلاط، في حين وردت لتحقيق مناط الحشمة والبعد عما يضادها في سياق المفهوم السائد لمصطلحه العرفي لا الشرعي؛ تقريباً للمعنى في ذهن المتلقي الذي تأثر بالمصطلح المحدث وصار في مخيلته مسلمة شرعية وقاعدة مطردة لا يعرف سوى منكره وجمعه المشين، وصارت أذنه مرهفة الحس نحوه، لكن لا نشك أن التعليمات المتعلقة بالمنع من أي مخالطة بين الرجال والنساء لا تعني الجمع العام في حشده وملتقاه الطيب بحشمته وستره وتوخيه الشروط والضوابط التي أشار إليها معاليه، وإلا لكانت منصبة أيضاً على الاختلاط في أمور التعبد كالطواف والسعي ورمي الجمار، ولا تعني التعليمات مطلق الاختلاط؛ لأن منه ما هو مسلم بإباحته في بعض العبادات وفي الأسواق والأماكن العامة، وإنما عنت التعليمات الاختلاط المحرم وهو الذي لم يستوف الشروط الستة التي أوردها معاليه في تصريحه، فالألف واللام في عبارة الاختلاط هي عهدية لا جنسية، ويقصد منها الاختلاط المعهود وهو غير المستوفي للشروط أي المحرم ولو جعلناها جنسية لا عهدية فسوف تكون شاملة لكل جنس ولو كان غير مقصود، وللعبارات منطوقات ومفهومات سواء بالموافقة أو المخالفة.



المغالطات


كما أن وزير العدل لم يجز الاختلاط في التعليم ولم يرد في كلامه ما ينص أو يفهم منه ذلك، ولكن أراد البعض التشويش والتهويش فوجد تصريح الوزير مبرراً ومنطلقاً يتكئ عليه زوراً لبث أفكاره بكل تدليس وفقد للأمانة العلمية والمنهجية البحثية والأخلاق الإسلامية، ويأتي هذا ضمن مسلسل الانتقادات المتوالية من هذه الفئة لإعاقة التنمية، كما أن الاختلاط المزعوم في الجامعة غير متحقق وما يوجد فيها لا يعدو كونه عبارة عن لقاء في الطرقات والساحات كالأسواق والأماكن العامة، وهي عدة مدن وساحات تستوعب مد البصر، لا تختلف في ملتقاها عن ملتقى الناس في أسواقهم ورعاية مصالحهم ، لكننا لا نستغرب هذا التطرف الفكري فذاكرتنا غير مخرومة وتراكم دروس حياتنا عمن يناهضون التنمية ظاهرة للعيان كمنع المرأة من التعليم والبرقية والتلفاز وحتى الانترنت الذي ينشطون فيه اليوم كان عند بعضهم محرماً كالخمر والميسر.
إن هذا المصطلح الدخيل " الاختلاط " مضطرب وليس موجوداً بالمعنى الذي يريده هؤلاء في المدونات العلمية والقواميس الفقهية والمراجع الشرعية، ويظهر الاضطراب على مفهوم الاختلاط بأنه يرد عليه حالات لا يعد فيه محرماً كما أنه في حالات يعد محظوراً كما بينا سلفاً، وبالتالي لا يجوز اعتباره مصطلحاً لعدم أصالته الاصطلاحية من وجه وعدم توحد حكمه من وجه آخر، وحتى عند التسليم جدلاً بقبوله فلا يمكن حظر الاختلاط مطلقاً وإنما هناك مسائل متفق على تحريمها ومسائل أخرى متفق على إباحتها ومسائل بين هذا وذاك هي محل للنظر والاجتهاد ولا يجوز الاستدلال بمجرد المصطلح المحدث على حرمة جميع مدلولاته لانخرامه وسقوطه في المحك العلمي، لكن يمكننا الاستعاضة عن ذلك بمصطلحات فقهية أصيلة كالخلوة المحرمة ونحوها، وحتى في حال التسليم بهذا المصطلح فهناك ضوابط ستة ذكرها الوزير لم أجد أن أحداً ممن عارض قد أوردها، مما يكشف أن الوزير قد تحوط أكثر منهم فاشترط تحقق ستة ضوابط وهي عدم الخضوع في القول والتبرج والزينة والتساهل في التحفظ وغض البصر واحتكاك أي منهما بالآخر. في حين نجد أن من الحرورية مُفَرِّخي فتنة الإرهاب وأهل الشغب والمراغمة من اقتصر على شرط أو شرطين، وهم من يُدَلِّسُ بمحاربة الفكر الإرهابي، والله أعلم بما يُوعُون.



المواضعة


إن تضمين كلمة الاختلاط في السياقات العابرة لبعض الفقهاء لا يكسبها وصف الاصطلاح في القاموس الفقهي على ما أوضحنا، كونها مجرد سرد لفظي، ولو عممنا هذا الأمر لكانت كل كلمة في المعجم العربي مصطلحاً فقهياً حيث لا تكاد تخلو مدونات الفقه من استخدام كلمات المعجم، والمشكلة هنا من حيث كونها مصطلحاً لا من حيث بعض مدلولاتها، وعليه فما ينقل من هنا وهناك خارج محل النزاع، ولا غرابة فيمن اختلط عليه الأمر؛ لكونه ليس من أهل التخصص الدقيق فتعوزه آلة العلم والتبصر فيها، ولعله يحسن الرجوع في ذلك إلى بحث:" المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة وأفصح اللُّغى " للشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-، فالوزير إذاً لم يُرد الاختلاط المحرم وإنما نعى على اللفظة المحدثة في اكتسائها وصف المصطلح وبيَّن المفهوم العام لها ؛ وأن هذا العنصر الغريب يجب أن تحفه الضوابط حتى لا يكون سائباً في مفاهيمه ، وهو أراد أن يخرج ما لا يريده أهل العلم وما لا يقصد في عباراتهم، فلو استطلعت واستقرأت كتب الاصطلاح التي سردها حصراً شيخنا العلامة بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ في فاتحة كتابه المذكور ، لعلمت المقصود من هذا الكلام وأنه بدعة من الناحية المصطلحية، لكن المشكلة في الجهل والخلط والتدليس وتحميل الكلام ما لا يحتمل، ولم يدر في حديث الوزير أي إجازة للاختلاط المذكور وإنما منع المصطلح لعدم دقته وعدم تحريره وركاكته واضطرابه، وتسمية بعض مشاهد المسلمين في جمعهم العام التعبدي والعادي اختلاطاً ليُدخل تقولاً على أحكام الشرع في المفهوم المحرم للاختلاط المشنع عليه في وجدان العامة بفعل التدليس عليهم ببدع المصطلحات، وأنموذجاً عصرياً يحسن الرجوع هنا للموسوعة الفقهية الكويتية في مادة (اختلاط) حيث جاءت كما ذكره الوزير من هذا الوجه المصطلحي وهو الوارد في كلام الشيخ القرضاوي وغيره، فهذا محل الحديث بلا تدليس.



التضليل


كما لوحظ في بعض مناقشات حديث الوزير السرد المطول والنقل عن الكتب، مع أنه ليس ذا بال في المحك العلمي مالم يكن مليئاً بالحجج والمضامين، واستقراؤه يشعر من هم بعيدون عن الأساليب المعاصرة في جمع أقوال أهل العلم، أنه إبحار عميق، في حين أنه يمكن الوصول إليه بضغطة زر في محركات البحث والموسوعات الالكترونية لتأتيك آلاف النتائج في ثوان معدودة، بل حصلنا على ما لم يحصلوا عليه في هذا المجال ولم نحفل به ألبتة لخروجه عن المقصود جملة وتفصيلاً ولا أعتقد أن هذا الخلط في المفاهيم إلا من عدم وجود القاعدة العلمية وفقدان أساليب التحليل العلمي وفوات فهمهم المراد في خضم العجلة على الرد والتهافت في المسابقة عليه ، والآلة العلمية هي البعد الغائب عنهم، وعدم استيعابهم لما ينقلونه فضلاً عما أغفلوه، وما هي إلا تركيب جمل وسفسطات وفيها تناقض أبان أن المادة المتكلفة غير مفهومه لديهم ولا مراده، فيما يبدو أنه استعارة لبعض الكلمات في بعض الكتب ثم انتُحلت قصاً ولصقاً وإن كان هذا قد لا يعيب أحياناً، لكن العيب عدم فهمها وفوات إدراك المراد منها ومدى مناسبة سياقها ، فالمصطلح لا بد أن يكون سالماً من الإبطال لئلا يسقط ويعود بالنقض على صاحبه، وما أظنهم يدركون ما نرمي إليه هنا، فإنكار المصطلح كمصطلح لا يعني إجازة معناه في جوانبه المحرمة، فالمشكلة ليست فيما كتبه الوزير بل المشكلة فيمن قرأه وحمله ما لم يحتمل بسبب قصور في العلم والفهم أو هوى في النفس أو شهوة أو شبهة، وإلا فلو عرض هذا المقال على أهل العلم والفحص والتدقيق والتحقيق لسلَّموا به وأجلُّوه، ولكن أصبحت الرويبضة هي المتحدثة بسوء ظنها، وضلالة منهجها، القاصرة في إدراكها، المحرفة للكلام عن مواضعه؛ رغبة في شهرة وظهور لن ينفعه عند محك السؤال بين يدي الله جل وعلا، ويهون المصاب أن منهم من قد رد على سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله ، ومنهم من نظم قصائد العتب فيه لينفخ في ذلك أهل الكيد والشر، فهذه عوائدهم والله موعدهم .



المزايدات


ولا بد من الإشارة إلى أنني كنت من السباقين منذ عقد من الزمان على الكتابة في مثل هذا الأمر وما مقالاتي عن: ثريا عبيد ، والرياضة المفتوحة في مدارس البنات ، وغيرهما إلا دليل على أننا لا نقل غيرة عن غيرنا، ولكن فيما يستحقه ويثبت به تحققه، بلا توهمات ولا غلو ولا تطرف ذات يمين ولا شمال، وإنما بضوابط ومنطلقات شرعية، فالغيرة لا تعني خطف الحق واحتكاره وتوزيع الاتهامات ورمي التخوينات يمنة ويسرة، وما قاله الوزير مسبوق إليه، وليس من مفرداته، وإن كان قال: إني سباق إلى التحذير من بدعة الاختلاط والغلو في مفاهيمها فقد أخطأ وانتحل ما ليس له، فلم يتعاطَ بدعاً ولا هُجراً من القول فقد سبقه إليه أعلام في مشهد الأمة العلمي، يذبون عن شرع الله بدعة متطفلي العلم وساحات الكتابة، في حين أنه لا يجوز الإلزام برأي علمي ولو كان من كبار العلماء للفرق بينه وبين الحكم القضائي الملزم، فكيف إذا كان الرأي من غير أهله ومن المتطفلين عليه ، والمقصود هنا بيان جهل المتنطع وأنه زبَّب قبل أن يُحَصْرِم، وتكلم قبل أن يتعلم، وحسبنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))، قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال: ((الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)). الألباني "السلسلة الصحيحة" 4 / 508.



الغَيرة


ومن أخطر ما لاحظته مزايدة البعض على غَيرة ولاة الأمر على ديننا وأعراضنا، في حين أنهم وفقهم الله الحامين لحماه والغيورين على أعراضه، فالملك حفظه الله حارس لهذه البلاد العفيفة وخادم للحرمين الشريفين ووالد لكل رعيته وحافظ لحقوقها وقائم بواجبها، فكيف نفسر ما ذهب إليه الغوغاء إلا مزايدة وتشكيكاً ومصادرة لحق السواد الأعظم من الأمة، وعلى رأسهم علماؤها المتقون ورجالاتها المخلصون الذين لم نر منهم إلا الشكر والتقدير والثناء والدعاء لولاة الأمر، ونخشى أن يكون هؤلاء المشاغبون نبتة جديدة لفئة ضالة.



الخطر


وهؤلاء المناكفون لولي الأمر بعد رفع الخلاف العلمي في مسائل الدين على أسس وقواعد شرعية لا ترتجل الاختيار وإنما تسنده وتؤسسه على أساس متين، تتوخى فيه مصلحة البلاد والعباد، لا يقلون خطراً على البلاد والعباد عن المجاهرة بالرذيلة مما يوجب النظر في محاكمتهم وتأديبهم، فالرذيلة ذات مفاهيم عديدة، ومسالك كثيرة، وقد أمرنا أن نرعى الضروريات الخمس ونحفظها، لتنتهي حرورية العصر عن غيها وجهلها وتسلك جادة الحق، وهي من تصدر نفسها في كل محفل تصادر به أهل العلم وتزاحمهم وتستجلب مشاعر الغوغاء لتكسب عرضاً زائلاً " قل متاع الدنيا قليل "، والله الموعد .



المكافحة


وحيث أن أداتهم التقنية المعلوماتية فيصدق عليهم تطبيق نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، لكونهم يقومون بما يخالف المصلحة العامة والتشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم ونشر ما من شأنه المساس بالنظام العام والتحريض للغير والمساعدة والاتفاق على ارتكاب هذه الأوصاف الجرمية، وهذه منصوص عليها في المواد رقم : (1/8 و2/3 و3/5 و6/1 و9 و10)، إضافة إلى وجوب إبعادهم عن التأثير على الناس خصوصاً ممن يشغلون وظائف رسمية تتعلق بالدعوة والإرشاد والاستشارة لدى سدة القرار في بعض المؤسسات الشرعية، لأن أحكام الشرع جاءت بالحجر على أمثال هؤلاء وأخذهم بالزجر والتأديب حماية للأمة.



أصول الحوار


كما اطلعت على بعض الكتابات المعلقة على ذلك التصريح، فوجدتها مفتقرة لما يجب من الأصول والمنطلقات وآداب الحوار التي أوردها أهل العلم كما سيأتي، حيث ينبغي استحضارها حتى يؤتي الحوار أكله ولا ينقلب إلى جدل عقيم، أو يستحيل سبباً في التشرذم والتفرق بدل التفاهم والتآلف.



تحديد الهدف


وأول ذلك تحديد هدف الحوار كدليل على جدية المتحاورين وبحثهمِ عن الحقيقة، أما الحوار بلا هدف فيعني الجدلُ العقيم وإضاعةُ الوقت وافتعالُ الخصومات أو إثارتها، وتوسيعُ دائرة الخلاف بدل تضييقها، لذلك يشترط علماء الأصول قبل بحث أي مسألة مختلفِ فيها: تحديدَ الهدف ونقطة الاختلاف، وقد عبروا عن ذلك بقولهم: "تحرير محل النزاع" وعليه فلا بد أن يكون الهدف واضحاً في أذهان المتحاورين، لأنه في كثير من الأحيان يشرق هذا ويغرب ذلك، لأنهما يتكلمان عن قضيتين مختلفتين، ولو حرر محل النزاع أي الهدف لتبين أن الطرفين متفقان، كما أن تحديدَ هدف الحوار من البداية يعصم من تشعب المسائل وتشتت الأفكار، ويساعد على كشف المراوغين، فبعض المحاورين يلجأ إلى الهرب والمراوغة إذا وجد أن الطرف الآخر أظهر عليه الحجة، فتجده يفر من نقطة إلى أخرى، بل ربما إلى موضوع آخر ولمّا يكتمل الموضوع الأول، أو ربما حاد عن الموضوع الأساس وتعلق بمسائل جانبية وردت في الحوار بعيدة عن موضوع الحوار، وهذه حيدةٌ وخداع، تدل على أن صاحبها غيرُ جادٍ في البحث عن الحقيقة، أو محجوج ولا يريد التسليم بذلك، فيلجأ إلى أسلوب خلط المسائل، وقد روى الربيع بن سليمان عن الشافعي - رحمهما الله-: أنه كان إذا ناظره إنسان في مسألة فغدا إلى غيرها، قال له: نفرغ من هذه المسألة ثم نصير إلى ما تريد.
والهدف هو إحقاق الحق، أو إبطال الباطل، أو إزالة شبهة، أو البحث عن حل لمشكلة، أو تصحيحٍ لمفاهيم مغلوطة ونحو ذلك.



العلم


والثاني العلم، فلا بد للمحاور أن يكون عالماً بالمسألة التي يحاور فيها، قادراً على النظر والموازنة والترجيح بين الأدلة المختلفة، قادراً على الاستنباط، إذ لا يجوز للإنسان أن يدخل ساحة الحوار وهو غير متسلح بسلاح العلم ، لذلك ذم الله الذين يجادلون بغير علم فقال{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ}[الحج :8 ] وذم أهل الكتاب لذلك فقال: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [آل عمران:66]، فالمذموم ليس الجدال بل الجدال بغير علم، قال القرطبي -رحمه الله-: وفي الآية دليل على المنع من الجدال لمن لا علم له. واشتراط العلم في المحاور أمر منطقي، إذ كيف يحاور الإنسان في شيء يجهله؟ إذاً سيفسد أكثرَ مما يصلح، وفاقد الشيء لا يعطيه، وخطورة الحوار بغير علم، أنه إن كان دفاعاً عن الحق عموماً والدين خصوصاً، فقد يكون هذا المحاور سبباً في هزيمة الحق وانتصار الباطل، لا لقوة في الباطل، فالحق أبلج والباطل لجلج، بل لضعف حامي الحق. والمقصود بالعلم أمران، العلم بالشرع كتاباً وسنة، والعلم بالواقع والحال، ومتى انفصل أحدهما عن الآخر حصلت المفسدة، وعليه فلا يجوز لعالم في القضايا المادية أن يجادل في قضية شرعية مكتفياً بعلمه المادي، كما لا يجوز لعالم شرعي أن يجادل في حقيقة طبية مكتفياً بعلمه الشرعي، ويُلحق بالجاهل المقلدُ والمتعصبُ، فهذان ليس لديهما حجة إلا قولُ الشيخ أو المذهب، ومعلوم أنه لا أحد كلامُه المجردُ حجةً إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الإمام مالك -رحمه الله-: كل يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر، والفرق بين كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام أهل العلم أن كلامه عليه الصلاة والسلام يُحتج به، وكلام غيره يحتج له، وفرق كبير بين كلام هو حجة بذاته وبين كلام هو حجة بغيره. وهذا الخطأ المنهجي في الاستدلال هو ما يقع فيه كثير من متفقهة الزمان، فيرى أن هذه المسألة هي الحق لأنه قال بها فلان، وهو خطأ منهجي في الاستدلال، لذلك قالوا يعرف الرجالُ بالحق ولا يعرف الحقُ بالرجال، يقول الماوردي -رحمه الله-: رأيت من هذه الطبقة رجلاً يناظر في مجلس حافل، وقد استدل عليه الخصم بدلالة صحيحة، فكان جوابُه عنها أن قال: هذه دلالة فاسدة، ووجه فسادها أن شيخي لم يذكرها، وما لم يذكره الشيخ لا خير فيه، فأمسك عنه المستدل متعجباً!! وفي أمثال هذا ينطبق قولُ الخليل بن أحمد -رحمه الله-:
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني *** أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا
لكن جهلت مقالتي فعذلتني *** وعلمتُ أنك جاهل فعذرتكا



حسن الفهم


والأصل الثالث للحوار حسنُ الفهم، حيث تفشل كثير من الحوارات بسبب سوء الفهم بين الطرفين أو أحدِهما، فلا يصلان إلى نتيجة، والسبب أن كل واحد منهما لم يفهم مرادَ الآخر ومستندَه من الأدلة والبراهين، وقد قيل:
وكم من عائب قولاً صحيحاً *** وآفته من الفهم السقيم
وقديماً أوصى يحيى بن خالد ابنَه جعفر فقال له: لا ترد على أحد جواباً حتى تفهمَ كلامَه، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامِه إلى غيره، ويؤكد الجهلَ عليك، ولكن افهم عنه، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام، ولا تستح أن تستفهمَ إذا لم تفهم، فإن الجواب قبل الفهم حُمق، وإذا جهلت فاسأل فيبدو لك، واستفهامك أجمل بك، وخير من السكوت على العِي. وفي هذا قال القائل:
إذا لم يكن حُسنُ فهم *** أسأت إجابة وأسأت فهماً
وهناك عدة أسباب لسوء الفهم، منها قلة العلم، وعدم الموضوعية في النقل والاقتباس، كبتر الكلام وأخذِ جزء منه وتركِ أجزاء، كالقراءة الفاسدة لهذه الآية {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}[الماعون:4] فهذا الاستشهاد فاسد وقبيح؛ لأنه أوهم معنى غير مراد، بل ينبغي إكمال الآية {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون: 4-5]، ومنها عدم الموضوعية كعزلُ النصِ عن سياقه، فيكون النص صحيحاً وفهمه سقيماً، وكذلك محاولةُ فهم النص بعيداً عن سبب وروده يوقع في سوء الفهم، لذلك قال علماء التفسير كالواحدي -رحمه الله-: لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.
ويقول ابن تيمية -رحمه الله-: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب. لذلك لا بد من التأني والتحري والدقة عند التناظر والمحاورة، وتقليب الأوجه، وعدم الاكتفاء بالنظر للمسألة من زاوية واحدة ووجهة نظر واحدة.



خلفيات فكرية


ومنها قراءةُ أو سماعُ أقوال الآخرين بمقررات سابقة وخلفيات فكرية معينة، ومن ثم حمل العبارات والأقوال والاجتهادات على تلك الخلفيات، ولو بالتكلف والتعسف في التأويل، وهذا أصل انحراف الفرق التي قعدت قواعد لها ثم حاولت حملَ نصوص الكتاب والسنة عليها، وإذا خالفت أصولَهم تأولوا النصوص، فجعلوا النصوص الشرعية تابعة لقواعدهم ومقرراتهم العقلية، فما وافقها فهو الحق، وما خالفها أَوَّلُوه، أما السلف -رحمهم الله- فعندهم قاعدة، وهي قولهم "استدل ثم اعتقد، ولا تعتقد ثم تستدل". والمقصود الاستدلال النقلي لا العقلي.



المباشرة


ومنها عدم التحاور المباشر بينهم سواء بالاتصال أو المكاتبة والاكتفاء بالوسطاء والنقلة، فقد يكون الناقل سيء الفهم أو مغرضاً أو غير ضابط، وكما قيل :
هم نقلوا عني الذي لم أفه به *** وما آفة الأخبار إلا رواتها



فهم الألفاظ


ومنها الاختلافُ في فهم الألفاظ والمصطلحات، لذلك إذا أردنا أن يُفهمَ الكلامُ على وجهه، يجب أثناء الحوارِ الابتعادُ عن الألفاظ المبهمة أو الموهمة أو المحتملة أو المصطلحات غير المحددة، وذلك بتوضيح الموهم، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، خاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه المصطلحات المبهمة، وأصبح التلاعب بالألفاظ تهويلاً وتهوينا سلاحاً، كمصطلح التطرفِ، والديمقراطية، وتحريرِ المرأة، يقول رابوبرت -أحد الكتاب الغربيين ، والحكمة ضالة المؤمن -: ولا يخفى ما في تحديد معاني الألفاظ من الفائدة، فكثيراً ما يثور الخلاف بيننا في مسألة ويشتد الجدال في موضوع، ويظهر أن المتجادلين على خلاف فيما بينهم، وهم في الواقع على اتفاق، ولو حددت ألفاظهم لتجلى لهم أنهم على رأي واحد.



الأصل


والأصل الرابع للحوار وجوب تحديد أصل يرجع إليه عند الاختلاف والتنازع، فحتى يكون الحوارُ منهجياً ومثمراً لا بد أن تكون هناك أصول مرجعية معتمدة من الأطراف، متفق عليها، يرجع إليها لمعرفة الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، والراجح من المرجوح، لذلك قال عبد العزيز بن يحيى المكي لأمير المؤمنين المأمون -رحمهما الله- في أثناء مناظرته لبشر المريسي: كل متناظرين على غير أصل يكون بينهما يرجعان إليه إذا اختلفا في شيء من الفروع، فهما كالسائر على غير طريق.
وما لم يتفق المتحاورون على هذا المرجع فإن الحوار سيغدو دوراناً في حلقة مفرغة، وعندها يستطيع كل محجوج أن يجد لنفسه عذراً في عدم التسليم بتلك الحجة لأن دليلها غير معتمد عنده، وهكذا، يقول الإمام الشاطبي -رحمه الله-: "إن الخصمين إما أن يتفقا على أصل يرجعان إليه أم لا، فإن لم يتفقا على شيء لم يقع بمناظرتهما فائدة بحال، وإذا كانت الدعوى لا بد لها من دليل، وكان الدليل عند الخصم متنازعاً فيه، فليس عنده بدليل، فصار الاتيان به عبثاً لا يفيد فائدة ولا يحصل مقصوداً، ومقصودُ المناظرةِ رد الخصم إلى الصواب بطريق يعرفه؛ لأن رده بغير ما يعرفه من تكليف ما لا يطاق، فلا بد من رجوعهما إلى دليل يعرفه الخصم السائل معرفةَ الخصم المستدل.
وإذا كان الكتاب والسنة هما أصل الدين وأصل التشريع، فينبغي أن يكونا المرجع عند الاختلاف والتنازع لقوله تعالى{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ }[الشورى:10]، وقوله{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء:59]، وعلل الشاطبي -رحمه الله- الرد إليهما بقوله: " لأن الكتاب والسنة لا خلاف فيهما عند أهل الإسلام، وهما الدليل والأصل المرجوع إليه في مسائل التنازع، وقد اتفق العلماء على أن الرد إلى الله تعالى يعني الاحتكام إلى كتاب الله، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يعني الاحتكام إلى السنة الصحيحة ".
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " فإذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه" ، وعلل ذلك بقوله: " لأن الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتابُ منزل من السماء، وإذا ردوا إلى عقولهم، فلكل واحد منهم عقل ".



التفريق


والأصل الخامس للحوار وجوب التفريق بين القطعيات والظنيات، فالمسائل سواء الفقهية أو السلوكية أو العقدية أو الدعوية منها القطعي ومنها الظني، والمسائل القطعية لا ينبغي الاختلاف فيها، ولا يجوز الحوار فيها لأنها بمثابة المسلمات، كتحريم التعامل بالربا، ووجوب لبس المرأة الحجابَ، وإعطاء الذكر ضعف الأنثى من الميراث، ومنها الظني ثبوتاً أو دلالة كالاختلاف في حجاب المرأة في مسألة الوجه والكفين، والاختلاف في تفسير بعض الآيات، فهذه الدائرة هي مجال الاختلاف والحوار، كما أنه ليس بالضرورة أن يخلص الحوار في المسائل الاجتهادية إلى اتفاق الكلمة – وإن كان من الأمور المحبوبة- وذلك لأن المدارك والأفهام قد تختلف من إنسان إلى آخر، كما أن دلالات النصوص قد تحتمل كل هذه الآراء، وعندها يدور الحوار حول إقناع الآخرين بإحدى هذه الآراء مثلاً، ويسمى هذا الاختلاف اختلاف تنوع وهو محمود.
والمجتهد المنصف لا ينبغي له إلزام مجتهد آخر بالنتيجة التي توصل إليها، ولذلك لما أراد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور -رحمه الله- أن يحمل الناس على كتاب الإمام مالك ويوحدهم على رأي واحد، قال له الإمام مالك -رحمه الله-: لا تفعل، فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم، وعملوا به، ودانوا به، من اختلاف الناس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه وما اختار كل بلد لأنفسهم.
قال الحافظ ابن عبد البر: وهذا غاية في الإنصاف لمن فهم. ويقول سفيان الثوري -رحمه الله: ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحداً من إخواني أن يأخذ به.
وغير خاف أن بلادنا بحمد الله، تزخر بالثروة العلمية والانفتاح عليها؛ طلباً للحق بدليله، بعيداً عن ربقة التقليد والسائد من القول، فالرجال كما سبق يعرفون بالحق.
والحديث الضافي عن بدعة مصطلح : " الاختلاط " صادر من شخصية علمية تعي ما تقول، ونعرف من تكون في أصلها وتأصيلها وغيرتها وسلفيتها، وقد وضعت أكواباً أُخذ منها على قدر القرائح والفهوم، وسالت أودية بقدرها .



الموسوعة


وقد ورد في الموسوعة الفقهية عن مادة "اختلاط" ما يلي:

أولاً: التّعريف :

1 - الاختلاط ضمّ الشّيء إلى الشّيء ، وقد يمكن التّمييز بينهما كما في الحيوانات ، وقد لا يمكن كما في المائعات فيكون مزجاً . ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن هذا المعنى . الألفاظ ذات الصّلة :
2 - الامتزاج هو انضمام شيء إلى شيء بحيث لا يمكن التّمييز بينهما ، ويختلف عنه الاختلاط بأنّه أعمّ ؛ لشموله ما يمكن التّمييز فيه وما لا يمكن . الحكم الإجماليّ :
3 - يختلف الحكم بحسب المسائل الّتي يجري فيها الاختلاط ، فقد يكون أثر الاختلاط هو الحرمة . وذلك تبعاً لقاعدة : إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام ، كما لو اختلطت المساليخ المذكّاة بمساليخ الميتة دون تمييز ، فإنّه لم يجز تناول شيء منها ، ولا بالتّحرّي إلاّ عند المخمصة . ويجوز التّحرّي إذا كانت الغلبة للمذكّاة كما يقول الحنفيّة . وكذلك لو اختلطت زوجته بغيرها فليس له الوطء ولا بالتّحرّي ، ومثل ذلك من طلّق إحدى زوجتيه مبهماً ، يحرم عليه الوطء قبل التّعيين . وقد يكون أثر الاختلاط هو الاجتهاد والتّحرّي غالباً فالأواني إذا كان بعضها طاهراً وبعضها نجساً ولم تتميّز ، وكذلك الثّياب إذا اختلط الطّاهر بالنّجس فإنّه يتحرّى للطّهارة واللّبس . وهذا عند الجمهور وبعض الفقهاء يقول عدم التّحرّي وهم الحنابلة إلاّ بعضهم . وقد يكون أثر الاختلاط هو الضّمان . ومن ذلك ما إذا خلط المودع الوديعة بماله ولم تتميّز فإنّه يضمن لأنّ الخلط إتلاف . وقد يعتبر الاختلاط إبطالاً لبعض العقود كالوصيّة ، فمن وصّى بشيء معيّن خلطه بغيره على وجه لا يتميّز منه كان رجوعاً في الوصيّة . ومن صور الاختلاط :

ثانياً : اختلاط الرّجال بالنّساء :

4 - يختلف حكم اختلاط الرّجال بالنّساء بحسب موافقته لقواعد الشّريعة أو عدم موافقته ، فيحرم . الاختلاط إذا كان فيه : أ - الخلوة بالأجنبيّة ، والنّظر بشهوة إليها .
ب - تبذّل المرأة وعدم احتشامها .
ج - عبث ولهو وملامسة للأبدان كالاختلاط في الأفراح والموالد والأعياد ، فالاختلاط الّذي يكون فيه مثل هذه الأمور حرام ، لمخالفته لقواعد الشّريعة . قال تعالى : (قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم( . . . )وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ( . وقال تعالى عن النّساء : )ولا يبدين زينتهنّ( وقال : )إذا سألتموهنّ متاعاً فاسألوهنّ من وراء حجاب( . ويقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : «لا يخلونّ رجل بامرأة فإنّ ثالثهما الشّيطان» ، «وقال صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر يا أسماء إنّ المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلاّ هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفّيه » . كذلك اتّفق الفقهاء على حرمة لمس الأجنبيّة ، إلاّ إذا كانت عجوزاً لا تشتهى فلا بأس بالمصافحة . ويقول ابن فرحون : في الأعراس الّتي يمتزج فيها الرّجال والنّساء ، لا تقبل شهادة بعضهم لبعض إذا كان فيه ما حرّمه الشّارع ؛ لأنّ بحضورهنّ هذه المواضع تسقط عدالتهنّ . ويستثنى من الاختلاط المحرّم ما يقوم به الطّبيب من نظر ولمس ؛ لأنّ ذلك موضع ضرورة ، والضّرورات تبيح المحظورات .

5 - ويجوز الاختلاط إذا كانت هناك حاجة مشروعة مع مراعاة قواعد الشّريعة ولذلك جاز خروج المرأة لصلاة الجماع وصلاة العيد ، وأجاز البعض خروجها لفريضة الحجّ مع رفقة مأمونة من الرّجال . كذلك يجوز للمرأة معاملة الرّجال ببيع أو شراء أو إجارة أو غير ذلك . ولقد سئل الإمام مالك عن المرأة العزبة الكبيرة تلجأ إلى الرّجل ، فيقوم لها بحوائجها ، ويناولها الحاجة ، هل ترى ذلك له حسناً ؟ قال : لا بأس به ، وليدخل معه غيره أحبّ إليّ ، ولو تركها النّاس لضاعت ، قال ابن رشد : هذا على ما قال إذا غضّ بصره عمّا لا يحلّ له النّظر إليه .

ثالثاً : مواطن البحث :

6 - الأشياء الّتي يتمّ فيها الاختلاط تشمل مواطن متعدّدةً في كثير من المسائل الفقهيّة ولكلّ مسألة حكمها بحسب أثر الاختلاط فيها ومن هذه المواطن : اختلاط المغصوب بغيره في باب الغصب . واختلاط موتى المسلمين بغيرهم في باب الجنائز . واختلاط الحادث بالموجود في بيع الثّمار . واختلاط الماشية الّتي تجب فيها الزّكاة في باب الزّكاة . واختلاط المحلوف عليه في باب الإيمان . واختلاط النّجس بالطّاهر في المائعات ، وغير ذلك . وفي الموضوع فروع متعدّدة . ( ر : نظر - خلوة - محرم - أجنبيّ ).



القرضاوي


تلقى فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي - رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين - استفساراً من أحد القراء يقول فيه: فضيلة الشيخ حفظه الله، ما حكم الاختلاط بين الجنسين وضوابطه؟
وقد أجاب فضيلته على السائل بقوله:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:

مشكلتنا كما ذكرت وأذكر دائمًا أننا في أكثر القضايا الاجتماعية والفكرية، نقف بين طرفي الإفراط والتفريط، وقلما نهتدي إلى " التوسط " الذي يمثل إحدى الخصائص العامة والبارزة لمنهج الإسلام ولأمة الإسلام.
وهذا أوضح ما يكون في قضـيتنا هذه وقضايا المرأة المسلمة المعاصرة بصفة عامة.
فقد ظلم المرأة صنفان من الناس متقابلان بل متناقضان :



1- صنف المسـتغربين:


الذين يريدون أن يفرضـوا عليها التقاليد الغربيـة، بما فيهـا من فسـاد وتحلل من القيم وأعظمها الدين ـ وانحراف عن سـواء الفطـرة، وبعد عن الصـراط المسـتقيم، الذي بعث الله الرسـل، وأنزل الكـتب لبيانه، ودعوة الناس إليه.
وهم يريدون من المرأة المسلمة أن تتبع سنن المرأة الغربية، " شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع " كما صور الحديث النبوي: حتى لو دخلت جحر ضب لدخلته وراءها، على ما في جحر الضب من الالتواء والضيق، وسوء الرائحة، ومع هذا لو دخلته المرأة الغربية لدخلته المرأة المسلمة بعدها، أو بعبارة أخرى: لظهرت " موضة " جديدة يروج لها المروجون تسمى " موضة جحر الضب "!.
وهؤلاء يغفلون ما تشكو منه المرأة الغربية اليوم، وما جر عليها الاختلاط " المفتوح " من سوء العاقبة على المرأة وعلى الرجل، وعلى الأسرة، وعلى المجتمع كله، ويسدون آذانهم عن صيحات الاستنكار التي تجاوبت بها الآفاق في داخل العالم الغربي نفسه، وعن كتابات العلماء والأدباء، ومخاوف المفكرين والمصلحين على الحضارة كلها من جراء إلغاء القيود في الاختلاط بين الجنسين.
كما ينسى هؤلاء أن لكل أمة شخصيتها التي تكونها عقائدها وتصورها للكون والحياة والوجود ورب الوجود، وقيمها وتراثها وتقاليدها.. ولا يجوز أن يغدو مجتمع صورة مكررة من مجتمع آخر.



2- والصنف الثاني:


هم الذين يفرضون على المرأة تقاليد أخرى، ولكنها تقاليد الشرق لا تقاليد الغرب، وإن صبغت في كثير من الأحيان بصبغة الدين، ونسبها من نسبها إلى ساحته، بناءً على فهم فهمه، أو رأي قلده، أو رجحه، لأنه يوافق رأيه في المرأة، وسوء ظنه بها، بدينها وبعقلها وسلوكها.
ولكنه على أية حال لا يخرج عن كونه رأيًا لبشر غير معصوم، متأثر بمكانه وزمانه، وشيوخه ومدرسته، تعارضه آراء أخرى، تستمد حجيتها من صريح القرآن العظيم، ومن هدي النبي الكريم، ومن مواقف الصحابة وخير القرون.
وأود أن أبادر هنا فأقول: إن كلمة " الاختلاط " في مجـال العلاقة بين الرجـل والمرأة، كلمة دخيلة على " المعجم الإسلامي " لم يعرفها تراثنا الطويل العريض طوال القرون الماضية، ولم تعرف إلا في هذا العصر، ولعلها ترجمة لكلمة " أجنبية " في هذا المعنى، ومدلولها له إيحاء غير مريح بالنظر لحس الإنسان المسلم.
وربما كان أولى منها كلمة " لقاء " أو " مقابلة " أو " مشاركة " الرجال للنساء، ونحو ذلك.
وعلى كل حال، فإن الإسلام لا يصدر حكمًا عامًا في مثل هذا الموضوع، وإنما ينظر فيه على ضوء الهدف منه، أي المصلحة التي يحققها، والضرر الذي يخشى منه، والصورة التي يتم بها، والشروط التي تراعي فيه.. إلخ.
وخـير الهَدْي في ذلك هدي محمـد -صلى الله عليه وسلم- وهدي خلفائه الراشـدين، وأصحـابه المهديين.
والناظر في هذا الهدي يرى أن المرأة لم تكن مسجونة ولا معزولة كما حدث ذلك في عصور تخلف المسلمين.
فقد كانت المرأة تشهد الجماعة والجمعة، في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان عليه الصلاة والسلام يحثهن على أن يتخذن مكانهن في الصفوف الأخيرة خلف صفوف الرجال، وكلما كان الصف أقرب إلى المؤخرة كان أفضل، خشية أن يظهر من عورات الرجال شيء، وكان أكثرهم لا يعرفون السراويل.. ولم يكن بين الرجال والنساء أي حائل من بناء أو خشب أو نسيج، أو غيره.
وكانوا في أول الأمر يدخل الرجال والنساء من أي باب اتفق لهم، فيحدث نوع من التزاحم عند الدخول والخروج، فقال -عليه السلام- : " لو أنكم جعلتم هذا الباب للنساء ".فخصصوه بعد ذلك لهن، وصار يعرف إلى اليوم باسم "باب النساء".
وكان النساء في عصر النبوة يحضرن الجمعة، ويسمعن الخطبة، حتى إن إحداهن حفظت سورة "ق " من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من طول ما سمعتها من فوق منبر الجمعة.
وكان النساء يحضرن كذلك صلاة العيدين، ويشاركن في هذا المهرجان الإسلامي الكبير، الذي يضم الكبار والصغار، والرجال والنساء، في الخلاء مهللين مكبرين.
روى مسلم: عن أم عطية قالت: " كنا نؤمر بالخروج في العيدين، والمخبأة والبكر".
وفي رواية قالت: أمرنا رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهـن في الفطـر والأضحـى: العواتق (جمع عاتق، وهي الجارية البالغة، أو التي قاربت البلوغ. (والحُيَّض وذوات الخدور، فأما الحيَّض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين). الخطبة والموعظة ونحوها. (قلت : يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: " لتلبسها أختها من جلبابها). "أي تعيرها من ثيابها ما تستغني عنه، والحديث في كتاب " صلاة العيدين " في صحيح مسلم حديث رقم 823.
وهذه سنة أماتها المسلمون في جل البلدان أو في كلها، إلا ما قام به مؤخرًا شباب الصحوة الإسلامية الذين أحيوا بعض ما مات من السنن، مثل سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وسنة شهود النساء صلاة العيد.
وكان النساء يحضرن دروس العلم، مع الرجال عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويسألن عن أمر دينهن مما قد يستحي منه الكثيرات اليوم. حتى أثنت عائشة على نساء الأنصار، أنهن لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، فطالما سألن عن الجنابة والاحتلام والاغتسال والحيض والاستحاضة ونحوها.
ولم يشبع ذلك نهمهن لمزاحمة الرجال واسـتئثارهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فطلبن أن يجعل لهن يومًا يكون لهن خاصة، لا يغالبهن الرجال ولا يزاحمونهن وقلن في ذلك صراحة: " يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك " فوعدهن يومًا فلقيهن فيه ووعظهن وأمرهن".رواه البخاري في كتاب العلم من صحيحه.
وتجاوز هذا النشاط النسائي إلى المشاركة في المجهود الحربي في خدمة الجيش والمجاهدين، بما يقدرن عليه ويُحسنَّ القيام به، من التمريض والإسعاف ورعاية الجرحـى والمصابين، بجوار الخدمات الأخـرى من الطهي والسقي وإعداد ما يحتاج إليه المجاهدون من أشياء مدنية.
عن أم عطية قالت: " غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سبع غزوات، أخلفهم في رحالهم، فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى " رواه مسلم برقم 1812.
وروى مسلم عن أنس برقم 1811 : " أن عائشة وأم سليم، كانتا في يوم أحد مشمِّرتين، تنقلان القرب على متونهما وظهورهمـا ثم تفرغانهـا في أفواه القـوم، ثم ترجعـان فتملآنهـا" ووجود عائشة هنا وهي في العقـد الثاني من عمـرها يرد على الذين ادعـوا أن الاشتراك في الغزوات والمعـارك كان مقصـورًا على العجائز والمتقـدمات في السـن، فهذا غير مسلّم.. وماذا تغني العجائز في مثل هذه المواقف التي تتطلب القدرة البدنية والنفسية معًا ؟.
وروى الإمام أحمد: أن ست نسوة من نساء المؤمنين كن مع الجيش الذي حاصر خيبر: يتناولن السهام، ويسقين السويق، ويداوين الجرحى، ويغزلن الشَّعر، ويعنّ في سبيل الله، وقد أعطاهن النبي -صلى الله عليه وسلم- نصيبًا من الغنيمة.
بل صح أن نساء بعض الصحابة شاركن في بعض الغزوات والمعارك الإسلامية بحمل السلاح، عندما أتيحت لهن الفرصة.. ومعروف ما قامت به أم عمارة نسيبة بنت كعب يوم أحد، حتى قال عنها -صلى الله عليه وسلم- : " لمقامها خير من مقام فلان وفلان ".
وكذلك اتخذت أم سليم خنجرًا يوم حنين، تبقر به بطن من يقترب منها.
روى مسلم عن أنس ابنها: أن أم سـليم اتخـذت يوم حنين خنجـرا، فكان معـها، فرآهـا أبو طلحة زوجها فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر ! فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " ما هذا الخنجر" ؟ قالت: اتخذته، إن دنا مني أحد المشركين بقرت به بطنـه ! فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحـك". رواه مسلم برقم 1809.
وقد عقد البخاري بابًا في صحيحه في غزو النساء وقتالهن.
ولم يقف طموح المرأة المسلمة في عهد النبوة والصحابة للمشاركة في الغزو عند المعارك المجاورة والقريبـة في الأرض العربيـة كخيبر وحنين.. بل طمحن إلى ركـوب البحـار، والإسهام في فتح الأقطار البعيدة لإبلاغها رسالة الإسلام.
ففي صحيح البخاري ومسلم عن أنس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال عند أم حرام بنت ملحان خالة أنس يومًا، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال: " ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكًا على الأسرَّة، أو مثل الملوك على الأسرة "، قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها. انظر الحديث 1912 من صحيح مسلم ..." فركبت أم حرام البحر في زمن عثمان، مع زوجها عبادة بن الصامت إلى قبرص، فصرعت عن دابتها هناك، فتوفيت ودفنت هناك، كما ذكر أهل السير والتاريخ.
وفي الحياة الاجتماعية شاركت المرأة داعية إلى الخير، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، كما قال تعالى: (والمؤمنـون والمؤمنـات بعـضهـم أولياء بعـض يأمـرون بالمعروف وينهون عن المنكر). التوبة 71.
ومن الوقائع المشهورة رد إحدى المسلمات على عمر في المسجد في قضية المهور، ورجوعه إلى رأيها علنًا، وقوله :" أصابت المرأة وأخطأ عمر ".وقد ذكرها ابن كثير في تفسير سورة النساء، وقال: إسنادها جيد.
وقد عين عمر في خـلافته الشِّفاء بنت عبد الله العدوية محتسـبة على السـوق.. والمتأمل في القرآن الكريم وحديثه عن المرأة في مختلف العصور، وفي حياة الرسل والأنبياء لا يشعر بهذا الستار الحديدي الذي وضعه بعض الناس بين الرجل والمرأة.
فنجد موسى وهو في ريعان شبابه وقوته يحادث الفتاتين ابنتي الشيخ الكبير، ويسألهما وتجيبانه بلا تأثم ولا حرج، ويعاونهما في شهامة ومروءة، وتأتيه إحداهما بعد ذلك مرسلة من أبيها تدعوه أن يذهب معها إلى والدها، ثم تقترح إحداهما على أبيها بعد ذلك أن يستخدمه عنده ؛ لما لمست فيه من قوة وأمانة.
لنقرأ في ذلك ما جاء في سورة القصص: (ولما وَرَدَ ماء مَدْيَنَ وَجَدَ عليه أُمّةً من الناس يَسْقُون ووجد من دونهم امرأ تين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرِّعَاء وأبونا شيخ كبير. فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير.. فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين.. قالت إحداهما يا أبتي استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين). القصص 23-26.
وفي قصة مريم نجد زكريا يدخل عليها المحراب، ويسألها عن الرزق الذي يجده عندها: (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب). آل عمران 37.
وفي قصة ملكة سبأ نراها تجمع قومها تستشيرهم في أمر سليمان : (قالت يأيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرًا حتى تشـهدون.. قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين.. قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسـدوها وجعلوا أعِزَّةَ أهلها أذِلَّةً وكذلك يفعلون). النمل32-34.
وكذلك تحدثت مع سليمان -عليه السلام- وتحدث معها : (فلما جاءت قيل أهكذا عَرْشُكِ قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين.. وصَدَّهَا ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين.. قيل لها ادخلي الصَّرْحَ فلما رأته حسبته لُجَّةً وكَشَفَتْ عن ساقيها قال إنه صَرْحٌ مُمَرَّدٌ من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان للـه رب العالميـن). النمل 42-44.
ولا يقال: إن هذا شرع من قبلنا فلا يلزمنا ؛ فإن القرآن لم يذكره لنا إلا لأن فيه هداية وذكرى وعبرة لأولي الألباب، ولهذا كان القول الصحيح: أن شرع من قبلنا المذكور في القرآن والسنة هو شرع لنا ما لم يرد في شرعـنا ما ينسخه.. وقد قال تعالى لرسوله : (أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُداهم اقْتَدِه). الأنعام 90.
إن إمسـاك المرأة في البيت، وإبقاءها بين جـدرانه الأربعـة لا تخرج منه اعتبره القرآن في مرحلة من مراحـل تدرج التشـريع قبل النص على حد الزنى المعروف عقـوبة بالغـة لمن ترتكب الفاحشة من نساء المسـلمين، وفي هذا يقول تعالى في سـورة النسـاء : (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا). النساء 15.
وقد جعل الله لهن سبيلاً بعد ذلك حينما شرع الحد، وهو العقوبة المقدرة في الشرع حقًا لله تعالى، وهي الجلد الذي جاء به القرآن لغير المحصـن، والرجم الذي جاءت به السنة للمحصن.
فكيف يستقيم في منطق القرآن والإسلام أن يجعل الحبس في البيت صفة ملازمة للمسلمة الملتزمة المحتشمة، كأننا بهذا نعاقبها عقوبة دائمة وهي لم تقترف إثمًا ؟.



والخلاصـة :


أن اللقاء بين الرجال والنساء في ذاته ليس محرمًا بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصـد منه المشاركـة في هدف نبيل، من علـم نافع أو عمل صالـح، أو مشـروع خـير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهودًا متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاونا مشتركًا بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيذ.
ولا يعني ذلك أن تذوب الحدود بينهما، وتنسى القيود الشرعية الضابطة لكل لقاء بين الطرفين، ويزعم قوم أنهم ملائكة مطهرون لا يخشى منهم ولا عليهم، يريدون أن ينقلوا مجتمع الغرب إلينا.. إنما الواجب في ذلك هو الاشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في إطار الحدود التي رسمها الإسلام، ومنها:
1- الالتزام بغض البصر من الفريقين:
فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى : (قل للمؤمنين يَغُـضُّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.. وقل للمؤمنات يَغْـضُضْنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن). النور 30-31.
2- الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم:
الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ولْـيَـضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جيُوبهن). النور 31.
وقد صح عن عدد من الصحابة أن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان.
وقال تعالى في تعليل الأمر بالاحتشام : (ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ) الأحزاب 59. أي أن هذا الزيَّ يميز المرأة الحرة العفيفة الجادة من المرأة اللعوب المستهترة، فلا يتعرض أحد للعفيفة بأذى ؛ لأن زيها وأدبها يفرض على كل من يراها احترامها.
3- الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصًا في التعامل مع الرجال:
أ - في الكـلام، بحـيث يكـون بعيدًا عن الإغـراء والإثارة، وقد قال تعالى: (فلا تَخْـضَعْنَ بالقول فيطمع الذي في قلبه مَرَضٌ وقلن قولاً معروفًا). الأحزاب 32.
ب - في المشي، كما قال تعالى: (ولا يـضربن بأرجلهن ليُعْلَمَ ما يُخْفِين من زينتهن). النور 31.، وأن تكـون كالتي وصفها الله بقوله: (فجـاءته إحداهما تمشي على استحياء). القصص 25.
جـ - في الحـركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشـريف بـ " المميـلات المائـلات " ولا يـصدر عنهـا ما يجعلهـا من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.
4- أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجال.
5- الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم، فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت :" إن ثالثهما الشيطان " إذ لا يجوز أن يُخَلَّي بين النار والحطب.
وخصـوصًا إذا كانت الخلـوة مع أحـد أقارب الـزوج، وفيه جـاء الحـديث: " إياكـم والدخـول على النسـاء "، قالـوا: يا رسـول الله، أرأيت الحَمْـو ؟ ! قال: " الحمو الموت " ! أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس، وفي هذا خطر شديد.
6- أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في رعاية البيت وتربية الأجيال. والله أعلم.

المصدر :
http://www.alqodhat.com/news.php?action=show&id=196

سيادة القانون
02-11-2009, 12:29 AM
كلام الوزير علمي ومنطقي ...ولكن المتعالمين كثر ...نسأل الله العافية.

شكراً للنقل اباعبدالعزيز

الروض المربع
14-11-2009, 04:23 PM
ردِ علمي موثق بشأن تصريح وزير العدل واي رد عليه هو خارج محل النزاع !!

ابوعبدالعزيز
14-11-2009, 07:18 PM
اخواني الكرام ...
الرد هو رد جيد ، وكلامي ليس في مجال النقد بل المدح في الرد وما تطرق اليه كاتبه .... ولكنه غير شامل او وافي لجميع ما ورد من احاديث واثار في هذا المضمار فهو رد مجمل وجيد .... ولكن في نظري يحتاج الى تفصيل اكثر وتوضيح ولا سيما بشأن ما تم الاستدلال به وما استدل به من عارضه ونقد حديثي اي من الناحية الحديثية والرواية سندا ومتنا ...
اخواني الموضوع اوسع مما نتصوره وخصوصا في مجتمع منغلق بشكل كبير ولم يكن يعرف الا ثقافة الرأي الواحد والهجوم على المخالف ولا يتفهم أدب الخلاف ....
نقولها وبدعاء صادق أعان الله الجميع وكان في عون الوزير على ما سيحدثه الموضوع .... والله الموفق

الوثاب
15-11-2009, 01:54 AM
بعد قراءة هذا الكلام يظهر لي أنه قد يصدق عليه أي شيء
إلا أن يكون رداً (علمياً مؤصلاً) فهذ لا حظ له فيه
والله أعلم

أمام
19-11-2009, 02:05 AM
هذا لا يعتبرا ردا بل هو تعقيب وتأييد لما سطره معالي الوزير

الدبلوماسي
12-06-2010, 03:23 PM
((((أن اللقاء بين الرجال والنساء في ذاته ليس محرمًا بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصـد منه المشاركـة في هدف نبيل، من علـم نافع أو عمل صالـح، أو مشـروع خـير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهودًا متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاونا مشتركًا بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيذ.))))

في أي عصر تتحدث أنت ؟؟

القرضاوي يرى بجواز الغناء
وماقرأته ليس ردا ولا تعقيباً
وإنما تأييد لكلام الوزير وتمهيد لما سيأتي من الفتن والمصائب من عمل النساء مع الرجال
وطلب من المجتمع تقبلها

بالله عليك يالغيث الا تعلم أن هناك من الشباب من هم مسعورون عندما يرون النساء فقط مجرد رؤية ؟؟
فما بالك بالعمل مهم ؟؟
فأرجوا من الشيخ الغيث الرد على هذا الحديث فقط وشرح معناه
((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ))

د. ناصر بن زيد بن داود
12-06-2010, 03:39 PM
أخي الفاضل : الدبلوماسي
لعلك أن تقبل مني هذه التساؤلات ، ولا يلزمك الجواب ، فالقصد التنبيه والمعاتبة .

= أين الدبلوماسية في تعقيبك ؟، وهل من الدبلوماسية وصف الشباب بالسُّعار ؟!!.
= وهل يليق في الاستدراك على زميل مناداته بلقبه دون اسمه ؛ ولو مجرداً من ألفاظ التوقير والتقدير ؟.
= وهل يحسن الجمع بين طلب الرد على الحديث وشرح معناه ؟.
= وهل حشر الشيخ يوسف القرضاوي مناسباً هنا ؟.
= وما دخل رأي الشيخ القرضاوي في الغناء بالموضوع ؟.

= وأخيراً : الموضوع له ثمانية أشهر ، وهدأت غائلته ، فهل من المناسب إيقاظ الفتنة وقد نامت ؟.

عفى الله عنا وعنك أيها الزميل !.

الشيخ المحب
12-06-2010, 06:00 PM
أخي العزيز الدبلوماسي ـ هداك الله ـ

ينبغي على من أراد أن يشارك في المواضيع العلمية ، أن يتأدب بأدب الحوار ، وأن ينزل الناس منازلهم .
فأين أنت من فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي ـ رجل أمضى جل عمره في العلم والتعليم ـ عالم مجتهد بشهادة علماء عصره له .
يا أخي قل رأيك ودلل عليه من غير أن تتعرض للعلماء بالتجريح و السخرية إن كنت تريد الدعوة إلى الله تعالى .
وإلا فانتبه من السخرية من العلماء ، فإن العلماء هم أولياء الله وهم ورثة الانبياء والله تعالى يقول ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا... ) فاحذر من غضب الله وعقابه .

الدبلوماسي
12-06-2010, 07:43 PM
شيخنا وأستاذنا الفاضل الدكتور ناصر بن زيد بن داود
يعلم الله تعالى محبتي لك فيه , وأنا لا أعرفك ولا تعرفني
وردي على هذا الموضوع صحيح أنه جاء متأخراً جداً ولكني كنت متابعاً له منذ البداية
ولم أجد هذا الموضوع إلا الآن , وما دعاني إلى الرد هو الغيرة على أعراض المسلمين وحزني على مايبث على الساحة بإسم الدين والتلبيس على العامة من الفتاوى , وأنتم أعلم مني بما يحصل في قضايا العرض والأخلاق , ونحن في زمن لا يسمح بإجتماع الرجال بالنساء
ووصفي للشباب بالسعار ... أنا لم أعمم على الشباب جميعاً , ولكن حينما ترون مايحصل في الأسواق وأماكن العمل المسموح فيها بالإختلاط ونظرة الشباب للنساء ... أعتقد أنكم لن تلوموني.
وهناك بعض العامة وممن لايضعون للدين أي إهتمام يتشبثون في مثل هذه الفتاوى والدراسات والردود

وحشر الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله وموضوع الغناء هو القياس مع الفارق

وردي وإن جاء خالي من الدبلوماسية التي أدعيها , والله مادعاني إليه إلا الغيرة , وربما أكون أخطأت وخانني التعبير في ذلك.
وإني لأرجوا منكم ومن الاخوة في هذا المنتدى الفاضل تفهم قصدي , وكل ابن آدم خطاء.
والله من وراء القصد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

د. ناصر بن زيد بن داود
12-06-2010, 10:09 PM
{ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }