طارق محمد اسماعيل
17-06-2014, 09:50 AM
تعد مشكلة حضانة الأطفال من المشكلات التابعة لوقوع الطلاق، فما إن ينتهي الزوجان من الطلاق، حتى تطفو على السطح مشكلة حضانة الأطفال، ويبدأ معها جدال وحوار يطول مداه أو يقصر ولا يخرج عن السؤال المعتاد في مثل هذه الحالات وهو: من الأحق بحضانة الطفل الزوج أم الزوجة؟.
.
فقد وقعت حالات نزاع على حضانة الأطفال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الحالات ما نقلها لنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي".
ومن هذا الحديث يتضح لنا، أن الإسلام أعطى للمرأة الحق في حضانة أبناءها الصغار، طالما بقيت على حالها ولم تتزوج، فإذا ما تزوجت سقطت حضانتها للطفل، وهذا أيضاً في مصلحة المرأة لأن بعض الأزواج لا يفضلون بقاء أبناء الزوجة، وقد يكون ذلك سبباً في مشاكل وخلافات بينها وبين الزوج الجديد، ومع ذلك فقد توسع الفقهاء في حالة الأم الحاضنة المتزوجة، باستمرارها في حضانة أبناءها طالما شُهد لزوجها بالدين والاستقامة والخلق بعد إذن والد الأطفال لها في ذلك، فإذا ما بلغ الطفل سن التمييز، خُير بين الأب والأم، وغالبا ما يختار الأبناء الأم التي عاش في كنفها ورعايتها هذه السنوات وألفها وألفته، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه". رواه الترمذي.
وقد سار على هذا النهج الصحابة رضي الله عنهم، فعندما فارق عمر بن الخطاب زوجته أم عاصم، في خلافة أبي بكر الصديق قضى لها، والصحابة حاضرون بحقها في حضانة الأبناء، وشرح للحاضرين مبررات هذا الحكم فقال: "الأم أعطف وألطف وأرحم وأحنى وأخير وأرأف، وهي أحق بولدها ما لم تتزوج"
ثم وجه كلامه لعمر"ريقها خير له من شهد وعسل عندك يا عمر".
وقد بين أبو بكر مستند قضائه هذا بقوله: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا توله والدة عن ولدها"
ومعنى قوله:" لا توله" لا تفرق عنه، وكل أنثى فارقت ولدها فهي واله، والوله ذهاب العقل، والتحير من شدة الوجد.
فكم من مطلقة تعرضت لأمراض نفسية وعصبية بسبب الجور على هذا الحق، كما أن هذا الحق يُبقى الباب مفتوحا للم شمل الأسرة وعودة المطلقة إلى زوجها من جديد، إن توافرت الظروف الملائمة لذلك، ومن جهة أخرى فإن الإسلام عندما أعطى للمطلقة هذا الحق فإنه راعى ما جبلت عليه المرأة من شفقة، ورحمة وعاطفة جياشة تجاه صغارها.
ويقضي عمر بن الخطاب في زمانه، بما قضى به رسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق، فعن عبد الرحمن بن غنم قال: " اختصم إلى عمر في صبي فقال عمر: هو مع أمه حتى يعرب عنه لسانه فيختار".
وقد سار الصحابة من بعدهما على هذا النهج، كما جاء عن بن عبد البر في –الاستذكار الجامع لفقهاء الأمصار- فقد قال:" لا أعلم خلافا بين السلف من العلماء والخلف أن المرأة المطلقة إذا لم تتزوج أحق بولدها من أبيه، مادام طفلا صغيرا لا يميز شيئا إذا كان في حرز وكفاية، ولم يثبت منها فسق".
وإذا كان الشرع الحنيف قد وضع ضوابط وشروط في الأم الحاضنة، فإذا ما فُقد أو سقط شرط من الشروط، سقط بالتبعية حقها في الحضانة، فإن هذا الوضع مؤقت وليس على سبيل التأبيد، تبعا للقاعدة الفقهية التي تقول: " إذا زال المانع عاد الممنوع ".
وقد فصل بن قدامة في المغني هذه القاعدة بقوله: " وكل قرابة تستحق الحضانة منع منها مانع كرق أو كفر أو فسوق أو جنون أو صغر، إذا زال المانع مثل أن عتق الرقيق، وأسلم الكافر، وعدل الفاسق وعقل المجنون، وبلغ الصغير عاد حقهم في الحضانة، لأن سببها قائم وإنما امتنعت لمانع فإذا زال المانع عاد الحق بالسبب السابق الملازم كالزوجة إذا طلقت".
حق الأم في حضانة أطفالها بعد الطلاق:
وكما أوجب الإسلام حق الأم في حضانة أطفالها بعد الطلاق، أوجب لها أيضاً حق النفقة، وتوفير السكن لها ولمن تحتضنهم، وقال بذلك جمهور أهل العلم، فباستثناء المالكية، ذهب الأحناف والشافعية والحنابلة وبينوا حالات الحاضنة كما جاءت في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير على النحو التالي: تستحق الأم الحاضنة أجرة حضانة ولدها، إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأبي ولدها المحضون، وهذه الأجرة غير أجرة إرضاعه ونفقته، وعلى هذا، يجب للمحضون على أبيه: أجرة الرضاع وأجرة الحضانة ونفقته.
فإذا كانت منكوحة أو معتدة لأبيه من طلاق رجعي، لم تستحق أجرة لاعلى الحضانة ولا على الإرضاع لوجوبها عليها ديانة، نظرا لقيام النكاح أو اعتباره قائما في عدة الطلاق الرجعي، فإن كانت في عدة طلاق بائن، فقيل : إنها لا تستحق أجرة الحضانة لانقطاع الرابطة الزوجية، أما إذا انقضت عدتها، فلها أجرة الحضانة اتفاقا بلا خلاف شأنها شأن غيرها من الحاضنات. ولو أجبر الحاضن على الحضانة بأن لم يوجد غيره فأجرة الحضانة تستحق مع الجبر، لأن الإجبار عليها لا ينافي استحقاق القائم بها الأجرة عليها.
وإذا لم يكن للحاضنة مسكن تحضن فيه الولد، وجب لها أجرة مسكن ويعتبر هذا من أجرة الحضانة التي تستحقها فإن كان لها مسكن تستطيع الحضانة فيه فلا أجرة لها على المسكن مع أجرة الحضانة.
كما نص الفقهاء علي توفير خادم أو خادمة للأبناء في حضانة الأم إذا ما احتاجوا ذلك، يتحمل نفقته الأب.
وعادة ما تلتزم المحاكم الشرعية أو محاكم الأسرة في بلادنا الإسلامية بهذه الأصول والقواعد الفقهية، الخاصة بمسألة الحضانةورغم أن الإسلام أعطى للأم المطلقة الحق في حضانة أطفالها، إلا أن المشكلة تكمن في سيادة العادات والتقاليد، واللجوء إليها عند التحكيم في مشكلة الحضانة وعدم الالتزام بحكم الشرع والقانون، وذلك بمنعها حق الحضانة .
وهذه الأسباب تفسر جزءاً من المشكلات الكثيرة القائمة بين الزوجين والنزاع القائم أمام المحاكم على حق الحضانة.
والواجب على الأزواج أن يتحلوا بتقوى الله، ويلتزموا بشرعه ولا يمنعوا المرأة المطلقة حقها في حضانة أبناءها.منقول للإفاده
.
فقد وقعت حالات نزاع على حضانة الأطفال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الحالات ما نقلها لنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي".
ومن هذا الحديث يتضح لنا، أن الإسلام أعطى للمرأة الحق في حضانة أبناءها الصغار، طالما بقيت على حالها ولم تتزوج، فإذا ما تزوجت سقطت حضانتها للطفل، وهذا أيضاً في مصلحة المرأة لأن بعض الأزواج لا يفضلون بقاء أبناء الزوجة، وقد يكون ذلك سبباً في مشاكل وخلافات بينها وبين الزوج الجديد، ومع ذلك فقد توسع الفقهاء في حالة الأم الحاضنة المتزوجة، باستمرارها في حضانة أبناءها طالما شُهد لزوجها بالدين والاستقامة والخلق بعد إذن والد الأطفال لها في ذلك، فإذا ما بلغ الطفل سن التمييز، خُير بين الأب والأم، وغالبا ما يختار الأبناء الأم التي عاش في كنفها ورعايتها هذه السنوات وألفها وألفته، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه". رواه الترمذي.
وقد سار على هذا النهج الصحابة رضي الله عنهم، فعندما فارق عمر بن الخطاب زوجته أم عاصم، في خلافة أبي بكر الصديق قضى لها، والصحابة حاضرون بحقها في حضانة الأبناء، وشرح للحاضرين مبررات هذا الحكم فقال: "الأم أعطف وألطف وأرحم وأحنى وأخير وأرأف، وهي أحق بولدها ما لم تتزوج"
ثم وجه كلامه لعمر"ريقها خير له من شهد وعسل عندك يا عمر".
وقد بين أبو بكر مستند قضائه هذا بقوله: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا توله والدة عن ولدها"
ومعنى قوله:" لا توله" لا تفرق عنه، وكل أنثى فارقت ولدها فهي واله، والوله ذهاب العقل، والتحير من شدة الوجد.
فكم من مطلقة تعرضت لأمراض نفسية وعصبية بسبب الجور على هذا الحق، كما أن هذا الحق يُبقى الباب مفتوحا للم شمل الأسرة وعودة المطلقة إلى زوجها من جديد، إن توافرت الظروف الملائمة لذلك، ومن جهة أخرى فإن الإسلام عندما أعطى للمطلقة هذا الحق فإنه راعى ما جبلت عليه المرأة من شفقة، ورحمة وعاطفة جياشة تجاه صغارها.
ويقضي عمر بن الخطاب في زمانه، بما قضى به رسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق، فعن عبد الرحمن بن غنم قال: " اختصم إلى عمر في صبي فقال عمر: هو مع أمه حتى يعرب عنه لسانه فيختار".
وقد سار الصحابة من بعدهما على هذا النهج، كما جاء عن بن عبد البر في –الاستذكار الجامع لفقهاء الأمصار- فقد قال:" لا أعلم خلافا بين السلف من العلماء والخلف أن المرأة المطلقة إذا لم تتزوج أحق بولدها من أبيه، مادام طفلا صغيرا لا يميز شيئا إذا كان في حرز وكفاية، ولم يثبت منها فسق".
وإذا كان الشرع الحنيف قد وضع ضوابط وشروط في الأم الحاضنة، فإذا ما فُقد أو سقط شرط من الشروط، سقط بالتبعية حقها في الحضانة، فإن هذا الوضع مؤقت وليس على سبيل التأبيد، تبعا للقاعدة الفقهية التي تقول: " إذا زال المانع عاد الممنوع ".
وقد فصل بن قدامة في المغني هذه القاعدة بقوله: " وكل قرابة تستحق الحضانة منع منها مانع كرق أو كفر أو فسوق أو جنون أو صغر، إذا زال المانع مثل أن عتق الرقيق، وأسلم الكافر، وعدل الفاسق وعقل المجنون، وبلغ الصغير عاد حقهم في الحضانة، لأن سببها قائم وإنما امتنعت لمانع فإذا زال المانع عاد الحق بالسبب السابق الملازم كالزوجة إذا طلقت".
حق الأم في حضانة أطفالها بعد الطلاق:
وكما أوجب الإسلام حق الأم في حضانة أطفالها بعد الطلاق، أوجب لها أيضاً حق النفقة، وتوفير السكن لها ولمن تحتضنهم، وقال بذلك جمهور أهل العلم، فباستثناء المالكية، ذهب الأحناف والشافعية والحنابلة وبينوا حالات الحاضنة كما جاءت في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير على النحو التالي: تستحق الأم الحاضنة أجرة حضانة ولدها، إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأبي ولدها المحضون، وهذه الأجرة غير أجرة إرضاعه ونفقته، وعلى هذا، يجب للمحضون على أبيه: أجرة الرضاع وأجرة الحضانة ونفقته.
فإذا كانت منكوحة أو معتدة لأبيه من طلاق رجعي، لم تستحق أجرة لاعلى الحضانة ولا على الإرضاع لوجوبها عليها ديانة، نظرا لقيام النكاح أو اعتباره قائما في عدة الطلاق الرجعي، فإن كانت في عدة طلاق بائن، فقيل : إنها لا تستحق أجرة الحضانة لانقطاع الرابطة الزوجية، أما إذا انقضت عدتها، فلها أجرة الحضانة اتفاقا بلا خلاف شأنها شأن غيرها من الحاضنات. ولو أجبر الحاضن على الحضانة بأن لم يوجد غيره فأجرة الحضانة تستحق مع الجبر، لأن الإجبار عليها لا ينافي استحقاق القائم بها الأجرة عليها.
وإذا لم يكن للحاضنة مسكن تحضن فيه الولد، وجب لها أجرة مسكن ويعتبر هذا من أجرة الحضانة التي تستحقها فإن كان لها مسكن تستطيع الحضانة فيه فلا أجرة لها على المسكن مع أجرة الحضانة.
كما نص الفقهاء علي توفير خادم أو خادمة للأبناء في حضانة الأم إذا ما احتاجوا ذلك، يتحمل نفقته الأب.
وعادة ما تلتزم المحاكم الشرعية أو محاكم الأسرة في بلادنا الإسلامية بهذه الأصول والقواعد الفقهية، الخاصة بمسألة الحضانةورغم أن الإسلام أعطى للأم المطلقة الحق في حضانة أطفالها، إلا أن المشكلة تكمن في سيادة العادات والتقاليد، واللجوء إليها عند التحكيم في مشكلة الحضانة وعدم الالتزام بحكم الشرع والقانون، وذلك بمنعها حق الحضانة .
وهذه الأسباب تفسر جزءاً من المشكلات الكثيرة القائمة بين الزوجين والنزاع القائم أمام المحاكم على حق الحضانة.
والواجب على الأزواج أن يتحلوا بتقوى الله، ويلتزموا بشرعه ولا يمنعوا المرأة المطلقة حقها في حضانة أبناءها.منقول للإفاده