ابوعبدالعزيز
25-10-2008, 06:06 PM
«العدل» تعد نظاما يمنع نكاح بنت الرابعة عشرة والشورى يدرس زواج كبار السن من غير السعوديات
مطلقات فـي عمر الزهور
يعكف مجلس الشورى حاليا على إعداد قانون جديد لزواج كبار السن من غير السعوديات للحد من المشاكل المترتبة على هذا النوع من الزواج الذي انتشر أخيرا بشكل ملحوظ.. ومن المتوقع أن يحل هذا النظام مشكلة أبناء السعوديين في الخارج.. وفي الوقت نفسه يؤطر لضوابط جديدة تحمي الصغيرات من عدوى هذا الزواج الذي انتقلت عدواه من الخارج إلى الداخل في عدد من المناطق.. ويهدف لوقاية المجتمع من تبعات زواج كبارالسن، وكذلك تعد وزارة العدل بالتعاون مع جهات حكومية أخرى نظاما يمنع زواج الفتاة التي لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها. ويأتي هذا النظام المتوقع صدوره قبل نهاية العام الجاري استنادا إلى دراسات وإحصائيات وبحوث علمية أكدت عدم جدوى زواج الفتيات الأقل من 14 عاما لما ينتج عنه من مشاكل وآثار اجتماعية سلبية تتمثل في كثرة حالات الطلاق والترمل إضافة إلى المشاكل الصحية والنفسية.
ويعالج القانون الجديد - الذى يدرسه مجلس الشورى - المشكلة عبر مسارين: الأول يختص بالآباء الذين اعترفوا بأبوتهم لهؤلاء الأطفال، وأولئك سيتم الانتهاء من إجراءاتهم القانونية قريبا لتمكين الأبناء من العودة إلى المملكة، والثاني لبعض الآباء الذين رفضوا الاعتراف بأبنائهم.. ويطالب القانون الزوجة في هذه الحالة بإثبات زواجها من هذا الشخص عبر الأجهزة المعنية، وإذا عجزت عن الإثبات تتم إحالة الموضوع للمحكمة لإجراء فحص الحمض النووي.
ولكن بعيدا عن الأنظمة والقوانين تطرح (عكاظ) هذا السؤال: ما دوافع هذه الزيجات في ظل الفوارق السنية الكبيرة بين الزوجين؟، وماذا عن رأي العلماء والإختصاصيين النفسيين والاجتماعيين؟، وإلى أية درجة يكون هذا النوع من الزواج مقبولا اجتماعيا؟.
نماذج صارخة
قبل فترة ليست طويلة تزوج رجل في السبعين من عمره بفتاة شابة في الرابعة عشرة من عمرها ولم تحتمل الصغيرة الحياة فطلبت وبإصرار الطلاق بعد زواج استمر شهرين كما تزوج آخر في الأربعين بفتاة لم تتجاوز الحادية عشرة وقد طلقها هو الآخر بعد 60 يوما.
وقد أنهت إحدى المحاكم قضية زواج السبعيني «م . أ» بالفتاة «ح . أ» (14 عاماً) بالطلاق بعد ما رفعت والدتها قضية لعدم وجود تكافؤ في الزواج، ونفس القصة حدثت مع شقيقتها «م» (11 عاماً)، التي تزوجت من رجل يكبرها بعشرين عاما.
أما «ص . أ» فحكايتها مأساوية -كما تقول - فهي حكاية طفلة أصبحت زوجة وعمرها لا يتجاوز الثالثة عشرة سنة وطلقت بعد شهرين من الزواج.. وتضيف قائلة: لقد تزوجت وأنا صغيرة، وكانت الزيجة بالإكراه فخرجت من المدرسة من أجل هذا الزواج، ولم أكن أعرف معنى أن أعيش مع رجل في بيت واحد، وكنت خائفة جداً، ولم أستطع الاستمرار فطلقت بعد شهرين.
الطفلة (ر) تفاجأت بأنها الزوجة الثالثة لشخص يكبرها بستين عاما بل إن الزواج حدث دون علمها وهي في العاشرة من العمر من شخص سبعيني لا تعرفه. أما (خ.ح) فتقول: كان زواجي بمثابة الكارثة بالنسبة لي لأن والدي زوجني وأنا في السادسة عشرة من رجل في الستين وبدون أخذ موافقتي، ونصحت الفتيات بعدم القبول من بالزواج من كبار السن مهما مورس عليهن من ضغوط، ومن ثمّ دعت أولياء الأمور إلى عدم إجبار بناتهم على الزواج من كبار السن.
وترى (م . أ) أنها كانت ضحية دين والدها الذى استدان مبلغا كبيرا من أحد أصدقائه وأجبر والدي على تسديده أو التنازل عنه مقابل تزويجه إحدى بناته وكنت أنا أكبر أخواتي وأبلغ العشرين من العمر ولذلك فإن زواجي مجرد دفع لثمن لم يكن لي ذنب فيه.. وتعتقد«و . أ» أنه من الصعب أن تفكر فتاة في الارتباط بشخص كبير السن إلا إذا فاتها قطار الزواج أو حبا فى المال، لكن عدم التكافؤ من حيث السن أو الفكر أو الثقافة يؤدي إلى الطلاق.. فيما ترى «أ. ق» أن كثيرا من الفتيات ضحية لمثل هذه الزيجات وتصبح حياتهن في مهب الريح.
اتفقت آراء معظم المختصين على وجود آثار سلبية مترتبة على هذا الزواج أبرزها الانفصال والطلاق مبكرا نتيجة للاختلاف وعدم التوافق وعدم قدرة الزوج المسن على تلبية الاحتياجات العاطفية والنفسية، وطالبوا بضرورة سن تشريعات جديدة للزواج وتحديد تكافؤ عمري مناسب بين الأزواج لبناء أسرة سعيدة.
في جازان اعتبر عدد من مشايخ القبائل أن ظاهرة زواج كبار السن من الفتيات الصغيرات أصبحت مزعجة مطالبين بضرورة الالتزام بتحديد السن المناسبة للزواج حفاظا على حقوق الفتيات.. ومع أن الشيخ محمد سلمان غزواني يرى أن هذه الظاهرة تتلاشى بفعل الزمن وانتشار الوعي إلا أنه يحذر من انتشارها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة حيث يتجه الكثيرون إلى غير السعوديات وخصوصا من المناطق الحدودية أو من دول مجاورة هروبا من دائرة الرقابة المجتمعية.. ويدعو الشيخ محسن الكعبي إلى ضرورة طرح هذه القضية لدى مشيخة القبائل وإلزامهم بمنع مثل هذه الزيجات.
تشريع دولي
المحامي محمد العباس يطالب بوضع لوائح دولية لمنع هذه الظاهرة وحفظ الحقوق الشخصية مضيفا أن أي قانون سيظهر من قبل مجلس الشورى سيعطي الضوء لظهور قضايا حقوقية وقضايا فسخ أنكحة قسرية.
وفيما يتعلق بالبعد النفسي للظاهرة أكد أستاذ الطب النفسي بمستشفى أبها الدكتور إبراهيم محمد معرف أن التكافؤ الزوجي من أهم مقومات الحياة الزوجية الناجحة لكنه اعتبر أن الزواج بين فتاة في ربيع العمر ورجل في خريفه ليست ظاهرة في المجتمع -حسب تقديره- ولكنها أحداث فردية، وأشار إلى أنه ليس هناك حد أقصى ولا أدنى لفارق السن بين الزوج والزوجة، لكن هناك حاجات مادية واجتماعية ونفسية للفتاة وللرجل وطالما شعرت الفتاة أن هذا الزوج لديه القدرة على تحقيق أكبر قدر منها فإنها تقبل الزواج منه، أما الرجل فمهما بلغ من السن فلديه احتياجاته الخاصة قد لا تكون مادية ولكن نفسية واجتماعية.. وشدد الأخصائي الاجتماعي بمستشفى الصحة النفسية بالطائف مسفر القحطاني على أن الزواج غير المتكافئ مصيره الفشل ولأن الزوج في هذه السن لا يستطيع الوفاء بواجباته، مضيفا أنه لو استمر الزواج فإنه من المتوقع أن تكون هناك خيانة زوجية حين تقع الزوجة الصغيرة فريسة سهلة لمن يوهمها بأنه سيعوضها عما ينقصها ويغرر بها مما يجعلها تعيش عقدة الشعور بالذنب.. وتؤكد الأخصائية النفسية والاجتماعية فاطمة الراجحي أنه مهما كانت المبررات فإنه لا إكراه في الدين، وتتساءل هل يعقل أن تعيش الفتاة أو المرأة مع من تكره معاشرته عمرا موفقا وسعيدا؟ وأليس من حق المرأة أن تختار وأن تقرر شكل الحياة المعقولة التي تريدها؟
التكافؤ مؤشر إيجابي
وفي رأي الدكتور عبدالله الحميد مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة عسير أن من أهم عوامل نجاح الحياة الزوجية التكافؤ بين الزوجين مشيرا إلى أن التكافؤ ينحصر في جانب معين بل يشمل الجانب العمري والتعليمي والمادي والثقافي والمزاجي.. وأكد أن تكافؤ هذه الجوانب يعتبر مؤشرا لحياة زوجية ناجحة.
واعتبر أن التكافؤ العمري بين الزوجين يأتي في مقدمة هذه الجوانب وأن لكل مرحلة عمرية خصائصها واحتياجاتها، فالشاب أو الشابة مثلا يتمتع كلاهما بالصحة والعنفوان الجسدي والجنسي، أما كبار السن فهم أقل صحة جسدية، وأقل قدرة، كما أنهم يختلفون عن الشباب في طريقة تفكيرهم ونظرتهم إلى الحياة وإلى العالم ومن ثم فإن احتياجات الشاب النفسية والاجتماعية والجسدية والعاطفية والترفيهية تختلف عن احتياجات المسن، وأشار الحميد إلى أن المسن يمثل ثقافة جيل يختلف عن ثقافة جيل الفتاة الصغيرة من حيث اللهجة والملبس والمأكل وغيرها مما يؤدي إلى ضعف في عملية التواصل بين الزوجين، مؤكدا أن كل زواج بين مسن وفتاة سيكتب له الفشل.
وأضاف: إنه لا توجد توجيهات رسمية للمأذونين لعقود الأنكحة بسن معين لزواج الفتيات وإنما يرجع إلى الإيجاب من ولي الزوجة والقبول من الزوج والزوجة وحضور الشهود ووجود التقرير الصحي الموثق بمدى صلاحية الزوج والزوجة للزواج وكذلك يؤخذ في الاعتبار التقارب العمري بين الرجل والمرأة والتراضي بين الطرفين.
الشيخ سعيد محمد آل مخفور مأذون أنكحة قال: إن الله شرع الزواج لحِكم سامية وغايات نبيلة وفوائد جليلة فقال تعالى : (فأنكحوا ما طاب لكم من النساء)، وقال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق عليه. ولفت إلى أن اقتران رجل في خريف العمر بفتاة في مقتبل العمر هو أمر نادر وله عدة دوافع من أهمها الإغراء المادي أو الحسب والمناصب.
وليس بالضرورة في رأي آل مخفور وجود آثار نفسية سلبية في جميع هذه الزيجات مشيرا إلى أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين عائشة كان زواجا ناجحا وفي غاية السعادة رغم فارق السن ، ولكن قد توجد بعض الأسباب التي تجلب الآثار السلبية ومنها قصور الزوج في بعض النواحي التى تحتاجها الفتاة.. وأكد المأذون الشرعي لعقود الأنكحة الشيخ عبدالعزيز الطلحي أن هناك تعليمات صادرة من وزارة العدل لجميع المأذونين الشرعيين بالاستماع إلى رد الفتاة بالإيجاب و القبول في مجلس العقد والاستماع إلى الرد من الفتاة دون وسيط بمعنى أن تقوم الفتاة بالتحجب والرد على سؤال المأذون..واعترف أن هناك تدليسا يحدث على بعض المأذونين الشرعيين وذلك كأن يُحضِروا للمجلس فتاة غير تلك التي ترغب في الزواج فتوهم المأذون بأنها المقصودة بالزواج ويتم العقد وهذا العمل يتحمل وزره الأب ومن دبّر ذلك الأمر.
من جهتها ناشدت الدكتورة سهيلة زين العابدين عضو لجنة الدراسات والاستشارات بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وزارة العدل لأجل الإسراع بالنظر في إمكانية الحيلولة دون تزويج الصغيرات، نظراً إلى حجم الآلام النفسية والجسدية التي تلحق بهن، مطالبة بتحديد سنّ أدنى للزواج بحسب معطيات الوقت الراهن، ووصفت حالات الزواج بالصغيرات بـ«النزوات»، لافتة إلى وجوب معاقبة من يتورط في إجبار فتاةٍ صغيرة على الزواج.
وأكد مستشار وزارة العدل الشيخ عبدالمحسن العبيكان أنه لا يجوز إجبار الفتاة أو المرأة على الزواج بالإكراه ، ونص على هذا صاحب الإقناع وشرحه من كتب الحنابلة والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قال: (لا تنكح البكر حتى تستأذن والثيّب حتى تستأمر) فلا يجوز إجبار الفتيات على الزواج ممن لا ترضى به.
وأضاف قائلا: إن ما نشاهده من تزويج الفتيات المراهقات من رجال كبار في السن رغبة في المال من قبل أولياء أمورهن شيء يحزن القلب ، مطالبا بتضافر الجهود من قبل المؤسسات الحكومية وأجهزة الإعلام والخطباء والعلماء للتحذير من خطورة هذا الزواج.
مطلقات فـي عمر الزهور
يعكف مجلس الشورى حاليا على إعداد قانون جديد لزواج كبار السن من غير السعوديات للحد من المشاكل المترتبة على هذا النوع من الزواج الذي انتشر أخيرا بشكل ملحوظ.. ومن المتوقع أن يحل هذا النظام مشكلة أبناء السعوديين في الخارج.. وفي الوقت نفسه يؤطر لضوابط جديدة تحمي الصغيرات من عدوى هذا الزواج الذي انتقلت عدواه من الخارج إلى الداخل في عدد من المناطق.. ويهدف لوقاية المجتمع من تبعات زواج كبارالسن، وكذلك تعد وزارة العدل بالتعاون مع جهات حكومية أخرى نظاما يمنع زواج الفتاة التي لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها. ويأتي هذا النظام المتوقع صدوره قبل نهاية العام الجاري استنادا إلى دراسات وإحصائيات وبحوث علمية أكدت عدم جدوى زواج الفتيات الأقل من 14 عاما لما ينتج عنه من مشاكل وآثار اجتماعية سلبية تتمثل في كثرة حالات الطلاق والترمل إضافة إلى المشاكل الصحية والنفسية.
ويعالج القانون الجديد - الذى يدرسه مجلس الشورى - المشكلة عبر مسارين: الأول يختص بالآباء الذين اعترفوا بأبوتهم لهؤلاء الأطفال، وأولئك سيتم الانتهاء من إجراءاتهم القانونية قريبا لتمكين الأبناء من العودة إلى المملكة، والثاني لبعض الآباء الذين رفضوا الاعتراف بأبنائهم.. ويطالب القانون الزوجة في هذه الحالة بإثبات زواجها من هذا الشخص عبر الأجهزة المعنية، وإذا عجزت عن الإثبات تتم إحالة الموضوع للمحكمة لإجراء فحص الحمض النووي.
ولكن بعيدا عن الأنظمة والقوانين تطرح (عكاظ) هذا السؤال: ما دوافع هذه الزيجات في ظل الفوارق السنية الكبيرة بين الزوجين؟، وماذا عن رأي العلماء والإختصاصيين النفسيين والاجتماعيين؟، وإلى أية درجة يكون هذا النوع من الزواج مقبولا اجتماعيا؟.
نماذج صارخة
قبل فترة ليست طويلة تزوج رجل في السبعين من عمره بفتاة شابة في الرابعة عشرة من عمرها ولم تحتمل الصغيرة الحياة فطلبت وبإصرار الطلاق بعد زواج استمر شهرين كما تزوج آخر في الأربعين بفتاة لم تتجاوز الحادية عشرة وقد طلقها هو الآخر بعد 60 يوما.
وقد أنهت إحدى المحاكم قضية زواج السبعيني «م . أ» بالفتاة «ح . أ» (14 عاماً) بالطلاق بعد ما رفعت والدتها قضية لعدم وجود تكافؤ في الزواج، ونفس القصة حدثت مع شقيقتها «م» (11 عاماً)، التي تزوجت من رجل يكبرها بعشرين عاما.
أما «ص . أ» فحكايتها مأساوية -كما تقول - فهي حكاية طفلة أصبحت زوجة وعمرها لا يتجاوز الثالثة عشرة سنة وطلقت بعد شهرين من الزواج.. وتضيف قائلة: لقد تزوجت وأنا صغيرة، وكانت الزيجة بالإكراه فخرجت من المدرسة من أجل هذا الزواج، ولم أكن أعرف معنى أن أعيش مع رجل في بيت واحد، وكنت خائفة جداً، ولم أستطع الاستمرار فطلقت بعد شهرين.
الطفلة (ر) تفاجأت بأنها الزوجة الثالثة لشخص يكبرها بستين عاما بل إن الزواج حدث دون علمها وهي في العاشرة من العمر من شخص سبعيني لا تعرفه. أما (خ.ح) فتقول: كان زواجي بمثابة الكارثة بالنسبة لي لأن والدي زوجني وأنا في السادسة عشرة من رجل في الستين وبدون أخذ موافقتي، ونصحت الفتيات بعدم القبول من بالزواج من كبار السن مهما مورس عليهن من ضغوط، ومن ثمّ دعت أولياء الأمور إلى عدم إجبار بناتهم على الزواج من كبار السن.
وترى (م . أ) أنها كانت ضحية دين والدها الذى استدان مبلغا كبيرا من أحد أصدقائه وأجبر والدي على تسديده أو التنازل عنه مقابل تزويجه إحدى بناته وكنت أنا أكبر أخواتي وأبلغ العشرين من العمر ولذلك فإن زواجي مجرد دفع لثمن لم يكن لي ذنب فيه.. وتعتقد«و . أ» أنه من الصعب أن تفكر فتاة في الارتباط بشخص كبير السن إلا إذا فاتها قطار الزواج أو حبا فى المال، لكن عدم التكافؤ من حيث السن أو الفكر أو الثقافة يؤدي إلى الطلاق.. فيما ترى «أ. ق» أن كثيرا من الفتيات ضحية لمثل هذه الزيجات وتصبح حياتهن في مهب الريح.
اتفقت آراء معظم المختصين على وجود آثار سلبية مترتبة على هذا الزواج أبرزها الانفصال والطلاق مبكرا نتيجة للاختلاف وعدم التوافق وعدم قدرة الزوج المسن على تلبية الاحتياجات العاطفية والنفسية، وطالبوا بضرورة سن تشريعات جديدة للزواج وتحديد تكافؤ عمري مناسب بين الأزواج لبناء أسرة سعيدة.
في جازان اعتبر عدد من مشايخ القبائل أن ظاهرة زواج كبار السن من الفتيات الصغيرات أصبحت مزعجة مطالبين بضرورة الالتزام بتحديد السن المناسبة للزواج حفاظا على حقوق الفتيات.. ومع أن الشيخ محمد سلمان غزواني يرى أن هذه الظاهرة تتلاشى بفعل الزمن وانتشار الوعي إلا أنه يحذر من انتشارها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة حيث يتجه الكثيرون إلى غير السعوديات وخصوصا من المناطق الحدودية أو من دول مجاورة هروبا من دائرة الرقابة المجتمعية.. ويدعو الشيخ محسن الكعبي إلى ضرورة طرح هذه القضية لدى مشيخة القبائل وإلزامهم بمنع مثل هذه الزيجات.
تشريع دولي
المحامي محمد العباس يطالب بوضع لوائح دولية لمنع هذه الظاهرة وحفظ الحقوق الشخصية مضيفا أن أي قانون سيظهر من قبل مجلس الشورى سيعطي الضوء لظهور قضايا حقوقية وقضايا فسخ أنكحة قسرية.
وفيما يتعلق بالبعد النفسي للظاهرة أكد أستاذ الطب النفسي بمستشفى أبها الدكتور إبراهيم محمد معرف أن التكافؤ الزوجي من أهم مقومات الحياة الزوجية الناجحة لكنه اعتبر أن الزواج بين فتاة في ربيع العمر ورجل في خريفه ليست ظاهرة في المجتمع -حسب تقديره- ولكنها أحداث فردية، وأشار إلى أنه ليس هناك حد أقصى ولا أدنى لفارق السن بين الزوج والزوجة، لكن هناك حاجات مادية واجتماعية ونفسية للفتاة وللرجل وطالما شعرت الفتاة أن هذا الزوج لديه القدرة على تحقيق أكبر قدر منها فإنها تقبل الزواج منه، أما الرجل فمهما بلغ من السن فلديه احتياجاته الخاصة قد لا تكون مادية ولكن نفسية واجتماعية.. وشدد الأخصائي الاجتماعي بمستشفى الصحة النفسية بالطائف مسفر القحطاني على أن الزواج غير المتكافئ مصيره الفشل ولأن الزوج في هذه السن لا يستطيع الوفاء بواجباته، مضيفا أنه لو استمر الزواج فإنه من المتوقع أن تكون هناك خيانة زوجية حين تقع الزوجة الصغيرة فريسة سهلة لمن يوهمها بأنه سيعوضها عما ينقصها ويغرر بها مما يجعلها تعيش عقدة الشعور بالذنب.. وتؤكد الأخصائية النفسية والاجتماعية فاطمة الراجحي أنه مهما كانت المبررات فإنه لا إكراه في الدين، وتتساءل هل يعقل أن تعيش الفتاة أو المرأة مع من تكره معاشرته عمرا موفقا وسعيدا؟ وأليس من حق المرأة أن تختار وأن تقرر شكل الحياة المعقولة التي تريدها؟
التكافؤ مؤشر إيجابي
وفي رأي الدكتور عبدالله الحميد مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة عسير أن من أهم عوامل نجاح الحياة الزوجية التكافؤ بين الزوجين مشيرا إلى أن التكافؤ ينحصر في جانب معين بل يشمل الجانب العمري والتعليمي والمادي والثقافي والمزاجي.. وأكد أن تكافؤ هذه الجوانب يعتبر مؤشرا لحياة زوجية ناجحة.
واعتبر أن التكافؤ العمري بين الزوجين يأتي في مقدمة هذه الجوانب وأن لكل مرحلة عمرية خصائصها واحتياجاتها، فالشاب أو الشابة مثلا يتمتع كلاهما بالصحة والعنفوان الجسدي والجنسي، أما كبار السن فهم أقل صحة جسدية، وأقل قدرة، كما أنهم يختلفون عن الشباب في طريقة تفكيرهم ونظرتهم إلى الحياة وإلى العالم ومن ثم فإن احتياجات الشاب النفسية والاجتماعية والجسدية والعاطفية والترفيهية تختلف عن احتياجات المسن، وأشار الحميد إلى أن المسن يمثل ثقافة جيل يختلف عن ثقافة جيل الفتاة الصغيرة من حيث اللهجة والملبس والمأكل وغيرها مما يؤدي إلى ضعف في عملية التواصل بين الزوجين، مؤكدا أن كل زواج بين مسن وفتاة سيكتب له الفشل.
وأضاف: إنه لا توجد توجيهات رسمية للمأذونين لعقود الأنكحة بسن معين لزواج الفتيات وإنما يرجع إلى الإيجاب من ولي الزوجة والقبول من الزوج والزوجة وحضور الشهود ووجود التقرير الصحي الموثق بمدى صلاحية الزوج والزوجة للزواج وكذلك يؤخذ في الاعتبار التقارب العمري بين الرجل والمرأة والتراضي بين الطرفين.
الشيخ سعيد محمد آل مخفور مأذون أنكحة قال: إن الله شرع الزواج لحِكم سامية وغايات نبيلة وفوائد جليلة فقال تعالى : (فأنكحوا ما طاب لكم من النساء)، وقال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق عليه. ولفت إلى أن اقتران رجل في خريف العمر بفتاة في مقتبل العمر هو أمر نادر وله عدة دوافع من أهمها الإغراء المادي أو الحسب والمناصب.
وليس بالضرورة في رأي آل مخفور وجود آثار نفسية سلبية في جميع هذه الزيجات مشيرا إلى أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين عائشة كان زواجا ناجحا وفي غاية السعادة رغم فارق السن ، ولكن قد توجد بعض الأسباب التي تجلب الآثار السلبية ومنها قصور الزوج في بعض النواحي التى تحتاجها الفتاة.. وأكد المأذون الشرعي لعقود الأنكحة الشيخ عبدالعزيز الطلحي أن هناك تعليمات صادرة من وزارة العدل لجميع المأذونين الشرعيين بالاستماع إلى رد الفتاة بالإيجاب و القبول في مجلس العقد والاستماع إلى الرد من الفتاة دون وسيط بمعنى أن تقوم الفتاة بالتحجب والرد على سؤال المأذون..واعترف أن هناك تدليسا يحدث على بعض المأذونين الشرعيين وذلك كأن يُحضِروا للمجلس فتاة غير تلك التي ترغب في الزواج فتوهم المأذون بأنها المقصودة بالزواج ويتم العقد وهذا العمل يتحمل وزره الأب ومن دبّر ذلك الأمر.
من جهتها ناشدت الدكتورة سهيلة زين العابدين عضو لجنة الدراسات والاستشارات بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وزارة العدل لأجل الإسراع بالنظر في إمكانية الحيلولة دون تزويج الصغيرات، نظراً إلى حجم الآلام النفسية والجسدية التي تلحق بهن، مطالبة بتحديد سنّ أدنى للزواج بحسب معطيات الوقت الراهن، ووصفت حالات الزواج بالصغيرات بـ«النزوات»، لافتة إلى وجوب معاقبة من يتورط في إجبار فتاةٍ صغيرة على الزواج.
وأكد مستشار وزارة العدل الشيخ عبدالمحسن العبيكان أنه لا يجوز إجبار الفتاة أو المرأة على الزواج بالإكراه ، ونص على هذا صاحب الإقناع وشرحه من كتب الحنابلة والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قال: (لا تنكح البكر حتى تستأذن والثيّب حتى تستأمر) فلا يجوز إجبار الفتيات على الزواج ممن لا ترضى به.
وأضاف قائلا: إن ما نشاهده من تزويج الفتيات المراهقات من رجال كبار في السن رغبة في المال من قبل أولياء أمورهن شيء يحزن القلب ، مطالبا بتضافر الجهود من قبل المؤسسات الحكومية وأجهزة الإعلام والخطباء والعلماء للتحذير من خطورة هذا الزواج.