المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قبض العقار



ابن البدر
04-12-2009, 05:01 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,
اطلب ممن يملك الإجابه الإجابة عن سؤالي ..
وان تعددت الإجابات واختلفت أو أكملت بعضها فحسن.
من اشترى أرضا متى يعتبر قبضها واستلمها القبض والاستلام المعتبر شرعاً و قضاءاً ؟
وهل يتم ذلك بمجرد الإيجاب والقبول من البائع والمشتري ؟
وهل يعتبر وقوف المشتري على الأرض بعد البيع قبضاً؟
وماذا عن إفراغ الصك؟ هل هو القبض والاستلام المعتبر قضاءاً فقط؟
وما الفرق بين الاستلام والقبض ؟ إن كان هناك فرق.
ولكم الشكر مقدماً ..

المحامي علي السعدون
05-12-2009, 01:56 PM
حقيقة لي في هذه المسألة وجهة نظر يمكن اختصارها بالاتي:-
حتى ينعقد( البيع ) شرعا ويكون ملزما فى مواجهة أطراف العلاقة وبمواجهة الغير لابد من تحقق الإيجاب والقبول , والمراد بالإيجاب والقبول (هوكل مايدل على تحقق التراضي ) بعد توافر أهلية الموجب وتوافق القبول مع الإيجاب وتحديد الثمن وتحديد المبيع تحديدا نافيا للجهالة وتفرق المتبايعين على اتفقا عليه .ولا يشترط صيغة محددة لتحقق الإيجاب والقبول لان( العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني ) وهذا ما اجمع عليه أهل العلم عندما اتفقوا على أن العقود جميعها تنعقد باللفظ الدال على (المعنى ) أكان ذلك باللغة العربية أم العامية وسواء كانت هذه الدلالة صريحة أم كانت بطريق ألكتابه عدا عقد الزواج فانه بشترط له صيغة محددة لذلك يعتبر البيع لزام بمجرد تحقق الايجاب والقبول أستنادا لحديثه صلى الله عليه وسلم الذى رواه الشافعي عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " البيعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا ، أو يكون بيعهما عن خيار ، فإذا كان البيع عن خيار فقد وجب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=2174&idto=2182&lang=A&bk_no=94&ID=585#docu) وفيما رواه الشافعي عن وكيع عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كل بيعين فلا بيع بينهما حتى يتفرقا ، أو يقول أحدهما لصاحبه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=2174&idto=2182&lang=A&bk_no=94&ID=585#docu)أختر .وفيما رواه أبو زرعة عن عمرو بن حريث عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر مناديه أن ينادي ثلاثا " لا يفترقن بيعان إلا عن تراض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=2174&idto=2182&lang=A&bk_no=94&ID=585#docu) وقال مالك (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16867)وأصحاب الرأي : يلزم العقد بالإيجاب والقبول ، ولا خيار لهما ; لأنه روي عن عمر (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=2)رضي الله عنه : البيع صفقة أو خيار والتعاطي ، قام مقامهما
أما مسالة الإفراغ فهى لاتفيذ بثبوت البيع من عدمه لان الإفراغ ماهو إلا (إجراءات شكلية) لتنفيذ البيع فلو نكل أحد المتابعين عن تنفيذ التزامه جاز للطرف الأخر إلزامه بواسطة الحاكم الشرعي لان (المبيع بمجرد تحقق الإيجاب والقبول يدخل في ملك المشترى وكذلك ما يطراء على المبيع من زيادة ونماء فهي للمشترى) . هذا والله اعلم

د. ناصر بن زيد بن داود
06-12-2009, 09:36 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل : ابن البدر .
تأكيداً لما أفاد به أخونا - المحامي علي السعدون - يسرني أن أعقب بالآتي :-
1/ الإيجاب والقبول هما : ركنا صيغة العقد ، وليسا استلاماً ولا قبضاً .
2/ وقوف المشتري على الأرض لا يُعّدُّ قبضاً ، بل يُعَبَّرُ عنه بالرؤية النافية للجهالة ؛ إن كانت كذلك .
3/ إفراغ الصك من متممات القبض ، وليس هو القبض ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
4/ القبض في العقارات يكون بالتخلية بين المشتري وبين ما اشتراه ؛ ليبسط سلطانه عليها ، فيمكنه بذلك التصرف فيها بما يراه من التصرفات الشرعية .
ومتى كان هناك مانع من التصرف فالقبض يكون معيباً ، ولا تسري أحكامه على المشتري .

ومن مستلزمات القبض : استلام المفتاح للمنزل ونحوه .
ومنه : إخلاء العقار من كل ما يمنع المشتري من الاستفادة من عقاره .
ومن ذلك : إفراغ الصك بإسم المشتري بعد تحريره من القيود المتخذة على سجله العقاري .
ومنه : تسليم المشتري كافة الأوراق والمستندات المطلوبة نظاماً لابتداء التصرف المشروع في العقار .

كل ذلك عبَّر عنه الفقهاء بمصطلح ( التخلية ) ، وهو أن يُخلَّى بين المشترى وبين العقار ؛ ليتصرف فيه تصرف الملاك في أملاكهم .

ملحوظة :
المشاركة الأولى فوجئت بفقدها !، فأعدت كتابة الرد مرة أخرى .

ابن البدر
07-12-2009, 03:38 AM
شكراً جزيلاً للجميع... وصبحكم الله بالخير
في القصه التاليه..
قام "مضارب" بشراء ارض من "إقطاعي" وكان عليها أحواش إبل للإقطاعي ولم يطلب منه ترحيلها وإخلاء الموقع وباعها "مضارب" لـ"مستثمر" وأفرغ له الصك في كتابة عدل واستلم الثمن وأراد "مستثمر" إقامة استراحات على الأرض إلا انه اصطدم برفض "إقطاعي" إخلاء الموقع .. مما أدى بـ"مستثمر" إلى طلب فسخ البيع ودياً من "مضارب" الذي رفض الطلب.
ووكيل "إقطاعي" يقول انه استلم نصف الثمن من"مضارب" وان "مضارب" قد التزم بالباقي قبل تاريخ كذا " لم يحل بعد" ويقول كان "مضارب" ماسدد ردينا عليه قروشه وأخذنا منه ألارض .
و"مضارب" يقول انه سلم الثمن كاملا وليس في ذمته للإقطاعي شيء وسجلات كتابة عدل تثبت ذلك.
ووكيل "إقطاعي" يقول إن سجلات كناية عدل تثبت مقدار الثمن وما تثبت انه استلم.
في المحكمة هل سيتواجه الأطراف جميعهم أم بعضهم ومن سيواجه من؟
وهل سيحكم لـ"مستثمر" بفسخ البيع مع "مضارب"؟ أم سيحكم على "إقطاعي" بإخلاء الموقع؟
تحياتي واحترامي للجميع ..

سيادة القانون
10-12-2009, 03:24 AM
[/b][/size][/right]

استاذ علي

لعلي اخالفك الرأي ...أرى أن بيوع العقار هو من العقود الشكلية لا الرضائية فالقعد الشكلي لا ينعقد بمجرد توافق الارادتين "الايجاب والقبول" بل يحتاج الى افراغه بالشكل الذي تطلبه المنظم " ولي الأمر" -بلغة فقهاء الشريعة-...على اعتبار أن الافراغ هو قاعدة آمرة من النظام العام وبتالي مخالفته يترتب عليه بطلان العقد من اساسه وعليه فإن عقد البيع بدون الافراغ هو عقد باطل ولا يرتب اثره على اعتبار أن الافراغ هو "ركن انعقاد" لا ركن اثبات.

وفي حالة عدم تنفيذ التزم احد المتعاقدين - او ماتسميه بالنكول عن التنفيذ- لا يستطيع القاضي اجباره على التنفيذ العيني أو حتى التنفيذ بمقابل وذلك لبطلان العقد من اساسه.

المحامي علي السعدون
11-12-2009, 03:34 PM
أخى الكريم .. سيادة القانون
اشكر مداخلتك ....ويسعدني بحق أن تخالفني
حقيقة من وجهة نظري أرى أن تقسيم العقود من حيث صحة انعقادها لايختلف تقسميها بين فقهاء القانون وفقهاء الشريعة, من عقود رضائية :- وهى تلك التي يكفى لانعقادها تحقق (التراضي) باى دلالة تدل عليه سواء بالإشارة او القول او الفعل . وعقود عينية:- وهى التى لايكفى لانعقادها تحقق التراضي بل يدخل التسليم كركن من أركان العقد . مثال ذلك( القرض والوديعة والعارية) . إلا أن فقهاء القانون قد خرجوا بتسمية (عقد ثالث) وهو مايسمى ( بالعقد الشكلي) :وتم تعريفه بأنه عقد لا يكفي التراضي لانعقاده، بل يلزم أن يتم التعبير عن الإرادتين، في شكل معين، وهذا الشكل يُعَدّ ركناً في العقد،لاينعقد بدونه ). كتسجيل العقار ,ودخل هذا الشكل بفعل القاعدة القانونية ليكون ركناً من أركان العقد مثله مثل التراضي والمحل والسبب وبالتالى لايعتبر البيع نافذ فى مواجهة إطراف العلاقة او بمواجهة الغير إذ( خالف القاعدة القانونية) ولايمكن ألزام البائع بتنفيذ التزامه لبطلان البيع استنادا للقاعدة القانونية .لذلك الشكلية لأتخرج الى حيز الوجود ولايمكن الاحتجاج بها الا( بوجود القاعدة القانونية) التى تحكم ببطلان هذا الالتزام او بصحته فلو ذهبنا الى البيوع العقارية وفقاً للتقسيم القانوني نرأها من العقود الشكلية في غالبية القوانين والتى افترض القانون لها شكلاً معين لانعقادها ولكن هذه الشكلية ليست حكماًُ ثابت ولايمكن الاحتجاج به على الإطلاق مالم نحدد القانون الواجب التطبيق على هذه المسألة لان الشكلية متحركة مرنه مختلفة من قانون عن قانون فعلى سبيل المثال لو أسقطنا هذا التصرف محل البحث على القانون الفرنسي فيعتبر عقد البيع الابتدائى ناقل للملكية بذاته ولا يشترط له شكليه معينة وجاء موافقاً لما قررته الشريعة الإسلامية أما ما جاء بالقانون المصري فخرج عن هذا الأصل وأستطيع القول أن بعض شراحه (يزعموا) أن القانون الفرنسي شابه النقص وأنهم استطاعوا سد هذا النقص عندما فرضوا الشكلية واعتبروها ركن من أركان العقد وليس على المشترى إلزام البائع قضاً بتنفيذ التزامه إلا أنه من حق المشترى الرجوع فقط على البائع بما دفعه له . ونجد مثالا أخر على مرونة الشكلية ما جاء في القانون الليبي عندما استثنى شكلية معينة للبيوع العقارية ولم يفرض تسجيلها أن كان أطراف العلاقة تربطهم رابطة شخصية وأشترط الكتابة العرفيه لإثبات الالتزام .اما بالنسبة للقانون السعودي او التطبيق السعودي الذى يعتمد على الاجتهاد من خلال الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد لتشريعها وما يصدره ولى الأمر من أنظمة لأتعارض الشريعة فلا أجد الشكلية ألا في نطاق ضيق جداً وهو ماجاء فى نظام الشركات السعودي المادة العاشرة ( باستثناء شركة المحاصة يثبت عقد الشركة بالكتابة أمام كاتب عدل والا كان العقد غير نافذ في مواجهة الغير ولا يجوز للشركاء الاحتجاج على الغير بعدم نفاذ العقد أو التعديل الذي لم يثبت على النحو المتقدم وانما يجوز للغير ان يحتج به في مواجهتهم) وبالتالى وبإسقاط المادة الأولى من نظام المرافعات الشرعية والتي نصت على (تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكامَ الشريعة الإسلامية ؛ وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة ، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة ، وتتقيد في إجراءات نظرها بما ورد في هذا النظام ). نجد أن هذه العلاقة محل البحث لاتحكمها الا الشريعة الاسلامية التى اعتبرت هذا الالتزام من العقود الرضائية وبهذا أخذ القانون الفرنسي على خلاف الكثير من القوانين العربية التي اعتبرتها عقود شكلية.
هذ والله اعلم


.

قاضي المظالم
11-12-2009, 08:17 PM
أخي سيادة القانون

مشاركتك مفيدة للغاية وقولك معتبر بالنظر لماهية القاعدة القانونية الآمرة التي تحدد العقود الشكلية وتمايزها عن الرضائية .. وقد أفصحتَ في تعقيبك عن هذه الماهية صراحة من خلال اشتراط الـــقانــــــــــون شكلاً معيناً للعقد لا يمكن مع إغفاله الحكم بأثره حتى مع وجود الرضائية المُعبَّر عنها بالإيجاب والقبول ، لذا فإنه طالما كانت أحكام الشريعة هي القانون الواجب التطبيق لدينا وهي لم تنص على اشتراط الشكل في صورة الإفراغ الكتابي بل اعتبرت البيع تامَّاً مرتباً لآثاره بكل لفظً أو فعلٍ يدل عليه ثم رسمت للقضاء منهجه (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) فإنها تكون بذلك نصت صراحةً على بطلان التمسك بالامتناع لمجرد فقد الشكلية ...


أخي المحامي علي السعدون

تفصيلٌ رائعٌ وفوائدُ جمَّة وقولٌ سديد ..
لا عدمناك

سيادة القانون
13-12-2009, 08:18 AM
الاستاذ الكريم علي السعدون ..ماتفضلت به كان إثراء علمي استفدت منه كثيراً وإن كنت اتفق معك بان البيوع في احكام الفقه الاسلامي تقوم على الرضائية لا على الشكلية الا انني اختلف معك فيما تفضلت به على النحو التالي :


على سبيل المثال لو أسقطنا هذا التصرف محل البحث على القانون الفرنسي فيعتبر عقد البيع الابتدائى ناقل للملكية بذاته ولا يشترط له شكليه معينة وجاء موافقاً لما قررته الشريعة الإسلامية
هذا ماكان يحكم به القانون المدني الفرنسي قديماً في نص المادة 1138 مدني على اطلاقه ولكن هذا الاطلاق قد قيّد بصدور قانون تسجيل العقار الفرنسي الصادر عام 1855م والمعدل بقانون تسجيل العقار 1935 م والذي اشترطا التسجيل كشكلية معتبرة في العقد يمكن من خلالها الاحتجاج بمواجهة الغير والا اصبح المشتري مالكاً للمبيع في مواجهة البائع وغير مالكاً له في مواجهة الغير ..وللمعلومة عقد الابتدائي يقصد به العقد غير المسجل وعقد البيع النهائي يقصد به ما كان مسجلاً .. راجع في جميع ماسبق ذكره -د مرقس ،عقد البيع، المنشورات الحقوقية ،بيروت ، الطبعة الخامسة ،1990 م، ص376 ومابعدها.


أما ما جاء بالقانون المصري فخرج عن هذا الأصل وأستطيع القول أن بعض شراحه (يزعموا) أن القانون الفرنسي شابه النقص وأنهم استطاعوا سد هذا النقص عندما فرضوا الشكلية واعتبروها ركن من أركان العقد وليس على المشترى إلزام البائع قضاً بتنفيذ التزامه إلا أنه من حق المشترى الرجوع فقط على البائع بما دفعه له

هذا رأي السنهوري-رحمه الله- وهو رأي ليس له رواج لا في المشهور من الفقه المصري ولا احكام محكمة النقض المصرية -رغم اتفاقي معه على الحكم و اختلافنا في التعليل-، إذا أن المستقر عندهم بأن التسجيل بموجب قانون السجل العيني رقم 142 لعام 1964م لا يعني أن بيوع العقارات في مصر هي من العقود الشكلية وإنما هو عقد في اصله رضائي بل حتى في ظل قانون التسجيل 1923م ، جاء في المادة الاولى من قانون 1923 وتقابله المادة 26 من قانون السجل العيني لعام 1964 ما نصه (جميع التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيئ من ذلك يجب قيدها فى السجل العينى ...ويترتب على عدم القيد أن الحقوق المشار اليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة الى غيرهم ..ولا يكون للتصرفات غير المقيدة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوى الشأن ) ويقول العلامة مرقس في تفسيره لهذا النص " وقد فسر البعض هذين النصين الاخيرين بأنهما جعلا عقد البيع عقداً شكلياً وبان المقصود بهما أن عقد البيع غير المسجل يقع باطلاً ولكنه يتحول الى عقد غير مسمى ينشى التزامات شخصية ..غير أن هذا التفسير لا محل له لأن المشرع لم ينص على جعل التسجيل شرط انعقاد ولا على أن يكون جزاء تخلفه بطلان العقد ، ولا على أن العقد غير المسجل ينشى التزامات أو اثار اخرى غير الالتزامات أو الاثار التي تترتب على البيع بوجه عام حتى يمكن القول بان البيع غير المسجل يقع باطلاً ولكن تترتب عليه التزامات شخصية تختلف عن الالتزامات التي تترتب عادة على عقد البيع ".. الى أن قال "ولذلك لم يصادف رأيهم رواجاً يذكر وما لبث الفقه والقضاء أن استقرا على أن قانون التسجيل لم يغير من طبيعة عقد البيع الرضائية ولم يجعل من التسجيل ركناً في البيع بل اقتصر على ان يجعل تنفيذ الالتزام بنقل ملكية العقار المبيع هو وحده الذي يحتاج الى التسجيل" واستشهد بحكم لمحكمة النقض (نقض مدني 2 مايو 1973) " .....لم يغير من طبيعة عقد البيع من حيث هو عقد من عقود التراضي وتتم وتنتج اثارها بمجرد توافق الطرفين ..وإنما هو فقط قد عدل اثاره بالنسبة للعاقدين وغيرهم فجعل نقل الملكية غير مترتب على مجرد العقد بل أرجأه الى حين حصول التسجيل وترك لعقد البيع معناه وباقي آثاره" -راجع في ذلك ،د مرقس، المرجع السابق ، ص 390.

إذا نخلص مما تقدم الاتي :
1- في القانون الفرنسي عقد بيوع العقارات من العقود الشكلية في مواجهة الغير إذ أنه بدون التسجيل لا يعتبر المشتري مالك للعقار ويقصد بالغير من ترتب له حقوق عينيه على العقار المبيع.
2-في القانون المصري عقد بيوع العقارات من العقود الرضائية وما التسجيل الا شرطاً لتنفيذ احد اثار البيع وهو التزام البائع بنقل ملكية العقار المبيع الى المشتري إذ أنه يحق للمشتري طلب التنفيذ الجبري عند عندم تنفيذ البائع لتنفيذ التزامه بنقل المكلية كما أن يد البائع على المبيع قبل تسجيل يد ضمان بحيث يضمن هلاكه كما يحق للمشتري رفع دعوى ضمان التعرض وطرد الغاصب كما يجوز للمشتري مطالبة البائع بتسليمه العقار ولو قبل تسجيل العقد وانتقال الملكية اليه (هذه الاثار نصت عليها الاحكام العامة للقانون المدني المصري بالاضافة الى احكام محكمة النقض المصرية)-راجع مرقس ، المرجع السابق ، ص 397 -.


ونجد مثالا أخر على مرونة الشكلية ما جاء في القانون الليبي عندما استثنى شكلية معينة للبيوع العقارية ولم يفرض تسجيلها أن كان أطراف العلاقة تربطهم رابطة شخصية وأشترط الكتابة العرفيه لإثبات الالتزام

عندما وقفت على هذه الجزئية ، قلت في نفسي عن المشرع الليبي ..ماهذا المشرع "الأهبل" الذي جعل للورقة العرفية قوة الورقة الرسمية في الاثبات وعلى وجه الخصوص أن تكون سنداً للملكية ثم قلت في نفسي لعل المشرع الليبي قد اشترط للورقة العرفية مصادقة موظف عام على صحتها من حيث التأكد من شخصية البائع والمشتري وعدم تعلق حق للغير على المبيع ..الأمر الذي جعلني استعين "بالبحث" عن صحة هذه المعلومة والذي وجدته أن التشريعات العقارية في ليبيا تشريعات قاسية ولا عجب اذ كان شعارها الاشتراكية وما جدته أيضاً بأن المشرع الليبي قد نقل ما يخص تسجيل العقار المبيع من القانون المصري حرفياً ..إذ جاء في نص المادة 21 قانون رقم12 لسنة 1988 " التسجيل العقاري الاشتراكي الليبي" (جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب تسجيلها.ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة لغيرهم.ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من أثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن ) -راجع في ذلك الرابط -
http://www.aladel.gov.ly/main/modules/sections/item.php?itemid=197


واستطراداً لما سبق تجدر الاشارة الى أنه من القوانين التي نصت صراحة على كون بيوع العقار من العقود الشكلية والتي يترتب على عدم تسجيلها بطلان العقد ماجاء في نص المادة 16/3 من القانون التسوية الاردني " في الاماكن التي تمت التسوية فيها لا يعتبر البيع والمبادلة والافراز والمقاسمة في الأرض أو الماء صحيحاً الا اذا كانت المعاملة قد جرت في دائرة التسجيل" وهذا يعني أن الشكلية ركن انعقاد بحيث يترتب على بيع العقار خارج دائرة التسجيل عدم ترتب اي اثر عليه ومن يكون الحكم بإعادة المتعاقدين على الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد بمعنى للبائع استرداد المبيع وللمشتري استرداد الثمن .

وخلاصة ما سبق ذكره وهو ما يهمني..ان بيوع العقار تستلزم الشكلية "بالتسجيل أو بالافراغ" ولكن القوانين تختلف من حيث ترتيب الاثر ما بين البطلان المطلق بنص صريح مثل القانون الاردني وبين تعليق اثر الالتزام بنقل الملكية مثل ماجاء في القانون المصري ومابين إستئثار المشتري ببعض عناصر الملكية لا كلها في مواجهة الغير في القانون الفرنسي .

والسؤال المطروح لماذا الحكم لدي بأن بيوع العقار في السعودية والتي تتطلب شكلية متمثلة بالافراغ هو عقد باطل إذ لم تتم هذه الشكلية ؟ ولماذا أرى بأن هذه الشكلية تخلفها يرتب بطلان العقد حتى في ظل القانون المصري وبالرغم من أن الفقه والقضاء استقر على خلاف ما اقول به وعلى الرغم من كون زعيم هذا الرأي الذي أخالفه استاذ اساتذتنا العلامة سليمان مرقس مع فضله وقدره العلمي؟!

الجواب على ذلك " هو تقرير نظرية البطلان فيما تعارض مع المصلحة العامة" سواءً قصد المشرع أو المنظم ذلك صراحة أو فهم من النص قصده الى ذلك إذ ان المصلحة العامة مرتبطة بالنظام العام والنظام العام قواعده آمره لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ..كما أنه يستحيل أن يكون الباعث للمشرع أو المنظم من "التسجيل أو الافراغ" في البيوع العقارية هو من قبيل "اللغو" أو "التزود بلا مبرر" بل يهدف الى مصلحة عامة هذا المصلحة لعلها من وجهة نظري حماية للاستقرار المعاملات من جهة وضمان سلامة التصرفات العقارية وتسهيل تداول العقار وحماية اطراف العلاقة وخلفهم العام والخاص وبتالي البطلان جزاء للعقود التي تخرج عن دائرة المصلحة العامة.
أما الأحتجاج بنص المادة الاولى من نظام المرافعات الشرعية لا يصلح أن يكون دليلاً على عدم بطلان بيوع العقار بدون إفراغها على اعتبار ان عقد البيع في الفقه الاسلامي عقد رضائي لا شكلي وبتالي الشكلية هي مخالفة لأحكام الشريعة الاسلامية هذه المسألة تحتاج الى دليل قطعي حتى يعتبر أن اشتراط "الافراغ" من قبل ولي الأمر في بيوع العقارات يتعارض مع احكام الشريعة وبتالي هو في حكم العدم.

هذا ما يظهر لي من رأي قانوني ..هو رأيي الخاصة والمتواضع والذي لا ادعي صحته كما لا ادعى أنه الحقيقة المطلقة وعندما أجد الحق في غيره لا التفت إليه..مع تمسكي بمقولة " إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"

دمت بخير استاذي الكريم .

المحامي علي السعدون
13-12-2009, 05:32 PM
ألاستاذ الكريم : سيادة القانون..
اشكر تعقيبك الجيد للموضوع ولاشك اني أستفدت منه كثيراً واقتنعت به. وعدلت من بعض قناعتي .. أما ماهو موضوع خلاف فاسطرحه جانباً لنكون متفقين جميعاًعلى أن الشكلية مرنه مختلفه من قانون عن قانون وأنه لا يمكن الحكم بها أطلاقاً مالم نحدد القانون الواجب التطبيق. وبه يتضح لنا التمييزما بين العقود الرضائية والعقود الشكلية .
وفقنا الله وأياكم .

سيادة القانون
13-12-2009, 07:15 PM
لذا فإنه طالما كانت أحكام الشريعة هي القانون الواجب التطبيق لدينا وهي لم تنص على اشتراط الشكل في صورة الإفراغ الكتابي بل اعتبرت البيع تامَّاً مرتباً لآثاره بكل لفظً أو فعلٍ يدل عليه ثم رسمت للقضاء منهجه (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) فإنها تكون بذلك نصت صراحةً على بطلان التمسك بالامتناع لمجرد فقد الشكلية

فضيلة الاخ الكريم قاضي المظالم ..تواجدك هنا محل اثراء وقيمة علمية ..وهي فرصة لي أن ابوح بأعجابي الشديد بالفوائد الثمينة التي تهديها لنا .

ودعني اعقب على ماتفضلت به من وجهة نظري :

1- احكام الشريعة الاسلامية ليست هي الوحيدة واجبة التطبيق- وإن كانت هي المصدر الأعلى - بل هناك انظمة سنها ولي الأمر هي ايضاً واجبة التطبيق طالما انها لا تخالف الكتاب والسنة.
2-الاية الكريمة التي استشهدت بها جاءت بلفظ العقود بشكل مطلق وبتالي يشمل جميع العقود الصحيح منها والباطل وإن كان هذا الاطلاق قد قيدته السنة النبوية بأن حددت شرائط الصحة والبطلان ، ولا يمكن أن يستدل به على الرضائية وإنما كان الخطاب في الاية الكريمة يتضمن ضرورة الوفاء بالالتزام ..أي أنها تعدت مرحلة "إنعقاد العقد" بالرضا الى مرحلة "تنفيذ العقد"بما التزم به المتعاقدان.

3-طريقة الاستدلال بأن احكام الشريعة الاسلامية هي المصدر الأقوى درجة في سلم مصادر التشريع من النظام ..هو استدلال صحيح من حيث الفكرة ..ولكن ليس هذا محله إذ يجب على القاضي عند النظر في النزاع المعروض عليه ..ان يقوم بالموازنة بين مصادر التشريع ولا أن يحكم بأن احكام الشريعة هي القانون واجب التطبيق دون النظر في احكام النظام أو حتى مجرد الالتفات له ولا كان حكمه بالمنطق القانوني هو حكم باطل لأنه يتعارض مع المصلحة العامة التي من اجلها سنة الانظمة .

4-الكثير من بعض المهتمين بالشأن القانوني أو القضائي ..دائماً ما يرددون بأن أحكام الشريعة الاسلامية هي القانون الواجب التطبيق لدينا ..وإن كنا نفخر ونحمدالله بأنها هي السائدة في قضائنا ..الا أنني إذا استعرت "عدسات" الباحث القانوني "المكبرة" لوجدت أن هذا القول ليس على اطلاقه ..والمثال على ذلك "التحصين التشريعي لأعمال السيادة" كما نصت عليها أنظمة ديوان المظالم القديمة والجديدة ..لأنه من المعلوم لدى فضيلتكم بأن لا يستطيع اي شخص وقع عليه ضرر ناتج عن عمل من أعمل السيادة التقدم بدعوى المطالبة بالتعويض في مواجهة الادارة والا كانت دعواه مصيرها "الرد لعدم الاختصاص" وهذا ينسحب على جميع المحاكم المدنية منها والتجارية ، على الرغم من أن احكام الفقه الاسلامي تحمل قاعدة " الضرر يزال" وقاعدة " لاضرر ولا ضرار" وبتالي لا توجد حصانة لمحدث الضرر في الشريعة الاسلامية مهما كان حاكماً أو محكوماً والابعد من ذلك حتى الشخص- غير المميز- ملزم بضمان الضرر الذي يحدثه....مثل هذا الحكم هو الذي يصلح عليه استدلالكم بأن الشريعة الاسلامية هي واجبة التطبيق وبتالي ماتعارض منها هو في حكم البطلان .

الف شكر لحضورك ومرورك من هنا ...اجمل تحياتي

سيادة القانون
13-12-2009, 07:52 PM
لأنه من المعلوم لدى فضيلتكم بأن لا يستطيع اي شخص وقع عليه ضرر ناتج عن عمل من أعمل السيادة التقدم بدعوى المطالبة بالتعويض في مواجهة الادارة والا كانت دعواه مصيرها "الرد لعدم الاختصاص" وهذا ينسحب على جميع المحاكم المدنية منها والتجارية

ملاحظة : لم اقصد المحاكم التجارية وإنما الادارية وهذا سبق قلم ..نعتذر منه.