المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية



طارق محمد اسماعيل
26-10-2016, 09:38 AM
وقد أوضحت المادة 35 من نظام المرافعات الشرعية الدعاوي والمنازعات التي تدخل في اختصاص المحاكم التجارية، فنصت على أن تختص المحاكم التجارية بالنظر في الآتي:
أولا: جميع المنازعات التجارية الأصلية والتبعية التي تحدث بين التجار:
ويقصد بالمنازعة التجارية الأصلية تلك التي تنشأ عن ممارسة الأعمال التجارية المنصوص عليها في المادة 2 من نظام المحكمة التجارية. وقد جرى الفقه على تقسيم الأعمال المذكورة إلى نوعين من الأعمال: الأولى هي الأعمال التجارية المنفردة كشراء المنقول لأجل البيع بقصد الربح، والتعامل بالأوراق التجارية، وأعمال الصرافة والبنوك، والسمسرة، وأعمال التجارة البحرية، والثانية هي الأعمال التجارية على سبيل الاحتراف: كأعمال التوريد، والوكالة بالعمولة، والنقل، ومحلات ومكاتب الأعمال، والبيع بالمزاد، وإنشاء المباني.
ثانيا: الدعاوى التي تقام على التاجر بسبب أعماله التجارية الأصلية والتبعية:
ويقصد بالأعمال التجارية بالتبعية تلك الأعمال التي تعتبر في الأصل أعمالا مدنية ولكنها تكتسب الصفة التجارية؛ بسبب صدورها من تاجر لشئون تتعلق بتجارته. ومثال ذلك قيام التاجر بشراء الأثاث والمهمات اللازمة لمحله التجاري، أو شرائه السيارات لنقل بضائعه، أو تعاقده مع الشركات لتوريد المياه أو الكهرباء لمحله التجاري. فكل هذه الأعمال تكتسب الصفة التجارية بالتبعية بالنسبة للتاجر على الرغم من إنها أعمال مدنية في الأصل.
ثالثا: المنازعات التي تحدث بين الشركاء في الشركات:
تختص المحاكم التجارية ثالثا بنظر المنازعات التي تحدث بين الشركاء في الشركات. ورغم أن النص قد أطلق لفظ الشركات إلا أن المقصود بها الشركات التجارية دون الشركات المهنية، لأن الأولى هي التي تزاول الأعمال التجارية دون الثانية. وعلى ذلك تخرج منازعات الشركاء في الشركات المهنية كشركات المحاماة وغيرها من اختصاص المحاكم التجارية وتدخل في اختصاص المحاكم العامة؛ لعدم اكتساب الشركاء فيها أو الشركة ذاتها الصفة التجارية. ويجب أن يكون النزاع بين الشركاء منصبا على أعمال الشركة بدءا من تأسيسها إلى غاية تصفيتها؛ وتبعا لذلك، يخرج عن الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية البت في المنازعات الناشئة عن العلاقات الشخصية بين الشركاء؛ لأن النزاع يكون منبت الصلة عن نشاط الشركة.
رابعا: جميع الدعاوى والمخالفات المتعلقة بالأنظمة التجارية دون إخلال باختصاص ديوان المظالم:
توجد أنظمة تجارية عديدة تحكم الكثير من الأنشطة التجارية بالمملكة، ورد النص فيها على اختصاص محاكم ديوان المظالم بالمنازعات التي تنشأ عن تطبيقها. وبانسلاخ الدوائر التجارية عن ديوان المظالم، فقد انتقل الاختصاص بنظر هذه المنازعات إلى المحاكم التجارية. ومع ذلك يبقى الاختصاص منعقدا لديوان المظالم (المحاكم الإدارية)، فيما يتعلق بالدعاوي والمخالفات التي تنطوي على منازعة إدارية ذات صلة بتطبيق تلك الأنظمة. ومثال ذلك المنازعات المتعلقة بمنح العلامة التجارية أو إلغاء تسجيلها أو شطبها، إذ يكون الاختصاص بنظرها للمحاكم الإدارية بديوان المظالم.
خامسا: دعاوى الإفلاس والحجر على المفلسين ورفعه عنهم:
ينعقد الاختصاص للمحاكم التجارية بنظر دعاوي الإفلاس، وهي الدعاوي التي تهدف إلي التنفيذ الجماعي على أموال المدين التاجر الذي عجز عن سداد ديونه التجارية في مواعيد استحقاقها؛ بسبب استغراق ديونه جميع أمواله. كما تختص بكل المنازعات التي تتفرع عن الإفلاس مثل تعيين أمين التفليسة، ووضع الأختام علي محلات التاجر، والسيطرة على دفاتره، والتحفظ على أمواله، وتخصيص ما يكفى من أمواله لعائلته ومعيشتهم. كما تختص المحكمة بقفل أعمال التفليسة لعدم كفاية أموال المفلس، وبدعاوي التسوية الواقية من الإفلاس. وبصفة عامة تختص بالنظر في جميع المنازعات الناشئة عن الإفلاس ولو كانت من اختصاص محكمة أخرى.
سادسا: المنازعات التجارية الأخرى:
ويقصد بهذه المنازعات كل منازعة لم تندرج تحت الحالات السابقة ولها صلة بالمعاملات التجارية، أو بمزاولة النشاط التجاري. ولعل من أهم المنازعات التجارية الأخرى التي تدخل في اختصاص المحاكم التجارية هي المنازعات المصرفية؛ باعتبارها من صميم الأعمال التجارية وفقا لنص المادة الثانية من نظام المحكمة التجارية الذي عدد أعمال البنوك والصرف من بين الأعمال التجارية المنفردة. ولكن هذه المنازعات ستظل بمنأى عن اختصاص المحاكم التجارية في الوقت الحالي، وسيستمر نظرها من لجنة تسوية المنازعات المصرفية لحين انتهاء المجلس الأعلى للقضاء من دراسة وضعها.
ونستخلص مما تقدم أن جميع المنازعات التجارية أصبح نظرها يجري تحت مظلة قضاء واحد هو القضاء العام، وذلك بعد أن كانت تلك المنازعات يغلب عليها التشتت بين أكثر من جهة اختصاص فيما سبق منقول