المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفاوت الأَحكام في قضايا الحدود



سعد الهوارى
27-04-2017, 08:49 AM
• حدُّ الخمر( المسكِر) :
وتتفاوت فيه أَحكام القضاة مِن جهة نوع العقوبة ، وقدرها ، ووسيلة ثبوتها ، فجُل القضاة – وهو ما وردت به التعليمات ، وعليه العمل المستقِر - يجعل حدَّه ثمانين جلدة بكلِّيَّتها ، وقليل منهم يجعل الحدَّ أَربعين جلدة فحسب ، وندرة منهم يحكم بثمانين جلدة ، أَربعون منها حداً ، وما زاد إِلى الثمانين تعزيراً ، ويصرح بذلك في منطوق الحكم .
أَمَّا من جهة وسيلة ثبوتها وتقريرها ، فغالبهم لا يعتد في إِقامة الحد إِلا بالبينة القطعية في الثبوت ، التي لا تعتريها شائِبة الظنية والاحتمال ، وإِلا درأَ الحد ، كما هو الحال فيمن وجدت منه رائِحة الخمر ( الاستشمام والاستنكاه ) ، أَو وجدت في عينة دمه وبوله أَو أَحداهما بعد التحليل المخبري ، - فبعض القضاة يقيم الحد بمجرد ثبوتها ؛ لقطعيتها عنده ، وبعضهم يعدها من القرائِن الظنية التي يداخلها الاحتمال ، فيعتبرها في حال ثبوتها من قبيل الشبهة الموجبة للتعزيز بما دون الحد ، ولو انضم إِليها قرينة أُخرى ، فلا ترقى للحكم به ، وبعضهم يعدها موجبة للحد في حال انضمام قرائِن أُخرى تعضدها - أَو كانت المادة محل اختلاف في اعتبار إِسكارها ، مثل تعاطي القات ، وتشفيط الغراءِ المسمى ( باتكس) ، والصبغة ( البوية) ، واستعمال الحشيش ، وغير ذلك ، فغالب القضاة يرى موجبها التعزير ؛ لعدم إِسكارها ، عدا الحشيش ، فجلهم يرى إِقامة الحد فيه . ولهذا تتفاوت أَحكام القضاة في عدد من هذه القضايا المتماثلة لهذه المسوغات والأَسباب ؛ نظراً لاختلاف الاجتهادات الفقهية حولها ، والحال أَنها من المسائِل الخلافية ، وإِن كان الخلاف في بعضها ليس له حظ من النظر والاعتبار ، وصدر في بعضها قرارات من هيئَة كبار العلماءِ بتقرير العقوبة ، ووسيلة ثبوتها القطعية منها والظنية ، وعمل بها القضاة .
• حد الزنى للبِكْر :
وتتفاوت فيه الأَحكام من جهة صفة عقوبة التغريب فقط ، فجُل القضاة يحكم بالتغريب مسافة قصْر عن البلد ، وبعضهم يستبدله بالسجن بعد صدور قرار المجلس بهيئَته العامة ، والذي رجع عنه لاحقاً ، ثم عاد من حكم به من القضاة إِلى عمله السابق بالتغريب . ( الجلد مئَة في هذا الحد لا تباين فيه ، فهو منصوص في أَصله ) .
• حد الغِيلة :
ويمكن تفاوت الأَحكام فيه من جهة نوع العقوبة ، فمن يرى أَنه حق محض لله ، جعل موجبه الحد ، ولم يؤَثر عفو الورثة في إِسقاطه ، ومن يرى أَنه حق محض للآدمي ، أَو غلَّبه فيه ، أَوجب فيه القصاص ، وسقط في حال عفو الوارث . وقد وقع تفاوت الأَحكام في مثل هذا قبل صدور قرار هيئَة كبار العلماءِ في قتل الغيلة الذي خلص فيه إِلى أَنَّ موجبه الحد ، فوحد العمل ، وأَقصى التفاوت .
• حد الزنى للثيب :
وتتفاوت فيه الأَحكام بالنسبة للكافر المحصن إِذا زنى في دار الإِسلام ، فمن القضاة من يرى وجوب الحد ؛ لعدم اشتراط الإِسلام للإِحصان ، ومنهم يرى لزوم اشتراطه ، فلا يستقيم عنده الحد ؛ لفقد شرطه .

• حد السرقة :
وتتفاوت فيه الأَحكام من جهة مدى استكماله لشروط الحد ، ومن ذلك مطالبة المسروق منه ، واستدامتها إِلى حين إِقامة الحد ، وتكرار الإِقرار فيه مرتين ، فبعض القضاة لا يرى إِقامة حد القطع في السرقة إِذا تنازل المسروق منه قبل الحكم به ، ولم يتكرر فيه الإِقرار مرتين ، وبعضهم لا يرى ذلك شرطاً في صحة الحكم بالحد . وكذلك من جهة كون المال محترماً ، فبعض القضاة لا يحكم بالقطع في سرقة السلاح غير المرخص ؛ لشبهة عدم احترامه ؛ لحيازته دون إِذن ولي الأَمر ، وبعضهم يرى القطع فيه ؛ لأَن عدم الترخيص لا يؤَثر على احترام ماليته ؛ لأَنها خارجة عنه .