الزغيبي
10-03-2010, 08:51 PM
مسائل قضائية
( 24 )
عقوبة شرب غير المسلم للمسكر
الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ,أما بعد :
فللمقيم غير المسلم في المملكة العربية السعودية حكم المستأمن(121) ، فإذا شرب المقيم غير المسلم المسكر ، فهل يقام عليه الحد ؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول :
يقام عليه الحدّ ، وبه قال ابن عابدين من الحنفية(122) وغيره ، وهو قول الظاهرية (123) ؛ لأن الخمر محرمة في جميع الأديان ، ولأنه لم يرد دليل على تخصيص الحدّ بالمسلم .
القول الثاني :
لا يقام عليه الحدّ ، وهو قول جمهور الحنفية والمالكية والشافعية ، وهو الصحيح عند الحنابلة ، وعليه جماهير الأصحاب (124) ؛ لأنه يعتقد إباحة شرب المسكر ، ولأنا أمرنا أن نتركهم وما يعتقدون .
القول الثالث :
يقام عليه الحدّ إن سكر ، وهو رواية عن الإمام أحمد .
ويشـعر كـلام بعضهم بنـاء هـذه المسألة على مسألة هل الكفار مخاطبون بفروع الإسلام أم لا ؟(125) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن حكى هذه الأقوال :
(( وهذا إذا أظهر ذلك بين المسلمين ، وأما ما يستخفون به في بيوتهم من غير ضرر بالمسلمين بوجه من الوجوه فلا يتعرض لهم ))(126) .
وقال البهوتي : (( ولا يحدّ ذمي ولا مستأمن بشربه أي المسكر ولو رضي بحكمنا لأنه يعتقد حله )) (127) .
فإذا تقرر أن جمهور الفقهاء ، والصحيح من المذهب على القول بعدم إقامة حد المسكر على المستأمن ونحوه ، فهل يعزر إذا شرب المسكر ؛ بعد أن التزم بالتعليمات المانعة من شربه ؟
اتفق الفقهاء ـ رحمهم الله ـ على ان المستأمن يمنع من إظهار شرب المسكر بين المسلمين ، وذكر الإمام ، مالك ـ رحمه الله ـ أنهم يعاقبون على إظهاره (128) .
وعند النظر إلى عمل المحاكم أجد أن العمل ـ فيما وقفت عليه من أحكام ـ جار على تعزيره لمخالفته التعليمات التي قرر التزامه بها ، ويزاد في التعزير عند إشهاره الشرب ، ولا يصل التعزير إلى الحدّ، وهذا ما تقتضيه سيادة الدولة ، وكمال سلطانها ، وإلزام الغير بتعليماتها(129) .
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(121) انظر قرار الهيئة العامة بمحكمة التمييز بالرياض ذو الرقم 12 ، وتأريخ 29/1/1411هـ .
(122) انظر : ردّ المحتار على الدر المختار ، محمد أمين بن عمر ( ابن عابدين ) ، دار الكتب العلمية ، ج4 ، ص37 .
(123) انظر : المحلى بالآثار ، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ، دار الفكر ، ج12 ، ص376 .
(124) انظر : المبسوط ، للسرخسي ، ج24 ، ص31 ؛ التاج والإكليل ، للمواق ، ج8 ، ص433؛ شرح البهجة ، للأنصاري ، ج5 ، ص105 ؛ الإنصاف ، للمرداوي ، ج10 ، ص232ـ233 .
(125) انظر : الإنصاف ، للمرداوي ، ج10 ، ص233 .
(126) الفتاوى الكبرى ، تقي الدين ابن تيمية ، دار الكتب العلمية ، ج3 ، ص434 .
(127) كشاف القناع ، ج6 ، ص178 .
(128) انظر : المبسوط ، للسرخسي ، ج15 ، ص134 ؛ أسنى المطالب ، للأنصاري ، ج4 ، ص220 ؛ المغني للموفق ابن قدامة ، ج5 ، ص173؛ المدونة ، مالك بن أنس ، ج4 ، ص518.
(129) انظر : القرارات الصادرة من محكمة الزلفي برقم 7/5/ق ، وتأريخ 12/1/1428هـ ، ورقم 32/5/ق ، وتأريخ 4/3/1429هـ ، ورقم 67/2 ، في 27/7/1429هـ ، المصدق من محكمة التمييز بالرياض بقرارها رقم 1064/ج1/أ ، وتأريخ 23/8/1429هـ ؛ تعميم (و) رقم 143/12/ت ، وتأريخ 28/9/1399هـ التصنيف الموضوعي ، م1 ، ص774 .
( 24 )
عقوبة شرب غير المسلم للمسكر
الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ,أما بعد :
فللمقيم غير المسلم في المملكة العربية السعودية حكم المستأمن(121) ، فإذا شرب المقيم غير المسلم المسكر ، فهل يقام عليه الحد ؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول :
يقام عليه الحدّ ، وبه قال ابن عابدين من الحنفية(122) وغيره ، وهو قول الظاهرية (123) ؛ لأن الخمر محرمة في جميع الأديان ، ولأنه لم يرد دليل على تخصيص الحدّ بالمسلم .
القول الثاني :
لا يقام عليه الحدّ ، وهو قول جمهور الحنفية والمالكية والشافعية ، وهو الصحيح عند الحنابلة ، وعليه جماهير الأصحاب (124) ؛ لأنه يعتقد إباحة شرب المسكر ، ولأنا أمرنا أن نتركهم وما يعتقدون .
القول الثالث :
يقام عليه الحدّ إن سكر ، وهو رواية عن الإمام أحمد .
ويشـعر كـلام بعضهم بنـاء هـذه المسألة على مسألة هل الكفار مخاطبون بفروع الإسلام أم لا ؟(125) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن حكى هذه الأقوال :
(( وهذا إذا أظهر ذلك بين المسلمين ، وأما ما يستخفون به في بيوتهم من غير ضرر بالمسلمين بوجه من الوجوه فلا يتعرض لهم ))(126) .
وقال البهوتي : (( ولا يحدّ ذمي ولا مستأمن بشربه أي المسكر ولو رضي بحكمنا لأنه يعتقد حله )) (127) .
فإذا تقرر أن جمهور الفقهاء ، والصحيح من المذهب على القول بعدم إقامة حد المسكر على المستأمن ونحوه ، فهل يعزر إذا شرب المسكر ؛ بعد أن التزم بالتعليمات المانعة من شربه ؟
اتفق الفقهاء ـ رحمهم الله ـ على ان المستأمن يمنع من إظهار شرب المسكر بين المسلمين ، وذكر الإمام ، مالك ـ رحمه الله ـ أنهم يعاقبون على إظهاره (128) .
وعند النظر إلى عمل المحاكم أجد أن العمل ـ فيما وقفت عليه من أحكام ـ جار على تعزيره لمخالفته التعليمات التي قرر التزامه بها ، ويزاد في التعزير عند إشهاره الشرب ، ولا يصل التعزير إلى الحدّ، وهذا ما تقتضيه سيادة الدولة ، وكمال سلطانها ، وإلزام الغير بتعليماتها(129) .
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(121) انظر قرار الهيئة العامة بمحكمة التمييز بالرياض ذو الرقم 12 ، وتأريخ 29/1/1411هـ .
(122) انظر : ردّ المحتار على الدر المختار ، محمد أمين بن عمر ( ابن عابدين ) ، دار الكتب العلمية ، ج4 ، ص37 .
(123) انظر : المحلى بالآثار ، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ، دار الفكر ، ج12 ، ص376 .
(124) انظر : المبسوط ، للسرخسي ، ج24 ، ص31 ؛ التاج والإكليل ، للمواق ، ج8 ، ص433؛ شرح البهجة ، للأنصاري ، ج5 ، ص105 ؛ الإنصاف ، للمرداوي ، ج10 ، ص232ـ233 .
(125) انظر : الإنصاف ، للمرداوي ، ج10 ، ص233 .
(126) الفتاوى الكبرى ، تقي الدين ابن تيمية ، دار الكتب العلمية ، ج3 ، ص434 .
(127) كشاف القناع ، ج6 ، ص178 .
(128) انظر : المبسوط ، للسرخسي ، ج15 ، ص134 ؛ أسنى المطالب ، للأنصاري ، ج4 ، ص220 ؛ المغني للموفق ابن قدامة ، ج5 ، ص173؛ المدونة ، مالك بن أنس ، ج4 ، ص518.
(129) انظر : القرارات الصادرة من محكمة الزلفي برقم 7/5/ق ، وتأريخ 12/1/1428هـ ، ورقم 32/5/ق ، وتأريخ 4/3/1429هـ ، ورقم 67/2 ، في 27/7/1429هـ ، المصدق من محكمة التمييز بالرياض بقرارها رقم 1064/ج1/أ ، وتأريخ 23/8/1429هـ ؛ تعميم (و) رقم 143/12/ت ، وتأريخ 28/9/1399هـ التصنيف الموضوعي ، م1 ، ص774 .