طارق محمد اسماعيل
03-01-2018, 06:11 PM
ترجع هذه الفروق أساسا – وكما ذكرنا – من قبل إلى طبيعة وجوهر النزاع المعروض على القضاء، وما إذا كان نزاعا موضوعيا يتعلق بحق موضوعى عام ويؤدى من ثم إلى قيام دعوى الإلغاء، أم كان نزاعاً شخصياً أو ذاتياً يتعلق بحق شخصى أو ذاتى ويؤدى بالتالى إلى قيام دعوى التعويض، ويترتب على هذه التفرقة الجوهرية بين النزاع الموضوعى والنزاع الشخصى أوجه الاختلاف التالية:
لا يوجد فى قضاء الإلغاء سوى طرف واحد فقط هو المدعى، حيث يقوم هذا القضاء والذى يتعلق- كما ذكرنا- بخصومة موضوعية أو عينية على مخاصمة القرار الإدارى ذاته. وبمعنى آخر يهاجم أصحاب الشأن فى قضاء الإلغاء قرار إدارى معين، بينما يوجد فى دعوى التعويض طرفين هما جهة الإدارة المدعى عليها بالاعتداء على حق شخصى، والمدعى بهذا الحق، أو بأن هناك اعتداء وقع على حق شخصى أو ذاتى له.
- يكفى لقبول دعوى الإلغاء مجرد وجود مصلحة شخصية مباشرة لمدعى، بينما يشترط فى دعوى التعويض أن يكون للمدعى حق أثر فيه القرار المطعون فيه.
- للأحكام الصادرة فى قضاء الإلغاء حجية مطلقة تنصرف إلى الكافة. بمعنى أنه إذا ألغى القرار المطعون فيه، أصبح كأن لم يكن، لا بالنسبة إلى المدعى وحده بل بالنسبة إلى الكافة، بينما يكون للأحكام الصادرة فى قضاء التعويض حجية نسبية مقصورة على أطراف الخصومة دون غيرهم.
- إضافة إلى ماسبق ذكره من أن اللجوء إلى قضاء الإلغاء مقيد بمدة معينة يجب احترامها وإلا سقط الحق فى الدفاع عن مشروعية القرارات الإدارية، بينما لا يتقيد اللجوء إلى قضاء التعويض بهذه المدة طالما أن الحق المتنازع حوله لازال قائما لم يسقط بمدد التقادم المحددة له، نقول إضافة إلى ذلك، فإن القضاء الفرنسى مازال مضطردا على عدم جواز الجمع بين طلب الإلغاء وطلب التعويض فى عريضة واحدة، بمعنى أن دعوى الإلغاء لا يمكن أن تشتمل إلا على طلب الإلغاء دون أن يكون للمدعى حق طلب التعويض فى ذات طلب الإلغاء مع ملاحظة أن اشتمال دعوى الإلغاء على طلب التعويض لا يؤثر فى قبول هذه الدعوى، ذلك أن مجلس الدولة الفرنسى يكتفى فى هذا المقام بالامتناع عن نظر طلب التعويض ورفضه دون المساس بدعوى الإلغاء والحكم فيها(1). وقد يرجع ذلك إلى ما خص به المشرع الفرنسى دعوى الإلغاء من تيسيرات تتمثل فى عدم اشتراط تقديم عريضة الدعوى عن طريق أحد المحامين، وكذلك إلى إعفائها من رسوم القيد وذلك تشجيعا للأفراد على إقامتها دفاعا عن مبدأ المشروعية. لذلك ونظرا لأن مثل هذه التيسيرات لا وجود لها فى مصر حيث لا تختلف دعوى الإلغاء عن دعوى التعويض من ناحية أداء الرسوم أو من ناحية إجراءات رفع كل منهما كما سنرى، فإن المشرع المصرى قد أباح الجمع بين طلب الإلغاء وطلب التعويض فى عريضة واحدة هى عريضة دعوى الإلغاء وذلك إذا قام المدعى بالطعن فى قرار إدارى غير مشروع. وفى هذه الحالة يكون طلب الإلغاء طلبا أصليا ويكون التعويض طلبا تبعيا، أما إذا كان طلب التعويض قائما بذاته بعريضة خاصة مما يعتبر معه طلبا أصليا، فإنه لا يجوز أن يتضمن بصفة تبعية طلب الإلغاء؛ بمعنى أن الجمع بين هذين الطلبين وإن كان جائزا فى عريضة دعوى الإلغاء، فإنه غير جائز فى عريضة دعوى التعويض.
وتجدر الإشارة إلى أن قضاء التعويض مقارنا بقضاء الإلغاء إنما يعتبر فى واقع الأمر قضاء حديث نسبيا فهو، أى قضاء التعويض والذى يعنى – كما ذكرنا – مسئولية الدولة أو بمعنى أدق مسئولية الإدارة عن الأضرار التى تصيب الأفراد من جراء أخطاء الموظفين العموميين لم يتقرر فى فرنسا إلا بدءاً من أواخر القرن الماضى، أما قبل ذلك فقد كان المبدأ هو عدم مسئولية الدولة أو الإدارة عن أخطاء موظفيها.
مع ملاحظة أن تقرير المبدأ على هذا النحو لم يحدث طفرة واحدة أو بشكل فجائى وإنما مر بتطورات عديدة إلى أن أصبح بالشكل الذى هو عليه الآن، بل وفى مصر فإنه يلاحظ أن مبدأ مسئولية الإدارة عن أعمالها غير التعاقدية قد مر بذات التطورات التى مر بها فى فرنسا وذلك على ما سنبينه فيما بعد.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يمكن القول أنه إذا كان مبدأ مسئولية الدولة قد أصبح فى الوقت الراهن من المبادئ المسلم بها فى جميع دول العالم تقريباً على الأقل عن تصرفاتها غير المشروعة، إلا أنه لا يغطى فى الواقع كافة أعمال الدولة، إذ لا تزال القاعدة هى عدم مسئولية الدولة عن أعمالها التشريعية والقضائية، بل وحتى بالنسبة للأعمال التى تباشرها السلطة التنفيذية وهى ما يقال لها الأعمال الإدارية، فإنه لازالت بعض هذه الأعمال لا تدخل فى نطاق المبدأ المذكور، وهى الأعمال التى يطلق عليها أعمال السيادة أو الحكومة.منقول
لا يوجد فى قضاء الإلغاء سوى طرف واحد فقط هو المدعى، حيث يقوم هذا القضاء والذى يتعلق- كما ذكرنا- بخصومة موضوعية أو عينية على مخاصمة القرار الإدارى ذاته. وبمعنى آخر يهاجم أصحاب الشأن فى قضاء الإلغاء قرار إدارى معين، بينما يوجد فى دعوى التعويض طرفين هما جهة الإدارة المدعى عليها بالاعتداء على حق شخصى، والمدعى بهذا الحق، أو بأن هناك اعتداء وقع على حق شخصى أو ذاتى له.
- يكفى لقبول دعوى الإلغاء مجرد وجود مصلحة شخصية مباشرة لمدعى، بينما يشترط فى دعوى التعويض أن يكون للمدعى حق أثر فيه القرار المطعون فيه.
- للأحكام الصادرة فى قضاء الإلغاء حجية مطلقة تنصرف إلى الكافة. بمعنى أنه إذا ألغى القرار المطعون فيه، أصبح كأن لم يكن، لا بالنسبة إلى المدعى وحده بل بالنسبة إلى الكافة، بينما يكون للأحكام الصادرة فى قضاء التعويض حجية نسبية مقصورة على أطراف الخصومة دون غيرهم.
- إضافة إلى ماسبق ذكره من أن اللجوء إلى قضاء الإلغاء مقيد بمدة معينة يجب احترامها وإلا سقط الحق فى الدفاع عن مشروعية القرارات الإدارية، بينما لا يتقيد اللجوء إلى قضاء التعويض بهذه المدة طالما أن الحق المتنازع حوله لازال قائما لم يسقط بمدد التقادم المحددة له، نقول إضافة إلى ذلك، فإن القضاء الفرنسى مازال مضطردا على عدم جواز الجمع بين طلب الإلغاء وطلب التعويض فى عريضة واحدة، بمعنى أن دعوى الإلغاء لا يمكن أن تشتمل إلا على طلب الإلغاء دون أن يكون للمدعى حق طلب التعويض فى ذات طلب الإلغاء مع ملاحظة أن اشتمال دعوى الإلغاء على طلب التعويض لا يؤثر فى قبول هذه الدعوى، ذلك أن مجلس الدولة الفرنسى يكتفى فى هذا المقام بالامتناع عن نظر طلب التعويض ورفضه دون المساس بدعوى الإلغاء والحكم فيها(1). وقد يرجع ذلك إلى ما خص به المشرع الفرنسى دعوى الإلغاء من تيسيرات تتمثل فى عدم اشتراط تقديم عريضة الدعوى عن طريق أحد المحامين، وكذلك إلى إعفائها من رسوم القيد وذلك تشجيعا للأفراد على إقامتها دفاعا عن مبدأ المشروعية. لذلك ونظرا لأن مثل هذه التيسيرات لا وجود لها فى مصر حيث لا تختلف دعوى الإلغاء عن دعوى التعويض من ناحية أداء الرسوم أو من ناحية إجراءات رفع كل منهما كما سنرى، فإن المشرع المصرى قد أباح الجمع بين طلب الإلغاء وطلب التعويض فى عريضة واحدة هى عريضة دعوى الإلغاء وذلك إذا قام المدعى بالطعن فى قرار إدارى غير مشروع. وفى هذه الحالة يكون طلب الإلغاء طلبا أصليا ويكون التعويض طلبا تبعيا، أما إذا كان طلب التعويض قائما بذاته بعريضة خاصة مما يعتبر معه طلبا أصليا، فإنه لا يجوز أن يتضمن بصفة تبعية طلب الإلغاء؛ بمعنى أن الجمع بين هذين الطلبين وإن كان جائزا فى عريضة دعوى الإلغاء، فإنه غير جائز فى عريضة دعوى التعويض.
وتجدر الإشارة إلى أن قضاء التعويض مقارنا بقضاء الإلغاء إنما يعتبر فى واقع الأمر قضاء حديث نسبيا فهو، أى قضاء التعويض والذى يعنى – كما ذكرنا – مسئولية الدولة أو بمعنى أدق مسئولية الإدارة عن الأضرار التى تصيب الأفراد من جراء أخطاء الموظفين العموميين لم يتقرر فى فرنسا إلا بدءاً من أواخر القرن الماضى، أما قبل ذلك فقد كان المبدأ هو عدم مسئولية الدولة أو الإدارة عن أخطاء موظفيها.
مع ملاحظة أن تقرير المبدأ على هذا النحو لم يحدث طفرة واحدة أو بشكل فجائى وإنما مر بتطورات عديدة إلى أن أصبح بالشكل الذى هو عليه الآن، بل وفى مصر فإنه يلاحظ أن مبدأ مسئولية الإدارة عن أعمالها غير التعاقدية قد مر بذات التطورات التى مر بها فى فرنسا وذلك على ما سنبينه فيما بعد.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يمكن القول أنه إذا كان مبدأ مسئولية الدولة قد أصبح فى الوقت الراهن من المبادئ المسلم بها فى جميع دول العالم تقريباً على الأقل عن تصرفاتها غير المشروعة، إلا أنه لا يغطى فى الواقع كافة أعمال الدولة، إذ لا تزال القاعدة هى عدم مسئولية الدولة عن أعمالها التشريعية والقضائية، بل وحتى بالنسبة للأعمال التى تباشرها السلطة التنفيذية وهى ما يقال لها الأعمال الإدارية، فإنه لازالت بعض هذه الأعمال لا تدخل فى نطاق المبدأ المذكور، وهى الأعمال التى يطلق عليها أعمال السيادة أو الحكومة.منقول