المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنازع الاختصاص :



طارق محمد اسماعيل
30-07-2018, 09:54 AM
.. بالرغم من أن مسألة تنازع الاختصاص أمرا مألوفا في كافة الأنظمة القضائية في العالم وتحدد كافة القوانين الإجرائية في مختلف الدول كيفية الفصل في التنازع بين المحاكم المختصة حيث يكاد التنازع أن يكون شكليا وينحصر في الاختصاص المكاني غالبا دون الاختصاص النوعي .. إلا أن الأمر يبدو معقدا وعويصا عند نشؤ حالة تنازع اختصاص بالمملكة مما يؤدى إلى نتائج سالبة .. بسبب تعدد وازدواجية الجهات المختصة بالفصل في المنازعات .. ويمكن تلخيص هذه النتائج

السالبة فيما يلي :_

1/ تعدد الدعاوى بين ذات الأطراف والخصوم .. حيث نجد بعض الدوائر المختصة بجانب من النزاع بين الخصوم .. أنها ليست مختصة بجانب آخر من النزاع .. حيث توجه الخصم صاحب المصلحة باللجوء إلى جهة قضائية أخرى وهي بالطبع ليست ملزمة بالأخذ بذلك التوجيه وقد يؤدى ذلك إلى تعطيل الفصل الناجز بين الخصوم إلى أمد طويل فضلا عما يتكبده الخصوم من ضياع وقت وجهد ومال مضاعف بسبب تعدد الدعاوى .

2/ تعدد جهات الاختصاص :في كثير من الأحيان تمارس المحاكم الشرعية ولايتها العامة في النظر في النزاعات بالرغم من أن نوعية النزاع تفرض اللجؤ الى لجنة مختصة وقد تستجيب المحاكم إلى دفوع الخصوم .. بعدم الاختصاص بينما تصر المحاكم أحيانا في المضي في نظر النزاع إذا وجدت ثمة عواقب شكلية تحول بين المتظلم واللجؤ إلى اللجان المختصة أو عندما ترفض اللجان المختصة نظر النزاع لأسباب شكلية وهكذا يضيع وقتا ثمينا على المتظلم لحين إثبات تخلى الجهة المختصة نوعا بنظر النزاع .

3/ تعذر إجراء المقاصة بين الأطراف والخصوم أحيانا بسبب عدم أهلية اللجنة او المحكمة المختصة بنظر بعض جوانب النزاع .

4/ تأخير الفصل في النزاعات بالرغم من وحدة أطراف النزاع وذلك يحدث أحيانا بسبب تعدد جهات الاختصاص النوعي وعجزها من ثم عن سرعة الفصل في النزاعات المتبادلة بين الخصوم . مما يستدعى أعمال أحكام المادة 28 من نظام القضاء التي تنص :

(( إذا دفعت قضية مرفوعة أمام المحكمة بدفع يثير نزاعا تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل في الدفع قبل الحكم في موضوع الدعوى أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعادا يستصدر فيه حكما نهائيا من الجهة المختصة فأن لم ترى لزوما لذلك أغلقت موضوع الدفع وحكمت في موضوع الدعوى وإذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها ))

.. والملاحظ أن هذا النص بالرغم من أنه يهدف الى قفل الطريق جزئيا أمام تنازع الاختصاص ومنع تضارب وتناقض الأحكام بين المحاكم العادية واللجان الأخرى إلا أنه ينطبق فقط على المحاكم العادية الخاضعة لنظام القضاء إذ يعنى النص بمخاطبتها دون أن يرد نص مشابه في القواعد المختلفة والمتباينة التى تحكم اللجان الأخرى المنشأة بموجب أنظمة أخرى .

.. ويعترف هذا النص بواقع تعدد جهات الاختصاص النوعي التابعة لجهات قضائية أخرى .. ويضع معيارا لتطبيقه يتمثل في جدية الدفع بأن يكون ضروريا للفصل العادل في الدعوى بحيث أن إغفال الفصل فيه قد يؤدي إلى إصدار حكم معيب ولكن بالرغم من ذلك ومن حيث النتيجة فأن النص يرد فيه استدراك قد يؤدي إلى إهداره إذ أن المحكمة وهي توقف إجراءات الدعوى المنظورة أمامها فأن عليها أن تحدد للخصم الموجهة إليه الدفع ميعادا يستصدر فيه حكما نهائيا من الجهة المختصة فأن لم يصدر الحكم المعنى ضمن المدة المحددة جاز للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها .. وهو أمر يبدو غير واقعيا إذ أن تحديد ميعاد للفصل النهائي لجهة قضائية أخرى أمر تختص به الجهة التى تنظر النزاع وحدها ولا يمكن نظاما افتراض تقصير الخصم في الفصل في ا لدعوى المناط بها جهة قضائية للحسم فيها .. كما أن ضرورة الفصل في نزاع ما لا يمكن عدالة إغفالها وتجاوزها لإصدار حكم يأتي غير حاسما للنزاع هذا فضلا عن أنه لا يمكن تصور توجيه قضاء لجهة قضاء أخرى بتحديد ميعاد معين لإصدار حكم نهائي .

وثمة عيب واضح يشوب نص المادة 28 من حيث الصياغة .. إذ بينما يتحدث صدر المادة عن دفع موجه من أحد الخصوم يثير نزاعا تختص به محكمة أخرى .. فإذا بالخصم الموجه إليه الدفع .. هو الذي يجب – وفقا لنص المادة – أن يستصدر حكما نهائيا من الجهة المختصة وهو وضع مقلوب لا يمكن تصوره في كل الأحيان .. وقد كان يفترض أن تأتي الصياغة بدلا عن ذلك بالنص (( تحدد للخصم صاحب المصلحة في الدفع .. ))

أنواع تنازع الاختصاص :

.. يمكن أجمالا تصنيف أنواع تنازع الاختصاص في حالتين :

أ/ تنازع إيجابي : بأن تدعى جهتان قضائيتان مختلفتان أنهما مختصتان – ما لم تتخل إحداهما – أو إذا صدر في قضية وأحده بين ذات الأطراف حكمان متعارضان أحدهما من المحاكم العامة والثاني من جهة أخرى .

ب/ تنازع سلبي : بأن تتخلى كلتا الجهتين عن الاختصاص او تنكرانه .. ويمكن إضافة مثال آخر لحالة التنازع السلبي في حالة إنكار الاختصاص من جهة قضائية مرفوع أمامها النزاع دون أن يكون محلا للنزاع أمام جهة قضائية أخرى .. وتشكل تعدد الجهات القضائية مع التمييز الحاد في الاختصاص القضائي تشكل عائقا مصطنعا أمام إنجاز العدالة ففي إحدى الدعاوى رفض ديوان المظالم البت في خلاف حول بيع أسهم بنكية في دعوى أقامها البائع مطالبا بقيمة الأسهم التى أفرغها لصالح المشترى واستند ديوان المظالم في رد الدعوى ورفض النظر فيها إلى عدم الاختصاص في هذه القضايا * .. وبالرغم من أن الدعوى تبدو مجرد حالة نزاع بن دائن ومدين يختص بها المحاكم العادية إلا أن طبيعة المبيع قد تثير نقاطا فنية تؤدى إلى نشؤ حالة تنازع اختصاص أو على الأقل وقوعا تحت المادة 28 من نظام القضاء .

وتحدثت المادة (29) من نظام القضاء على حالات تنازع الاختصاص حيث تقرأ (( إذا رفعت دعوى عن موضوع وأحد أمام إحدى المحاكم الخاضعة لهذا النظام وأمام اية جهة أخرى تختص بالفصل في بعض المنازعات ولم تتخل إحداهما عن نظرها او تخلتا كلتاهما برفع طلب تعيين الجهة منقول