المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (قصة حكم 1) رفع الاسم من قائمة الترقب



قاضي المظالم
06-05-2010, 01:47 AM
هذه أولى حلقات قصة حكم ...

وهي لا تختلف عن سلسلة أحكام من إعدادي ، إلا في كون الأحكام الواردة ضمن الحلقات الجديدة تقترن بظروف صدورها وما صاحب ذلك من وقائع قضائية لم ترد في صلب الحكم كملحوظات التدقيق وردود الدائرة ونحو ذلك ... في حين ألتزم بنشر الأحكام التي أعددتها دون غيرها لمعرفتي التامة بالقضية والحكم وأسبابه.


طعن بالإلغاء على تصرف جهة الإدارة بوضع شخص على قائمة ترقب الوصول والمغادرة
تكييف الطلب – الاختصاص الولائي ــ أساس ذلك.
طلب إلغاء قرار الحجز على الأموال.
تكييفه ــ صفة من طلب استصدار القرار في دعوى الإلغاء ــ أساس ذلك.
نهاية مأساوية للحكم.

= منشأ القصة مكتب أحد قضاة المحكمة العامة بجدة.
= الواقعة سرقة ضبوط فضيلته .. تم بناءً على ذلك التحقيق مع موظفي المكتب (كُتَّاب ضبط ورجال أمن) ثم توجيه الاتهام لبعضهم إضافة إلى محامين ووكيل شرعي (جرى تبرئتهم لاحقاً بحكم هيئة التدقيق الجزائي بالديوان).
= المهم في الأمر هو المتهم الرئيس .. وهو أحد المتقاضين .. هرب لمصر قبل مباشرة القبض على المشتبه بهم ، لذا لم يدرج اسمه في قرار الاتهام في قضية الرشوة التي عرضت على أسماع الدائرة الجزائية بديوان المظالم.
= كان عدم إدراجه ضمن المتهمين سبيلاً وسنداً له للطعن على الإجراءات المتخذة بحقه من وزارة الداخلية السعودية والمصرية حيث وضعته الأولى على قائمة ترقب الوصول وطلبت من الأخيرة وضعه على قائمة ترقب المغادرة ، كما قامت الأولى بمخاطبة مؤسسة النقد للحجز على أمواله ، واستجابت المؤسسة بدورها لذلك فكان طعنه الآخر على هذا القرار وفي مواجهة وزارة الداخلية !!!
= بعد نظر الدعوى أصدرنا حكماً في عام 1425هـ يقضي بـعدم اختصاص الديوان ولائياً بنظر الطلب الأول تأسيساً على كونه عمل مادي لا قراراً إدارياً ، وعدم قبول الدعوى بالنسبة للطلب الثاني لرفعه على غير ذي صفة تأسيساً على أن من أصدر قرار الحجز على الأموال هي مؤسسة النقد بينما اقتصر دور وزارة الداخلية على مجرد العرض والطلب والتوجيه ومعلوم أن دعوى الإلغاء توجه ضد مصدر القرار. (سيأتي تفصيل الأسباب في الحكم الثاني)
= تم نقض الحكم الأول من هيئة التدقيق الإداري (الدائرة السادسة) لسببين:
الأول: أن تسبيب الدائرة لطلب المدعي رفع اسمه من قائمة ترقب الوصول يصلح للحكم بعدم قبول الدعوى كونه إجراءً تمهيدياً للقرار ومعلوم أن الطعن على الإجراءات التمهيدية للقرار لا يقبل لعدم نهائية القرار ، كما أن الحكم بعدم اختصاص الديوان في نظر هذا الطلب يلزم منه وجود جهة أخرى تختص بذلك.
الثاني: أن الحكم بعدم صفة وزارة الداخلية في قرار الحجز على أموال المدعي محل نظر ، فطالما ثبت أنها هي من وجهت وطلبت ذلك فيجوز اختصامها ، إذ المستقر جواز المخاصمة بالإلغاء ضد من أصدر القرار أو من وجَّه أوطلب إصداره.
= أصدرت الدائرة حكمها الثاني متضمناً الإصرار على الحكم الأول مع الرد على ملحوظات التدقيق في ثنايا أسبابه .. وهو ما يقتضي عرض الحكم الثاني بوقائعه وأسبابه باختصار.

= الحكم الثاني (مع اختصار وقائعه وأسبابه)

حــكــم رقـــــم 46/د/أ/..... لــــعــــام 1426هـ
صـــادر عــــــن الــدائـــرة الإداريـة ..........
فـــي القضيـة رقــم 1252/2/ق لـعـام 1424هـ
المقامــة مـن / ............
ضد / وزارة الداخلية
في الجلسة المنعقدة بتاريخ 20/6/1426هـ
تتلخص وقائع هذه الدعوى حسبما تبين من مطالعة أوراقها بالقدر اللازم للحكم فيها في أنه بتاريخ 2/5/1424هـ تقدم وكيل المدعي بلائحة دعوى ضمنها الطعن على قراري المدعى عليها الصادرين بحق موكله حيث يقضي الأول منها بوضع اسم موكله ضمن قائمة ترقب الوصول توطئة للقبض عليه ، بينما يقضي الأخر بالحجز على أمواله وعدم السماح له بالتصرف فيما يملك . وأضاف شرحاً لأسانيد دعواه بأن موكله دأب على السفر سنوياً إلى جمهورية مصر العربية بغرض العلاج وأثناء تواجده هناك ودون علمه أصدرت المدعى عليها قراراً بوضع اسمه على قائمة ترقب الوصول كما أنه – وبناءً على طلب السلطات السعودية – تم وضـع اسمـه فـي قائمـة المنع مـن السفـر وترقب المغادرة من مصر فأصبح لا يستطيع المغادرة من مصر ولا القدوم إلى داخل المملكة . وأكد بأن هذا الإجراء من المدعى عليها ينطوي على مخالفات صريحة لنظام الإجراءات الجزائية حيث أنه يخالف ما نصت عليه المادة ( 105 ) منه إذ لم يطلب موكله للتحقيق ولم يبلغ أحد أفراد أسرته بذلك ، وعليه فإنه لا يمكن للمدعى عليها افتراض تهرب موكله من العدالة وحيث اشترطت المادة ( 113 ) لتمام التوقيف أن تتوافر الأدلة الكافية ضد المتهم في جريمة كبيرة ؛ فإن أياً من الجرائم الكبيرة الوارد تحديدها بقرار وزير الداخلية رقم 1245 وتاريخ 23/7/1423هـ المبني على المادة ( 112 ) من النظام لا ينطبق على موكله مما يتعين معه الحكم ببطلان إجراء المدعى عليها بوضع اسم موكله على قائمة ترقب الوصول فضلاً عن مخالفة هذا الإجراء للأصل الشرعي في عدم الأخذ بالظنة ووجوب العمل باليقين . وأضاف وكيل المدعي بأن قرار المدعى عليها الأخر القاضي بالحجز على أموال وممتلكات موكله ينطوي هو الأخر على مخالفة للأصول الشرعية والنظامية ، حيث تحرم المبادئ الشرعية مصادرة الأموال وحجزها إلا بمسوغ شرعي ، وقد جاء نظام المرافعات الشرعية بالنص على أن الحجز على الأموال والممتلكات لا يكون إلا بأمر من المحكمة المختصة وطبقاً للأوضاع المنصوص عليها بالمواد من ( 208 ) إلى ( 211 ) من النظام والتي لا يوجد منها في حال موكله ما يستوجب إصدار القرار محل الدعوى . وطلب وكيل المدعي الحكم برفع اسم موكله من قائمة ترقب الوصول وكذا رفع الحجز عن أمواله وممتلكاته .
وبجلسة 11/8/1424هـ أشار ممثل المدعي عليها إلى أن المدعي متهم من قبل هيئة الرقابة والتحقيق في قضية رشوة إلا أن هروبه خارج المملكة حال دون التحقيق معه فعقب وكيل المدعي بأن اسم موكله لم يكن ضمن قرار الاتهام الصادر من هيئة الرقابة والتحقيق وليـس للمدعى عليها سـند فيما ذكرت . وبجلسة 6/11/1424هـ قدم ممثل المدعى عليها مذكرة أوضح فيها بأن المدعي مطلوب لدى المباحث الإدارية في قضية رشوة وبالتحري عنه من قبلهم تبين أنه خارج المملكة فكان عليها مخاطبة الجهة المختصة في وزارة الداخلية لوضع المدعي على قائمة ترقب القدوم حيث إن المدعى عليها هي الجهة المختصة بالمطالبة باسترداد المتهمين المطلوبين لجهات الأمن من الخارج بالطرق والإجراءات الرسمية المتبعة وذلك بناءً على قرار مجلس الوزراء رقم 4099 وتاريخ 5/2/1395هـ.
وبجلسة 6/2/1425هـ قدم ممثل المدعى عليها مذكرة تضمنت أن الصفة منتفية عن المدعى عليها فيما يتعلق بتظلم المدعي من الحجز على أمواله حيث لم يتضح صدور أي إجراءات من المدعى عليها تقضي بذلك . وأضاف بأن المدعي مطلوب لدى السلطات الأمنية لغرض استكمال اللازم نحو إجراءات محاكمته عن جريمة رشوة نالت مرفق القضاء وصدرت أحكام على المتهمين فيها منها حكم الديوان رقم 657/د/ج/7 لعام 1423هـ الذي أدان وكيل المدعي /....... بالتوسط في الرشوة بين المدعي وأطراف أخرى في القضية وقضى الحكم بسجنه خمس سنوات مما يظهر أن تقديم المدعي لدعواه إنما كان بقصد التحجج أمام السلطات المصرية بوجود دعوى منظورة في المملكة ليؤثر بذلك على إجراءات تسليمه ومن ثم محاكمته ، إذ ليس هناك ما يمنع المدعي من تسليم نفسه للسلطات المعنية وقد كفلت له الأنظمة كافة الحقوق سواء في القبض أو الإيقاف أو التحقيق أو المحاكمة وإنما ذلك دليل على تهربه من مواجهة العدالة حين علم بتعاضد الأدلة على إدانته . وطلب ممثل المدعى عليها عدم قبول الدعوى شكلاً فيما يتعلق بطلب رفع الحجز على أموال المدعي ورفضها موضوعاً فيما يتعلق بطلب رفع اسمه من قائمة ترقب القدوم . بعد ذلك عقب وكيل المدعي بأن ما قامت به المدعى عليها من الحجز على أموال موكله ثابت في حقها حيث أن هذا الإجراء مبني على برقية سمو وزير الداخلية بالنيابة رقم 46983/15/4 وتاريخ 29/9/1423هـ وقدم صورة خطاب وكيل محافظ مؤسسة النقد رقم 21215 وتاريخ 8/10/1423هـ المعمم على كافة البنوك بطلب الحجز على الحسابات المالية لموكله . وبجلسة 1/3/1425هـ قدم وكيل المدعي مذكرة تضمنت الرد على ما ذكره ممثل المدعى عليها من إدانة وكيله/ ...... بموجب حكم الديوان رقم 657/د/ج/7 لعام 1423هـ حيث أوضح بأن الوكيل المذكور قد برئت ساحته بموجب حكم التدقيق رقم 114/ت/2 لعام 1424هـ وبهذا فإن إسناد التهمة إلى موكله غير صحيح إضافة إلى عدم توجيه أي تهمة إليه ، وبعد تقريره الاكتفاء طلب الحكم بطلباته الموضحة بلائحة الدعوى . بعد ذلك قدم ممثل المدعى عليها مذكرة أكد فيها على ما سبق مضيفاً بأنه من غير المقبول تظلم المدعي من الإجراءات المتخذة لضبطه وإحضاره إلى الجهة المختصة لاستكمال ما يلزم خاصة بعد علمه بطلب تلك الجهة مثوله أمامها والذي يقطع به دعواه الماثلة بالإضافة إلى ما ورد إلى السلطات المصرية في موضوع تسليمه فيكون تأخره عن المثول لدى الجهات الرسمية قرينة تعزز الاتهام بحقه وتؤكد بأن هذه الدعوى ما هي إلا محاولة لإجهاض عملية تسليمه . وأفاد بأن الإجراءات المتخذة للحجز على أمواله تتفق مع الأنظمة والتعليمات المرعية حيث إن المذكور متهم بالاشتراك في جريمة رشوة وحرصاً على تفادي الأضرار والآثار التي قد تنشأ عنها فإنه يتوجب على الجهة المختصة المحافظة على حقوق الناس بمثل هذا الإجراء ، كما أن العقوبة التي نص عليها النظام عن ذلك الجرم قد تصل إلى مبلغ مليون ريال وجميع ما سبق يقتضي الحجز على أمواله التي لا يوجد ما يميزها عن الأموال المرتبطة بالجريمة أو التي يحكم بها على جريمته حفظاً لكافة الحقوق ولأجل منع المخطيء من الاستفادة من خطئه وطلب رفض الدعوى.
(الأسباب)
لما كان المدعي يهدف من إقامة دعواه إلى الحكم لموكله برفع اسمه من قائمة ترقب القدوم وكذا رفع الحجز عن أمواله ، ولما كان ديوان المظالم وفق ما نص عليه نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 17/7/1402هـ جهة قضاء إداري ، وهو بهذه المثابة يعتبر القاضي العام في كافة المنازعات الإدارية حيث يمارس رقابته على نشاط الإدارة في سعيها لتنفيذ الأنظمة واللوائح وتشغيل المرافق العامة حمايةً للأفراد من تعسف الإدارة وانتهاكها لمبدأ المشروعية وضماناً لحقوقهم وحرياتهم وإيجاداً للحلول الشرعية الاجتهادية لكافة الروابط النظامية التي تحكم علاقات الأفراد بجهات الإدارة ليرد كل تصرف يثور عن تلك الروابط إلى وضعه الطبيعي على أساس صحيح حكم الشرع والنظام . وحيث إنه ولئن كانت الدعوى منازعة إدارية موضوعية إلا أن المتعين على الدائرة إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها بحسبان أن إسناد الفصل في المنازعات الإدارية للديوان لا يعني – في حقيقة الأمر – إحاطة ولايته القضائية بكافة أنواع المنازعات التي تكون الإدارة طرفاً فيها بدون استثناء ، وبالتالي فإن طرح مسألة الاختصاص الولائي في الطلبات القضائية المقدمة في كل دعوى يعتبر أمراً محتماً يتعين على ناظرها التصدي له من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى الدفع به من قبل أحد الخصوم باعتباره من النظام الـعام . وإذ كانت الدعوى في شقها الأول قد أقيمت بطلب رفع اسم المدعي من قائمة ترقب القدوم فإن المتعين بحث هذا الطلب في نطاق ما نصت عليه المادة ( 8/1/ب ) المتعلقة بالطعن في القرارات الإدارية باعتبار أن المعنى القريب الذي يهدف إليه المدعي من طلبه هو إلغاء ما صدر في حقه ، ومؤدى ذلك النظر في قابلية اندراجه بوصفه الصحيح ضمن اختصاص الديوان بدعاوى إلغاء القرارات الإدارية بشروطها المقررة أخذاً بقاعدة ( الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره ) ولما هو معروف من أن دعوى الإلغاء لا توجه إلا ضد قرار إداري . وحيث إن أحكام الديوان قد استقرت على أن القرار الإداري الخاضع بالطعن أمام القضاء الإداري هو : ( إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى الأنظمة واللوائح بقصد إحداث مركز نظامي معين ابتغاء مصلحة عامة ) في حين أن تصرف المدعى عليها بوضعها اسم المدعي على قائمة ترقب الوصول – في حقيقته – لا ينطوي على إحداث مركز نظامي جديد للمدعي حيث لم يترتب على هذا التصرف تأثير على مركزه النظامي السابق طالما أنه لم يعدو – في واقع الأمر – أن يكون تسجيلاً لاسم المدعي – بأي شكلٍ كان – ضمن قائمة معينة لأمرٍ مصلحي . وعليه فإن ما صدر عن المدعى عليها هو فعل ٌ مادي وليس قراراً إدارياً مؤثراً بذاته في المركز النظامي . فالقرار الصادر بالقبض على شخص معين هو قرار إداري متضمن إحداث أثر نظامي يمس مركز من صدر القرار بحقه ، في حين أن الإجراءات السابقة على صدوره من المتابعة والمراقبة ووضع اسمه ضمن قائمة معينة بغرض تسهيل ضبطه لا تعدو كونها أوامر مصلحية وأعمالاً مادية تتخذها جهة الإدارة ودون الحاجة إلى الاستناد إلى نصوص نظامية محددة بهدف تنفيذ قراراتها السابقة أو اللاحقة لتلك الإجراءات وذلك تأسيساً على تمتع الإدارة بسلطة تقديرية واسعة تحقيقاً للمصلحة العامة التي تقتضي أن تنأى الرقابة القضائية عن بسط ولايتها على الأعمال المادية لجهات الإدارة ، وأن تنحصر تلك الرقابة فيما ينتج عن تلك الأعمال المادية أو ما يلحقها من قرارات إدارية تمس مراكز الأفراد . كما أنه لا يمكن وصف تلك الأعمال على أنها أعمال تحضيرية وتمهيدية للقرار ومرد ذلك ما هو مقرر في فقه القضاء الإداري من أن ما يصدر عن جهة الإدارة من تصرفات إما أن يكون تصرفات قانونية أو أعمالاً مادية , فالتصرفات القانونية هي تلك المراحل الحائزة على خصائص القرار الإداري من حيث كونها تصرفات قانونية ينص النظام على اتخاذها كمرحلة من المراحل التحضيرية والتمهيدية للقرار ويكون تأثيرها على المركز النظامي مرجأ الأثر إلى حين التصديق أو الإجراء اللازم نظاماً لنهائية القرار , وعند الطعن قضاءً في أي مرحلة من تلك المراحل التمهيدية ينعقد الاختصاص للقضاء الإداري الذي يكون بصدد النظر في دعوى إلغاء قرار إداري إلا أن الدعوى لا تقبل إلا بعد صيرورة القرار نهائياً والعبرة في ذلك هو وقت الحكم لا وقت رفع الدعوى , ومثال هذا أن ينص النظام على أن يسبق قرار العقوبة مراحل معينة كالتفتيش وضبط المخالفة وانعقاد لجنة معينة والتوصية منها بالعقوبة فهذه المراحل تصرفات قانونية تطلبها النظام لصدور القرار الذي لا يعد نهائياً إلا بالتصديق اللاحق لها , وبالتالي فإن الطعن في أي مرحلة قبل التصديق هو طعنٌ على إجراءٍ تمهيدي يختص القضاء الإداري بإلغائه مع اشتراط نهائية القرار لقبول الدعوى , وأثر الإلغاء القضائي عند الحكم به يتجلى في سريانه على جميع تلك التصرفات القانونية السابقة للقرار, بعكس الأعمال المادية التي تقوم بها جهة الإدارة دون محركٍ من نصوص نظامية بهدف تنفيذ قراراتها ومزاولة نشاطها والقيام بأعباء المرفق العام فبالرغم من وقوع بعض تلك الأعمال المادية في موقعٍ سابقٍ للقرار بحيث تغدو في صورتها الظاهرة إجراءً تمهيدياً له إلا أن القضاء الإداري لا يختص بإلغائها ويبقى حق الطاعن مقتصراً على طلب التعويض عنها أو بطلب إلغاء ما يلحقها من قرارات إدارية مؤثرة في المركز النظامي وغير مرتبطة بها . ومثال ذلك أن يوافق سير الإدارة في إصدار ذات القرار السابق بيانه ضم ورقة لملف أو التأشير على ورقة أو إدراج صحيفة جنائية أو إحالة ملف لجهةٍ أخرى فتبقى تصرفاتها في هذه الحال أعمالاً مادية نهائية بطبيعتها وغير مرتبطة بالقرار برابط النص النظامي ولا يمكن وصفها بأنها أعمال تحضيرية وتمهيدية إلا بالنظر – فقط – لوقوعها بمرحلة سابقة للقرار في حين تظل في جوهرها أعمالاً مادية موكلة لجهة الإدارة .
وعلى هدى ما سبق فإنه لا يمكن القول بأن المدعي أقام دعواه قبل أوانها طالما وجه طعنه على عملٍ مادي دون توجيهه ضد قرار صادر أو في طور الصدور . فالحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل أوانها إنما يتأتى في الطعن الموجه على قرار معين كشفت وقائع الدعوى تأخر صدوره عن وقت الحكم أو افتقاره للنهائية , في حين أن الطعن الموجه في ذات الدعوى ضد هذا العمل المادي – بهدف إلغائه – وإن كان سابقاً للقرار لا يكون بهذه المثابة ، ولا يمكن أن تصحح به الدعوى بجعلها موجهة على ذات القرار طالما اختار المدعي لدعواه محلاً ينأى القضاء الإداري عن نظره لانحسار اختصاصه عنه دون أن يكون لتوقيت الدعوى أثراً في ذلك.
وفيما يتعلق بطلب المدعي رفع الحجز عن أمواله فالثابت من أوراق الدعوى صدور قرار وكيل محافظ مؤسسة النقد رقم 21215 وتاريخ 8/10/1423هـ المعمم على كافة البنوك بطلب تجميد حسابات المدعي . وحيث إن المدعي يوجه طعنه على هذا القرار للأسباب التي أوردها في مذكراته ولما كان القرار الإداري في حَدِّه – السالف بيانه – ينطبق على القرار محل الدعوى من حيث مساسه بالمركز النظامي للمدعي فإن الدعوى وفق هذا الطلب تدخل في اختصاص ديوان المظالم ضمن ما نصت عليه المادة (8/1/ب) المتعلقة بالطعن في القرارات الإدارية .
ولما كان من المتعين التحقق من توافر الصفة في أطراف الدعوى كونها من الشروط اللازمة لقبولها ، وكان من المستقر في فقه القضاء الإداري أن الخصم الحقيقي في دعوى الإلغاء هو مُصدِر القرار والذي يرتكز عليه بحث أهم عيوب القرار وهي عيب عدم الاختصاص ، فالثابت أن القرار القاضي بالحجز على أموا ل المدعي صدر عن مؤسسة النقد ولم تتشكل للمدعى عليها أي سلطة في إصداره وإنما اقتصر دورها على توجيه الجهة المختصة لاستصداره بحكم اختصاصها بذلك بموجب الأنظمة واللوائح . ومجرد العرض والتوجيه وإن كان باعثاً على صدور القرار إلا أنه لا يعني نسبة القرار للمدعى عليها بحسبانه لا يسلب الجهة المختصة بإصدار القرار سلطتها المخولة لها نظاماً ولا يعدم قدرتها على بحث ذلك العرض ووزنه في ضوء ما يلزمها به النظام وصولاً إلى قبوله أو رفضه ، فالمؤثر في المركز النظامي للمدعي ليس هو مجرد التوجيه الصادر من المدعى عليها بل أخذ مؤسسة النقد به وإفصاحها بما يحدث أثره في ذلك المركز فضلاً عن أن إقامة الطعن على تصرف المدعى عليها دون الالتفات إلى قرار مؤسسة النقد مفاده طلب إلغاء ذلك التوجيه لكونها لم تصدر في حق المدعي أكثر من ذلك وهذا على فرض تحقيقه قضاءً غير منتج – وفق ما يرمي إليه المدعي – في إعدام ما صدر بحقه . كما لا يمكن حمل دعواه على طلب إلغاء القرار المؤثر (قرار مؤسسة النقد) في مواجهة المدعى عليها (وزارة الداخلية) إذ أن ذلك إلغاءٌ قضائي في مواجهة جهة أخرى. وعليه فلا صفة للمدعى عليها فيما يتعلق بطلب المدعي رفع الحجز عن أمواله ، وتقضي الدائرة في هذا الشق من الدعوى بعدم قبوله لانتفاء صفة المدعى عليها . ولا يغير من ذلك إمكان مؤسسة النقد إلغاء الحجز دون حصولها على توجيهٍ جديدٍ من المدعى عليها أم لا إذ أن مناط حاجتها لذلك – على افتراضها- إنما هو حرصها على وجود سبب أخر لسحب قرارها أو إلغائه مع كونها تملك ابتداء إلغاءه دون رجوعٍ للمدعى عليها إذا ما قدرت ذلك , كما أن هذا البحث مطروحٌ أيضاً من جهة أخرى في مدى إمكانية إلغاء المدعى عليها للحجز بنفسها إذا أرادت ذلك دون العرض والتوجيه لمؤسسة النقد إذ أن الإرادة والتوجيه منها مجردة عن إرادة مؤسسة النقد لا يرتفع بها الحجز عن أملاك المدعي .
ولكـــــــــــل ما تـــــــــقــــــدم
حكمت الدائرة : أولاً / بعدم اختصاص الديوان ولائياً بنظر طلب المدعي رفع اسمه من قائمة الترقب .
ثانياً / عدم قبول طلب المدعي رفع الحجز عن أمواله لرفعه على غير ذي صفة لما هو موضح بالأسباب .

= تم نقض الحكم للمرة الثانية وأصرت دائرة التدقيق على ذات الملاحظات السابق بيانها.
= أملاً من الدائرة في انهاء الدعوى ، ولكون ملاحظة التدقيق المتعلقة بتكييف الطلب الأول على أنه إجراء تمهيدي من شأنها توسيع اختصاص القضاء الإداري وهو مطلب مهم ومشروع لكل جهة قضائية وقايةً للحقوق والحريات فقد استجابت الدائرة وقضت بعدم قبول طلب المدعي رفع اسمه من قائمة الترقب لانتفاء صفة القرار الإداري عنه (لكونه إجراء تمهيدي) ، إلا أن الدائرة أصرت على قضائها بعدم صفة المدعى عليها في طلب إلغاء قرار الحجز على الأموال لذات الأسباب السابقة.

= النهاية المأساوية للحكم :
بعد نظر الدعوى للمرة الثالثة وبعد أن أعددت نسخة الحكم وتمت طباعتها تمهيداً للنطق به تخلف وكيل المدعي عن الحضور وهنا أصر القاضيان اللذان شاركاني النظر على شطب الدعوى لتخوفهما من نقض الحكم وطلباً للسلامة بالشطب.

= تم شطب الدعوى ولم يتم تحريكها حتى قرأت في الصحف المحلية هذا الخبر:
الحياة بتاريخ السبت, 23 يناير 2010 :
نُفذ حكم الجلد الثلاثاء الماضي في رجل أعمال سعودي أدين بسرقة ثلاثة ضبوطات من المحكمة العامة في جدة تتضمن أحكاماً شرعية صدرت بحقه في قضايا سابقة. وتم جلده 50 جلدة.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«الحياة» أن حكماً قضائياً صدر أخيراً بحق رجل الأعمال (تحتفظ «الحياة» باسمه) يقضي بسجنه ثلاث سنوات مع جلده أكثر من ألف جلدة متفرقة. وكشفت اتفاق رجل الأعمال مع ثلاثة موظفين في المحكمة على تسهيل تمكينه من سرقة الضبوطات الثلاثة، التي تحمل في طياتها الكثير من القضايا وصكوك الاستحكام لمراجعين آخرين.
وقالت: «الرجل دفع 1.5 مليون ريال رشوة للموظفين الثلاثة، بواقع نصف مليون ريال لتمكينه من سرقة الضبط الواحد». وأشارت إلى أن رجل الأعمال السعودي تمكن من الهروب إلى الجمهورية اليمنية، حيث مكث أشهراً عدّة، نجح خلالها في إصدار جواز سفر يمني، أتاح له العودة إلى السعودية ، بتأشيرة باسم ابنه السعودي الجنسية. ولفتت إلى تمكن الأجهزة الأمنية من القبض عليه أخيراً، نتيجة عمليات تحر وبحث قادتهم إليه، قبل محاكمته الأخيرة.
ويذكر أن الضبوطات ثلاثة أنواع هي: «الجنائي» وتضبط فيه القضايا الجنائية، وتشمل دعاوى الحق العام والقصاص، و«الحقوقي» وتضبط فيه القضايا الحقوقية ، وتشمل الحقوق الخاصة المالية والزوجية والعقارية وما يؤول إليها ، إضافة إلى «الإنهائي» وتضبط فيه القضايا الإنهائية ذات الطرف الواحد .
= مقارعة علمية قضائية انتهت بمسودة حكم لم يحظَ بشرف حمل رقم في سلسلة أحكام القضاء الإداري ... لا حرمنا الله أجره.
= هذه مسودة الحكم الميت قبل ولادته (لم يحمل رقماً) .... الأسباب فقط.

حــكــم رقـــــم /د/أ/.... لــــعــــام 1427هـ
صـــادر عــــــن الــدائـــرة الإداريـة ......
فـــي القضيـة رقــم 1252/2/ق لـعـام 1424هـ
المقامــة مـن / .........
ضد / وزارة الداخلية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد : -
فإنه في يوم الأحد 20/6/1427هـ انعقدت الدائرة الإدارية .....
وذلك للنظر في القضية المشار إليها أعلاه المحالة بشرح معالي رئيس الديوان في 8/4/1427هـ بعد إعادتها من هيئة التدقيق السادسة بحكمها رقم 230/ت/6 لعام 1427هـ ...... وبعد دراسة أوراق الدعوى والسماع من أطرافها وإستيفاء إجراءاتها أصدرت فيها الحكم الآتي :
( الأســـباب )
لما كان المدعي يهدف من إقامة دعواه إلى الحكم لموكله برفع اسمه من قائمة ترقب القدوم وكذا رفع الحجز عن أمواله ، ولما كان ديوان المظالم وفق ما نص عليه نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 17/7/1402هـ جهة قضاء إداري ، وهو بهذه المثابة يعتبر القاضي العام في كافة المنازعات الإدارية حيث يمارس رقابته على نشاط الإدارة في سعيها لتنفيذ الأنظمة واللوائح وتشغيل المرافق العامة حمايةً للأفراد من تعسف الإدارة وانتهاكها لمبدأ المشروعية وضماناً لحقوقهم وحرياتهم وإيجادا للحلول الشرعية الاجتهادية لكافة الروابط النظامية التي تحكم علاقات الأفراد بجهات الإدارة ليرد كل تصرف يثور عن تلك الروابط إلى وضعه الطبيعي على أساس صحيح حكم الشرع والنظام . وحيث إنه وإن كانت الدعوى منازعة إدارية موضوعية إلا أن المتعين على الدائرة إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها بحسبان أن إسناد الفصل في المنازعات الإدارية للديوان لا يعني – في حقيقة الأمر – إحاطة ولايته القضائية بكافة أنواع المنازعات التي تكون الإدارة طرفاً فيها بدون استثناء ، وبالتالي فإن طرح مسألة الاختصاص الولائي في الطلبات القضائية المقدمة في كل دعوى يعتبر أمراً محتماً يتعين على ناظرها التصدي له من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى الدفع به من قبل أحد الخصوم باعتباره من النظام الـعام . وإذ كانت الدعوى في شقها الأول قد أقيمت بطلب رفع اسم المدعي من قائمة ترقب القدوم فإن المتعين بحث هذا الطلب في نطاق ما نصت عليه المادة ( 8/1/ب ) المتعلقة بالطعن في القرارات الإدارية باعتبار أن المعنى القريب الذي يهدف إليه المدعي من طلبه هو إلغاء ما صدر في حقه ، ومؤدى ذلك النظر في قابلية اندراجه بوصفه الصحيح ضمن اختصاص الديوان بدعاوى إلغاء القرارات الإدارية بشروطها المقررة أخذاً بقاعدة ( الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره ) ولما هو معروف من أن دعوى الإلغاء لا توجه إلا ضد قرار إداري . وحيث إن أحكام الديوان قد استقرت على أن القرار الإداري الخاضع بالطعن أمام القضاء الإداري هو : ( إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى الأنظمة واللوائح بقصد إحداث مركز نظامي معين ابتغاء مصلحة عامة ) في حين أن تصرف المدعى عليها بوضعها اسم المدعي على قائمة ترقب الوصول – في حقيقته – لا ينطوي على إحداث مركز نظامي جديد للمدعي حيث لم يترتب على هذا التصرف تأثير على مركزه النظامي السابق طالما أنه لم يعدو – في واقع الأمر – أن يكون تسجيلاً لاسم المدعي – بأي شكلٍ كان – ضمن قائمة معينة لأمرٍ مصلحي . وعليه فإن ما صدر عن المدعى عليها هو مرحلة من مراحل صدور القرار ويدخل في عداد الأعمال التحضيرية أو التمهيدية التي تسبق القرار ، ولا يمكن بحال إضفاء صفة القرار الإداري عليه لكونه إجراءاً تمهيدياً . فالقرار الصادر بالقبض على شخص معين هو قرار إداري متضمن إحداث أثر نظامي يمس مركز من صدر القرار بحقه ، في حين أن الإجراءات السابقة على صدوره من المتابعة والمراقبة ووضع اسمه ضمن قائمة معينة بغرض تسهيل ضبطه لا تعدو كونها أوامر مصلحية تتخذها جهة الإدارة ودون الحاجة إلى الاستناد إلى نصوص نظامية محددة بهدف تنفيذ قراراتها السابقة أو اللاحقة لتلك الإجراءات وذلك تأسيساً على تمتع الإدارة بسلطة تقديرية واسعة تحقيقاً للمصلحة العامة التي تقتضي أن تنأى الرقابة القضائية عن بسط ولايتها على الأعمال التحضيرية والتمهيدية لجهات الإدارة ، وتضحى تلك الرقابة أمراً لازماً حين تنتج عن تلك الأعمال التحضيرية قرارات إدارية تمس مراكز الأفراد.
وعلى هدى ما سبق فإن الدعوى - في حقيقتها - تندرج ضمن دعاوى الطعن في القرارات الإدارية التي يختص الديوان بنظرها بموجب المادة (8/1/ب) من نظامه إلاَّ أن المدعي أقام دعواه قبل أوانها بتوجيه طعنه على إجراء تمهيدي ومرحلة من مراحل القرار لا تحمل خصائص القرار الإداري النهائي من حيث التأثير في المركز النظامي, ولا يمكن حينئذ أن تصحح الدعوى – وفق هذا الطلب – بجعلها مقامة ضد القرار النهائي المؤثر طالما استبان من وقائع الدعوى أن لا وجود له في الواقع وبالتالي فإن الدائرة تقضي بعدم قبول هذا الطلب لانتفاء صفة القرار الإداري عنه.
وفيما يتعلق بطلب المدعي رفع الحجز عن أمواله فالثابت من أوراق الدعوى صدور قرار وكيل محافظ مؤسسة النقد رقم 21215 وتاريخ 8/10/1423هـ المعمم على كافة البنوك بطلب تجميد حسابات المدعي . وحيث إن المدعي يوجه طعنه على هذا القرار للأسباب التي أوردها في مذكراته ولما كان القرار الإداري في حَدِّه – السالف بيانه – ينطبق على القرار محل الدعوى من حيث مساسه بالمركز النظامي للمدعي فإن الدعوى وفق هذا الطلب تدخل في اختصاص ديوان المظالم ضمن ما نصت عليه المادة ( 8/1/ب ) المتعلقة بالطعن في القرارات الإدارية .
ولما كان من المتعين التحقق من توافر الصفة في أطراف الدعوى كونها من الشروط اللازمة لقبولها ، وكان من المستقر في فقه القضاء الإداري أن الخصم الحقيقي في دعوى الإلغاء هو مُصدِر القرار والذي يرتكز عليه بحث أهم عيوب القرار وهي عيب عدم الاختصاص ، فالثابت أن القرار القاضي بالحجز على أموا ل المدعي صدر عن مؤسسة النقد ولم تتشكل للمدعى عليها أي سلطة في إصداره وإنما اقتصر دورها على توجيه الجهة المختصة لاستصداره بحكم اختصاصها بذلك بموجب الأنظمة واللوائح . ومجرد العرض والتوجيه وإن كان باعثاً على صدور القرار إلا أنه لا يعني نسبة القرار للمدعى عليها بحسبانه لا يسلب الجهة المختصة بإصدار القرار سلطتها المخولة لها نظاماً ولا يعدم قدرتها على بحث ذلك العرض ووزنه في ضوء ما يلزمها به النظام وصولاً إلى قبوله أو رفضه ، فالمؤثر في المركز النظامي للمدعي ليس هو مجرد التوجيه الصادر من المدعى عليها بل أخذ مؤسسة النقد به وإفصاحها بما يحدث أثره في ذلك المركز فضلاً عن أن إقامة الطعن على تصرف المدعى عليها دون الالتفات إلى قرار مؤسسة النقد مفاده طلب إلغاء ذلك التوجيه لكونها لم تصدر في حق المدعي أكثر من ذلك وهذا على فرض تحقيقه قضاءً غير منتج – وفق ما يرمي إليه المدعي – في إعدام ما صدر بحقه . كما لا يمكن حمل دعواه على طلب إلغاء القرار المؤثر (قرار مؤسسة النقد) في مواجهة المدعى عليها (وزارة الداخلية) إذ أن ذلك إلغاءٌ قضائي في مواجهة جهة أخرى. وعليه فلا صفة للمدعى عليها فيما يتعلق بطلب المدعي رفع الحجز عن أمواله ، وتقضي الدائرة في هذا الشق من الدعوى بعدم قبوله لانتفاء صفة المدعى عليها . ولا يغير من ذلك إمكان مؤسسة النقد إلغاء الحجز دون حصولها على توجيهٍ جديدٍ من المدعى عليها أم لا إذ أن مناط حاجتها لذلك – على افتراضها- إنما هو حرصها على وجود سبب أخر لسحب قرارها أو إلغائه مع كونها تملك ابتداء إلغاءه دون رجوعٍ للمدعى عليها إذا ما قدرت ذلك , كما أن هذا البحث مطروحٌ أيضاً من جهة أخرى في مدى إمكانية إلغاء المدعى عليها للحجز بنفسها إذا أرادت ذلك دون العرض والتوجيه لمؤسسة النقد إذ أن الإرادة والتوجيه منها مجردة عن إرادة مؤسسة النقد لا يرتفع بها الحجز عن أملاك المدعي .
(ولكــل ما تقــدم)
حكمت الدائرة : أولاً / بعدم قبول طلب المدعي رفع اسمه من قائمة الترقب لانتفاء صفة القرار الإداري عنه. ثانياً / عدم قبول طلب المدعي رفع الحجز عن أمواله لرفعه على غير ذي صفة ، لما هو موضح بالأسباب .

= يبقى أن أقول أني لازلت مقتنعاً بأن تصرف جهة الإدارة بوضع اسم المدعي ضمن قائمة الترقب لا يعد قراراً إدارياً بل هو عمل مادي يخرج عن اختصاص القضاء الإداري بالإلغاء (الحكم الثاني).

د. ناصر بن زيد بن داود
06-05-2010, 12:22 PM
تأسيساً على تمتع الإدارة بسلطة تقديرية واسعة تحقيقاً للمصلحة العامة التي تقتضي أن تنأى الرقابة القضائية عن بسط ولايتها على الأعمال المادية لجهات الإدارة ، وأن تنحصر تلك الرقابة فيما ينتج عن تلك الأعمال المادية أو ما يلحقها من قرارات إدارية تمس مراكز الأفراد .

هذا من الدُّرر واللآلئ والجواهر ؛ إن كان هناك دررٌ قضائية ، أو لآلئُ قانونية ، أو جواهرُ تسبيب .

لِيَهنَكَ العلم ( قاضي المظالم ) .

الروض المربع
09-05-2010, 11:31 AM
جزاك الله خيرا ونفع بك

المستشـار
10-05-2010, 07:44 PM
تم نقض الحكم الأول من هيئة التدقيق الإداري (الدائرة السادسة) لسببين:
الأول: أن تسبيب الدائرة لطلب المدعي رفع اسمه من قائمة ترقب الوصول يصلح للحكم بعدم قبول الدعوى كونه إجراءً تمهيدياً للقرار ومعلوم أن الطعن على الإجراءات التمهيدية للقرار لا يقبل لعدم نهائية القرار ، كما أن الحكم بعدم اختصاص الديوان في نظر هذا الطلب يلزم منه وجود جهة أخرى تختص بذلك.
الثاني: أن الحكم بعدم صفة وزارة الداخلية في قرار الحجز على أموال المدعي محل نظر ، فطالما ثبت أنها هي من وجهت وطلبت ذلك فيجوز اختصامها ، إذ المستقر جواز المخاصمة بالإلغاء ضد من أصدر القرار أو من وجَّه أوطلب إصداره.

تعليل هيئة التدقيق الموقرة بأن الحكم بعدم اختصاص الديوان في نظر هذا الطلب يلزم منه وجود جهة أخرى تختص بذلك تعليل غريب !!!
فإن دعوى الالغاء توجه ضد القرار الإداري وعلى القاضي الاداري فحص محل الطعن هل هو قرار إداري أم لا فإن تبين أنه ليس قرارا إداريا كان لها الحكم بعدم الاختصاص ولائيا ، والمنطق يقتضي أن تناقش الهيئة هذا التكييف لا أن تورد هذا الالتزام العجيب وكأن هناك باطلا مقدرا وهو عدم وجود جهة قضائية تختص بنظر النزاع فإذا ثبت ذلك لزم منه اختصاص الديوان !!!!!

لكنني اختلف مع الفقرة الثانية من الحكم فقرار وزارة الداخلية قرار إداري وليس مجرد إجراء تمهيدي والله أعلم

قاضي المظالم
10-05-2010, 08:12 PM
فضيلة شيخنا الدكتور

أشكر لكم قراءتكم وتعقيبكم وثناءكم الطيب ..
ولولا توفيق الله ثم وجود هذا المنتدى لما حصلت لنا المناقشة والمباحثة في الشؤون القضائية ..
زادكم الله توفيقاً ..


أخي المستشار

أشكر مروركم ..
درجت الدائرة السادسة بمحكمة الاستئناف الإدارية على الاعتداد بهذا السبب لنقض الأحكام الابتدائية النافية للاختصاص وهو سبب عجيب كما تفضلتكم ..

أما ما تفضلتم به بخصوص الفقرة الثانية من الحكم فإن كنت تقصد إلغاء قرار الحجز على الأموال ، فنحن لم نقرر في حكمنا أنه اجراء تمهيدي بتاتاً بل هو قرار إداري نهائي ومؤثر في المركز القانوني ولكننا انتهينا إلى عدم توافر الصفة في وزارة الداخلية ..
أعد القراءة وتأمل ..
دمتم بتوفيق الله ..

أبو وصايف
07-06-2010, 02:54 PM
كثر الله أمثالكم أيها الأساتذه الكبار وأقف تقديراً واحتراماً لكم

سامع الشور
09-06-2010, 09:44 PM
فضيلة قاضي المظالم،
ألا ترون أن هذه السلطة التقديرية الواسعة والفضفاضة أحياناً ،
ينبغي أن تكون الرقابة القضائية عليها واسعة أيضاً وليست محصورة ، والله أعلم.

القاضي 1
02-07-2010, 12:18 AM
الحمد لله وحده ، وبعد :.
أشكر لفضيلتكم طرحكم الكريم ..
لكن السؤال الذي يطرح نفسه قائلأ : وما مكان التطبيق للملائمة حال ترتيب العمل المادي أثره القانوني ايجاباً او سلباً حيال الفرد ، وبالخير دمتم .

قاضي التوثيق
02-07-2010, 02:56 AM
الحمد لله وحده ، وبعد :.
أشكر لفضيلتكم طرحكم الكريم ..
لكن السؤال الذي يطرح نفسه قائلأ : وما مكان التطبيق للملائمة حال ترتيب العمل المادي أثره القانوني ايجاباً او سلباً حيال الفرد ، وبالخير دمتم .


لايبسط القضاء سلطته على الملائمة إلا في قضاء التأديب .

القاضي 1
03-07-2010, 10:14 PM
لايبسط القضاء سلطته على الملائمة إلا في قضاء التأديب .

الحمد لله وحده ، وبعد :.
فإثراء للمعلومة القضائية مع وافر الاحترام ومكنون التقدير لفضيلة قاضي التوثيق الموقر أقول ومن الله العون وفق ما تم استقطابه بتصرف من أقوال الفقهاء في هذه المسألة :

إن رقابة القضاء الإداري على السبب تقع في ثلاث مراحل : الرقابة على وجود الوقائع والرقابة على تكييف الوقائع والرقابة على ملائمة القرار للوقائع :
أولاً- الرقابة على وجود الوقائع:
الرقابة على وجود الوقائع المادية التي استندت أليها الإدارة في إصدار قرارها أول درجات الرقابة القضائية على سبب القرار الإداري فإذا تبين أن القرار المطعون فيه لا يقوم علي سبب يبرره فأنه يكون جديرا بالإلغاء لانتفاء الواقعة التي استند عليها.
وقد بدأ مجلس الدولة الفرنسي في رقابته علي وجود الوقائع مع بداية القرن العشرين ومن أحكامه في هذا المجال حكم Trepont الذي قضي بإلغاء القرار الإداري الخاص بإحالة الطاعن على التقاعد لعدم ثبوت الواقعة التي اعتمدت عليها الإدارة في إصدار القرار وهي تقديم الطاعن طلبا بإحالته علي التقاعد .
وسار القضاء الإداري في مصر والعراق مع ما سار عليه مجلس الدولة الفرنسي في ذلك .
أما إذا صدر القرار بالاستناد إلى سبب تبين أنه غير صحيح أو وهمي وظهر من أوراق الدعوى أن هناك أسباب أخرى صحيحة فأنه يمكن حمل القرار على تلك الأسباب.
ثانياً- الرقابة على تكييف الوقائع:
وهنا تمتد رقابة القاضي الإداري لتشمل الوصف القانوني للوقائع التي استندت أليها الإدارة في إصدار قرارها فإذا تبين له أن الإدارة أخطأت في تكييفها القانوني لهذه الوقائع فإنه يحكم بإلغاء القرار الإداري لوجود عيب في سببه فإذا تحقق القاضي من وجود الوقائع التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها ينتقل البحث فيما إذا كانت تلك الوقائع تؤدي منطقيا إلى القرار المتخذ .
ومن اشهر أحكام مجلس الدولة الفرنسي في الرقابة على التكييف القانوني للوقائع حكمة في قضية Gomel عام 1914 فقد قضي بإلغاء قرار مدير أحد الأقاليم الذي رفض الترخيص للسيد جوميل بالبناء في منطقة أثرية على أساس أن هذا البناء سيشوه جمال المنظر الأثري ولما بحث المجلس التكييف القانوني للوقائع التي أستند إليها هذا القرار أعتبرها غير صحيحة وألغى قرار المدير.(- C.E 4 Avril 1914، Gomels، 1917، 3-25 Nite Hauriou . )
وجاء في قرار لمحكمة القضاء الإداري في العراق بقرارها المؤرخ في 18/11/1996 ( قرر إلغاء الأمر المتضمن حجز ومصادرة السيارة لعدم ارتكازه على سند من القانون وان تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة كان في غير محله …) .
ثالثاً- الرقابة على الملائمة:
الأصل أن لا تمتد رقابة القضاء الإداري لتشمل البحث في مدى تناسب الوقائع مع القرار الصادر بناء عليها لان تقدير أهمية الوقائع وخطورتها مسألة تدخل في ضمن نطاق السلطة التقديرية للإدارة إلا أن أحكام مجلس الدولة في مصر وفرنسا أخذت تراقب الملائمة بين السبب والقرار المبني عليه لا سيما إذا كانت الملائمة شرطا من شروط المشروعية وأتضح ذلك جلياً في صدد القرارات المتعلقة بالحريات العامة وامتدت هذه الرقابة إلى ميدان القرارات التأديبية كذلك . ( - عصام عبد الوهاب البرزنجي – السلطة التقديرية للإدارة والرقابة القضائية – 1971 – ص 160 وما بعدها . )
وبذلك يكون القضاء قد توسع في بسط رقابته علي العناصر الواقعية لركن السبب حتى بلغت أقصى درجاتها، لتشمل الملائمة ولاشك ان رقابة التناسب وعلى وجه الخصوص في القرارات التأديبية هي المجال الحقيقي للتطبيق .