طارق محمد اسماعيل
22-01-2019, 11:20 AM
أولاً : تعريف الحكم الغيابي:
تنقسم الأحكام الجزائية بحسب صدورها إلى أحكام حضورية، وأحكام حضورية اعتبارية ،وأحكام غيابية.
فالحكم هو " قرار يصدر من المحكمة تنتهي به خصومة معينة " [1]، والعبرة في هذا التقسيم هو صدور الحكم في مواجهة المتهم من عدمه، فقد نصـت المادة (165) من قانون الإجراءات الجزائية أنه " يجب حضور المتهم بنفسه في جميع إجراءات المحاكمة في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالسجن، ويجوز له في غير ذلك أن يعين وكيلا عنه، ولغير المتهم من الخصوم أن ينيبوا عنهم وكلاءهم في الحضور،.........ومع ذلك يجوز في جميع الأحوال أن يحضر وكيل عن المتهم ويبدي عذره في عدم الحضور، فإذا رأت المحكمة أن العذر مقبول تعين ميعادا لحضور المتهم أمامها ويخطر بذلك ".
وتنص المادة( 166) من ذات القانون انه " إذا تخلف المتهم أو غيره من
الخصوم عن الحضور فعلى المحكمة أن تتأكد من أنه أعلن إعلانا صحيحا ولها أن تؤجل نظر الدعوى إلى جلسة أخرى يعاد إعلانه بها، فإذا لم يحضر المتهم دون عذر مقبول بعد إعلانه شخصيا، فلها أن تنظر الدعوى في غيبته ويعتبر الحكم الذي يصدر بمثابة الحكم الحضوري".
من خلال ما سبق يمكن تعريف الحكم الغيابي بأنه : " الذي يصدر في الدعوى بدون أن يحضر المتهم جميع جلسات المرافعة ولو حضر جلسة النطق بالحكم طالما أنه لم تجرى مرافعة في هذه الجلسة " 1 ، فإذا حضر المتهم جلسات المرافعة ولم يحضر جلسة النطق بالحكم فإن الحكم يكون حضورياً، فالعبرة هنا في تمكن المتهم من إبداء دفاعه حول التهمة المنسوبة إليه، أما إذا حضر المتهم بعض جلسات المرافعة ولم يحضر في بعض الجلسات الأخرى التي سمعت المحكمة فيها شاهدا أو ناقشت خبير، اعتبر الحكم غيابيا لعدم تمكنه من إبداء دفاعه في الجلسات التي لم يحضرها.
فمن المقرر في قضاء المحكمة العليا " انه يكون الحكم حضورياً إذا حضر المحكوم عليه في الجلسات التي تمت فيها المرافعة ولو تغيب يوم النطق بالحكم ما دامت لم تجري مرافعة في هذا اليوم، والمقصود بحضور المحكوم عليه جلسات المرافعة أن يكون قد تمكن من الدفاع عن نفسه، فتغيبه عن بعض الجلسات لا يجعل الحكم غيابيا متى كان قد مكن من الاطلاع والرد على ما جاء بها، فالحكم يكون حضورياً كلما ثبت أن المتهم قد حضر جميع الجلسات التي اتخذت فيها إجراءات المحاكمة، فإذا تغيب عن جلسة سمعت فيها المحكمة إفادة شاهد أو ناقشت تقرير خبير أو قدم فيها الادعاء طلبات جديدة كان الحكم غيابيا ولو حضر المتهم الجلسات الأخرى التي اتخذت فيها سائر إجراءات المحاكمة، وحضر أيضا جلسة النطق بالحكم ولكن أعادت المحكمة هذه الإجراءات في جلسة تالية حضرها المتهم فإن الحكم يكون حضورا ، ولا يحول دون كون الحكم حضورياً أن يتغيب المتهم عن جلسة لم يتخذ فيها إجراء من إجراءات المحاكمة...." 1.
ويفهم مما سبق أن أي جلسة تمت فيها أحد إجراءات المحاكمة ولم يكن المتهم حاضرا فيها لإبداء دفاعه ولم تقم المحكمة بإعادة هذه الإجراءات في حضوره بجلسة تالية فإن الحكم على المتهم يكون غيابيا حتى وان حضر جلسة النطق بالحكم .
وهــذا المفهوم يأتي متوافقا مع ما قرره النظام الأساسي للدولة في المادة(22) " المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفقا للقانون.......... ".
أما الحكم الحضوري فهو الذي يصدر في حضور المتهم جلسات المحاكمة سواء بنفسه أو بواسطة وكيل عنه في الأحوال المبينة في المادة( 165) من قانون الإجراءات الجزائية، وحضور المتهم جميع جلسات المرافعة وتغيبه عن جلسة النطق بالحكم لا يحول دون اعتبار الحكم حضورياً بحقه كما ذكرنا سلفا.
بيد أنه تختلف قواعد الحضور في مواد الجنايات عنها في مواد الجنح والمخالفات، ذلك أن المادة(165) من قانون الإجراءات الجزائية اشترطت حضور المتهم جميع إجراءات المحاكمة في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالسجن ولا يجوز التنازل عن ذلك، بينما في الجنح والمخالفات المعاقب عليها بالغرامة فيجوز أن يحضر عن المتهم وكيلا عنه.
كما أنه يجوز في جميع الأحوال حضور وكيل المتهم لإبداء عذره في عدم حضوره لجلسة المحاكمة، فإن رأت المحكمة أن العذر مقبول تعين لها تأجيل الجلسة لحضور المتهم أمامها وعليها أن تتأكد من اخطاره بذلك، فمهمة وكيل المتهم في الأحوال السابقة تقديم عذر مقبول للمحكمة عن سبب عدم حضور المتهم ، فإذا قام الوكيل بالمرافعة في الدعوى خطأ ، فإن المرافعة تقع باطلة ولا يغير من اعتبار الحكم غيابيا 1.
الحكم الحضوري الاعتباري كما بينته المواد(167،166) من قانون الإجراءات الجزائية هو الذي يصدر في غيبة المتهم الذي تم إعلانه إعلانا صحيحا بموعد الجلسة، فعلى المحكمة أن تتأكد من إعلان المتهم إعلاناً صحيحاً ولها بعد ذلك إما إعادة الإعلان أو نظر الدعوى في غيبته وحكمها في هذه الحالة يكون بمثابة الحضوري.
ويكون الحكم الحضوري اعتبارياً أيضاً بالنسبة لكل من لم يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل فيها الدعوى بدون أن يقدم عذرا مقبولا.
ويشترط حتى يكون الحكم حضوري اعتباري إن يكون التغيب بدون عذر مقبول كما بينته المادة (166) من قانون الإجراءات الجزائية.
وقد ميز القانون بين الحكم الحضوري الاعتباري وبمثابة الحضوري ، فالأول
حضور المتهم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون تقديم عذر مقبول، والثاني عدم حضور المتهم الجلسة المحددة لنظر الدعوى بدون عذر مقبول بعد تأكد المحكمة من إعلانه شخصيا بموعدها ، وهذه التفرقة اللفظية ليس لها الأثر في تغيير طريقة الطعن على الحكم، ففي كلتا الحالتين يتم الطعن بالاستنئاف عليها حسب ما قررته المادة ( 238) من قانون الإجراءات الجزائية.
ويسقط الحكم الحضوري الاعتباري والغيابي إذا حضر المتهم قبل انتهاء الجلسة التي صدر الحكم في غيبته ، وعلى المحكمة إعادة نظر الدعوى من جديد وإجراء جميع إجراءات المحاكمة في حضوره 1.
ثانيا ً: أهمية التفرقة بين الأحكام الغيابية والحضورية والحضورية الاعتبارية:
تتمثل أهمية التفرقة بين أنواع الأحكام الثلاثة من حيث طرق الطعن بالمعارضة، فالأحكام الحضورية والمعتبرة حضورياً لا تقبل الطعن بالمعارضة،أما الأحكام الغيابية فهي التي تقبل الطعن بالمعارضة، فالمادة(230) من قانون الإجراءات الجزائية بينت أن الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات هي التي يجوز الطعن فيها بالمعارضة ، فلا يجوز الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنايات ، إنما تعاد نظر الدعوى أمام المحكمة.
وتبدو أهمية التفرقة أيضاً في أن الأحكام الحضورية والمعتبرة حضورياً يجب أن تكون صادرة بناءاً على إجراء تحقيق نهائي في الجلسة ، بخلاف الأحكام الغيابية التي يجوز إصدارها بناءاً على اطلاع المحكمة على الأوراق وبدون تحقيق 1.
كما أن الحكم الحضوري اقرب للعدالة والحقيقة من الحكم الغيابي كونه صدر بعد تحقيق نهائي ومحاكمة متكاملة مُكن فيها المتهم من إبداء دفاعه حول الدعوى 2.
ومن حيث الحجية، يعتبر الحكم الحضوري قطعي بمجرد النطق به، أما الأحكام الغيابية والمعتبرة حضورياً في الجنح والمخالفات فتسقط بقوة القانون بمجرد حضور المتهم الجلسة قبل انتهاءها ويتعين هنا إعادة نظر الدعوى في
حضوره كما بينا سلفاً.
أما في مواد الجنايات فإن حضور المتهم بنفسه أو بسبب إلقاء القبض عليه
يسقط الحكم الغيابي وذلك قبل سقوط العقوبة بمضي المدة فهنا يعاد نظر الدعوى في حضوره أيضا استنادا لنصوص المواد (170 ، 328) من قانون الإجراءات الجزائية .
ثالثا ً: أسباب غياب المتهم عن حضور جلسات المحاكمة:
1- غياب المتهم لعدم علمه بموعد الجلسة: وذلك إما لأن التكليف بالحضور لم يوجه إليه إطلاقاً أو وجه إليه باطلاً 1، فقد بينت المادة(164) من قانون الإجراءات الجزائية كيفية إعلان المتهم بموعد الجلسة والمنصوص عليها بالمواد(71،70) من ذات القانون.
والمادة(163) من قانون الإجراءات الجزائية بينت شروط صحة ورقة التكليف بالحضور، وهي أن تكون قد سُلمت له قبل انعقاد الجلسة بثلاثة أيام في المخالفات، وسبعة أيام في الجنح، وعشرة أيام في الجنايات، وأن تذكر في ورقة التكليف بالحضور التهمة ومواد القانون التي تنص على العقوبة.
فإذا أعلن المتهم بميعاد أقل من الميعاد المبين في المادة السابقة وحضر المتهم
كان له أن يطلب من المحكمة تأجيل نظر الدعوى، فإن رفضت المحكمة ذلك وترافع مرغماً كان ذلك إخلالاً بحق الدفاع يترتب عليه بطلان الحكم 1.
وقد قضت المحكمة العليا بأنه " إذا لم يعط المتهم وقتا كافيا للحضور للحكم أو تم إعلانه قبل يوم واحد في الجلسة المحددة ولم يتمكن من الحضور وحجزت المحكمة القضية للحكم في غيابه فإن إجراءات المحاكمة باطلة " 2.
2- غياب المتهم لتوافر عذر قهري منعه من الحضور: فبعد إعلان المتهم إعلاناً صحيحا في الميعاد القانوني عن موعد الجلسة تعذر حضوره بسبب عذر قاهر كالمرض أو انقطاع المواصلات، فللمحكمة السلطة التقديرية لهذا العذر وقوته ،فإن رأت أن العذر مقبول توجب عليها تأجيل الدعوى لجلسة تالية وإعلان المتهم بها استنادا لنـص المادة(165) من قانون الإجراءات الجزائية.
3- غياب المتهم عن حضور جلسة المحاكمة بإرادته: ويرجع سبب عدم حضوره إما لإهماله أو خوفه من مواجهة القضاء ، فللمحكمة نظر الدعوى في غيبته بعد التأكد من صحة إعلانه ويعتبـــر الحكـــــم هنا بمثابــــة الحضوري وفقا لمفهوم المادة (166) إجراءات جزائية.
وأجاز القانون حضور وكيل عن المتهم إجراءات المحاكمة في الجنح والمخالفات المعاقب عليها بالغرامة (165) إجراءات جزائية .
رابعاً: سقوط العقوبة في الأحكام الغيابية :
أ- في مواد الجنح والمخالفات:
تنص المادة (328) من قانون الإجراءات الجزائية " تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنوات وفي مخالفة بمضي سنتين،وتبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائيا ، إلا إذا كانت العقوبة محكوما بها غيابيا في جناية فتبدأ المدة من يوم صدور الحكم ".
تسري مدة سقوط العقوبة من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا، والحكم النهائي هو الذي يصدر من محكمة الاستئناف سواء كانت الواقعة جناية أو جنحة أو مخالفة حسب الأحوال، كما يكون الحكم نهائي بصدوره من محكمة الجنح أو محكمة الاستئناف إلا أن المحكوم عليه لم يطعن فيه حسب الطرق والمواعيد المقررة قانونا.
أما بالنسبة للأحكام الغيابية في الجنح والمخالفات فيجب أولاً إعلان المحكوم عليه بالحكم ، ثم تبدأ مدة السقوط بعد انتهاء ميعادي المعارضة والاستئناف المبينة في القانون أو صدور حكم نهائي في الدعوى ،فإذا لم يعلن المحكوم عليه غيابياً بالحكم فلا مجال لبحث سقوط العقوبة لأن الحكم لم يصبح نهائيا، فتحسب مدة انقضاء الدعوى العمومية [2]، فالمادة(15) من قانون الإجراءات الجزائية بينت حالات انقضاء الدعوى العمومية ومنها صدور حكم نهائي في الدعوى، وهنا لم يصبح الحكم نهائيا وبالتالي تحسب المدة المنصوص عليها في المادة (16) من قانون الإجراءات الجزائية وهي مضي ثلاث سنوات في الجنح و سنة في المخالفات من يوم وقوع الجريمة.
إلا أن إجراءات المحاكمة المتخذة قطعت هذه المدة التي بدأت من يوم وقوع الجريمة، فيعتبر أخر إجراء قاطع للمدة هو الحكم استنادا لنص المادة(18) من قانون الإجراءات الجزائية.
فالحكم الغيابي يعتبر مجرد إجراء من إجراءات الدعوى ، والتقادم الذي يسري اعتبارا من تاريخ صدوره هو تقادم الدعوى العمومية دون تقادم العقوبة 2 أما إذا أعلن المحكوم عليه بالحكم الغيابي ولم يعارض الحكم وفوت ميعاد الاستئناف فتبدأ مدة سقوط العقوبة كون الحكم أصبح نهائياً .
ويرى الباحث أن هذا الرأي يجانب الصواب ، إذ لو طبقت المادة (328) من قانون الإجراءات الجزائية باعتبار أنه إذا لم يصبح الحكم نهائياً فلا يمكن احتساب مدة سقوط العقوبة ، فسنرى أن الأحكام الصادرة غيابياً في الجنايات المقضي فيها بالإعدام والسجن المطلق تسقط بمضي المدة ، أما في الجنح فلن تسقط كون الحكم لم يصبح نهائياً وستظل الأحكام تلاحق المحكوم عليه حتى إعلانه بها وهو ما لا يتوافق مع مبادئ العدالة والمنطق ، كما أنه جرى العمل على ذلك في المحاكم المصرية وفقاً للأحكام الصادرة من محكمة النقض.
ب- في مواد الجنايات:
استثنى المشرع الأحكام الغيابية الصادرة في مواد الجنايات في حساب المدة فهي تبدأ من يوم صدور الحكم ، فالعقوبة المحكوم بها في الجنايات تسقط بمضي عشرين سنة إلا عقوبة الإعدام فبمضي ثلاثين سنة من تاريخ صدور الحكم.
وعلة المشرع في ذلك انه أراد المساواة في سريان مدة سقوط العقوبة بين المتهم الحاضر والمتهم الغائب، إذ لو طبقا القاعدة المبينة في مواد الجنح والمخالفات ،فإن المحكوم عليه سيستفيد من مدة تقادم الدعوى العمومية المبينة في المادة (16) من قانون الإجراءات الجزائية وهي عشر سنوات في الجنايات عموما وعشرين سنة في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المطلق،ومن أجل ذلك قضى القانون بأن المحكوم عليه غيابيا في جناية لا يمكنه الاستفادة من نظام سقوط الدعوى العمومية بل من نظام سقوط العقوبة شأنه شأن الحاضر ، فتبدأ مدة السقوط من تاريخ صدور الحكم الغيابي [3].
المبحث الثاني
آلية تنفيذ الأحكام الغيابية
أولا : شروط تنفيذ الأحكام :
قبل الحديث عن آلية التنفيذ ، يجب أولا تحديد شروط تنفيذ الأحكام عموماً والأحكام الغيابية بشكل خاص، فقد نصت المادة(283) من قانون الإجراءات الجزائية على انه " لا يجوز تنفيذ العقوبات المقررة في القانون لأية جريمة إلا بناءًعلى حكم صادر من محكمة مختصة بذلك ".
1- صدور حكم من محكمة مختصة ، ويتحدد الاختصاص بثلاث جوانب:
الأول: الاختصاص النوعي ، وضابط هذا الاختصاص تقسيم الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات، فقد نصت المادة(137) من قانون الإجراءات الجزائية أن محكمة الجنايات تتولى النظر في قضايا الجنايات، ومحاكم الجنح تنظر قضايا الجنح والمخالفات حسب تعريفها في قانون الجزاء في المواد(39،29).
كذلك تختص المحكمة العليا بنظر جميع الطعون المرفوعة إليها من محاكم الاستئناف شاملة جميع دوائرها ومنها الطعون الجزائية.
فالمحاكم المختصة نوعياً بنظر القضايا الجزائية هي المحكمة العليا ومحكمة الاستنئاف ( دائرة الجنايات و دائرة الجنح المستأنفة) والمحكمة الابتدائية ( الدائرة الجزائية).
ثانيا: الاختصاص المكاني ،وضابط هذا الاختصاص يتحدد بمكان وقوع الجرم أو مكان إقامة المتهم أو مكان القبض عليه حسب نص المادة(141) من قانون الإجراءات الجزائية،ذلك أن إقليم السلطنة مقسم إلى محافظات ومناطق وولايات، فكل إقليم له محكمة مختصة للنظر في الجرائم التي تقع في نطاق اختصاصها، وبينت المواد(143،142)من ذات القانون الاختصاص المكاني لجرائم الشروع والجرائم المستمرة وجرائم الاعتياد، والجرائم الواقعة خارج السلطنة وتسري عليها أحكام القانون العماني.
ثالثا: الاختصاص الشخصي ،وضابط هذا الاختصاص شخص المتهم،ذلك وتطبيقاً لمبدأ إقليمية القانون الجزائي بنظر كل الدعاوى الناشئة عن جريمة وقعت كلها أو بعضها في إقليم السلطنة سواء من عمانيين او أجانب ، بل أنها تختص أحياناً بالدعاوى الناشئة عن بعض الجرائم التي تقع خارج الإقليم من عمانيين و أجانب وهو ما بينته المواد (3-12) من قانون الجزاء.
ومع ذلك فقد يخرج بعض الأشخاص بسبب صفاتهم أو حالتهم عن اختصاص المحاكم ومنهم الممثلين السياسيين للدول الأجنبية حسب نص المادة(7)من قانون الجزاء.
2- ان يكون الحكم نهائياً ، والحكم النهائي سبق بيانه سلفا،ذلك أن المادة(284) من قانون الإجراءات الجزائية نصت" لا يجوز تنفيذ الأحكام الجزائية إلا متى صارت نهائية، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".
3- صدور أمر من الادعاء العام بتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى العمومية استنادا لنص المادة(285) من قانون الإجراءات الجزائية لأن مهمة تنفيذ الأحكام هي من اختصاصات الادعاء العام وفق المادة (1) من قانون الادعاء العام، وأياً كان شكل هذا الأمر فالمهم أن يهدف إلى تنفيذ الحكم ضد المحكوم عليه، وعلى سبيل المثال بينت المادة (296) من ذات القانون أن الأحكام الصادرة بالعقوبات المقيدة للحرية في السجون المعدة لذلك يكون بمقتضى أمر يصدر من الادعاء العام.
4- إعلان المحكوم عليه إذا كان الحكم غيابياً : إضافة للشروط التي سبق بيانها، وذلك ليستطيع الطعن فيه وفق الطرق المقررة قانونا لاعادة المحاكمة وتمكينه من إبداء دفاعه كونه لم يحضر الجلسات، وسنتحدث لاحقا عن كيفية إعلان المحكوم عليه بالحكم الغيابي بشيء من التفصيل.
ثانياً : الآلية العملية لتنفيذ الأحكام الغيابية
وهذه الآلية اطلعت على كيفيتها من خلال الزيارة الميدانية لمقر الإدارة العامة لتنفيذ ومتابعة الأحكام.
1- إعلان المحكوم عليه –
لم يحدد القانون طريقة محددة لإعلان المحكوم عليه غيابياً، إلا انه عمليا يتم الرجوع للمواد (70 ، 71) من قانون الإجراءات الجزائية أو بأي طريقة أخرى بهدف الوصول له وإعلانه.
ويجب أن يتم الإعلان شخصياً ، إما في محل إقامته أو مقر عمله ، وفي حالة عدم تواجده في الحالة الأولى تسلم نسخة من إعلان بالحضور لذويه أو أحد القاطنين معه فقط بدون تسليم نسخة من الحكم بغية الحضور لمقر إدارة التنفيذ المختصة ، وعند حضوه يعلن بالحكم وتؤخذ عليه الضمانات اللازمة لضمان حضوره أمام المحكمة في حالة معارضته بالحكم أو في حالة التنفيذ عليه.
وإذا تعذر الوصول لمقر سكن المحكوم عليه يمكن الاستعانة بإدارة التحريات من خلال إرسال كشف بأسماء المحكوم عليهم وأرقام بطاقتهم الشخصية وغيرها من البيانات التي تساعد وتسهل عملية البحث، ويمكن لهذه الإدارة المختصة بهذا المجال معرفة عناوين المحكوم عليهم الحالية من خلال الحاسب الآلي ومن ثم إعلانهم حسب المتبع.
كما تعد كشوفات بأسماء المحكوم عليهم غيابياً مع أرقام القضايا وتحال إلى كل من إدارة الأحوال المدنية و إدارة المرور و إدارة الجوازات والإقامة لتخزينها بالحاسب الآلي بغية الوصول إليهم وإعلانهم، لأنه غالباً سيقوم المحكوم عليه بمراجعة أحد هذه الأجهزة لتخليص أحد المعاملات التي تخصه خلال سنة على الأكثر .
أما بالنسبة لإعلان المحكوم عليهم إذا كانوا من العسكريين ومن في حكمهم من الدرجات المدنية فيتم إعلانهم عن طريق جهة العمل، فالمادة(39) من التعليمات القضائية للادعاء العام نصت على أنه " تخطر جهات عمل المتهمين من العسكريين ومن في حكمهم من الدرجات المدنية وشاغلي مناصب المدراء العموم والمدراء في الدوائر الحكومية من المدير العام بناء على تقرير معد متضمن التهمة المسندة ونتيجة التصرف النهائي سواء بالحفظ أم بالإحالة ، ومن ثم يتم الإخطار بنتيجة الحكم النهائي في الواقعة ". ففي جميع الأحوال سيتم إخطار جهة العمل بنتيجة الحكم ومنها الحكم الغيابي ومنها تسهل عملية إعلانه إما بمقر إدارة التنفيذ أو عن طريق جهة العمل.
2- الإعلان عن طريق موظفي إدارة تنفيذ ومتابعة الأحكام-
لأن مهمة تنفيذ الأحكام منوطة بالادعاء العام كما أشرنا سلفاً وتكون بانتقالهم لمحل إقامة المحكوم عليه أو مقر عمله حسب الأحوال وإعلانه وفق النموذج المعد لذلك واخذ الكفالات اللازمة لمنع فراره و حضوره جلسات المحاكمة ، ويمكن الاستعانة برجال الشرطة إن كان له مبرر.
3- تنفيذ الحكم الصادر بحق المحكوم عليه -
بعد انتهاء إجراءات إعلان المحكوم عليه وصيرورة الحكم نهائيا سواء بانتهاء مدة المعارضة أو تأييد الحكم المعارض فيه وفوات ميعاد الاستئناف أو صدور حكم الاستئناف يتم تنفيذ الحكم الصادر سواء بالسجن أو بالغرامة أو بغيرها حسب المتبع في تنفيذ الأحكام الحضورية.
على انه تجب الإشارة لبعض أنواع العقوبات الإضافية وآلية تنفيذها إذا كانت غيابية، فعقوبة المصادرة تنفذ فوراً ولو كان الحكم غيابيا، فالمادة (70) من قانون الجزاء نصت على أن عقوبة منع الإقامة والمصادرة تنفذ فوراً حتى وإن مر الزمن ولم تنفذ، أي حتى سقوط العقوبة بمضي الزمن لا يمنع من تنفيذها حتى ولو لم يكن الحكم فيها نهائياً.
أما عقوبة الإزالة فلا تنفذ إلا متى صارت نهائية، أما في حالة وجود خطورة على الآخرين من بقاء موقع الجريمة على هذا الحال فيزال فوراً حتى وإن كان الحكم غيابيا لترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، أما في النظام المصري فقد نصت المادة (1437) من تعليمات النيابة المصرية أن الأحكام الصادرة بالإزالة والغلق والهدم والمصادرة لا يجوز تنفيذها إلا بعد صيرورتها نهائيا.
وفي مواد الجنايات فقد بينت المواد(169،168) من قانون الإجراءات الجزائية أن المتهم يحرم من التصرف في أمواله أو أن يديرها أو أن يرفع أي دعوى باسمه، وعلى المحكمة الابتدائية الواقع في دائرتها أموال المحكوم عليه تعيين حارس قضائي بناءاً على طلب الادعاء العام، وتنتهي الحراسة إما بصدور حكم حضوري أو بوفاة المتهم حقيقة أو حكماً وفقاً لقانون الأحوال الشخصية، كما أنه ينفذ من الحكم الغيابي كل العقوبات والتدابير التي يمكن تنفيذها.
ثالثاً: صعوبات تنفيذ الأحكام الغيابية
1- عدم وضوح عناوين المحكوم عليهم : ويرجع ذلك اما لعدم الالتزام التام بنظام الكفالات بالادعاء العام الصادر بالتعميم القضائي رقم (47/2004م) وقرار معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك (المشرف العام على الادعاء العام) الصادران بتاريخ 21/12/2004م الذي ابرز نجاحا ملحوظا في تنفيذ الأحكام خصوصا تقليل ما يسمى (الأحكام الغيابية) سواء كانت الكفالة بمراكز الشرطة أو إدارات الادعاء العام.
أو عدم التأكد من بيانات محل الإقامة التي يدلي بها المتهم أثناء التحقيق معه قاصداً تضليل مأموري الضبط القضائي من الوصول إليه فيما بعد، وباتباع نظام الكفالات سيتم الوصول إليه لا محالة.
2- عدم تواجد المحكوم عليهم بمقر سكنهم أثناء إعلانهم: ذلك أن موظفي التنفيذ يعملون في ساعات الدوام الرسمي ، وفي هذا الوقت يكون اغلب الأشخاص في مقر عملهم وبالتالي يتوجب إعلانهم بعد وقت الظهر لضمان تواجدهم بالمنازل، لأن الفترة المحددة قانونا لا تتجاوز بعد السادسة مساءاً التي امتدت إلى الساعة الثامنة حسب تعميم سعادة المدعي العام ومعظم العاملين بالقطاع الخاص قد تمتد فترة عملهم إلي ما بعد هذه الساعة، مما يستدعي زيادة كادر موظفي التنفيذ و تقسيم العمل على نوبات صباحية ومسائية.
3- خطورة بعض المحكوم عليهم: فالبعض منهم إما مصاباً بمرض معدي أو مرض نفسي أو له سجل حافل بالأسبقيات الجرمية فعملية التنفيذ بها شيء من الصعوبة ، والإعلان بحد ذاته يشكل خطورة على حياة موظفي التنفيذ المجردين من الأسلحة، فيفضل دائماً اصطحاب رجل شرطة عند إجراء عملية الإعلان.
4- تغيير محل الإقامة : ومثالها تواجد المحكوم عليه في حدود اختصاص إدارة بعيدة مكانيا عن حدود اختصاص الإدارة التي تريد إعلان المحكوم عليه، فيفضل تفعيل التنسيق التام بين الإدارات عملا بقاعدة الادعاء العام لا يتجزأ.
رابعاً : تحسينات عملية بشأن آلية تنفيذ الأحكام الغيابية:
1- العامل الأساسي في تنفيذ الحكم الغيابي هو إعلان المحكوم عليه ، أي محاولة الوصول إليه فيفضل الاستعانة دائما برجال الشرطة لضلوعهم ودرايتهم بهذا المجال الذي يقوم على إجراء البحث والتحري عن أماكن إقامة المحكوم عليهم ، لذلك أقترح أن يكون إعلان الأحكام الغيابية بوجود أحد رجال الشرطة لنجاح عاملين : الأول :- سهولة الوصول للمحكوم عليه والثاني :- منع صدور أي أفعال خطيرة من شأنها الإضرار بالموظفين فيضبط المتهم وهذا الضبط هو إجراء وقتي لحين إعلانه بالحكم ثم يعرض على عضو الادعاء العام لإبداء معارضته و يفرج عنه بعد اخذ الضمانات اللازمة لأنه في اغلب الأحوال سيعارض المحكوم عليه الحكم حتى لا يبقى في الحجز لحين إجراء المحاكمة.
2- إرسال شهادة بمنطوق الحكم للمركز لتخزينها فوراً بالحاسب الآلي منعاً لفرار المحكوم عليه خارج السلطنة ، لأن الأحكام الأصلية تصل من المحكمة بعد فترة زمنية تترواح بين أسبوع إلى أربعة اشهر وهي مدة كافية لإعطاء المحكوم عليه فرصة للهرب خارج السلطنة خصوصا مع عدم اخذ الكفالات اللازمة أثناء التحقيق معه، والتأخر يوم واحد فقط كافي لنجاح عملية الهرب فكيف إذن بمرور أسبوع أو اكثر.
3- التعاون مع إدارات الأحوال المدنية والجوازات والإقامة والمرور وذلك بإرسال نماذج جاهزة لإعلان المحكوم عليهم إسراعاً في الإجراءات بدلاً من التحفظ عليهم وإخطار تنفيذ الأحكام وانتظار موظفي التنفيذ لإعلانه من قبلهم .
4- العمل على تعيين موظف أو اكثر مختص مكانياً من ذات المنطقة لجهة اختصاص إدارة التنفيذ للإعلان كونه يعلم مداخل ومخارج المنطقة.
5- توفير مبالغ مالية لإدارة التنفيذ لما له الأثر في تجنيد المصادر التي يمكن بها التوصل للمحكوم عليه في اقرب فرصة ممكنة يمكن من خلالها الإسراع في تنفيذ الأحكام بشكل عام . منقول
تنقسم الأحكام الجزائية بحسب صدورها إلى أحكام حضورية، وأحكام حضورية اعتبارية ،وأحكام غيابية.
فالحكم هو " قرار يصدر من المحكمة تنتهي به خصومة معينة " [1]، والعبرة في هذا التقسيم هو صدور الحكم في مواجهة المتهم من عدمه، فقد نصـت المادة (165) من قانون الإجراءات الجزائية أنه " يجب حضور المتهم بنفسه في جميع إجراءات المحاكمة في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالسجن، ويجوز له في غير ذلك أن يعين وكيلا عنه، ولغير المتهم من الخصوم أن ينيبوا عنهم وكلاءهم في الحضور،.........ومع ذلك يجوز في جميع الأحوال أن يحضر وكيل عن المتهم ويبدي عذره في عدم الحضور، فإذا رأت المحكمة أن العذر مقبول تعين ميعادا لحضور المتهم أمامها ويخطر بذلك ".
وتنص المادة( 166) من ذات القانون انه " إذا تخلف المتهم أو غيره من
الخصوم عن الحضور فعلى المحكمة أن تتأكد من أنه أعلن إعلانا صحيحا ولها أن تؤجل نظر الدعوى إلى جلسة أخرى يعاد إعلانه بها، فإذا لم يحضر المتهم دون عذر مقبول بعد إعلانه شخصيا، فلها أن تنظر الدعوى في غيبته ويعتبر الحكم الذي يصدر بمثابة الحكم الحضوري".
من خلال ما سبق يمكن تعريف الحكم الغيابي بأنه : " الذي يصدر في الدعوى بدون أن يحضر المتهم جميع جلسات المرافعة ولو حضر جلسة النطق بالحكم طالما أنه لم تجرى مرافعة في هذه الجلسة " 1 ، فإذا حضر المتهم جلسات المرافعة ولم يحضر جلسة النطق بالحكم فإن الحكم يكون حضورياً، فالعبرة هنا في تمكن المتهم من إبداء دفاعه حول التهمة المنسوبة إليه، أما إذا حضر المتهم بعض جلسات المرافعة ولم يحضر في بعض الجلسات الأخرى التي سمعت المحكمة فيها شاهدا أو ناقشت خبير، اعتبر الحكم غيابيا لعدم تمكنه من إبداء دفاعه في الجلسات التي لم يحضرها.
فمن المقرر في قضاء المحكمة العليا " انه يكون الحكم حضورياً إذا حضر المحكوم عليه في الجلسات التي تمت فيها المرافعة ولو تغيب يوم النطق بالحكم ما دامت لم تجري مرافعة في هذا اليوم، والمقصود بحضور المحكوم عليه جلسات المرافعة أن يكون قد تمكن من الدفاع عن نفسه، فتغيبه عن بعض الجلسات لا يجعل الحكم غيابيا متى كان قد مكن من الاطلاع والرد على ما جاء بها، فالحكم يكون حضورياً كلما ثبت أن المتهم قد حضر جميع الجلسات التي اتخذت فيها إجراءات المحاكمة، فإذا تغيب عن جلسة سمعت فيها المحكمة إفادة شاهد أو ناقشت تقرير خبير أو قدم فيها الادعاء طلبات جديدة كان الحكم غيابيا ولو حضر المتهم الجلسات الأخرى التي اتخذت فيها سائر إجراءات المحاكمة، وحضر أيضا جلسة النطق بالحكم ولكن أعادت المحكمة هذه الإجراءات في جلسة تالية حضرها المتهم فإن الحكم يكون حضورا ، ولا يحول دون كون الحكم حضورياً أن يتغيب المتهم عن جلسة لم يتخذ فيها إجراء من إجراءات المحاكمة...." 1.
ويفهم مما سبق أن أي جلسة تمت فيها أحد إجراءات المحاكمة ولم يكن المتهم حاضرا فيها لإبداء دفاعه ولم تقم المحكمة بإعادة هذه الإجراءات في حضوره بجلسة تالية فإن الحكم على المتهم يكون غيابيا حتى وان حضر جلسة النطق بالحكم .
وهــذا المفهوم يأتي متوافقا مع ما قرره النظام الأساسي للدولة في المادة(22) " المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفقا للقانون.......... ".
أما الحكم الحضوري فهو الذي يصدر في حضور المتهم جلسات المحاكمة سواء بنفسه أو بواسطة وكيل عنه في الأحوال المبينة في المادة( 165) من قانون الإجراءات الجزائية، وحضور المتهم جميع جلسات المرافعة وتغيبه عن جلسة النطق بالحكم لا يحول دون اعتبار الحكم حضورياً بحقه كما ذكرنا سلفا.
بيد أنه تختلف قواعد الحضور في مواد الجنايات عنها في مواد الجنح والمخالفات، ذلك أن المادة(165) من قانون الإجراءات الجزائية اشترطت حضور المتهم جميع إجراءات المحاكمة في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالسجن ولا يجوز التنازل عن ذلك، بينما في الجنح والمخالفات المعاقب عليها بالغرامة فيجوز أن يحضر عن المتهم وكيلا عنه.
كما أنه يجوز في جميع الأحوال حضور وكيل المتهم لإبداء عذره في عدم حضوره لجلسة المحاكمة، فإن رأت المحكمة أن العذر مقبول تعين لها تأجيل الجلسة لحضور المتهم أمامها وعليها أن تتأكد من اخطاره بذلك، فمهمة وكيل المتهم في الأحوال السابقة تقديم عذر مقبول للمحكمة عن سبب عدم حضور المتهم ، فإذا قام الوكيل بالمرافعة في الدعوى خطأ ، فإن المرافعة تقع باطلة ولا يغير من اعتبار الحكم غيابيا 1.
الحكم الحضوري الاعتباري كما بينته المواد(167،166) من قانون الإجراءات الجزائية هو الذي يصدر في غيبة المتهم الذي تم إعلانه إعلانا صحيحا بموعد الجلسة، فعلى المحكمة أن تتأكد من إعلان المتهم إعلاناً صحيحاً ولها بعد ذلك إما إعادة الإعلان أو نظر الدعوى في غيبته وحكمها في هذه الحالة يكون بمثابة الحضوري.
ويكون الحكم الحضوري اعتبارياً أيضاً بالنسبة لكل من لم يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل فيها الدعوى بدون أن يقدم عذرا مقبولا.
ويشترط حتى يكون الحكم حضوري اعتباري إن يكون التغيب بدون عذر مقبول كما بينته المادة (166) من قانون الإجراءات الجزائية.
وقد ميز القانون بين الحكم الحضوري الاعتباري وبمثابة الحضوري ، فالأول
حضور المتهم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون تقديم عذر مقبول، والثاني عدم حضور المتهم الجلسة المحددة لنظر الدعوى بدون عذر مقبول بعد تأكد المحكمة من إعلانه شخصيا بموعدها ، وهذه التفرقة اللفظية ليس لها الأثر في تغيير طريقة الطعن على الحكم، ففي كلتا الحالتين يتم الطعن بالاستنئاف عليها حسب ما قررته المادة ( 238) من قانون الإجراءات الجزائية.
ويسقط الحكم الحضوري الاعتباري والغيابي إذا حضر المتهم قبل انتهاء الجلسة التي صدر الحكم في غيبته ، وعلى المحكمة إعادة نظر الدعوى من جديد وإجراء جميع إجراءات المحاكمة في حضوره 1.
ثانيا ً: أهمية التفرقة بين الأحكام الغيابية والحضورية والحضورية الاعتبارية:
تتمثل أهمية التفرقة بين أنواع الأحكام الثلاثة من حيث طرق الطعن بالمعارضة، فالأحكام الحضورية والمعتبرة حضورياً لا تقبل الطعن بالمعارضة،أما الأحكام الغيابية فهي التي تقبل الطعن بالمعارضة، فالمادة(230) من قانون الإجراءات الجزائية بينت أن الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات هي التي يجوز الطعن فيها بالمعارضة ، فلا يجوز الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنايات ، إنما تعاد نظر الدعوى أمام المحكمة.
وتبدو أهمية التفرقة أيضاً في أن الأحكام الحضورية والمعتبرة حضورياً يجب أن تكون صادرة بناءاً على إجراء تحقيق نهائي في الجلسة ، بخلاف الأحكام الغيابية التي يجوز إصدارها بناءاً على اطلاع المحكمة على الأوراق وبدون تحقيق 1.
كما أن الحكم الحضوري اقرب للعدالة والحقيقة من الحكم الغيابي كونه صدر بعد تحقيق نهائي ومحاكمة متكاملة مُكن فيها المتهم من إبداء دفاعه حول الدعوى 2.
ومن حيث الحجية، يعتبر الحكم الحضوري قطعي بمجرد النطق به، أما الأحكام الغيابية والمعتبرة حضورياً في الجنح والمخالفات فتسقط بقوة القانون بمجرد حضور المتهم الجلسة قبل انتهاءها ويتعين هنا إعادة نظر الدعوى في
حضوره كما بينا سلفاً.
أما في مواد الجنايات فإن حضور المتهم بنفسه أو بسبب إلقاء القبض عليه
يسقط الحكم الغيابي وذلك قبل سقوط العقوبة بمضي المدة فهنا يعاد نظر الدعوى في حضوره أيضا استنادا لنصوص المواد (170 ، 328) من قانون الإجراءات الجزائية .
ثالثا ً: أسباب غياب المتهم عن حضور جلسات المحاكمة:
1- غياب المتهم لعدم علمه بموعد الجلسة: وذلك إما لأن التكليف بالحضور لم يوجه إليه إطلاقاً أو وجه إليه باطلاً 1، فقد بينت المادة(164) من قانون الإجراءات الجزائية كيفية إعلان المتهم بموعد الجلسة والمنصوص عليها بالمواد(71،70) من ذات القانون.
والمادة(163) من قانون الإجراءات الجزائية بينت شروط صحة ورقة التكليف بالحضور، وهي أن تكون قد سُلمت له قبل انعقاد الجلسة بثلاثة أيام في المخالفات، وسبعة أيام في الجنح، وعشرة أيام في الجنايات، وأن تذكر في ورقة التكليف بالحضور التهمة ومواد القانون التي تنص على العقوبة.
فإذا أعلن المتهم بميعاد أقل من الميعاد المبين في المادة السابقة وحضر المتهم
كان له أن يطلب من المحكمة تأجيل نظر الدعوى، فإن رفضت المحكمة ذلك وترافع مرغماً كان ذلك إخلالاً بحق الدفاع يترتب عليه بطلان الحكم 1.
وقد قضت المحكمة العليا بأنه " إذا لم يعط المتهم وقتا كافيا للحضور للحكم أو تم إعلانه قبل يوم واحد في الجلسة المحددة ولم يتمكن من الحضور وحجزت المحكمة القضية للحكم في غيابه فإن إجراءات المحاكمة باطلة " 2.
2- غياب المتهم لتوافر عذر قهري منعه من الحضور: فبعد إعلان المتهم إعلاناً صحيحا في الميعاد القانوني عن موعد الجلسة تعذر حضوره بسبب عذر قاهر كالمرض أو انقطاع المواصلات، فللمحكمة السلطة التقديرية لهذا العذر وقوته ،فإن رأت أن العذر مقبول توجب عليها تأجيل الدعوى لجلسة تالية وإعلان المتهم بها استنادا لنـص المادة(165) من قانون الإجراءات الجزائية.
3- غياب المتهم عن حضور جلسة المحاكمة بإرادته: ويرجع سبب عدم حضوره إما لإهماله أو خوفه من مواجهة القضاء ، فللمحكمة نظر الدعوى في غيبته بعد التأكد من صحة إعلانه ويعتبـــر الحكـــــم هنا بمثابــــة الحضوري وفقا لمفهوم المادة (166) إجراءات جزائية.
وأجاز القانون حضور وكيل عن المتهم إجراءات المحاكمة في الجنح والمخالفات المعاقب عليها بالغرامة (165) إجراءات جزائية .
رابعاً: سقوط العقوبة في الأحكام الغيابية :
أ- في مواد الجنح والمخالفات:
تنص المادة (328) من قانون الإجراءات الجزائية " تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنوات وفي مخالفة بمضي سنتين،وتبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائيا ، إلا إذا كانت العقوبة محكوما بها غيابيا في جناية فتبدأ المدة من يوم صدور الحكم ".
تسري مدة سقوط العقوبة من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا، والحكم النهائي هو الذي يصدر من محكمة الاستئناف سواء كانت الواقعة جناية أو جنحة أو مخالفة حسب الأحوال، كما يكون الحكم نهائي بصدوره من محكمة الجنح أو محكمة الاستئناف إلا أن المحكوم عليه لم يطعن فيه حسب الطرق والمواعيد المقررة قانونا.
أما بالنسبة للأحكام الغيابية في الجنح والمخالفات فيجب أولاً إعلان المحكوم عليه بالحكم ، ثم تبدأ مدة السقوط بعد انتهاء ميعادي المعارضة والاستئناف المبينة في القانون أو صدور حكم نهائي في الدعوى ،فإذا لم يعلن المحكوم عليه غيابياً بالحكم فلا مجال لبحث سقوط العقوبة لأن الحكم لم يصبح نهائيا، فتحسب مدة انقضاء الدعوى العمومية [2]، فالمادة(15) من قانون الإجراءات الجزائية بينت حالات انقضاء الدعوى العمومية ومنها صدور حكم نهائي في الدعوى، وهنا لم يصبح الحكم نهائيا وبالتالي تحسب المدة المنصوص عليها في المادة (16) من قانون الإجراءات الجزائية وهي مضي ثلاث سنوات في الجنح و سنة في المخالفات من يوم وقوع الجريمة.
إلا أن إجراءات المحاكمة المتخذة قطعت هذه المدة التي بدأت من يوم وقوع الجريمة، فيعتبر أخر إجراء قاطع للمدة هو الحكم استنادا لنص المادة(18) من قانون الإجراءات الجزائية.
فالحكم الغيابي يعتبر مجرد إجراء من إجراءات الدعوى ، والتقادم الذي يسري اعتبارا من تاريخ صدوره هو تقادم الدعوى العمومية دون تقادم العقوبة 2 أما إذا أعلن المحكوم عليه بالحكم الغيابي ولم يعارض الحكم وفوت ميعاد الاستئناف فتبدأ مدة سقوط العقوبة كون الحكم أصبح نهائياً .
ويرى الباحث أن هذا الرأي يجانب الصواب ، إذ لو طبقت المادة (328) من قانون الإجراءات الجزائية باعتبار أنه إذا لم يصبح الحكم نهائياً فلا يمكن احتساب مدة سقوط العقوبة ، فسنرى أن الأحكام الصادرة غيابياً في الجنايات المقضي فيها بالإعدام والسجن المطلق تسقط بمضي المدة ، أما في الجنح فلن تسقط كون الحكم لم يصبح نهائياً وستظل الأحكام تلاحق المحكوم عليه حتى إعلانه بها وهو ما لا يتوافق مع مبادئ العدالة والمنطق ، كما أنه جرى العمل على ذلك في المحاكم المصرية وفقاً للأحكام الصادرة من محكمة النقض.
ب- في مواد الجنايات:
استثنى المشرع الأحكام الغيابية الصادرة في مواد الجنايات في حساب المدة فهي تبدأ من يوم صدور الحكم ، فالعقوبة المحكوم بها في الجنايات تسقط بمضي عشرين سنة إلا عقوبة الإعدام فبمضي ثلاثين سنة من تاريخ صدور الحكم.
وعلة المشرع في ذلك انه أراد المساواة في سريان مدة سقوط العقوبة بين المتهم الحاضر والمتهم الغائب، إذ لو طبقا القاعدة المبينة في مواد الجنح والمخالفات ،فإن المحكوم عليه سيستفيد من مدة تقادم الدعوى العمومية المبينة في المادة (16) من قانون الإجراءات الجزائية وهي عشر سنوات في الجنايات عموما وعشرين سنة في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المطلق،ومن أجل ذلك قضى القانون بأن المحكوم عليه غيابيا في جناية لا يمكنه الاستفادة من نظام سقوط الدعوى العمومية بل من نظام سقوط العقوبة شأنه شأن الحاضر ، فتبدأ مدة السقوط من تاريخ صدور الحكم الغيابي [3].
المبحث الثاني
آلية تنفيذ الأحكام الغيابية
أولا : شروط تنفيذ الأحكام :
قبل الحديث عن آلية التنفيذ ، يجب أولا تحديد شروط تنفيذ الأحكام عموماً والأحكام الغيابية بشكل خاص، فقد نصت المادة(283) من قانون الإجراءات الجزائية على انه " لا يجوز تنفيذ العقوبات المقررة في القانون لأية جريمة إلا بناءًعلى حكم صادر من محكمة مختصة بذلك ".
1- صدور حكم من محكمة مختصة ، ويتحدد الاختصاص بثلاث جوانب:
الأول: الاختصاص النوعي ، وضابط هذا الاختصاص تقسيم الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات، فقد نصت المادة(137) من قانون الإجراءات الجزائية أن محكمة الجنايات تتولى النظر في قضايا الجنايات، ومحاكم الجنح تنظر قضايا الجنح والمخالفات حسب تعريفها في قانون الجزاء في المواد(39،29).
كذلك تختص المحكمة العليا بنظر جميع الطعون المرفوعة إليها من محاكم الاستئناف شاملة جميع دوائرها ومنها الطعون الجزائية.
فالمحاكم المختصة نوعياً بنظر القضايا الجزائية هي المحكمة العليا ومحكمة الاستنئاف ( دائرة الجنايات و دائرة الجنح المستأنفة) والمحكمة الابتدائية ( الدائرة الجزائية).
ثانيا: الاختصاص المكاني ،وضابط هذا الاختصاص يتحدد بمكان وقوع الجرم أو مكان إقامة المتهم أو مكان القبض عليه حسب نص المادة(141) من قانون الإجراءات الجزائية،ذلك أن إقليم السلطنة مقسم إلى محافظات ومناطق وولايات، فكل إقليم له محكمة مختصة للنظر في الجرائم التي تقع في نطاق اختصاصها، وبينت المواد(143،142)من ذات القانون الاختصاص المكاني لجرائم الشروع والجرائم المستمرة وجرائم الاعتياد، والجرائم الواقعة خارج السلطنة وتسري عليها أحكام القانون العماني.
ثالثا: الاختصاص الشخصي ،وضابط هذا الاختصاص شخص المتهم،ذلك وتطبيقاً لمبدأ إقليمية القانون الجزائي بنظر كل الدعاوى الناشئة عن جريمة وقعت كلها أو بعضها في إقليم السلطنة سواء من عمانيين او أجانب ، بل أنها تختص أحياناً بالدعاوى الناشئة عن بعض الجرائم التي تقع خارج الإقليم من عمانيين و أجانب وهو ما بينته المواد (3-12) من قانون الجزاء.
ومع ذلك فقد يخرج بعض الأشخاص بسبب صفاتهم أو حالتهم عن اختصاص المحاكم ومنهم الممثلين السياسيين للدول الأجنبية حسب نص المادة(7)من قانون الجزاء.
2- ان يكون الحكم نهائياً ، والحكم النهائي سبق بيانه سلفا،ذلك أن المادة(284) من قانون الإجراءات الجزائية نصت" لا يجوز تنفيذ الأحكام الجزائية إلا متى صارت نهائية، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".
3- صدور أمر من الادعاء العام بتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى العمومية استنادا لنص المادة(285) من قانون الإجراءات الجزائية لأن مهمة تنفيذ الأحكام هي من اختصاصات الادعاء العام وفق المادة (1) من قانون الادعاء العام، وأياً كان شكل هذا الأمر فالمهم أن يهدف إلى تنفيذ الحكم ضد المحكوم عليه، وعلى سبيل المثال بينت المادة (296) من ذات القانون أن الأحكام الصادرة بالعقوبات المقيدة للحرية في السجون المعدة لذلك يكون بمقتضى أمر يصدر من الادعاء العام.
4- إعلان المحكوم عليه إذا كان الحكم غيابياً : إضافة للشروط التي سبق بيانها، وذلك ليستطيع الطعن فيه وفق الطرق المقررة قانونا لاعادة المحاكمة وتمكينه من إبداء دفاعه كونه لم يحضر الجلسات، وسنتحدث لاحقا عن كيفية إعلان المحكوم عليه بالحكم الغيابي بشيء من التفصيل.
ثانياً : الآلية العملية لتنفيذ الأحكام الغيابية
وهذه الآلية اطلعت على كيفيتها من خلال الزيارة الميدانية لمقر الإدارة العامة لتنفيذ ومتابعة الأحكام.
1- إعلان المحكوم عليه –
لم يحدد القانون طريقة محددة لإعلان المحكوم عليه غيابياً، إلا انه عمليا يتم الرجوع للمواد (70 ، 71) من قانون الإجراءات الجزائية أو بأي طريقة أخرى بهدف الوصول له وإعلانه.
ويجب أن يتم الإعلان شخصياً ، إما في محل إقامته أو مقر عمله ، وفي حالة عدم تواجده في الحالة الأولى تسلم نسخة من إعلان بالحضور لذويه أو أحد القاطنين معه فقط بدون تسليم نسخة من الحكم بغية الحضور لمقر إدارة التنفيذ المختصة ، وعند حضوه يعلن بالحكم وتؤخذ عليه الضمانات اللازمة لضمان حضوره أمام المحكمة في حالة معارضته بالحكم أو في حالة التنفيذ عليه.
وإذا تعذر الوصول لمقر سكن المحكوم عليه يمكن الاستعانة بإدارة التحريات من خلال إرسال كشف بأسماء المحكوم عليهم وأرقام بطاقتهم الشخصية وغيرها من البيانات التي تساعد وتسهل عملية البحث، ويمكن لهذه الإدارة المختصة بهذا المجال معرفة عناوين المحكوم عليهم الحالية من خلال الحاسب الآلي ومن ثم إعلانهم حسب المتبع.
كما تعد كشوفات بأسماء المحكوم عليهم غيابياً مع أرقام القضايا وتحال إلى كل من إدارة الأحوال المدنية و إدارة المرور و إدارة الجوازات والإقامة لتخزينها بالحاسب الآلي بغية الوصول إليهم وإعلانهم، لأنه غالباً سيقوم المحكوم عليه بمراجعة أحد هذه الأجهزة لتخليص أحد المعاملات التي تخصه خلال سنة على الأكثر .
أما بالنسبة لإعلان المحكوم عليهم إذا كانوا من العسكريين ومن في حكمهم من الدرجات المدنية فيتم إعلانهم عن طريق جهة العمل، فالمادة(39) من التعليمات القضائية للادعاء العام نصت على أنه " تخطر جهات عمل المتهمين من العسكريين ومن في حكمهم من الدرجات المدنية وشاغلي مناصب المدراء العموم والمدراء في الدوائر الحكومية من المدير العام بناء على تقرير معد متضمن التهمة المسندة ونتيجة التصرف النهائي سواء بالحفظ أم بالإحالة ، ومن ثم يتم الإخطار بنتيجة الحكم النهائي في الواقعة ". ففي جميع الأحوال سيتم إخطار جهة العمل بنتيجة الحكم ومنها الحكم الغيابي ومنها تسهل عملية إعلانه إما بمقر إدارة التنفيذ أو عن طريق جهة العمل.
2- الإعلان عن طريق موظفي إدارة تنفيذ ومتابعة الأحكام-
لأن مهمة تنفيذ الأحكام منوطة بالادعاء العام كما أشرنا سلفاً وتكون بانتقالهم لمحل إقامة المحكوم عليه أو مقر عمله حسب الأحوال وإعلانه وفق النموذج المعد لذلك واخذ الكفالات اللازمة لمنع فراره و حضوره جلسات المحاكمة ، ويمكن الاستعانة برجال الشرطة إن كان له مبرر.
3- تنفيذ الحكم الصادر بحق المحكوم عليه -
بعد انتهاء إجراءات إعلان المحكوم عليه وصيرورة الحكم نهائيا سواء بانتهاء مدة المعارضة أو تأييد الحكم المعارض فيه وفوات ميعاد الاستئناف أو صدور حكم الاستئناف يتم تنفيذ الحكم الصادر سواء بالسجن أو بالغرامة أو بغيرها حسب المتبع في تنفيذ الأحكام الحضورية.
على انه تجب الإشارة لبعض أنواع العقوبات الإضافية وآلية تنفيذها إذا كانت غيابية، فعقوبة المصادرة تنفذ فوراً ولو كان الحكم غيابيا، فالمادة (70) من قانون الجزاء نصت على أن عقوبة منع الإقامة والمصادرة تنفذ فوراً حتى وإن مر الزمن ولم تنفذ، أي حتى سقوط العقوبة بمضي الزمن لا يمنع من تنفيذها حتى ولو لم يكن الحكم فيها نهائياً.
أما عقوبة الإزالة فلا تنفذ إلا متى صارت نهائية، أما في حالة وجود خطورة على الآخرين من بقاء موقع الجريمة على هذا الحال فيزال فوراً حتى وإن كان الحكم غيابيا لترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، أما في النظام المصري فقد نصت المادة (1437) من تعليمات النيابة المصرية أن الأحكام الصادرة بالإزالة والغلق والهدم والمصادرة لا يجوز تنفيذها إلا بعد صيرورتها نهائيا.
وفي مواد الجنايات فقد بينت المواد(169،168) من قانون الإجراءات الجزائية أن المتهم يحرم من التصرف في أمواله أو أن يديرها أو أن يرفع أي دعوى باسمه، وعلى المحكمة الابتدائية الواقع في دائرتها أموال المحكوم عليه تعيين حارس قضائي بناءاً على طلب الادعاء العام، وتنتهي الحراسة إما بصدور حكم حضوري أو بوفاة المتهم حقيقة أو حكماً وفقاً لقانون الأحوال الشخصية، كما أنه ينفذ من الحكم الغيابي كل العقوبات والتدابير التي يمكن تنفيذها.
ثالثاً: صعوبات تنفيذ الأحكام الغيابية
1- عدم وضوح عناوين المحكوم عليهم : ويرجع ذلك اما لعدم الالتزام التام بنظام الكفالات بالادعاء العام الصادر بالتعميم القضائي رقم (47/2004م) وقرار معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك (المشرف العام على الادعاء العام) الصادران بتاريخ 21/12/2004م الذي ابرز نجاحا ملحوظا في تنفيذ الأحكام خصوصا تقليل ما يسمى (الأحكام الغيابية) سواء كانت الكفالة بمراكز الشرطة أو إدارات الادعاء العام.
أو عدم التأكد من بيانات محل الإقامة التي يدلي بها المتهم أثناء التحقيق معه قاصداً تضليل مأموري الضبط القضائي من الوصول إليه فيما بعد، وباتباع نظام الكفالات سيتم الوصول إليه لا محالة.
2- عدم تواجد المحكوم عليهم بمقر سكنهم أثناء إعلانهم: ذلك أن موظفي التنفيذ يعملون في ساعات الدوام الرسمي ، وفي هذا الوقت يكون اغلب الأشخاص في مقر عملهم وبالتالي يتوجب إعلانهم بعد وقت الظهر لضمان تواجدهم بالمنازل، لأن الفترة المحددة قانونا لا تتجاوز بعد السادسة مساءاً التي امتدت إلى الساعة الثامنة حسب تعميم سعادة المدعي العام ومعظم العاملين بالقطاع الخاص قد تمتد فترة عملهم إلي ما بعد هذه الساعة، مما يستدعي زيادة كادر موظفي التنفيذ و تقسيم العمل على نوبات صباحية ومسائية.
3- خطورة بعض المحكوم عليهم: فالبعض منهم إما مصاباً بمرض معدي أو مرض نفسي أو له سجل حافل بالأسبقيات الجرمية فعملية التنفيذ بها شيء من الصعوبة ، والإعلان بحد ذاته يشكل خطورة على حياة موظفي التنفيذ المجردين من الأسلحة، فيفضل دائماً اصطحاب رجل شرطة عند إجراء عملية الإعلان.
4- تغيير محل الإقامة : ومثالها تواجد المحكوم عليه في حدود اختصاص إدارة بعيدة مكانيا عن حدود اختصاص الإدارة التي تريد إعلان المحكوم عليه، فيفضل تفعيل التنسيق التام بين الإدارات عملا بقاعدة الادعاء العام لا يتجزأ.
رابعاً : تحسينات عملية بشأن آلية تنفيذ الأحكام الغيابية:
1- العامل الأساسي في تنفيذ الحكم الغيابي هو إعلان المحكوم عليه ، أي محاولة الوصول إليه فيفضل الاستعانة دائما برجال الشرطة لضلوعهم ودرايتهم بهذا المجال الذي يقوم على إجراء البحث والتحري عن أماكن إقامة المحكوم عليهم ، لذلك أقترح أن يكون إعلان الأحكام الغيابية بوجود أحد رجال الشرطة لنجاح عاملين : الأول :- سهولة الوصول للمحكوم عليه والثاني :- منع صدور أي أفعال خطيرة من شأنها الإضرار بالموظفين فيضبط المتهم وهذا الضبط هو إجراء وقتي لحين إعلانه بالحكم ثم يعرض على عضو الادعاء العام لإبداء معارضته و يفرج عنه بعد اخذ الضمانات اللازمة لأنه في اغلب الأحوال سيعارض المحكوم عليه الحكم حتى لا يبقى في الحجز لحين إجراء المحاكمة.
2- إرسال شهادة بمنطوق الحكم للمركز لتخزينها فوراً بالحاسب الآلي منعاً لفرار المحكوم عليه خارج السلطنة ، لأن الأحكام الأصلية تصل من المحكمة بعد فترة زمنية تترواح بين أسبوع إلى أربعة اشهر وهي مدة كافية لإعطاء المحكوم عليه فرصة للهرب خارج السلطنة خصوصا مع عدم اخذ الكفالات اللازمة أثناء التحقيق معه، والتأخر يوم واحد فقط كافي لنجاح عملية الهرب فكيف إذن بمرور أسبوع أو اكثر.
3- التعاون مع إدارات الأحوال المدنية والجوازات والإقامة والمرور وذلك بإرسال نماذج جاهزة لإعلان المحكوم عليهم إسراعاً في الإجراءات بدلاً من التحفظ عليهم وإخطار تنفيذ الأحكام وانتظار موظفي التنفيذ لإعلانه من قبلهم .
4- العمل على تعيين موظف أو اكثر مختص مكانياً من ذات المنطقة لجهة اختصاص إدارة التنفيذ للإعلان كونه يعلم مداخل ومخارج المنطقة.
5- توفير مبالغ مالية لإدارة التنفيذ لما له الأثر في تجنيد المصادر التي يمكن بها التوصل للمحكوم عليه في اقرب فرصة ممكنة يمكن من خلالها الإسراع في تنفيذ الأحكام بشكل عام . منقول