المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تساؤلات عن جرائم السرقات



وجهة نظر
26-05-2010, 02:22 PM
فضيلة الدكتور/ ناصر .... سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
عرضت لي قضية سرقة أثارت عندي بعض التساؤلات :
سطا شخصان على منزل رجل وسرقا منه كمية من الذهب وباعها أحدهما واستولى على الثمن ، وتم القبض عليهما وأعترف أحدهما على نفسه وعلى شريكه بالسرقة وأقر كذلك بقيامه ببيع الذهب ، أثناء التحقيق معه ثم جحد ورفض تصديق إقراره شرعا ، وأما الآخر فأنكر طوال التحقيق معه وجود أي صلة له بالمبلغ ،وأحيلا للمحكمة المختصة في الحق العام وتم درء حد السرقة عنهما لرجوع المقر عن إقراره وإنكار الآخر ابتداء ، وحكم عليهما بعقوبة تعزيرية ، ثم أحيلا إلى المحكمة للحق العام أمام قاض فرد ، وهنا تثور التساؤلات التالية :
أولا : هل للمدعي بالحق الخاص في جرائم السرقة حق المطالبة بما عدا استرداد المسروقات منه ، يمعنى هل له المطالبة بتعزير المتهم الأول بالسجن والجلد بناء على أن اعترافه في أثناء التحقيق معه والذي رجع عنه فيما بعد أمام القاضي ــ وكذا لو شهد عليه شاهد واحد ــ ، يعتبر قرينة تقوي التهمة بحقه وتقوي جانب المسروق منه فيحلف المسروق منه لأنه أقوى المتداعيين ويعزر المتهم الأول بالسجن والجلد ؟!! أم يقال أن التعزير بالجلد والسجن في الحق الخاص عقوبة بدنية فلا تثبت إلا باعتراف الجاني أو شهادة عدلين ، فإن لم يوجد شيء من ذلك حلف المتهم على نفي دعوى المدعي وبريء بدون التفات لقرائن الحال .
ثانيا : بالنسبة للمتهم الثاني المنكر ، لو شهد عليه شاهدان أثناء التحقيق أنه اعترف أمامهما بالمشاركة في السرقة ، ثم لما طلب حضورهما أمام القاضي أثناء المرافعات رفضا وامتنعا ، فهنا هل يقال يحلف المتهم على نفي دعوى المسروق منه ويبرا بذلك أم المتوجه تقوية إفادة الشاهدين أثناء التحقيق بيمين المسروق منه ويحكم عليه بموجب ذلك متى استعد المسروق منه لحلف اليمين ؟!!
ثالثا : في الحق الخاص هل إذا حلف المتهم على نفي دعوى المسروق منه ، هل يسوغ للقاضي إذا قويت لديه القرائن أن يحكم بالتعزير في الحق الخاص على هذا المتهم لقوة الشبهة ؟!!
رابعا : إذا ادعى المتهم الأول أن إقراره بالسرقة لم يكن باختياره ، بل كان تحت الضغط والتهديد من كلا المحققين حيث زعم أنهما هدداه بسجن والده ، وعجز عن إقامة البينة على ذلك الإكراه ، فهنا هل نقول الأصل عدم الإكراه فلا تقبل دعوى الإكراه بلا بينة ونحكم عليه بموجب إقراره المدون في الأوراق ، أم نطلب حضور كلا المحققين للشهادة بأن اعتراف المتهم أمامهما كان برضاه واختياره دون إكراه ؟!! وهل يصح هنا الاكتفاء بأحد المحققين مع يمين المسروق منه باعتبارها بينة أموال ؟!! *

د. ناصر بن زيد بن داود
26-05-2010, 03:14 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تقول أخي الكريم :
سطا شخصان على منزل رجل وسرقا منه كمية من الذهب وباعها أحدهما واستولى على الثمن ، وتم القبض عليهما وأعترف أحدهما على نفسه وعلى شريكه بالسرقة وأقر كذلك بقيامه ببيع الذهب ، أثناء التحقيق معه ثم جحد ورفض تصديق إقراره شرعا ، وأما الآخر فأنكر طوال التحقيق معه وجود أي صلة له بالمبلغ ،وأحيلا للمحكمة المختصة في الحق العام وتم درء حد السرقة عنهما لرجوع المقر عن إقراره وإنكار الآخر ابتداء ، وحكم عليهما بعقوبة تعزيرية ، ثم أحيلا إلى المحكمة للحق العام أمام قاض فرد ،
---------------------
ج/
يظهر - والله أعلم - أنك تريد الحق الخاص .
==============

أولا : هل للمدعي بالحق الخاص في جرائم السرقة حق المطالبة بما عدا استرداد المسروقات منه ، يمعنى هل له المطالبة بتعزير المتهم الأول بالسجن والجلد بناء على أن اعترافه في أثناء التحقيق معه والذي رجع عنه فيما بعد أمام القاضي ــ وكذا لو شهد عليه شاهد واحد ــ ، يعتبر قرينة تقوي التهمة بحقه وتقوي جانب المسروق منه فيحلف المسروق منه لأنه أقوى المتداعيين ويعزر المتهم الأول بالسجن والجلد ؟!! أم يقال أن التعزير بالجلد والسجن في الحق الخاص عقوبة بدنية فلا تثبت إلا باعتراف الجاني أو شهادة عدلين ، فإن لم يوجد شيء من ذلك حلف المتهم على نفي دعوى المدعي وبريء بدون التفات لقرائن الحال .
---------------------
ج/
ليس للمدعي الخاص غير المطالبة بحقه الخاص ، وليس للقاضي نظر المطالبة بعقوبة المدعى عليه ؛ لعدم الاختصاص ، ولتقدم نظرها والحكم فيها .
==============

ثانيا : بالنسبة للمتهم الثاني المنكر ، لو شهد عليه شاهدان أثناء التحقيق أنه اعترف أمامهما بالمشاركة في السرقة ، ثم لما طلب حضورهما أمام القاضي أثناء المرافعات رفضا وامتنعا ، فهنا هل يقال يحلف المتهم على نفي دعوى المسروق منه ويبرا بذلك أم المتوجه تقوية إفادة الشاهدين أثناء التحقيق بيمين المسروق منه ويحكم عليه بموجب ذلك متى استعد المسروق منه لحلف اليمين ؟!!
---------------------
ج/
للمسروق منه مطالبة الاثنين معاً ، ومن يثبت عليه قيامه بالسرقة لدى القاضي حكم عليه برد المسروق أو مثله أو قيمته ، والإثبات على هذين السارقين يكون بالإقرار أو بالبينة على الإقرار الخالي من الإكراه .
==============

ثالثا : في الحق الخاص هل إذا حلف المتهم على نفي دعوى المسروق منه ، هل يسوغ للقاضي إذا قويت لديه القرائن أن يحكم بالتعزير في الحق الخاص على هذا المتهم لقوة الشبهة ؟!!
---------------------
ج/
لا تعزير على المتهم لدى قاضي المحكمة العامة .، ومتى رأى القاضي - في غير هذه القضية - قوة القرائن في تهمة المدعى عليه : فله الكتابة بإحالة المعاملة لهيئة التحقيق والادعاء العام بحسب الاختصاص .
==============

رابعا : إذا ادعى المتهم الأول أن إقراره بالسرقة لم يكن باختياره ، بل كان تحت الضغط والتهديد من كلا المحققين حيث زعم أنهما هدداه بسجن والده ، وعجز عن إقامة البينة على ذلك الإكراه ، فهنا هل نقول الأصل عدم الإكراه فلا تقبل دعوى الإكراه بلا بينة ونحكم عليه بموجب إقراره المدون في الأوراق ، أم نطلب حضور كلا المحققين للشهادة بأن اعتراف المتهم أمامهما كان برضاه واختياره دون إكراه ؟!! وهل يصح هنا الاكتفاء بأحد المحققين مع يمين المسروق منه باعتبارها بينة أموال ؟!! *
---------------------
ج/
لا مكان - في هذه القضية - ليمين المسروق منه ؛ لأنه لم ير السارق وهو يسرق ، ولابد من سماع شهادة المحققين ، وتقريرهما تكذيب المتهم بشأن تهديده بسجن والده ، ولا تكفي شهادة أحد المحققين ؛ إلا أن يكون المدعي قد رأى السارق ، فيحلف مع شاهده كسائر الحقوق .
==============

وجهة نظر
27-05-2010, 09:31 AM
د/ ناصر ... أشكر لك سرعة تجاوبك ، لكن ها هنا عدة إشكالات على الجواب :
أولا : إذا جرح رجل آخر بأن شجه شجة مثلا ، فهنا يثبت حقان قضاء : الحق العام ويحكم فيه بالسجن أو الجلد ، والحق الخاص للمجني عليه ويحكم فيه بأرش الجناية وبعقوبة تعزيرية للحق الخاص(المدني) من سجن أو جلد إذا طالب بذلك المدعي بالحق الخاص ، وهنا يثور تساؤل مهم : ما وجه التفريق بين جريمة الجناية على ما دون النفس بالجرح وجريمة السرقة ؟!! استنادا غلى أنه في جريمة السرقة ليس للمدعي بالحق الخاص سوى المطالبة باسترداد المسروقات فقط دون تعزير الجاني الذي انتهك حرمة بيته وأهله وربما عبث بخصوصياتهم وهذه جريمة أخرى تضاف إلى أخذ الذهب فكانت تستحق أن تفرد بعقوبة خاصة لها في الحق الخاص ، بينما في الاعتداء على النفس للمدعي بالحق الخاص المطالبة بأرش الجناية وسجن الجاني ؟ فما وجه التفريق ؟!!
ثانيا : كقاعدة عامة : التعزير في حق الله تعالى لا يكون إلا استنادا إلى إقرار الجاني أو شهادة عدلين ، لكن في حقوق الآدميين ـ كالاعتداء بالضرب والسب والشتم والقدح والتهديد ــ هل يثبت التعزير بشهادة شاهد واحد مع يمين المدعي أو بيمين المدعي مع القرائن المتظافرة ، أم أن ذلك خاص بالأموال فقط ؟
ثالثا : من المقرر أن (الإكراه) في الإقرار ، وصف عارض ، والأصل في الأوصاف العارضة العدم حتى يثبت خلاف ذلك ، وبالتالي فلو أن صاحبنا المسروق منه لم تكن لديه بينة على (رضائية) الإقرار الصادر عن المتهم الأول في أثناء التحقيق معه أو أن المحققين رفضا الحضور لأي سبب كان أو انتقل محل عملهما ، وتمسك بأن الأصل عدم الإكراه ومن ادعى خلاف ذلك فعليه عبء الإثبات ، ولما كان المتهم عاجزا عن إثبات الإكراه فالأصل صحة الإقرار ، وبالتالي فلا حاجة لإحضار المحققين لأن البينة تكون على مدعي خلاف الأصل وهو المتهم ، فما رأيك في ذلك ؟!!
رابعا : على القول بضرورة حضور المحققين لنفي تهمة الإكراه ، ماذا لو طعن فيهم المتهم بأنهما خصومه وأنهما أعداء له لأنهما اللذان حققا معه ولفقا له هذه التهمة ،وأنه أقام عليهما شكوى لدى جمعية حقوق الإنسان وهيئة الرقابة والتحقيق لإخلالهما بواجباتهم الوظيفية أثناء التحقيق معه ، فكيف تقبل شهادتهما عليه ؟!!!!
خامسا : إذا اتهم شخصان بسرقة لقوة القرائن ولكون عدة شهود شاهداهما حول مكن الجريمة ليلة الحادثة ، لكن لم يعترف المتهمان بالجريمة ولم توجد بينة موصلة تشهد بذلك صراحة ، فهنا في الحق الخاص هل يحلفان فقط ويخلى سبيلهما ؟!!
سادسا : مقدار الذهب المسروق في هذه القضية التي عرضتها أعلاه ، والتي أقر فيه أحد المتهمين بالسرقة ثم رجع والآخر منكر تماما ، هنا كيف يتم تحديد مقدار الذهب المسروق ؟!! ، هل بناء على قول المسروق منه رغم كونه لا بينة له على هذا المقدار ؟!! بل قد يكون لا يعلم أصلا كم مقدار الذهب المسروق من نسائه ؟!! وهل هو الذي يحلف أم زوجته صاحبة الذهب ؟!!وإذا حلفت فهل على سعر الشراء الأصلي أم على سعر السوق وقت الحلف ؟!!
*

د. ناصر بن زيد بن داود
27-05-2010, 06:30 PM
د/ ناصر ... أشكر لك سرعة تجاوبك ، لكن ها هنا عدة إشكالات على الجواب :
أولا : إذا جرح رجل آخر بأن شجه شجة مثلا ، فهنا يثبت حقان قضاء : الحق العام ويحكم فيه بالسجن أو الجلد ، والحق الخاص للمجني عليه ويحكم فيه بأرش الجناية وبعقوبة تعزيرية للحق الخاص(المدني) من سجن أو جلد إذا طالب بذلك المدعي بالحق الخاص ، وهنا يثور تساؤل مهم : ما وجه التفريق بين جريمة الجناية على ما دون النفس بالجرح وجريمة السرقة ؟!! استنادا غلى أنه في جريمة السرقة ليس للمدعي بالحق الخاص سوى المطالبة باسترداد المسروقات فقط دون تعزير الجاني الذي انتهك حرمة بيته وأهله وربما عبث بخصوصياتهم وهذه جريمة أخرى تضاف إلى أخذ الذهب فكانت تستحق أن تفرد بعقوبة خاصة لها في الحق الخاص ، بينما في الاعتداء على النفس للمدعي بالحق الخاص المطالبة بأرش الجناية وسجن الجاني ؟ فما وجه التفريق ؟!!
--------------------------
ج/
الفرق بين الأمرين مثل الفرق بين الحق العام والحق الخاص ، أو : ما هو حق خالص للمخلوق ، وحق خالص للخالق .
وليس من العدل أن يُجمع على المتهم عقوبتان في حق واحد ، فإذا عُزر المتهم للحق العام أو لحق الله الخالص ، فلا يُعزر مرة أخرى لتلك التهمة ، ويبقى حق المخلوق فيما فُقد منه ، أو أتلفه الجاني بنحو تخريب أو عبث .
ومن الحقوق ما فيها حق للخالق وحق للمخلوق ، كالقذف ، وهنا يتداخل الحقان ، فتكون عقوبتهما الجلد ثمانين .
فإن لم تقم البينة على القذف ، وكان هناك قرائن أو شهادة شاهد واحد غُلِّب جانب حق المخلوق ، فيعزر الفاعل بحسب قوة البينة وقرائنها ، ولا حاجة لليمين حينئذ .
فإن كان القذف دعوى مجردة عن الدليل ، وجب على المدعى عليه اليمين على أنه لم يفعل ، فإن حلف وإلا عُزر لنكوله ؛ كسائر حقوق المخلوقين .
=======================

ثانيا : كقاعدة عامة : التعزير في حق الله تعالى لا يكون إلا استنادا إلى إقرار الجاني أو شهادة عدلين ، لكن في حقوق الآدميين ـ كالاعتداء بالضرب والسب والشتم والقدح والتهديد ــ هل يثبت التعزير بشهادة شاهد واحد مع يمين المدعي أو بيمين المدعي مع القرائن المتظافرة ، أم أن ذلك خاص بالأموال فقط ؟
--------------------------
ج/
في دعاوى حقوق الآدميين إما أن يكون الطلب أرشاً ( التعويض المالي ) ، أو : قصاصاً ، وهنا تُكمل البينات بأيمان الطالبين .
وإما أن يكون المطلوب أدباً ( التعزير البدني ) ، وهنا : يكفي أن ينكل المدعى عليه عن اليمين ليستحق التعزير ، ولا تُكَمَّل البينات الناقصة بأيمان الطالبين في الحقوق العامة ؛ لأن مبناها على الستر ، وتغليب جانب العفو ، ودرء العقوبة ما وجد القاضي لذلك سبيلاً .
=======================

ثالثا : من المقرر أن (الإكراه) في الإقرار ، وصف عارض ، والأصل في الأوصاف العارضة العدم حتى يثبت خلاف ذلك ، وبالتالي فلو أن صاحبنا المسروق منه لم تكن لديه بينة على (رضائية) الإقرار الصادر عن المتهم الأول في أثناء التحقيق معه أو أن المحققين رفضا الحضور لأي سبب كان أو انتقل محل عملهما ، وتمسك بأن الأصل عدم الإكراه ومن ادعى خلاف ذلك فعليه عبء الإثبات ، ولما كان المتهم عاجزا عن إثبات الإكراه فالأصل صحة الإقرار ، وبالتالي فلا حاجة لإحضار المحققين لأن البينة تكون على مدعي خلاف الأصل وهو المتهم ، فما رأيك في ذلك ؟!!
--------------------------
ج/
إذا أقر المتهم بصدور الإقرار منه لدى القاضي ، فلا يؤثر على صحة الإقرار إنكار المتهم له مرة أخرى ، ولا دعواه الإكراه ، ولا حاجة لطلب المحققين - والحالة هذه - لأن المراد من إحضار المحققين هو الشهادة بصدور الإقرار من المتهم ، وقد اعترف المتهم بصدوره منه ، ويبقى عبء إثبات الإكراه على من يدعيه ، والأصل عدمه في زماننا هذا .
=======================

رابعا : على القول بضرورة حضور المحققين لنفي تهمة الإكراه ، ماذا لو طعن فيهم المتهم بأنهما خصومه وأنهما أعداء له لأنهما اللذان حققا معه ولفقا له هذه التهمة ،وأنه أقام عليهما شكوى لدى جمعية حقوق الإنسان وهيئة الرقابة والتحقيق لإخلالهما بواجباتهم الوظيفية أثناء التحقيق معه ، فكيف تقبل شهادتهما عليه ؟!!!!
--------------------------
ج/
إذا أقر المتهم بصدور الإقرار منه مكرهاً : فلا ضرورة لحضور المحققين ؛ كما مر بنا في السؤال السالف .
أما إذا لم يقر المتهم بصدور الإقرار منه أصلاً ، ثم حضر المحققان وشهدا بصدور الإقرار منه بغير إكراه ، فقد ثبت بشهادتهما خلاف ما أفاد به المتهم ، ودعوى الإكراه منه بعد أداء المحققين الشهادة اعتراف من المتهم بكذبه في النفي الأول ، وقرينة قوية على كذبه في دعوى الإكراه . فلا يلتفت إلى ما يدفع به .
=======================

خامسا : إذا اتهم شخصان بسرقة لقوة القرائن ولكون عدة شهود شاهداهما حول مكن الجريمة ليلة الحادثة ، لكن لم يعترف المتهمان بالجريمة ولم توجد بينة موصلة تشهد بذلك صراحة ، فهنا في الحق الخاص هل يحلفان فقط ويخلى سبيلهما ؟!!
--------------------------
ج/
يختلف الحال باختلاف القرائن ، ووجودهما في مكان الجريمة لا يكفي لتحميلهما مسؤولية السرقة ، وليس عليهما غير اليمين بنفي التهمة .
أما إن كانت القرائن مؤكدة صدور السرقة منهما ؛ مثل : وجود آثار من الشيء المسروق على ملابسهما ، أو في سيارتهما ، أو على أبدانهما ، أو وجدت آثار لهما داخل مسرح الجريمة وكانت علاماتها تدل على إمكان حدوث الفعل منهما دون غيرهما ، فلابد من التشديد عليهما في التحقيق ؛ لقصة كنز حيي بن أخطب وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم للزبير أن يمس عم حييٍ هذا ، واسمه ( سعية ) بشيء من العذاب ؛ ليفصح عن مكانه ، حتى أرشد إليه .
=======================

سادسا : مقدار الذهب المسروق في هذه القضية التي عرضتها أعلاه ، والتي أقر فيه أحد المتهمين بالسرقة ثم رجع والآخر منكر تماما ، هنا كيف يتم تحديد مقدار الذهب المسروق ؟!! ، هل بناء على قول المسروق منه رغم كونه لا بينة له على هذا المقدار ؟!! بل قد يكون لا يعلم أصلا كم مقدار الذهب المسروق من نسائه ؟!! وهل هو الذي يحلف أم زوجته صاحبة الذهب ؟!!وإذا حلفت فهل على سعر الشراء الأصلي أم على سعر السوق وقت الحلف ؟!!
--------------------------
ج/
الإقرار لا ينبغي أن يكون ناقصاً ، أو بمجهول ؛ لأن المجهول ينزل منزلة المعدوم .
ولو أقر المتهم بالسرقة فقط دون تحديد مقدار المسروق : فلا فائدة في إقراره ، وقد يكون هذا الإجمال قرينة على الإكراه الذي يدعيه ؛ لأن الإقرار الخالي من الإكراه يكون مفصلاً في العادة ؛ بذكر الحادثة ، وملابساتها ، وكيفية حدوثها ، ومشاهدات السارق ، ونوع ما سرقه ، ومقداره ؛ ولو وصفاً .
ومن خلال هذه الأوصاف يمكن للقاضي عرضها على خبير في نوع المسروق ؛ كصائغٍ مثلاً ، وعلى ضوء الإقرار المفصل يمكن الخبير تحديد نوع المسروق وقيمته . والله أعلم

وجهة نظر
28-05-2010, 12:19 AM
د/ ناصر ... أشكر لك إثراءك النقاش بمشاركتك الجميلة ، لكن بقي عندي إشكال في مواضع :
أولا : تقول ياشيخ في ردك [ وليس من العدل أن يُجمع على المتهم عقوبتان في حق واحد ، فإذا عُزر المتهم للحق العام أو لحق الله الخالص ، فلا يُعزر مرة أخرى لتلك التهمة ، ويبقى حق المخلوق فيما فُقد منه ، أو أتلفه الجاني بنحو تخريب أو عبث ] أ.هـ ، ولكن هذا التعليل الذي ذكرته منتقض بأنه يسوغ شرعا عقاب الجاني في حق الله تعالى بالسجن والجلد على جناية واحدة ، فهاتان عقوبتان على جرم واحد
كذلك هذا التعليل منتقض بانه في الحق الخاص في الجراح والشجات يحكم على الجاني بالأرش وبالعقوبة التعزيرية من سجن أو جلد أو كليهما معا ، رغم أنه قد سبق تعزيره في الحق العام ، ولكن ذلك لم يمنع من تعزيره في الحق الخاص ، فلماذا لا نسحب هذا الحكم على جرائم السرقة باعتبار أن فيه حقا لله وحقا للمخلوق
ثانيا : *بخصوص حد القذف ، فالذي عليه فقهاء الحنابلة كما هو منصوص كتبهم المعتمدة كالروض والكشاف وغيرها أنه لا يشرع فيه التحليف ، فمتى عجز المدعي عن إقامة البينة الكاملة على صحة دعواه ، فلا وجه لتحليف المدعى عليه استنادا إلى هذا التحليف لافائدة منه إذ لو نكل المدعى عليه عن الحلف لم يثبت عليه الحد فلا فائدة حينئذ من التحليف ، فتأمل !!!
ثالثا : تقول ياشيخ بارك الله في علمك [ ولو أقر المتهم بالسرقة فقط دون تحديد مقدار المسروق : فلا فائدة في إقراره ] أ.هـ ، وهذا محل نظر ، لأن إقراره بالسرقة يثبت به الحد أو التعزير بحقه ، لكن يبقى الإشكال في تحديد مقدار المسروق ، فهل نقول القول قول السارق بيمينه لأنه غارم ويكون هذا كمسألة المنتهب ؟!!ولكن المشكلة إذا أقر في الشرطة ثم أنكر أمام القاضي السرقة فكيف يحلف على مقدار أمر هو ينكر أصله ؟!!
أم نقول أن القول قول رب الذهب بيمينه لأن الحق ثبت بشاهديه على عدم الإكراه والاضطرار ، تأسيسا على أن الذهب المسروق ليس موجودا الآن أمام القاضي ، لأن السارق إذا كان ينكر أن يكون قد سرقه ، فهل سيحضره أمام هيئة المحكمة ؟!!

د. ناصر بن زيد بن داود
28-05-2010, 03:32 AM
د/ ناصر ... أشكر لك إثراءك النقاش بمشاركتك الجميلة ، لكن بقي عندي إشكال في مواضع :
أولا : تقول ياشيخ في ردك [ وليس من العدل أن يُجمع على المتهم عقوبتان في حق واحد ، فإذا عُزر المتهم للحق العام أو لحق الله الخالص ، فلا يُعزر مرة أخرى لتلك التهمة ، ويبقى حق المخلوق فيما فُقد منه ، أو أتلفه الجاني بنحو تخريب أو عبث ] أ.هـ ، ولكن هذا التعليل الذي ذكرته منتقض بأنه يسوغ شرعا عقاب الجاني في حق الله تعالى بالسجن والجلد على جناية واحدة ، فهاتان عقوبتان على جرم واحد
-------------------------
ج/
أخي الكريم :
هذا من المراء الذي نهى الله عنه ، وضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن تركه بيتاً في ربض الجنة .
العقوبة المنفية - في تعقيبي الأخير - ليست من حيث النوع بل من حيث المرة ، إذ لا يُمكن القاضي أن يحكم على المتهم مرتين في قضية واحدة .
ويُمكن أن يجمع القاضي على المجرم جلداً وسجناً وتغريباً وتغريماً وإتلافاً ؛ خمس عقوباتٍ في مرةٍ واحدة بحسب ما يراه القاضي زاجراً له ورادعاً لمثله .
ولو حُكِمَ على المتهم بسجنٍ فقط في قضيةٍ ما : فلا يجوز للقاضي أن يعود لينظر في نفس التهمة مرةً أخرى ليحكم عليه بزيادة جلدٍ مثلاً ؛ إلا أن يُرَدَّ حكمه من جهةٍ معتبرة لعدم كفايته .
واعلم - أخي الكريم - أني مستعد للاسترسال مع أيِّ أخٍ كريم مثلك فيما يُشكل عليه ؛ ما لم يصل الأمر إلى الجدل والمراء ، فهنا أتوقف ؛ لأني لا أحب ذلك لي ولا له .
=================

قلت :
كذلك هذا التعليل منتقض بانه في الحق الخاص في الجراح والشجات يحكم على الجاني بالأرش وبالعقوبة التعزيرية من سجن أو جلد أو كليهما معا ، رغم أنه قد سبق تعزيره في الحق العام ، ولكن ذلك لم يمنع من تعزيره في الحق الخاص ، فلماذا لا نسحب هذا الحكم على جرائم السرقة باعتبار أن فيه حقا لله وحقا للمخلوق
-------------------------
ج/
أخي الفاضل :
متى عوقب الجاني في الحق العام فليس للمدعي بالحق الخاص غير ما يستحقه على الجاني من أرشٍ أو ديةٍ أو قصاص ، ولا شيء له غيره ؛ ما لم يخش القاضي من الحيف في القصاص من اللطمة أو الصفعة أو اللكمة ، فيُبدل القصاص بالعقوبة المناسبة من السجن أو الجلد أو غيرهما ؛ احتياطاً عن الحيف في الاقتصاص .
=================

ثانيا : *بخصوص حد القذف ، فالذي عليه فقهاء الحنابلة كما هو منصوص كتبهم المعتمدة كالروض والكشاف وغيرها أنه لا يشرع فيه التحليف ، فمتى عجز المدعي عن إقامة البينة الكاملة على صحة دعواه ، فلا وجه لتحليف المدعى عليه استنادا إلى هذا التحليف لافائدة منه إذ لو نكل المدعى عليه عن الحلف لم يثبت عليه الحد فلا فائدة حينئذ من التحليف ، فتأمل !!!
-------------------------
ج/
أخي الجليل : ومن قال لك : إن حد القذف يثبت بالنكول في جميع الأحوال كما يثبت بالبينة ؟.
الحد - في الأصل - لا يثبت بغير البينة الكاملة ، لا المُكمَّلة ولا بالنكول ؛ لكونه حداً ، لا لكونه عقوبة .
غير أن النكول قرينةٌ على صدق المدعي بتعرضه لفاحش القول من المتهم ، ولذا فإن المتهم يستحق التعزير على نكوله عن اليمين على نفي دعوى المدعي ، أما الحد فلا .
ولو تأملت في أبواب الفقه : لرأيت أن القصاص والحد يمكن إثباته بالنكول في مثل :-.
1/ أيمان اللعان :
أداؤها يُسقط عقوبة الزنا عن الزوجة ، ونكولها عنها يُثبت حد الزنا عليها ؛ قال جل شأنه { وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ } الآية ، والعذاب هنا : الرجم .
وأداؤها يُسقط عقوبة القذف عن الزوج ، ونكوله عنها يُثبت حد القذف عليه .
2/ أيمان القسامة :
أداؤها يسقط القصاص والدية عن المتهمين بالقتل ؛ متى ردت الأيمان عليهم ، ونكولهم عنها يوجب الحكم عليهم بالدية في قول الجمهور .
أما ما نقلته عن الحنابلة يرحمهم الله ، فهو مختلف فيه بين فقهاء المذهب ، ولا تؤيده القواعد العامة للشريعة .
ويمكن للقاضي أن يقصر غاية هذا القول على أن النكول لا يثبت به حد القذف ، بل التعزير ؛ كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه .
كما أن النكول لا يثبت به حد القطع في السرقة ، بل المال ؛ كما قال السادة الأحناف يرحمهم الله .
وبدليل اتفاق الفقهاء في دعاوى الشتم ( دون القذف ) أنه يُقضى فيها بالتعزير بالنكول .
ولو تأملت هذا : لعلمت أن تعزير القاذف بنكوله أولى من تعزير الشاتم بنكوله .
=================

ثالثا : تقول ياشيخ بارك الله في علمك [ ولو أقر المتهم بالسرقة فقط دون تحديد مقدار المسروق : فلا فائدة في إقراره ] أ.هـ ، وهذا محل نظر ، لأن إقراره بالسرقة يثبت به الحد أو التعزير بحقه ، لكن يبقى الإشكال في تحديد مقدار المسروق ، فهل نقول القول قول السارق بيمينه لأنه غارم ويكون هذا كمسألة المنتهب ؟!!ولكن المشكلة إذا أقر في الشرطة ثم أنكر أمام القاضي السرقة فكيف يحلف على مقدار أمر هو ينكر أصله ؟!!
أم نقول أن القول قول رب الذهب بيمينه لأن الحق ثبت بشاهديه على عدم الإكراه والاضطرار ، تأسيسا على أن الذهب المسروق ليس موجودا الآن أمام القاضي ، لأن السارق إذا كان ينكر أن يكون قد سرقه ، فهل سيحضره أمام هيئة المحكمة ؟!!
-------------------------
ج/
أخي العزيز :
لو أقر المتهم بأنه سرق وسكت ، ولم يرجع عن إقراره ، فهل يُحد على إقراره هذا عندك ؟.
إن قلت : نعم . فقد أتيت بما لم تُسبق إليه ؛ لأن من شروط إقامة الحد : كون المسروق نصاباً ، والمتهم المقر لم يُحدِّد ما سرقه أصلاً ، فكيف يقام عليه الحد ، ولم يثبت كون المسروق نصاباً ، لا بإقرار ولا ببينة ؟.
وهذا الحكم إذا لم يرجع المتهم عن إقراره ، فكيف بقصتنا ، وفيها الأمران : إقرار مجمل ، ورجوع المتهم عن الإقرار ، وزاد المتهم أمراً ثالثاً : بدعوى إكراهه على إقراره المجمل .
وإن تغليب الظن بأن عدم تفصيل المتهم إقراره عند انتزاعه منه قد يكون دليلاً على صحة دعوى الإكراه ، لا على صحة دعوى السرقة : أولى وأحرى من القول باستحقاق المتهم - هنا - الحد وغرم المال المدعى سرقته إياه .
وما سوى ذلك مما في تعقيبك الأخير : قد أجبت عنه في تعقيبي السابق . والله أعلى وأعلم

وجهة نظر
28-05-2010, 10:21 AM
د/ ناصر :
شكرا لمرورك وتعقيبك الجميل المفيد ، وثق تماما بأن الهدف من النقاش ليس المراء بل الهدف هو إصابة الحق ومعرفة الصواب أو الراجح ، ولكن كما لا يخفاك قد لا يقتنع الآخرون بما تقول من أول مرة ، فيحتاج الأمر إلى مزيد إيضاح وبيان .ليتضح الأمر لهم كما اتضح عندك .
أكرر شكري لك .