مشاهدة النسخة كاملة : تساؤل مهم
وجهة نظر
29-05-2010, 11:24 PM
فضيلة الدكتور/ناصر ... سلمه الله
اختصم رجل وطليقته على حضانة الأطفال ،فأقام عليها دعوى قضائية فأحالهم ناظر القضية في المحكمة العامة إلى لجنة الصلح ، فحضر الزوج وووالد المرأة وعرض الزوج طلباته أولا ثم تكلم والد المرأة مع أعضاء لجنة الصلح وذكر لهم وجهة نظر موكلته في رفضها تسليم الطفلة ذات السنوات الست لطليقها لأنه كان لا يصلي لا في بيت ولا في مسجد وكان يأكل ويشرب في نهار رمضان أمام أولاده وكلهم بالغون راشدون يشهدون بذلك ، وذكر أن هذا هو سبب اختلاع ابنته من هذا الرجل ، ثم أردف الأب مخاطبا أعضاء لجنة الصلح قائلا ما نصه الآتي :[ من كان لا يصلي مطلقا ويأكل ويشرب في نهار رمضان لا يؤتمن على (عنز) فكيف يؤتمن على طفلة]!!.
فغضب الطليق من هذا الكلام وتوعد بالمقاضاة ، ثم أقام دعوى لدى المحكمة الجزئية يتهم والد طليقته بأنه شتمه وسبه بعبارة[ من لا يصلي ولا يصوم لا يؤتمن على عنز]*، رغم أن والد طليقته قرر أمام لجنة الإصلاح أنه لا يقصد طليق زوجته بهذا الكلام إنما هو كلام عام يتعلق بالفعل لا بالفاعل
وها هنا تثور مسائل :
أولا : لمن ينعقد الاختصاص الولائي بنظر هذا النزاع ، هل هو لناظر القضية الأصلي بالمحكمة العامة باعتبار أن هذا النزاع فرع عن القضية الأصلية وناظر القرع هو ناظر الأصل ، أم لقاضي المحكمة الجزئية المحالة القضية إليه إليكترونيا
ثانيا : هل الكلام الذي يصدر عن الوكيل ينسب إلى الأصيل باعتبار أنه صدر من الوكيل بصفته الاعتبارية لا الشخصية ، فتتوجه الدعوى على الأصيل أم تتوجه على الوكيل ؟!!
ثالثا : ما يقع بين الخصوم وبخاصة في قضايا الحضانة من اتهام كل منهم للآخر في عدالته وأخلاقه لينال هو الحضانة ، هل الكلمات متى عجز مدعيها عن إثباتها مثل عبارات :[ هو مريض نفسي ــ مدمن مخدرات ــ هي تقيم علاقات محرمة مع الغير ــ قاطع صلاة ــ فاجرة ساقطة ] هل تكون من الشتم والسب الموجب للتعزير لمن تلفظ به ؟!! أم يقال أن مثل هذه الألفاظ ما دامت في مقام الخصومة القضائية مغتفرة مراعاة للطبيعة البشرية وغلبة الغضب عليها ، استنادا لحديث الكندي والحضرمي وفيه [ فقال : يا رسول الله إنه رجل فاجر لا يبالي ما حلف عليه !! فقال عليه الصلاة والسلام : ليس لك منه سوى ذلك ] ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على وصفه لخصمه بأنه فاجر ، ولو كان هذا الوصف منكرا ما جاز للرسول عليه الصلاة والسلام السكوت عنه وعدم إنكاره !!
رابعا : هل ترى يا دكتور ناصر أن الكلام الصادر عن والد المرأة في قضيتنا هذه موجب للتعزير ، أم أنه كلام حق وصدق وبر ،فإن من كان لا يصلي مطلقا ويفطر في نهار رمضان*لا يؤتمن على دجاجة وليس على عنز !! ، فإن من ضيع حقوق الله فهو لما سواها من حقوق الآدميين أضيع .*
د. ناصر بن زيد بن داود
30-05-2010, 12:49 AM
أخي الفاضل :
إليك إجابات ما سألت عنه :
أولا : لمن ينعقد الاختصاص الولائي بنظر هذا النزاع ، هل هو لناظر القضية الأصلي بالمحكمة العامة باعتبار أن هذا النزاع فرع عن القضية الأصلية وناظر القرع هو ناظر الأصل ، أم لقاضي المحكمة الجزئية المحالة القضية إليه إليكترونيا
----------------------------
ج/
الاختصاص - في هذه القضية - لقاضي المحكمة الجزئية ؛ لأن الواقعة لم تحدث أمام القاضي ، بل خارج المجلس القضائي .
==========================
ثانيا : هل الكلام الذي يصدر عن الوكيل ينسب إلى الأصيل باعتبار أنه صدر من الوكيل بصفته الاعتبارية لا الشخصية ، فتتوجه الدعوى على الأصيل أم تتوجه على الوكيل ؟!!
----------------------------
ج/
لا تزر وازرة وزر أخرى ، والرجل تكلم من تلقاء نفسه ، ولم ينسب الكلام لابنته ؛ حتى تسأل عنه موكلته .
==========================
ثالثا : ما يقع بين الخصوم وبخاصة في قضايا الحضانة من اتهام كل منهم للآخر في عدالته وأخلاقه لينال هو الحضانة ، هل الكلمات متى عجز مدعيها عن إثباتها مثل عبارات :[ هو مريض نفسي ــ مدمن مخدرات ــ هي تقيم علاقات محرمة مع الغير ــ قاطع صلاة ــ فاجرة ساقطة ] هل تكون من الشتم والسب الموجب للتعزير لمن تلفظ به ؟!! أم يقال أن مثل هذه الألفاظ ما دامت في مقام الخصومة القضائية مغتفرة مراعاة للطبيعة البشرية وغلبة الغضب عليها ، استنادا لحديث الكندي والحضرمي وفيه [ فقال : يا رسول الله إنه رجل فاجر لا يبالي ما حلف عليه !! فقال عليه الصلاة والسلام : ليس لك منه سوى ذلك ] ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على وصفه لخصمه بأنه فاجر ، ولو كان هذا الوصف منكرا ما جاز للرسول عليه الصلاة والسلام السكوت عنه وعدم إنكاره !!
----------------------------
ج/
الألفاظ المعتبرة سوءاً من القول ؛ منها : ما يؤاخذ به قائله ، ومنها : ما لا يؤاخذ به ، وضابط ذلك : ما تجري عادة الخصمين بتقاذفه بينهما فلا مؤاخذة به .
فالعرف هو الحكم ، وإذا اختلف عرف كل من الخصمين فيؤاخذ كل واحد منهما بعرفه وعادته ، على أن من الألفاظ ما يؤاخذ بها قائلها بلا تحكيم للعرف ؛ كألفاظ الزنا واللواط وما دل عليهما ، والتهم المخلة بالشرف والدين من ألفاظ الجرح المفسر لا المجمل ، مثل ( هي تقيم علاقات محرمة مع الغير ، ساقطة ، ومثل : مدمن مخدرات ) .
==========================
رابعا : هل ترى يا دكتور ناصر أن الكلام الصادر عن والد المرأة في قضيتنا هذه موجب للتعزير ، أم أنه كلام حق وصدق وبر ،فإن من كان لا يصلي مطلقا ويفطر في نهار رمضان*لا يؤتمن على دجاجة وليس على عنز !! ، فإن من ضيع حقوق الله فهو لما سواها من حقوق الآدميين أضيع .*
----------------------------
ج/
ما قاله الأب لصهره ليس كلاماً حقاً ولا صدقاً ولا براً عندي ؛ لأنه مما ينبغي للمسلم أن يتعفف عن ذكره ، وأما تلفظ الأب به على زوج ابنته فمما لا يؤاخذ به الخصم ؛ لأن مصدر علمه بترك الصلاة والصيام هو البنت ، أما ما يخص الأمانة : فذلك استطراد من القائل لا يقصد به الزوج لذاته ، بل ذكره قائله على أنه قاعدة عامة من باب المبالغة ، وإلا فأغلب ما يأكله المسلمون اليوم مما يؤتمن عليه من لا يصلي ولا يصوم ؛ سواء : ( الدجاج أو الأغنام ) .
==========================
وجهة نظر
30-05-2010, 05:16 PM
د/ناصر ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وشكرا لتواصلك وسرعة تفاعلك مع الموضوع ، وإتماما للفائدة لي وللقراء الكرام أضع بين يديك التساؤلات التالية :
أولا : لو قرر وكيل المرأة (والدها) أن ما ذكره من قدح في طليقها إنما سمعه من ابنته ، وناقل الكفر ليس بكافر ، فهنا هل يصح القول برد تلك الدعوى لإقامتها على غير ذي صفة ؟!!
ثانيا : لو أقامت المرأة ـ في قضيتنا هذه ــ بينة معدلة على أن طليقها كان لا يصلي مطلقا وكان يفطر في نهار رمضان ، وكانت هذه البينة هما اثنان من أبنائه البالغين الراشدين ، فهل تبرأ ساحتها من تهمة الشتم والسب والتجريح بلفظ (لايؤتمن على عنز) ،
ثالثا : لو أن امرأة طلبت فسخ نكاحها من زوجها وذكرت ضمن المبررات أنه يشرب المخدرات والخمر في منزلها ولم يكن لها شاهد سوى رب العالمين جل في علاه ، فهل يسوغ هنا أن يعزرها القاضي لعجزها عن الإثبات متى طلب الزوج تعزيرها ؟!!
رابعا :لو قدح المشهود عليه في الشاهد بكونه مريض عقليا أو كذاب أو مدخن أو أخذ أجرا على الشهادة وعجز عن إثبات ما قدح به ، فهل يتوجه تعزير المشهود عليه إذا طلب الشاهد ذلك ؟!!*
وختاما : ألا ترى يا دكتور ناصر أنه لا ينبغي للقضاة التوسع في قبول دعاوى (التراشق اللفظي) لاسيما بين الخصوم المنظورة قضاياهم قضاء ، سدا لباب إشغال القضاة والمحاكم بكلمات تافهة قد تصدر من أحد الخصوم تجاه الاخر ، وأن الذي ينبغي للقضاة توجيه من رغب في إقامة دعواه بالعفو والصفح فإن أصر فيحيله لناظر القضية الأصلية منعا لازدواجية القضايا .*
د. ناصر بن زيد بن داود
30-05-2010, 11:32 PM
إليك - أخي الكريم - جواب تساؤلاتك التالية :
أولا : لو قرر وكيل المرأة (والدها) أن ما ذكره من قدح في طليقها إنما سمعه من ابنته ، وناقل الكفر ليس بكافر ، فهنا هل يصح القول برد تلك الدعوى لإقامتها على غير ذي صفة ؟!!
--------------------------
ج/
لا ينبغي لأحدٍ أن يقول لآخر : يقول فلان أنك فاجر . لعدة أمور :
- أنها نميمة ، متى كان المصدر لا يعلم بنقل القائل .
- أنها بهتان ، متى كان القائل لم يتفوه بها أصلاً .
- أنها حُمق ، متى كان القائل مُسَخَّر من المصدر .
- أنها تشفِّي ، متى كان القائل يرى انتفاء المسؤولية عنه بذكر مصدر المقولة .
والأب الذي نقل الكلام عن ابنته ، هل تُراه : يرضى أن تُقام دعوى السباب عليها بشهادته على ما قالت له ؟.
لا أظنه كذلك . والله أعلم
==========================
ثانيا : لو أقامت المرأة ـ في قضيتنا هذه ــ بينة معدلة على أن طليقها كان لا يصلي مطلقا وكان يفطر في نهار رمضان ، وكانت هذه البينة هما اثنان من أبنائه البالغين الراشدين ، فهل تبرأ ساحتها من تهمة الشتم والسب والتجريح بلفظ (لايؤتمن على عنز) ،
--------------------------
ج/
لا يمكن إثبات أن الزوج لا يصلي على الإطلاق ؛ فلكل فردٍ من الناس خلواته ، ولا يعلم ما في الخلوات إلا الله ، فلو زعم المجروح : أنه يصلي في خلواته . لما جاز لنا تكذيبه قضاءً ، ويبقى أمر الديانة بينه وبين خالقه سبحانه .
ولا يجوز للقاضي أن يُمَكِّن الابناء من الشهادة بجرح والدهم ؛ لأنه من العقوق الذي تُرد به شهادتهم .
أما تبرئة الزوجة من شتمها الزوج بقولها ( لا يؤتمن على عنز ) فلا تحتاج إلى شهادة أصلاً ؛ لأنها مما تعارف الخصوم على تقاذفه فيما بينهم ، ما لم يرتبط به تفسير مخل بالشرف ؛ كما ذكرت لك سابقاً .
==========================
ثالثا : لو أن امرأة طلبت فسخ نكاحها من زوجها وذكرت ضمن المبررات أنه يشرب المخدرات والخمر في منزلها ولم يكن لها شاهد سوى رب العالمين جل في علاه ، فهل يسوغ هنا أن يعزرها القاضي لعجزها عن الإثبات متى طلب الزوج تعزيرها ؟!!
--------------------------
ج/
الشتم بتعاطي المخدرات من الكلام الذي لا يُمَكَّن من قوله من شاء فيمن شاء ؛ لعظيم أثره على من قيل فيه ، ولا يُقهر القائل على طلب إثباته عند عجزه عنه ؛ ما دام هناك سبيلٌ لمعرفة صدق الكلام من كذبه ؛ بإجراء التحاليل المخبرية التي تبين صحة القدح وخطأه .
==========================
رابعا :لو قدح المشهود عليه في الشاهد بكونه مريض عقليا أو كذاب أو مدخن أو أخذ أجرا على الشهادة وعجز عن إثبات ما قدح به ، فهل يتوجه تعزير المشهود عليه إذا طلب الشاهد ذلك ؟!!
--------------------------
ج/
أما القدح بالمرض العقلي فعلي القادح إثبات قوله ، وإلا فهو الكاذب ، وأما الجرح بالكذب والتدخين فلعلهما مما يتقاذفه الخصوم فيما بينهم عادةً ، وأما أخذ الأجر على الشهادة فليست كل أحواله من القوادح ، ولا يُوجب العقوبة إلا القدح المفسر ، وإلا فهو مردود ، ولك مراجعة :
http://www.cojss.com/article.php?a=274 (http://www.cojss.com/article.php?a=274)
==========================
وختاما : ألا ترى يا دكتور ناصر أنه لا ينبغي للقضاة التوسع في قبول دعاوى (التراشق اللفظي) لاسيما بين الخصوم المنظورة قضاياهم قضاء ، سدا لباب إشغال القضاة والمحاكم بكلمات تافهة قد تصدر من أحد الخصوم تجاه الاخر ، وأن الذي ينبغي للقضاة توجيه من رغب في إقامة دعواه بالعفو والصفح فإن أصر فيحيله لناظر القضية الأصلية منعا لازدواجية القضايا .*
--------------------------
ج/
على القاضي تطبيق أحكام نظام المرافعات الشرعية أولاً ، خصوصاً : المادة (69) ونصها :
[ ضبط الجلسة وإدارتها منوطان برئيسها ، ولــه في سبيل ذلك أن يخرج من قاعة الجلسة من يخل بنظامها ، فإن لم يمتثل كان للمحكمة أن تحكم على الفور بحبسه مدة لا تزيد على أربع وعشرين ساعة ، ويكون حكمها نهائياً ، وللمحكمة أن ترجع عن ذلك الحكم ] .
أما ما سوى ذلك فليس على القاضي أن يُعيره انتباهه ، ولا يأبه به ، ومتى أقام المجروح دعوى بشأن ما قاله له الجارح ، فللقاضي أن يُفيد بما رآه أو سمعه .
ويبقى الأمر على : أن ما تعارف الخصوم على تقاذفه فيما بينهم فلا عقوبة فيه . والله أعلم
==========================
وجهة نظر
31-05-2010, 12:13 AM
د/ناصر ... سلمه الله
شكرا لهذه الفوائد الطيبة والإجابات الموفقة لكن بقي شيء واحد :
ما ذكرته من أن شهادة الأبناء على أبيهم نوع من العقوق ، أليس هذا معارضا بعموم قوله تعالى " كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو أو الوالدين والأقربين" وهذا نص صريح يأمر الله فيه بالشهادة بالحق ولو على الوالدين ، وكذا عموم قوله تعالى " ولا تكتموا الشهادة " وقوله " ولا يأبَ الشهداء إذا ما دعوا " .
د. ناصر بن زيد بن داود
31-05-2010, 12:49 AM
هذا نص ما قلته ، وليس كما ظننت .
ولا يجوز للقاضي أن يُمَكِّن الابناء من الشهادة بجرح والدهم ؛ لأنه من العقوق الذي تُرد به شهادتهم .
============
فرق بين عموم الشهادة والشهادة بجرح الوالد .
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.