ابوالحسن
16-06-2010, 04:12 PM
في التاريخ الإسلامي ... التوثيق مهنة شريفة
يوسف الفراج -
يستمد علم التوثيق أهميته من كونه يؤصل ويدعو إلى حفظ الحقوق وإثباتها، الأمر الذي يقضي على المنازعات ويورث أمناً وراحة عند التعاملات، ولهذا جاء الأمر بتوثيق الديون كما في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على التوثيق ووثق الكثير من الرسائل والمبايعات وغيرها، وشاع التوثيق وصار علماً بل علوماً وكتبت فيه الكتب كما أن هناك من العلماء من امتهنه وظيفة لخطره وأهميته.
وقد كانت مهنة شريفة في التاريخ الإسلامي, قال ابن فرحون: "وهي صناعة جليلة شريفة، وبضاعة عالية متينة، تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية ", وقال ابن بري: " كفى بعلم الوثائق شرفاً وفخراً انتحال أكابر التابعين لها، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يكتبونها على عهد النبي".
وهذه النظرة هي النظرة السائدة عن هذا الفن، وهي التي تتوافق مع الأصول الشرعية، كما أنها تتوافق مع المتطلبات الحضارية، ومع ذلك فقد ظهر من العلماء من ذم هذه المهنة، وأصبغ على متعاطيها الأوصاف السيئة، ويعد الأديب لسان الدين ابن الخطيب أول من ذمّ هذا الفن ومتعاطيه في رسالته: "مثلى الطريقة في ذم الوثيقة" ويقصد ذم الموثقين, وسبب كتابة هذه الرسالة حصول خلاف بين ابن الخطيب والأديب الموثق ابن القباب ، وأدّى بابن الخطيب لتأليف هذه الرسالة ، وقد ردّ عليه جمع من العلماء.
وقد استمر الاهتمام بالتوثيق في العصور الإسلامية اهتماماً واضحاً, وصار التوثيق وظيفة يمارسها عدد من المختصين من العلماء وغيرهم وقد سُمي في بعض الأزمان بـ : "الموثق" وله شروط وآداب منصوص عليها في كتب التوثيق, وذلك قبل أن يكون مهنة عصرية في كثير من الدول يقوم بها مختصون مرخص لهم بالقيام بأعمالها من قبل الجهات المختصة .
وأما أعمال التوثيق في المملكة العربية السعودية فيقوم بجزء منها القضاة وذلك في مثل توثيق الأملاك بما يسمى بحجج الاستحكام, ومن مثل توثيق الورثة والولاية والوصاية والإعالة وغيرها, كما يقوم كتاب العدل بجزء آخر مثل: إثبات المنح والمبايعات والرهون والإقرارات والوكالات وغيرها.
ولعل من المناسب أن يتم إسناد بعض أعمال التوثيق إلى أشخاص يرخص لهم من قبل وزارة العدل ويسند إليهم توثيق بعض الإقرارات والعقود مقابل مبالغ مالية وفق نظام يشتمل على أحكام واشتراطات هذه المهنة, ويكون للمحامين الأولوية في ذلك, وهذا التوجه سيقلل الأعمال المسندة للقضاة ويفرغهم للنظر في القضايا التي من أجلها وظفوا, كما أن كتابات العدل تتفرغ للأعمال التي لا يمكن القيام بها إلا من قبلهم كونهم يمثلون الدولة وذلك بالقيام بتقييد الحقوق بعد توثيق التصرفات المنتجة لها أمام الموثقين, فيكون وظيفة الموثق التأكد من أهلية الطرفين والصحة الشكلية والموضوعية لمضمون الوثيقة ويختم عليها, ثم يذهب صاحب العلاقة إلى كتابات العدل لتسجيل الحق الناشئ عن هذا التصرف كالملكية مثلا إذا كان هناك ما يستدعي ذلك, أما الكثير من التصرفات فلا يحتاج فيها إلى مراجعة كتابات العدل مثل الوكالات والوصايا بل يكتفى بتوثيقها من الموثق.
جريدة الاقتصادية - السبت, 17 جماد أول 1428 هـ الموافق 02/06/2007 م - العدد 4982
يوسف الفراج -
يستمد علم التوثيق أهميته من كونه يؤصل ويدعو إلى حفظ الحقوق وإثباتها، الأمر الذي يقضي على المنازعات ويورث أمناً وراحة عند التعاملات، ولهذا جاء الأمر بتوثيق الديون كما في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على التوثيق ووثق الكثير من الرسائل والمبايعات وغيرها، وشاع التوثيق وصار علماً بل علوماً وكتبت فيه الكتب كما أن هناك من العلماء من امتهنه وظيفة لخطره وأهميته.
وقد كانت مهنة شريفة في التاريخ الإسلامي, قال ابن فرحون: "وهي صناعة جليلة شريفة، وبضاعة عالية متينة، تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية ", وقال ابن بري: " كفى بعلم الوثائق شرفاً وفخراً انتحال أكابر التابعين لها، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يكتبونها على عهد النبي".
وهذه النظرة هي النظرة السائدة عن هذا الفن، وهي التي تتوافق مع الأصول الشرعية، كما أنها تتوافق مع المتطلبات الحضارية، ومع ذلك فقد ظهر من العلماء من ذم هذه المهنة، وأصبغ على متعاطيها الأوصاف السيئة، ويعد الأديب لسان الدين ابن الخطيب أول من ذمّ هذا الفن ومتعاطيه في رسالته: "مثلى الطريقة في ذم الوثيقة" ويقصد ذم الموثقين, وسبب كتابة هذه الرسالة حصول خلاف بين ابن الخطيب والأديب الموثق ابن القباب ، وأدّى بابن الخطيب لتأليف هذه الرسالة ، وقد ردّ عليه جمع من العلماء.
وقد استمر الاهتمام بالتوثيق في العصور الإسلامية اهتماماً واضحاً, وصار التوثيق وظيفة يمارسها عدد من المختصين من العلماء وغيرهم وقد سُمي في بعض الأزمان بـ : "الموثق" وله شروط وآداب منصوص عليها في كتب التوثيق, وذلك قبل أن يكون مهنة عصرية في كثير من الدول يقوم بها مختصون مرخص لهم بالقيام بأعمالها من قبل الجهات المختصة .
وأما أعمال التوثيق في المملكة العربية السعودية فيقوم بجزء منها القضاة وذلك في مثل توثيق الأملاك بما يسمى بحجج الاستحكام, ومن مثل توثيق الورثة والولاية والوصاية والإعالة وغيرها, كما يقوم كتاب العدل بجزء آخر مثل: إثبات المنح والمبايعات والرهون والإقرارات والوكالات وغيرها.
ولعل من المناسب أن يتم إسناد بعض أعمال التوثيق إلى أشخاص يرخص لهم من قبل وزارة العدل ويسند إليهم توثيق بعض الإقرارات والعقود مقابل مبالغ مالية وفق نظام يشتمل على أحكام واشتراطات هذه المهنة, ويكون للمحامين الأولوية في ذلك, وهذا التوجه سيقلل الأعمال المسندة للقضاة ويفرغهم للنظر في القضايا التي من أجلها وظفوا, كما أن كتابات العدل تتفرغ للأعمال التي لا يمكن القيام بها إلا من قبلهم كونهم يمثلون الدولة وذلك بالقيام بتقييد الحقوق بعد توثيق التصرفات المنتجة لها أمام الموثقين, فيكون وظيفة الموثق التأكد من أهلية الطرفين والصحة الشكلية والموضوعية لمضمون الوثيقة ويختم عليها, ثم يذهب صاحب العلاقة إلى كتابات العدل لتسجيل الحق الناشئ عن هذا التصرف كالملكية مثلا إذا كان هناك ما يستدعي ذلك, أما الكثير من التصرفات فلا يحتاج فيها إلى مراجعة كتابات العدل مثل الوكالات والوصايا بل يكتفى بتوثيقها من الموثق.
جريدة الاقتصادية - السبت, 17 جماد أول 1428 هـ الموافق 02/06/2007 م - العدد 4982