اليقين
27-06-2010, 11:48 AM
الاخوة الاعزاء
لست بمتخصص في هذا الشأن ولكن لوجود قضية لقريب لي دفعني للقراءة والبحث في هذا الباب فقمت بكتابة لائحة اعتراضية على حكم شرعي فأحببت أخذ رأيكم فيها وملاحظاتكم قبل تقديمها
شاكراً لكل من ساهم برأي أو فكرة تفيد الموضوع :
بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ14/7/1431هـ
( لائحة اعتراضية على الصك الشرعي رقم ../1 بتاريخ ../7/1431هـ الصادر من المحكمة العامة .......)
مقدم الاعتراض ( المتهم / .........................................)
صاحب الفضيلة رئيس المحكمة العامة بمحافظة سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،وبعد ...
أتقدم لفضيلتكم بهذه اللائحة الاعتراضيةعلى الحكم رقم) ../ 1 )وتاريخ :../7/1431 هـ الصادر من صاحب الفضيلة الشيخ : ....... القاضي بالمحكمة العامة ........ورئيس المحكمة العامة ..........
أولاً : وقائع الاعتراض:
يمكن تلخيص الوقائع التي توصلت إليها المحكمة بإيجازفي أنه بتاريخ 14/ 2 / 1431هـ تم القبض على المتهم .............................من قبل فرقة المكافحة بمخدرات ...........بعد التنسيق معه على الهاتف الجوال رقم( ............ ) وبمسمع من الفرقة وطلب المتهم من مصدر المخدرات الحضور الى منزله وبعد تفتيش المصدر وسيارته تم تزويده بمبلغ خمسون ريالا وجرى متابعة المصدر حتى قابل المتهم وكان المتهم مترجلا وتحدثا وبعدها غادر المتهم الى منزله وسلم المصدر عدد ثلاث حبات تحمل علامة الكبتاجون المحضورة وجرى القبض على المتهم في مواقف الماء خلف البلدية وبتفتيشه عثر على مبلغ مالي ليس من ضمنها المبلغ الحكومي كما عثر بحوزته على الجوال المذكور رقمه اعلاه وقد اثبت التقرير الكيماوي ايجابية المضبوطات لمادة اللافتيامين المحضور وباستجوابه انكر ترويجه للحبوب المحضورة وبالبحث عن سوابقه وجدت سابقة واحدة مخدرات وقد اسفر التحقيق عن ادانته بترويج ثلاث حبات محضورة للادلة التالية :
- ماتضمنه محضر الشراء والقبض المعد من الفرقة القابضة .
- قيامه بعملية الترويج تحت نظر ومسمع الفرقة القابضة .
- اقراره بأن الجوال عائد له وهو المستخدم في عملية الترويج .
- انكاره للترويج ماهي الا محاولة منه للافلات من العقوبة .
- وجود سابقة مخدرات على المذكور .
- ماتضمنه التقرير الكيماوي من ايجابية العينة المرسلة لمادة اللامفيتامين .
وقد انكر المتهم جميع مانسب اليه وما ادعى به المدعي العام بمخدرات ........سوى السابقة التي كانت عام 1427هـ وهي سابقة استعمال حبة واحدة وانه منذ ذلك الوقت وهو تائب الى الله ولم تسجل عليه بعدها اي مخالفة .
وقد طلب صاحب الفضيلة ناظر القضية بينة المدعي العام الذي افاد بأن مالديه سوى ماذكر في لائحة الادعاء ، فطلب منه احضار شهود محضر الواقعة ، وقد شهدوا بأن المتهم قال حرفيا عندما سأله المصدر عن طريق الجوال (هل لديك حبوب قال : نعم وطلب منه الحضور الى منزله بعد نصف ساعة ) ، وتم بعث المصدر وعندما وصل الى منزل المتهم نزل من سيارته ومباشرةً مدّ يده للمتهم ومدّ المتهم يده للمصدر وتقابضا شيئا لم يشاهدوه ، ثم عاد المصدر لسيارته ولم يستغرق الامر اكثر من دقيقة ، ثم عاد المصدر للفرقة والتقى بهم وسلمهم ثلاث حبات، ذكر انه استلمها من المتهم ، وبعد يوم من الواقعة جرى القبض على المتهم ولم يوجد بحوزته المبلغ الحكومي وعثر معه على الجوال المستخدم في العملية ، وان الصوت الذي تم التنسيق معه لانشك بأنه صوت المتهم .
وقد انكر المتهم هذه الشهادة ، فطلب فضيلة ناظر القضية من المدعي العام للمخدرات زيادة بينة ، فأحضر شاهد ثالث شهد بسماعه للمكالمة وانه لايشك في ان الصوت الذي تم التفاوض معه هو صوت المتهم بالاضافة الى ان المصدر كان يخاطب المتهم باسمه خالد ، وقد انكر المتهم هذه الشهادة بدليل ان الشهود لم يذكروا بأن المصدر فاوضه على العدد المطلوب والمبلغ وأن التسليم والاستلام حصل مباشرة ، فتم عرض هذا الكلام على الشهود فأفادوا بأن العادة جرت على ان التفاوض لايتم عن طريق الجوال وانما يبدي الراغب في الشراء رغبته واذا كان لدى المروج طلبه يطلب منه الحضور ويتم التبايع في وقت وجيز .
وقد انكر المتهم هذا الكلام ، فطلب ناظر القضية من المدعي العام زيادة بينة ، فأفاد بأنه ليس لديه سوى ماورد في لائحة الادعاء ، كما افاد المتهم بأن هذا الجوال مشاع الرقم وانه مكتوب بالخط الواضح البين على سيارته الوايت المخصص لبيع المياه وان هذا الجوال يتم استعماله من قبل والده واخوانه والعامل .
وبالاطلاع على الحكم في السابقة على المتهم وجد انها حيازة حبة واحدة لقصد الاستعمال وانه حكم عليه فيها بالسجن شهرين والجلد ثمانين جلدة ومنع من السفر سنتين وقد صدر الحكم في عام 1427هـ .
وقد حكم فضيلة ناظر القضية بتوجه التهمة القوية على المتهم بترويج ثلاث حبات من حبوب اللامفيتامين المحضورة وتستره على مصدرها للاسباب التالية :
1- ماتقدم من الدعوى والاجابة .
2- شهادة الشهود .
3- التقرير الكيماوي .
4- كون المتهم من ارباب السوابق .
5- اقرار المتهم بعائدية الجوال له والعثور عليه معه .
وأصدر فضيلته الحكم على المتهم في هذه القضية بالتالي :
اولا ً : السجن لمدة ثلاث سنوات اعتبارا من تاريخ توقيفه .
ثانياً : جلده ثلاثمائة جلدة مفرقة على ست دفعات .
ثالثاً : صرف النظر عن طلب المدعي العام اثبات الادانة والحكم بماورد في نظام مكافحة المخدرات ، واعادة المبلغ الذي استلمه في عملية الترويج وذلك لأن البينة لاترقى الى اثبات الادانة لعدم شهادة الشهود للمُسَلَّم والمُسْتَلم بين المتقابضين ، ولعدم توفر القرائن المؤيدة لما ورد في الشهادة .
صاحب الفضيلة :
قبل الخوض في أسباب الاعتراض لابد من التعرض للعيوب الإجرائية التي صاحبت إجراءات هذهالقضية وهي عيوب جوهرية ارتكبتها هيئة المحكمة الموقرة، وسأذكرها على النحوالتالي:-
1- نصت المادة (119) من نظام المرافعات على (ان تسمع شهادة كل شاهد على انفراد بحضور الخصوم وبدون حضور باقي الشهود الذين لم تسمع شهادتهم ، على ان تخلفهم لايمنع من سماعها) .
ونصّت كتب الفقه على أن يؤدي الشاهد ما تحمله من الشهادة مصرحاً به بلفظه ، فلا يقبل من الشاهد أن يقول : أشهد بمثل ما شهد به هذا الشاهد ، بل لا بد من تصريحه هو بما تحمله وقت أدائهالشهادة .
وقد قام فضيلة ناظر القضية بالاستماع لشهادة الشاهد .......... أولاً بحضور الشاهد الثاني ............. والذي كان جالساً بجواره ، ويستمع لشهادة الشاهد الاول ثم سؤال القاضي له هل شهادتك هي نفس شهادة زميلك ؟ فأجاب بنعم ، دون أن يستمع الى شهادته مفصّلة وبنطق لسانه ، وهو مخالف للمادة (169) من نظام الاجراءات الجزائية التي تنص على (أن تؤدى الشهادة في مجلس القضاء وتسمع شهادة الشهود كل على حدة ، ويجوز عند الاقتضاء تفريق الشهود ومواجهة بعضهم ببعض) .
ومعلوم بأن وجود الشهود مع بعضهم البعض قد يؤدي الى ان ينقل الشاهد التالي من السابق وقائع شهادته من كلام ذلك الشاهد ، فكيف وقد صمت الشاهد واجاب بنعم فقط ، وفي هذا اهدار لحق المتهم الذي قد يستفيد من سماع كامل الشهادة من الجميع ؛ لغلبة أن يحصل اختلاف في الشهادة قد تقوي موقفه في الدفاع عن نفسه.
2- بحسب المادة (62) من نظام المرافعات وكما جاء في اللائحة 62/1 مانصه ( يجب ضبط كل مايدلي به الخصوم شفوياً مما له علاقة بالدعوى ) ، وكذلك المادة (123) من نظام المرافعات والتي تنص على ( تثبت شهادة الشاهد واجابته عما يوجه له من اسئلة في دفتر الضبط بصيغة المتكلم دون تغيير فيها ) .
فقد طرح فضيلة ناظر القضية سؤالاً على الشهود ) ماهي نسبة تأكدكم من أن هذا هو الشخص أو غيره ) فأجاب الشاهد ........... بأن نسبة تأكده هي 70% بينما التزم الشاهد الثاني ........... الصمت وذكر الشاهد الثالث ........... نسبة تقارب نسبة عبدالرحمن بن سعد ، ولم يقم فضيلته بذكر هذه الشهادة وضبطها ، ومن المعلوم أنه في مثل هذا الشك وهذا التناقض تقوية لموقف المتهم في مواجهة دعوى المدعي العام وردها .
3- ذكر فضيلة ناظر القضية ان من مسببات حكمه هو أن المتهم من أرباب السوابق ؛ والمتهم لم يثبت عليه وجود سوابق سوى سابقة واحدة وهي حيازة عدد حبة واحدة بقصد الاستعمال ، فلا يصح معها أن يوصف المتهم بأنه من أرباب السوابق وهو ما شدد الحكم من فضيلته ، فأرباب السوابق هم المتكرر منهم ارتكاب المحضور والمعاقبة عليه ، وهذا لايتوفر في المتهم ، الى جانب أن هذه السابقة الوحيدة كانت قبل اكثر من اربع سنوات .
ثانياً : أسباب الاعتراض علىالحكم محل الطعن :
1- مايخص المصدر :
أ – عدالة المصدر : من المعلوم يقيناً بأن المصادر السرية التي تستعين بها ادارة المخدرات للايقاع بالمروجين هم من مستعملي ومروجي المخدرات ، فعندما يتم القبض على احدهم يتم عرض التعاون منه مقابل اطلاق سراحه ، او تخفيف محكوميته ، فيقوم هذا المصدر بانتقاء احد الاشخاص سواء كان صديقاً أو حتى شخص بينه وبينه عداوة ، فيذكر اسمه او يوحى اليه بالاسم من قبل افراد المخدرات ، فيذهب المصدر ويكفيه ان يقابل ذلك الشخص حتى وان كان قد بيت النية على ان ينقذ نفسه بأي طريقة غير مشروعة ، فيكون قد اخفى هذه المحضورات في مكان ما اوفي سيارته ثم يعود للفرقة المتابعة فيقول تم الشراء ، وهذا مايثبته ان كثيراً من القضايا لايتم العثور مع المتهم على المبلغ الحكومي او الحوزة ، وانما يتم بعد ذلك اللجوء لشهادة الفرقة المتابعة التي لاتثبت استلام وتسليم المبلغ والمخدرات .
وهذا ما قد ينطبق على مصدر هذه القضية حيث لايعقل ان يأتي رجل مستقيم السيرة الى اي شخص لطلب مخدرات منه ، لذلك فإن ما إدعاه المصدر من البيع والشراء والتسليم والقبض هو ادعاء باطل لااساس له سوى انه يريد انقاذ نفسه من مصيبة قد نزلت به ، وهو بهذا ايضاً فاقد للعدالة التي تجعل كلامه مقبولاً مسلماً به .
ب- تفتيش السيارة : ذكر المدعي العام وكذلك الشهود بأنه تم تفتيش المصدر وتفتيش سيارته قبل بعثه للمتهم ، وهذا الامر لم يتم اطلاقاً للاسباب التالية :
* أنه وبحسب شهادة الشهود أن المتهم اعطى موعداً بعد نصف ساعة من المكالمة لمقابلته عند منزله ، ثم توجه مباشرة للمتهم . فمتى تم تفتيش السيارة - اذا سلمنا بتفتيش الشخص لسهولة هذا الامر ـ واين تم التفتيش ؟ ومن الذي قام بالتفتيش ؟ وكم هي المدة المستغرقة في التفتيش والتي تجعل التفتيش دقيقاً بحيث يتجنب معه الخطأ في ظلم المصدر للمتهم او الايقاع به ؟ وهل اعد محضر بالتفتيش في حينه ؟ ولماذا لم يرفق ويعرض على المتهم في مجلس القضاء ؟
ومايدفع ببطلان هذا السبب ً أن المسافة بين ادارة المخدرات ومنزل المتهم تستغرق أغلب هذا الوقت إن لم يكن كله ، وهذا دليل على ان الفرقة لم تقم بتفتيش السيارة ، وانما عندما سمعوا الموعد ـ حسب زعمهم ـ قاموا مسرعين ليغتنموا فرصة القبض على المتهم وهذا يمكن ادراكه حساً وعقلا .
ج - متابعة المصدر : ذكر المدعي العام (انه تمت متابعة المصدر الى ان قابل المتهم ) وذكر الشهود من الفرقة المتابعة (انه تم بعث المصدر الى المتهم ) واضاف الشهود ( رأينا المصدر يتوقف بسيارته في الزمان والمكان المحددين ) وأدفع ببطلان هذا الكلام لمخالفته الواقع والحس للاسباب التالية :
* الاختلاف بين ماذكره المدعي العام وماذكره الشهود فقد ذكر المدعي العام ( تمت متابعة المصدر ) والشهود ذكروا ( تم بعث المصدر ) ويتضح الفرق بين المتابعة والبعث ؛ فالمتابعة تلزم أن يكون المتابع سائراً خلف المتبوع ويتتبع حركته ، والمبعوث هو الذي ينطلق بنفسه لتنفيذ أمر ثم العودة الى من بعثه ، وهذا ينطبق على واقعة المصدر مع الفرقة ؛ حيث أنها بعثته ولم تتابعه . ويدل على هذا الامر ماشهد به الشهود بعدها بأنهم ( رأو المصدر يتوقف بسيارته في الزمان والمكان المحددين ونزل للمتهم ) وهذا يدل على انه لم تكن هناك متابعة ـ وإذا سلمنا بأنهم رأو المصدر يتوقف بسيارته ـ فهذا يدل دلالة واضحة على أنهم سابقين له في الوصول الى المكان المحدد ، ومعه تنتفي مقولة المتابعة التي تنتفي معها وجود الأمان والإطمئنان أن المصدر لم يبيت النية في ايقاع المتهم في جرم لم يرتكبه لغرض انقاذ نفسه .
كما يعضد هذا القول بأن الفرقة لم تتابع المصدر لأنهم وبشهادتهم قالوا حرفياً (ثم عاد الينا المصدر وتم الالتقاء به ) وهذا صحيح لأنهم لم يتابعوه ، ولم يشاهدوه يقابل المتهم وإنما كان لهم مكان التقاء حددوه سابقاً أو بعد ادعاء المصدر بأنه تسلم المخدرات فاتصل بهم لتحديد مكان مقابلته مع الفرقة ، وهذه تدل عليها كلمة ( تم الالتقاء به ) وهي تدل على لقاء بعد انقطاع عن النظر .
كما يعضد ان الفرقة لم تتابع المصدر موقع منزل المتهم بحيث أن للعارف بموقعه يتأكد بما لايدع مجال للشك أنه ينتفي أن تكون هناك مراقبة دون أن ينكشف المراقِب من المراقََب وذلك لأن الشارع الذي يقع فيه منزل المتهم لايتعدى طوله المائة متر وله مدخلين من الشمال والجنوب ومنزل المتهم يقع في نهاية الثلث الاول الشمالي فلو كانت الفرقة متواجده للمراقبة للاحظها المتهم بكل سهولة سواء كانت في الجهة الشمالية أو الجنوبية ، مع عدم وجود موانع سواء طبيعية كانحناء في الشارع أو طارئة كسيارات أو خلافه لانكشاف الشارع كاملاً .
كما يقوي رد مقولة المتابعة أنه ـ لو أخذنا بها جدلاً ـ فإنه يصعب جداً أن تكون هناك متابعة لأن الداخل الى الشارع لو كانت خلفه سيارة أخرى تمشي خلفه لانكشفت ووضحت وذلك لأن الداخل الى الشارع سيجد نفسه مباشرة أمام منزل المتهم حيث لايبعد سوى اربعون متراً عن بداية الشارع فإذا كانت هناك سيارة مراقبة تتابع المصدر فمن المسلم به أن لاتكون خلفها مباشرة وإلا كشفت من المتهم وستكون على أقل تقدير في مرمى النظر والتي تقدر على أقل تقدير بـ 100 متر تقريباً إن لم تكن أكثر أو أقل قليلا وفي هذه الحالة أنه في حال دخول المصدر الى الشارع فلن تستطيع ملاحظته وهو يقف مباشرة عند منزل المتهم مما يدفع ببطلان شهادة الشهود بأنهم رأو المصدر يتوقف عند منزل المتهم .
ومنها يتضح بأنه لم تكن هناك متابعة للمصدر وإنما بعث للمتهم لإحظار المخدرات ولم يكن تحت سمعهم ولا بصرهم وانما اتخذوا موقعاً سواء كان مقر ادارة المخدرات او مكان آخر لانتظار عودة المصدر.
وبهذا يتبين بطلان ما ادعاه المدعي العام والشهود في المتابعة فيكون باطلاً ومابني عليه باطلا . لإمكانية أن يكون المصدر قد رتب لهذا الامر بنفسه وأراد ايقاع أي شخص من أجل الخروج من مأزقه ولكسب ود ادارة المخدرات للتخفيف عنه .
د – التناقض بين دعوى المدعي العام والشهود في أن المدعي العام قال في لقاء المصدر بالمتهم ( حتى قابل المروج وكان المروج مترجلا وقابله المصدر وتحدثا ) بينما جاء في شهادة الشهود ( نزل المصدر للمتهم حيث كان واقفا وبعد نزول المصدر من سيارته مباشرة مدّ يده للمتهم ومدّ المتهم يده للمصدر وتقابضا شيئا لم اشاهده ثم عاد المصدر الى سيارته ولم يستغرق الامر اكثر من دقيقة ) .
فكيف يحصل التحادث والتحادث هو تجاذب اطراف الكلام بين اخذ ورد وبين انهما مدّا يداهما مباشرة لبعضهما ، ومن وقوف المصدر الى ركوبه سيارته وانطلاقه مرة اخرى في اقل من دقيقة واحدة اشتملت على التوقف وتأمين السيارة وفتح الباب والنزول ومد اليد ثم ركوب السيارة مرة اخرى وقفل بابها وتحريكها فهل يستغرق هذا دقيقة واحدة او اكثر!! واين وقت التحادث الذي يدعيه المدعي العام ؟ وكم استغرق هذا الحديث الذي لابد انه يشمل التبايع كما سيرد في الدفوع القادمة ؟ .
من هذا يتضح أن إدّعاء احدهما ( المدعي العام – الشهود ) باطلاً إن لم يكن كليهما فقد افتريا على المتهم سواء بقصدٍ أو وقعا تحت مكر وخداع مصدرهما السري الذي هو اصلا فاقد للاحساس بالذنب او مراقبة الله
هـ - الدفع برد صحة اتهام المدعي العام بتناقضه مع نفسه ومع شهود الواقعة حيث ذكر في دعواه ( وكان المروج مترجلا وقابله المصدر وتحدثا وبعدها غادر المروج الى منزله وسلم المصدر عدد ثلاث حبات ) بينما لم يذكر الشهود وهم الفرقة التي كانت تراقب الوضع كاملا ـ على فرض صحة مراقبتهم ـ أن المتهم غادر للمنزل .
فكيف عرف المدعي العام بأن المتهم غادر للمنزل ومن أعد المحضر بالمراقبة - وهم من شهد لـ الله امام ناظر القضية بأن يذكروا كامل الواقعة - كيف أغفلوها ولم يذكروها فهل يتم الاخذ بقول المدعي العام او تصديق الشهود في شهادتهم ؟ وما ذلك الادليل واضح بعدم صحة الواقعة وان هذه التهمة ملفقة تلفيقا واضحا
كما أن المدعي العام ذكر بأنه بعد لقاء المصدر بالمتهم وبعد التحادث ( غادر المروج الى منزله وسلم المصدر ثلاث حبات ) فهل تم تسليم المخدرات سابق لمغادرة المروج الى المنزل ؟ أو أن المروج بعدما غادر الى المنزل عاد وسلم المخدرات ؟
فإذا كانت الاولى فيتضح التناقض في ما ادعاه المدعي العام وهو دليل على ضعف موقفه ، وان هذه التهمة هي من نسج خيالهم في الادارة ؟ فكيف يذهب المروج الى المنزل ومن ثم يسلم المخدرات دون أن تلاحظه فرقة المراقبة وتشهد بذلك ؟
وان كانت الثانية فهي أطم وأعظم من الاولى فأين كان هذا من مراقبة فرقة المتابعة وهم الذين اثبتوا بشهادتهم أن المصدر نزل من السيارة وقابل المتهم في دقيقة أو أقل ثم انصرف ،
وبهذا يتضح بطلان هذه التهمة وتنسفها هذه النقطة وماقبله ومابعدها نسفاً معه يظهر الحق ويزهق الباطل .
2- مايخص ادلة المدعي العام :
استند المدعي العام في دعواه على ادانة المتهم بـ 6 أدلة بنى بعضها على بعض وسوف أعرض الى الدفع ببطلان دعواه وادلته كالتالي :
أ – ماتضمنه محضر القبض والتفتيش المعد من الفرقة القابضة : فماذا تضمن هذا المحضر سوى محاولة تلبيس المتهم بهذه الجريمة بأي شكل من الأشكال حتى لو كانوا هم من تعرض للخداع من قبل مصدرهم السري ؛ حيث أن محضر القبض والتفتيش لايدين المتهم بأي شيء سوى أنهم وجدوا المتهم خلف بلدية ...... في المواقف المخصصة لبيع المياه وانهم وجدوا مبلغاً ليس من ضمنه مبلغهم الحكومي كما عثروا على الجوال الخاص بالمتهم . فهل اشتمل المحضر على المقاومة أو محاولة الهروب أو وجود المبلغ الحكومي أو حيازة مخدرات ؟ فإذا لايعدوا أن يكون المحضر سرداً لواقعة لاتثبت ادانة للمتهم ولاتصفه بوصف يثبت معه ادانته .
ب – قيامه بالترويج تحت نظر ومسمع الفرقة :وهذا الدليل قد بينا بطلانه ودفعنا برده وطرحه بحسب النقاط السابقة فلا يثبت أن المتهم قام بالترويج اصلاً ، فضلا على ان يكون تحت سمع وبصر الفرقة التي لم تكن مراقبة اطلاقاً للمتهم والمصدر، ولاتستطيع اثبات هذا الامر فبذلك يكون هذا الدليل كعدمه بل هو دليل على براءة المتهم .
ج – اقرار المتهم بالجوال المستخدم في عملية الترويج : وهذا الدليل سنبين بإذن الله انه لاأصل له ولايعتد به في النقاط اللاحقة .
د – انكار المتهم للترويج محاولة للافلات من العقوبة : سبحان الله فهل يريد المدعي العام أن يعترف المتهم بذنب لم يرتكبه لكي لايكون ذلك دليل على ادانته ! وكان الاولى بالمدعي العام وادارته أن يتقنوا عملهم على الوجه الذي لايجعل هناك مجال لاعتراف مذنب بذنبه باكراه او بغيره ، فالمتهم متيقن ببراءته ويصرخ بها عالياً فهو وقع بين كماشتي سوء النية والقصد من قبل رجال المكافحة وبين مصدر يريد الافلات بعقوبة ستطاله ولو على حساب بريء ، وكما يقال في المثل الشعبي الدارج ( شنبي ولا ألف شنب ) ، فانكار المتهم لهذه التهمة من واقع أنه يرى نفسه بريئاً منها ، وعلى من اتهمه أن يثبت هو ادانته .
لذلك يعتبر هذا الدليل باطلاً عقلاً وشرعاً وحساً .
هـ - وجود سابقة مخدرات على المتهم : إن السابقة التي يتشبث بها المدعي العام ويجعلها دليلا على اثبات التهمة على المتهم هي سابقة واحدة قبل اكثر من اربع سنوات عام 1427هـ وهي حيازة حبة واحدة بقصد الاستعمال، وتمت معاقبته عليها وتطهيره شرعاً من اقترافه للخطأ ، ولا يعني هذا أن نعلق مثل هذه السابقة على رقبة كل مذنب ونستلها في كل حين ، فقد أخطأ خطأ واحد ولم يتكرر ذلك منه بعدها ، ولم يثبت عليه مايقدح في سلوكه وتصرفاته .
لذا من الخطأ بل من الحيف ان نستدل على اتهام شخص من خلال سابقة واحدة يتيمة لنجعلها سيفا مسلطا على رقبتة حتى وان تاب الى الله وصلح حاله .
و – استدل المدعي العام على ادانة المتهم بالترويج بايجابية العينة : وهذا دليل مستقيم في حالة واحدة وهي ثبوت ادانة المتهم بالترويج ، وفي حال عدم ثبوت الادانة فلايعتد بايجابية العينة او سلبيتها لانها لاتخص المتهم بشيء .
3- فيما يخص الشهود :
تركز توجيه التهمة القوية من فضيلة ناظر القضية للمتهم في هذه التهمة بناء على اقوال الشهود فهم الركيزة الاساسية في هذه القضية ، ولنا مع الشهادة والشهود نقاط عدة نثبت فيها عدم سلامة شهادتهم وانقطاعها من وجوه، وتضادها من وجوه اخرى ، مما ندفع به ببطلان هذه الشهادات وعدم الاعتداد بها بأي وجه من الوجوه ، والمطالبة بمعاقبتهم على هذه الشهادات الجائرة ونوضح ذلك من خلال :
أ – استماع شهادة الشهود : نصت المادة رقم (119) من نظام المرافعات على مايلي ( تسمع شهادة كل شاهد على انفراد ....) ، ونصت المادة (123) من نفس النظام على مايلي ( تثبت شهادة الشاهد واجابته عما يوجه له من اسئلة في دفتر الضبط بصيغة المتكلم دون تغيير فيها ) ، وقد نصت كتب الفقه على أن يؤدي الشاهد ما تحمله من الشهادة مصرحاً به بلفظه ، فلا يقبل من الشاهد أن يقول : أشهد بمثل ما شهد به هذا الشاهد ، بل لا بد من تصريحه هو بما تحمله وقت أدائهالشهادة .
وقد أغفل فضيلة ناظر القضية هذه المواد والتي كان من الممكن في السير عليها طاعة لولي الامر أن يتضح من الشهادة أمور أخرى تساعد على جلب البراءة للمتهم من هذه الدعوى الباطلة .
فقد حضر الشاهدان ............ و............ بطلب من المدعي العام بصفتهما فرقة المراقبة والقبض فعند حضورهما الى مجلس القضاء ابتدأ القاضي بسؤال الشاهد ......... عن شهادته بحضور الشاهد الثاني الذي كان جالساً بجواره وبعد انتهاء الشاهد الاول من شهادته وجه فضيلة القاضي سؤاله للشاهد الثاني ........ بقوله ( هل تشهد مثل خويك ) ، فأجاب الشاهد بقوله نعم . ولم يدلي بالشهادة كاملة كما ذكر في الصك . وهذا فيه نقص للشهادة وعدم أداءها على وجهها وكان حرياً بفضيلة ناظر القضية أن يذكر لفظ شهادته كاملاً لعله يَستظهر منها أو المتهم مايبين الحقيقة ويظهرها وتكون عونا لبيان الحق وايضاحه .
ب – شهد الشهود على مكالمة الجوال : فقد شهد الشاهد ـ الاول والثالث بحكم أن الثاني لم يستنطق بكل الشهادة ـ بأنهما استمعا للمحادثة بين المصدر والمتهم من خلال الجوال بواسطة مكبر الصوت ،وأن المتحدث على الطرف الثاني هو المتهم ، وهذه شهادة على أمر غيبي، فالطرف الثاني على الخط لايُرى لكي يتم التأكد من شخصه ، وهذا يجعلنا نطرح عدة اسئلة اجابتها كفيلة بإيضاح الحق وهي :
* هل سبق أن تحدث الشهود مع المتهم عبر الهاتف بمحادثات طويلة ومتكرره يكون معها تيقنهم بيقين لايحتمل الشك في أن هذا هو صوت المتهم .
* حسب شهادة الشهود فإن مكالمة الجوال لم تدم سوى مدة أن سأل المصدر المتهم هل لديك حبوب فأجابه بنعم وطلب منه الحضور الى المنزل بعد نصف ساعة فهل تكفي هذه المدة الزمنية القصيرة جداً تجعل من اليقين معرفة شخصية المتصل عليه .
* لم يذكر الشهود أنه تمت كتابة محضر بالمكالمة ولم يذكر فيه من الذي قام بطلب رقم الجوال هل هو المصدر ثم فتح مكبر الصوت أو أن أحد الشهود هو الذي طلب الرقم .
* ذكر الشاهد الثالث ........... بأنه استمع للمكالمة وأن المصدر قد ذكر اسم المتهم (...... ) وقد انفرد وحده بهذه الشهادة ، ولم يذكرها الشاهدان قبله ، فبذلك تكون شهادتهما أقوى من شهادته لأن شهادة الاثنان تقدم على شهادة الواحد ، ومنه يتبين ان الشهود على خلاف في تأكيد أن الصوت هو للمتهم يقوي هذا الدفع ماشهد به الشهود الثلاثة من أنهم ( لايشكون بأن المتحدث على الطرف الثاني هو المتهم ......) ولكن عندما وجَّه لهم فضيلة ناظر القضية ـ وهذه الاسئلة لم يذكرها فضيلة ناظر القضية في صك الحكم ـ ماهي نسبة تأكدكم من أن هذا الشخص هو المتهم ....... أو غيره فكانت اجابتهم كالتالي ( الشاهد الاول ......ذكر أن نسبته 70% ) ،( الشاهد الثاني ....... التزم الصمت _ وهذا يدل على عدم تيقنه ) ، ( الشاهد الثالث ......... اعطى نسبة قريبة من الشاهد الاول ) ، من هذا يتضح أن الشهود لم يتيقنوا يقيناً قطعياً على أن المتحدث على الطرف الثاني هو المتهم ، وناقضوا شهادتهم في أول ادلائهم بها بأنهم لايشكون اطلاقاً بأنه المتهم .
ثم بعد ذلك وعند طلب القاضي منهم عندما رأى اختلافهم أن يحددوا النسبة امتنع الشاهد الثاني عن تحديدها لعدم يقينه ؛ وقد يكون يريد ابراء ذمته من الشهادة على امر غيبي قد يلبسه لابس من تقليد صوت او تشابه اصوات او تقنية استخدمها المصدر لايهامهم بأن المتحدث هو المتهم ........ ، بينما أعطى الشاهدان الاول والثالث نسبة 70% وهي نسبة لاترقى لليقين ، وفيها الثلث تقريباً عدم التأكد ومعلوم بأن الشك يفسر لصالح المتهم ، فهنا حصل تناقض بين تأكيد ، ثم تراجع معه شك لايرقى الى اليقين مع التزام الصمت من احد الشهود ، وكل هذا يدل على بطلان شهادة الشهود وأن هذه المكالمة لاأصل لها إطلاقاً ، ولايعتد بها لبناء تهمة على المتهم .
لذلك ندفع ببطلانها مع طلب اثبات هذه الشهادة في صك الحكم .
ج – نصت المادة (97) من نظام المرافعات على ( يجب أن تكون الوقائع المراد اثباتها اثناء المرافعة متعلقة بالدعوى منتجة فيها جائزاً قبولها ) .
وفسرتها اللائحة 97/3 بأن الوقائع الجائز قبولها هي : ممكنة الوقوع فلا تخالف الشرع أو العقل أو الحس .
وهذا ماينطبق على ماإدعاه المدعي العام وشهد به الشهود (بأن المتهم حدد الموعد اثناء المكالمة بعد نصف ساعة امام منزله ، فتم تفتيش المصدر وتفتيش سيارته ثم تم بعثه ) فبداية على افتراض أن المكالمة تمت في مكاتب الادارة فهل تكفي هذه النصف ساعة لتفتيش المصدر شخصياً وتفتيش سيارته تفتيشاً دقيقاً يستحيل معه أن يكون المصدر قد خبأ هذه الحبوب المخدرة في السيارة لتقديمها بعد ذلك على أنها من المتهم؟ ثم انطلاق المصدر من مقر الادارة الى منزل المتهم وخصوصاً أن موقع الإدارة في اقصى جنوب المحافظة ومنزل المتهم في اقصى شمال المحافظة مروراً بإشارات المرور والتوقف عندها .
وبذلك يتبين بطلان أن يكون تم تفتيش سيارة المصدر لأن الوقت ضيق جداً يستحيل معه اجراء كل هذه الاجراءات في هذا الوقت وهذا مايخالف العقل والحس الذي معه نؤكد أن هذه الادعاءات لاتتعلق بالدعوى ولايجوز قبولها ،وأنها غير منتجه وما بني عليها فهو باطل لبطلانها ومخالفتها لنص المادة المذكورة أعلاه .
د – ذكر الشهود بأن المصدر حينما وصل الى منزل المتهم نزل مباشرة من سيارته ، ومدّ يده للمتهم ومد المتهم يده للمصدر، وتقابضا شيئاً لم يرياه ثم ركب المصدر سيارته وانصرف من الموقع ، وهذا كله لم يستغرق دقيقة واحدة .
ومنشأ دفعنا ببطلان هذا الكلام وعدم الاعتداد به وانه من تلفيق ادارة المخدرات ومحاولتها الصاق التهمة بالمتهم ، أن هذا لايقبل تصديقه عاقل فاهم ، فإذا كان الشهود قد ذكروا في شهادتهم بأن المتهم والمصدر لم يتفاوضا عن طريق مكالمة الجوال ، وأن المتعارف عليه أن يتم التبايع ـ المفاوضة ـ في المكان الذي يحدده المروج .
فكيف يستساغ تصديق أن يأتي المصدر ويجد المتهم واقفاً ينتظره، ثم مباشرة ينزل من سيارته ، ويتمادا الأيدي لقبض شيء، دون أن يعرف المتهم كم الكمية المراد شرائها ، وهل هي متوفرة لديه وكم ثمنها ، فالمصدر وبحسب الفرقة استلم خمسون ريالاً منهم وسلمهم ثلاث حبات ، ماذا لوأن المصدر كان معه أكثر من خمسين ريالاً ويرغب في اكثر من ثلاث حبات ؟ ماذا لو أن المتهم لايملك سوى حبة واحدة ؟ كيف اطلع المتهم على الغيب وعلم بأن المصدر يحمل معه خمسون ريالاً قيمة لهذه الثلاث حبات فكان مستعداً لذلك ولم يستغرق معه الامر إلاّ أن يمد يده للمصدر فيعطيه طلبه .
إن هذا يستحيل عقلاً ،وحساً ،وشرعاً أن يتفق أو أن يصدق ، وبذلك يثبت بطلان هذه الدعوى وأنه لم يلتق المصدر بالمتهم أصلاً ـ ولو افترضنا جدلاً أنه قابل المتهم ـ فإن مدّ اليدين بين بعضهما ومباشرة بعد نزول المصدر من السيارة قد يكون للمصافحة فقط حينما رأى المصدر المتهم واقفاً في الشارع ،ثم انصرف ليوهم فرقة المراقبة أنه استلم من المتهم شيئاً قد يكون أخفاه في سيارته أو معه .
هـ - ذكر الشهود بأنهما (الشاهد الاول والثاني ) شاهدا المتهم والمصدر حينما مدا يديهما تقابضا شيئاً لم يرياه ـ علماً أن هذه شهادة الشاهد الاول فقط أمّا الشاهد الثاني فاكتفى بالموافقة على جميع شهادة الشاهد الاول ـ وهنا لابد من طرح بعض الاسئلة ليتضح الحق من خلالها وهي :
* متى كان هذا اللقاء صباحاً أم مساءً .
* اين كان موقع الفرقة عندما تم اللقاء .
* ماهي المسافة بين الفرقة وبين مكان اللقاء .
* مالذي منع افراد الفرقة من التحقق من هذا الشيء الذي تقابضاه .
* هل كان هناك من عائق بصري يحجب الرؤيا للتأكد من التقابض .
و – ذكر شهود القضية ( الاول والثاني ) بأن المصدر بعد ان ركب سيارته عاد اليهم( وتم الالتقاء به )
وتدل هذه اللفظة على أنهم التقيا بالمصدر بعد أن كان غائباً عن نظرهما ـ وهذه هي الحقيقة ـ فلم تكن هناك متابعة أو مراقبة ، وانما مكان للاتقاء ؛ لصعوبة بل استحالة ان تكون الفرقة قد اتخذت موقعاً للمراقبة دون أن يلحظها المتهم ؛ وذلك لانكشاف الشارع من طرفيه للواقف في أي جزء من الشارع ، وهذا يدل على أن حادثة اللقاء بين المصدر والمتهم لم تتم ، وأنه لم تكن هناك متابعة من الفرقة ،وإنما هي مخططات رسمها ونفذها المصدر سواء بنفسه أو بمساعدة مساعد ـ وقد تكون جميعها انطلت على افراد ادارة المخدرات ـ وتم من خلالها الايقاع بالمتهم ظلماً وعدواناً .
ز- ذكر المدعي العام والشهود بأنه تم القبض على المتهم في اليوم التالي خلف بلدية ......... :
وهذه الحقيقة الوحيدة التي تضمنتها هذه القضية، حيث أنه بعد التخطيط والتنفيذ للايقاع بالمتهم تم القاء القبض عليه وهو يكسب عيشه بالحلال عن طريق بيع المياه ،ولم تكن له حاجة في خمسين أو مائة ريال بالحرام ، ولكن السؤال الذي لابد من الاجابة عليه هو :
* مادام أن الفرقة قد شاهدت البيع والشراء والتقابض ،وتيقن لديها حصول الترويج ووجود الحيازة فلماذا لم تبادر بالقاء القبض على المتهم في حينه حتى لايفقد الدليل الذي بموجبه يتم ادانة المتهم ؟
* قد تحتج ادارة المخدرات بخوفهم من المقاومة ، فهل تمت مقاومتهم أثناء القاء القبض على المتهم في اليوم التالي ؟
* وقد تحتج ادارة المخدرات بخوفهم من انكشاف المصدر والمصدر في حالة البيع والشراء سيكون مكشوفاً للمروج سواء أرادوا أم لم يريدوا لأن المروج يعرف عادة على من باع وكم باع ، فهذه حجج داحضه لايصح معها الاحتجاج بها ؟
وندفع ببطلان القبض والتفتيش أنه لم تكن هناك حالة تلبس للمتهم من الحالات التي نص عليها نظام الاجراءات الجزائية في المادة الثانية منه والتي تنص على انه (لا يجوز القبض على أي إنسان، أوتفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً،.... )
كما نصت المادة الثلاثون من نفس النظام على التلبس بالجريمة بمايلي ( تكون الجريمة متلبساًبها حال ارتكابها، أو عقب ارتكابها بوقت قريب . وتعد الجريمة متلبساً بها إذا تبعالمجني عليه شخصاً، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعدوقوعها بوقت قريب حاملاً آلات، أو أسلحة، أو أمتعة، أو أدوات، أو أشياء أخرى يستدلمنها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيدذلك) .
كما نصت المادة المادة الخامسة والثلاثون من نفس النظام على أنه ( في غير حالات التلبس، لا يجوزالقبض على أي إنسان أو توقيفه إلا بأمر من السلطة المختصة بذلك، ويجب معاملته بمايحفظ كرامته، ولا يجوز إيذاؤه جسدياً أو معنوياً، ويجب إخباره بأسباب إيقافه، ويكونله الحق في الاتصال بمن يرى إبلاغه ).
وتمشياً مع مواد هذا النظام ونصوصه فإنه يثبت بطلان القبض على المتهم ، وبطلان ماترتب عليه من توقيف ، وسجن ، ومحاكمة . فقد كان المتهم وحسب ادعاء ادارة المخدرات لحظة التقابض بين المتهم والمصدر متلبساً بجريمته ، وهذا مسوغ نظاماً وشرعاً للقبض عليه ، وما دام أن الفرقة لم تقبض حالها على المتهم فهي بالتأكيد كانت تفتقر الى وجود هذه العملية من الاساس ، لذلك ـ أرجأت – حسب ادعاءها القبض على المتهم حتى يفقد معه المدعي الدليل المدين للمتهم بتفاوت الوقت ، وهو ماحصل عندما لم يتم العثور على أي حوزة ممنوعة أو المبلغ الحكومي .
ح – شهد الشهود بأن المصدر حينما اتصل بالمتهم قال حرفياً ( هل لديك حبوب فقال المدعى عليه نعم ) وقد شهدوا ايضاً بأنه لم يحدث تفاوض على الهاتف سوى هذه الكلمات .
وهذه الجزئية تدفعنا لتساؤل يضاف الى ماسبق ،
* هل تم هذا الكلام مباشرة من المصدر للمتهم بالاستفسار عن وجود حبوب دون أن تكون هناك مقدمات مثل الترحيب ، وتعريف المصدر بنفسه للمتهم ؟
* إذا كان حصل ذلك فلماذا لم يذكر في الشهادة ؟ ولماذا لم تحويها محاضر ادارة المخدرات ؟
* واذا كان ذلك فيدل على أن ادارة المخدرات لم تعطي الحقائق والوقائع حقها من الذكر ، كما أن الشهود قد أخفو حقائق ووقائع ملزمين بتقديمها أثناء الشهادة ، ومن هذه حاله فإنه غير مستأمن على أداء شهادة أو اتهام شخص بشيء ما ، ومعه أطلب برد هذه الشهادة وهذه الدعوى لعدم جدية الاجراءات فيها ، والقصور الواضح في اجراءاتها ، والتي معها لايصح شرعاً ولانظاماً أن تسلب حرية شخص بسبب هذا القصور الذي لايولد سوى الشك في صحة هذه الدعوى وبطلانها من أساسها .
ط – ذكر الشهود بأنه جرت العادة في عمليات البيع والشراء أن المشتري أو الراغب في الشراء لايتفاوض مع المروج عن طريق الجوال ، وإنما يبدي رغبته في الشراء والحضور ويتم التبايع في وقت وجيز .
وهذا مانستند اليه في الرد ببطلان هذه الدعوى حيث نصت المادة (97) من نظام المرافعات على ( يجب أن تكون الوقائع المراد اثباتها اثناء المرافعة متعلقة بالدعوى منتجة فيها جائزاً قبولها ) ، وفسرتها اللائحة 97/3 بأن الوقائع الجائز قبولها هي : ممكنة الوقوع فلا تخالف الشرع أو العقل أو الحس .
حيث اثبت شهود الواقعة بأن مدة اللقاء بين المتهم والمصدر لم يتعدى الدقيقة الواحدة ، وهذا يثبت عقلاً وحساً أنه لم تتم مبايعة أو تقابض أو قضية أصلاً لأن المخدرات ليست بضاعة معروضة على العلن ومحددة السعر سلفاً فيأتي المصدر ويأخذ منها مايشاء بالثمن الذي يشاءه ، وهذا ماأثبته الشهود بأن المصدر مد يده مباشرة بعد نزوله من السيارة وقبض شيئاً من المتهم لم يشاهدوه ثم انصرف ـ هكذا دون أن يعرف المتهم كم يحتاج المصدر ؟ وكم ثمن هذه الكمية ؟ وهل هي متوفرة معه أم لا ؟ فكيف يستقيم ذلك عقلاً وحساً ،
وبناءً عليه فأطالب بإنزال هذه المادة على هذه الجزئية أيضاً .
4- فيما يخص جوال المتهم :
استند حكم فضيلة ناظر القضية على وجود الجوال رقم ( ..............) واعتراف المتهم بملكيته ، كما استند اليه المدعي العام في اثبات ادانة المتهم ، ولنا مع هذه النقطة عدة وقفات آمل أن يتسع صدر فضيلتكم للنظر فيها بعين فاحصة وقياس دقيق ووضع للامور في نصابها وهي كالتالي :
أ – لم ينكر المتهم ملكيته للجوال المذكور رقمه في صك القضية ، ولم ينكر أن فرقة القبض قد عثرت عليه معه ، لكنه أفاد بأن هذا الجوال هو جوال خاص باستقبال طلبات شراء الماء وهذا الجوال قد كتب رقمه بخط واضح عريض على ثلاث جهات من الوايت ، وأن هذا الجوال يستخدم من قبل كل من يعمل على هذا الوايت سواء كان والده أو إخوته أو العامل .
ب – إن فرقة القبض وعندما لم تجد مايثبت إدانة المتهم من مبلغ مالي حكومي أو حوزة ممنوعات لم تجد لها سوى أن تستخدم ورقة الجوال ورقمه المسجل على جنبات وايت الماء تداركاً منهم للخطأ الذي ارتكبوه ،
وقد بينا في نقاط سابقة تضارب الشهود فيما بينهم في ادلة استخدام الجوال في هذه القضية وانها مما لايستقيم معه توجيه التهمة للمتهم ، فبذلك ندفع ببطلان استخدام الجوال كمسبب للحكم الشرعي الذي بنى عليه فضيلة القاضي حكمه .
ج – من المعلوم نظاماً أنه في مثل هذه الحالات فإنه يتم كتابة محضر مستقل خاص بواقعة الاتصال وذكر كل ماتم بين الطرفين في محضر يذكر فيه من قام بالاتصال وماهو الرقم المتصل به ، وكل صغيرة وكبيرة حصلت أثناء الاتصال ، ثم يتم التوقيع على هذا المحضر من قبل مباشريه ، وهذا الاجراء لم يكن موجودا .
5- فيما يخص حكم فضيلة القاضي ناظر القضية :
أ – استند فضيلة ناظر القضية على حكمه بأن المتهم من ( أرباب السوابق ) ، فماهو التعريف الشرعي والنظامي الذي معه يصح أن نطلق هذا المسمى على شخص ما ؟
فالمتهم لم يسجل عليه سوى سابقة واحدة فقط هي حيازة حبة واحدة فقط لغرض الاستعمال وحكم عليه بشهرين وكانت هذه القضية عام (1427هـ ) أي قبل أربع سنوات ، ولم يسجل عليه حتى هذه القضية أي قضية أخرى ، فهل يصح معه أن نطلق على المتهم بأنه من أرباب السوابق ؟؟
ب – إن عدم وجود سوابق أو قضايا مسجله على المتهم ـ بعد قضيته الوحيدة ـ وحتى هذه القضية هو دليل على أن المتهم ليس من ارباب السوابق أو الممتهنين للترويج أو حتى المستعملين للمخدرات ، وهذه قرينة كنا نأمل من فضيلة ناظر القضية أن يجعلها في مكانها الصحيح أنها في صالح المتهم ، وأنه دليل على سلامة سيرته ، فمن تاب تاب الله عليه .
ج – عزر فضيلة القاضي ناظر القضية المتهم على تستره على مصدر المخدرات ، وهذا يصح لو أن القضية قد ثبتت على المتهم وكان مالكاً للمخدرات ، وقد بينا دفعنا بالرد على هذه التهمة كاملة ويقيننا بأنها لم تحصل اطلاقاً وهذا واضح من مجمل النقاط السابقة ، لذا يكون هذا التعزير لاأساس له مع انتفاء ثبوت الادانة ، فكيف يصرف فضيلته النظر ــ الى جانب مادفعنا به سابقاً ـ عن ثبوت الادانة ثم يعزر المتهم على شيء لم يثبت عليه ؟؟
ثالثاً : الطلبـــات :
لقد سبقت الشريعة الاسلامية الغراء الشرائع القديمة والحديثة كلها في اقرار( أن الاصل في المتهم البراءة ) كمبدأ ثابت وكأصل من اصولها لا يقبل التغيير اوالانكار كما كان الحال في الشرائع الوضعية التي سبقتها .
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موجهاً المسلمين وقضاتهم ( ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فان وجدتم للمسلم مخرجاً فخلوا سبيله ، فإن الامام لأن يخطيء في العفو خير من يخطيء في العقوبة ) . ولا عجب فالاسلام دين الرحمة والانسانية الحقة .
ويترتب على هذه القاعدة ان الاصل هو حرية الانسان . فالجريمة امر عارض في حياة الانسان
لذلك كان الاصل فيها العدم ، والعدم يقين . وهذا امر مبني على اليقين لانه اصل . و( اليقين لا يزول بالشك ) واليقين لا يزول الا بيقين مثله اي أن الأمر المتيقن ثبوته لا يرتفع إلا بدليل قاطع ، ولا يحكم بزواله لمجرد الشك . كذلك الأمر المتيقن عدم ثبوته لا يحكم بثبوته بمجرد الشك ؛ لأن الشك أضعف من اليقين فلا يعارضه ثبوتاً وعدماً . والفقهاء يستعملون مصطلح الأصالة كثيراً فيقولون مثلاً: (أصالة الاباحة) ويقصدون بها قاعدة فقهية مفادها: أن الأصل في الأشياء الأباحة ما لم يرد نهي من الشارع عنها و(أصالة البراءة) وهي قاعدة أصولية مفادها أن الأصل براءة ذمة المكلف عن التكليف المشكوك وهكذا.
واليقين هو الإدراك الجازم الذي لا تردد فيه ، اما الشك فهو مطلق التردد . بمعنى اخر أن الإنسان إذا تحقق من وجود الشىء ثم طرأ عليه بعد ذلك شك ، هل هو موجود أم لا . فالأصل أنه موجود .وتدخل هذه القاعدة في جميع أبواب الفقه .
ومن ادلة القاعدة قوله تعالى ( وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئا ) . كما ان اليقين أقوى من الشك، لأن في اليقين حكماً قاطعاً فلا ينهدم بالشك . وهذا دليل عقلي .
ويتفرع من هذه القاعدة الكلية عدة قواعد منها :
1ـ الاصل بقاء ما كان على ما كان ، اي لزوم حكم دل الشرع على ثبوته ودوامه .
2ـ الاصل براءة الذمة اي أن الإنسان بريء الذمة من وجوب شيء أو لزومه ، وان مشغولية ذمته تأتي خلاف الأصل . قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ( البينة على المدعي واليمين على من أنكر ) .
فالمدعي متمسك بخلاف الأصل ولذا تلزمه البينة . ومن تطبيقاتها العملية ، من أدعى على شخص مالاً لم يلزم المدعى عليه أن يحضر بينة لأن الأصل براءة ذمته مما ادعي عليه . وعلى المدعي أن يحضر البينة حتى يُحصِّل ما ادعاه .
3ـ ما ثبت بيقين لا يرتفع الا بيقين فمن عليه دين وشك في قدره لزمه إخراج المتيقن به براءة للذمة . ومن شك هل طلق أو لا ؟ لم يقع الطلاق ، لأن النكاح ثابت بيقين ولا يرتفع إلا بيقين . (هذا في اطار الاحكام الشرعية واحكام المعاملات.(
ومن هذه الأصول المتقدمة استنبط الفقهاء المسلمون افتراض براءة الجسد من الحدود والقصاص والتعازير ، واستخلص من هذه القاعدة أيضا ، القاعدة الدستورية الجنائية ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ) .
اما في نطاق القانون الجنائي الاجرائي وقياساً على ما تقدم فان الاصل في المتهم البراءة ولا يزول هذا الاصل الا بيقين اي بدليل قاطع .
ويترتب على مبدأ اصل البراءة النتائج التالية :
تترتب على مبدأ أصل البراءة عدة نتائج بالغة الأهمية، هي:
اولاً : لا يرغم المتهم على اثبات برائته وبخلافه يعتبر مذنبا ، لأن الاصل فيه انه بريء .
فيقع عبء اثبات التهمة على عاتق سلطة التحقيق او الاتهام وفقاً لقواعد الاثبات في القضايا الجزائية ، ولا يلتزم المتهم بتقديم اي دليل على براءته ولا يجوز اعتبار ذلك دليلا على ارتكاب الجرم ، وكذلك الحال عند التزامه الصمت ، الا ان له الحق في أن يناقش ألادلة التي تتجمع ضده وان يفندها او ان يشكك في قيمتها . كما له ان يقدم طواعية اية ادلة تثبت برائته . او ان يعترف بالتهمة .
كما ان مهمة قاضي التحقيق او الادعاء العام او المحكمة المختصة لا تقتصر على اثبات التهمة فهي في النهاية اجهزة من اجهزة العدالة مهمتها الاصلية اثبات الحقيقة ، ذلك ان فكرة العدالة لا يمكن ان تبنى على الوهم او القناعات الزائفة . ومن ثم ينبغي على هذه الاجهزة العدلية ان تتحرى عن هذه الحقيقة من خلال تدقيق وتمحيص الادلة ، وعملية التحري هذه تدور حول التحقق مما اذا كانت هناك ادلة كافية يمكن ان تدحض اصل البراءة من عدمها .
وفي نطاق موانع العقاب او اسباب الاباحة كالدفاع الشرعي عن النفس اوالمال او عن نفس او مال الاخرين ، فانه يجب على المتهم ان يتمسك بالدفع بمانع العقاب او سبب الاباحة دون ان يلتزم بأثبات صحته الا طواعية لأن الاصل في الاشياء الاباحة . كذلك الحال بالنسبة لكل دفع يدفع به المتهم لو صح لتخلفت اركان الجريمة .
ثانياً: الشك يفسر لصالح المتهم لانه يقوي اصل البراءة فيه والاصل لايزال الا بيقين .
فأذا شك القاضي في ان المتهم قد اتى الفعل او لم يأته بناءا على ادلة غير كافية او كان يناقض بعضها البعض، فالأصل انه لم يأته .
واذا شك ان كان قد اتاه استعمالا لحق ام عدوان فالاصل انه استعمالا لحق تأكيداً لاصل البراءة .
واذا كانت الوقائع المسندة للمتهم ثابتة الا انه قام شك في تكييفها هل هي سرقة ام خيانة امانة ام حيازة مال مسروق مثلا ، فالعبرة بالوصف الاخف لانه القدر المتيقن .
ثالثاً : اي ضعف في الادلة يقوي اصل براءة المتهم ولاتفترض ادانته ولاتجوز ادانته بناءا على اعتقاد قوي وانما بناءا على الجزم واليقين .
إن الجمع بين مبدأ أصل البراءة مع مبدأ ان الحكم بالإدانة لا يكون الا بناءاُ على الجزم واليقين يترتب عليه أن يكون هناك فرق جوهري بين الحكم بالإدانة والحكم بالبراءة ، فحكم الإدانة يجب أن يبنى على الاقتناع بأدلة الإثبات ، بينما يكتفي بالنسبة لحكم البراءة أن يؤسس على الشك في الاقتناع بهذه الأدلة .
رابعاً : لايجوز ادانة المتهم بناءا على قول المدعي وحده .
لأن المدعي يدعي خلاف الاصل والمتهم محصن بأصل براءته وبالتالي فالقول قوله لموافقته هذا الاصل وفي ذلك يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( لو يعطى الناس بدعاواهم لادعي ناس دماء رجال واموالهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من انكر ) .
خامساً: يجوز الاستناد الى دليل استخلص او تم الوصول إليه بطريق غير قانوني للحكم بالبراءة ، بينما لا يجوز الاستناد إليه للحكم بالإدانة ، حسب الأصل .
سادساً: تعد مخالفة جسيمة ان تتضمن قرائن تتعارض مع اصل البراءة .
كاعتبار فعل او سلوك قرينة اثبات على ارتكاب الذنب مما يرتب على المتهم التزاماً بدفع هذه القرينة ابتداءاً ، لان اصل البراءة كمبدأ شرعي يجب ان يغطي كل الاجراءات وكل مراحل الدعوى الجزائية ، ولا يجوز نقض هذا الاصل الا بادلة جازمة تتكون بواسطتها عقيدة المحكمة .
من هذا كله فإن المدعى عليه يطلب إلغاء الحكم محل الدفع للقصور في التحقيقوللعيوب التي شابت محاضر القبض والتفتيش ، وكذلك للعيوب التي شابت شهادة الشهود ، ولكل ما ذكر منعيوب وأسباب نلتمس منفضيلتكم الحكم ببراءة المتهم مما نسب اليه باطلاً ، والافراج عنه فوراً .
نسأل الله العلي القدير أن يحق الحق والعدلعلى أيديكم ، وأن ينير بصائرنا للوقوف على الحق واتباعه .
والله يحفظكم من كل مكروه
لست بمتخصص في هذا الشأن ولكن لوجود قضية لقريب لي دفعني للقراءة والبحث في هذا الباب فقمت بكتابة لائحة اعتراضية على حكم شرعي فأحببت أخذ رأيكم فيها وملاحظاتكم قبل تقديمها
شاكراً لكل من ساهم برأي أو فكرة تفيد الموضوع :
بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ14/7/1431هـ
( لائحة اعتراضية على الصك الشرعي رقم ../1 بتاريخ ../7/1431هـ الصادر من المحكمة العامة .......)
مقدم الاعتراض ( المتهم / .........................................)
صاحب الفضيلة رئيس المحكمة العامة بمحافظة سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،وبعد ...
أتقدم لفضيلتكم بهذه اللائحة الاعتراضيةعلى الحكم رقم) ../ 1 )وتاريخ :../7/1431 هـ الصادر من صاحب الفضيلة الشيخ : ....... القاضي بالمحكمة العامة ........ورئيس المحكمة العامة ..........
أولاً : وقائع الاعتراض:
يمكن تلخيص الوقائع التي توصلت إليها المحكمة بإيجازفي أنه بتاريخ 14/ 2 / 1431هـ تم القبض على المتهم .............................من قبل فرقة المكافحة بمخدرات ...........بعد التنسيق معه على الهاتف الجوال رقم( ............ ) وبمسمع من الفرقة وطلب المتهم من مصدر المخدرات الحضور الى منزله وبعد تفتيش المصدر وسيارته تم تزويده بمبلغ خمسون ريالا وجرى متابعة المصدر حتى قابل المتهم وكان المتهم مترجلا وتحدثا وبعدها غادر المتهم الى منزله وسلم المصدر عدد ثلاث حبات تحمل علامة الكبتاجون المحضورة وجرى القبض على المتهم في مواقف الماء خلف البلدية وبتفتيشه عثر على مبلغ مالي ليس من ضمنها المبلغ الحكومي كما عثر بحوزته على الجوال المذكور رقمه اعلاه وقد اثبت التقرير الكيماوي ايجابية المضبوطات لمادة اللافتيامين المحضور وباستجوابه انكر ترويجه للحبوب المحضورة وبالبحث عن سوابقه وجدت سابقة واحدة مخدرات وقد اسفر التحقيق عن ادانته بترويج ثلاث حبات محضورة للادلة التالية :
- ماتضمنه محضر الشراء والقبض المعد من الفرقة القابضة .
- قيامه بعملية الترويج تحت نظر ومسمع الفرقة القابضة .
- اقراره بأن الجوال عائد له وهو المستخدم في عملية الترويج .
- انكاره للترويج ماهي الا محاولة منه للافلات من العقوبة .
- وجود سابقة مخدرات على المذكور .
- ماتضمنه التقرير الكيماوي من ايجابية العينة المرسلة لمادة اللامفيتامين .
وقد انكر المتهم جميع مانسب اليه وما ادعى به المدعي العام بمخدرات ........سوى السابقة التي كانت عام 1427هـ وهي سابقة استعمال حبة واحدة وانه منذ ذلك الوقت وهو تائب الى الله ولم تسجل عليه بعدها اي مخالفة .
وقد طلب صاحب الفضيلة ناظر القضية بينة المدعي العام الذي افاد بأن مالديه سوى ماذكر في لائحة الادعاء ، فطلب منه احضار شهود محضر الواقعة ، وقد شهدوا بأن المتهم قال حرفيا عندما سأله المصدر عن طريق الجوال (هل لديك حبوب قال : نعم وطلب منه الحضور الى منزله بعد نصف ساعة ) ، وتم بعث المصدر وعندما وصل الى منزل المتهم نزل من سيارته ومباشرةً مدّ يده للمتهم ومدّ المتهم يده للمصدر وتقابضا شيئا لم يشاهدوه ، ثم عاد المصدر لسيارته ولم يستغرق الامر اكثر من دقيقة ، ثم عاد المصدر للفرقة والتقى بهم وسلمهم ثلاث حبات، ذكر انه استلمها من المتهم ، وبعد يوم من الواقعة جرى القبض على المتهم ولم يوجد بحوزته المبلغ الحكومي وعثر معه على الجوال المستخدم في العملية ، وان الصوت الذي تم التنسيق معه لانشك بأنه صوت المتهم .
وقد انكر المتهم هذه الشهادة ، فطلب فضيلة ناظر القضية من المدعي العام للمخدرات زيادة بينة ، فأحضر شاهد ثالث شهد بسماعه للمكالمة وانه لايشك في ان الصوت الذي تم التفاوض معه هو صوت المتهم بالاضافة الى ان المصدر كان يخاطب المتهم باسمه خالد ، وقد انكر المتهم هذه الشهادة بدليل ان الشهود لم يذكروا بأن المصدر فاوضه على العدد المطلوب والمبلغ وأن التسليم والاستلام حصل مباشرة ، فتم عرض هذا الكلام على الشهود فأفادوا بأن العادة جرت على ان التفاوض لايتم عن طريق الجوال وانما يبدي الراغب في الشراء رغبته واذا كان لدى المروج طلبه يطلب منه الحضور ويتم التبايع في وقت وجيز .
وقد انكر المتهم هذا الكلام ، فطلب ناظر القضية من المدعي العام زيادة بينة ، فأفاد بأنه ليس لديه سوى ماورد في لائحة الادعاء ، كما افاد المتهم بأن هذا الجوال مشاع الرقم وانه مكتوب بالخط الواضح البين على سيارته الوايت المخصص لبيع المياه وان هذا الجوال يتم استعماله من قبل والده واخوانه والعامل .
وبالاطلاع على الحكم في السابقة على المتهم وجد انها حيازة حبة واحدة لقصد الاستعمال وانه حكم عليه فيها بالسجن شهرين والجلد ثمانين جلدة ومنع من السفر سنتين وقد صدر الحكم في عام 1427هـ .
وقد حكم فضيلة ناظر القضية بتوجه التهمة القوية على المتهم بترويج ثلاث حبات من حبوب اللامفيتامين المحضورة وتستره على مصدرها للاسباب التالية :
1- ماتقدم من الدعوى والاجابة .
2- شهادة الشهود .
3- التقرير الكيماوي .
4- كون المتهم من ارباب السوابق .
5- اقرار المتهم بعائدية الجوال له والعثور عليه معه .
وأصدر فضيلته الحكم على المتهم في هذه القضية بالتالي :
اولا ً : السجن لمدة ثلاث سنوات اعتبارا من تاريخ توقيفه .
ثانياً : جلده ثلاثمائة جلدة مفرقة على ست دفعات .
ثالثاً : صرف النظر عن طلب المدعي العام اثبات الادانة والحكم بماورد في نظام مكافحة المخدرات ، واعادة المبلغ الذي استلمه في عملية الترويج وذلك لأن البينة لاترقى الى اثبات الادانة لعدم شهادة الشهود للمُسَلَّم والمُسْتَلم بين المتقابضين ، ولعدم توفر القرائن المؤيدة لما ورد في الشهادة .
صاحب الفضيلة :
قبل الخوض في أسباب الاعتراض لابد من التعرض للعيوب الإجرائية التي صاحبت إجراءات هذهالقضية وهي عيوب جوهرية ارتكبتها هيئة المحكمة الموقرة، وسأذكرها على النحوالتالي:-
1- نصت المادة (119) من نظام المرافعات على (ان تسمع شهادة كل شاهد على انفراد بحضور الخصوم وبدون حضور باقي الشهود الذين لم تسمع شهادتهم ، على ان تخلفهم لايمنع من سماعها) .
ونصّت كتب الفقه على أن يؤدي الشاهد ما تحمله من الشهادة مصرحاً به بلفظه ، فلا يقبل من الشاهد أن يقول : أشهد بمثل ما شهد به هذا الشاهد ، بل لا بد من تصريحه هو بما تحمله وقت أدائهالشهادة .
وقد قام فضيلة ناظر القضية بالاستماع لشهادة الشاهد .......... أولاً بحضور الشاهد الثاني ............. والذي كان جالساً بجواره ، ويستمع لشهادة الشاهد الاول ثم سؤال القاضي له هل شهادتك هي نفس شهادة زميلك ؟ فأجاب بنعم ، دون أن يستمع الى شهادته مفصّلة وبنطق لسانه ، وهو مخالف للمادة (169) من نظام الاجراءات الجزائية التي تنص على (أن تؤدى الشهادة في مجلس القضاء وتسمع شهادة الشهود كل على حدة ، ويجوز عند الاقتضاء تفريق الشهود ومواجهة بعضهم ببعض) .
ومعلوم بأن وجود الشهود مع بعضهم البعض قد يؤدي الى ان ينقل الشاهد التالي من السابق وقائع شهادته من كلام ذلك الشاهد ، فكيف وقد صمت الشاهد واجاب بنعم فقط ، وفي هذا اهدار لحق المتهم الذي قد يستفيد من سماع كامل الشهادة من الجميع ؛ لغلبة أن يحصل اختلاف في الشهادة قد تقوي موقفه في الدفاع عن نفسه.
2- بحسب المادة (62) من نظام المرافعات وكما جاء في اللائحة 62/1 مانصه ( يجب ضبط كل مايدلي به الخصوم شفوياً مما له علاقة بالدعوى ) ، وكذلك المادة (123) من نظام المرافعات والتي تنص على ( تثبت شهادة الشاهد واجابته عما يوجه له من اسئلة في دفتر الضبط بصيغة المتكلم دون تغيير فيها ) .
فقد طرح فضيلة ناظر القضية سؤالاً على الشهود ) ماهي نسبة تأكدكم من أن هذا هو الشخص أو غيره ) فأجاب الشاهد ........... بأن نسبة تأكده هي 70% بينما التزم الشاهد الثاني ........... الصمت وذكر الشاهد الثالث ........... نسبة تقارب نسبة عبدالرحمن بن سعد ، ولم يقم فضيلته بذكر هذه الشهادة وضبطها ، ومن المعلوم أنه في مثل هذا الشك وهذا التناقض تقوية لموقف المتهم في مواجهة دعوى المدعي العام وردها .
3- ذكر فضيلة ناظر القضية ان من مسببات حكمه هو أن المتهم من أرباب السوابق ؛ والمتهم لم يثبت عليه وجود سوابق سوى سابقة واحدة وهي حيازة عدد حبة واحدة بقصد الاستعمال ، فلا يصح معها أن يوصف المتهم بأنه من أرباب السوابق وهو ما شدد الحكم من فضيلته ، فأرباب السوابق هم المتكرر منهم ارتكاب المحضور والمعاقبة عليه ، وهذا لايتوفر في المتهم ، الى جانب أن هذه السابقة الوحيدة كانت قبل اكثر من اربع سنوات .
ثانياً : أسباب الاعتراض علىالحكم محل الطعن :
1- مايخص المصدر :
أ – عدالة المصدر : من المعلوم يقيناً بأن المصادر السرية التي تستعين بها ادارة المخدرات للايقاع بالمروجين هم من مستعملي ومروجي المخدرات ، فعندما يتم القبض على احدهم يتم عرض التعاون منه مقابل اطلاق سراحه ، او تخفيف محكوميته ، فيقوم هذا المصدر بانتقاء احد الاشخاص سواء كان صديقاً أو حتى شخص بينه وبينه عداوة ، فيذكر اسمه او يوحى اليه بالاسم من قبل افراد المخدرات ، فيذهب المصدر ويكفيه ان يقابل ذلك الشخص حتى وان كان قد بيت النية على ان ينقذ نفسه بأي طريقة غير مشروعة ، فيكون قد اخفى هذه المحضورات في مكان ما اوفي سيارته ثم يعود للفرقة المتابعة فيقول تم الشراء ، وهذا مايثبته ان كثيراً من القضايا لايتم العثور مع المتهم على المبلغ الحكومي او الحوزة ، وانما يتم بعد ذلك اللجوء لشهادة الفرقة المتابعة التي لاتثبت استلام وتسليم المبلغ والمخدرات .
وهذا ما قد ينطبق على مصدر هذه القضية حيث لايعقل ان يأتي رجل مستقيم السيرة الى اي شخص لطلب مخدرات منه ، لذلك فإن ما إدعاه المصدر من البيع والشراء والتسليم والقبض هو ادعاء باطل لااساس له سوى انه يريد انقاذ نفسه من مصيبة قد نزلت به ، وهو بهذا ايضاً فاقد للعدالة التي تجعل كلامه مقبولاً مسلماً به .
ب- تفتيش السيارة : ذكر المدعي العام وكذلك الشهود بأنه تم تفتيش المصدر وتفتيش سيارته قبل بعثه للمتهم ، وهذا الامر لم يتم اطلاقاً للاسباب التالية :
* أنه وبحسب شهادة الشهود أن المتهم اعطى موعداً بعد نصف ساعة من المكالمة لمقابلته عند منزله ، ثم توجه مباشرة للمتهم . فمتى تم تفتيش السيارة - اذا سلمنا بتفتيش الشخص لسهولة هذا الامر ـ واين تم التفتيش ؟ ومن الذي قام بالتفتيش ؟ وكم هي المدة المستغرقة في التفتيش والتي تجعل التفتيش دقيقاً بحيث يتجنب معه الخطأ في ظلم المصدر للمتهم او الايقاع به ؟ وهل اعد محضر بالتفتيش في حينه ؟ ولماذا لم يرفق ويعرض على المتهم في مجلس القضاء ؟
ومايدفع ببطلان هذا السبب ً أن المسافة بين ادارة المخدرات ومنزل المتهم تستغرق أغلب هذا الوقت إن لم يكن كله ، وهذا دليل على ان الفرقة لم تقم بتفتيش السيارة ، وانما عندما سمعوا الموعد ـ حسب زعمهم ـ قاموا مسرعين ليغتنموا فرصة القبض على المتهم وهذا يمكن ادراكه حساً وعقلا .
ج - متابعة المصدر : ذكر المدعي العام (انه تمت متابعة المصدر الى ان قابل المتهم ) وذكر الشهود من الفرقة المتابعة (انه تم بعث المصدر الى المتهم ) واضاف الشهود ( رأينا المصدر يتوقف بسيارته في الزمان والمكان المحددين ) وأدفع ببطلان هذا الكلام لمخالفته الواقع والحس للاسباب التالية :
* الاختلاف بين ماذكره المدعي العام وماذكره الشهود فقد ذكر المدعي العام ( تمت متابعة المصدر ) والشهود ذكروا ( تم بعث المصدر ) ويتضح الفرق بين المتابعة والبعث ؛ فالمتابعة تلزم أن يكون المتابع سائراً خلف المتبوع ويتتبع حركته ، والمبعوث هو الذي ينطلق بنفسه لتنفيذ أمر ثم العودة الى من بعثه ، وهذا ينطبق على واقعة المصدر مع الفرقة ؛ حيث أنها بعثته ولم تتابعه . ويدل على هذا الامر ماشهد به الشهود بعدها بأنهم ( رأو المصدر يتوقف بسيارته في الزمان والمكان المحددين ونزل للمتهم ) وهذا يدل على انه لم تكن هناك متابعة ـ وإذا سلمنا بأنهم رأو المصدر يتوقف بسيارته ـ فهذا يدل دلالة واضحة على أنهم سابقين له في الوصول الى المكان المحدد ، ومعه تنتفي مقولة المتابعة التي تنتفي معها وجود الأمان والإطمئنان أن المصدر لم يبيت النية في ايقاع المتهم في جرم لم يرتكبه لغرض انقاذ نفسه .
كما يعضد هذا القول بأن الفرقة لم تتابع المصدر لأنهم وبشهادتهم قالوا حرفياً (ثم عاد الينا المصدر وتم الالتقاء به ) وهذا صحيح لأنهم لم يتابعوه ، ولم يشاهدوه يقابل المتهم وإنما كان لهم مكان التقاء حددوه سابقاً أو بعد ادعاء المصدر بأنه تسلم المخدرات فاتصل بهم لتحديد مكان مقابلته مع الفرقة ، وهذه تدل عليها كلمة ( تم الالتقاء به ) وهي تدل على لقاء بعد انقطاع عن النظر .
كما يعضد ان الفرقة لم تتابع المصدر موقع منزل المتهم بحيث أن للعارف بموقعه يتأكد بما لايدع مجال للشك أنه ينتفي أن تكون هناك مراقبة دون أن ينكشف المراقِب من المراقََب وذلك لأن الشارع الذي يقع فيه منزل المتهم لايتعدى طوله المائة متر وله مدخلين من الشمال والجنوب ومنزل المتهم يقع في نهاية الثلث الاول الشمالي فلو كانت الفرقة متواجده للمراقبة للاحظها المتهم بكل سهولة سواء كانت في الجهة الشمالية أو الجنوبية ، مع عدم وجود موانع سواء طبيعية كانحناء في الشارع أو طارئة كسيارات أو خلافه لانكشاف الشارع كاملاً .
كما يقوي رد مقولة المتابعة أنه ـ لو أخذنا بها جدلاً ـ فإنه يصعب جداً أن تكون هناك متابعة لأن الداخل الى الشارع لو كانت خلفه سيارة أخرى تمشي خلفه لانكشفت ووضحت وذلك لأن الداخل الى الشارع سيجد نفسه مباشرة أمام منزل المتهم حيث لايبعد سوى اربعون متراً عن بداية الشارع فإذا كانت هناك سيارة مراقبة تتابع المصدر فمن المسلم به أن لاتكون خلفها مباشرة وإلا كشفت من المتهم وستكون على أقل تقدير في مرمى النظر والتي تقدر على أقل تقدير بـ 100 متر تقريباً إن لم تكن أكثر أو أقل قليلا وفي هذه الحالة أنه في حال دخول المصدر الى الشارع فلن تستطيع ملاحظته وهو يقف مباشرة عند منزل المتهم مما يدفع ببطلان شهادة الشهود بأنهم رأو المصدر يتوقف عند منزل المتهم .
ومنها يتضح بأنه لم تكن هناك متابعة للمصدر وإنما بعث للمتهم لإحظار المخدرات ولم يكن تحت سمعهم ولا بصرهم وانما اتخذوا موقعاً سواء كان مقر ادارة المخدرات او مكان آخر لانتظار عودة المصدر.
وبهذا يتبين بطلان ما ادعاه المدعي العام والشهود في المتابعة فيكون باطلاً ومابني عليه باطلا . لإمكانية أن يكون المصدر قد رتب لهذا الامر بنفسه وأراد ايقاع أي شخص من أجل الخروج من مأزقه ولكسب ود ادارة المخدرات للتخفيف عنه .
د – التناقض بين دعوى المدعي العام والشهود في أن المدعي العام قال في لقاء المصدر بالمتهم ( حتى قابل المروج وكان المروج مترجلا وقابله المصدر وتحدثا ) بينما جاء في شهادة الشهود ( نزل المصدر للمتهم حيث كان واقفا وبعد نزول المصدر من سيارته مباشرة مدّ يده للمتهم ومدّ المتهم يده للمصدر وتقابضا شيئا لم اشاهده ثم عاد المصدر الى سيارته ولم يستغرق الامر اكثر من دقيقة ) .
فكيف يحصل التحادث والتحادث هو تجاذب اطراف الكلام بين اخذ ورد وبين انهما مدّا يداهما مباشرة لبعضهما ، ومن وقوف المصدر الى ركوبه سيارته وانطلاقه مرة اخرى في اقل من دقيقة واحدة اشتملت على التوقف وتأمين السيارة وفتح الباب والنزول ومد اليد ثم ركوب السيارة مرة اخرى وقفل بابها وتحريكها فهل يستغرق هذا دقيقة واحدة او اكثر!! واين وقت التحادث الذي يدعيه المدعي العام ؟ وكم استغرق هذا الحديث الذي لابد انه يشمل التبايع كما سيرد في الدفوع القادمة ؟ .
من هذا يتضح أن إدّعاء احدهما ( المدعي العام – الشهود ) باطلاً إن لم يكن كليهما فقد افتريا على المتهم سواء بقصدٍ أو وقعا تحت مكر وخداع مصدرهما السري الذي هو اصلا فاقد للاحساس بالذنب او مراقبة الله
هـ - الدفع برد صحة اتهام المدعي العام بتناقضه مع نفسه ومع شهود الواقعة حيث ذكر في دعواه ( وكان المروج مترجلا وقابله المصدر وتحدثا وبعدها غادر المروج الى منزله وسلم المصدر عدد ثلاث حبات ) بينما لم يذكر الشهود وهم الفرقة التي كانت تراقب الوضع كاملا ـ على فرض صحة مراقبتهم ـ أن المتهم غادر للمنزل .
فكيف عرف المدعي العام بأن المتهم غادر للمنزل ومن أعد المحضر بالمراقبة - وهم من شهد لـ الله امام ناظر القضية بأن يذكروا كامل الواقعة - كيف أغفلوها ولم يذكروها فهل يتم الاخذ بقول المدعي العام او تصديق الشهود في شهادتهم ؟ وما ذلك الادليل واضح بعدم صحة الواقعة وان هذه التهمة ملفقة تلفيقا واضحا
كما أن المدعي العام ذكر بأنه بعد لقاء المصدر بالمتهم وبعد التحادث ( غادر المروج الى منزله وسلم المصدر ثلاث حبات ) فهل تم تسليم المخدرات سابق لمغادرة المروج الى المنزل ؟ أو أن المروج بعدما غادر الى المنزل عاد وسلم المخدرات ؟
فإذا كانت الاولى فيتضح التناقض في ما ادعاه المدعي العام وهو دليل على ضعف موقفه ، وان هذه التهمة هي من نسج خيالهم في الادارة ؟ فكيف يذهب المروج الى المنزل ومن ثم يسلم المخدرات دون أن تلاحظه فرقة المراقبة وتشهد بذلك ؟
وان كانت الثانية فهي أطم وأعظم من الاولى فأين كان هذا من مراقبة فرقة المتابعة وهم الذين اثبتوا بشهادتهم أن المصدر نزل من السيارة وقابل المتهم في دقيقة أو أقل ثم انصرف ،
وبهذا يتضح بطلان هذه التهمة وتنسفها هذه النقطة وماقبله ومابعدها نسفاً معه يظهر الحق ويزهق الباطل .
2- مايخص ادلة المدعي العام :
استند المدعي العام في دعواه على ادانة المتهم بـ 6 أدلة بنى بعضها على بعض وسوف أعرض الى الدفع ببطلان دعواه وادلته كالتالي :
أ – ماتضمنه محضر القبض والتفتيش المعد من الفرقة القابضة : فماذا تضمن هذا المحضر سوى محاولة تلبيس المتهم بهذه الجريمة بأي شكل من الأشكال حتى لو كانوا هم من تعرض للخداع من قبل مصدرهم السري ؛ حيث أن محضر القبض والتفتيش لايدين المتهم بأي شيء سوى أنهم وجدوا المتهم خلف بلدية ...... في المواقف المخصصة لبيع المياه وانهم وجدوا مبلغاً ليس من ضمنه مبلغهم الحكومي كما عثروا على الجوال الخاص بالمتهم . فهل اشتمل المحضر على المقاومة أو محاولة الهروب أو وجود المبلغ الحكومي أو حيازة مخدرات ؟ فإذا لايعدوا أن يكون المحضر سرداً لواقعة لاتثبت ادانة للمتهم ولاتصفه بوصف يثبت معه ادانته .
ب – قيامه بالترويج تحت نظر ومسمع الفرقة :وهذا الدليل قد بينا بطلانه ودفعنا برده وطرحه بحسب النقاط السابقة فلا يثبت أن المتهم قام بالترويج اصلاً ، فضلا على ان يكون تحت سمع وبصر الفرقة التي لم تكن مراقبة اطلاقاً للمتهم والمصدر، ولاتستطيع اثبات هذا الامر فبذلك يكون هذا الدليل كعدمه بل هو دليل على براءة المتهم .
ج – اقرار المتهم بالجوال المستخدم في عملية الترويج : وهذا الدليل سنبين بإذن الله انه لاأصل له ولايعتد به في النقاط اللاحقة .
د – انكار المتهم للترويج محاولة للافلات من العقوبة : سبحان الله فهل يريد المدعي العام أن يعترف المتهم بذنب لم يرتكبه لكي لايكون ذلك دليل على ادانته ! وكان الاولى بالمدعي العام وادارته أن يتقنوا عملهم على الوجه الذي لايجعل هناك مجال لاعتراف مذنب بذنبه باكراه او بغيره ، فالمتهم متيقن ببراءته ويصرخ بها عالياً فهو وقع بين كماشتي سوء النية والقصد من قبل رجال المكافحة وبين مصدر يريد الافلات بعقوبة ستطاله ولو على حساب بريء ، وكما يقال في المثل الشعبي الدارج ( شنبي ولا ألف شنب ) ، فانكار المتهم لهذه التهمة من واقع أنه يرى نفسه بريئاً منها ، وعلى من اتهمه أن يثبت هو ادانته .
لذلك يعتبر هذا الدليل باطلاً عقلاً وشرعاً وحساً .
هـ - وجود سابقة مخدرات على المتهم : إن السابقة التي يتشبث بها المدعي العام ويجعلها دليلا على اثبات التهمة على المتهم هي سابقة واحدة قبل اكثر من اربع سنوات عام 1427هـ وهي حيازة حبة واحدة بقصد الاستعمال، وتمت معاقبته عليها وتطهيره شرعاً من اقترافه للخطأ ، ولا يعني هذا أن نعلق مثل هذه السابقة على رقبة كل مذنب ونستلها في كل حين ، فقد أخطأ خطأ واحد ولم يتكرر ذلك منه بعدها ، ولم يثبت عليه مايقدح في سلوكه وتصرفاته .
لذا من الخطأ بل من الحيف ان نستدل على اتهام شخص من خلال سابقة واحدة يتيمة لنجعلها سيفا مسلطا على رقبتة حتى وان تاب الى الله وصلح حاله .
و – استدل المدعي العام على ادانة المتهم بالترويج بايجابية العينة : وهذا دليل مستقيم في حالة واحدة وهي ثبوت ادانة المتهم بالترويج ، وفي حال عدم ثبوت الادانة فلايعتد بايجابية العينة او سلبيتها لانها لاتخص المتهم بشيء .
3- فيما يخص الشهود :
تركز توجيه التهمة القوية من فضيلة ناظر القضية للمتهم في هذه التهمة بناء على اقوال الشهود فهم الركيزة الاساسية في هذه القضية ، ولنا مع الشهادة والشهود نقاط عدة نثبت فيها عدم سلامة شهادتهم وانقطاعها من وجوه، وتضادها من وجوه اخرى ، مما ندفع به ببطلان هذه الشهادات وعدم الاعتداد بها بأي وجه من الوجوه ، والمطالبة بمعاقبتهم على هذه الشهادات الجائرة ونوضح ذلك من خلال :
أ – استماع شهادة الشهود : نصت المادة رقم (119) من نظام المرافعات على مايلي ( تسمع شهادة كل شاهد على انفراد ....) ، ونصت المادة (123) من نفس النظام على مايلي ( تثبت شهادة الشاهد واجابته عما يوجه له من اسئلة في دفتر الضبط بصيغة المتكلم دون تغيير فيها ) ، وقد نصت كتب الفقه على أن يؤدي الشاهد ما تحمله من الشهادة مصرحاً به بلفظه ، فلا يقبل من الشاهد أن يقول : أشهد بمثل ما شهد به هذا الشاهد ، بل لا بد من تصريحه هو بما تحمله وقت أدائهالشهادة .
وقد أغفل فضيلة ناظر القضية هذه المواد والتي كان من الممكن في السير عليها طاعة لولي الامر أن يتضح من الشهادة أمور أخرى تساعد على جلب البراءة للمتهم من هذه الدعوى الباطلة .
فقد حضر الشاهدان ............ و............ بطلب من المدعي العام بصفتهما فرقة المراقبة والقبض فعند حضورهما الى مجلس القضاء ابتدأ القاضي بسؤال الشاهد ......... عن شهادته بحضور الشاهد الثاني الذي كان جالساً بجواره وبعد انتهاء الشاهد الاول من شهادته وجه فضيلة القاضي سؤاله للشاهد الثاني ........ بقوله ( هل تشهد مثل خويك ) ، فأجاب الشاهد بقوله نعم . ولم يدلي بالشهادة كاملة كما ذكر في الصك . وهذا فيه نقص للشهادة وعدم أداءها على وجهها وكان حرياً بفضيلة ناظر القضية أن يذكر لفظ شهادته كاملاً لعله يَستظهر منها أو المتهم مايبين الحقيقة ويظهرها وتكون عونا لبيان الحق وايضاحه .
ب – شهد الشهود على مكالمة الجوال : فقد شهد الشاهد ـ الاول والثالث بحكم أن الثاني لم يستنطق بكل الشهادة ـ بأنهما استمعا للمحادثة بين المصدر والمتهم من خلال الجوال بواسطة مكبر الصوت ،وأن المتحدث على الطرف الثاني هو المتهم ، وهذه شهادة على أمر غيبي، فالطرف الثاني على الخط لايُرى لكي يتم التأكد من شخصه ، وهذا يجعلنا نطرح عدة اسئلة اجابتها كفيلة بإيضاح الحق وهي :
* هل سبق أن تحدث الشهود مع المتهم عبر الهاتف بمحادثات طويلة ومتكرره يكون معها تيقنهم بيقين لايحتمل الشك في أن هذا هو صوت المتهم .
* حسب شهادة الشهود فإن مكالمة الجوال لم تدم سوى مدة أن سأل المصدر المتهم هل لديك حبوب فأجابه بنعم وطلب منه الحضور الى المنزل بعد نصف ساعة فهل تكفي هذه المدة الزمنية القصيرة جداً تجعل من اليقين معرفة شخصية المتصل عليه .
* لم يذكر الشهود أنه تمت كتابة محضر بالمكالمة ولم يذكر فيه من الذي قام بطلب رقم الجوال هل هو المصدر ثم فتح مكبر الصوت أو أن أحد الشهود هو الذي طلب الرقم .
* ذكر الشاهد الثالث ........... بأنه استمع للمكالمة وأن المصدر قد ذكر اسم المتهم (...... ) وقد انفرد وحده بهذه الشهادة ، ولم يذكرها الشاهدان قبله ، فبذلك تكون شهادتهما أقوى من شهادته لأن شهادة الاثنان تقدم على شهادة الواحد ، ومنه يتبين ان الشهود على خلاف في تأكيد أن الصوت هو للمتهم يقوي هذا الدفع ماشهد به الشهود الثلاثة من أنهم ( لايشكون بأن المتحدث على الطرف الثاني هو المتهم ......) ولكن عندما وجَّه لهم فضيلة ناظر القضية ـ وهذه الاسئلة لم يذكرها فضيلة ناظر القضية في صك الحكم ـ ماهي نسبة تأكدكم من أن هذا الشخص هو المتهم ....... أو غيره فكانت اجابتهم كالتالي ( الشاهد الاول ......ذكر أن نسبته 70% ) ،( الشاهد الثاني ....... التزم الصمت _ وهذا يدل على عدم تيقنه ) ، ( الشاهد الثالث ......... اعطى نسبة قريبة من الشاهد الاول ) ، من هذا يتضح أن الشهود لم يتيقنوا يقيناً قطعياً على أن المتحدث على الطرف الثاني هو المتهم ، وناقضوا شهادتهم في أول ادلائهم بها بأنهم لايشكون اطلاقاً بأنه المتهم .
ثم بعد ذلك وعند طلب القاضي منهم عندما رأى اختلافهم أن يحددوا النسبة امتنع الشاهد الثاني عن تحديدها لعدم يقينه ؛ وقد يكون يريد ابراء ذمته من الشهادة على امر غيبي قد يلبسه لابس من تقليد صوت او تشابه اصوات او تقنية استخدمها المصدر لايهامهم بأن المتحدث هو المتهم ........ ، بينما أعطى الشاهدان الاول والثالث نسبة 70% وهي نسبة لاترقى لليقين ، وفيها الثلث تقريباً عدم التأكد ومعلوم بأن الشك يفسر لصالح المتهم ، فهنا حصل تناقض بين تأكيد ، ثم تراجع معه شك لايرقى الى اليقين مع التزام الصمت من احد الشهود ، وكل هذا يدل على بطلان شهادة الشهود وأن هذه المكالمة لاأصل لها إطلاقاً ، ولايعتد بها لبناء تهمة على المتهم .
لذلك ندفع ببطلانها مع طلب اثبات هذه الشهادة في صك الحكم .
ج – نصت المادة (97) من نظام المرافعات على ( يجب أن تكون الوقائع المراد اثباتها اثناء المرافعة متعلقة بالدعوى منتجة فيها جائزاً قبولها ) .
وفسرتها اللائحة 97/3 بأن الوقائع الجائز قبولها هي : ممكنة الوقوع فلا تخالف الشرع أو العقل أو الحس .
وهذا ماينطبق على ماإدعاه المدعي العام وشهد به الشهود (بأن المتهم حدد الموعد اثناء المكالمة بعد نصف ساعة امام منزله ، فتم تفتيش المصدر وتفتيش سيارته ثم تم بعثه ) فبداية على افتراض أن المكالمة تمت في مكاتب الادارة فهل تكفي هذه النصف ساعة لتفتيش المصدر شخصياً وتفتيش سيارته تفتيشاً دقيقاً يستحيل معه أن يكون المصدر قد خبأ هذه الحبوب المخدرة في السيارة لتقديمها بعد ذلك على أنها من المتهم؟ ثم انطلاق المصدر من مقر الادارة الى منزل المتهم وخصوصاً أن موقع الإدارة في اقصى جنوب المحافظة ومنزل المتهم في اقصى شمال المحافظة مروراً بإشارات المرور والتوقف عندها .
وبذلك يتبين بطلان أن يكون تم تفتيش سيارة المصدر لأن الوقت ضيق جداً يستحيل معه اجراء كل هذه الاجراءات في هذا الوقت وهذا مايخالف العقل والحس الذي معه نؤكد أن هذه الادعاءات لاتتعلق بالدعوى ولايجوز قبولها ،وأنها غير منتجه وما بني عليها فهو باطل لبطلانها ومخالفتها لنص المادة المذكورة أعلاه .
د – ذكر الشهود بأن المصدر حينما وصل الى منزل المتهم نزل مباشرة من سيارته ، ومدّ يده للمتهم ومد المتهم يده للمصدر، وتقابضا شيئاً لم يرياه ثم ركب المصدر سيارته وانصرف من الموقع ، وهذا كله لم يستغرق دقيقة واحدة .
ومنشأ دفعنا ببطلان هذا الكلام وعدم الاعتداد به وانه من تلفيق ادارة المخدرات ومحاولتها الصاق التهمة بالمتهم ، أن هذا لايقبل تصديقه عاقل فاهم ، فإذا كان الشهود قد ذكروا في شهادتهم بأن المتهم والمصدر لم يتفاوضا عن طريق مكالمة الجوال ، وأن المتعارف عليه أن يتم التبايع ـ المفاوضة ـ في المكان الذي يحدده المروج .
فكيف يستساغ تصديق أن يأتي المصدر ويجد المتهم واقفاً ينتظره، ثم مباشرة ينزل من سيارته ، ويتمادا الأيدي لقبض شيء، دون أن يعرف المتهم كم الكمية المراد شرائها ، وهل هي متوفرة لديه وكم ثمنها ، فالمصدر وبحسب الفرقة استلم خمسون ريالاً منهم وسلمهم ثلاث حبات ، ماذا لوأن المصدر كان معه أكثر من خمسين ريالاً ويرغب في اكثر من ثلاث حبات ؟ ماذا لو أن المتهم لايملك سوى حبة واحدة ؟ كيف اطلع المتهم على الغيب وعلم بأن المصدر يحمل معه خمسون ريالاً قيمة لهذه الثلاث حبات فكان مستعداً لذلك ولم يستغرق معه الامر إلاّ أن يمد يده للمصدر فيعطيه طلبه .
إن هذا يستحيل عقلاً ،وحساً ،وشرعاً أن يتفق أو أن يصدق ، وبذلك يثبت بطلان هذه الدعوى وأنه لم يلتق المصدر بالمتهم أصلاً ـ ولو افترضنا جدلاً أنه قابل المتهم ـ فإن مدّ اليدين بين بعضهما ومباشرة بعد نزول المصدر من السيارة قد يكون للمصافحة فقط حينما رأى المصدر المتهم واقفاً في الشارع ،ثم انصرف ليوهم فرقة المراقبة أنه استلم من المتهم شيئاً قد يكون أخفاه في سيارته أو معه .
هـ - ذكر الشهود بأنهما (الشاهد الاول والثاني ) شاهدا المتهم والمصدر حينما مدا يديهما تقابضا شيئاً لم يرياه ـ علماً أن هذه شهادة الشاهد الاول فقط أمّا الشاهد الثاني فاكتفى بالموافقة على جميع شهادة الشاهد الاول ـ وهنا لابد من طرح بعض الاسئلة ليتضح الحق من خلالها وهي :
* متى كان هذا اللقاء صباحاً أم مساءً .
* اين كان موقع الفرقة عندما تم اللقاء .
* ماهي المسافة بين الفرقة وبين مكان اللقاء .
* مالذي منع افراد الفرقة من التحقق من هذا الشيء الذي تقابضاه .
* هل كان هناك من عائق بصري يحجب الرؤيا للتأكد من التقابض .
و – ذكر شهود القضية ( الاول والثاني ) بأن المصدر بعد ان ركب سيارته عاد اليهم( وتم الالتقاء به )
وتدل هذه اللفظة على أنهم التقيا بالمصدر بعد أن كان غائباً عن نظرهما ـ وهذه هي الحقيقة ـ فلم تكن هناك متابعة أو مراقبة ، وانما مكان للاتقاء ؛ لصعوبة بل استحالة ان تكون الفرقة قد اتخذت موقعاً للمراقبة دون أن يلحظها المتهم ؛ وذلك لانكشاف الشارع من طرفيه للواقف في أي جزء من الشارع ، وهذا يدل على أن حادثة اللقاء بين المصدر والمتهم لم تتم ، وأنه لم تكن هناك متابعة من الفرقة ،وإنما هي مخططات رسمها ونفذها المصدر سواء بنفسه أو بمساعدة مساعد ـ وقد تكون جميعها انطلت على افراد ادارة المخدرات ـ وتم من خلالها الايقاع بالمتهم ظلماً وعدواناً .
ز- ذكر المدعي العام والشهود بأنه تم القبض على المتهم في اليوم التالي خلف بلدية ......... :
وهذه الحقيقة الوحيدة التي تضمنتها هذه القضية، حيث أنه بعد التخطيط والتنفيذ للايقاع بالمتهم تم القاء القبض عليه وهو يكسب عيشه بالحلال عن طريق بيع المياه ،ولم تكن له حاجة في خمسين أو مائة ريال بالحرام ، ولكن السؤال الذي لابد من الاجابة عليه هو :
* مادام أن الفرقة قد شاهدت البيع والشراء والتقابض ،وتيقن لديها حصول الترويج ووجود الحيازة فلماذا لم تبادر بالقاء القبض على المتهم في حينه حتى لايفقد الدليل الذي بموجبه يتم ادانة المتهم ؟
* قد تحتج ادارة المخدرات بخوفهم من المقاومة ، فهل تمت مقاومتهم أثناء القاء القبض على المتهم في اليوم التالي ؟
* وقد تحتج ادارة المخدرات بخوفهم من انكشاف المصدر والمصدر في حالة البيع والشراء سيكون مكشوفاً للمروج سواء أرادوا أم لم يريدوا لأن المروج يعرف عادة على من باع وكم باع ، فهذه حجج داحضه لايصح معها الاحتجاج بها ؟
وندفع ببطلان القبض والتفتيش أنه لم تكن هناك حالة تلبس للمتهم من الحالات التي نص عليها نظام الاجراءات الجزائية في المادة الثانية منه والتي تنص على انه (لا يجوز القبض على أي إنسان، أوتفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً،.... )
كما نصت المادة الثلاثون من نفس النظام على التلبس بالجريمة بمايلي ( تكون الجريمة متلبساًبها حال ارتكابها، أو عقب ارتكابها بوقت قريب . وتعد الجريمة متلبساً بها إذا تبعالمجني عليه شخصاً، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعدوقوعها بوقت قريب حاملاً آلات، أو أسلحة، أو أمتعة، أو أدوات، أو أشياء أخرى يستدلمنها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيدذلك) .
كما نصت المادة المادة الخامسة والثلاثون من نفس النظام على أنه ( في غير حالات التلبس، لا يجوزالقبض على أي إنسان أو توقيفه إلا بأمر من السلطة المختصة بذلك، ويجب معاملته بمايحفظ كرامته، ولا يجوز إيذاؤه جسدياً أو معنوياً، ويجب إخباره بأسباب إيقافه، ويكونله الحق في الاتصال بمن يرى إبلاغه ).
وتمشياً مع مواد هذا النظام ونصوصه فإنه يثبت بطلان القبض على المتهم ، وبطلان ماترتب عليه من توقيف ، وسجن ، ومحاكمة . فقد كان المتهم وحسب ادعاء ادارة المخدرات لحظة التقابض بين المتهم والمصدر متلبساً بجريمته ، وهذا مسوغ نظاماً وشرعاً للقبض عليه ، وما دام أن الفرقة لم تقبض حالها على المتهم فهي بالتأكيد كانت تفتقر الى وجود هذه العملية من الاساس ، لذلك ـ أرجأت – حسب ادعاءها القبض على المتهم حتى يفقد معه المدعي الدليل المدين للمتهم بتفاوت الوقت ، وهو ماحصل عندما لم يتم العثور على أي حوزة ممنوعة أو المبلغ الحكومي .
ح – شهد الشهود بأن المصدر حينما اتصل بالمتهم قال حرفياً ( هل لديك حبوب فقال المدعى عليه نعم ) وقد شهدوا ايضاً بأنه لم يحدث تفاوض على الهاتف سوى هذه الكلمات .
وهذه الجزئية تدفعنا لتساؤل يضاف الى ماسبق ،
* هل تم هذا الكلام مباشرة من المصدر للمتهم بالاستفسار عن وجود حبوب دون أن تكون هناك مقدمات مثل الترحيب ، وتعريف المصدر بنفسه للمتهم ؟
* إذا كان حصل ذلك فلماذا لم يذكر في الشهادة ؟ ولماذا لم تحويها محاضر ادارة المخدرات ؟
* واذا كان ذلك فيدل على أن ادارة المخدرات لم تعطي الحقائق والوقائع حقها من الذكر ، كما أن الشهود قد أخفو حقائق ووقائع ملزمين بتقديمها أثناء الشهادة ، ومن هذه حاله فإنه غير مستأمن على أداء شهادة أو اتهام شخص بشيء ما ، ومعه أطلب برد هذه الشهادة وهذه الدعوى لعدم جدية الاجراءات فيها ، والقصور الواضح في اجراءاتها ، والتي معها لايصح شرعاً ولانظاماً أن تسلب حرية شخص بسبب هذا القصور الذي لايولد سوى الشك في صحة هذه الدعوى وبطلانها من أساسها .
ط – ذكر الشهود بأنه جرت العادة في عمليات البيع والشراء أن المشتري أو الراغب في الشراء لايتفاوض مع المروج عن طريق الجوال ، وإنما يبدي رغبته في الشراء والحضور ويتم التبايع في وقت وجيز .
وهذا مانستند اليه في الرد ببطلان هذه الدعوى حيث نصت المادة (97) من نظام المرافعات على ( يجب أن تكون الوقائع المراد اثباتها اثناء المرافعة متعلقة بالدعوى منتجة فيها جائزاً قبولها ) ، وفسرتها اللائحة 97/3 بأن الوقائع الجائز قبولها هي : ممكنة الوقوع فلا تخالف الشرع أو العقل أو الحس .
حيث اثبت شهود الواقعة بأن مدة اللقاء بين المتهم والمصدر لم يتعدى الدقيقة الواحدة ، وهذا يثبت عقلاً وحساً أنه لم تتم مبايعة أو تقابض أو قضية أصلاً لأن المخدرات ليست بضاعة معروضة على العلن ومحددة السعر سلفاً فيأتي المصدر ويأخذ منها مايشاء بالثمن الذي يشاءه ، وهذا ماأثبته الشهود بأن المصدر مد يده مباشرة بعد نزوله من السيارة وقبض شيئاً من المتهم لم يشاهدوه ثم انصرف ـ هكذا دون أن يعرف المتهم كم يحتاج المصدر ؟ وكم ثمن هذه الكمية ؟ وهل هي متوفرة معه أم لا ؟ فكيف يستقيم ذلك عقلاً وحساً ،
وبناءً عليه فأطالب بإنزال هذه المادة على هذه الجزئية أيضاً .
4- فيما يخص جوال المتهم :
استند حكم فضيلة ناظر القضية على وجود الجوال رقم ( ..............) واعتراف المتهم بملكيته ، كما استند اليه المدعي العام في اثبات ادانة المتهم ، ولنا مع هذه النقطة عدة وقفات آمل أن يتسع صدر فضيلتكم للنظر فيها بعين فاحصة وقياس دقيق ووضع للامور في نصابها وهي كالتالي :
أ – لم ينكر المتهم ملكيته للجوال المذكور رقمه في صك القضية ، ولم ينكر أن فرقة القبض قد عثرت عليه معه ، لكنه أفاد بأن هذا الجوال هو جوال خاص باستقبال طلبات شراء الماء وهذا الجوال قد كتب رقمه بخط واضح عريض على ثلاث جهات من الوايت ، وأن هذا الجوال يستخدم من قبل كل من يعمل على هذا الوايت سواء كان والده أو إخوته أو العامل .
ب – إن فرقة القبض وعندما لم تجد مايثبت إدانة المتهم من مبلغ مالي حكومي أو حوزة ممنوعات لم تجد لها سوى أن تستخدم ورقة الجوال ورقمه المسجل على جنبات وايت الماء تداركاً منهم للخطأ الذي ارتكبوه ،
وقد بينا في نقاط سابقة تضارب الشهود فيما بينهم في ادلة استخدام الجوال في هذه القضية وانها مما لايستقيم معه توجيه التهمة للمتهم ، فبذلك ندفع ببطلان استخدام الجوال كمسبب للحكم الشرعي الذي بنى عليه فضيلة القاضي حكمه .
ج – من المعلوم نظاماً أنه في مثل هذه الحالات فإنه يتم كتابة محضر مستقل خاص بواقعة الاتصال وذكر كل ماتم بين الطرفين في محضر يذكر فيه من قام بالاتصال وماهو الرقم المتصل به ، وكل صغيرة وكبيرة حصلت أثناء الاتصال ، ثم يتم التوقيع على هذا المحضر من قبل مباشريه ، وهذا الاجراء لم يكن موجودا .
5- فيما يخص حكم فضيلة القاضي ناظر القضية :
أ – استند فضيلة ناظر القضية على حكمه بأن المتهم من ( أرباب السوابق ) ، فماهو التعريف الشرعي والنظامي الذي معه يصح أن نطلق هذا المسمى على شخص ما ؟
فالمتهم لم يسجل عليه سوى سابقة واحدة فقط هي حيازة حبة واحدة فقط لغرض الاستعمال وحكم عليه بشهرين وكانت هذه القضية عام (1427هـ ) أي قبل أربع سنوات ، ولم يسجل عليه حتى هذه القضية أي قضية أخرى ، فهل يصح معه أن نطلق على المتهم بأنه من أرباب السوابق ؟؟
ب – إن عدم وجود سوابق أو قضايا مسجله على المتهم ـ بعد قضيته الوحيدة ـ وحتى هذه القضية هو دليل على أن المتهم ليس من ارباب السوابق أو الممتهنين للترويج أو حتى المستعملين للمخدرات ، وهذه قرينة كنا نأمل من فضيلة ناظر القضية أن يجعلها في مكانها الصحيح أنها في صالح المتهم ، وأنه دليل على سلامة سيرته ، فمن تاب تاب الله عليه .
ج – عزر فضيلة القاضي ناظر القضية المتهم على تستره على مصدر المخدرات ، وهذا يصح لو أن القضية قد ثبتت على المتهم وكان مالكاً للمخدرات ، وقد بينا دفعنا بالرد على هذه التهمة كاملة ويقيننا بأنها لم تحصل اطلاقاً وهذا واضح من مجمل النقاط السابقة ، لذا يكون هذا التعزير لاأساس له مع انتفاء ثبوت الادانة ، فكيف يصرف فضيلته النظر ــ الى جانب مادفعنا به سابقاً ـ عن ثبوت الادانة ثم يعزر المتهم على شيء لم يثبت عليه ؟؟
ثالثاً : الطلبـــات :
لقد سبقت الشريعة الاسلامية الغراء الشرائع القديمة والحديثة كلها في اقرار( أن الاصل في المتهم البراءة ) كمبدأ ثابت وكأصل من اصولها لا يقبل التغيير اوالانكار كما كان الحال في الشرائع الوضعية التي سبقتها .
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موجهاً المسلمين وقضاتهم ( ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فان وجدتم للمسلم مخرجاً فخلوا سبيله ، فإن الامام لأن يخطيء في العفو خير من يخطيء في العقوبة ) . ولا عجب فالاسلام دين الرحمة والانسانية الحقة .
ويترتب على هذه القاعدة ان الاصل هو حرية الانسان . فالجريمة امر عارض في حياة الانسان
لذلك كان الاصل فيها العدم ، والعدم يقين . وهذا امر مبني على اليقين لانه اصل . و( اليقين لا يزول بالشك ) واليقين لا يزول الا بيقين مثله اي أن الأمر المتيقن ثبوته لا يرتفع إلا بدليل قاطع ، ولا يحكم بزواله لمجرد الشك . كذلك الأمر المتيقن عدم ثبوته لا يحكم بثبوته بمجرد الشك ؛ لأن الشك أضعف من اليقين فلا يعارضه ثبوتاً وعدماً . والفقهاء يستعملون مصطلح الأصالة كثيراً فيقولون مثلاً: (أصالة الاباحة) ويقصدون بها قاعدة فقهية مفادها: أن الأصل في الأشياء الأباحة ما لم يرد نهي من الشارع عنها و(أصالة البراءة) وهي قاعدة أصولية مفادها أن الأصل براءة ذمة المكلف عن التكليف المشكوك وهكذا.
واليقين هو الإدراك الجازم الذي لا تردد فيه ، اما الشك فهو مطلق التردد . بمعنى اخر أن الإنسان إذا تحقق من وجود الشىء ثم طرأ عليه بعد ذلك شك ، هل هو موجود أم لا . فالأصل أنه موجود .وتدخل هذه القاعدة في جميع أبواب الفقه .
ومن ادلة القاعدة قوله تعالى ( وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئا ) . كما ان اليقين أقوى من الشك، لأن في اليقين حكماً قاطعاً فلا ينهدم بالشك . وهذا دليل عقلي .
ويتفرع من هذه القاعدة الكلية عدة قواعد منها :
1ـ الاصل بقاء ما كان على ما كان ، اي لزوم حكم دل الشرع على ثبوته ودوامه .
2ـ الاصل براءة الذمة اي أن الإنسان بريء الذمة من وجوب شيء أو لزومه ، وان مشغولية ذمته تأتي خلاف الأصل . قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ( البينة على المدعي واليمين على من أنكر ) .
فالمدعي متمسك بخلاف الأصل ولذا تلزمه البينة . ومن تطبيقاتها العملية ، من أدعى على شخص مالاً لم يلزم المدعى عليه أن يحضر بينة لأن الأصل براءة ذمته مما ادعي عليه . وعلى المدعي أن يحضر البينة حتى يُحصِّل ما ادعاه .
3ـ ما ثبت بيقين لا يرتفع الا بيقين فمن عليه دين وشك في قدره لزمه إخراج المتيقن به براءة للذمة . ومن شك هل طلق أو لا ؟ لم يقع الطلاق ، لأن النكاح ثابت بيقين ولا يرتفع إلا بيقين . (هذا في اطار الاحكام الشرعية واحكام المعاملات.(
ومن هذه الأصول المتقدمة استنبط الفقهاء المسلمون افتراض براءة الجسد من الحدود والقصاص والتعازير ، واستخلص من هذه القاعدة أيضا ، القاعدة الدستورية الجنائية ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ) .
اما في نطاق القانون الجنائي الاجرائي وقياساً على ما تقدم فان الاصل في المتهم البراءة ولا يزول هذا الاصل الا بيقين اي بدليل قاطع .
ويترتب على مبدأ اصل البراءة النتائج التالية :
تترتب على مبدأ أصل البراءة عدة نتائج بالغة الأهمية، هي:
اولاً : لا يرغم المتهم على اثبات برائته وبخلافه يعتبر مذنبا ، لأن الاصل فيه انه بريء .
فيقع عبء اثبات التهمة على عاتق سلطة التحقيق او الاتهام وفقاً لقواعد الاثبات في القضايا الجزائية ، ولا يلتزم المتهم بتقديم اي دليل على براءته ولا يجوز اعتبار ذلك دليلا على ارتكاب الجرم ، وكذلك الحال عند التزامه الصمت ، الا ان له الحق في أن يناقش ألادلة التي تتجمع ضده وان يفندها او ان يشكك في قيمتها . كما له ان يقدم طواعية اية ادلة تثبت برائته . او ان يعترف بالتهمة .
كما ان مهمة قاضي التحقيق او الادعاء العام او المحكمة المختصة لا تقتصر على اثبات التهمة فهي في النهاية اجهزة من اجهزة العدالة مهمتها الاصلية اثبات الحقيقة ، ذلك ان فكرة العدالة لا يمكن ان تبنى على الوهم او القناعات الزائفة . ومن ثم ينبغي على هذه الاجهزة العدلية ان تتحرى عن هذه الحقيقة من خلال تدقيق وتمحيص الادلة ، وعملية التحري هذه تدور حول التحقق مما اذا كانت هناك ادلة كافية يمكن ان تدحض اصل البراءة من عدمها .
وفي نطاق موانع العقاب او اسباب الاباحة كالدفاع الشرعي عن النفس اوالمال او عن نفس او مال الاخرين ، فانه يجب على المتهم ان يتمسك بالدفع بمانع العقاب او سبب الاباحة دون ان يلتزم بأثبات صحته الا طواعية لأن الاصل في الاشياء الاباحة . كذلك الحال بالنسبة لكل دفع يدفع به المتهم لو صح لتخلفت اركان الجريمة .
ثانياً: الشك يفسر لصالح المتهم لانه يقوي اصل البراءة فيه والاصل لايزال الا بيقين .
فأذا شك القاضي في ان المتهم قد اتى الفعل او لم يأته بناءا على ادلة غير كافية او كان يناقض بعضها البعض، فالأصل انه لم يأته .
واذا شك ان كان قد اتاه استعمالا لحق ام عدوان فالاصل انه استعمالا لحق تأكيداً لاصل البراءة .
واذا كانت الوقائع المسندة للمتهم ثابتة الا انه قام شك في تكييفها هل هي سرقة ام خيانة امانة ام حيازة مال مسروق مثلا ، فالعبرة بالوصف الاخف لانه القدر المتيقن .
ثالثاً : اي ضعف في الادلة يقوي اصل براءة المتهم ولاتفترض ادانته ولاتجوز ادانته بناءا على اعتقاد قوي وانما بناءا على الجزم واليقين .
إن الجمع بين مبدأ أصل البراءة مع مبدأ ان الحكم بالإدانة لا يكون الا بناءاُ على الجزم واليقين يترتب عليه أن يكون هناك فرق جوهري بين الحكم بالإدانة والحكم بالبراءة ، فحكم الإدانة يجب أن يبنى على الاقتناع بأدلة الإثبات ، بينما يكتفي بالنسبة لحكم البراءة أن يؤسس على الشك في الاقتناع بهذه الأدلة .
رابعاً : لايجوز ادانة المتهم بناءا على قول المدعي وحده .
لأن المدعي يدعي خلاف الاصل والمتهم محصن بأصل براءته وبالتالي فالقول قوله لموافقته هذا الاصل وفي ذلك يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( لو يعطى الناس بدعاواهم لادعي ناس دماء رجال واموالهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من انكر ) .
خامساً: يجوز الاستناد الى دليل استخلص او تم الوصول إليه بطريق غير قانوني للحكم بالبراءة ، بينما لا يجوز الاستناد إليه للحكم بالإدانة ، حسب الأصل .
سادساً: تعد مخالفة جسيمة ان تتضمن قرائن تتعارض مع اصل البراءة .
كاعتبار فعل او سلوك قرينة اثبات على ارتكاب الذنب مما يرتب على المتهم التزاماً بدفع هذه القرينة ابتداءاً ، لان اصل البراءة كمبدأ شرعي يجب ان يغطي كل الاجراءات وكل مراحل الدعوى الجزائية ، ولا يجوز نقض هذا الاصل الا بادلة جازمة تتكون بواسطتها عقيدة المحكمة .
من هذا كله فإن المدعى عليه يطلب إلغاء الحكم محل الدفع للقصور في التحقيقوللعيوب التي شابت محاضر القبض والتفتيش ، وكذلك للعيوب التي شابت شهادة الشهود ، ولكل ما ذكر منعيوب وأسباب نلتمس منفضيلتكم الحكم ببراءة المتهم مما نسب اليه باطلاً ، والافراج عنه فوراً .
نسأل الله العلي القدير أن يحق الحق والعدلعلى أيديكم ، وأن ينير بصائرنا للوقوف على الحق واتباعه .
والله يحفظكم من كل مكروه