المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسعار العقارات .. هل ستستمر في الارتفاع؟



ابوالحسن
27-06-2010, 01:57 PM
http://www.aleqt.com/2010/06/27/article_411954.html

أسعار العقارات .. هل ستستمر في الارتفاع؟

د. عبد الله إبراهيم الفايز
لقد سبق أن أشرت في عدة مقالات منذ أربعة أعوام لمن يتابع مقالاتي إلى أن الارتفاع في أسعار العقار سيظل يستمر, وأكدت أننا لم نر شيئا بعد, وأن الأسعار ستتضاعف خلال السنوات المقبلة, وحصل ذلك فعلا وصدقت توقعاتي, مع أننا لا نتمناها, لكن هذا هو الواقع. فمن الصعب أن تجد اليوم في مدينة مثل الرياض أرضا سكنية بسعر المتر أقل من ألف ريال. وما زلت أؤكد أن ذلك سيستمر للسنوات المقبلة إذا لم نتدخل ونجد له حلولا مدروسة. الغلاء في العقار ليس حالة خاصة بنا أو مقتصرا علينا, بل إن ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية. وأحد أسبابها الطلب الكبير الذي سببته الدول التي لديها طفرة تطوير مثل الصين والهند, وكذلك الزيادة العالية للسكان, ما سببا طلبا كبيرا على العقار دوليا ومحليا, وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار مواد البناء والعمالة, فقد ارتفعت أسواق العقار في أمريكا الجنوبية بمعدل 30 إلى 60 في المائة سنويا خلال الأعوام الماضية, وكذلك الحال في مصر والمغرب العربي, حيث ارتفعت في بعض المناطق إلى أكثر من 100 في المائة. فالسوق العقارية اليوم وبعد أن فتحت أبوابها للاستثمار الخليجي والأجنبي أصبحت أكثر عالمية, لذلك فإنها لم تعد تحت سيطرة السوق المحلية والشائعات والمضاربات، بل أصبحت سوقا تحكمها المتغيرات الدولية سواء السياسية أو الاقتصادية أو البيئية. واليوم أكبر الاستثمارات العقارية التي نراها منذ مطلع هذا العام هي خليجية وعالمية وتقدر بمئات المليارات. واليوم ما زلت أرى أن صعود هذه الأسعار سيستمر للسنوات الخمس المقبلة, حيث إن هذه الأزمة من الصعب حلها وستحتاج إلى سنوات لتستطيع السوق العالمية تلبية الطلب بزيادة المصانع والعمالة. أو أن تحافظ على مستوى مربح لكمية الإنتاج مع ارتفاع أسعار العمالة. والأسعار عادة إذا ارتفعت فمن الصعب عودتها إلى ما كانت عليه. ومحليا فإن ارتفاع أسعار العقار له علاقة كبيرة بما تنفقه الدولة على البنية التحتية والمشاريع الكبرى التي تجعل مدننا من أكثر مدن المنطقة تقدما. وكل مبلغ يصرف على البنية له مردوده في رفع أسعار العقار بنسبة معينة, بل إن الصرف على البنية التحتية يجعلها الوحيدة في المنطقة والأكثر جاذبية للاستثمار. نجد حاليا ارتفاعا في نسبة الهجرة الدولية إلى مدننا, ويلاحظ كثيرون أن هناك ازديادا كبيرا في عدد الذين قدموا للإقامة لدينا سواء من الدول العربية أو الأجنبية.

من جهة أخرى, فإن السوق العقارية السعودية ما زالت ناشئة وكونها سوقا مبتدئة للدخول في السوق العالمية فإن هذه الخاصية جعلتها تتجنب كارثة الائتمان التي أثرت في السوق عالميا ونجينا منها محليا, حيث إن الرهن العقاري لم تتم ممارسته بعد في السوق العقارية السعودية. وبذلك فإن تأثير الصدمة فينا كان هامشيا, إذا لم يكن له إيجابية أكبر كونه لم يدخل في الموجة العالمية. بل على العكس فالسوق العقارية السعودية قد تستفيد من تلك التجارب الفاشلة للرهن العقاري التي مرت بها الولايات المتحدة ومشكلة الصب برايم وعدم توثيق المستندات. وأن تتم الاستفادة من الثغرات التي سببت مشكلة الرهن العقاري لتكون هناك وسائل تحكم أكثر, خاصة في التأكد من توثيق الممتلكات والأصول التي يتم الرهن عليها, وأن يتم تخفيض قيمة القرض مقارنة بقيمة الأصول, وبذلك يحصل المستثمر على القرض ويبقى الممول في مأمن من تذبذب السوق وقيمة الوحدة المرهونة, إضافة إلى أهمية التأمين على القروض. كما أن السوق الحالية لم تصل إلى مرحلة المهنية العالمية وإلى وجود المنتجات العقارية التي تكمل السوق وتجعلها سوقا عقارية حقيقية, والتي لن تصل إليها إلا بعد اكتمال الحلقات المفقودة فيها مثل الرهن العقاري والتمويل والتسجيل العيني وإخراج المستأجر. وربما لا أوافق كثيرين على الحديث عن المضاربات العقارية وأنها هي التي تتحكم في السوق فمثل هذه الشائعات تؤدي إلى زعزعة الثقة بهذا القطاع الاقتصادي المهم, الذي هو أكبر أو ثاني محرك له. وفي النهاية فإن هذه الشائعة قد تؤدي إلى زعزعة الاقتصاد الوطني بأكمله. وهي شائعة ليس لها محل أو مصداقية, فتجار العقار اليوم هم بالآلاف وبعضهم خليجيون ومصريون وأجانب ولا تجمعهم أي مصالح ومن الصعب أن يتفقوا أو يجتمعوا ليتآمروا على السوق, فهم على خلاف تنافسي كبير وكل يخبئ ما عنده من نيات.

واليوم أعود لأؤكد أن سوقنا العقارية ستستمر في نهضتها وقفزاتها الهائلة للتطوير العقاري والحضاري, وأننا سنمر بحقبة لم يشهدها تاريخ الاستثمار العقاري بعد ولن تقارن بالحقبة الماضية. خاصة إذا ما تم اعتماد بعض الأنظمة التي تأخرنا فيها, والتي ألخصها أدناه. الطفرة المقبلة يعوقها عدم اكتمال وتوفير البيئة القانونية والتنظيمية, كما أنها ستحتاج إلى قدر كبير من التخطيط والتنسيق والحذر لعدم تضارب التوجه الذي ستمليه الاستثمارات في المدن الاقتصادية على توجه واستثمارات بقية العقاريين في المدن والضواحي الحالية والمخططات التقليدية, فتلك المدن الاقتصادية قد تلتهم قدرا كبيرا من الطلب الحالي على المخزون الحالي من الأراضي والعقارات التي تمتلكها السوق العقارية الحالية, وهي طفرة ستدوم طالما أن الاقتصادي الوطني يرضخ تحت عوائق الاستثمار في القطاعات الأخرى ما جعله يعتمد ويتعاقب على قطاعين يتيمين هما سوق الأسهم وسوق العقار فقط.

وعلى الرغم من مناداتنا المتكررة منذ أعوام إلى استكمال الأنظمة والمعوقات التي تعوق السوق إلا أننا حتى اليوم لا نرى تقدما فيها, وهي كثيرة ومعروفة وأهمها:

1- الإسراع في اعتماد نظام الرهن العقاري.

2- الإسراع في اعتماد كود البناء السعودي الذي ما زال تحت التجربة.

3- الإسراع في اعتماد نظام التسجيل العيني للعقار.

4- نظام وقانون لحماية المستثمر العقاري ممن لا يدفعون الإيجار ولا يمكن إخلاؤهم من العقار.

5- الإسراع في إنشاء هيئة لأبحاث ودراسات الإسكان والبحث العلمي المتخصص في الإسكان, وكذلك إنشاء بنك للمعلومات العقارية والإسكانية وعلاقتها بالخصائص السكانية والديموجرافية والمعلومات الهندسية.

6- الإسراع في إنشاء شركات التمويل, خاصة المدعومة من الدولة, ونظام التأجير المنتهي بالتمليك.

7- وضع مخططات شاملة للمدن تعتمد أسلوب الأحياء المتكاملة من الخدمات وتخصيص أجزاء منها لتكون بأسعار ميسرة للمواطنين. وإنشاء شركة عقارية مساهمة متخصصة في هذا المجال لتوفير الخدمات ثم بناء المساكن وتوزيعها على المحتاجين وفق قروض ميسرة.

8- تحديث نظام الصندوق العقاري والرفع من قدراته ليشارك أو يضم في تحالف مع بعض البنوك المحلية لمضاعفة قيمة القرض الحالي الذي يعجز عن توفير المسكن, وأن يكون (أرضا وقرضا).

9- إعداد دراسة لعدد السكان لكل شريحة من شرائح الطلب على الإسكان, كم عدد محدودي ومتوسطي الدخل الذين نحاول أن نسدد ونلبي رغباتهم حاليا ومستقبليا.

10- تحديد مواصفات قياسية موحدة لمواصفات البناء بحيث تكون مقاسات الأبواب والنوافذ والمقابس والوحدات الميكانيكية والصحية وحتى الحوائط والأسقف وغيرها موحدة, وبذلك يسهل ويرخص إنتاجها، ما يقلل تكلفة البناء.

11- تسخير ميزانية للبحث العلمي ومراكز الأبحاث في الإسكان, وتوفير قاعدة معلومات موحدة ومركزية لإحصائيات العقار وتكون مربوطة بكتابات العدل والأمانات وشركات الخدمات.

12- الاستفادة من دخول الشركات العالمية في مشاريعنا الكبرى لتدريب آبائنا في وظائف البناء والمقاولات. وأن يفرض عليها تدريب وتعليم الكوادر السعودية لاكتساب ونقل التقنية والمعرفة.

13- فرض رسوم أو ضرائب مجزية على الشركات العالمية وأفرادها للعمل والمعيشة.

السوق ما زالت واعدة وارتفاع الأسعار يبدو أنه سيستمر, بل إن كثيرين ممن لم يمتلكوا أرضا قبل اليوم قد لا يمتلكونها بعد اليوم. وقد لا يروق ذلك لكثير من المحتاجين, لكن هذه رؤيتي للموضوع, وهو واقع نعيشه وقد لا نحبه, لذلك فإنه على الدولة والهيئات العامة أن توجد الآليات لتسهيل أو دعم المواطن لتحقيق حلمه في امتلاك مسكنه. وأن يتم تحقيق الاتزان بين دخل المواطن وسعر العقار.

http://www.aleqt.com/2010/06/27/article_411954.html