د. ناصر بن زيد بن داود
31-07-2010, 01:17 AM
يجد دارسو الشريعة والقانون في بلادنا السعودية أن المجال الأنسب لعملهم هو مجال القضاء ؛ سواء كانوا : مستشارين ، أو محامين ، أو قضاة تحقيق ، أو مدعين عامين ، أو قضاة توثيق ( كتاب العدل ) ، أو قضاة في المحاكم واللجان القضائية التي تنفرد بلادنا بوجود العشرات منها ، وقد نكون الدولة الأولى في العالم من حيث تعدد جهات التقاضي .
= غير أن الحوار بين الصنفين تراه يبلغ ذروة حدته حينما نرى دارسو القانون يحاولون الحصول على حقهم من ذلك المجال الذي يستأثر بمعظمه دارسو الشريعة ، ويأبون التنازل عن شيءٍ منه لإخوانهم من دارسي القانون ، والآخرون مصرون على انتزاع نصيبهم ، والمطالبة بفسح المجال لهم لإثبات كفاءتهم .
= إن من ينظر عن كثب إلى مقاعد القضاء في المملكة يجد أن مشاركة القانونيين فيها لا تظهر إلا على استحياءٍ عبر بعض اللجان القضائية وشبه القضائية ، مع كثرة عددهم ، وتمكنهم من عدتهم ؛ بالخبرات المتعاقبة في ذات المجال ، وبالشهادات العليا للكثير منهم .
= إن كان من تبعة لهذا الأمر فهي على أنظمة التعليم والقائمين عليها في الدرجة الأولى ، ثم على المؤسسة القضائية التي حيَّدت دارسي القانون تحييداً تاماً عن القضاء ، بل وحيَّدت القضاء ذاته عن كثير من الاختصاصات الواجب دخولها في حماه واندراجها ضمن نطاقه ، فألجأت الدولة إلى اختراع ما يسمى : باللجان آنفة الذكر .
= إن هناك من المجالات ما لا يصح أن يستقل بها دارس الشريعة عن دارس القانون ؛ مثل : القضاء العمالي ، القضاء المصرفي ، والقضاء الجمركي ، وقضاء الأوراق التجارية ، وقضاء الأوراق المالية ، والقضاء التأميني ، والقضاء الاستثماري .
ملحوظة :
( الأقضية عدا الأول ستدخل بإذن الله قريباً في القضاء التجاري ) .
= وهناك من المجالات ما لا يمكن لغير دارس الشريعة أن ينفرد بها ؛ مثل : القضاء الأسري ( الأحوال الشخصية ) ، والقضاء العام .
= وهناك من المجالات ما يمكن لكلٍ من دارسي الشريعة ودارسي القانون أن يكونا جنباً إلى جنب في دوائرها ؛ مثل : القضاء الإداري ، والقضاء التجاري ، والقضاء الجزائي ، وقضاء التحقيق ، وقضاء التوثيق .
وطريقة التلاقي في النوع الأخير لا يعدو عن :
- أن يُصمم برنامج متخصص يتمكن به دارس القانون من الإحاطة بأسس القضاء الشرعي الذي تسمو به بلادنا وتُحَلِّقُ به في فضاء العدل من بين سائر الأمم .
- أن يُصمم برنامج متخصص آخر يتمكن به دارس الشريعة من الإحاطة بأسس ونظريات ومسالك القانون الذي تُدار به كثير من مسالك الحياة في بلادنا وفي غيرها من البلدان ، والذي لا يخرج عن كونه من المصالح المرسلة التي أقرتها شريعتنا السمحة .
= على أن هذا لا يكفي ، بل ينبغي إعداد الاستراتيجيات لدمج العلمين القضائيين ؛ بحيث يُعاد النظر في مقررات كلٍ من الاختصاصين .
= فيُقتصر من مقررات الشريعة على ما يُمكن أن يبقى أثره في عقل الدارس بعد التخرج ، ويُستغنى عن المكرر منه ، ولو بمسميات علوم أخرى .
- فدراسة البيوع تحت مسمى مادة الفقه يمكن أن تُغني عن دراسة البيوع تحت مسمى مادة الحديث أو التفسير مثلاً .
- على أن يُختار لمادة الحديث قسم آخر من أقسام الفقه كالعبادات ، وكذلك يختار لمادة التفسير قسم آخر كالآداب الشرعية .
- وعلى أن يشمل تدريس البيوع مثلاً - تحت مسمى مادة الفقه - دراسة الأحكام الفقهية بمذاهبها وأدلتها النقلية ( الكتاب والسنة ) والعقلية ؛ فيكون الفقه مادة واحدة عن ثلاث مواد .
= كما يُقتصر في تدريس مقررات القانون على ما يمكن أن يبقى أثره في ذهن الدارس بعد التخرج ، ويُستغنى عن المكرر منه ، وعن تدريس النظريات القانونية البائدة على وجه التفصيل ، ويُهمل منها ما خالف الشريعة الإسلامية في نتائجه أو استمداداته .
= بعد التفريغ الناتج عن المراجعة يُمكن لجهات الاختصاص المزاوجة بين التخصصين لملء الفراغات ، فينشأ عندنا تخصص فريد ، وجيل رشيد ، وعواقب حميدة تُثري الساحة القضائية .
= بعد تحقق المراد سيكون الاختيار متاحاً لأهله من بين جموع الخريجين ، فمن يصلح منهم للقضاء الرسمي كان لنا انتقاؤهم بقدر الحاجة لحمل الأمانة ، ويُخلى سبيل الباقين ليتولوا مهامهم في بناء المجتمع ؛ كلٌ فيما ييسره الله له .
= عندما يكتمل المشروع علمياً ، ويبدأ نتاجه ويُؤتي ثماره : سنتيقن أن القانون الذي ندرسه ما هو إلا نوعٌ من أنواع من الشريعة ، وأن الشريعة التي نعتقدها هي عين القانون الإلهي ، ولا مشاحة في الاصطلاح ؛ فالشرعة والشريعة والمنهاج والدين أشمل من أحكام القضاء بين الناس الذي اختص به لفظ القانون بمجرد إطلاقه . والله أعلم
http://www.cojss.com/article.php?a=295
= غير أن الحوار بين الصنفين تراه يبلغ ذروة حدته حينما نرى دارسو القانون يحاولون الحصول على حقهم من ذلك المجال الذي يستأثر بمعظمه دارسو الشريعة ، ويأبون التنازل عن شيءٍ منه لإخوانهم من دارسي القانون ، والآخرون مصرون على انتزاع نصيبهم ، والمطالبة بفسح المجال لهم لإثبات كفاءتهم .
= إن من ينظر عن كثب إلى مقاعد القضاء في المملكة يجد أن مشاركة القانونيين فيها لا تظهر إلا على استحياءٍ عبر بعض اللجان القضائية وشبه القضائية ، مع كثرة عددهم ، وتمكنهم من عدتهم ؛ بالخبرات المتعاقبة في ذات المجال ، وبالشهادات العليا للكثير منهم .
= إن كان من تبعة لهذا الأمر فهي على أنظمة التعليم والقائمين عليها في الدرجة الأولى ، ثم على المؤسسة القضائية التي حيَّدت دارسي القانون تحييداً تاماً عن القضاء ، بل وحيَّدت القضاء ذاته عن كثير من الاختصاصات الواجب دخولها في حماه واندراجها ضمن نطاقه ، فألجأت الدولة إلى اختراع ما يسمى : باللجان آنفة الذكر .
= إن هناك من المجالات ما لا يصح أن يستقل بها دارس الشريعة عن دارس القانون ؛ مثل : القضاء العمالي ، القضاء المصرفي ، والقضاء الجمركي ، وقضاء الأوراق التجارية ، وقضاء الأوراق المالية ، والقضاء التأميني ، والقضاء الاستثماري .
ملحوظة :
( الأقضية عدا الأول ستدخل بإذن الله قريباً في القضاء التجاري ) .
= وهناك من المجالات ما لا يمكن لغير دارس الشريعة أن ينفرد بها ؛ مثل : القضاء الأسري ( الأحوال الشخصية ) ، والقضاء العام .
= وهناك من المجالات ما يمكن لكلٍ من دارسي الشريعة ودارسي القانون أن يكونا جنباً إلى جنب في دوائرها ؛ مثل : القضاء الإداري ، والقضاء التجاري ، والقضاء الجزائي ، وقضاء التحقيق ، وقضاء التوثيق .
وطريقة التلاقي في النوع الأخير لا يعدو عن :
- أن يُصمم برنامج متخصص يتمكن به دارس القانون من الإحاطة بأسس القضاء الشرعي الذي تسمو به بلادنا وتُحَلِّقُ به في فضاء العدل من بين سائر الأمم .
- أن يُصمم برنامج متخصص آخر يتمكن به دارس الشريعة من الإحاطة بأسس ونظريات ومسالك القانون الذي تُدار به كثير من مسالك الحياة في بلادنا وفي غيرها من البلدان ، والذي لا يخرج عن كونه من المصالح المرسلة التي أقرتها شريعتنا السمحة .
= على أن هذا لا يكفي ، بل ينبغي إعداد الاستراتيجيات لدمج العلمين القضائيين ؛ بحيث يُعاد النظر في مقررات كلٍ من الاختصاصين .
= فيُقتصر من مقررات الشريعة على ما يُمكن أن يبقى أثره في عقل الدارس بعد التخرج ، ويُستغنى عن المكرر منه ، ولو بمسميات علوم أخرى .
- فدراسة البيوع تحت مسمى مادة الفقه يمكن أن تُغني عن دراسة البيوع تحت مسمى مادة الحديث أو التفسير مثلاً .
- على أن يُختار لمادة الحديث قسم آخر من أقسام الفقه كالعبادات ، وكذلك يختار لمادة التفسير قسم آخر كالآداب الشرعية .
- وعلى أن يشمل تدريس البيوع مثلاً - تحت مسمى مادة الفقه - دراسة الأحكام الفقهية بمذاهبها وأدلتها النقلية ( الكتاب والسنة ) والعقلية ؛ فيكون الفقه مادة واحدة عن ثلاث مواد .
= كما يُقتصر في تدريس مقررات القانون على ما يمكن أن يبقى أثره في ذهن الدارس بعد التخرج ، ويُستغنى عن المكرر منه ، وعن تدريس النظريات القانونية البائدة على وجه التفصيل ، ويُهمل منها ما خالف الشريعة الإسلامية في نتائجه أو استمداداته .
= بعد التفريغ الناتج عن المراجعة يُمكن لجهات الاختصاص المزاوجة بين التخصصين لملء الفراغات ، فينشأ عندنا تخصص فريد ، وجيل رشيد ، وعواقب حميدة تُثري الساحة القضائية .
= بعد تحقق المراد سيكون الاختيار متاحاً لأهله من بين جموع الخريجين ، فمن يصلح منهم للقضاء الرسمي كان لنا انتقاؤهم بقدر الحاجة لحمل الأمانة ، ويُخلى سبيل الباقين ليتولوا مهامهم في بناء المجتمع ؛ كلٌ فيما ييسره الله له .
= عندما يكتمل المشروع علمياً ، ويبدأ نتاجه ويُؤتي ثماره : سنتيقن أن القانون الذي ندرسه ما هو إلا نوعٌ من أنواع من الشريعة ، وأن الشريعة التي نعتقدها هي عين القانون الإلهي ، ولا مشاحة في الاصطلاح ؛ فالشرعة والشريعة والمنهاج والدين أشمل من أحكام القضاء بين الناس الذي اختص به لفظ القانون بمجرد إطلاقه . والله أعلم
http://www.cojss.com/article.php?a=295