المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المطالبة بالذهب أم بقيمته



وجهة نظر
20-08-2010, 03:17 PM
المطالبة بالذهب أم بقيمته ؟
فضيلة الدكتور / ناصر سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
تزوج رجل بامرأة وكان مقصرا في النفقة عليها وعلى أطفالها حتى باعت ذهبها واستدانت فوق ذلك ، ثم إنها طلبت منه الطلاق فتدخل المصلحون للإصلاح بينهما ، فكتب الزوج على نفسه إقرار بشهادة شاهدين تضمن النص على أن : [ لزوجته في ذمته ذهبا عينيا تختاره بنفسها(كذا جاء في الإقرار دون تحديد وزن معين ) وهو ما يلي : أ ـ عدد ست بناجر ب ـ طقم سلسال مع الخرصان ج ــ خاتمين ذهب ] أ .هـ
فبقيت معه فترة ثم إن الزوجين افترقا قبل أن يشتري لها ما التزم به ، فأقامت الزوجة دعوى على طليقها تطلب إلزامه بما التزم به من الذهب ، وأفادت المرأة بأنها قد خرجت إلى محل من محلات الذهب واختارت بنفسها ــ كما هي فحوى الالتزام المشار إليه آنفا ــ ذهبا في حدود المنصوص عليه في الالتزام بقيمة خمسين ألف ريال نظرا لغلاء اسعار الذهب في الوقت الحالي ، ولكن الزوج رفض ذلك وادعى انه كثير ومبالغ فيه ، فخرجت هيئة النظر بتوجيه من ناظر القضية ولكن هيئة النظر ذهبت بنفسها إلى محلات أخرى غير التي اختارت منها المرأة ، واختارت أوزانا أقل بكثير من الأوزان التي اختارتها المراة وقدرت الذهب بقيمة عشرين الف ريال ،
فهنا تثور عدة تساؤلات :
1 ـ هل يحكم على الزوج بتسليم طليقته الذهب أم القيمة ؟
2 ـ هل يحكم لها بالذهب الذي اختارته بنفسها وبالأوزان التي اختارتها أم يحكم بما اختارته هيئة النظر رغم كونه أقل في الوزن بكثير مما اختارته المرأة وليست هي التي اختارته بل اختاره أعضاء هيئة النظر بدعوى أنه المتوسط ؟

د. ناصر بن زيد بن داود
20-08-2010, 04:34 PM
1 ـ هل يحكم على الزوج بتسليم طليقته الذهب أم القيمة ؟
2 ـ هل يحكم لها بالذهب الذي اختارته بنفسها وبالأوزان التي اختارتها أم يحكم بما اختارته هيئة النظر رغم كونه أقل في الوزن بكثير مما اختارته المرأة وليست هي التي اختارته بل اختاره أعضاء هيئة النظر بدعوى أنه المتوسط ؟


أخي الفاضل :
المرأة باعت ذهبها واستدانت ؛ لتنفق على نفسها وأولادها النفقة الواجبة على زوجها ، وكان ذلك بتقصير من زوجها ، وبنية الرجوع عليه فيما أنفقته .

- لم تبيِّن المرأة في دعواها : بكم باعت ذهبها ؟، ولا كم استدانت لأجل النفقة ؟.
- كما لم يتضمن الإقرار : نوع الذهب ، ولا وزنه ، ولا عياره ، ولا قيمته .

- هذا ما أردت إيصاله عن واقع دعوى المرأة .




أخي الجليل :
الإقرار هنا يسمى : الإقرار المجمل ، ولا يمكن أن يترك الخيار للمرأة في انتقاء ما تشاء من الذهب ؛ لأنه ليس على نسق واحد من حيث القيمة ؛ ولأن اليقين من المتفاوتات أدناها ، وما زاد عنه فهو مشكوك فيه ، واليقين لا يزول بالشك .



وعلى هذا :
إن أقامت المرأة البينة على نوع ووزن الذهب الأصل : حُكم لها بمثله ؛ مهما بلغت قيمته .
- وإلا فما قررته هيئة النظر هو أعدل ما يُمكن أن يُحكم به لها ، مع يمين الزوج بـ : أن المرأة لا تستحق ما زاد عن تقدير الهيئة مما ادعت به .

- فإن حلف لم يجب عليه سوى العشرين ألف ريال .
- وإلا ردت اليمين على الزوجة ؛ لتحلف : أن ما قدرته - هي في دعواها - هو الموافق لما باعته ولما التزم به لها زوجها في إقراره .

- فإن حلفت وجبت لها الخمسين ألف ريال .
- وإلا فلا شيء لها غير العشرين ألف ريال . والله أعلم

وجهة نظر
20-08-2010, 11:53 PM
د/ ناصر وفقه الله :
شكرا لكريم تجاوبك وبذلك لشريف علمك ، ولكن ها هنا عدة تساؤلات إتماما للفائدة :
أولا : هل المتوجه أن أحكم على الزوج بالذهب باعتباره منصوص الاقرار أم المتوجه الحكم عليه بقيمته باعتبار القيمة أسهل في تنفيذ الحكم ؟
ثانيا : بافتراض أن هذا الذهب المذكور في الإقرار المشار إليه في السؤال ، ليس عوضا عن ذهب سابق أو مال اقترضته الزوجة بنية الرجوع على زوجها ، بل هذا الذهب هو التزام التزم به الزوج لزوجته تكفيرا عن تقصيره معها أو قيامه بضربها ضربا مبرحا ، فهل يظل الحكم كما هو معتمدا على تقدير هيئة النظر ؟ أم أننا نؤاخذ الزوج بإقراره ونعطي للمرأة الحرية في اختيار ما تشاء من الذهب باعتبار أن الزوج قد فوضها في ذلك حين نص في إقراره على أنها تختار الذهب بنفسها فلا يقبل رجوعه عن ذلك لكونه إقرارا يتعلق به حق لآدمي ؟
ثالثا : ذكر فضيلتكم أن هذا الإقرار هو من الإقرار المجمل لأنه لم يبين فيه نوع الذهب ووزنه ، وعلى هذا فالمرجع فيه إلى العرف وهو ما تحدده هيئة النظر ، ولكن لو قال قائل إنه ليس إقرارا مجملا بل هو إقرار مطلق مقيد بما تختاره المراة سواء قل أو كثر ، ومن ألزم نفسه بشيء لزمه ، فهو إقرار مطلق يؤول إلى العلم حين تختار المرأة ما تريد ، وعلى ذلك فلا يسوغ إهدار ذلك القيد المهم (تختاره الزوجة بنفسها ) حتى لا يتعارض الحكم مع فحوى الإقرار ، فما رأي فضيلتكم في ذلك ؟ *

د. ناصر بن زيد بن داود
21-08-2010, 12:31 AM
أخي الفاضل :
أولاً : لا أرى لك أن تحكم برد الذهب عيناً ؛ لأن ما قررته هيئة النظر ليس مثيلاً لما باعته المرأة المدعية ؛ كما تدعي هي ذلك ، وليس مطابقاً لما في الإقرار ؛ لأن الإقرار مجمل غير مبين تبييناً قاطعاً بنوع ووزن الذهب .

ثانياً : إذا تعذر الحكم بمثل المدعى به فما من سبيل إلا الحكم بالقيمة ، وهذا منهج الفقهاء رحمهم الله .

ثالثاً : لا يمكن أن يُضارَّ الزوج بإقراره المجمل ، ولو قلنا بذلك لكان لها أن تدعي بالخمسين ألف وبأكثر منها ابتداء .
- وبمعنى آخر : لو أعملنا هذا المبدأ - وكانت المرأة قد ادعت ابتداءً بمائة ألف - لوجب العمل بقولها .

رابعاً : حقوق الآدميين لا تعني إخضاع بعضهم للدعاوى المجردة ، ولا للأقارير المجملة ولا المجهولة .
- وفي هذه القضية : الحق ليس في ترك الزوج تحت رحمة المدعية ، ولا أن تُترك المرأة تحت تحكم المدعى عليه .
- والعدل : أن يخضع الاثنان لحكم العرف ؛ الذي لن يكون معه ضررٌ بالغٌ بأيٍ من الطرفين ، بخلاف الانجرار وراء طلب أحد المتداعيين الذي فيه ضرر محض بالطرف الآخر .

خامساً : ما يؤول إلى العلم ليس سبيله الطلب المجرد من البينة .

وَالْدَّعَاوَىْ مَا لَمْ يُقِيْمُوْا عَلَيْهَا = بَيِّنَاتٍ أَصْحَابُهُا أَدْعِيَاءُ

ولك أن تعلم : أن المجهول في الشرع ينزل منزلة المعدوم ، والإجمال لا يؤول إلى العلم بتحكم المدعي ، ولا بتمرد المدعى عليه ، بل بنواب العامة ومقرري الأعراف . والله أعلم