قاضي المظالم
30-09-2010, 06:16 PM
اشتمل هذا الحكم على مبادىء مهمة وتأصيل دقيق للمسائل الآتية:
= تكييف طلب إلغاء إجراءات تنفيذ منح الأراضي ، ومتى تضحى في مشمول الطعون بالإلغاء ومتى تمسي في مشمول منازعات التملك.
= اختصاص المحاكم الإدارية بالدعاوى المقامة بطلب استعادة العقار المنزوع بعد استغناء الجهة المستفيدة عنه وفقاً لنظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
= اختصاص المحاكم العامة بنظر ذات الدعاوى استلالاً من عموم هيمنتها على قضاء الملكية ، وضابط التفريق بين الاختصاصين.
(اجتهادُ ضعيفٍ مفتقرٍ للتقريع بمطارق الحق .. سريعُ الأوبة .. حقيقٌ بالتوبة)
حكم رقم 230/د/أ/.... لعام 14..هـ
في القضية رقم 1425/2/ق لعام 14..هـ
المقامة مـن/ ورثة .... وورثة ....
ضــــد/ أمانة العاصمة المقدسة ووزارة المياه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وبعـد:
فانه في يوم.... انعقدت الدائرة الإدارية ... بمقر المحكمة الإدارية بمحافظة جـــدة والمشكــلة مـــن:
القاضي رئيســـاً
القاضي عضـــواً
القاضي عضـــواً
وبحضــــور/........ أميناً للسـر وذلك للنظر في القضية المشار إليها أعـلاه المـحالـة إلى الدائرة في.......
وبعد دراسة الأوراق وسماع المرافعة واستيفاء كافة الإجراءات أصدرت الدائرة هذا الحكم.
( الوقــــائــــع )
تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المدعين تقدموا بلائحة دعوى ضد المدعى عليهما بتاريخ 22/3/1426هـ وقيدت قضية وأحيلت لهذه الدائرة التي باشرت نظرها وحددت لها جلسة 18/5/1426هـ وفيها سألت المدعين عن دعواهم فقرروا بأن منطقة الخزان الواقعة بجبل الحفائر بمكة المكرمة وما يحيط بها هي ملك لإحدى عشرة أسرة وهم المدعون في هذه الدعوى حيث قامت أمانة العاصمة المقدسة ومديرية المياه بمنطقة مكة المكرمة بالتصرف بعقارهم وتسليمه لآخرين لاستثماره رغم أحقيتهم في إعادة الموقع لهم بعد أن زالت المنفعة العامة عنه وفق ما قررته مصلحة المياه لدى كتابة عدل مكة في صك تمليك المستثمر, مضيفين أنهم يطلبون إلغاء قرار تمليك المستثمر للموقع الذي علموا به في بداية عام 1423هـ حيث رأوا المعدات تعمل في إزالة الخزان وتسوية الموقع وراجعوا بعدها الدوائر المختصة التي لم تفدهم بشيء, ومن ثم رفعوا برقية لوزارة الشؤون البلدية والقروية ولم تفدهم بشيء ثم رفعوا برقية لوزارة المياه برقم 4628 وتاريخ 22/8/1423هـ بطلب إعادة العقار لهم وراجعوها مراراً ولكنهم لم يجدوا منها إجابة , مضيفين أن الأرض بيد ........ وقد اشتراها ممن منحت له وهما.......و........., وطلبوا في ختام دعواهم إلزام المدعى عليهما بإعادة أملاكهم لكونهم يملكونها بموجب صكوك شرعية ونزعت منهم –حينها- للمصلحة العامة, وقد تم الاستغناء عنها وأثبت الاستغناء شرعاً.
بعد ذلك عقب ممثل وزارة المياه المدعى عليها بمذكرة ذكر فيها أن ملك المدعين للموقع انتهى بنزع ملكيته وتعويضهم بالثمن العادل, وقد صدر أمرٌ سامٍ موجه لوزير الشؤون البلدية والقروية بمنح الموقع لكل من .......و......., وقامت الأمانة باستكمال إجراءات تطبيق المنحة, مؤكداً على أن دور وزارة المياه اقتصر على تقرير عدم استفادتها من الموقع لدى كتابة العدل بمكة المكرمة حين طلبت منها الإفادة , وأكد على أن وزارة الميــاه لا تملك الموقع حالياً ولا يد لها عليه, وانتهى إلى طلب عدم قبول الدعوى في مواجهتها.
وبذات الجلسة قدم ممثل المدعى عليها ( أمانة العاصمة المقدسة ) مذكرة ذكر فيها أن وزارة المياه المسماة في ذلك الوقت ( إدارة المرافق ) هي التي نزعت ملكية العقار محل النزاع وذلك لإنشاء خزان مياه بمنطقة الحفائر, وقد انحصر دور الأمانة في استكمال إجراءات النزع وتسليمه لإدارة المرافق بموجب المحضر المؤرخ 18/1/1394هـ طالباً عدم قبول الدعوى على الأمانة لرفعها على غير ذي صفة.
وبجلسة 1/7/1426هـ قدم المدعون مذكرة ذكروا فيها أنه ليس من حق وزارة المياه أن تقرر الاستغناء عن الموقع وتقوم الأمانة باستكمال إجراءات المنح والموقع ومحارمه أملاك خاصة نزعت من أهلها بالقوة تحقيقاً للمنفعة العامة فكان الأولى في حال الاستغناء عن الموقع أن يعاد إلى أصحابه الذين يملكونه بصكوك شرعية, وخلصوا في ختام مذكرتهم إلى طلب إعادة الموقع لأصحابه , وقدموا صورة لإيصال البريد الموجه إلى وزير المياه المؤرخ 2/9/1423هـ كما قدموا بجلسة 17/7/1426هـ صورة إيصال البريد الممتاز للخطاب الموجه إلى وزير الشؤون البلدية والقروية المؤرخ 10/2/1424هـ, وكذا الإيصال المؤرخ 21/11/1423هـ وذكروا أنها خطابات تظلم من قرار المدعى عليهما المتضمن التصرف في عقارهم بعد الاستغناء عنه.
وبجلسة 18/8/1427هـ قدم المدعون مذكرة أبانوا فيها أن صورة كشف نزع الملكية توضح أن جملة أمتار العقارات المنزوعة هي 3512م2 منح منها 2500م2 ثم بيعت على مؤسسة ...... لكن المؤسسة استولت على موقع الخزان وما حوله والبالغة مساحته (1012م2) كحرم وهذا الحرم من أملاكهم أُخِذ دون قيد أو شرط وغضت الأمانة ومصلحة المياه الطرف عنه, كما أن الأمانة والمصلحة (المدعى عليهما) لم تنكرا ملكيتهم لهذه المواقع فضلاً عن أن الصكوك الشرعية تؤكد ذلك ، ويطلبون الحكم بإعادة أملاكهم وإلغاء الإجراءات التي نُفِذت بموجبها المنحة لكونها إجراءات باطلة وما بني على باطل فهو باطل ، بعد ذلك طلبت الدائرة من المدعين تحديد الجهة المدعى عليها فقرروا أنهم يدعون على أمانة العاصمة المقدسة ومصلحة المياه.
وبجلسة 16/1/1428هـ سألت الدائرة المدعين عن ما آلت إليه الدعوى المنظورة في المحكمة العامة بمكة في مواجهة ...... المستثمر للموقع فقرروا بأنها لازالت منظورة ولم يتم الفصل فيها.
وبجلسة 28/2/1428هـ قدم ممثل وزارة المياه والكهرباء مذكرة أوضح فيها أن الموقع مثار القضية هو ملك خارج عن يد الوزارة حالياً وتحت يد الغير وقد انتهت مسؤوليتها عنه بانتهاء مشروع خزان مياه منطقة الحفاير وبالتالي فإن إقامة هذه الدعوى على وزارة المياه والكهرباء يتنافى مع عموم القواعد العامة للإجراءات الشرعية في إقامة الدعوى وخصوصاً في ديوان المظالم, وبناءاً على الحكم الصادر برقم 79/د/إ/10لعام 1426هـ وكذا الحكم الصادر برقم 80/د/إ/10 لعام1426هـ المؤيد من هيئة التدقيق – الدائرة الأولى – برقم 139/ت/ا لعام1427هـ ويطلب رد الدعوى.
وبجلسة 7/4/1428هـ قرر الحاضرون الاكتفاء بما سبق أن قدموه فأصدرت الدائرة حكمها رقم 46/د/إ/... لعام 1428هـ بعدم اختصاص الديوان ولائياً بنظر النزاع، وبعرضه على هيئة تدقيق القضايا (الدائرة السادسة) أصدرت حكمها رقم 532/ت/6 لعام 1428هـ بنقض الحكم وإعادة القضية للدائرة لمعاودة نظرها وفق ما ورد به من ملحوظات.
وبجلسة 10/2/1429هـ قدم المدعون مذكرة أوضحوا فيها بأن طلباتهم في الدعوى تنحصر في طلب إلغاء الإجراءات التي تمت من قبل الأمانة لتطبيق المنحة وطلب التحقيق مع الموظفين المتسببين في ذلك، فسألتهم الدائرة عما يمكن فهمه من الطلب الأول وأنه ينحصر فيما تم من الأمانة من إجراءات للتطبيق دون الطعن في قرار المنح فأكدوا صحة ذلك وأن القرار الصادر بالمنح خارج عن دعواهم التي تنحصر في الطعن على الإجراءات الصادرة عن الأمانة قبل قرار المنح وبعده، حيث اقتصرت إفادتها على وصف الأراضي بأنها مواقع الخزان وأملاك خاصة دون أن تبين عدم جواز منحها مما أفقدهم الملكية، فسألتهم الدائرة عن مصدر تلك المعلومات وهل تضمن قرار المنح تلك الإفادة أم أنهم اطلعوا عليها، فقرروا بأنهم لم يطلعوا على شيء وإنما استنتجوا ماتم من قبل الأمانة من خلال سهولة ويسر صدور المنحة وتطبيقها، بعد ذلك بينت الدائرة للمدعين أن ما تضمنه طلبهم الثاني من التحقيق مع الموظفين المتسببين في تلك الإجراءات هو من اختصاص جهات التحقيق وأن لهم حق تقديمه أمامها مباشرة.
وبجلسة 15/4/1429هـ قدم ممثل أمانة العاصمة المقدسة مذكرة انتهى فيها إلى عدم صفة الأمانة حيث انحصر دورها في تطبيق الإجراءات النظامية اللازمة لتنفيذ الأمر السامي الصادر بالمنح بوصفها جهة فنية، وأن التقصير كان بالإفادة المقدمة من مصلحة المياه.
وبجلسة 5/6/1429هـ قدم المدعون مذكرة أكدوا فيها أن الدور الرئيس في تطبيق المنحة على أملاكهم المنزوعة كان لأمانة العاصمة المقدسة وطلبوا إلغاء إجراءات تطبيق المنحة، وبها صدر هذا الحكم مبنياً على التالي من:
( الأســـــبــاب )
حيث قرر المدعون حصر دعواهم في مواجهة أمانة العاصمة المقدسة ووزارة المياه والكهرباء بطلب إلغاء كافة الإجراءات التي تمت تطبيقاً لقرار المنح الصادر على الموقع محل الدعوى، ولما كان المتعين على الدائرة – قبل الخوض في الدعوى وموضوعها – بحث مسألة الاختصاص لمعرفة حدود الولاية القضائية للمحكمة بالنسبة للنزاع المعروض أمامها لتقرير بسط ولاية النظر فيه أو انحسارها عنه, كون الاختصاص من النظام العام الذي يتعين النظر فيه ولو لم يثره الخصوم.
ولما كان الأمر كذلك وكان المقرر قضاءً أن على الدائرة أن تعطي الدعوى وصفها الحق وأن تسبغ عليها التكييف الصحيح الذي تتبينه من الوقائع في حدود سبب الدعوى لتنزل قضاءها على ما يثبت لديها أنه الوصف الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها، ولا يتجلى ذلك إلا بادراك حقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها لا بالألفاظ التي صيغت بها تلك الطلبات.
ولما كان أساس كل تصور صحيح للدعاوى القضائية ينطلق من فهم سبب الدعوى باعتباره الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج التي يستند إليها الخصوم في دفاعهم إذ أن سبب الدعوى هو الأساس النظامي الذي تبنى عليه سواء أكان عقداً أم إرادة منفردة أم فعلاً غير مشروع أم إثراء بلا سبب أم نصاً في النظام.
فإن الدائرة باستجلائها حقيقة الدعوى تقرر بأنه ولئن كان البادئ من النزاع حصره في بطلان الإجراءات الصادرة في شأن تطبيق المنحة والتي يراها المدعون سبباً في تمليك الممنوح موقعاً نزع منهم جبراً للمنفعة العامة دون أن تكترث المدعى عليها لأحقيتهم في استعادته طبقاً للنظام، إلاَّ أن صيرورة الملكية بتلك الإجراءات – بغض النظر عن صحتها – إلى مالكٍ جديد ثم إلى آخر حائز للموقع بصكٍ شرعي يجعل طعن المدعين ينصب – حتماً وبالضرورة – في ملكية العقار الذي انتقل من الممنوح إلى مؤسسة .........، وبالتالي فإن المدعين ينازعون في ملكيته للموقع بطريق الطعن في الإجراءات التي صدر بها صك تملكه استناداً على ملكيتهم الأرض محل الدعوى بصكٍ شرعي وقت نزعها منهم للمنفعة العامة لمصلحة وزارة المياه والكهرباء التي قررت بعد استغلالها لسنوات الاستغناء عنها ثم استكملت أمانة العاصمة المقدسة إجراءات منحها لـ......وأخيه اللَّذين قاما ببيعها لمؤسسة ......., ويبرر المدعون طعنهم في إجراءات تنفيذ المنحة بكونهم الأحق في استعادة الأرض بعد الاستغناء عنها إعمالاً لأحكام نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/15 وتاريخ 11/3/1424هـ، ولذا فإن من المستقر في يقين الدائرة أن حقيقة ما يبتغيه المدعون من إلغاء إجراءات تنفيذ المنحة ما هو إلا طعنٌ على الإجراءات التي آلت بها الملكية للمالك الجديد وصولاً إلى استعادتها منه، وذلك خارج عن الولاية القضائية للمحاكم الإدارية التي تنحصر ولايتها ضمن دعاوى الإلغاء فيما ورد في المادة (13/ب) من نظام ديوان المظالم ومنها التصرفات القانونية للإدارة دون فحص الملكيات والحكم على سلامة إجراءاتها وإثبات ذلك أو إلغائه, إذ أن ذلك نزاع في عين العقار وقد نصت المادة 32 من نظام المرافعات الشرعية على اختصاص المحاكم العامة به, فهو اختصاصٌ أصيلٌ يستتبع ولايتها في نظر طلبات المدعين وفحص طعونهم ودفوعهم على الصك، ومن ذلك الفصل في الطعون المتعلقة بإجراءات تنفيذ المنحة على الموقع، ويبقى اختصاص المحاكم الإدارية في نظر طلبات استعادة الأرض المنزوعة للمنفعة العامة حال الاستغناء عنها وكذا طلبات إلغاء قرارات المنح أو إجراءاته منحصراً في الحالات التي يبقى فيها العقار في ملك الجهة الإدارية ولم تنتقل ملكيته بصكٍ شرعي، والقول بغير ذلك مؤداه الفصل في طعونٍ ذات أثر في الملكية بقضاءٍ قد يعارض كلمة القضاء العام في دعوى التملك، ومما يؤيد هذا النظر ما قرره المدعون في مذكرتهم المقدمة بجلسة 18/8/1427هـ التي أكدوا فيها أن صورة كشف نزع الملكية توضح أن جملة أمتار العقارات المنزوعة هي 3512م2 مُنِحَ منها 2500م2 ثم بِيعت على مؤسسة ........ لكن المؤسسة استولت على موقع الخزان وما حوله والبالغة مساحته (1012م2) كحرم وهذا الحرم من أملاكهم أخذ من دون قيد أو شرط وغضت المدعى عليهما الطرف عنه ، مما يعني إقرار المدعين بأن الإجراءات محل الطعن لم تسلبهم كامل العقار بل جزءاً منه، بينما الجزء الآخر استولت عليه المؤسسة وأدخلته في ملكها ، وهذا يقطع بأن النزاع في حقيقته يتعلق باستعادة الملكية من المالك الجديد وأن الطعن الماثل ما هو إلا طعن في إجراءات التملك يختص بالفصل فيه اعتباراَ أو إهداراً القاضي المختص بنظر نزاع الملكية، مما تنتهي معه الدائرة إلى عدم اختصاص هذه المحاكم الإدارية ولائياً بنظر الدعوى.
( ولكـــل مــا تـــقدم )
حكمت الدائرة / بعدم اختصاص المحاكم الإدارية ولائياً بنظر الدعوى لما هو موضح بالأسباب.
والله الموفق ,, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه,,,
= تكييف طلب إلغاء إجراءات تنفيذ منح الأراضي ، ومتى تضحى في مشمول الطعون بالإلغاء ومتى تمسي في مشمول منازعات التملك.
= اختصاص المحاكم الإدارية بالدعاوى المقامة بطلب استعادة العقار المنزوع بعد استغناء الجهة المستفيدة عنه وفقاً لنظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
= اختصاص المحاكم العامة بنظر ذات الدعاوى استلالاً من عموم هيمنتها على قضاء الملكية ، وضابط التفريق بين الاختصاصين.
(اجتهادُ ضعيفٍ مفتقرٍ للتقريع بمطارق الحق .. سريعُ الأوبة .. حقيقٌ بالتوبة)
حكم رقم 230/د/أ/.... لعام 14..هـ
في القضية رقم 1425/2/ق لعام 14..هـ
المقامة مـن/ ورثة .... وورثة ....
ضــــد/ أمانة العاصمة المقدسة ووزارة المياه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وبعـد:
فانه في يوم.... انعقدت الدائرة الإدارية ... بمقر المحكمة الإدارية بمحافظة جـــدة والمشكــلة مـــن:
القاضي رئيســـاً
القاضي عضـــواً
القاضي عضـــواً
وبحضــــور/........ أميناً للسـر وذلك للنظر في القضية المشار إليها أعـلاه المـحالـة إلى الدائرة في.......
وبعد دراسة الأوراق وسماع المرافعة واستيفاء كافة الإجراءات أصدرت الدائرة هذا الحكم.
( الوقــــائــــع )
تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المدعين تقدموا بلائحة دعوى ضد المدعى عليهما بتاريخ 22/3/1426هـ وقيدت قضية وأحيلت لهذه الدائرة التي باشرت نظرها وحددت لها جلسة 18/5/1426هـ وفيها سألت المدعين عن دعواهم فقرروا بأن منطقة الخزان الواقعة بجبل الحفائر بمكة المكرمة وما يحيط بها هي ملك لإحدى عشرة أسرة وهم المدعون في هذه الدعوى حيث قامت أمانة العاصمة المقدسة ومديرية المياه بمنطقة مكة المكرمة بالتصرف بعقارهم وتسليمه لآخرين لاستثماره رغم أحقيتهم في إعادة الموقع لهم بعد أن زالت المنفعة العامة عنه وفق ما قررته مصلحة المياه لدى كتابة عدل مكة في صك تمليك المستثمر, مضيفين أنهم يطلبون إلغاء قرار تمليك المستثمر للموقع الذي علموا به في بداية عام 1423هـ حيث رأوا المعدات تعمل في إزالة الخزان وتسوية الموقع وراجعوا بعدها الدوائر المختصة التي لم تفدهم بشيء, ومن ثم رفعوا برقية لوزارة الشؤون البلدية والقروية ولم تفدهم بشيء ثم رفعوا برقية لوزارة المياه برقم 4628 وتاريخ 22/8/1423هـ بطلب إعادة العقار لهم وراجعوها مراراً ولكنهم لم يجدوا منها إجابة , مضيفين أن الأرض بيد ........ وقد اشتراها ممن منحت له وهما.......و........., وطلبوا في ختام دعواهم إلزام المدعى عليهما بإعادة أملاكهم لكونهم يملكونها بموجب صكوك شرعية ونزعت منهم –حينها- للمصلحة العامة, وقد تم الاستغناء عنها وأثبت الاستغناء شرعاً.
بعد ذلك عقب ممثل وزارة المياه المدعى عليها بمذكرة ذكر فيها أن ملك المدعين للموقع انتهى بنزع ملكيته وتعويضهم بالثمن العادل, وقد صدر أمرٌ سامٍ موجه لوزير الشؤون البلدية والقروية بمنح الموقع لكل من .......و......., وقامت الأمانة باستكمال إجراءات تطبيق المنحة, مؤكداً على أن دور وزارة المياه اقتصر على تقرير عدم استفادتها من الموقع لدى كتابة العدل بمكة المكرمة حين طلبت منها الإفادة , وأكد على أن وزارة الميــاه لا تملك الموقع حالياً ولا يد لها عليه, وانتهى إلى طلب عدم قبول الدعوى في مواجهتها.
وبذات الجلسة قدم ممثل المدعى عليها ( أمانة العاصمة المقدسة ) مذكرة ذكر فيها أن وزارة المياه المسماة في ذلك الوقت ( إدارة المرافق ) هي التي نزعت ملكية العقار محل النزاع وذلك لإنشاء خزان مياه بمنطقة الحفائر, وقد انحصر دور الأمانة في استكمال إجراءات النزع وتسليمه لإدارة المرافق بموجب المحضر المؤرخ 18/1/1394هـ طالباً عدم قبول الدعوى على الأمانة لرفعها على غير ذي صفة.
وبجلسة 1/7/1426هـ قدم المدعون مذكرة ذكروا فيها أنه ليس من حق وزارة المياه أن تقرر الاستغناء عن الموقع وتقوم الأمانة باستكمال إجراءات المنح والموقع ومحارمه أملاك خاصة نزعت من أهلها بالقوة تحقيقاً للمنفعة العامة فكان الأولى في حال الاستغناء عن الموقع أن يعاد إلى أصحابه الذين يملكونه بصكوك شرعية, وخلصوا في ختام مذكرتهم إلى طلب إعادة الموقع لأصحابه , وقدموا صورة لإيصال البريد الموجه إلى وزير المياه المؤرخ 2/9/1423هـ كما قدموا بجلسة 17/7/1426هـ صورة إيصال البريد الممتاز للخطاب الموجه إلى وزير الشؤون البلدية والقروية المؤرخ 10/2/1424هـ, وكذا الإيصال المؤرخ 21/11/1423هـ وذكروا أنها خطابات تظلم من قرار المدعى عليهما المتضمن التصرف في عقارهم بعد الاستغناء عنه.
وبجلسة 18/8/1427هـ قدم المدعون مذكرة أبانوا فيها أن صورة كشف نزع الملكية توضح أن جملة أمتار العقارات المنزوعة هي 3512م2 منح منها 2500م2 ثم بيعت على مؤسسة ...... لكن المؤسسة استولت على موقع الخزان وما حوله والبالغة مساحته (1012م2) كحرم وهذا الحرم من أملاكهم أُخِذ دون قيد أو شرط وغضت الأمانة ومصلحة المياه الطرف عنه, كما أن الأمانة والمصلحة (المدعى عليهما) لم تنكرا ملكيتهم لهذه المواقع فضلاً عن أن الصكوك الشرعية تؤكد ذلك ، ويطلبون الحكم بإعادة أملاكهم وإلغاء الإجراءات التي نُفِذت بموجبها المنحة لكونها إجراءات باطلة وما بني على باطل فهو باطل ، بعد ذلك طلبت الدائرة من المدعين تحديد الجهة المدعى عليها فقرروا أنهم يدعون على أمانة العاصمة المقدسة ومصلحة المياه.
وبجلسة 16/1/1428هـ سألت الدائرة المدعين عن ما آلت إليه الدعوى المنظورة في المحكمة العامة بمكة في مواجهة ...... المستثمر للموقع فقرروا بأنها لازالت منظورة ولم يتم الفصل فيها.
وبجلسة 28/2/1428هـ قدم ممثل وزارة المياه والكهرباء مذكرة أوضح فيها أن الموقع مثار القضية هو ملك خارج عن يد الوزارة حالياً وتحت يد الغير وقد انتهت مسؤوليتها عنه بانتهاء مشروع خزان مياه منطقة الحفاير وبالتالي فإن إقامة هذه الدعوى على وزارة المياه والكهرباء يتنافى مع عموم القواعد العامة للإجراءات الشرعية في إقامة الدعوى وخصوصاً في ديوان المظالم, وبناءاً على الحكم الصادر برقم 79/د/إ/10لعام 1426هـ وكذا الحكم الصادر برقم 80/د/إ/10 لعام1426هـ المؤيد من هيئة التدقيق – الدائرة الأولى – برقم 139/ت/ا لعام1427هـ ويطلب رد الدعوى.
وبجلسة 7/4/1428هـ قرر الحاضرون الاكتفاء بما سبق أن قدموه فأصدرت الدائرة حكمها رقم 46/د/إ/... لعام 1428هـ بعدم اختصاص الديوان ولائياً بنظر النزاع، وبعرضه على هيئة تدقيق القضايا (الدائرة السادسة) أصدرت حكمها رقم 532/ت/6 لعام 1428هـ بنقض الحكم وإعادة القضية للدائرة لمعاودة نظرها وفق ما ورد به من ملحوظات.
وبجلسة 10/2/1429هـ قدم المدعون مذكرة أوضحوا فيها بأن طلباتهم في الدعوى تنحصر في طلب إلغاء الإجراءات التي تمت من قبل الأمانة لتطبيق المنحة وطلب التحقيق مع الموظفين المتسببين في ذلك، فسألتهم الدائرة عما يمكن فهمه من الطلب الأول وأنه ينحصر فيما تم من الأمانة من إجراءات للتطبيق دون الطعن في قرار المنح فأكدوا صحة ذلك وأن القرار الصادر بالمنح خارج عن دعواهم التي تنحصر في الطعن على الإجراءات الصادرة عن الأمانة قبل قرار المنح وبعده، حيث اقتصرت إفادتها على وصف الأراضي بأنها مواقع الخزان وأملاك خاصة دون أن تبين عدم جواز منحها مما أفقدهم الملكية، فسألتهم الدائرة عن مصدر تلك المعلومات وهل تضمن قرار المنح تلك الإفادة أم أنهم اطلعوا عليها، فقرروا بأنهم لم يطلعوا على شيء وإنما استنتجوا ماتم من قبل الأمانة من خلال سهولة ويسر صدور المنحة وتطبيقها، بعد ذلك بينت الدائرة للمدعين أن ما تضمنه طلبهم الثاني من التحقيق مع الموظفين المتسببين في تلك الإجراءات هو من اختصاص جهات التحقيق وأن لهم حق تقديمه أمامها مباشرة.
وبجلسة 15/4/1429هـ قدم ممثل أمانة العاصمة المقدسة مذكرة انتهى فيها إلى عدم صفة الأمانة حيث انحصر دورها في تطبيق الإجراءات النظامية اللازمة لتنفيذ الأمر السامي الصادر بالمنح بوصفها جهة فنية، وأن التقصير كان بالإفادة المقدمة من مصلحة المياه.
وبجلسة 5/6/1429هـ قدم المدعون مذكرة أكدوا فيها أن الدور الرئيس في تطبيق المنحة على أملاكهم المنزوعة كان لأمانة العاصمة المقدسة وطلبوا إلغاء إجراءات تطبيق المنحة، وبها صدر هذا الحكم مبنياً على التالي من:
( الأســـــبــاب )
حيث قرر المدعون حصر دعواهم في مواجهة أمانة العاصمة المقدسة ووزارة المياه والكهرباء بطلب إلغاء كافة الإجراءات التي تمت تطبيقاً لقرار المنح الصادر على الموقع محل الدعوى، ولما كان المتعين على الدائرة – قبل الخوض في الدعوى وموضوعها – بحث مسألة الاختصاص لمعرفة حدود الولاية القضائية للمحكمة بالنسبة للنزاع المعروض أمامها لتقرير بسط ولاية النظر فيه أو انحسارها عنه, كون الاختصاص من النظام العام الذي يتعين النظر فيه ولو لم يثره الخصوم.
ولما كان الأمر كذلك وكان المقرر قضاءً أن على الدائرة أن تعطي الدعوى وصفها الحق وأن تسبغ عليها التكييف الصحيح الذي تتبينه من الوقائع في حدود سبب الدعوى لتنزل قضاءها على ما يثبت لديها أنه الوصف الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها، ولا يتجلى ذلك إلا بادراك حقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها لا بالألفاظ التي صيغت بها تلك الطلبات.
ولما كان أساس كل تصور صحيح للدعاوى القضائية ينطلق من فهم سبب الدعوى باعتباره الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج التي يستند إليها الخصوم في دفاعهم إذ أن سبب الدعوى هو الأساس النظامي الذي تبنى عليه سواء أكان عقداً أم إرادة منفردة أم فعلاً غير مشروع أم إثراء بلا سبب أم نصاً في النظام.
فإن الدائرة باستجلائها حقيقة الدعوى تقرر بأنه ولئن كان البادئ من النزاع حصره في بطلان الإجراءات الصادرة في شأن تطبيق المنحة والتي يراها المدعون سبباً في تمليك الممنوح موقعاً نزع منهم جبراً للمنفعة العامة دون أن تكترث المدعى عليها لأحقيتهم في استعادته طبقاً للنظام، إلاَّ أن صيرورة الملكية بتلك الإجراءات – بغض النظر عن صحتها – إلى مالكٍ جديد ثم إلى آخر حائز للموقع بصكٍ شرعي يجعل طعن المدعين ينصب – حتماً وبالضرورة – في ملكية العقار الذي انتقل من الممنوح إلى مؤسسة .........، وبالتالي فإن المدعين ينازعون في ملكيته للموقع بطريق الطعن في الإجراءات التي صدر بها صك تملكه استناداً على ملكيتهم الأرض محل الدعوى بصكٍ شرعي وقت نزعها منهم للمنفعة العامة لمصلحة وزارة المياه والكهرباء التي قررت بعد استغلالها لسنوات الاستغناء عنها ثم استكملت أمانة العاصمة المقدسة إجراءات منحها لـ......وأخيه اللَّذين قاما ببيعها لمؤسسة ......., ويبرر المدعون طعنهم في إجراءات تنفيذ المنحة بكونهم الأحق في استعادة الأرض بعد الاستغناء عنها إعمالاً لأحكام نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/15 وتاريخ 11/3/1424هـ، ولذا فإن من المستقر في يقين الدائرة أن حقيقة ما يبتغيه المدعون من إلغاء إجراءات تنفيذ المنحة ما هو إلا طعنٌ على الإجراءات التي آلت بها الملكية للمالك الجديد وصولاً إلى استعادتها منه، وذلك خارج عن الولاية القضائية للمحاكم الإدارية التي تنحصر ولايتها ضمن دعاوى الإلغاء فيما ورد في المادة (13/ب) من نظام ديوان المظالم ومنها التصرفات القانونية للإدارة دون فحص الملكيات والحكم على سلامة إجراءاتها وإثبات ذلك أو إلغائه, إذ أن ذلك نزاع في عين العقار وقد نصت المادة 32 من نظام المرافعات الشرعية على اختصاص المحاكم العامة به, فهو اختصاصٌ أصيلٌ يستتبع ولايتها في نظر طلبات المدعين وفحص طعونهم ودفوعهم على الصك، ومن ذلك الفصل في الطعون المتعلقة بإجراءات تنفيذ المنحة على الموقع، ويبقى اختصاص المحاكم الإدارية في نظر طلبات استعادة الأرض المنزوعة للمنفعة العامة حال الاستغناء عنها وكذا طلبات إلغاء قرارات المنح أو إجراءاته منحصراً في الحالات التي يبقى فيها العقار في ملك الجهة الإدارية ولم تنتقل ملكيته بصكٍ شرعي، والقول بغير ذلك مؤداه الفصل في طعونٍ ذات أثر في الملكية بقضاءٍ قد يعارض كلمة القضاء العام في دعوى التملك، ومما يؤيد هذا النظر ما قرره المدعون في مذكرتهم المقدمة بجلسة 18/8/1427هـ التي أكدوا فيها أن صورة كشف نزع الملكية توضح أن جملة أمتار العقارات المنزوعة هي 3512م2 مُنِحَ منها 2500م2 ثم بِيعت على مؤسسة ........ لكن المؤسسة استولت على موقع الخزان وما حوله والبالغة مساحته (1012م2) كحرم وهذا الحرم من أملاكهم أخذ من دون قيد أو شرط وغضت المدعى عليهما الطرف عنه ، مما يعني إقرار المدعين بأن الإجراءات محل الطعن لم تسلبهم كامل العقار بل جزءاً منه، بينما الجزء الآخر استولت عليه المؤسسة وأدخلته في ملكها ، وهذا يقطع بأن النزاع في حقيقته يتعلق باستعادة الملكية من المالك الجديد وأن الطعن الماثل ما هو إلا طعن في إجراءات التملك يختص بالفصل فيه اعتباراَ أو إهداراً القاضي المختص بنظر نزاع الملكية، مما تنتهي معه الدائرة إلى عدم اختصاص هذه المحاكم الإدارية ولائياً بنظر الدعوى.
( ولكـــل مــا تـــقدم )
حكمت الدائرة / بعدم اختصاص المحاكم الإدارية ولائياً بنظر الدعوى لما هو موضح بالأسباب.
والله الموفق ,, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه,,,