سيادة القانون
09-10-2010, 11:59 AM
كتبت هذه الرسالة بخط العلامة الأستاذ الدكتور عبدالرزاق أحمد السنهوريّ وكان خطه جميلاً -رحمه الله -وقدّ وجهها إلى القاضيّ السابق والمحامي بالنقض الحاليّ الأستاذ محمد كمال عبدالعزيز وذلك لأنه قام بإهداءه نسخة من كتابه "التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه" والصادر عام 1963م والعجيب أن المؤلف في الطبعة الثالثة قد ذكر أنه قام بإهداء العلامة كتابه وهو لم يراه بل توفيّ دون أن يلتقيّ به -رحمه الله- وذكر في طبعة الثالثة مانصه " يشرفني أن أهدي هذه الطبعة من كتابيّ التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه إلى روح فقيه العروبة المرحوم الاستاذ الدكتور عبدالرزاق أحمد السنهوري ، تحية تقدير وعرفان لما قدمه للفكر القانوني على اتساع الأمة العربية والأسلامية بما شكل قاعدة صلبة لوحدة الفكر والوجدان والتوجه وهي مقدمة ضرورية للوحدة السياسية إن شاء الله.."...إلى أن قال " ورغم أنني لم يحالفني الحظ بلقاء استاذنا الكبير أو التعرف إليه على المستوى الشخصي وإن كنت كغيري من رجال القانون أعيش على مائدة فضله وعلمه صباح مساء في قاعات البحث والمحاضرة وساحات القضاء ورغم مشاغله -يعنيّ الفقيه- حرض أن يوجه الى بطريق البريد فور تلقيه نسخة الكتاب ، كتابه المؤرخ اكتوبر 1964 ....."
جواب العلامة -رحمه الله- :
القاهرة في 12 اكتوبر سنة 1964 .
عزيزي الأستاذ محمد كمال عبدالعزيز .
تحية وسلاما وبعد فقد تلقيت اليوم نسخة من "التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه" تفضلتم بإهدائها إيايّ وإني شاكر لكم كل الشكر هذه اللفتة الكريمة ، ومقدر كل التقدير هذه الجهود الضخمة التي بذلتموها في اخراج هذه المؤلف القيمّ ، فقد اقتضاكم اخراجه دون شك الرجوع الى عدد كبير من المراجع من مجاميع قضائية الى مؤلفات فقهية الى ابحاث قانونية.وبحسبكم أن يكون جزاؤكم على هذه الجهود ما يجنيه رجال القانون من قضاة ومحامين واساتذة من نفع جزيل بالرجوع الى مؤلفكم، فقد عبدتم لهم الطريق ،ومهدتم مسالك البحث.ولاشك في أنني سأفيد من مؤلفكم فاءدة جليلة ، فقد حصر نصوص التقنين المدني مشروحة ومعلقاً عليها بين دفتيّ مجلد واحد، وفي هذا وحدة مزية كبيرة الى جانب مزايا أخرى كثيرة.
وأعجبني انكم جعلتم عنوان مؤلفكم "التقنين المدني" فقد آن أن نشيع استعمال هذا اللفط "التقنين" لنميّز بين القانون (DROIT) والتقنين(CODE).
وأعجبني أن تقولوا في تقديمكم لمؤلفكم"وآلان وبعد مضيّ نحو اربعة عشر عاما على العمل بالتقنين المدني الحالي في بيئة مصرية خالصة، بأدوات قضائية وفقهية مصرية خالصة كذلك، نجد أثر ذلك قد تحقق حسبما اتجه واضعوا مشروعه تفكيراً قانونياً خالصاً من أية تبعية من أي لون، وكياناً قانونياً ذاتياً قوامه احتياجات البيئة ومقتضيات العدل في مفهوم هذه البيئة". حقاً لقد كانت هذه أمنية واضعي المشروع، وأحمد الله تعالى على أن أجد قاضياً فاضلاً مثلكم يسجل أن هذه الأمنية قد تحققت،وأصبح التقنين المدني-تشريعاً وقضاءً وفقهاً-تفكيراً قانونياً خالصاً من أية تبعية من أي لون،بل لقد شئتم أن تضيفوا إلى ذلك الاشارة إلى امتداد أثر التقنين المدني"إلى البيئة العربية كلها تشريعاً وتطبيقاً ، فإتخذت سوريا وليبيا من التقنين نفسه تشريعاً لها،واتخذت منه العراق أساساً لتقنينها المدني، وبجانب هذا الأنعكاس التشريعي أصبح القضاء والفقه المصريان أساساً مشتركاً للتفكير القانوني في الأمة العربية جمعاء".
وأعجبني أن تقدموا عملكم"تحية خالصة للؤمنين بسيادة القانون ،تأكيداً لمعنى الحرية وتثبيتاً لحقيقة العدل".
وخصصتموني في إهدائكم بتحية كريمة، إذ تشيرون إلى تعلقيّ بمعنى سيادة القانون.وقد مسستم بذلك وتراً حساساً في قلبي،فإنيّ من أشد المتعلقين بهذا المعنى الجليل.
وإذا كان هذا العملّ الضخم من بواكير أعمالكم القانونية،فإنيّ أبشركم بمستقبل زاهر في خدمة القانون والقضاء والفقه.جزاكم الله خير الجزاء بما بذلتم من جهود موفقة.
وختاماً تقبلوا منى خالص التحية وصادق الشكر،،،
المخلص
عبدالرزاق السنهوري
تعليقي : ما كنت أعلم قبل هذا اليوم بتعلق العلامة -رحمه الله- الشديد بمعنى "سيادة القانون" ، والذي أخترته معرفاً ليّ ، ويشهد الله أنني من أشد المتعلقين بهذا المعنى كحال سيادته -رحمه الله- تعلقاً ينمّ عن عقيدة بأن لا عدل ولا حرية ولا مشروعية والقانون لا تمتد سيادته على الجميع حاكماً ومحكوماً .
رحم الله العلامة الفقيه الأستاذ الدكتور عبدالرزاق السنهوري ..وأطال الله بعمرّ الأستاذ محمد كمال عبدالعزيز وجزاه الله عنيّ وعن المهتمين خير الجزاء على ماقدمه للمكتبة العربية والقانونية بهذا المؤلف النفيس ..والحمدلله رب العالمين.
جواب العلامة -رحمه الله- :
القاهرة في 12 اكتوبر سنة 1964 .
عزيزي الأستاذ محمد كمال عبدالعزيز .
تحية وسلاما وبعد فقد تلقيت اليوم نسخة من "التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه" تفضلتم بإهدائها إيايّ وإني شاكر لكم كل الشكر هذه اللفتة الكريمة ، ومقدر كل التقدير هذه الجهود الضخمة التي بذلتموها في اخراج هذه المؤلف القيمّ ، فقد اقتضاكم اخراجه دون شك الرجوع الى عدد كبير من المراجع من مجاميع قضائية الى مؤلفات فقهية الى ابحاث قانونية.وبحسبكم أن يكون جزاؤكم على هذه الجهود ما يجنيه رجال القانون من قضاة ومحامين واساتذة من نفع جزيل بالرجوع الى مؤلفكم، فقد عبدتم لهم الطريق ،ومهدتم مسالك البحث.ولاشك في أنني سأفيد من مؤلفكم فاءدة جليلة ، فقد حصر نصوص التقنين المدني مشروحة ومعلقاً عليها بين دفتيّ مجلد واحد، وفي هذا وحدة مزية كبيرة الى جانب مزايا أخرى كثيرة.
وأعجبني انكم جعلتم عنوان مؤلفكم "التقنين المدني" فقد آن أن نشيع استعمال هذا اللفط "التقنين" لنميّز بين القانون (DROIT) والتقنين(CODE).
وأعجبني أن تقولوا في تقديمكم لمؤلفكم"وآلان وبعد مضيّ نحو اربعة عشر عاما على العمل بالتقنين المدني الحالي في بيئة مصرية خالصة، بأدوات قضائية وفقهية مصرية خالصة كذلك، نجد أثر ذلك قد تحقق حسبما اتجه واضعوا مشروعه تفكيراً قانونياً خالصاً من أية تبعية من أي لون، وكياناً قانونياً ذاتياً قوامه احتياجات البيئة ومقتضيات العدل في مفهوم هذه البيئة". حقاً لقد كانت هذه أمنية واضعي المشروع، وأحمد الله تعالى على أن أجد قاضياً فاضلاً مثلكم يسجل أن هذه الأمنية قد تحققت،وأصبح التقنين المدني-تشريعاً وقضاءً وفقهاً-تفكيراً قانونياً خالصاً من أية تبعية من أي لون،بل لقد شئتم أن تضيفوا إلى ذلك الاشارة إلى امتداد أثر التقنين المدني"إلى البيئة العربية كلها تشريعاً وتطبيقاً ، فإتخذت سوريا وليبيا من التقنين نفسه تشريعاً لها،واتخذت منه العراق أساساً لتقنينها المدني، وبجانب هذا الأنعكاس التشريعي أصبح القضاء والفقه المصريان أساساً مشتركاً للتفكير القانوني في الأمة العربية جمعاء".
وأعجبني أن تقدموا عملكم"تحية خالصة للؤمنين بسيادة القانون ،تأكيداً لمعنى الحرية وتثبيتاً لحقيقة العدل".
وخصصتموني في إهدائكم بتحية كريمة، إذ تشيرون إلى تعلقيّ بمعنى سيادة القانون.وقد مسستم بذلك وتراً حساساً في قلبي،فإنيّ من أشد المتعلقين بهذا المعنى الجليل.
وإذا كان هذا العملّ الضخم من بواكير أعمالكم القانونية،فإنيّ أبشركم بمستقبل زاهر في خدمة القانون والقضاء والفقه.جزاكم الله خير الجزاء بما بذلتم من جهود موفقة.
وختاماً تقبلوا منى خالص التحية وصادق الشكر،،،
المخلص
عبدالرزاق السنهوري
تعليقي : ما كنت أعلم قبل هذا اليوم بتعلق العلامة -رحمه الله- الشديد بمعنى "سيادة القانون" ، والذي أخترته معرفاً ليّ ، ويشهد الله أنني من أشد المتعلقين بهذا المعنى كحال سيادته -رحمه الله- تعلقاً ينمّ عن عقيدة بأن لا عدل ولا حرية ولا مشروعية والقانون لا تمتد سيادته على الجميع حاكماً ومحكوماً .
رحم الله العلامة الفقيه الأستاذ الدكتور عبدالرزاق السنهوري ..وأطال الله بعمرّ الأستاذ محمد كمال عبدالعزيز وجزاه الله عنيّ وعن المهتمين خير الجزاء على ماقدمه للمكتبة العربية والقانونية بهذا المؤلف النفيس ..والحمدلله رب العالمين.