ابوعبدالعزيز
25-11-2008, 08:25 AM
جريدة الاقتصادية - العدد: 5523 الأثنين 1429/11/26 هـ 2008-11-24
التحكيم: أيسر سبل التقاضي وفض المنازعات (2 من 2)
تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن التحكيم كأسلوب تقاض خاص يفصل في النزاعات، مع حفظ العلاقة بين المتخاصمين، وبينت الأساس النظامي فيه، والشروط والأحكام، واليوم نستكمل الحديث عن الجوانب الأخرى في الموضوع. مزايا التحكيم:
1- الحرية في اختيار المحكم (القاضي) وهو ما يدفع المتخاصمين إلى الاطمئنان إلى سلامة اختيارهما، والرضا والقبول المسبق بما يكون عليه الحكم، وهو أمر لا يتحقق في القضاء العام.
2- السرعة في إنهاء النزاع، لأنه يتم في التحكيم تحديد مدة لإنهاء التحكيم، وهو أمر لا يمكن الحصول عليه في المحاكم الأخرى.
3- حفظ أسرار المحتكمين، إذ إن لهما أن يطلبا أن تكون جلسات التحكيم سرية، وهو الأمر الذي يحول دون شيوع الخلاف بينهما، وانتشاره في الأوساط الاجتماعية.
4- حفظ العلاقة بين الخصمين، وتقليل درجة الخلاف بينهما، لأنهما تراضيا على التحكيم، ولم يلجأ أحدهما إلى رفع دعوى على الآخر متهماً إياه بجحود حقه، الأمر الذي ينتهي في الغالب بحكم لا يرضي أحدهما.
5- التحكيم يساعد على حفظ سمعة المتخاصمين، بخاصة في الشركات العائلية، والشركات الأخرى، التي تخشى على سمعتها أن تتأثر إذا علم أن بها مشكلات داخلية، أو أن هناك دعاوى مرفوعة ضدها.
6- تركيز المحكمين على القضية المعروضة أمامهم، وتفرغهم لها في الغالب بعكس ما يحدث في القضاء العام حيث يكون القاضي مثقلاً بالقضايا.
7- يذهب المتخاصمان إلى جلسات التحكيم وهما راضيان، بعكس ما يجري لو رفع أحدهما دعوى على الآخر أمام المحاكم العامة، متهماً إياه، وهو ما يتسبب في حدوث العداوة والشحناء بينهما، ويؤدي إلى أن يحمل أحدهما على الآخر.
واجبات المحكّمين:
1- سعة الاطلاع، والإلمام بأصول التقاضي وإجراءاته، ناهيك عن الإحاطة الكاملة بموضوع النزاع، وما يحكمه من عقود واتفاقيات.
2- النزاهة والحياد، ومراعاة الأمانة فيما يصدره من أحكام.
3- الاستقلال التام، وعدم وجود مصلحة للمحكم، من قريب أو بعيد في موضوع التحكيم، أو علاقة قرابة أو صداقة أو مصاهرة، أو خصومة، مع أي من الخصوم، وعليه أن يعطي إقراراً بذلك قبل بدء التحكيم.
4- الالتزام بسرية ما يطلع عليه من معلومات بحكم عمله كمحكم، بما في ذلك إجراءات التحكيم ومداولاته والحكم الذي يصدر عنه.
5- الحرص على حضور جلسات هيئة التحكيم كافة، وعدم تعطيل أي منها بالغياب أو الاعتذار لأي سبب، لأن ذلك مما يؤثر في سير القضايا، وإطالة أمد التحكيم.
6- إعداد وثيقة التحكيم التي تتضمن عرضاً لموضوع النزاع، وأسماء الخصوم، وأسماء المحكمين وموافقتهم على نظر النزاع، على أن يرفق بها نسخ من الوثائق والمستندات التي تحكم النزاع، وعرضها على الجهة المختصة بنظر النزاع.
أخلاقيات التحكيم:
1. إن المحكم يماثل القاضي، وبالتالي فهو يختلف عن المحامي، ولذا يجب عليه أن يتجنب ما يشير إلى الدفاع عن أي طرف، أو تقديم النصح والمشورة له، في أي أمر يتعلق بموضوع التحكيم.
2. يجب على المحكم أن ينظر إلى الخصمين ويعاملهما معاملة متساوية بصرف النظر عن اختلاف مكانتهما الاجتماعية أو سنهما، أو مستوى تعليمهما، مع تجنب ما يتصل بذلك أو يؤثر في سير التحكيم كلقاء أحد الخصوم خارج مجلس التحكيم، أو تلقي الاتصالات الهاتفية أو الكتابية من أحدهما.
3. التأكد من مقدرته، ووجود الوقت الكافي لديه، وخلوه مما قد يؤثر في مكانته كمحكم، وذلك قبل أن يقبل اختياره التحكيم.
4. التعاون الكامل مع هيئة التحكيم، وتجنب أي خلاف معها، أو محاولة التأثير فيها، أو إعاقة المداولة أو تأخير الفصل في النزاع، سواء كان ذلك أثناء الإجراءات أو المداولة أو مرحلة إصدار الحكم.
5. مخافة الله ومراقبته في أداء عمله واستشعار ثقل المسؤولية والأمانة التي اؤتمن عليها.
ملحوظات على التحكيم:
إذا كان ثمة ملحوظات على وضع التحكيم في المملكة، فهي ملحوظات لا تعيب التحكيم، أو تنتقص من مكانته كأيسر سبل التقاضي، ومنها أن التحكيم يتم بمقابل أو أتعاب، في حين أن التقاضي في المحاكم العامة، يتم دون مقابل، فيما عدا نفقات المحامين، كما أن وثيقة التحكيم، وحكم التحكيم لا بد أن يعرضا على الجهة المختصة أصلا بنظر النزاع، مما قد يتسبب في تأخير الموافقة على الوثيقة أو المصادقة على الحكم، بسبب إعادته إلى هيئة التحكيم بطلب التوضيح، أو الإجابة عن بعض الاستفسارات، من جهة أخرى فإن من الملاحظ أنه رغم سهولة التحكيم ومناسبته لفض النزاعات، ولا سيما التجارية منها، فإن الوعي بأهميته وملاءمته من النواحي التي ذكرناها، لا يزال محدوداً، ومما يرفع من درجة الوعي والاستفادة من التحكيم، أن تقوم الجهات المعنية التي يخدمها انتشاره وزيادة العمل به، كوزارة العدل ومجلس الغرف السعودية والغرف التجارية ذاتها واللجنة الاستشارية للتحكيم، والمحكمين أنفسهم، بالإسهام في التوعية ونشر ثقافة التحكيم، بإقامة الندوات وورش العمل، وإصدار المطبوعات، وتنظيم البرامج والحوارات في وسائل الإعلام المحلية.
والله من وراء القصد
التحكيم: أيسر سبل التقاضي وفض المنازعات (2 من 2)
تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن التحكيم كأسلوب تقاض خاص يفصل في النزاعات، مع حفظ العلاقة بين المتخاصمين، وبينت الأساس النظامي فيه، والشروط والأحكام، واليوم نستكمل الحديث عن الجوانب الأخرى في الموضوع. مزايا التحكيم:
1- الحرية في اختيار المحكم (القاضي) وهو ما يدفع المتخاصمين إلى الاطمئنان إلى سلامة اختيارهما، والرضا والقبول المسبق بما يكون عليه الحكم، وهو أمر لا يتحقق في القضاء العام.
2- السرعة في إنهاء النزاع، لأنه يتم في التحكيم تحديد مدة لإنهاء التحكيم، وهو أمر لا يمكن الحصول عليه في المحاكم الأخرى.
3- حفظ أسرار المحتكمين، إذ إن لهما أن يطلبا أن تكون جلسات التحكيم سرية، وهو الأمر الذي يحول دون شيوع الخلاف بينهما، وانتشاره في الأوساط الاجتماعية.
4- حفظ العلاقة بين الخصمين، وتقليل درجة الخلاف بينهما، لأنهما تراضيا على التحكيم، ولم يلجأ أحدهما إلى رفع دعوى على الآخر متهماً إياه بجحود حقه، الأمر الذي ينتهي في الغالب بحكم لا يرضي أحدهما.
5- التحكيم يساعد على حفظ سمعة المتخاصمين، بخاصة في الشركات العائلية، والشركات الأخرى، التي تخشى على سمعتها أن تتأثر إذا علم أن بها مشكلات داخلية، أو أن هناك دعاوى مرفوعة ضدها.
6- تركيز المحكمين على القضية المعروضة أمامهم، وتفرغهم لها في الغالب بعكس ما يحدث في القضاء العام حيث يكون القاضي مثقلاً بالقضايا.
7- يذهب المتخاصمان إلى جلسات التحكيم وهما راضيان، بعكس ما يجري لو رفع أحدهما دعوى على الآخر أمام المحاكم العامة، متهماً إياه، وهو ما يتسبب في حدوث العداوة والشحناء بينهما، ويؤدي إلى أن يحمل أحدهما على الآخر.
واجبات المحكّمين:
1- سعة الاطلاع، والإلمام بأصول التقاضي وإجراءاته، ناهيك عن الإحاطة الكاملة بموضوع النزاع، وما يحكمه من عقود واتفاقيات.
2- النزاهة والحياد، ومراعاة الأمانة فيما يصدره من أحكام.
3- الاستقلال التام، وعدم وجود مصلحة للمحكم، من قريب أو بعيد في موضوع التحكيم، أو علاقة قرابة أو صداقة أو مصاهرة، أو خصومة، مع أي من الخصوم، وعليه أن يعطي إقراراً بذلك قبل بدء التحكيم.
4- الالتزام بسرية ما يطلع عليه من معلومات بحكم عمله كمحكم، بما في ذلك إجراءات التحكيم ومداولاته والحكم الذي يصدر عنه.
5- الحرص على حضور جلسات هيئة التحكيم كافة، وعدم تعطيل أي منها بالغياب أو الاعتذار لأي سبب، لأن ذلك مما يؤثر في سير القضايا، وإطالة أمد التحكيم.
6- إعداد وثيقة التحكيم التي تتضمن عرضاً لموضوع النزاع، وأسماء الخصوم، وأسماء المحكمين وموافقتهم على نظر النزاع، على أن يرفق بها نسخ من الوثائق والمستندات التي تحكم النزاع، وعرضها على الجهة المختصة بنظر النزاع.
أخلاقيات التحكيم:
1. إن المحكم يماثل القاضي، وبالتالي فهو يختلف عن المحامي، ولذا يجب عليه أن يتجنب ما يشير إلى الدفاع عن أي طرف، أو تقديم النصح والمشورة له، في أي أمر يتعلق بموضوع التحكيم.
2. يجب على المحكم أن ينظر إلى الخصمين ويعاملهما معاملة متساوية بصرف النظر عن اختلاف مكانتهما الاجتماعية أو سنهما، أو مستوى تعليمهما، مع تجنب ما يتصل بذلك أو يؤثر في سير التحكيم كلقاء أحد الخصوم خارج مجلس التحكيم، أو تلقي الاتصالات الهاتفية أو الكتابية من أحدهما.
3. التأكد من مقدرته، ووجود الوقت الكافي لديه، وخلوه مما قد يؤثر في مكانته كمحكم، وذلك قبل أن يقبل اختياره التحكيم.
4. التعاون الكامل مع هيئة التحكيم، وتجنب أي خلاف معها، أو محاولة التأثير فيها، أو إعاقة المداولة أو تأخير الفصل في النزاع، سواء كان ذلك أثناء الإجراءات أو المداولة أو مرحلة إصدار الحكم.
5. مخافة الله ومراقبته في أداء عمله واستشعار ثقل المسؤولية والأمانة التي اؤتمن عليها.
ملحوظات على التحكيم:
إذا كان ثمة ملحوظات على وضع التحكيم في المملكة، فهي ملحوظات لا تعيب التحكيم، أو تنتقص من مكانته كأيسر سبل التقاضي، ومنها أن التحكيم يتم بمقابل أو أتعاب، في حين أن التقاضي في المحاكم العامة، يتم دون مقابل، فيما عدا نفقات المحامين، كما أن وثيقة التحكيم، وحكم التحكيم لا بد أن يعرضا على الجهة المختصة أصلا بنظر النزاع، مما قد يتسبب في تأخير الموافقة على الوثيقة أو المصادقة على الحكم، بسبب إعادته إلى هيئة التحكيم بطلب التوضيح، أو الإجابة عن بعض الاستفسارات، من جهة أخرى فإن من الملاحظ أنه رغم سهولة التحكيم ومناسبته لفض النزاعات، ولا سيما التجارية منها، فإن الوعي بأهميته وملاءمته من النواحي التي ذكرناها، لا يزال محدوداً، ومما يرفع من درجة الوعي والاستفادة من التحكيم، أن تقوم الجهات المعنية التي يخدمها انتشاره وزيادة العمل به، كوزارة العدل ومجلس الغرف السعودية والغرف التجارية ذاتها واللجنة الاستشارية للتحكيم، والمحكمين أنفسهم، بالإسهام في التوعية ونشر ثقافة التحكيم، بإقامة الندوات وورش العمل، وإصدار المطبوعات، وتنظيم البرامج والحوارات في وسائل الإعلام المحلية.
والله من وراء القصد