المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصلح واثره في انهاء الخصومة



المميز
12-01-2009, 09:15 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
المحامي والمستشار الأستاذ الفاتح اليسع يكتب عن الصلح وأثره في إنهاء الخصومات :-
* الصلح لا يترك أي آثار سيئة في نفوس الأطراف المتخاصمة على عكس ما هو عليه الأمر في النزاع الذي ينتهي بالقضاء حيث يترك آثارا لاتنساها الذاكرة .
*الصلح يحقق العدالة ويخفف العبء عن القضاء والخصوم ويحقق نشر السلم الاجتماعي .وهو من أكثر العقود فائدة وتقتضيه المصلحة وحاجة الناس.
*عليكم بقبول الصلح والابتعاد عن الخصومات فهي داعية للهموم ومحرقة للقلوب ومضيعة للوقت والجهد والمال .
الصلح هو عقد يتوصل به إلى موافقة بين متخاصمين إنهاءً للنزاع وهو يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي ومشروعية الصلح ثابتة في الكتاب والسنة والأنظمة الوضعية الحديثة حيث يقول جل شأنه (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله "الصلح جائز بين المسلمين. زاد أحمد. إلا صلحا حرم حلالاً أو أحل حراماً . وقد أجمعت الأمة على مشروعيته في حقوق العباد أما الحدود فلا يصح الصلح فيها ... ومن الثابت أن هنالك أجر الشخص الذي يسعى في الإصلاح بين الناس ؟؟. حيث قال تعالى (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً ) وقال تعالى (إن الله لايضيع أجر من أحسن عملا) وقال " ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟؟ قالوا بلى !! قال إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة) وأيضا قال " في هذا الشأن (كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين (تصلح بينهما بالعدل) صدقة... فالمصلح له أجر كبير لايضيع أبدا إذ أنه يسعد عند الله تعالى في آخرته ويسمو بين الورى بحسن الثناء والشكر حيث يقول الشاعر :-
لا تزهد الدهر في عرف بدأت به كل أمري سوف يجزى بالذي فعلا
إن الثناء ليحي ذكر صــــاحبــه كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا
أن الجمـــيل وان طال الزمان به فـــــــــلن يحصده غير الذي زرعا
ولعل هنالك أهمية وفائدة في الصلح بين الخصوم فلعقد الصلح مكان الصدارة من بين سائر العقود في الفقه الإسلامي والشرائع السماوية الأخرى والقوانين الوضعية ويتزايد الاهتمام به في أنظمة جميع الدول ، والمملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي عرفت عقد الصلح ، وذلك نظرا لفائدته القصوى من جميع النواحي فنوجز أهميته فيما يلي:-
1 - تخفيف العبء عن القضاء:.... فقد يتم الصلح بين الخصوم قبل رفع الدعوى أمام القضاء ، وفي هذا وذاك تخفيف للعبء الواقع على القضاء وتحقيق لمعنى العدل والتراضي والاتفاق حيث يقول المثل (لو إصطلح الناس استراح القاضي وبات كل عن أخيه راضي ).
2 - تخفيف العبء عن الخصوم :... إن إنهاء النزاع بين الخصوم صلحاً فيه تخفيف كبير عنهم ذلك أن إجراءات التقاضي فيها كثير من التعقيد والمشقة كما أنها تستغرق وقتاً طويلاً وتكاليف باهظة، وفي هذا عنت للخصوم واستنزاف للجهود والأموال والأوقات .
3- تحقيق العدالة :... إن حسم النزاع بين طرفي الخصومة صلحا أدعى إلى الإنصاف وأدنى إلى تحقيق العدالة ذلك أن طرفي الخصومة هما - ولا ريب - أعلم من غيرهم بمعرفة استحقاق كل منهم فيما يدعيه أو فيما يدعي عليه لأن كلا منهما يعلم في قرارة نفسه حقيقة مركزه القانوني إزاء النزاع القائم بينهما.ومصداق ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي " أنه قال(إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئاً فإنما اقطع له قطعة من نار). وقد شاع في المثل الفرنسي أن الصلح السيئ خير من الخصومة الجيدة .
4 - نشر السلم الاجتماعي ؟؟... إن الصلح بإنهائه للنزاع القائم أو المحتمل بين طرفي الخصومة إنما يسهم بحق في تحقيق السلام الاجتماعي وإشاعة الأمن بين أفراد المجتمع ذلك أنه يستأصل شافة الخصومة ويؤلف بين القلوب المتنافرة ويضع حداً لما تتركه الخصومات من أحقاد في النفوس وضغائن في الصدور وشقاق بين أفراد الأسرة الواحدة .
فالدور الذي يجب القيام به من جانب المصلح الذي يريد عمل الصلح فالشخص الناجح دائما مشاركا في هذه الحياة بنفع إخوانه مسابقا في ميادين الإصلاح والعمل المثمر مسارعا إلى ما يؤلف القلوب ويرفع مستوى أمته فعلى المصلح إذا وجد نار الغضب والفتنة تتأجج بالخصومة والمنازعة بين أي من الناس فليحاول التدخل فيما بينهم بالصلح ليكون حكما عدلا بأقواله وأفعاله وباذلا في ذلك ما يستطيع حتى يطفي تلك المشكلة ويحل بدلها السلام والوئام .فعلى المصلح أن يكون الإخلاص هو الدافع للصلح وأن يكون صلحه سائرا تحت لواء الشريعة فلا ينفذ صلحا مخالفا للسنة لأنه " رد الصلح الباطل ، وعليه أن يقوم بإقناع الأطراف بالتنازلات الممكنة وتقريب وجهات النظر ودفعهما لصنع القرار الودي .
فالذي يميز عقد الصلح عما يشتبه به:- يتشابه عقد الصلح مع التحكيم ويختلف عنه في أن الصلح مُـنْـهٍ للخصومة وقاطع لإجراءاتها بخلاف التحكيم الذي هو مرحلة جديدة من مراحل الخصومة - والتحكيم ينتج عنه حكم قضائي بخلاف الصلح فإنه ينتج عنه عقد بتراضي الطرفين وفرق بين الحكم القضائي والعقد الرضائي - والصلح فيه تنازل من أحد الطرفين أو كليهما عن حقه بخلاف التحكيم ليس فيه تنازل والفرق بين الإبراء والصــــــلح وترك الدعوى ؟؟؟:
أولا :- الإبراء في الشرع إسقاط ما في الذمة من حق أو دين ولفظه أبرأت أو بريء في حل أو أحللتك والحق أن الإبراء فيه ما هو إسقاط محض وفيه ما يجري فيه خلاف أما الصلح يكون بعد النزاع عادة والإبراء لا يشترط فيه ذلك .
ثانيا : - الصلح قد يتضمن إبراء وقد لا يتضمن ، بأن يكون مقابل التزام ، وعليه نقول أن بينهما عموم وخصوص . يجتمعان في الإبراء بمقابل في حالة النزاع ويتفرد الإبراء في الإسقاط بغير مقابل أو في غير النزاع كما يتقرر الصلح في حالة ما إذا كان بدل الصلح التزاماً لا إبراء ، لأن الإبراء يكون من الأشياء المتعلقة بالذمة عامة كالديون مثلاً.
ثالثا:- إن ترك الدعوى ليس صلحاً ، لأن ترك الدعوى من طرف واحد لا يمنع المدعي من تجديد دعواه مرة أخرى ولو كان صلحاً لما جاز له تجديد النزاع مرة أخرى إذ أن الصلح يحسم النزاع القائم .
لا يمكن ان يكون العفـــو صلحا بين الطرفين :-العفو يعني الترك وعليه تدور معانيه فيفسر في كل كلام ما يناسبه من ترك عقاب أو عدم إلزام فالعفو يختلف عن الصلح في الآتي - العفو يكون من طرف واحد والصلح من طرفين.العفو والصلح قد يجتمعان في العفو عن القصاص إلى مال مثلا .
أقسام الصلح ؟؟.
1 - الصلح بين المسلمين والكفار : وتتناوله كتب الفقه عادة في باب الجزية والهدنة والأمان وذلك يدخل حالياً في القانون الدولي العام .
2 -الصلح بين الإمام والبغاة :- أي بين الفئة العادلة والفئة الباغية ومحله في باب البغاة وذلك يدخل في قسم القانون الدستوري والجنائي حالياً.
3 -الصلح في الجنايات :- ويبحث إما في باب الصلح أو في باب الجنايات وغني عن القول أنه لا يجوز الصلح في جرائم الحدود بينما يجوز في جرائم القصاص والتعازير كقاعدة عامة.
4 -الصلح في مسائل الأحوال الشخصية : وأهمها الصلح بين الزوجين ومحل بحثهما باب النكاح.
5-الصلح في المعاملات المدنية : حيث يجوز الصلح في المعاملات المالية وفقاً لعقد الصلح وكل ذلك طبقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية.
أنواع الصلح ؟؟؟...
1- الصلح القضائي : فقد يرى طرفا الخصومة في دعوى منظورة أمام القضاء أنه من الأفضل لهما أن يصطلحا ، وفي هذه الحالة قد يقدَّمان شفوياً أو كتابيا الصلح الذي تم بينهما إلى المحكمة وفي هذه الحالة على المحكمة أن تثبته في صك الحكم بعد أن تتأكد من أنه لا يتعارض مع الشرع والنظام ولها أن تطلب من الخصمين أن يوَقَّعا عليه إذا رأت ذلك ضرورياً.
3 -الصلح غير القضائي : وقد يثور نزاع بين طرفين ولا ترفع بشأنه دعوى أمام القضاء ويعقد الطرفان بينهما صلحاً يحسم هذا النزاع منعاً من الالتجاء إلى القضاء ويسمى هذا الصلح في هذه الحالة بالصلح غير القضائي - كما يجوز للمحكمة بناء على طلب الخصوم أن تصدر حكماً وفقاً لذلك الاتفاق بعد أن تقتنع بأنه لا يتعارض مع الشريعة والنظام.
ننصح الأخوة الذين وقعوا في مشاكل مع غيرهم وعرض عليهم الصلح ؟؟
أقول لهم عليكم بتقوى الله وقبول الصلح لما فيه من الخير الكثير والابتعاد عن الشر المستطير وأقول لهم أيضا ابتعدوا عن الخصومات ولاتتمسكوا بها لما يحصل فيها من أضرار عظيمة وعواقب وخيمة وتجسم عداوات وإساءة وإيذاء وهي محرقة للقلوب داعية للهموم ومضيعة للوقت والجهد والمال من دون جدوى وفائدة غالبا بل فيها ضرر ظاهر وعذاب وابتلاء قد يكون مستمرا فما عليكم إلا ان تقبلوا الصلح متسامحين عن بعض حقوقكم وخاصة في هذا الزمان ومافيه من زخرف القول الذي يجعل الباطل حقا والحق باطلا مما يخالف قول الحق جل شانه .ختاما أساله تعالى لي ولكم ولكل متخاصمين الهداية والتوفيق وقبول الصلح والرضاء به .
المحامي والمستشار
الفاتح اليسع
01/4145000 Email:tooha99@hotmail.com

المميز
12-01-2009, 09:18 AM
جزاكم الله خيراً كثيرا موضوعكم رائع ومفيد ياريت كل الناس يطلعوا عليه لانه فيه كثير من الفوائد ولو تمعن القاري المقال لترك الدعوى القائمة
مع الف تحية ابو منهل

المميز
12-01-2009, 09:21 AM
صراحة موضع مفيد جزاكم الله خيراً ومزيداً من التوفيق لكم

ابوعبدالعزيز
14-01-2009, 10:42 AM
أحسنت وفقك وفقك الله موضوع طيب ...

ولكن للأسف الشديد موضوع الصلح لم نجد جهة قادرة على تبنيه بشكل كامل ومنسق وفعلي ....

الله يصلح الأمور

ناصر بن زيد بن داود
14-01-2009, 11:07 AM
سبق لي الكتابة عن شيء من هذا الموضوع على الرابط :
http://www.cojss.com/article.php?a=48
ولزيادة البيان أقول : إن سيادة وزير العدل المصري اتخذ له تسعة نواب برتبة مستشار ، منهم مستشار خاص لقضاء الصلح .
ولسنا نرى في نظامنا الإداري لوزير العدل أي نائب لأي نوع من أنواع القضاء السائد ، بل إن رئيس المجلس ليس له نائب منذ تعيينه عام 1413هـ وحتى الآن .
والله أعلم بسبب ذلك .

أبومشاري الناصري
20-01-2009, 04:17 AM
ماذكرته أستاذ : صالح.
استغرابٌ يثير الاستغراب!!!
ولكن الصلح خير...!!!