سيادة القانون
16-03-2011, 03:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما قد وعدت به عضو المنتدى الكريم الأخ أبوعلي 1234
وكان الوعد على هذا الرابط
http://www.cojss.com/vb/showthread.php?t=4632
مدخل:
نشر في هذا المنتدى المبارك بحثاً بعنوان "الأقدمية المطلقة في نظام القضاء" وهو من إعداد القسم العلمي بمجلة العدل السعودية والصادر بالعدد رقم 33 لشهر محرم من سنة 1428 هـ وبعد الاطلاع عليه وجدت أنه يعج بملاحظات جوهرية والتي أوجدت في نفسي يقيناً بأن من قام بإعدادها لا يملك أدنى درجات الاختصاص العلمي وهو يتناول أهم مواضيع القانون العام وعلى وجه الخصوص قوانين الخدمة العامة .
ويمكن أستعراض أهم هذه الملاحظات الجوهرية على شقين هما :
أولا : الملاحظات الشكلية :
لم يكن القسم العلمي في المجلة أميناً في نقله من مصادر البحث التي أعتمد عليها ومن أمثلة ذلك ما ورد في الصفحة 178 من البحث وهو يستعرض بالتفصيل الفرق الفقهي بين الأقدمية والأقدمية المطلقة ثم يحيل القارئ إلى قرار لجنة شئون الخدمة المدنية بجمهورية مصر العربية رقم 1 لسنة 1980دون أن يذكر مصدر النقل أو تاريخه أو مكان نشره أوماهية القرار فضلاً عن مضمونه. كما اكتنف الغموض مصادر القسم العلمي عندما أشار في ذات الصفحة 178 إلى أن النظام الأساسي للمحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان لسنة 1980-أيضاً- قد قرر مفهوم الأقدمية وكان الأجدر أن ينقل لنا نص المادة التي جاء بها النظام الأساسي للمحكمة الأمريكية أو مصدر نقله إن كان قد نقلها من مرجع آخر.
ويضاف إلى الملاحظات الشكلية أن القسم العلمي لا يعرف أسماء أشهر أساتذة القانون العام في الوطن العربي وهو ينقل من مراجعهم ومثال ذلك ما ورد في متن البحث وهوامشه وعلى وجه الخصوص ما ورد في متن الصفحة 185 و هامش الصفحة 186 فقد تم قلب أسم الدكتور ماجد راغب الحلو إلى راغب ماجد الحلو؟!! الأمر الذي يستبعد من خلاله الاحتجاج بالخطأ المطبعي لمرتين متتاليتين! أو بأحسن الأحوال يمكن القول بأن هذا البحث كتب على عجل ولأمرٍ ما! .
ثانياً : الملاحظات الموضوعية :
من أهم الملاحظات الجوهرية الموضوعية وعلى سبيل المثال ما يلي :
1-ترى المجلة في الصفحة 175 أن الأقدمية المطلقة : "هي معيار للفصل في حالة تساوي قاضيين أحدهما عين قبل زميله ولكنه تساوى معه في أقدمية الدرجة ".
وهذا الرأي من المجلة غير دقيق وذلك لأن الأقدمية المطلقة ليست معياراً للفصل في حالة التساوي أي ليست معياراً للمفاضلة بل هي معيار الترقية الوحيد..والمبدأ القضائي في ذلك " عدم جواز تخطي الأحدث الأقدم في الترقية " والأقدمية المطلقة هي من تاريخ التعيين في السلك القضائي لا من تاريخ التعيين في الدرجة القضائية.
2-ترى المجلة في الصفحة 177 " أن الصحيح هو ما جرى عليه العمل ..فالأقدمية في الدرجة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار إضافة إلى أقدمية التعيين" .
والملاحظ على هذه الجزئية أن المجلة تعترف بدور العرف الإداري وما جرى عليه العمل في التحكم بمصائر ترقية القضاة والذي يجعل من أقدمية الدرجة تفوق أقدمية التعيين "الأقدمية المطلقة" في حال تساوى القضاة في ذات الدرجة أو حتى لو كان الأقدم بالتعيين قد سبقه الأحدث في السلك القضائي ولكنه الأقدم في تولي الدرجة وهذا على خلاف ما جاءت به المادة السابعة والأربعين من نظام القضاء الجديد بل حتى المادة الثالثة والخمسون من النظام القديم والذي جعل من الترقية بالأقدمية المطلقة المعيار الوحيد لترقية القضاة في المملكة العربية السعودية والذي معه لا يجوز الاجتهاد في التفسير أو حتى الخوض فيما يعرف بأقدمية الدرجة طالما المشرع لم ينص عليها كما يضاف إلى ما تقدم أن العرف الإداري أقل درجة من النص القانوني في سلم مصادر القاعدة القانونية ولا يمكن أن يقدم "المعمول به " أو "ما جرى عليه العمل" على صريح النصوص القانونية وإلا أصيبت المشروعية في مقتل.!
3-ترى المجلة في الصفحة 180 أنه في حالة عدم التقيد في ترتيب المفاضلة والأقدمية المطلقة فإن ذلك يعتبر "إجراءاً باطلاً" ولا يعد مشروعاً إلا في حالة تحقق الغاية منه وسندها في ذلك ما أسمته "بالقاعدة" وهو في الحقيقة ما ورد في نص المادة السادسة من نظام المرافعات الشرعية والتي جاء فيه " يكون الإجراء باطلاً إذا نص النظام على بطلانه ، أو شابه عيب تخلف بسببه الغرض من الإجراء ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء"
والمتأمل في ذلك يرى أن المجلة وهي تتناول موضوع ترقية القضاة لا تفرق بين العمل الإجرائي وبين القرار الإداري إذ لا علاقة البتة بين نص المادة السادسة والخاص ببطلان العمل الإجرائي وبين القرار الإداري الذي بموجبه ينتقل القاضيّ من درجة قضائية إلى درجة قضائية أعلى منها ويظهر ذلك جلياً في التعريف القضائي للقرار الإداري بأنه " إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضي القوانين واللوائح بقصد أحداث اثر قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة " والترقية ما هي الا أثراً قانونياً لا يمكن إلا أن تكون بقرار إداريّ مشروع لا بعمل ٍ إجرائي ٍ وحتى إن كانت الجهة المختصة في ترقية القضاة –في السعودية- من اختصاص السلطة القضائية ممثلة في المجلس الأعلى للقضاء وحتى وإن حصنت قرارات المجلس والمختصة بالترقيات من كافة الطعون القضائية فهذا لا يلغي -في تصوريّ - عن كونه قراراً إدارياً لا عملاً قضائياً ولو على أقل تقدير من جهة فنية بحتة.
وما يثبت أن ربط ترقية القضاة بالعمل الإجرائي كان في غير موضعه وبدون مناسبة حديث هو أن العمل الإجرائي كما يعرفه الفقه الإجرائي " هو كل عمل قانوني يرتب عليه القانون أثراً في إنشاء الخصومة أو تعديلها أو انقضاءها سواء أكان العمل الإجرائي داخل الخصومة أو ممهد لها".كما أن دور العمل الإجرائي يختلف عن دور الترقية القانوني ووسيلتها "القرار" فالعمل الإجرائي الذي يدور في فلك "نظرية البطلان" يقتصر دوره القانوني على نقل الدعوى من مرحلة إلى مرحلة أعلى حتى تنقضي في نهاية المطاف بالحكم القضائي البات" وهذا يعني أن لا علاقة تربط ترقية القضاة بالعمل الإجرائي وبتالي الاستشهاد بنص المادة السادسة هو من لغو الحديث.!!
ومما تقدم كان الانطباع الشخصي عن هذا الخلط العلميّ أن المجلة كانت تسعى لوجود شرعية لقرارات ترقية القضاة الذين قد تمت ترقيتهم على حساب آخرين دون مراعاة للأقدمية المطلقة وكأن الحديث عن " تحقق الغاية من الإجراء" –والذي كان في غير موضعه- يحمل رسالة تريد من خلاله المجلة أن توصل للقارئ –التفسير الخاص بها- والذي لا يخرج عن أن هناك معياراً آخر يجب أن يكون في الحسبان وهو معيار "ترقية القضاة بالاختيار" ولا شك أن هذا المعيار هو من أسوء معايير الترقية في الوظائف العامة إذ أنه يفتح باب المحسوبية والمحاباة ويعزز من وجود الشللية في إي مرفق ٍ كان.
إن هذه الملاحظات الجوهرية وعلى وجه الخصوص العلمية منها لم تكن المحرك الأساس الذي دفعني إلى كتابة وريقات بحثية –متواضعة جداً- لتبيان موقف الفقه القانوني والقضاء المقارن من "ترقية القضاء على اختلاف درجات السلك القضائي" بقدر ما وجدته عند إطلاعيّ على القوانين القضائية المقارنة أن هناك بون شاسع بين ما يعيشه القاضي السعودي مقارنة بغيره وعلى سبيل المثال بقضاة جمهورية مصر وتكمن المفارقات المؤلمة في الضمانات الوظيفية للقاضي المصري دون القاضي السعودي والتي نجملها في الآتي :
أولاً : ضمانة الطعن في تقرير الكفاية :
أجاز المشرع المصريّ للقاضي التظلم من تقدير كفايته في التقرير المعد بمعرفة إدارة التفتيش وأعتبرت دائرة الطلبات- وهي دائرة قضائية خاصة لدى محكمة النقض تنظر في طلبات القضاة الوظيفية- أن تقدير الكفاية قراراً إدارياً حيث جاء في حكمها برقم الطلب 35 لسنة 57 ق جلسة 8/5/1990 " أن القرار بتقدير كفاية القاضي في عمله بإحدى الدرجات المنصوص عليها في المادة 78 من قانون السلطة القضائية هو قرار إداري مما يجوز الطعن فيه أمام هذه المحكمة على استقلال" –ورد هذا الحكم في مؤلف المستشار الدكتور حسن السيد بسيوني " قضاء النقض الإداري-دراسة تأصيلية للقواعد الإجرائية والموضوعات المتعلقة بطلبات رجال القضاء..، منشورات نادي القضاة، ط2 ، 2005 ، بدون مكان نشر ، صفحة 554"- بينما نجد أن القاضي السعودي لا يحظى بهذا الحق إذ نصت المادة 81 من نظام القضاء الجديد على أنه " ويكون قرار المجلس في شان تقدير الكفاية أو التظلم منه نهائياً ".
--------------------- أكتفينا بهذا القدر لضيق الوقت وتكالب الأعمال ويتبع بإذن الله تعالى --------------------------
هذا ما قد وعدت به عضو المنتدى الكريم الأخ أبوعلي 1234
وكان الوعد على هذا الرابط
http://www.cojss.com/vb/showthread.php?t=4632
مدخل:
نشر في هذا المنتدى المبارك بحثاً بعنوان "الأقدمية المطلقة في نظام القضاء" وهو من إعداد القسم العلمي بمجلة العدل السعودية والصادر بالعدد رقم 33 لشهر محرم من سنة 1428 هـ وبعد الاطلاع عليه وجدت أنه يعج بملاحظات جوهرية والتي أوجدت في نفسي يقيناً بأن من قام بإعدادها لا يملك أدنى درجات الاختصاص العلمي وهو يتناول أهم مواضيع القانون العام وعلى وجه الخصوص قوانين الخدمة العامة .
ويمكن أستعراض أهم هذه الملاحظات الجوهرية على شقين هما :
أولا : الملاحظات الشكلية :
لم يكن القسم العلمي في المجلة أميناً في نقله من مصادر البحث التي أعتمد عليها ومن أمثلة ذلك ما ورد في الصفحة 178 من البحث وهو يستعرض بالتفصيل الفرق الفقهي بين الأقدمية والأقدمية المطلقة ثم يحيل القارئ إلى قرار لجنة شئون الخدمة المدنية بجمهورية مصر العربية رقم 1 لسنة 1980دون أن يذكر مصدر النقل أو تاريخه أو مكان نشره أوماهية القرار فضلاً عن مضمونه. كما اكتنف الغموض مصادر القسم العلمي عندما أشار في ذات الصفحة 178 إلى أن النظام الأساسي للمحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان لسنة 1980-أيضاً- قد قرر مفهوم الأقدمية وكان الأجدر أن ينقل لنا نص المادة التي جاء بها النظام الأساسي للمحكمة الأمريكية أو مصدر نقله إن كان قد نقلها من مرجع آخر.
ويضاف إلى الملاحظات الشكلية أن القسم العلمي لا يعرف أسماء أشهر أساتذة القانون العام في الوطن العربي وهو ينقل من مراجعهم ومثال ذلك ما ورد في متن البحث وهوامشه وعلى وجه الخصوص ما ورد في متن الصفحة 185 و هامش الصفحة 186 فقد تم قلب أسم الدكتور ماجد راغب الحلو إلى راغب ماجد الحلو؟!! الأمر الذي يستبعد من خلاله الاحتجاج بالخطأ المطبعي لمرتين متتاليتين! أو بأحسن الأحوال يمكن القول بأن هذا البحث كتب على عجل ولأمرٍ ما! .
ثانياً : الملاحظات الموضوعية :
من أهم الملاحظات الجوهرية الموضوعية وعلى سبيل المثال ما يلي :
1-ترى المجلة في الصفحة 175 أن الأقدمية المطلقة : "هي معيار للفصل في حالة تساوي قاضيين أحدهما عين قبل زميله ولكنه تساوى معه في أقدمية الدرجة ".
وهذا الرأي من المجلة غير دقيق وذلك لأن الأقدمية المطلقة ليست معياراً للفصل في حالة التساوي أي ليست معياراً للمفاضلة بل هي معيار الترقية الوحيد..والمبدأ القضائي في ذلك " عدم جواز تخطي الأحدث الأقدم في الترقية " والأقدمية المطلقة هي من تاريخ التعيين في السلك القضائي لا من تاريخ التعيين في الدرجة القضائية.
2-ترى المجلة في الصفحة 177 " أن الصحيح هو ما جرى عليه العمل ..فالأقدمية في الدرجة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار إضافة إلى أقدمية التعيين" .
والملاحظ على هذه الجزئية أن المجلة تعترف بدور العرف الإداري وما جرى عليه العمل في التحكم بمصائر ترقية القضاة والذي يجعل من أقدمية الدرجة تفوق أقدمية التعيين "الأقدمية المطلقة" في حال تساوى القضاة في ذات الدرجة أو حتى لو كان الأقدم بالتعيين قد سبقه الأحدث في السلك القضائي ولكنه الأقدم في تولي الدرجة وهذا على خلاف ما جاءت به المادة السابعة والأربعين من نظام القضاء الجديد بل حتى المادة الثالثة والخمسون من النظام القديم والذي جعل من الترقية بالأقدمية المطلقة المعيار الوحيد لترقية القضاة في المملكة العربية السعودية والذي معه لا يجوز الاجتهاد في التفسير أو حتى الخوض فيما يعرف بأقدمية الدرجة طالما المشرع لم ينص عليها كما يضاف إلى ما تقدم أن العرف الإداري أقل درجة من النص القانوني في سلم مصادر القاعدة القانونية ولا يمكن أن يقدم "المعمول به " أو "ما جرى عليه العمل" على صريح النصوص القانونية وإلا أصيبت المشروعية في مقتل.!
3-ترى المجلة في الصفحة 180 أنه في حالة عدم التقيد في ترتيب المفاضلة والأقدمية المطلقة فإن ذلك يعتبر "إجراءاً باطلاً" ولا يعد مشروعاً إلا في حالة تحقق الغاية منه وسندها في ذلك ما أسمته "بالقاعدة" وهو في الحقيقة ما ورد في نص المادة السادسة من نظام المرافعات الشرعية والتي جاء فيه " يكون الإجراء باطلاً إذا نص النظام على بطلانه ، أو شابه عيب تخلف بسببه الغرض من الإجراء ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء"
والمتأمل في ذلك يرى أن المجلة وهي تتناول موضوع ترقية القضاة لا تفرق بين العمل الإجرائي وبين القرار الإداري إذ لا علاقة البتة بين نص المادة السادسة والخاص ببطلان العمل الإجرائي وبين القرار الإداري الذي بموجبه ينتقل القاضيّ من درجة قضائية إلى درجة قضائية أعلى منها ويظهر ذلك جلياً في التعريف القضائي للقرار الإداري بأنه " إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضي القوانين واللوائح بقصد أحداث اثر قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة " والترقية ما هي الا أثراً قانونياً لا يمكن إلا أن تكون بقرار إداريّ مشروع لا بعمل ٍ إجرائي ٍ وحتى إن كانت الجهة المختصة في ترقية القضاة –في السعودية- من اختصاص السلطة القضائية ممثلة في المجلس الأعلى للقضاء وحتى وإن حصنت قرارات المجلس والمختصة بالترقيات من كافة الطعون القضائية فهذا لا يلغي -في تصوريّ - عن كونه قراراً إدارياً لا عملاً قضائياً ولو على أقل تقدير من جهة فنية بحتة.
وما يثبت أن ربط ترقية القضاة بالعمل الإجرائي كان في غير موضعه وبدون مناسبة حديث هو أن العمل الإجرائي كما يعرفه الفقه الإجرائي " هو كل عمل قانوني يرتب عليه القانون أثراً في إنشاء الخصومة أو تعديلها أو انقضاءها سواء أكان العمل الإجرائي داخل الخصومة أو ممهد لها".كما أن دور العمل الإجرائي يختلف عن دور الترقية القانوني ووسيلتها "القرار" فالعمل الإجرائي الذي يدور في فلك "نظرية البطلان" يقتصر دوره القانوني على نقل الدعوى من مرحلة إلى مرحلة أعلى حتى تنقضي في نهاية المطاف بالحكم القضائي البات" وهذا يعني أن لا علاقة تربط ترقية القضاة بالعمل الإجرائي وبتالي الاستشهاد بنص المادة السادسة هو من لغو الحديث.!!
ومما تقدم كان الانطباع الشخصي عن هذا الخلط العلميّ أن المجلة كانت تسعى لوجود شرعية لقرارات ترقية القضاة الذين قد تمت ترقيتهم على حساب آخرين دون مراعاة للأقدمية المطلقة وكأن الحديث عن " تحقق الغاية من الإجراء" –والذي كان في غير موضعه- يحمل رسالة تريد من خلاله المجلة أن توصل للقارئ –التفسير الخاص بها- والذي لا يخرج عن أن هناك معياراً آخر يجب أن يكون في الحسبان وهو معيار "ترقية القضاة بالاختيار" ولا شك أن هذا المعيار هو من أسوء معايير الترقية في الوظائف العامة إذ أنه يفتح باب المحسوبية والمحاباة ويعزز من وجود الشللية في إي مرفق ٍ كان.
إن هذه الملاحظات الجوهرية وعلى وجه الخصوص العلمية منها لم تكن المحرك الأساس الذي دفعني إلى كتابة وريقات بحثية –متواضعة جداً- لتبيان موقف الفقه القانوني والقضاء المقارن من "ترقية القضاء على اختلاف درجات السلك القضائي" بقدر ما وجدته عند إطلاعيّ على القوانين القضائية المقارنة أن هناك بون شاسع بين ما يعيشه القاضي السعودي مقارنة بغيره وعلى سبيل المثال بقضاة جمهورية مصر وتكمن المفارقات المؤلمة في الضمانات الوظيفية للقاضي المصري دون القاضي السعودي والتي نجملها في الآتي :
أولاً : ضمانة الطعن في تقرير الكفاية :
أجاز المشرع المصريّ للقاضي التظلم من تقدير كفايته في التقرير المعد بمعرفة إدارة التفتيش وأعتبرت دائرة الطلبات- وهي دائرة قضائية خاصة لدى محكمة النقض تنظر في طلبات القضاة الوظيفية- أن تقدير الكفاية قراراً إدارياً حيث جاء في حكمها برقم الطلب 35 لسنة 57 ق جلسة 8/5/1990 " أن القرار بتقدير كفاية القاضي في عمله بإحدى الدرجات المنصوص عليها في المادة 78 من قانون السلطة القضائية هو قرار إداري مما يجوز الطعن فيه أمام هذه المحكمة على استقلال" –ورد هذا الحكم في مؤلف المستشار الدكتور حسن السيد بسيوني " قضاء النقض الإداري-دراسة تأصيلية للقواعد الإجرائية والموضوعات المتعلقة بطلبات رجال القضاء..، منشورات نادي القضاة، ط2 ، 2005 ، بدون مكان نشر ، صفحة 554"- بينما نجد أن القاضي السعودي لا يحظى بهذا الحق إذ نصت المادة 81 من نظام القضاء الجديد على أنه " ويكون قرار المجلس في شان تقدير الكفاية أو التظلم منه نهائياً ".
--------------------- أكتفينا بهذا القدر لضيق الوقت وتكالب الأعمال ويتبع بإذن الله تعالى --------------------------