ابوعبدالعزيز
25-01-2009, 02:56 PM
جريدة الاقتصادية - الأحد 28 محرم 1430 هـ. الموافق 25 يناير 2009 العدد 5585
ديوان المظالم .. يسقط اللجنة المصرفية
عشرون عاماً مضت على إنشاء اللجنة المصرفية وفي العقد الأول من عمرها لم تتلق النقد، لأن التجربة ستكون كافية للحكم عليها، أما في عقدها الثاني فقد تلقت نقداً متزايداً حول اختصاصها وممارستها المهنية ومستقبلها أو بالأصح مستقبل القضاء المصرفي، ذلك أن ثقافتنا الحقوقية ووعينا الكامل بمتطلبات العدالة وحرية النقد الموضوعي الهادف والبناء تطورت إلى الحد الذي يسمح للرأي العام أن يسهم في تعديل الأوضاع غير المقبولة نظرياً وعملياً، فالمرافق العامة وأهمها مرفق القضاء يجب أن يكون خالياً من أية ثغرات قانونية أو عيوب إجرائية أو مجافاة للمنطق القانوني، وما يستوجبه حماية حقوق الخصوم من حفظ لضمانات التقاضي التي دونها تصبح العدالة أملاً مفقوداً لانعدام آليتها الصحيحة. لقد أصدر ديوان المظالم حكمه حول شرعية لجنة تسوية المنازعات المصرفية، حيث حكم عليها بأنها ليست لجنة قضائية ولا حتى شبه قضائية فهي لجنة تسوية ودية برضاء الأطراف فقط دون حق مشروع لها في أن تتصدى للحكم والإلزام، بل إن قراراتها غير الرضائية للخصوم ليست سوى قرارات إدارية تخضع للرقابة القضائية من قبل القضاء الإداري في الدولة، وهو ديوان المظالم الذي حسم الخلاف في مسألة وقع فيها الخلاف بين المختصين، وهم بين مجامل تجاوز النظريات الشرعية والقانونية التي تحكم عمل القضاء كمرفق عام أو متحامل طبع نقده بالرأي الشخصي غير المدعم بالفكر القانوني متناسياً تلك الضرورات التي أدت إلى إنشاء اللجنة المصرفية.
أما وقد قطعت جهيزة قول كل خطيب فإن الحقائق التي كشف عنها النزاع القانوني حول اللجنة المصرفية وتحت مظلة ديوان المظالم هي أن وزارة المالية ومؤسسة النقد التزمتا الحياد في الحكم على وضع اللجنة المصرفية، فلم يكن هناك تدخل لتغير مسار الحكم العادل الذي أصدره الديوان. أيضاً هناك حقيقة مهمة، وهي أن لدينا قضاء إداريا مستقلا ومحايدا يستطيع اتخاذ القرارات التي تحمي المشروعية في عمل المرافق العامة. أما الحقيقة الثالثة، فإن الصحافة السعودية أسهمت في تسليط الضوء على وضع اللجنة المصرفية لأهميتها وتأثيرها البالغ في سير الاقتصاد وأداء الجهاز المصرفي التجاري في المملكة.
إن تطوير مرفق القضاء يأتي استجابة لما تمليه الظروف الراهنة، وهذا التطوير بمشروعه الضخم الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين، يشمل جهتي القضاء العادي والإداري وجميع اللجان القضائية وشبه القضائية، وهذه الخطوة الضخمة يجب أن تسايرها وزارة المالية ومؤسسة النقد، وأن يتوقف الاستماع إلى مَن يريدون اللجنة المصرفية سلطة مطلقة لا رقابة عليها سوى ذاتها وأفرادها ومن انحصر في يده قرار توجيه دفتها وتحديد مسارها، فالمستشار مؤتمن والرأي أمانة وإن من الأمانة أن نقول لأصحاب القرار عليكم تصحيح وضع اللجنة المصرفية وإنشاء لجنة استئنافية وفتح فروع لها في المدن الرئيسة وتحديد آليات عملها وإلزامها بنظام المرافعات الشرعية واستقلال رأي الباحثين والمستشارين فيها وتفريغ أعضائها للعمل قطعاً لازدواج المصالح وتضارب المنافع، وتحويل عضوية اللجنة المصرفية إلى مجرد عمل خارج دوام فيه إثم كبير ومنافع للأعضاء وكبار الموظفين فيها.
لقد تجاوزنا الأزمة المالية العالمية بفضل سلامة سياستنا النقدية التي تكشف الأيام عن أساس متين لها نظرياً وعملياً، وهو أمر دأبت اللجنة المصرفية على الاحتجاج به على خصومها ومنتقديها رغم أنها أي اللجنة المصرفية ليست سوى جزءٍ من السياسة النقدية وإن الذين رسموا السياستين المالية والنقدية قادرون على أن يصححوا وضع اللجنة المصرفية بمشورة المختصين، وذلك قبل أن يكثر الاعتراض والشكاوى ضد اللجنة المصرفية، فالعطار لا يصلح ما أفسده الدهر، ولم تعد تنفع مساحيق التجميل للصمود في وجه تيار إصلاح القضاء لأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وإن من المؤمل أن يكفي حكم ديوان المظالم لإثبات هذه الحقيقة.
ديوان المظالم .. يسقط اللجنة المصرفية
عشرون عاماً مضت على إنشاء اللجنة المصرفية وفي العقد الأول من عمرها لم تتلق النقد، لأن التجربة ستكون كافية للحكم عليها، أما في عقدها الثاني فقد تلقت نقداً متزايداً حول اختصاصها وممارستها المهنية ومستقبلها أو بالأصح مستقبل القضاء المصرفي، ذلك أن ثقافتنا الحقوقية ووعينا الكامل بمتطلبات العدالة وحرية النقد الموضوعي الهادف والبناء تطورت إلى الحد الذي يسمح للرأي العام أن يسهم في تعديل الأوضاع غير المقبولة نظرياً وعملياً، فالمرافق العامة وأهمها مرفق القضاء يجب أن يكون خالياً من أية ثغرات قانونية أو عيوب إجرائية أو مجافاة للمنطق القانوني، وما يستوجبه حماية حقوق الخصوم من حفظ لضمانات التقاضي التي دونها تصبح العدالة أملاً مفقوداً لانعدام آليتها الصحيحة. لقد أصدر ديوان المظالم حكمه حول شرعية لجنة تسوية المنازعات المصرفية، حيث حكم عليها بأنها ليست لجنة قضائية ولا حتى شبه قضائية فهي لجنة تسوية ودية برضاء الأطراف فقط دون حق مشروع لها في أن تتصدى للحكم والإلزام، بل إن قراراتها غير الرضائية للخصوم ليست سوى قرارات إدارية تخضع للرقابة القضائية من قبل القضاء الإداري في الدولة، وهو ديوان المظالم الذي حسم الخلاف في مسألة وقع فيها الخلاف بين المختصين، وهم بين مجامل تجاوز النظريات الشرعية والقانونية التي تحكم عمل القضاء كمرفق عام أو متحامل طبع نقده بالرأي الشخصي غير المدعم بالفكر القانوني متناسياً تلك الضرورات التي أدت إلى إنشاء اللجنة المصرفية.
أما وقد قطعت جهيزة قول كل خطيب فإن الحقائق التي كشف عنها النزاع القانوني حول اللجنة المصرفية وتحت مظلة ديوان المظالم هي أن وزارة المالية ومؤسسة النقد التزمتا الحياد في الحكم على وضع اللجنة المصرفية، فلم يكن هناك تدخل لتغير مسار الحكم العادل الذي أصدره الديوان. أيضاً هناك حقيقة مهمة، وهي أن لدينا قضاء إداريا مستقلا ومحايدا يستطيع اتخاذ القرارات التي تحمي المشروعية في عمل المرافق العامة. أما الحقيقة الثالثة، فإن الصحافة السعودية أسهمت في تسليط الضوء على وضع اللجنة المصرفية لأهميتها وتأثيرها البالغ في سير الاقتصاد وأداء الجهاز المصرفي التجاري في المملكة.
إن تطوير مرفق القضاء يأتي استجابة لما تمليه الظروف الراهنة، وهذا التطوير بمشروعه الضخم الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين، يشمل جهتي القضاء العادي والإداري وجميع اللجان القضائية وشبه القضائية، وهذه الخطوة الضخمة يجب أن تسايرها وزارة المالية ومؤسسة النقد، وأن يتوقف الاستماع إلى مَن يريدون اللجنة المصرفية سلطة مطلقة لا رقابة عليها سوى ذاتها وأفرادها ومن انحصر في يده قرار توجيه دفتها وتحديد مسارها، فالمستشار مؤتمن والرأي أمانة وإن من الأمانة أن نقول لأصحاب القرار عليكم تصحيح وضع اللجنة المصرفية وإنشاء لجنة استئنافية وفتح فروع لها في المدن الرئيسة وتحديد آليات عملها وإلزامها بنظام المرافعات الشرعية واستقلال رأي الباحثين والمستشارين فيها وتفريغ أعضائها للعمل قطعاً لازدواج المصالح وتضارب المنافع، وتحويل عضوية اللجنة المصرفية إلى مجرد عمل خارج دوام فيه إثم كبير ومنافع للأعضاء وكبار الموظفين فيها.
لقد تجاوزنا الأزمة المالية العالمية بفضل سلامة سياستنا النقدية التي تكشف الأيام عن أساس متين لها نظرياً وعملياً، وهو أمر دأبت اللجنة المصرفية على الاحتجاج به على خصومها ومنتقديها رغم أنها أي اللجنة المصرفية ليست سوى جزءٍ من السياسة النقدية وإن الذين رسموا السياستين المالية والنقدية قادرون على أن يصححوا وضع اللجنة المصرفية بمشورة المختصين، وذلك قبل أن يكثر الاعتراض والشكاوى ضد اللجنة المصرفية، فالعطار لا يصلح ما أفسده الدهر، ولم تعد تنفع مساحيق التجميل للصمود في وجه تيار إصلاح القضاء لأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وإن من المؤمل أن يكفي حكم ديوان المظالم لإثبات هذه الحقيقة.