الزغيبي
20-04-2011, 09:57 PM
قضايا وأحكام
( 4 )
شرب غير المسلم للمسكر
وقيادة السيارة تحت تأثيره
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، القائل في كتابه المبين : ( يــأيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلم رجس من عمل الشيطن فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) (1) ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد القائل : ( اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر ) (2) ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وزوجاته أمهات المؤمنين ، وعلى الصحابة أجمعين ، أما بعد :
فإن المتأمل في عمل المحاكم يجد زيادة مطردة في قضايا السكر ، والتي بلغت في عام 1427هـ ستة عشر ألفا وستاً وعشرين قضية (3) ؛ بينما لم تتجاوز في عام 1426هـ خمسة آلاف وثمانمائة وخمس عشرة قضية (4) ، وتبع ذلك زيادة في قضايا صنع المسكر ، وترويجه ، وقيادة السيارة تحت تأثيره ، ونحوها من القضايا الناتجة عن شرب المسكر ، والمتصلة به .
ويلحظ المتابع للصحف المحلية كثرة ما يضبط ـ لاسيما من قبل رجال الحسبة ـ من مصانع للمسكر (5) ؛ فقد بلغ عدد مصانع المسكر المضبوطة من قبل هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عام 1428هـ سبعمائة وثمانية وثلاثين مصنعاً (6) ، ولم أقف على عدد قضايا السكر المقيدة لدى مراكز ومخافر الشرطة في المملكة خلال الأعوام الماضية رغم بذل ما في وسعي في البحث .
وعند نظري في بعض قضايا شرب المسكر ، وما ينتج عنه يعرض لي مسائل تحتاج إلى وقفة تأمل ، ومن هذه المسائل : المراد بعبارة : (( بحالة سكر )) الواردة في نظام المرور القديم (7) ، وعبارة : (( تحت تأثير مسكر )) الواردة في نظام المرور الجديد (8) ، وطلب معدي التقارير ، ووسائل إثبات قيادة السيارة تحت تأثير المسكر ، وعقوبة شرب المسكر لغير المسلم ، وغيرها . وفيما يلي : أستعرض إحدى قضايا شرب المسكر ، وقيادة السيارة تحت تأثيره نظرتها في المحكمة العامة بمحافظة الزلفي متحدثاً عن مراحلها ، ومتوقفاً قليلاً عند أهم مسائلها .
المرحلة الأولى : الدعوى والإجابة
أولاً : الدعوى
في حوالي الساعة الثامنة وعشرين دقيقة من ليلة الجمعة الموافق 8/2/1429هـ ، وعند المدخل الجنوبي لمدينة الزلفي على طريق الغاط اشتبهت إحدى الدوريات الأمنية بالمدعى عليه ، والذي كان يقود سيارة من نوع هايلكس رقم اللوحة .... بعد مشاهدتها للسيارة التي كان يقودها المدعى عليه لا تثبت في المسرب المخصص لها من الطريق ، وتحتك بعض عجلاتها بالرصيف ، فجرى إيقافه ، وتبين أنه بحالة غير طبيعية ، وشمت رائحة العرق المسكر من فمه (9) ، فتم القبض عليه (10) ، وبعد التحقيق معه توجه له الاتهام بشرب المسكر ، وقيادة السيارة تحت تأثيره . أطلب إثبات إدانة المدعى عليه بما اتهم به ، ومجازاته بما يستحق شرعاً لقاء شربه للمسكر ، وإفهامه أن جزاءه على قيادته للسيارة وهو تحت تأثير المسكر عائد للجهة المختصة (11) ، والحكم عليه بذلك ، هذه دعواي وأسأل المدعى عليه الجواب .
فسألت المدعي العام : هل أوقف المدعى عليه لهذه القضية ؟
فأجاب بقوله : لقد احتجز المدعى عليه للتحقيق معه ، وأطلق سراحه بعد انتهاء التحقيق ، ولم يتم توقيفه ، ولم تصدر مذكرة بتوقيفه (12) .
فسألته : هل يوجد على المدعى عليه سوابق جنائية ؟(13) .
فأجاب بقوله : لا يوجد على المدعى عليه سوابق جنائية مسجلة ، حسبما يظهر من تقرير بحث سوابقه المرفق بالمعاملة .
ثانياً : الإجابة
ما ذكره المدعي العام من القبض عليّ في الزمان والمكان المذكورين في دعواه فصحيح ، وقد قبض عليّ أثناء قيادتي للسيارة المذكورة في الدعوى ، والمملوكة لشركة ... التي أعمل لديها .
وما ذكره من أنني كنت عند القبض عليّ بحالة غير طبيعية ، وأنني شربت مسكراً ، وقدت السيارة تحت تأثيره ، فغير صحيح ، فلم أشرب عرقاً مسكراً ولا غيره من المسكرات ، ولم يسبق لي شرب مسكر ، ولم أقد السيارة تحت تأثير المسكر ، وما ذكره بخصوص الرائحة التي شمت من فمي فهي رائحة التنباك الذي استعمله ، وهو نوع من الدخان ، وما ذكره من أن السيارة التي كنت أقودها لا تثبت في المسرب المخصص لها من الطريق وتحتك بعض عجلاتها بالطريق فصحيح ، وهذا ناتج عن عطل في الأذرعة وجهاز التوجيه فيها ، ولا أوافق على ما طلبه المدعي العام .
فسألته عن ديانته ؟
فأجاب بقوله : هو مسيحي الديانة(14) .
فسألته عمّا دون في رخصة إقامته من أن ديانته بوذي ؟
فأجاب بقوله لا أعلم سبب تدوين ذلك .
فسألته عن حكم شرب المسكر في ديانته ؟
فأجاب بقوله : شرب المسكر لا يجوز في ديانتي ، ويعاقب شاربه بالنصح وأخذ التعهد ، وأنظمة بلدي تمنع شرب المسكر .
المرحلة الثانية : البينات
أ ـ سألت المدعي العام ألديك بينة على ما ذكرته من شرب المدعى عليه للمسكر ، وقيادته للسيارة تحت تأثيره ؟
ـ فأجاب بقوله : نعم ، لدي التقرير الأولي ، ومحضر الاستشمام ، والتقرير الكيميائي الشرعي المرفقة بالمعاملة .
ـ وبالرجوع إلى المعاملة وجدت التقرير الأولي رقم ... ، والتأريخ 8/2/1429هـ المتضمن أن المدعى عليه كان عند القبض عليه بحالة غير طبيعية ، كما وجدت محضر الاستشمام المؤرخ في 8/2/1429هـ المتضمن أن رائحة المسكر كانت تفوح من فم المدعى عليه ، كما وجدت التقرير الكيميائي الشرعي رقم ... المتضمن أنه بتحليل عينة من دم المدعى عليه ثبت ايجابيتها لمادة الكحول الاثيلي .
ـ وبعرض التقريرين والمحضر على المدعى عليه أجاب بقوله : ما جاء فيها غير صحيح .
ب ـ فطلبت من المدعي العام إحضار معديّ التقرير الأولي ، ومحضر الاستشمام لسماع ما لديهما ، فأحضر كلاً من .... و .... غب حضورهما شهد كل واحد منهما بمفرده (15) قائلاً : (( أشهد للّـه أنه في حوالي الساعة الثامنة وعشرين دقيقة من ليلة الجمعة الموافق 8/2/1429هـ شاهدت المدعى عليه هذا الحاضر ( وأشار إليه ) (16) ، والذي كان يقود سيارة هايلكس لا تثبت في المسار المخصص لها من الطريق ، وتحتك بعض عجلاتها بالرصيف ، فجرى إيقافه ، وتبين لي أنه بحالة غير طبيعية ، ويتصرف تصرفات السكران ، وقد شممت عند إيقافه رائحة العرق المسكر تفوح من فمه )) . هكذا شهدا .
ـ فسألت المدعى عليه ألك طعن في الشاهدين ، أو في شهادتهما ؟ فأجاب بقوله : ما ذكره الشاهدان غير صحيح .
ـ فطلبت من المدعي العام تعديل شاهديه فأحضر كلاً من .... و .... اللذين شهدا بأن الشاهدين اللذين أحضرهما المدعي العام عدلان ظاهراً وباطناً مرضيا الشهادة .
المرحلة الثالثة : تسبيب الحكم
تقدم الحكم في هذه القضية تسبيب له اشتمل على ملخص للدعوى ، والطلبات ، والإجابة ، والبينات ، وتقرير الراجح عندي في عدد من المسائل التي يتوقف الحكم عليها ، وفيما يلي عرض لهذه المسائل وغيرها :
المسألة الأولى : في المترجم
بلغ عدد المقيمين في المملكة العربية السعودية نسبة 27.1٪ سبعة وعشرين وواحد من عشرة في المائة ، وذلك بتاريخ 1/8/1425هـ (17) ، يتكلم عدد غير قليل منهم بغير اللغة العربية ؛ ممّا أدى إلى زيادة أعداد القضايا التي يكون طرفاها أو أحدهما ممّن لايجيد اللغة العربية ، ودعت الحاجة إلى الاستعانة بالمترجمين من تلك اللغات إلى اللغة العربية .
(( والترجمة بفتح التاء : تأدية الكلام بلغة أخرى ))(18) ، واسم الفاعل منها ترجمان ، وهو أفصح من مترجم ، وفتح التاء وضم الجيم أجود لغاته (19) .
وقد اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في عدد من يقبل في الترجمة على قولين ، ومنشأ الخلاف هل الترجمة من باب الإخبار ، أم الشهادة ؟(20) .
وهذان القولان هما :
القول الأول : أنه يكتفى بالترجمة بترجمان واحد ، وإليه ذهب الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف (21) ، وهو قول الإمام مالك (22) ، ورواية عن الإمام أحمد (23) .
واثنين أحوط في قول أبي حنيفة وأبي يوسف (24) ، وأحب إلى الإمام مالك (25) ، وذكر بعض المالكية أن المترجم إذا رتبه القاضي فيكفى في الترجمة واحد ، أما غير المرتب كالذي يأتي به أحد الخصوم أو يستدعيه القاضي فلا بد من تعدده (26) .
القول الثاني : ذهب الإمام الشافعي (27) ، ومحمد بن الحسن من الحنفية (28) ، وهو المذهب عن الحنابلة ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به الخرقي ، وقدمه في المغني والشرح (29) إلى أنه لابد في الترجمة من اثنين فيما يثبت بشهادة اثنين ، واختلف فيما لا يثبت بشهادة اثنين كالزنا ، فقيل لابد فيه من أربعة كالشهادة عليه ، وقيل يكفي فيه اثنان (30) .
واستدل أصحاب القول الأول بأدلة منها :
1 ـ ما رواه البخاري في صحيحه (31) تعليقاً عن زيد بن ثابت (( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتعلم كتاب اليهود حتى كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم كتبه وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه )) .
فدل الحديث على جواز ترجمة الواحد(32) .
2 ـ أن المترجم مخبر ، وقوله غير ملزم ، وخبر الواحد مقبول إذا كان مسلماً عدلاً(33) .
3 ـ أنه لا يشترط في الترجمة أن تكون بلفظ الشهادة كالخبر بخلاف الشهادة(34) .
واستدل أصحاب القول الثاني بأدلة منها :
1 ـ أن المترجم ينقل للحاكم ما خفي عليه فيما يتعلق بالمتخاصمين ؛ فيشترط فيه العدد كالشهادة.
2 ـ أن ما لا يفهمه الحاكم وجوده كعدمه ، فإذا ترجم له كان كنقل الإقرار إليه من غير مجلسه ، ولا يقبل ذلك إلا من شاهدين (35) .
3 ـ أنه يشترط في المترجم ما يشترط في الشاهد من الإسلام والعدالة ؛ فاشترط فيه العدد كالشهادة(36) .
واختار الإمام البخاري (37) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية (38) القول الأول ، وهو ما عليه العمل في المحاكم ؛ فقـد نصت المادة السادسة والثلاثون من نظام القضاء القديم(39) على أنه (( يجوز للمحكمة أن تسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلون اللغة العربية عن طريق مترجم )) . كما نصت المادة الثالثة عشرة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم(40) على أن (( تسمع أقوال غير الناطقين... ( باللغة العربية ) عن طريق مترجم )) .
وقد جاء ذكر المترجم بصيغة المفرد ، ممّا يدل على أنه أخذ بالقول الأول ، وأنه يكفي في الترجمة واحد ، وأن الترجمة من باب الإخبار، وقد صرح نظام المرافعات الشرعية ، على أن المترجـم من الخبراء ، فقد نصت المادة السادسة والثلاثون بعد المائة منه على أن (( تؤلف بقرار من وزير العدل لجنة للخبراء وتحدد اللائحة اختصاص هذه اللجنة )) ونصت الفقرة136/3 من اللوائح التنفيذية له(41) على أن (( يشكل في المحاكم قسم يسمّى قسم الخبراء يضم .... المترجمين ونحوهم )) .
وقد صدر قرار معالي وزير العدل رقم 9292 ، في 28/10/1425هـ (43) بإنشاء إدارة في جهاز الوزارة بمسمّى ( إدارة شؤون الخبرة والتحكيم ) ، كما صدر قرار معاليه رقم 7385 ، في 26/1/1423هـ (43) المتضمن أن (( تنشأ في المحاكم العامة التي فيها ثلاثة قضاة فأكثر الأقسام التالية .... 5 ـ قسم الخبراء ، ويشمل .... المترجين ونحوهم )) ونصت المادة السابعة والثلاثون بعد المائة من نظام المرافعات على أنه (( يجوز لوزير العدل أن يعين موظفين يتفرغون لبعض أعمال الخبرة لدى المحاكم )) . وقد تم تعيين عدد غير قليل منهم ، ومن ضمنهم مترجمون ، وتستعين المحاكم عند عدم توفر مترجم لديها بمترجمين من إحدى الجهات الحكومية الأخرى ، أو غيرها(44) . وقد صدر قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 1/220 ، والتأريخ 10/5/1411هـ على أنه يجوز تكليف من يقوم بالترجمة أثناء نظر القضايا التي يكون أحد أفرادها من غير الناطقين باللغة العربية ، وذلك لقاء مكافأة(45) .
وهنا وقفتان :
الوقفة الأولى :
نص الفقهاء على أنه يشترط في المترجم وغيره من أهل الخبرة شروطاً منها الإسلام والعدالة(46) .
قال السرخسي : (( ثم لا خلاف أنه يشترط في المترجم أن يكون عدلاً مسلماً ))(47) .
ونصت الفقرة136/6 من اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات على أنه يشترط فيمن يدرج اسمه في قائمة الخبراء (( أن يكون حسن السيرة والسلوك ... ( و ) أن يكون حاصلاً على ترخيص بمزاولة مهنته ساري المفعول من الجهة المختصة )) .
وأرى الأخذ بعبارة الفقهاء ( العدالة ) ، وأن يتم إثباتها عن طريق المحكمة للخبراء ، ومنهم المترجمون المعينون على وظائف رسمية ، أو المدرجون في قائمة الخبراء ، أو ممن تستعين بهم المحاكم من خبراء الجهات الحكومية ، أو غيرهم (48) ؛ قبل الاستعانة بهم ، وتجديد البحث عنها مع طول المدة .
وقد نصت إحدى توصيات الندوة الثالثة لرؤساء المحاكم في المملكة (49) على: (( إنشاء مكتب للترجمة في كل محكمة من المحاكم الرئاسية تتولى التنسيق مع المترجمين على نظام الأجر بالساعة بعد التحقق من أهلية المترجم وعدالته )) . فنصت على التحقق من العدالة.
أما تجديد البحث عن العدالة فقد قال البهوتي (50) : (( ومن ثبتت عدالته مرة وجب تجديد البحث عنها مرة أخرى مع طول المدة لأن الأحوال تتغير )) .
الوقفة الثانية :
يلحظ أن معظم المحاكم تكتفي عند تصديق إقرار من يجهل اللغة العربية بالتصديق على إقرارهم باللغة العربية ؛ بينما نص تعميم وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية رقم12/208/ت ، والتأريخ 20/12/1404هـ(51) على أن (( تؤخذ اعترافات غير مجيدي اللغة العربية بخط أيديهم وبلغتهم ثم تترجم بدقة إبراء للذمة ومنعاً للالتباس)) ، ونصت المادة الثالثة عشرة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم على أن: (( تسمع أقوال غير الناطقين ... ( باللغة العربية ) عن طريق مترجم مع إثبات ما يوجه إليه وإجاباته عليه بلغته ويوقع منه وتثبت ترجمة ذلك باللغة العربية ويوقع منه ومن المترجم )) .
وأرى أن يدون في محضر التحقيق إقرار المقر بلغته وبخط يده إن كان يكتب ، ويدون أسفله ترجمته باللغة العربية ، ويوقع عليها من المقر والمترجم ، وأن يكتفى بتصديق المحكمة على المحضر مباشرة ، وتحتفظ المحكمة بصورة منه ؛ بعد التصديق ، يتم إتلافها بعـد مـرور مـدة مـن الزمن ؛ بدل ضبط الإقرار في دفتر الضبط الذي يأخذ وقتاً ، ويتطلب جهداً (52) .
كما أرى أن تدون أقوال وإجابات الخصم الذي يجهل اللغة العربية بلغته ، وبخط يده إن كان يكتب ، ويدون أسفلها ترجمتها باللغة العربية ، ويوقع عليها من الخصم والمترجم ، وترفق بالمعاملة عند نظر دعوى يكون أحد طرفيها أو كلاهما ممّن يجهلون اللغة العربية .
المسألة الثانية : في طلب معدي التقارير
قال البهوتي ـ رحمه الله ـ في كشاف القناع (53) : (( وللمدعي إذا أنكر المدعى عليه أن يقول : لي بينة .... وللحاكم أن يقول للمدعي ألك بينة .... فإن قال المدعي لي بينة .... قال له القاضي : إن شئت فأحضرها . قال في المغني : لم يقل أحضرها ؛ لأن ذلك حق له ، فله أن يفعل ما يرى ، فإذا أحضرها المدعي لم يسألها الحاكم عمّا عندهما حتى يسأله : المدعي ذلك ؛ لأنه حق له )) .
وعند النظر في إجرائي أجد أنه ُطلب من المدعي العام إحضار معديّ التقرير الأولي ومحضر الاستشمام لسماع ما لديهما ، فما هو المستند في طلبهما دون طلب المدعي ذلك ؟
وأجيب عن ذلك بأن استيفاء حقوق الله تعالى من حدود ونحوها يختص به القاضي من غير طالب ، ويحكم به القاضي من غير تقدم دعوى ، قال الماوردي عند كلامه عن ولاية القاضي : (( السابع إقامة الحدود على مستحقيها فإن كان من حقوق الله تعالى تفرد باستيفائه من غير طالب إذا ثبت بإقرار أو بينة )) . وقال البهوتي : (( وتصح الشهادة بحق... الله تعالى ... من غير تقدم دعوى بذلك ))(54) . وعند الرجوع إلى نظام الإجراءات الجزائية أجد أن المادة السابعة والخمسين بعد المائة تضمنت أن المدعي العام لا يلزمه حضور الجلسات إلا في ثلاث حالات ، فوجود المدعي العام أمر شكلي اقتضاه التنظيم ، ودعواه بمثابة الحسبة صيانة للمجتمع وحفظاً له ، ومن جهة أخرى فإن معديّ التقرير الأولي ومحضر الاستشمام ذكرا فيهما أن المدعى عليه كان عند القبض عليه بحالة غير طبيعية ، وأن رائحة المسكر كانت تفوح من فمه ، وهذه شهادة ، يختص أدائها بمجلس الحكم بحضور المشهود عليه (55) . قال البهوتي ـ رحمه الله ـ (( وتجب المشافهة ( أي في الشهادة ) ، فلا يكفى بالرقعة مع الرسول ))(56) .
ونصت المادة العشرون بعد المائة من نظام المرافعات على أن: (( تؤدى الشهادة شفوياً ولا يجوز الاستعانة في أدائها بمذكرات مكتوبة إلا بإذن القاضي )) .
وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ : (( أمر الشهادة مبني على الوضوح ، ولا يجوز للحاكم الشرعي أن يحكم بموجب شاهد إلا بعد معرفة من يراد الحكم عليه بهذه الشهادة وشاهدها )) (57) .
وقال : (( فإن امتنعوا ( أي الشهود عن الحضور ) ، وتحقق أن لديهم شهادة كلفوا بالحضور في مجلس الحكم إذا لم يكن عليه ضرر )) (58) .
وجاء في قرار الهيئة القضائية العليا (59) : (( إن إحضار شهود محاضر القبض على المتهم ، وفي حوزته المواد الممنوعة أمر يعود تقديره إلى ناظر القضية ، فإذا طلب القاضي حضورهم فلا مندوحة عن إجابة طلبه )) (60) .
فإن قيل : الشهادة المذكورة حق لله تعالى ، والشهادة في حقوق الله يباح إقامتها ، ويستحب تركها . قال البهوتي ـ رحمه الله ـ : (( ولا تستحب الشهادة بحق الله تعالى )) (61) ، وقال ابن أبي الدم ـ رحمه الله ـ : (( وأعلم أن كل ما تقبل فيه شهادة الحسبة ممّا هو من حدود الله تعالى ، فالمستحب أن لا يشهد به لأنه مندوب إلى ستره )) (62) ، فلماذا طلب إحضار معديّ التقرير الأولي ومحضر الاستشمام لسماع ما لديهما ؛ مع أن المستحب في حقهما ترك الشهادة ؟ بل ذكر البهوتي(63)، وغيره أنه: (( يجوز للحاكم أن يعرض للشهود بالوقوف عنها (أي الشهادة ) في حق الله تعالى )) .
ويجاب عن ذلك بأن توقيعهم على التقرير والمحضر شهادة بما فيهما ، وحتى تستوفى الشهادة كان لا بد من أدائها مشافهة في مجلس القضاء بحضور المشهود عليه ، وقد عدت التعليمات أداء شهود المحاضر للشهادة أمام القضاء من واجبات عملهم (64) .
والسؤال هنا إذا لم يتذكر شاهد المحضر الحادثة ، وإنما عرف خطه أو توقيعه على المحضر ، فهل له أن يشهد بما فيه ؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين :
القول الأول :
ليس له أن يشهد على ذلك ، وبه قال الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف (65) ، وهو رواية عن الإمام مالك قال بها ابن القاسم وأصبغ من المالكية (66) ، وبه قال جمهور الشافعية (67) ، وجمهور الحنابلة قال المرداوي : وهو الصحيح من المذهب ، وذكر القاضي أنه المذهب ، وذكر في الترغيب أنه الأشهر وقدمه في الفروع والحاوي(68) ؛ لاحتمال تزوير الخط والتوقيع ، ولأن الخط يشبه الخط ، فلا يحصل العلم .
القول الثاني :
للشاهد أن يشهد إذا رأى خطه أو توقيعه ، وتيقن منه ، وبه قال : محمد بن الحسن من الحنفية(69) ، وذكر بعض الحنفية أنه قول أبي يوسف(70) ، وروى عن الإمام مالك ، وبه قال أكثر المالكية(71) ، وهـو رواية عــن الإمـام أحمـد اختارها في الترغيب ، وجزم بها في الوجيز ، وقدمها في المحرر ، وعنه يشهد إذا حرره (72) ؛ لأن تيقنه أن هذا خطه أو توقيعه يزول به احتمال التزوير .
والذي يظهر لي عدم الشهادة في حقوق الله ؛ لأن حقوق الله مبنية على المسامحة ، ولأنه لا يحصل بها العلم ، ولما تقدم من استحباب عدم الشهادة في حقوق الله .
المسألة الثالثة : في ذكر اسم الشاهد وسنه ومهنته ومحل إقامته
ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لابدّ من تسمية الشهود ، وبيان أنسابهم ، ومحال إقامتهم ونحوه ، وذلك للنظر في عدالتهم(73) .
وذهب المالكية إلى عدم اشتراط بيان الاسم ونحوه ؛ لجواز أن يعدّل الرجل غيره ، وإن لم يعرف ذلك عنه(74) .
وقد نصت المادة التاسعة عشرة بعد المائة من نظام المرافعات على أن يذكر الشاهد (( اسمه الكامل وسنه ومهنته ومحل إقامته وجهة اتصاله بالخصوم بالقرابة أو الاستخدام أو غيرها إن كان له اتصال بهم مع التحقق عن هويته )) .
ونصت الفقرة 119/3 من اللوائح التنفيذية له على أن: (( يشار إلى مهنة الشاهد وسنه ومحل إقامته وجهة اتصاله بالخصوم في الضبط دون الصك ، أما اسمه الكامل فيذكر في الضبط والصك )) .
والسؤال هنا ماذا يترتب ـ وفقاً لنظام المرافعات على عدم استيفاء ما ذكر ؟
تتوقف الإجابة على هذا السؤال على معرفة الغاية من هذا الإجراء ، والغاية منه ـ فيما يظهر لي ـ أن تتحدد شخصية الشاهد للمشهود عليه ؛ حتى يمكنه الطعن فيه ، وتتحدد لدى القاضي ؛ للنظر في عدالته ، وهل يوجد فيه مانع من موانع الشهادة .
فإذا تقرر ذلك فلا يخلو الأمر من حالتين :
الحالة الأولى :
ألاّ تتحدد شخصية الشاهد للمشهود عليه ، أو للقاضي ، فهنا يكون الإجراء باطلاً ، ولابدّ من استيفاء ما ذكر.
الحالة الثانية :
أن تتحدد شخصية الشاهد لدى المشهود عليه ولدى القاضي ، وبالتالي تتحقق الغاية من الإجراء ، فيكون الإجراء صحيحاً .
وقـد أخذت ذلـك من المادة السادسة مـن نظام المرافعـات والتـي جـاء فيهـا ما نصـه : (( يكون الإجراء باطلاً إذا نص النظام على بطلانه ، أو شابه عيب تخلف بسببه الغرض من الإجراء ولا يحكم بالبطلان ـ رغم النص عليه ـ إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء )) .
فإن قيل إن المادة التاسعة عشرة بعد المائة لم تنص على بطلان الإجراء في حال عدم ذكر اسم الشاهد الكامل وسنه ومهنته .... إلخ .
أجيب بأن عدم ذكر اسم الشاهد وسنه ومهنته يشوبه عيب تخلف بسببه الغرض من هذا الإجراء ، فيكون الإجراء باطلاً وفقاً للمادة السادسة من نظام المرافعات .
وقد نصت الفقرة 6/1 من اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات أن (( الذي يقدر تحقق الغاية من الإجراء ، هو ناظر القضية )) .
وقد ذهب جمهور الفقهاء ؛ ومنهم الشافعية والحنابلة والمالكية ، وخصه المالكية بالحكم على الحاضر إلى أنه لا يجوز الاعتراض على الحاكم لتركه تسمية الشهود المحكوم بشهادتهم ، واشترط المالكية تسميتهم عند الحكم على الغائب (75) .
1 / 3
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
( 4 )
شرب غير المسلم للمسكر
وقيادة السيارة تحت تأثيره
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، القائل في كتابه المبين : ( يــأيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلم رجس من عمل الشيطن فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) (1) ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد القائل : ( اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر ) (2) ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وزوجاته أمهات المؤمنين ، وعلى الصحابة أجمعين ، أما بعد :
فإن المتأمل في عمل المحاكم يجد زيادة مطردة في قضايا السكر ، والتي بلغت في عام 1427هـ ستة عشر ألفا وستاً وعشرين قضية (3) ؛ بينما لم تتجاوز في عام 1426هـ خمسة آلاف وثمانمائة وخمس عشرة قضية (4) ، وتبع ذلك زيادة في قضايا صنع المسكر ، وترويجه ، وقيادة السيارة تحت تأثيره ، ونحوها من القضايا الناتجة عن شرب المسكر ، والمتصلة به .
ويلحظ المتابع للصحف المحلية كثرة ما يضبط ـ لاسيما من قبل رجال الحسبة ـ من مصانع للمسكر (5) ؛ فقد بلغ عدد مصانع المسكر المضبوطة من قبل هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عام 1428هـ سبعمائة وثمانية وثلاثين مصنعاً (6) ، ولم أقف على عدد قضايا السكر المقيدة لدى مراكز ومخافر الشرطة في المملكة خلال الأعوام الماضية رغم بذل ما في وسعي في البحث .
وعند نظري في بعض قضايا شرب المسكر ، وما ينتج عنه يعرض لي مسائل تحتاج إلى وقفة تأمل ، ومن هذه المسائل : المراد بعبارة : (( بحالة سكر )) الواردة في نظام المرور القديم (7) ، وعبارة : (( تحت تأثير مسكر )) الواردة في نظام المرور الجديد (8) ، وطلب معدي التقارير ، ووسائل إثبات قيادة السيارة تحت تأثير المسكر ، وعقوبة شرب المسكر لغير المسلم ، وغيرها . وفيما يلي : أستعرض إحدى قضايا شرب المسكر ، وقيادة السيارة تحت تأثيره نظرتها في المحكمة العامة بمحافظة الزلفي متحدثاً عن مراحلها ، ومتوقفاً قليلاً عند أهم مسائلها .
المرحلة الأولى : الدعوى والإجابة
أولاً : الدعوى
في حوالي الساعة الثامنة وعشرين دقيقة من ليلة الجمعة الموافق 8/2/1429هـ ، وعند المدخل الجنوبي لمدينة الزلفي على طريق الغاط اشتبهت إحدى الدوريات الأمنية بالمدعى عليه ، والذي كان يقود سيارة من نوع هايلكس رقم اللوحة .... بعد مشاهدتها للسيارة التي كان يقودها المدعى عليه لا تثبت في المسرب المخصص لها من الطريق ، وتحتك بعض عجلاتها بالرصيف ، فجرى إيقافه ، وتبين أنه بحالة غير طبيعية ، وشمت رائحة العرق المسكر من فمه (9) ، فتم القبض عليه (10) ، وبعد التحقيق معه توجه له الاتهام بشرب المسكر ، وقيادة السيارة تحت تأثيره . أطلب إثبات إدانة المدعى عليه بما اتهم به ، ومجازاته بما يستحق شرعاً لقاء شربه للمسكر ، وإفهامه أن جزاءه على قيادته للسيارة وهو تحت تأثير المسكر عائد للجهة المختصة (11) ، والحكم عليه بذلك ، هذه دعواي وأسأل المدعى عليه الجواب .
فسألت المدعي العام : هل أوقف المدعى عليه لهذه القضية ؟
فأجاب بقوله : لقد احتجز المدعى عليه للتحقيق معه ، وأطلق سراحه بعد انتهاء التحقيق ، ولم يتم توقيفه ، ولم تصدر مذكرة بتوقيفه (12) .
فسألته : هل يوجد على المدعى عليه سوابق جنائية ؟(13) .
فأجاب بقوله : لا يوجد على المدعى عليه سوابق جنائية مسجلة ، حسبما يظهر من تقرير بحث سوابقه المرفق بالمعاملة .
ثانياً : الإجابة
ما ذكره المدعي العام من القبض عليّ في الزمان والمكان المذكورين في دعواه فصحيح ، وقد قبض عليّ أثناء قيادتي للسيارة المذكورة في الدعوى ، والمملوكة لشركة ... التي أعمل لديها .
وما ذكره من أنني كنت عند القبض عليّ بحالة غير طبيعية ، وأنني شربت مسكراً ، وقدت السيارة تحت تأثيره ، فغير صحيح ، فلم أشرب عرقاً مسكراً ولا غيره من المسكرات ، ولم يسبق لي شرب مسكر ، ولم أقد السيارة تحت تأثير المسكر ، وما ذكره بخصوص الرائحة التي شمت من فمي فهي رائحة التنباك الذي استعمله ، وهو نوع من الدخان ، وما ذكره من أن السيارة التي كنت أقودها لا تثبت في المسرب المخصص لها من الطريق وتحتك بعض عجلاتها بالطريق فصحيح ، وهذا ناتج عن عطل في الأذرعة وجهاز التوجيه فيها ، ولا أوافق على ما طلبه المدعي العام .
فسألته عن ديانته ؟
فأجاب بقوله : هو مسيحي الديانة(14) .
فسألته عمّا دون في رخصة إقامته من أن ديانته بوذي ؟
فأجاب بقوله لا أعلم سبب تدوين ذلك .
فسألته عن حكم شرب المسكر في ديانته ؟
فأجاب بقوله : شرب المسكر لا يجوز في ديانتي ، ويعاقب شاربه بالنصح وأخذ التعهد ، وأنظمة بلدي تمنع شرب المسكر .
المرحلة الثانية : البينات
أ ـ سألت المدعي العام ألديك بينة على ما ذكرته من شرب المدعى عليه للمسكر ، وقيادته للسيارة تحت تأثيره ؟
ـ فأجاب بقوله : نعم ، لدي التقرير الأولي ، ومحضر الاستشمام ، والتقرير الكيميائي الشرعي المرفقة بالمعاملة .
ـ وبالرجوع إلى المعاملة وجدت التقرير الأولي رقم ... ، والتأريخ 8/2/1429هـ المتضمن أن المدعى عليه كان عند القبض عليه بحالة غير طبيعية ، كما وجدت محضر الاستشمام المؤرخ في 8/2/1429هـ المتضمن أن رائحة المسكر كانت تفوح من فم المدعى عليه ، كما وجدت التقرير الكيميائي الشرعي رقم ... المتضمن أنه بتحليل عينة من دم المدعى عليه ثبت ايجابيتها لمادة الكحول الاثيلي .
ـ وبعرض التقريرين والمحضر على المدعى عليه أجاب بقوله : ما جاء فيها غير صحيح .
ب ـ فطلبت من المدعي العام إحضار معديّ التقرير الأولي ، ومحضر الاستشمام لسماع ما لديهما ، فأحضر كلاً من .... و .... غب حضورهما شهد كل واحد منهما بمفرده (15) قائلاً : (( أشهد للّـه أنه في حوالي الساعة الثامنة وعشرين دقيقة من ليلة الجمعة الموافق 8/2/1429هـ شاهدت المدعى عليه هذا الحاضر ( وأشار إليه ) (16) ، والذي كان يقود سيارة هايلكس لا تثبت في المسار المخصص لها من الطريق ، وتحتك بعض عجلاتها بالرصيف ، فجرى إيقافه ، وتبين لي أنه بحالة غير طبيعية ، ويتصرف تصرفات السكران ، وقد شممت عند إيقافه رائحة العرق المسكر تفوح من فمه )) . هكذا شهدا .
ـ فسألت المدعى عليه ألك طعن في الشاهدين ، أو في شهادتهما ؟ فأجاب بقوله : ما ذكره الشاهدان غير صحيح .
ـ فطلبت من المدعي العام تعديل شاهديه فأحضر كلاً من .... و .... اللذين شهدا بأن الشاهدين اللذين أحضرهما المدعي العام عدلان ظاهراً وباطناً مرضيا الشهادة .
المرحلة الثالثة : تسبيب الحكم
تقدم الحكم في هذه القضية تسبيب له اشتمل على ملخص للدعوى ، والطلبات ، والإجابة ، والبينات ، وتقرير الراجح عندي في عدد من المسائل التي يتوقف الحكم عليها ، وفيما يلي عرض لهذه المسائل وغيرها :
المسألة الأولى : في المترجم
بلغ عدد المقيمين في المملكة العربية السعودية نسبة 27.1٪ سبعة وعشرين وواحد من عشرة في المائة ، وذلك بتاريخ 1/8/1425هـ (17) ، يتكلم عدد غير قليل منهم بغير اللغة العربية ؛ ممّا أدى إلى زيادة أعداد القضايا التي يكون طرفاها أو أحدهما ممّن لايجيد اللغة العربية ، ودعت الحاجة إلى الاستعانة بالمترجمين من تلك اللغات إلى اللغة العربية .
(( والترجمة بفتح التاء : تأدية الكلام بلغة أخرى ))(18) ، واسم الفاعل منها ترجمان ، وهو أفصح من مترجم ، وفتح التاء وضم الجيم أجود لغاته (19) .
وقد اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في عدد من يقبل في الترجمة على قولين ، ومنشأ الخلاف هل الترجمة من باب الإخبار ، أم الشهادة ؟(20) .
وهذان القولان هما :
القول الأول : أنه يكتفى بالترجمة بترجمان واحد ، وإليه ذهب الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف (21) ، وهو قول الإمام مالك (22) ، ورواية عن الإمام أحمد (23) .
واثنين أحوط في قول أبي حنيفة وأبي يوسف (24) ، وأحب إلى الإمام مالك (25) ، وذكر بعض المالكية أن المترجم إذا رتبه القاضي فيكفى في الترجمة واحد ، أما غير المرتب كالذي يأتي به أحد الخصوم أو يستدعيه القاضي فلا بد من تعدده (26) .
القول الثاني : ذهب الإمام الشافعي (27) ، ومحمد بن الحسن من الحنفية (28) ، وهو المذهب عن الحنابلة ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به الخرقي ، وقدمه في المغني والشرح (29) إلى أنه لابد في الترجمة من اثنين فيما يثبت بشهادة اثنين ، واختلف فيما لا يثبت بشهادة اثنين كالزنا ، فقيل لابد فيه من أربعة كالشهادة عليه ، وقيل يكفي فيه اثنان (30) .
واستدل أصحاب القول الأول بأدلة منها :
1 ـ ما رواه البخاري في صحيحه (31) تعليقاً عن زيد بن ثابت (( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتعلم كتاب اليهود حتى كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم كتبه وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه )) .
فدل الحديث على جواز ترجمة الواحد(32) .
2 ـ أن المترجم مخبر ، وقوله غير ملزم ، وخبر الواحد مقبول إذا كان مسلماً عدلاً(33) .
3 ـ أنه لا يشترط في الترجمة أن تكون بلفظ الشهادة كالخبر بخلاف الشهادة(34) .
واستدل أصحاب القول الثاني بأدلة منها :
1 ـ أن المترجم ينقل للحاكم ما خفي عليه فيما يتعلق بالمتخاصمين ؛ فيشترط فيه العدد كالشهادة.
2 ـ أن ما لا يفهمه الحاكم وجوده كعدمه ، فإذا ترجم له كان كنقل الإقرار إليه من غير مجلسه ، ولا يقبل ذلك إلا من شاهدين (35) .
3 ـ أنه يشترط في المترجم ما يشترط في الشاهد من الإسلام والعدالة ؛ فاشترط فيه العدد كالشهادة(36) .
واختار الإمام البخاري (37) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية (38) القول الأول ، وهو ما عليه العمل في المحاكم ؛ فقـد نصت المادة السادسة والثلاثون من نظام القضاء القديم(39) على أنه (( يجوز للمحكمة أن تسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلون اللغة العربية عن طريق مترجم )) . كما نصت المادة الثالثة عشرة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم(40) على أن (( تسمع أقوال غير الناطقين... ( باللغة العربية ) عن طريق مترجم )) .
وقد جاء ذكر المترجم بصيغة المفرد ، ممّا يدل على أنه أخذ بالقول الأول ، وأنه يكفي في الترجمة واحد ، وأن الترجمة من باب الإخبار، وقد صرح نظام المرافعات الشرعية ، على أن المترجـم من الخبراء ، فقد نصت المادة السادسة والثلاثون بعد المائة منه على أن (( تؤلف بقرار من وزير العدل لجنة للخبراء وتحدد اللائحة اختصاص هذه اللجنة )) ونصت الفقرة136/3 من اللوائح التنفيذية له(41) على أن (( يشكل في المحاكم قسم يسمّى قسم الخبراء يضم .... المترجمين ونحوهم )) .
وقد صدر قرار معالي وزير العدل رقم 9292 ، في 28/10/1425هـ (43) بإنشاء إدارة في جهاز الوزارة بمسمّى ( إدارة شؤون الخبرة والتحكيم ) ، كما صدر قرار معاليه رقم 7385 ، في 26/1/1423هـ (43) المتضمن أن (( تنشأ في المحاكم العامة التي فيها ثلاثة قضاة فأكثر الأقسام التالية .... 5 ـ قسم الخبراء ، ويشمل .... المترجين ونحوهم )) ونصت المادة السابعة والثلاثون بعد المائة من نظام المرافعات على أنه (( يجوز لوزير العدل أن يعين موظفين يتفرغون لبعض أعمال الخبرة لدى المحاكم )) . وقد تم تعيين عدد غير قليل منهم ، ومن ضمنهم مترجمون ، وتستعين المحاكم عند عدم توفر مترجم لديها بمترجمين من إحدى الجهات الحكومية الأخرى ، أو غيرها(44) . وقد صدر قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 1/220 ، والتأريخ 10/5/1411هـ على أنه يجوز تكليف من يقوم بالترجمة أثناء نظر القضايا التي يكون أحد أفرادها من غير الناطقين باللغة العربية ، وذلك لقاء مكافأة(45) .
وهنا وقفتان :
الوقفة الأولى :
نص الفقهاء على أنه يشترط في المترجم وغيره من أهل الخبرة شروطاً منها الإسلام والعدالة(46) .
قال السرخسي : (( ثم لا خلاف أنه يشترط في المترجم أن يكون عدلاً مسلماً ))(47) .
ونصت الفقرة136/6 من اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات على أنه يشترط فيمن يدرج اسمه في قائمة الخبراء (( أن يكون حسن السيرة والسلوك ... ( و ) أن يكون حاصلاً على ترخيص بمزاولة مهنته ساري المفعول من الجهة المختصة )) .
وأرى الأخذ بعبارة الفقهاء ( العدالة ) ، وأن يتم إثباتها عن طريق المحكمة للخبراء ، ومنهم المترجمون المعينون على وظائف رسمية ، أو المدرجون في قائمة الخبراء ، أو ممن تستعين بهم المحاكم من خبراء الجهات الحكومية ، أو غيرهم (48) ؛ قبل الاستعانة بهم ، وتجديد البحث عنها مع طول المدة .
وقد نصت إحدى توصيات الندوة الثالثة لرؤساء المحاكم في المملكة (49) على: (( إنشاء مكتب للترجمة في كل محكمة من المحاكم الرئاسية تتولى التنسيق مع المترجمين على نظام الأجر بالساعة بعد التحقق من أهلية المترجم وعدالته )) . فنصت على التحقق من العدالة.
أما تجديد البحث عن العدالة فقد قال البهوتي (50) : (( ومن ثبتت عدالته مرة وجب تجديد البحث عنها مرة أخرى مع طول المدة لأن الأحوال تتغير )) .
الوقفة الثانية :
يلحظ أن معظم المحاكم تكتفي عند تصديق إقرار من يجهل اللغة العربية بالتصديق على إقرارهم باللغة العربية ؛ بينما نص تعميم وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية رقم12/208/ت ، والتأريخ 20/12/1404هـ(51) على أن (( تؤخذ اعترافات غير مجيدي اللغة العربية بخط أيديهم وبلغتهم ثم تترجم بدقة إبراء للذمة ومنعاً للالتباس)) ، ونصت المادة الثالثة عشرة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم على أن: (( تسمع أقوال غير الناطقين ... ( باللغة العربية ) عن طريق مترجم مع إثبات ما يوجه إليه وإجاباته عليه بلغته ويوقع منه وتثبت ترجمة ذلك باللغة العربية ويوقع منه ومن المترجم )) .
وأرى أن يدون في محضر التحقيق إقرار المقر بلغته وبخط يده إن كان يكتب ، ويدون أسفله ترجمته باللغة العربية ، ويوقع عليها من المقر والمترجم ، وأن يكتفى بتصديق المحكمة على المحضر مباشرة ، وتحتفظ المحكمة بصورة منه ؛ بعد التصديق ، يتم إتلافها بعـد مـرور مـدة مـن الزمن ؛ بدل ضبط الإقرار في دفتر الضبط الذي يأخذ وقتاً ، ويتطلب جهداً (52) .
كما أرى أن تدون أقوال وإجابات الخصم الذي يجهل اللغة العربية بلغته ، وبخط يده إن كان يكتب ، ويدون أسفلها ترجمتها باللغة العربية ، ويوقع عليها من الخصم والمترجم ، وترفق بالمعاملة عند نظر دعوى يكون أحد طرفيها أو كلاهما ممّن يجهلون اللغة العربية .
المسألة الثانية : في طلب معدي التقارير
قال البهوتي ـ رحمه الله ـ في كشاف القناع (53) : (( وللمدعي إذا أنكر المدعى عليه أن يقول : لي بينة .... وللحاكم أن يقول للمدعي ألك بينة .... فإن قال المدعي لي بينة .... قال له القاضي : إن شئت فأحضرها . قال في المغني : لم يقل أحضرها ؛ لأن ذلك حق له ، فله أن يفعل ما يرى ، فإذا أحضرها المدعي لم يسألها الحاكم عمّا عندهما حتى يسأله : المدعي ذلك ؛ لأنه حق له )) .
وعند النظر في إجرائي أجد أنه ُطلب من المدعي العام إحضار معديّ التقرير الأولي ومحضر الاستشمام لسماع ما لديهما ، فما هو المستند في طلبهما دون طلب المدعي ذلك ؟
وأجيب عن ذلك بأن استيفاء حقوق الله تعالى من حدود ونحوها يختص به القاضي من غير طالب ، ويحكم به القاضي من غير تقدم دعوى ، قال الماوردي عند كلامه عن ولاية القاضي : (( السابع إقامة الحدود على مستحقيها فإن كان من حقوق الله تعالى تفرد باستيفائه من غير طالب إذا ثبت بإقرار أو بينة )) . وقال البهوتي : (( وتصح الشهادة بحق... الله تعالى ... من غير تقدم دعوى بذلك ))(54) . وعند الرجوع إلى نظام الإجراءات الجزائية أجد أن المادة السابعة والخمسين بعد المائة تضمنت أن المدعي العام لا يلزمه حضور الجلسات إلا في ثلاث حالات ، فوجود المدعي العام أمر شكلي اقتضاه التنظيم ، ودعواه بمثابة الحسبة صيانة للمجتمع وحفظاً له ، ومن جهة أخرى فإن معديّ التقرير الأولي ومحضر الاستشمام ذكرا فيهما أن المدعى عليه كان عند القبض عليه بحالة غير طبيعية ، وأن رائحة المسكر كانت تفوح من فمه ، وهذه شهادة ، يختص أدائها بمجلس الحكم بحضور المشهود عليه (55) . قال البهوتي ـ رحمه الله ـ (( وتجب المشافهة ( أي في الشهادة ) ، فلا يكفى بالرقعة مع الرسول ))(56) .
ونصت المادة العشرون بعد المائة من نظام المرافعات على أن: (( تؤدى الشهادة شفوياً ولا يجوز الاستعانة في أدائها بمذكرات مكتوبة إلا بإذن القاضي )) .
وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ : (( أمر الشهادة مبني على الوضوح ، ولا يجوز للحاكم الشرعي أن يحكم بموجب شاهد إلا بعد معرفة من يراد الحكم عليه بهذه الشهادة وشاهدها )) (57) .
وقال : (( فإن امتنعوا ( أي الشهود عن الحضور ) ، وتحقق أن لديهم شهادة كلفوا بالحضور في مجلس الحكم إذا لم يكن عليه ضرر )) (58) .
وجاء في قرار الهيئة القضائية العليا (59) : (( إن إحضار شهود محاضر القبض على المتهم ، وفي حوزته المواد الممنوعة أمر يعود تقديره إلى ناظر القضية ، فإذا طلب القاضي حضورهم فلا مندوحة عن إجابة طلبه )) (60) .
فإن قيل : الشهادة المذكورة حق لله تعالى ، والشهادة في حقوق الله يباح إقامتها ، ويستحب تركها . قال البهوتي ـ رحمه الله ـ : (( ولا تستحب الشهادة بحق الله تعالى )) (61) ، وقال ابن أبي الدم ـ رحمه الله ـ : (( وأعلم أن كل ما تقبل فيه شهادة الحسبة ممّا هو من حدود الله تعالى ، فالمستحب أن لا يشهد به لأنه مندوب إلى ستره )) (62) ، فلماذا طلب إحضار معديّ التقرير الأولي ومحضر الاستشمام لسماع ما لديهما ؛ مع أن المستحب في حقهما ترك الشهادة ؟ بل ذكر البهوتي(63)، وغيره أنه: (( يجوز للحاكم أن يعرض للشهود بالوقوف عنها (أي الشهادة ) في حق الله تعالى )) .
ويجاب عن ذلك بأن توقيعهم على التقرير والمحضر شهادة بما فيهما ، وحتى تستوفى الشهادة كان لا بد من أدائها مشافهة في مجلس القضاء بحضور المشهود عليه ، وقد عدت التعليمات أداء شهود المحاضر للشهادة أمام القضاء من واجبات عملهم (64) .
والسؤال هنا إذا لم يتذكر شاهد المحضر الحادثة ، وإنما عرف خطه أو توقيعه على المحضر ، فهل له أن يشهد بما فيه ؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين :
القول الأول :
ليس له أن يشهد على ذلك ، وبه قال الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف (65) ، وهو رواية عن الإمام مالك قال بها ابن القاسم وأصبغ من المالكية (66) ، وبه قال جمهور الشافعية (67) ، وجمهور الحنابلة قال المرداوي : وهو الصحيح من المذهب ، وذكر القاضي أنه المذهب ، وذكر في الترغيب أنه الأشهر وقدمه في الفروع والحاوي(68) ؛ لاحتمال تزوير الخط والتوقيع ، ولأن الخط يشبه الخط ، فلا يحصل العلم .
القول الثاني :
للشاهد أن يشهد إذا رأى خطه أو توقيعه ، وتيقن منه ، وبه قال : محمد بن الحسن من الحنفية(69) ، وذكر بعض الحنفية أنه قول أبي يوسف(70) ، وروى عن الإمام مالك ، وبه قال أكثر المالكية(71) ، وهـو رواية عــن الإمـام أحمـد اختارها في الترغيب ، وجزم بها في الوجيز ، وقدمها في المحرر ، وعنه يشهد إذا حرره (72) ؛ لأن تيقنه أن هذا خطه أو توقيعه يزول به احتمال التزوير .
والذي يظهر لي عدم الشهادة في حقوق الله ؛ لأن حقوق الله مبنية على المسامحة ، ولأنه لا يحصل بها العلم ، ولما تقدم من استحباب عدم الشهادة في حقوق الله .
المسألة الثالثة : في ذكر اسم الشاهد وسنه ومهنته ومحل إقامته
ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لابدّ من تسمية الشهود ، وبيان أنسابهم ، ومحال إقامتهم ونحوه ، وذلك للنظر في عدالتهم(73) .
وذهب المالكية إلى عدم اشتراط بيان الاسم ونحوه ؛ لجواز أن يعدّل الرجل غيره ، وإن لم يعرف ذلك عنه(74) .
وقد نصت المادة التاسعة عشرة بعد المائة من نظام المرافعات على أن يذكر الشاهد (( اسمه الكامل وسنه ومهنته ومحل إقامته وجهة اتصاله بالخصوم بالقرابة أو الاستخدام أو غيرها إن كان له اتصال بهم مع التحقق عن هويته )) .
ونصت الفقرة 119/3 من اللوائح التنفيذية له على أن: (( يشار إلى مهنة الشاهد وسنه ومحل إقامته وجهة اتصاله بالخصوم في الضبط دون الصك ، أما اسمه الكامل فيذكر في الضبط والصك )) .
والسؤال هنا ماذا يترتب ـ وفقاً لنظام المرافعات على عدم استيفاء ما ذكر ؟
تتوقف الإجابة على هذا السؤال على معرفة الغاية من هذا الإجراء ، والغاية منه ـ فيما يظهر لي ـ أن تتحدد شخصية الشاهد للمشهود عليه ؛ حتى يمكنه الطعن فيه ، وتتحدد لدى القاضي ؛ للنظر في عدالته ، وهل يوجد فيه مانع من موانع الشهادة .
فإذا تقرر ذلك فلا يخلو الأمر من حالتين :
الحالة الأولى :
ألاّ تتحدد شخصية الشاهد للمشهود عليه ، أو للقاضي ، فهنا يكون الإجراء باطلاً ، ولابدّ من استيفاء ما ذكر.
الحالة الثانية :
أن تتحدد شخصية الشاهد لدى المشهود عليه ولدى القاضي ، وبالتالي تتحقق الغاية من الإجراء ، فيكون الإجراء صحيحاً .
وقـد أخذت ذلـك من المادة السادسة مـن نظام المرافعـات والتـي جـاء فيهـا ما نصـه : (( يكون الإجراء باطلاً إذا نص النظام على بطلانه ، أو شابه عيب تخلف بسببه الغرض من الإجراء ولا يحكم بالبطلان ـ رغم النص عليه ـ إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء )) .
فإن قيل إن المادة التاسعة عشرة بعد المائة لم تنص على بطلان الإجراء في حال عدم ذكر اسم الشاهد الكامل وسنه ومهنته .... إلخ .
أجيب بأن عدم ذكر اسم الشاهد وسنه ومهنته يشوبه عيب تخلف بسببه الغرض من هذا الإجراء ، فيكون الإجراء باطلاً وفقاً للمادة السادسة من نظام المرافعات .
وقد نصت الفقرة 6/1 من اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات أن (( الذي يقدر تحقق الغاية من الإجراء ، هو ناظر القضية )) .
وقد ذهب جمهور الفقهاء ؛ ومنهم الشافعية والحنابلة والمالكية ، وخصه المالكية بالحكم على الحاضر إلى أنه لا يجوز الاعتراض على الحاكم لتركه تسمية الشهود المحكوم بشهادتهم ، واشترط المالكية تسميتهم عند الحكم على الغائب (75) .
1 / 3
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي