المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المحاماة عمل إنساني ولها أصل في الشريعة الإسلامية



ابوعبدالعزيز
31-01-2009, 04:49 PM
جريدة الوطن - السبت 5 صفر 1430هـ الموافق 31 يناير 2009م العدد (3046) السنة التاسعة

المحاماة عمل إنساني ولها أصل في الشريعة الإسلامية
عبدالله أحمد الهنيدي - محام ومستشار قانوني
اطلعت على ما كتبه الأستاذ مساعدآل قميشان في "الوطن" بعددها رقم3031 الصادر بتاريخ 19 محرم 1430هـ بعنوان "تفعيل دور المحامي يجعل الأحكام قريبة من العدل"، حيث أشار الكاتب الكريم إلى نظام المحاماة في المملكة العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/38 وتاريخ 28/7/1422هـ المتضمن تنظيم مهنة المحاماة وكيفية مباشرتها والشروط اللازمة لمن يرغب في ممارستها كما صدر نظام الإجراءات الجزائية بالمرسوم الملكي رقم م/39 وتاريخ 28/7/1422هـ والذي نص في مادته الرابعة على أنه يجوز لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام في مرحلتي التحقيق والمحاكمة إلى آخر ما ورد بمقال الكاتب.
ولمزيد من الإيضاح وتعقيباً على ما أشار إليه الكاتب الكريم أود الإشارة إلى بعض النقاط المتعلقة بالمحامين وبمهنة المحاماة وذلك على النحو الآتي:
1- إن مهنة المحاماة وإن كانت جديدة على مجتمعنا السعودي بهذا المسمى إلا أن لها أصلا في شريعتنا الإسلامية منذ صدر الإسلام وهو ما يسمى بالوكالة عن الغير فالمحامي أصلا مجرد وكيل عن الغير سواء كـان متهماً في قضية جنائية أو مدعا أو مدعى عليه في دعوى مدنية وقد أفرد فقهاء الشريعة الإسلامية أبوابا كاملة في كتب الفقه تحمل عنوان "باب الوكالة" حيث يعرفون الوكالة بأنها "إستنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة" ويقصدون بجائز التصرف الشخص البالغ العاقل بأن يوكل شخصاً مثله وقد أوضحوا في باب الوكالة كافة ما يتعلق بها من شروط وأحكام وما يجوز التوكيل فيه وما لا يجوز.
2ـ إن مهنة المحامي مهمة إنسانية قبل أن يكون الغرض منها الكسب المادي أو كما يتصور البعض بأن المحامي ينحصر دوره في الدفاع عن المجرمين ومحاولة الحصول على البراءة بشتى الطرق والأساليب فالمحامي الذي يحترم مهنته هو بمثابة المساعد لرجال القضاء.
وقد أطلق عليه لقب القاضي الواقف وكثير من المحامين يترافعون في العديد من القضايا دون مقابل مادي بل لأهداف انسانية بحتة والمحامي يسهم في إثراء الفقه القضائي بالبحوث والدراسات ويقوم بإلقاء المحاضرات في الجامعات ومراكز البحث العلمي ويشارك في مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه ويقوم المحامون بالمشاركة في صياغة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وقلما يوجد فريق مفاوض في القضايا بين الدول لا يوجد ضمن أعضائه محام أو مستشار قانوني ويشترك المحامون في صياغة الدساتير التي تعدها الدول وهو ما يسمى بالقانون الدستوري الذي يبين شكل الدولة ومؤسساتها وطبيعة نظام الحكم فيها وكيفية تداول السلطة فيها بل إن كثيراً من المحامين يكونون أعضاء في المجالس النيابية "البرلمانات" سواء بالانتخاب أو بالتعيين المباشر حسب النظام المتبع في كل دوله من المحامين من وصل إلى منصب رئيس الوزراء أو رئيس الدولة كما حصل للرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما، بل وتحرص الكثير من الشركات العملاقة على أن يكون ضمن أعضاء مجلس إدارتها محام أو أكثر للاستعانة بهم في مراجعة وصياغة العقود التجارية وحل قضايا الشركات وصياغة أنظمتها كما أن المحامي يسهم في إبداء الرأي والمشورة في كثير من القضايا التي تهم المصالح الحكومية أو الافراد ويشارك في لجان إصلاح ذات البين كما يشارك المحامون في فض الكثير من المنازعات عن طريق التحكيم عندما يتفق الخصوم على اختيار فريق تحكيم ينظر في نزاعهما ويصدر أحكاماً ملزمة لها قوة الأحكام القضائية وفقاً لنظام التحكيم المعمول به في كل دولة.
هذه مجرد إضاءات بسيطة أردت منها مزيداً من الإيضاح حول دور المحامي خاصة في هذا العصر الذى أصبح فيه التقاضي يتطلب خبرة وتخصصا للدفاع عن المتهمين أو المطالبة بالحقوق فقد لا يحسن بعض المتهمين أو المتخاصمين الإدلاء بحجته أمام القاضي والتعبير عما في نفسه وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم عندما قال: "ربما يكون أحدكم ألحن بحجته من الآخر فأقضي على نحو ما سمعت فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فإنما أقطع له قطعةً من النار فليأخذها أو يدعها"، فدل الحديث على أهمية المرافعة أمام القضاء وأن بعض الأشخاص قد يحسن الترافع ويجيد التعبير بعكس الآخر فيقضي القاضي على نحو ما سمع إذ إنه بشر لا يعلم الغيب والأحكام دائماً تكون حسب ظاهر الحال ووفق ما يتوفر من أدلة وقرائن وحجج للإثبات أو النفي والاستعانة بالمحامي أو الوكيل في النظام السعودي أمر اختياري متروك لصاحب الشأن ولم يشأ واضع النظام أن يجعل وجود المحامي ملزماً لطرفي الدعوى كما هو الحال في كثير من الأنظمة العالمية التي تلزم المتهمين أو المتقاضين باختيار محام وعند عجز أحد أطراف الدعوى عن إحضار المحامي لعدم مقدرته على دفع تكاليف المحاماة تنتدب المحكمة محامياً للترافع عنه على حسابها.
ولا يستبعد مع مرور الزمن وظهور الحاجة لوجود المحامي أن يصبح ذلك إلزامياً في نظامنا السعودي.