الأعمش
29-04-2011, 01:33 PM
"مخجلة " وغسل العار بالنار
في ضحى يوم طوته عجلة الزمان كنت في مكتبي أتصفح بعض الأوراق وتعترض لي ورقة من مدير السجن تتضمن طلب تحديد موعد لسجين لإثبات طلاقه لزوجته!!! سجن وطلاق!!! نسأل الله الخيرة... دونت الإفادة بالموافقة على حضوره حالا وبعد دقائق تطوّق المحكمة ويحضر السجين برفقة ضابط أمن برتبة "نقيب" ومعه خمسة جنود وسادسهم "رشاشهم" يحوطون صاحبنا بكل حراسة وعناية والتي لاتكون بهذه الحال إلا لأصحاب القضايا الخطيرة ويدلف السجين ذو الوجه الصبوح والعيون الكسيفة مصطحبا "دفتر العائلة" والذي يحوي زوجتين وأطفالا ويتقدم ضابط الأمن الذي تربطني به معرفة ومودة سابقة ويقول: "هذا السجين زميلنا السابق في العمل قدر الله عليه قضية ... عسى الله يخارجه" !!! أحسست أن وراءه قصة أحببت أن أسمعها على انفراد فاستأذنت ضابط الأمن أن نجلس على حدة وأكدت له أن السجين لن يطير من النافذة!!! بدأ صاحبنا يروي قصته بنبرة كلها ألم مصحوبة بالرضا بالقدر ولكنها منزوعة من الندم حيث أخبرني أنه تزوج ابنة عمه وأنجبت منه أولادا وعاش معها عيشة هانئة لم تكدر له صفو أو تنغص له بال ثم شاء الله أن يتزوج بفتاة في سن العشرين تدعى "مخجلة" واشترطت سكنا بعيدا عن سكن ابنة عمه أنجبت منه طفلين .
وفي ضحى اليوم الرابع عشر من شهر شعبان من عام 1428هـ استيقظ صاحبنا قبيل الظهر وأطل على أغنامه من النافذة ليجد مخجلة تتلفت يمينا وشمالا وتدخل زريبة الأغنام ويدخل خلفها راع يعمل عسيفا عند أحد الجيران "مجهول الهوية" فعرف أن إبليس ثالثهما يقول وأخذت بندقيتي وذهبت صوبهما ودخلت الزريبة ووجدت الحال المكروه فأذنت للزناد أن يحسم الموقف وأطلقت عدة أعيرة نارية أودت بحياة العسيف بعد أن حاول الهرب والنار تخترق ظهره حينها استدرت للخائنة لأكمل الحسم فوجدتها هربت للبيت واحتمت به وأنا أسدد الطلقات الثلاث القاتلة لعقد النكاح ولم تفتح باب البيت حتى حضرت الشرطة وسلمت نفسي لرجال الأمن وأودعت السجن ومخجلة في سجن الفتيات وطفلاي منها تحضنهم ابنة عمي!!! وأنا اليوم أطلب إثبات الطلاق لكي تستفيد من مبلغ الضمان الاجتماعي !!!
قلت له: ربما كان لقاء عفويا أو خلوة في بدايتها تعالج بالنصيحة أو بما دون القتل فقال لي ما ذكرني بمن شهد عند الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما شهد بأنه رأى استا تنبو، ونفسا يعلو ورجلاها عند رأسه كأذني حمار ... دهشت مما قال ودهشت من تجلده وثباته وحسن مقصده من إثبات طلاقه وقلت له: إن كان حقا ما تقول فهي مخجلة بحق وعسى الله أن يخرجك من هذا المأزق الكبير ...
أدخلت ضابط الأمن وطلبت أن يملي علي بيانات مخجلة وأصدرت صكا بالطلاق المذكور وأعطيت صاحبنا نسخة منه وما أن وصل إلى زنزانته إلا ويتصل مدير السجن مفيدا بأن المذكور وقع في ورطة أخرى جعلته يصرخ بالبكاء والعويل حيث تضمن صك الطلاق زوجته الأولى لأن كلتيهما تدعيان "مخجلة" وفرق بين من تخجل زوجها بكريم طبعها وبين من تخجل قومها بقبيح عطبها!! عاد إلي وعندي مراجع كبير في السن وقد ظن أنه خسر المخجلتين كلتيهما فقلت له مداعبا ومحاولا رسم البسمة على محياه الكسيف: لقد فاتت عليك كلتاهما وهذا المسن جاء ليخطب ابنة عمك ففغر فاه ورفض بشدة وقال أنت وضابط الأمن هما مصدر الخطأ وهذه ابنة عمي وشعر وجهي ومحل فخري فقلت بارك الله لك فيها وأعادك إلى عشها في القريب العاجل ، وصححت الخطأ وأنا أكرر" فرق بين المخجلتين" ...
إنه كما يظن غَسَل العار بالنار ، وإن كنت أعجب فعجبي من قوم تساهلوا بالأجنبي يقترب من الحمى ، ويترك للأغراب دواعي الخراب ثم يحسم البلاء بالبلاء -نسأل الله العافية- ويزداد عجبي أنه وبرغم الجرم العظيم من "مخجلة" لم يمنعه ذلك من العدل وإصدار صك يجلب لها "دريهمات" من الضمان الاجتماعي ... وعجبا لابنة العم "المخجلة" بحسن فعالها يوم تحضن طلفي ضرتها "المخجلة" بسوء فعالها
حينها دعوت الله قائلا: اللهم عافنا فيمن عافيت ... وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ... .
التوقيع
عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعد الشبرمي
قاضي التنفيذ بالمحكمة العامة بمكة المكرمة
منقول
في ضحى يوم طوته عجلة الزمان كنت في مكتبي أتصفح بعض الأوراق وتعترض لي ورقة من مدير السجن تتضمن طلب تحديد موعد لسجين لإثبات طلاقه لزوجته!!! سجن وطلاق!!! نسأل الله الخيرة... دونت الإفادة بالموافقة على حضوره حالا وبعد دقائق تطوّق المحكمة ويحضر السجين برفقة ضابط أمن برتبة "نقيب" ومعه خمسة جنود وسادسهم "رشاشهم" يحوطون صاحبنا بكل حراسة وعناية والتي لاتكون بهذه الحال إلا لأصحاب القضايا الخطيرة ويدلف السجين ذو الوجه الصبوح والعيون الكسيفة مصطحبا "دفتر العائلة" والذي يحوي زوجتين وأطفالا ويتقدم ضابط الأمن الذي تربطني به معرفة ومودة سابقة ويقول: "هذا السجين زميلنا السابق في العمل قدر الله عليه قضية ... عسى الله يخارجه" !!! أحسست أن وراءه قصة أحببت أن أسمعها على انفراد فاستأذنت ضابط الأمن أن نجلس على حدة وأكدت له أن السجين لن يطير من النافذة!!! بدأ صاحبنا يروي قصته بنبرة كلها ألم مصحوبة بالرضا بالقدر ولكنها منزوعة من الندم حيث أخبرني أنه تزوج ابنة عمه وأنجبت منه أولادا وعاش معها عيشة هانئة لم تكدر له صفو أو تنغص له بال ثم شاء الله أن يتزوج بفتاة في سن العشرين تدعى "مخجلة" واشترطت سكنا بعيدا عن سكن ابنة عمه أنجبت منه طفلين .
وفي ضحى اليوم الرابع عشر من شهر شعبان من عام 1428هـ استيقظ صاحبنا قبيل الظهر وأطل على أغنامه من النافذة ليجد مخجلة تتلفت يمينا وشمالا وتدخل زريبة الأغنام ويدخل خلفها راع يعمل عسيفا عند أحد الجيران "مجهول الهوية" فعرف أن إبليس ثالثهما يقول وأخذت بندقيتي وذهبت صوبهما ودخلت الزريبة ووجدت الحال المكروه فأذنت للزناد أن يحسم الموقف وأطلقت عدة أعيرة نارية أودت بحياة العسيف بعد أن حاول الهرب والنار تخترق ظهره حينها استدرت للخائنة لأكمل الحسم فوجدتها هربت للبيت واحتمت به وأنا أسدد الطلقات الثلاث القاتلة لعقد النكاح ولم تفتح باب البيت حتى حضرت الشرطة وسلمت نفسي لرجال الأمن وأودعت السجن ومخجلة في سجن الفتيات وطفلاي منها تحضنهم ابنة عمي!!! وأنا اليوم أطلب إثبات الطلاق لكي تستفيد من مبلغ الضمان الاجتماعي !!!
قلت له: ربما كان لقاء عفويا أو خلوة في بدايتها تعالج بالنصيحة أو بما دون القتل فقال لي ما ذكرني بمن شهد عند الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما شهد بأنه رأى استا تنبو، ونفسا يعلو ورجلاها عند رأسه كأذني حمار ... دهشت مما قال ودهشت من تجلده وثباته وحسن مقصده من إثبات طلاقه وقلت له: إن كان حقا ما تقول فهي مخجلة بحق وعسى الله أن يخرجك من هذا المأزق الكبير ...
أدخلت ضابط الأمن وطلبت أن يملي علي بيانات مخجلة وأصدرت صكا بالطلاق المذكور وأعطيت صاحبنا نسخة منه وما أن وصل إلى زنزانته إلا ويتصل مدير السجن مفيدا بأن المذكور وقع في ورطة أخرى جعلته يصرخ بالبكاء والعويل حيث تضمن صك الطلاق زوجته الأولى لأن كلتيهما تدعيان "مخجلة" وفرق بين من تخجل زوجها بكريم طبعها وبين من تخجل قومها بقبيح عطبها!! عاد إلي وعندي مراجع كبير في السن وقد ظن أنه خسر المخجلتين كلتيهما فقلت له مداعبا ومحاولا رسم البسمة على محياه الكسيف: لقد فاتت عليك كلتاهما وهذا المسن جاء ليخطب ابنة عمك ففغر فاه ورفض بشدة وقال أنت وضابط الأمن هما مصدر الخطأ وهذه ابنة عمي وشعر وجهي ومحل فخري فقلت بارك الله لك فيها وأعادك إلى عشها في القريب العاجل ، وصححت الخطأ وأنا أكرر" فرق بين المخجلتين" ...
إنه كما يظن غَسَل العار بالنار ، وإن كنت أعجب فعجبي من قوم تساهلوا بالأجنبي يقترب من الحمى ، ويترك للأغراب دواعي الخراب ثم يحسم البلاء بالبلاء -نسأل الله العافية- ويزداد عجبي أنه وبرغم الجرم العظيم من "مخجلة" لم يمنعه ذلك من العدل وإصدار صك يجلب لها "دريهمات" من الضمان الاجتماعي ... وعجبا لابنة العم "المخجلة" بحسن فعالها يوم تحضن طلفي ضرتها "المخجلة" بسوء فعالها
حينها دعوت الله قائلا: اللهم عافنا فيمن عافيت ... وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ... .
التوقيع
عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعد الشبرمي
قاضي التنفيذ بالمحكمة العامة بمكة المكرمة
منقول