المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاشراف القضائي على النظار



الروض المربع
04-02-2009, 09:58 PM
منقول
الاشراف القضائي على النظار



ورقة علمية مقدمة لندوة الوقف والقضاء
التي تعقدها وزارة الشئون الإسلامية
والأوقاف والدعوة والإرشاد


إعداد
هاني بن عبد الله بن محمد الجبير
القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد:-
فقد جاءت الشريعة الإسلامية بتنظيم الإنسان وترتيب شئونه ، وأرشدته إلى طرق استثمار أمواله وكيفيّة إنفاقها ، ووجهت إلى ما يحصل به جزيل الثواب بعدم انقطاع العمل في أنواع الصدقات الجارية ، التي يمتد ثوابها إلى ما بعد حياة الإنسان .
كما اهتم أهل العلم بتطبيق ضوابط الشرع العامة ، وكلياته الثابتة ومقاصده ، على أنواع من المسائل الفقهية أنيط فقهها لأهل العلم والذكر: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُم (النساء: من الآية83). وكل ذلك شاهد من شواهد خلود هذه الشريعة الربانية ، ومثال لحفظ الله تعالى لذكره وكتابه.
ومن أنواع ما تناوله الشرع حثاً وطلباً ، وشهد الواقع والتاريخ بنفعه وأثره ، واهتم أهل العلم ببيان مسائله ، وضبط فروعه ، وإحسان تطبيقه ، طلبا للمصلحة التي جاء الشرع بتحصيلها وتكميلها : الوقف.
ولقد كانت دعوة كريمة موجهة من وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بإقامة ندوات متعددة تهدف للتعريف بالوقف فقهاً وتعميق مكانته واقعاً ، وتأصيله في الحياة الاجتماعية وبحث وسائل إصلاحه وتطويره . ولقد كان من توفيق الله تعالى أن كلفت بإعداد ورقة علمية تقدم في مؤتمر يتناول بحث قضايا الوقف والقضاء .
ويسر الله تعالى لي الكتابة في الإشراف القضائي على النظار. فكانت هذه الأكتوبة الموجزة والتي جعلتها في تمهيد ومبحثين على النحو الآتي:
التمهيد ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول:- مشروعية الإشراف على الناظر.
المطلب الثاني:- الجهات التي يحق لها مساءلة الناظر .
المبحث الأول : الإشراف القضائي على النظار فقهاً . وفيه تسعة مطالب:
المطلب الأول :- إقامة القاضي للناّظر.
المطلب الثاني :- تقدير القاضي لأجرة الناظر.
المطلب الثالث:- نصب القاضي من يقوم بمصلحة الوقف إذا امتنع الناظر.
المطلب الرابع:- ضم القاضي أميناً للناظر.
المطلب الخامس:- الإذن بمخالفة شرط الواقف .
المطلب السادس:- الاعتراض على الناظر في فعل ما لا يسوغ .
المطلب السابع:- محاسبة الناظر .
المطلب الثامن:- الإذن للناظر بالتصرف في الوقف .
المطلب التاسع:- عزل الناظر.
المبحث الثاني:- نظرة في واقع الإشراف القضائي على النظار.
وجعلت آخره خاتمة تتضمن خلاصة لما سبق والتوصيات التي أنتهي إليها مع فهرس للمراجع التي استفدت منها .
والله تعالى أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

كتبه
هاني بن عبد الله بن محمد الجبير
القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة

التمهيد
المطلب الأول:- مشروعية الإشراف على الناظر.
ناظر الوقف هو الذي يتولى إدارته وترتيب شئونه( ) ، وهو إنما يتولى ذلك نيابة عن غيره ، وليس تصرّفه كتصرف الإنسان في ملكه .
وكل متصرف في شيء عن غيره فهو مطالب بتحري المصلحة ، وصيانة الحقوق ، ولا يكون تصرفه تشهياً محضاً غير مبنى على مقتضى الأصلح في التدبير ؛ قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (الأنعام: من الآية152). فحجر الله تعالى على الأوصياء التصرف فيما هو ليس بأحسن مع قلة الفائت من المصلحة في ولايتهم بالنسبة لولايات أخرى( ) .
وعن معقل بن يسار -رضي الله عنه – قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبد يسترعية الله رعية فلم يحطها بنصحة ؛ لم يجد رائحة الجنة) ( )
وهذه النصوص وما شابهها من الأدلة الآمرة بأداء الأمانات مثل قوله تعالى إنَّ اللهَ يأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا ( النساء : 58) تقتضى أن يكون كل ذي ولاية معزولاً عن التصرف المتضمن للمفسدة الراجحة ، والمصلحة المرجوحة ، والمساوية ، ومالا مفسدة فيه ولا مصلحة ؛ لأن هذه الأقسام الأربعة ليست من باب ما هو أحسن( ) .
ولذا قرر أهل العلم قاعدة ترسم حدود التصرفات النافذة لكل متولٍ على غيره ، فقالوا: (التصرف على الرعية منوط بالمصلحة) ( ) . وعبر عنها السبكي بلفظ مناسب لمقامنا إذ قال: " كل متصرف عن الغير ، فعليه أن يتصرف بالمصلحة "( ) .
قال العز بن عبد السلام: " يتصرف الولاة ونوابهم بما هو أصلح للمولى عليه درءاً للضرر والفساد ، وجلباً للنفع والرشاد ، ولا يتخيرون في التصرف حسب تخيرهم في حقوق أنفسهم مثل أن يبيعوا درهماً بدرهم ، أو مكيلة زبيب بمثلها"( ) .
وإذا تقرر أن المتصرف عن الغير مطالب بفعل ما هو مقتضى المصلحة، فإن ناظر الوقف فرد من أفراد هذه القاعدة العامة ولذا فهو مطالب بالتصرف على حسب المصلحة الشرعية وليس له التصرف بحسب هواه .
قال ابن تيمية: ( الناظر ليس له أن يفعل شيئاً في أمر الوقف إلا بمقتضى المصلحة الشرعية ، وعليه أن يفعل الأصلح ، فالأصلح . وإذا جعل الواقف للناظر صرف من شاء ، وزيادة من أراد زيادته ونقصانه ، فليس للذي يستحقه بهذا الشرط أن يفعل ما يشتهيه ، أو ما يكون فيه اتباع الظن وما تهوى الأنفس ؛ بل الذي يستحقه بهذا الشرط أن يفعل من الأمور الذي هو خير ما يكون إرضاء لله ورسوله . وهذا في كل من تصرف لغيره بحكم الولاية كالإمام ، والحاكم ، والواقف ، وناظر الوقف ، وغيرهم: إذا قيل هو مخير بين كذا وكذا ، أو يفعل ما يشاء ، وما رأى ، فإنما ذاك تخيير مصلحة ، لا تخيير شهوة ) ( ) .
وإذا تقرر أن الناظر لا يتصرّف إلا بمقتضى المصلحة والغبطة ، وأنه ممنوع من التصرّف بخلاف ذلك ؛ ساغ الإشراف عليه ومحاسبته والرقابة عليه لئلا يخل بمقتضى المصلحة التي أنيطت تصرفاته بها.

المطلب الثاني:- الجهات التي يحق لها مساءلة الناظر.
باستقراء كلام الفقهاء يظهر أن الجهات التي يحق لها مساءلة الناظر ثلاث جهات:
الأولى : السلطان .
فإن السلطان تثبت له الولاية العامة على مصالح المسلمين ، ويقوم برعاية الأمور وتصفح الأحوال ، ومن واجباته فصل الخصومات والقيام على المشرفين على الضياع بأسباب الصون والإبقاء ومن أنواع ذلك إشرافه على الأوقاف والنظار .
ومعلوم أنه ليس من الممكن أن يتعاطى الإمام كل مهمات المسلمين مع اتساع الأكناف، وانتشار الأطراف ، بل لابد من أن يستنيب في أحكامها( ) .
وقد ذكر الفقهاء نائبين عن الإمام في الرقابة على الناظر وهما القاضي، والديوان .
1- فأما القاضي فهو مستفيد لرقابته تلك من تقرير السلطان له ، وفى حاشية ابن عابدين( ): (قال في الخيرية: وهو صريح في أن نائب القاضي لا يملك إبطال الوقف ، وإنما ذلك خاص بالأصل الذي ذكره له السلطان في منشوره نصب الولاة والأوصياء ، وفوّض له أمور الأوقاف) .
ولما عدّد الفقهاء ما يستفيده القاضي إذا ثبتت ولايته ذكروا منها: النظر في الوقوف في عمله ، وعللوه بأن العادة من القضاة توليها فعند إطلاق تولية القضاء تنصرف إلى ولاية ما جرت العادة بولايته لها( ) .
2- وأما الديوان( ) فالمراد به أن ينصب السلطان من يتولى الإشراف على الأوقاف ومحاسبة النّظار مختصاً بذلك ، وإذا كان السلطان هو الذي يقرر ولاية القضاة فلا مانع من أن يقرر الولاية لغيرهم فيكون لهم من الصلاحيات ما للقضاة – عدا فض النزاعات - .
سئل ابن تيمية عن أوقاف ببلد بعضها له ناظر خاص وبعضها له ناظر من جهة ولي الأمر وقد أقام ولي الأمر على كل صنف ديواناً يحفظون أوقافه ويصرفون ريعه في مصارفه وينظر في تصرفات النظار والمباشرين ويحقق عليهم ما يجب تحقيقه من الأموال المصروفة فهل لولى الأمر أن يفعل ذلك إذا رأى فيه المصلحة أم لا ؟.
فأجاب: نعم ، لولى الأمر أن ينصب ديواناً مستوفياً لحساب الأموال الموقوفة عند المصلحة كما له أن ينصب الدواوين مستوفياً لحساب الأموال السلطانية كالفىء وغيره ، وله أن يفرض له على عمله ما يستحقه مثله من كل مال يعمل فيه بقدر ذلك المال ، واستيفاء الحساب وضبط مقبوض المال ومصروفه من العمل الذي له أصل لقوله تعالى:  وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا (التوبة: من الآية60) وفى الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على الصدقة فلما رجع حاسبه( ) ، وهذا أصل في محاسبة العمال المتفرقين . والمستوفى الجامع نائب الإمام في محاسبتهم، ولابد عند كثرة الأموال ومحاسبتهم من ديوان جامع .
ولهذا لما كثرت الأموال على عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – وضع الدواوين ... وكذلك الأموال الموقوفة على ولاة الأمر إجراؤها على الشروط الصحيحة الموافقة لكتاب الله وإقامة العمال على ما ليس عليه عامل من جهة الناظر . والعامل في عرف الشرع يدخل فيه الذي يسمى ناظراً ، ويدخل فيه غير الناظر) ( ) .
الثانية:- الواقف .
للواقف ولاية إشرافية على الناظر في جملة أمور فهو الذي ينصب الناظر ، وله عزله وله تحديد أجرته ، وإنما يعمل الناظر بشرط الواقف( ).
الثالثة:- الموقوف عليهم( ) :-
فإن للموقوف عليهم المستحقين من غلة الوقف مطالبة الناظر بالمحاسبة على المستخرج والمصروف . ولهم مساءلته عما يحتاجون إلى علمه من أمور وقفهم ، ولهم مطالبته بانتساخ كتاب الوقف لتكون نسخته في أيديهم . هذه هي الجهات التي لها أن تسائل الناظر أو تراقبه أو لها ولاية إشراف عليه .

المبحث الأول
الإشراف القضائي على النُّظّار فقهاً
المطلب الأول:- إقامة القاضي للنّاظر
لا يخلو الواقف إما أن يشترط ناظراً للوقف أولا فإن اشترط له ناظراً فقد اتفقت كلمة الفقهاء ، في استحقاقه للنظارة متى كان أهلاً( ) .
وعليه فإن القاضي لا تكون له ولاية على الوقف في خصوص إقامته الناظر إذا اشترطه الواقف وهذا ظاهر من فعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه – فإنه جعل وقفه إلى حفصة - رضي الله عنها - تليه ما عاشت( ). ولولا أنه شرط معتبر لما اشترطه .
وكذلك لأن مصرف الوقف يتبع فيه شرط الواقف فكذلك النظر( ) .
فإن لم يشترط الواقف ناظراً أو شرطه فمات أو عزل، فقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين رئيسين:
الأول:- أنه يرجع للقاضي وتكون ولايته إليه . وقال به الحنفية وهو المذهب عند الشافعية وقول عند الحنابلة( ) .
الثاني:- التفريق بين ما إذا كان الموقوف عليهم معينين فيكون النظر إليهم أو غير معينين ولا محصورين فالنظر للقاضي وقال به المالكية وهو المذهب عند الحنابلة وقول للشافعية( ) .
ويمكن أن يكون سبب الخلاف في هذه المسألة مبنياً على الملك في الوقف هل ينتقل إلى الموقف عليه أو إلى الله تعالى .
فإن قيل: هو للموقوف عليه فالنظر له فيه لأنّه يملك عينه ونفعه .
وإن قيل: هو لله تعالى ، فالحاكم يتولاه ، ويصرفه إلى مصارفه ؛ لأنه مال الله فالنظر فيه إلى حاكم المسلمين( ) .
والراجح أن عين الموقوف ينتقل بعد وقفه إلى الله سبحانه وتعالى ولا يكون له مالك من الآدميين ؛ إذ الوقف لا سلطان لأحد على إراثه أو هبته وهذا يدل على أنه لا ملك لأحد عليه .
وقد جاء في صدقة عمر -رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (تصدّق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن ينفق من ثمره) ( ) .
وهذا نظير العتق فكلاهما إزالة للملك عن العين على وجه القربة ، وقد انتقل إلى الله تعالى فليكن الوقف مثله( ) .
وكذلك في الواقع العملي يثبت تعذر كون المستحقين نظاراً ؛ إذ هذا مدعاة لتوسعة دائرة الخلاف بين المستحقين ومؤدٍ إلى تعطيل الوقف .
وكذلك يكون القاضي متولياً للوقف إذا شرط الواقف أنَّ النظر إليه .
ومتى آلت ولاية الوقف للقاضي فقد اتفق الفقهاء على أن له أن يستنيب فيه من يراه ؛ لأنه لا يمكنه تولي النظر بنفسه لكثرة الأعمال والمهام المناطة به في العادة( ) .
وعليه فإنه يمكن إجمال الحالات التي يرجع فيها نظر الوقف للقاضي فيما يلي:-
1-إذا لم يشترط الواقف ناظراً – على تفصيل سبق - .
2- إذا مات الناظر المشترط أو عزل .
3- إذا أسند الواقف النظر للقاضي .
ففى هذه الحالات يرجع النظر للقاضي فيسنده لمن يراه صالحاً .
إلا أن الحنفية استحسنوا من القاضي أن ينصب من الموقوف عليهم ناظراً إن كان فيهم من يصلح( ) .
وعلى هذا جرى العمل القضائي الآن( ) .

المطلب الثاني:- تقرير القاضي لأُجْرةِ النَّاظِر .
إذا تجاوزنا فتوى المشاور المالكى ومن وافقه ممن يجعل نظارة الأوقاف من العبادات التي يجب أن تكون تبرُّعاً وليس لمن قام بها إلا الرزق من بيت المال إن أخذه وإلا فأجره على الله( ) .
إذا تجاوزنا هذه الفتوى المضعفة لدى علماء مذهبه( ) ، فإنه بقية الفقهاء – فيما وقفت عليه - متفقون على جواز أخذ الناظر أجرة على نظارته من ريع الوقف( )، وفي وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (أنه لا جناح على من وليه أن يأكل بالمعروف) ( ) .
ولا يخلو إما أن يقدر الواقف أجرته أولاً .
فإن قدر له الواقف أجرته ، استحقها الناظر ، لو كانت أكثر من أجرة المثل ؛ لأنه لو جعل ذلك من غير أن يشترط عليه القيام بأمر الوقف جاز فأولى أن يجوز مع الشرط( ). ما دام قد طيبها له .
وإما إن كانت أقل من أجرة المثل فإنه يرجع للقاضي للنظر في زيادته .
قال ابن عابدين : ( وأما الناظر بشرط الواقف فله ما عينه له الواقف ولو أكثر من أجر المثل ، ولو وعين له أقلّ فللقاضي أن يكمل له أجر المثل بطلبه ) ( ).
وكذلك إن لم يقدر الواقف أجرة للناظر فيرجع للقاضي النظر أيضاً .
فهاتان حالتان يرجع تقدير أجرة الناظر فيهما للقاضي .
وقد اتفق الفقهاء على أنه لا يستحق الناظر أخذ شيء من غلة الوقف لينفقه إلا بإذن القاضي في هاتين الحالتين( ) .
واختلفوا في قدر ما يفرضه القاضي للناظر على ثلاثة أقوال:-
القول الأول:- أنه يفرض أجرة المثل وقال به الحنفية والمالكية وهو قياس المذهب عند الحنابلة وقول عند الشافعية( ) .
القول الثاني:- يفرض الأقل من أجرة المثل أو مقدار الكفاية وهو قول للشافعية وتخريج عند الحنابلة( ) .
القول الثالث:- يفرض قدر الكفاية وهو قول للشافعية اختاره الرافعي( ) .
ومن تأمل ما علل به أصحاب كل قول وجد مردها إلى أحد أمور :-
1- ابتناء ذلك على العرف المعهود ، والمعهود كالمشروط ، وهذا بلا شك متغير.
2- مراعاة الاحتياط للوقف ببذل الاقل من ريعه للناظر.
3- قياس ناظر الوقف على وصى اليتيم الذى أذن الله له بالأكل مع فقره بقوله: وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ  (النساء: من الآية6) .
فقد اختلف العلماء في هذا المعروف هل هو قدر كفايته أو أجرة عمله في أقوال أخرى( ).
أو قياسه على العامل على الصدقة الذي جَوَّز الله تعالى له الأخذ منها مع الغنى عنها بقوله:  وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا  (التوبة: من الآية60) ، مع أنه من فروض الكفايات .
ولا شك أن إعطاء ناظر الوقف أجرة مثله هو الأرجح ووجه ذلك : أن إعطاء الناظر دونه يفضى لتعطل الأوقاف ، إذ قد يقلّ المحتسبون مع ما لبعض الأوقاف من الكلفة في إدارتها .
وأمّا الاحتياط للوقف فلا يكون ببذل الأقل بل ما يندفع به الفساد عنه وقد جاءت الشريعة باحتمال أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما .
يضاف إلى هذا كونه هو المعهود في العمل القضائي( ) .
وإذا أريد تحديد مقدار أجرة المثل فإن القاضي يجتهد في هذا المقدار في كل واقعة بحسبها لوجود عدة عوامل تؤثر في مقدار هذه الأجرة.
قال ابن تيمية: (وهذا المعنى ... يعتبر في ثمن المثل وأجرة المثل وبحسب العوض فقد يرخص فيه إذا كان بنقد رائج مالا يرخص فيه إذا كان بنقد آخر دونه في الرواج... والمبيع قد يكون حاضراً وقد يكون غائباً فسعر الحاضر أكثر من سعر الغائب ، وكذلك المشترى قد يكون قادراً في الحال على الأداء لأن معه مالاً وقد لا يكون معه ، لكنه يريد أن يقترض فالثمن مع الأول أخف, وكذلك المؤجر قد يكون قادراً على تسليم المنفعة المستحقة بالعقد بحيث يستوفيها المستأجر بلا كلفة وقد لا يتمكن المستأجر من استيفاء المنفعة إلا بكلفة ) ( ) .
فالقاضي ينظر إلى كلفة الناظر في إدارته للوقف ، والوقت الذي يبذله، والنفع الذي يلحق الوقف من نظره .
ولذا فلا يمكن تحديد أجرة الناظر بنسبة ثابتة دائماً كالعشر مثلاً( ).
ويتحقق القاضي من مقدار الأجرة عن طريق الاستعانة بأهل الخبرة( ).



المطلب الثالث:- نصب القاضي من يقوم بمصلحة الوقف إذا امتنع الناظر.
لا شك أن الناظر مطالب بعمل كل ما يحتاجه الوقف ومن ذلك التقرير في وظائف الوقف( ) ، وهو في ذلك صاحب ولاية أقوي من ولاية القاضي ؛ إذ الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة( ) .
ومن فروع هذه القاعدة:- أن القاضي لا يملك التصرف في الوقف مع وجود متولٍ عليه( ) .
فإذا امتنع الناظر من نصب من يقوم بمصلحة الوقف مما هو من وظائفه كالأذان والإمامة والتدريس ونحو ذلك فإن للقاضي أن ينصب من يقوم بها قال في كشاف القناع( ): ( يقرر حاكم في وظيفة خلت لما فيه من القيام بلفظ الواقف في المباشرة ودوام نفعه) . يعنى في غيبة الناظر.
وقد نقل المناوي عن بعض الفقهاء أن الناظر ليس له أن يولى أحداً في وظائف الوقف وإن ذلك للحاكم وبّين أن السبكي أبطل ذلك وبين أنه عائد للناظر ولا دخل للحاكم فيه قال: (لكن الاعتراض إن ولى الناظر غير أهل ، أو عزله مشهوراً ، فيجبر على ولاية من ظهر له تعين توليته ، فإن امتنع تعاطاها ، فإن ولى بغير هذا السبب مع وجود الناظر الخاص لم يصح) ( ) . وقال في كشاف القناع( ): ( ومتى امتنع عن نصب من يجب نصبه ، نصبه الحاكم ، كما في عضل الولي في النكاح ) .
وهذا فرد من نظر الرعاية المتوجهة نحو الناظر من قبل القاضى.
المطلب الرابع :ضم القاضي أميناً للناظر
جمهور الفقهاء يشترطون في الناظر العدالة مطلقاً .
ولا إشكال أن الناظر الذي نصبه القاضي يعزل بالفسق ، وأما من عينه الواقف فقد اختار بعض الحنفية( ) وعند الحنابلة في المقدَّم في المذهب( ) أن القاضي يضم إليه ناظراً أميناً . وعللوا ذلك بأن فيه مراعاةً لحق المستحقين ، وحفظاً للمال الموقوف من الضياع من جهة ، وتنفيذاً لشرط الواقف من جهة أخرى( ).
وهذا القول وسط بين اتجاهين فقهيين الأول منهما : يعزل الناظر مطلقاً عند تخلف شرط العدالة فيه ( )، والثاني : يمنع عزل الناظر المنصوب من قبل الواقف( ) .
وأنت ترى أن الثاني يقدم شرط الواقف على حفظ عين الوقف ومراعاة مستحقيه . والأول بعكسه .
وفيما اختاره الحنابلة جمع بينهما .
فإذا ضم الأمين للناظر لم يمكن الناظر من التصرف إلا باتفاقهما فيتصرفان جميعاً في جميع المنظور فيه( ).


المطلب الخامس : الإذن بمخالفة شرط الواقف .
الأصل أن الناظر مطالب بتنفيذ شرط الواقف ، وهذا هو صميم عمله . إلا أن جمعاً من الفقهاء جوَّزَ للناظر أن يخالف شرط الواقف إذا قامت مصلحة تقتضي مخالفة شرطه( ).
في المعيار المعرب أن أبا عبد الله القوري سئل عن مسألة مفادها أن إمام الجامع الأعظم كان يأخذ راتبه من الجزية فانقطعت فهل يجري المرتب من وفر الأحباس الذي يفضل عن جميع مصالحها ؟ ، فأجاب : أن المسألة ذات خلاف في القديم والحديث والذي به الفتيا إباحة ذلك وجوازه وتسويغه وحليته لآخذه( ).
وسئل البلقيني عن ناظر تحت يده وقف مستغن عن العمارة ووقف يحتاجها ولا متحصّل له فهل له أن يستقرض من المستغنى للمحتاج ؟ . فأجاب : له ذلك ، إن تعين طريقاً لعمارة المحتاج إليها وما وقع في قول بعض المصنفين أنه ليس له ذلك فلنا فيه كلام ليس هذا محل بسطه وما ذكرناه هو المعتمد( ).
ولشيخ الإسلام ابن تيمية فتاوى موافقة لهذا( ) .
ومن شروط الواقف التي تغير الشروط المخالفة لكتاب الله, قال ابن القيم : (الصواب الذي لا تسوغ الشريعة غيره : عرض شرط الواقفين على كتاب الله سبحانه وتعالى وعلى شرطه فما وافق كتابه وشرطه فهو صحيح ، وما خالفه كان شرطاً باطلاً مردوداً ولو كان مائة شرط وليس ذلك بأعظم من رد حكم الحاكم إذا خالف حكم الله ورسوله) ( ).
وقد قسّم شيخ الإسلام ابن تيمية الأعمال المشروطة في الوقف إلى ثلاثة أقسام :
الأول : العمل الذي يتقرب به إلى الله فهذا يجب الوفاء به .
الثاني : عمل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، فاشتراط مثل هذا العمل باطل ، وكذلك إذا كان مستلزماً وجود ما نهى عنه الشارع .
الثالث: عمل مباح فهذا قيل بوجوب الوفاء به والجمهور على أنه شرط باطل ، لأن الإنسان ليس له أن يبذل ماله ، إلا لما له فيه منفعة في الدين أو الدنيا . فما دام حياً فله أن يبذل ماله في تحصيل الأغراض المباحة ، أما الميت فإنه لا ينتفع إلا بالعمل الصالح( ).
فهنا إذا أراد الناظر مخالفة شرط الواقف فقد اشترط فقهاء المذهب الحنفي لجواز مخالفته لشرطه ، أن يرفع إلى القاضي ليأذن له بالمخالفة( ).
ولا شك أن هذا تقرير رائق ؛ إذ أن ترك المجال للنظَّار يفضي إلى عدم انضباط النظار ، إذ النظر للمصالح متفاوت ، والناس في الترجيح مختلفون ولابد من رافع للخلاف وهو الحاكم .
وعليه العمل القضائي حالاً .


المطلب السادس :الاعتراض على الناظر في فعل ما لا يسوغ .
من صور الإشراف الذي أسنده الفقهاء للقاضي على الناظر أن له أن يعترض عليه إذا فعل ما لا يسوغ له فعله ، من مخالفة لشرط الواقف ، أو إضرار بالوقف ، أو غير ذلك .
قال المناوي : ( له – يعني القاضي – الاعتراض على نظارها في اختيار ما لا يليق) ( )، وقال البهوتي : (للحاكم النظر العام ، فيعترض عليه أي على الناظر الخاص إن فعل الخاص ما لا يسوغ له فعله ، لعموم ولايته) ( ).
وقال ابن تيمية : (ليس للحاكم أن يولي ولا يتصرَّف في الوقف بدون أمر الناظر الشرعي الخاص , إلا أن يكون الناظر الشرعي قد تعدى فيما يفعله , فللحاكم أن يعترض عليه إذا خرج عما يجب عليه) ( ).
ومعنى اعتراض القاضي أن يمنعه من التصرف ، ويلغي أثر تصرفه , أو يضمن الناظر ما فوَّته ، ولابن تيمية رأي في تصرف الناظر بخلاف ما يسوغ يقول فيه : (لو قُدِّرَ أن ناظر الوقف ، ووصى القيم والمضارب والشريك ، خانوا ثم تصرَّفوا مع ذلك ، فلابد من تصحيح تصرفهم في حق المشتري منهم، وحق رب المال ، وإلا فلو أبطل ذلك فسد عامة أموال الناس التي يتصرف فيها بحكم الولاية أو الوكالة ، لغلبة الخيانة على الأولياء والوكلاء ، لاسيما ويدخل في ذلك من تصرفات ولاة الأمور ما لا يمكن إبطاله – والشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها – فلا يجوز لأحد رعاية حق مجهول في عين حصل عنها بدل خير له منها : أن يحرم عليه وعلى المشترين أموالهم فإن هذا بمنزلة من يهدم مصراً ويبني قصراً) ( ).
وفيما ذكره إعمال لمبدأ المصلحة فيما يصححه القاضي من التصرف الواقع من الناظر بين إبطال التصرف وإلغاء أثره ، أو تضمين الناظر ، متحرياً في ذلك ما يكون الصلاح فيه حاصلاً بليغاً ، والمفسدة به معطلة أو قليلة .

المطلب السابع :محاسبة ناظر الوقف .
اتفق الفقهاء على أن للقاضي أن يحاسب الناظر إذا رأى ذلك ، سواء كان ذلك لوجود طعن في أمانة الناظر أو كفايته .
واتفقوا على أنَّ يده على مال الوقف يد أمانة ، فلا يتحمل تبعة هلاك ما تحت يده مالم يتعد أو يفرط في المحافظة عليه( ).
ولا يلزم الناظر أن يقدم بياناً تفصيلياًً للقاضي ، بل يكتفي بالإجمال – إلا عند الدعوى المستلزمة للمحاسبة أو إذا كان متهماً.
قال في الدر المختار : (لا تلزم المحاسبة في كل عام ويكتفي القاضي منه بالإجمال لو معروفاً بالأمانة ، ولو متهماً يجبره القاضي على التعيين شيئاً فشيئاً، ولا يحبسه بل يهدده ، ولو اتهمه يحلفه . قلت : وقدمنا في الشركة أن الشريك والمضارب والوصي والمتولى لا يُلزم بالتفصيل : وأن غرض قضاتنا ليس إلا الوصول لسحت المحصول) ( ).
قال المناوي : ( يصدق الناظر بيمينه في إنفاق محتمل فيما يرجع للعمارة وأجرة الصناع ونحوهما ، وفي الصرف لجهة عامة كالفقراء بلا يمين فإن اتهمه القاضي حلَّفه ) إلى أن قال : (وهل للإمام محاسبته إذا كان لجهة عامة وجهان . قال الأذرعي : أقربهما نعم ، وعليه عمل الحكام ، ويحتمل تقييده بظهور ريبة أو تهمة ) ( ).

فإن ادعى عليه ودفع بصرف ريع الوقف في جهات معينة فقد اختلف أهل العلم هل تلزمه بينة أو لا على أقوال :
القول الأول : أن الأمين يقبل قوله بيمينه ، وغير الأمين لا يقبل قوله إلا ببينة ، وهو قول الحنفية( ).
القول الثاني : أن الوقف إذا كان على معينين فلا يقبل إلا ببينة ، وإذا كان على جهة عامة فيصدق بيمينه ، وهو قول الشافعية( ).
القول الثالث : أنه إذا اشترط عليه الإشهاد فلا يقبل قوله إلا ببينة ، وإن لم يشترط عليه الإشهاد عند الصرف فيقبل قوله بيمينه ، وهو قول المالكية( ).
القول الرابع : أن الناظر المتبرع يقبل قوله بيمينه ، وغير المتبرع لا يقبل قوله إلا ببينة، وهو قول الحنابلة( ).
وجميع الأقوال السابقة اجتهادية محضة مبناها النظر المصلحي والتخريج على الوصي والوكيل ونحوه من المتصرفين على الغير .
ولذا أفتى بعض المتأخرين بعدم قبول قول الناظر إذا كان مستنداً لدفاتره فقط ما لم يكن له بينة عليه ، قال في كشاف القناع : (لا يعمل بالدفتر الممضى منه المعروف في زمننا بالمحاسبات في منع مستحق ونحوه إذا كان بمجرد إملاء الناظر والكاتب على ما اعتبر في هذه الأزمنة . وقد أفتى به غير واحد في عصرنا) ( ).
ووصفت كيفية إجراء المحاسبة في حاشية الرهوني( ): (بأن يجلس الناظر والقابض والشهود وتنسخ الحوالة كلها من أول رجوع الناظر إلى آخر المحاسبة ، وتقابل وتحقق ، ويرفع كل مشاهرة ، أو مسانهة أو كراء أو صيف أو خريف وجميع مستفادات الحبس حتى يصير ذلك كله نقطة واحدة ، ثم يقسم على المواضع لكل حقه ، ويعتبر كل المرتبات وما قبض ومن تخلص ومن لا وينظر في المصير ولا يقبل في ذلك إلا جميع شهود الأحباس وكذلك جميع الإجارات ويطلب كل واحد بخطته) .
ولا شك أنه يحدث للناس من القضاء بقدر ما يحدثون من الفساد، مع أن التنظير التام بين الوصي على اليتيم وناظر الوقف غير ممكن ، إذ ناظر الوقف يتصرف بما يؤثر على طبقات وبطون والأصل أن تبقى بعده ، أما الوصي فتصرفه محدود بمال وصيه المؤقت ببلوغه رشيداً . ولذا قال بعض الفقهاء : يضيق في الناظر ما لا يضيق في الولي( ). مع أن الوصي على اليتيم ليس محل اتفاق أن القول قوله بلا بينة كما سيأتي .
ولذا فإني أرى أن الناظر لا يقبل قوله في الصرف على شئون الوقف أو المستحقين إلا ببينة أو سند إلا اليسير الذي تجري العادة بالمسامحة فيه ، أو ما يصعب أخذ السند فيه .
وهذا أخذ بقول الحنفية في الناظر غير الأمين والحنابلة في الناظر بأجرة .
ومن أسباب اختيار هذا :
أن مطالبة منكر الصرف على المستحقين بالبينة تحميل للنافي عبء الإثبات وهذا خلاف الأصل القضائي .
ولأن اليمين إنما تشرع في الأصل للإبقاء على ما كان ، لا لإثبات خلاف الظاهر – كصرف لمستحق ولذا كان من قواعد المجلة : البينة لإثبات خلاف الظاهر واليمين لإبقاء الأصل( ).
والله تعالى أمر بالإشهاد عند دفع المال للأيتام فقال :  فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ  (النساء: من الآية6) . فمن ترك الإشهاد فقد فرط ولا شك أن المفرط يلزمه الضمان( ) وهذا في الولي والناظر أولى . وقد قوى في الإنصاف أن لا يقبل قول الولي في دفع المال إليه بعد رشده إلا ببينة( ).
زد على ذلك ما في هذا الأمر من تحقيق مصلحة للوقف من ضبط لمصروفات الناظر إذ يستشعر الرقابة عليه .
وإذا أورد أحد على هذا بأن مطالبة الناظر بالإشهاد عند كل مبلغ ينفقه تعنيت له وهو سبب للنفور عن تولي الأوقاف . فإن الجواب أن المراد بالبينة التي على الناظر إبداؤها ما يبين الحق ويظهره( ) ، سواء كان سنداً أو فواتير صرف أو غيرها مما يسهل التعامل به في العادة ويكون وثيقة يمكن المحاسبة على ضوئها ، والله أعلم .

المطلب الثامن : الإذن للناظر بالتصرف في الوقف .
تتضمن وظيفة الناظر عدداً من التصرفات في الوقف وريعه ، ومعلوم أن توليه للوقف إذنٌ له بكل تصرف يحتاجه لمصلحة الوقف .
فإذا أراد تصرفاً ينقل الملك في عين الوقف كالنقل والاستبدال ، أو يعلق به حقاً نحو الاستدانة والرهن مما يحتاج لنظر تام واجتهاد بليغ ، فهل يسوغ له إجراء ما يراه أم هو مطالب بالاستئذان من القاضي ، فلا ينفذ تصرفه إلا بعد إذن القاضي له ؟.
هذا من موارد الخلاف الفقهي عند من جوز تلك التصرفات أصلاً ، فبحثنا هنا تفريع على القول بالجواز ، وأما من منع تلك المسائل فإنه لا ينيط بإذن القاضي جوازها كما هو ظاهر .
وقد اختلف الفقهاء فيمن له ولاية استبدال الأوقاف على قولين :
القول الأول : أن ولاية استبدال الوقف للقاضي . وبه قال الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة( ).
القول الثاني : أن ولاية استبدال الوقف للناظر الخاص عليه . وهو قول بعض الحنابلة( ).
كما اختلفوا في اشتراط الاستئذان من القاضي للاستدانة من الوقف على قولين :
القول الأول : أن الناظر لا يملك الاستدانة على الوقف إلا بإذن القاضي وهو قول لبعض الحنفية والشافعية( ).
القول الثاني : إن الناظر يملك الاستدانة على الوقف بدون إذن القاضي، وقال به المالكية وبعض الشافعية . وهو قول الحنابلة( ).
ويرجع استدلال من اشترط إذن القاضي في الاستبدال والاستدانة إلى أنها تصرف على غائب فالدين يتعلق بسائر البطون ، والبيع كذلك على غائبين من البطون المستحقة بعد انقراض الموجودين . والناظر ليس له النظر إلا مدة حياته وولايته فقط . ولذا أنيط الإذن بمن له النظر العام على جميع البطون وهو القاضي( ).
ثم إن هذا التصرف مختلف فيه فيكون محل نظر واجتهاد وهما من وظيفة القاضي دون الناظر( ). كما أن في إناطته بإذن القاضي مزيد ضبط ورعاية للوقف .
ولا يخفى وجاهة هذا القول ودليله وما فيه من عناية بالأقاف ورعاية لها . وعلى هذا جرى العمل القضائي الآن( ).

وأما رهن عين الوقف فإن الأصل المتفق عليه بين الفقهاء ، أن ما جاز بيعه جاز رهنه( ). ولذا فإن جمهور الفقهاء يرون عدم جواز رهن عين الوقف، إذ لا يجوز بيعه ولا الرجوع عنه( ) خلافاً لرواية عن أبي حنيفة يجوز فيها الرجوع في الوقف وبيعه( ).
والظاهر عدم جواز الرهن للوقف إذ بيعه غير ممكن لما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر : (تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث)( ).
والمقصود من الرهن هو استيفاء الثمن من المرهون عند تعذر الوفاء ممن الدين عليه ، وهذا يتعذر الاستيفاء منه لعدم إمكان بيعه . كما أن رهن الموقوف يفضي إلى تعطيله بحبسه عند المرتهن وهذا خلاف المقصود من الوقف( ).
ولما كانت الأوقاف قد يتقادم بنيانها وتحتاج لتعمير ، ولا يكون لدى ناظر الوقف من فاضل الريع ما يمكنه من تعمير الوقف ، فيحتاج للاستدانة على الوقف ، ويحتاج لما يضمن به المقرض حقه ، أو يستقرض من صندوق التنمية العقاري الذي لا يقرض إلا برهن ، فقد قرر مجلس القضاء الأعلى بقراره رقم 9 في 15/7/1396 هـ جواز رهن ما أقيم على أرض الوقف من أنقاض بعد إكمال العمارة دون الأرض نفسها . ونص القرار:
(الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وآله وصحبه وبعد ، فقد اطلع مجلس القضاء الأعلى المنعقد بهيئته الدائمة على خطاب معالي وزير العدل رقم 401 وتاريخ 5/4/96 هـ ومشفوعة خطاب مدير صندوق التنمية العقاري رقم 448 في 15/2/96 هـ بشأن إقراض المواطنين على أراضي الوقف والحكر وأن الأمر يستلزم رهن المنشآت المذكورة التي ستقام على هذه الأراضي وطلب إبلاغ رؤساء المحاكم وكتاب العدل بإكمال إجراءات رهن المنشآت المذكورة ، وبدراسة ما ذكر وتأمل ما قرره أهل العلم في هذا ولأن الرهن شرع للتوثقة فهو توثقة دين بعين ما يمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها وما لا يجوز بيعه لا يصح رهنه ما عدا ما استثني ، ونظراً لأن الموقوف لا يصح رهنه كما قرر ذلك العلماء – رحمهم الله – كما لا يجوز بيعه إلا في حالات خاصة، ولأن للناظر أن يستدين أو يقترض للموقوف من أجل إصلاحه ، ولكون الاقتراض من بنك التنمية العقاري إنما هو لمصلحة الموقوف وتنمية موارده ولكون رهن الوقف غير جائز كما تقدم فإن مجلس القضاء الأعلى المنعقد بهيئته الدائمة رغبةً منه في حفظ عين الوقف من ناحيه ورغبته في العمل على إصلاح الأوقاف وتنمية مواردها من ناحية أخرى يقرر ما يلي :
1/ جواز الاقتراض من بنك التنمية العقاري لعمارة الوقف بعد إذن القاضي وإصدار صك بذلك يتضمن الإذن بالاقتراض للوقوف بقدر ما تحتاجه عمارته والإذن برهن الأنقاض المنشأة على أرض الوقف بعد تحقيق إنفاق كامل المبلغ المقترض في عمارته الوقف .
2/ جواز رهن ما أقيم على أرض الوقف من أنقاض بعد إكمال العمارة وبعد تعميد المحكمة رجالاً من أهل الخبرة يقفون على عين الوقف لبيان ما إذا كان البناء موافقاً لما تضمنته المواصفات التي صدر الإذن من القاضي بموجبها وإن نفقة البناء بقدر المبلغ المقترض من البنك .
3/ بعد ذلك يصدر إذن خطي من القاضي موجه لكاتب العدل لتسجيل إقرار الناظر برهن الأنقاض للبنك على وفق ما يتضمنه صك الإذن .
وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم) .



المطلب التاسع : عزل الناظر .
من عموم ولاية القاضي أن له عزل الناظر سواء كان منصوباً من قبل الواقف أو الموقوف عليهم أو من قبله وذلك في حال خيانة الناظر .
وإذا لم يكن الناظر خائناً ولا فاسقاً فلا يخلو إما أن يكون منصوباً من الواقف أو الموقوف عليهم ، أو يكون منصوباً من القاضي .
فأما منصوب الواقف ومستحقي الوقف فليس للقاضي عزله إلا بثبوت موجبه . وسبق بحث مسألة ضم الأمين إليه .
في حاشية ابن عابدين : (لا يجوز للقاضي عزل الناظر المشروط له النظر بلا خيانة ولو عزله لا يصير الثاني متولياً ) ( ).
فأما منصوب القاضي فقد اختلف أهل العلم هل للقاضي عزله بدون خيانة على قولين :
القول الأول : أن للقاضي عزل من ولاه ولو بدون خيانة ، لأن منصوبه وكيل عنه وللموكل عزل وكيله متى شاء .
القول الثاني : أن القاضي لا يعزل من ولاه إلا بظهور ما يوجب العزل .
في حاشية ابن عابدين : (يصح عزل الناظر بلا خيانة لو منصوب القاضي . أي لا الواقف ...وهو منقول عن القنية ومن جامع الفصولين : إذا كان للوقف متول من جهة الواقف أو من جهة غيره من القضاة لا يملك القاضي نصب متول آخر بلا سبب موجب لذلك وهو ظهور خيانة الأول أو أي شيء آخر ، قال : هذا مقدم على ما في القنية .. وذكر في البحر كلاماً عن الخانية ثم قال عقبة : وفيه دليل على أن للقاضي عزل منصوب قاض آخر بغير خيانة إذا رأى المصلحة ) ( ).
وفي كشاف القناع : ( ولناظر بالأصالة والحاكم نصب ناظر وعزله قال ابن نصر الله : أي نصب وكيل عنه وعزله ، لأصالة ولايته ، أشبه المتصرّف في مال نفسه ) ( ).
وقال المناوي : ( لو ولى حاكم إنساناً بشرطه ، لم يجز لحاكم آخر نقضه بلا سبب، إقامة للتفويض مقام حكم الحاكم قبله ) ( ).
والظاهر أن القاضي لا يعزل من ولاه إلا بظهور ما يوجب العزل ، وكذلك لا يعزل القاضي منصوب آخر إلا لموجب .
وذلك لأن تصرف القاضي إنما هو منوط بالمصلحة كما تقدم ، وهو نائب للشرع والشرع إنما يتحرى المصلحة ، وعزله بلا موجب تصرف بغير المصلحة وهو مؤدٍ إلى ضياع الأوقاف باختلاف أيدي النظار عليها .
كما أن لتولية القاضي للناظر شبهاً بالحكم ، ولا يسوغ إجراء بخلافه بغير موجب .
ولا يسوغ قياس منصوب القاضي على الوكيل ؛ لأنه لو كان وكيلاً لانعزل بموت موليه وعزله .
وأما موجبات العزل فهي : ثبوت الخيانة ولو في غير الوقف ، إذ الخيانة وصفٌ لا يتجزأ ، ومن ثبتت خيانته ، انتفت أمانته .
والعجز عن التصرف : بالمرض والجنون .
وبالتصرف المخالف لمصلحة الوقف ببيع الوقف أو تأجيره بدون أجرة المثل ، وكالامتناع عن تعمير الوقف والمطالبة بحقوقه .
وبالفسق عند بعض الفقهاء ( ).
مسألة : إذا عزل الناظر المشترط نفسه فجمهور الفقهاء على أن انعزاله صحيح .
قال ابن تيمية : ( من شرط النظر لرجل ثم لغيره إن مات ، فعزل نفسه أو فسق فكموته ) ( ). وقرر مثله ابن عابدين( ) .
وأفتى السبكي بأنه لا ينعزل بل يعد معرضاً ويولي القاضي غيره مدة إعراضه ، وخالفه بعض الشافعية( ) . وأما الناظر المنصوب من القاضي فلا إشكال في انعزاله بعزله نفسه.
وعلى كل سواء قيل بانعزاله أو اعتباره معرضاً فهل ينعزل أو يبرأ قبل إعلام القاضي ؟ .
لم أجد في هذه المسألة نقلاً سوى ما ذكره ابن عابدين في حاشيته أنه لا ينعزل بعزل نفسه حتى يبلغ القاضي سواء عزل نفسه أو تنازل لغيره( ).
وذلك أن عدم إعلام القاضي إضرار بالوقف إذ يبقى الوقف معطلاً عن النظارة وهذا ظاهر الوجاهة . والله أعلم .
















المبحث الثاني :نظرة في واقع الإشراف القضائي على النّظار وكيفيّة تطويره.
من خلال ممارسة العمل القضائي والإطلاع على المجريات فيه فإنه يظهر بكل وضوح أن الإشراف القضائي على النظار محصور واقعاً بحالة التقدم للمحكمة في الدعاوى والإنهاءات ، ولا يقوم قاضٍ بمحاسبة أو إجراء آخر تجاه ناظر إلا بطلب يقدم إليه ، أو لكشف دعوى أو معاملة تتطلب ذلك .
بل ربما يتقدم من يطلب إقامته ناظراً للوقف بدلاً عن ناظر متوفي ، فتقيمه المحكمة ناظراً و تعطيه إعلاماً بذلك ، دون أن يسأل عن مصروفات الوقف السابقة وتسجيلاتها وما استلم وما لم يستلم .
كما أن قيمة الأوقاف المبيعة إما لنقلها واستبدالها ، أو لنزع ملكيتها للمصلحة العامّة ، تحفظ لدى بيت المال بالمحاكم ، وقد تبقى مجمدة لديها مدداً طويلة دون أن يشتري بها بدل أو يعمر بها ، سواء كان ذلك إهمالاً من الناظر أو لضعف المبلغ ، ولا يكون ذلك مدعاة لمساءلة الناظر .
ويمكن أن نحصر سبب ذلك في أمور أربعة :
أولها : أن عمل المحاكم مبني على سبق قضائي متبع وهو لا يجعل للقاضي محاسبة الناظر إلا عند الدعوى ( ).
الثاني : تعدد القضاة في البلد الواحد ، وكل قاضي لا ينظر من المعاملات إلا ما أحيل إليه ، باعتبار القضاء ولاية ذات اختصاص ، ولذا فلا يمكن للقاضي أن يتولى متابعة الأوقاف ما لم تحل إليه .
الثالث : أن الأوقاف الأهلية والخيرية لا يمكن حصرها لكثرتها ، وكل حين يتقدم إلى المحاكم من يوقف وقفاً بشرط معين ، ومتابعة كل هذه الأوقاف ونظارها غير ممكنة خاصة في المناطق التي يكثر فيها الوقف .
الرابع : أن القضاء ليس له السلطان التام حيال إقامة الناظر على الأوقاف الخيرية واستبدال الأوقاف . أو إجراء أي مبايعة عليها . بل لابد من إشعار إدارة الأوقاف وأخذ رأيها . كما تضمن ذلك نظام مجلس الأوقاف الأعلى وتعاميم وزارة العدل ( ).
وصارت بذلك مهام القاضي الإشرافية موزعة بينه وبين مجلس الأوقاف الذي أيضاً أنيط به حصر الأوقاف وتسجيلها ووضع قواعد تحصيل واردات الأوقاف ( ).
وإذا أريد تقديم اقتراح أو توصية لتطوير الوضع المذكور فإني أبين ما يلي :
الوقف عبادة معقولة المعنى ، مصلحية الغرض( ) ، ولذا فإن المصلحة معتبرة في التعامل مع أحكامه غير المنصوصة ، وهذا ظاهر بجلاء في كثير من الأحكام التي تناولناها فيما سبق فإن الفقهاء عللوا كل مأخذ بتعليل مصلحي في الغالب .
ولذا فإن ذلك يفتح الباب للمصلحة لتكون مراعاتها هي المناط المهم في كيفيّة الإشراف على النظار وأطر المحافظة والمحاسبة ( ).
ولذا فإن اقتراح ترتيب جديد للإشراف على النظار لن يكون إحداثاً ممنوعاً ما دام محققاً للمصلحة .
وأول خطوة هي إعداد قاعدة معلومات عامة من واقع سجلات المحاكم ومدوناتها ، ومن خلال الرصد الواقعي( ) لجميع الأوقاف الخيرية والأهلية . ويكون هذا بإشراف لجنة أو أمانة مختصة بالرقابة على الأوقاف ونظارها . تتبع إدارة الأوقاف أو الجهات القضائية.
وبعد ذلك يتم إلزام كل ناظر بتقديم حساب سنوي وإمساك مستندات الصرف ومراجعتها ، وهذا لابد فيه من تعاون بين جهات المتابعة وجهات التنفيذ والإلزام .
ويتم بالتنسيق مع المحاكم إلا يقام ناظر مطلقاً , أو يقام مؤقتاً فلا تجدد نظارته إلا بعد إبراز ما يدل على أدائه للمحاسبة وعدم وجود العجز لديه .
ومن امتنع عن المحاسبة أو ثبت لديه العجز فإن هذه تهمة تستدعي إحالته للقضاء للنظر في عزله أو ضم أمين إليه .وإذا تم إلزام النظار بإيداع ريع الأوقاف لدى حساب بنكي باسم الوقف الذي يتولى نظارته سهلت محاسبته بعد ذلك .
وما ذكرته سواء فيه الأوقاف الأهلية والخيرية .
وهو تطبيق لما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية من إنشاء ديوان لحساب الأوقاف ، وتبقى للمحاكم مهام فصل الخصومات وقطع النزاعات ، ويكون الإشراف لهذا الديوان، إذ تقرر سابقاً أن ولاية القاضي الإشرافية مستفادة من تولية الإمام الأعظم له ، ولذا فإن له جعلها لديوان أو أمانة أو لجنة مستقلة .
وهذا اقتراح جملي يمكن تفصيله ، كما يمكن الاجتزاء منه ببعضه والله الموفق.










خاتمة
من خلال العرض السابق الموجز لمسألة الإشراف القضائي على النظّار . فإن من أهم النتائج التي سبق ذكرها :-
1- ناظر الوقف : هو متولى الوقف الذي يقوم بإدارته وترتيب شئونه . وهو مطالب في كل تصرفاته بتحري المصلحة . ولذا تسوغ الرقابة عليه .
2- ذكر الفقهاء جهات لها مساءلة الناظر وهي الواقف , والموقوف عليهم , والسلطان بما له من ولاية عامة وهو يقوم بذلك أو يسنده للقاضي أو لديوان خاص .
3- للقاضي ولاية إشرافية على النظار تتضمن ما يلي :-
أ*- إقامة الناظر فيما لم يشترط له الواقف ناظراً أو شرطه فمات أو عزل .
ب*- تقدير أجرة الناظر التي لم يقدرها الواقف , أو قدرها له وكانت دون أجرة المثل , فيفرض له تمامها . ولتحديد أجرة المثل بالنظر لكافة الجوانب المؤثرة وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة .
ج- ينصب القاضي من يقوم بمصلحة الواقف إذا امتنع الناظر .
د- إذا فسق الناظر المشترط من قبل الواقف فإنه يضم له أمين , فلا يتصرف إلا بموافقته .
هـ- لا يخالف الناظر شرط الواقف إلا بعد استئذان القاضي .
و- للقاضي الاعتراض على الناظر في فعل ما لا يسوغ , وله إلغاء تصرفه أو تضمينه .
ز- يحاسب القاضي الناظر حساباً إجمالياً , وله الحساب التفصيلي عند وجود الدعوى . وإذا ادعى صرفه فيما شرطه الواقف فلا يقبل إلا ببينة .
ح- لا يستبدل الناظر الوقف ولا يستدين عليه إلا بإذن القاضي .
ط- للقاضي عزل الناظر إذا خان أو لم يكن قادراً أو تصرّف بخلاف مصلحة الوقف . وبدون ذلك لا يعزله سواء كان مشترطاً من الواقف أو نصبه القاضي .
4- الوقف عبادة مصلحية , ولذا فإن كثيراً من أحكامه تبنى على الاجتهاد المصلحي وواقع الإشراف القضائي على النظار مرتبط بحصول دعاوى أو إنهاءات لدى المحاكم لظروف شرحت في البحث .
5- إنشاء لجنة خاصة تشرف على النظار وتنسق مع المحاكم لتوكل إليها فض النزاعات توصية تقدم لتحصيل المصلحة المرادة على تفصيل سبق في البحث .
وختاماً فإني أسأل الله تعالى أن ينفع بما كتب , ويجعله صواباً , والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه .


المراجع
- أثر المصلحة في الوقف : عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه . منشور بمجلة البحوث الفقهية المعاصرة . العدد السابع والأربعون .
- الأحكام السلطانية : أبي الحسن علي بن محمد الماوردي . تعليق خالد العلمي . نشر دار الكتاب العربي .
- الاختيارات الفقهيَّة لابن تيميّة : علاء الدين بن محمد البعلي . دار الفكر .
- الإرشاد إلى معرفة الأحكام : عبد الرحمن بن سعدى . مكتبة المعارف 1400هـ .
- الإسعاف في أحكام الأوقاف : برهان الدين إبراهيم الطرابلسي . المطبعة الكبرى 1292هـ .
- الأشباه والنظائر : جلال الدين عبد الرحمن السيوطي . تحقيق المعتصم بالله البغدادي . دار الكتاب العربي 1407هـ .
- الأشباه والنظائر : زين الدين بن إبراهيم بن نجيم . تحقيق محمد مطيع الحافظ . دار الفكر 1403هـ .
- إعلام الموقعين عن رب العالمين : محمد بن قيم الجوزية . تحقيق طه عبد الرؤوف سعد . دار الجيل 1973م .
- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف : علي بن سليمان المرداوي . تحقيق عبد الله التركي . دار هجر 1415هـ .
- التاج والإكليل لمختصر خليل : محمد بن يوسف المواق . مطبوع بهامش مواهب الجليل .
- تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام : برهان الدين إبراهيم بن فرحون . تحقيق جمال مرعشلي . دار الكتب العلمية . 1416هـ .
- تحفة المحتاج بشرح المنهاج : أحمد بن حجر الهيتمي . مطبعة مصطفى محمد .
- تهذيب الأسماء واللغات : محيي الدين النووي . دار الفكر 1416هـ .
- تيسير الوقوف على غوامض أحكام الوقوف : محمد عبد الرؤوف المناوى . مكتبة نزار الباز .
- الجامع لأحكام القرآن : محمد بن أحمد القرطبي . دار الفكر .
- جواهر الإكليل على مختصر خليل : محمد بن عبد السميع الآبي . دار الفكر .
- حاشية ابن عابدين (رد المحتار على الدر المختار) : محمد أمين بن عمر ابن عابدين . دار عالم الكتب .
- حاشية الرهوني على شرح الزرقاني : محمد بن أحمد الرهوني . المطبعة الأميرية 1306هـ .
- الدر النقي في حل ألفاظ الخرقي : يوسف بن عبد الهادي . مكتبة المجتمع .
- درر الحكام شرح مجلة الأحكام : علي حيدر . دار عالم الكتب .
- رسائل ابن نجيم : زين الدين ابن نجيم . مكتبة الهلال . تحقيق خليل الميس , 1400هـ .
- روضة الطالبين : أبو زكريا يحيى بن شرف النووي . تحقيق عادل عبد الموجود , وعلي محمد معوّض . دار عالم الكتب .
- سنن أبي داود : سليمان بن الأشعث . دار السلام .
- السنن الكبرى : أحمد بن الحسين البيهقي . مطبعة دائرة المعارف العثمانية . حيدر أباد .
- شرح القواعد الفقهية : أحمد الزرقا . تحقيق ابنه مصطفى . دار القلم .
- الشرح الكبير على المقنع : عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن قدامة . مطبوع مع الإنصاف .
- الشرح الكبير لأحمد الدردير ومعه حاشيته لمحمد بن عرفة الدسوقي : مطبعة محمد علي صبيح . 1353هـ .
- شرح منتهى الإرادات : منصور بن يونس البهوتي . عالم الكتب .
- صحيح البخاري : محمد بن إسماعيل . دار السلام .
- صحيح مسلم : مسلم بن الحجاج . دار السلام .
- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية : محمد بن قيم الجوزية . دار إحياء العلوم .

- غياث الأمم في التياث الظلم : أبو المعالي عبد الملك الجويني . تحقيق خليل المنصور . دار الكتب العلمية . 1417هـ .
- فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ : جمع محمد بن قاسم . مطبعة الحكومة . 1399هـ .
- فتح القدير شرح الهداية لابن كمال الهمام : دار إحياء التراث العربي .
- الفروع : محمد بن مفلح المقدسي . مراجعة عبد الستار أحمد فراج . عالم الكتب 1404هـ .
- الفروق : شهاب الدين القرافي . تحقيق عبد الحميد هنداوي . المكتبة العصرية 1423هـ .
- قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام : تحقيق نزيه حماد , وعثمان ضميريه . دار القلم 1421هـ .
- القاموس المحيط : محمد بن يعقوب الفيروز آبادي . مؤسسة الرسالة .
- كشاف القناع عن متن الإقناع : منصور بن يونس البهوتي . دار عالم الكتب .
- المبدع شرح المقنع : برهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح . دار عالم الكتب .
- المبسوط : أبو بكر محمد بن أحمد السرخسي . مطبعة السعادة .
- مجلة الأحكام العدلية .
- مجموع فتاوى ابن تيمية : جمع عبد الرحمن بن قاسم . دار عالم الكتب .
- معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء : نزيه حماد . المعهد العالمي للفكر الإسلامي 1415هـ .
- المعجم الوسيط : إبراهيم مصطفى ورفقاه . المكتبة الإسلامية . تركيا .
- معجم مقاييس اللغة : أحمد بن فارس بن زكريا . تحقيق عبد السلام هارون . دار الجيل .
- المغني على مختصر الخرقي : أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامه . تحقيق عبد الله التركي وعبد الفتاح الحلو . دار هجر .
- مغني المحتاج شرح المنهاج : محمد الشربيني الخطيب . دار الفكر .
- المهذب : أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي . مطبعة عيسى البابي الحلبي .
- الموافقات في أصول الشريعة : أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي . تحقيق عبد الله دراز . مكتبة الرياض الحديثة .
- مواهب الجليل شرح مختصر خليل : محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب . مطبعة السعادة 1329هـ .
- نهاية المحتاج شرح المنهاج : محمد بن أحمد الرملي . المطبعة العامرة الكبرى بمصر . 1292هـ .